الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإِمَامُ الطَّبَرِيّ
هُوَ المُؤَرِّخُ وَإِمَامُ التَّفْسِيرِ وَعَالِمُ الْعَصْر: أَبُو جَعْفَرٍ محَمَّدُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ كَثِيرٍ الطَّبَرِيّ، مِن أَهْلِ آمُلَ طَبَرِسْتَان [بِتُرْكُمَانِسْتَان] 0
وُلِدَ سَنَةَ 224 هـ بِآمُل، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 310 هـ وَدُفِنَ بِبَغْدَادَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه 0
ـ أَشْهَرُ شُيُوخِهِ:
سَمِعَ محَمَّدَ بْنَ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبي الشَّوَارِب، وَأَحْمَدَ بْنَ مَنِيع، وَأَبَا كُرَيْبٍ محَمَّدَ بْنَ الْعَلَاء، وَهَنَّاد بْنَ السَّرِيّ، وَأَبَا هَمَّام السَّكُونِيّ، وَبُنْدَارَاً، وَمحَمَّدَ بْنَ المُثَنىَّ، وَيُونُسَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى، وَأَحْمَدَ بْنَ المِقْدَامِ الْعِجْلِيّ، وَالحَسَنَ بْنَ عَرَفَة، وَيَعْقُوبَ الدَّوْرَقِيّ، وَنَصْرَ بْنَ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيّ، وَعَمْرو بْنَ عَلِيٍّ الْفَلَاَّس، وَأَحْمَدَ بْنَ أَبي سُرَيْج الرَّازِيّ، وَمحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانيّ، وَعَبْدَةَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّار، وَسُفْيَانَ بْنَ وَكِيع، وَالحَسَنَ بْنَ الصَّبَّاحِ الْبَزَّار، وَأُمَمَاً سِوَاهُمْ 0
ـ أَشْهَرُ تَلَامِذَتِه:
حَدَّثَ عَنهُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانيّ، وَالحَافِظُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيّ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ
ـ قَالُواْ عَنْ صِفَاتِهِ الشَّكْلِيَّةِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ كَامِل: لَمْ يُغَيِّرْ شَيْبَهُ، وَكَانَ السَّوَادُ فِيهِ كَثِيرَاً، وَكَانَ أَسْمَرَ إِلىَ الأُدْمَة ـ أَيْ شَدِيدَ السُّمْرَة ـ أَعْيَنَ [أَيْ وَاسِعَ الْعَيْنَين] نَحِيفَ الجِسْم، طَوِيلاً فَصِيحَاً» 0
ـ نُبْذَةٌ عَن حَيَاتِهِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة:
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «رَحَلَ مِن آمُلَ [مَسْقَطِ رَأْسِهِ] لَمَّا تَرَعْرَعَ وَحَفِظَ الْقُرْآن، وَسَمَحَ لَهُ أَبُوهُ في أَسْفَارِه، وَكَانَ طُولَ حَيَاتِهِ يَمُدُّهُ بِالشَّيْءِ بَعْدَ الشَّيْءِ إِلىَ الْبُلْدَان، فَيَقْتَاتُ بِهِ، سَمِعْتُهُ يَوْمَاً يَقُول: أَبْطَأَتْ عَنيِّ نَفَقَةُ وَالِدِي فَاضْطُرِرْتُ إِلىَ فَتْقِ كُمَّيْ قَمِيصِي فَبِعْتُهُمَا» 0
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رحمه الله: «اسْتَقَرَّ في أَوَاخِرِ أَمْرِهِ بِبَغْدَاد» 0
ـ رِحْلَتُهُ في طَلَبِ الْعِلْمِ:
قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَه: «طَلَبَ الْعِلْمَ بَعْدَ الأَرْبَعِينَ وَمِاْئَتَيْن، وَأَكْثَرَ التَّرْحَال، وَلقِي نُبَلَاءَ الرِّجَال» 0
قَالَ الْفَرْغَانيّ: حَدَّثَني هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَال: قَالَ لي أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيّ: أَظْهَرْتُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَاقْتَدَيْتُ بِهِ بِبَغْدَادَ عَشْرَ سِنِين، وَتَلَقَّاهُ مِنيِّ ابْنُ بَشَّارٍ الأَحْوَلُ أُسْتَاذُ ابْنِ سُرَيْج» 0
ـ بَعْضُ مَا لَقِيَهُ مِنَ الْعَذَابَاتِ في سَبِيلِ طَلَبِ الْعِلْمِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه:
قَالَ الخَطِيب: حَدَّثَني أَبُو الْفَرَجِ محَمَّدُ بْنُ عبيدِ اللهِ الشِّيرَازيُّ الخَرْجُوشِيُّ قَال: «سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مَنْصُورٍ الشِّيرَازِيَّ قَال: سَمِعْتُ محَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الصَّحَّافَ السِّجِسْتَانيَّ قَال: سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الْبَكْرِيَّ يَقُول: جَمَعَتِ الرِّحْلَةُ بَيْنَ محَمَّدِ بْنِ جَرِير، وَمحَمَّدِ بْنِ خُزَيْمَة، وَمحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيّ، وَمحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الرُّويَاني بِمِصْر؛ فَأَرْمَلُواْ [أَيْ نَفِدَ زَادُهُمْ] وَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ مَا يقُوتُهُمْ، وَأَضَرَّ بِهِمُ الجُوع، فَاجْتَمَعُواْ لَيْلَةً في مَنْزِلٍ كَانُواْ يَأْوُونَ إِلَيْه؛
فَاتَّفَقَ رأَيُهُمْ عَلَى أَنْ يَسْتَهِمُواْ وَيَضْربُواْ الْقُرْعَة، فَمَن خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرعَةُ سَأَلَ لأَصْحَابِهِ الطَّعَام؛ فَخَرَجَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى ابْنِ خُزَيْمَة؛ فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: أَمْهِلُوني حَتىَّ أُصَلِّيَ صَلَاةَ الحَاجَة؛ فَانْدَفَعَ في الصَّلَاة؛ فَإِذَا هُمْ بِالشُّمُوعِ وَخَصِيٍّ مِنْ قِبَلِ وَالِي مِصْرَ يَدُقُّ الْبَاب؛ فَفَتَحُواْ؛ فَقَال: أَيُّكُمْ محَمَّدُ بْنُ نَصْر 00؟
فَقِيل: هُوَ ذَا؛ فَأَخْرَجَ صُرَّةً فِيهَا خَمْسُونَ دِينَارَاً فَدَفَعَهَا إِلَيْه، ثمَّ قَال: وَأَيُّكُمْ محَمَّدُ بْنُ جَرِير 00؟
فَأَعْطَاهُ خَمْسِينَ دِينَارَاً، وَكَذَلِكَ لِلرُّويَانيِّ وَابْن خُزَيْمَة، ثمَّ قَال: إِنَّ الأَمِيرَ كَانَ قَائِلاً بِالأَمْسِ فَرَأَى في المَنَامِ أَنَّ المَحَامِدَ جِيَاعٌ قَدْ طَوَوْا كَشْحَهُمْ [أَيْ بَاتُواْ جِيَاعَاً]؛ فَأَنْفَذَ إِلَيْكُمْ هَذِهِ الصُّرَرَ وَأَقْسَمَ عَلَيْكُمْ: إِذَا نَفِدَتْ فَابْعَثُواْ إِلَيَّ أَحَدَكُمْ» 0
قَالَ أَبُو محَمَّدٍ الْفَرْغَانيُّ في «ذَيْلِ تَارِيخِهِ» عَلَى «تَارِيخِ الطَّبَرِيّ» :
«حَدَّثَني أَبُو عَلِيٍّ هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ لَمَّا دَخَلَ بَغْدَادَ كَانَتْ مَعَهُ بِضَاعَةٌ يَتَقَوَّتُ مِنهَا، فَسُرِقَتْ فَأَفْضَى بِهِ الحَالُ إِلىَ بَيْعِ ثِيَابِهِ، وَكُمَّيْ قَمِيصِهِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْدِقَائِهِ: تَنْشَطُ لتَأَدِيبِ بَعْضِ وَلَدِ الْوَزِيرِ أَبي الحَسَنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ يحْيىَ بْنِ خَاقَان 00؟
قَال: نَعَمْ؛ فَمَضَى الرَّجُل، فَأَحْكَمَ لَهُ أَمْرَهُ، وَعَادَ فَأَوْصَلَهُ إِلىَ الْوَزِيرِ بَعْدَ أَن أَعَارَهُ مَا يَلْبَسُه؛ فَقرَّبَهُ الْوَزِيرُ وَرَفَعَ مَجْلِسَهُ، وَأَجْرَى عَلَيْهِ عَشْرَة دَنَانِيرَ في الشَّهْر؛ فَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَوْقَاتَ طَلَبِهِ لِلْعِلْمِ وَالصَّلوَاتِ وَالرَّاحَة، وَسَأَلَ إِسْلَافَهُ رِزْقَ شَهْر؛ فَفَعَل، وَأُدْخِلَ في حُجْرَةِ التَّأَدِيب، وَخَرَجَ إِلَيْهِ الصَّبيُّ وَهُوَ أَبُو يحْيىَ فَلَمَّا كتَّبَهُ أَخَذَ الخَادِمُ اللَّوْحَ وَدَخَلُواْ مُسْتَبْشِرِين؛ فَلَمْ تَبْقَ جَارِيَةٌ إِلَاَّ
أَهْدَتْ إِلَيْهِ صِينِيَّةً فِيهَا درَاهُمُ وَدَنَانِير، فَرَدَّ الجَمِيعَ وَقَال: قَدْ شُورِطْتُ عَلَى شَيْءٍ فَلَا آخُذُ سِوَاه؛ فَدَرَى الْوَزِير بِذَلِكَ فَأَدْخَلَهُ إِلَيْهِ وَسَأَلَهُ فَقَال: هَؤُلَاءِ عَبِيدٌ وَهُمْ لَا يَمْلِكُون؛ فَعَظُمَ ذَلِكَ في نَفْسِه»
ـ قَالُواْ عَنْ فِقْهِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَه: «كَانَ مِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ الاِجْتِهَاد» 0
قَالَ هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز: لَمَّا اتَّسَعَ عِلْمُهُ؛ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ وَبَحْثُهُ إِلىَ مَا اخْتَارَهُ في كُتُبِهِ»
ـ قَالُواْ عَنْ سَعَةِ عِلْمِهِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة:
قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيّ: «كَانَ ثِقَةً صَادِقَاً حَافِظَاً، رَأْسَاً في التَّفْسِير، إِمَامَاً في الْفِقْه، وَالإِجْمَاعِ وَالاِخْتِلَاف، عَلَاَّمَةٌ في التَّارِيخِ وَأَيَّامِ النَّاس، عَارِفَاً بِالقِرَاءَاتِ وَبَاللُّغَةِ وَغَيْرِ ذَلِك، قَرَأَ الْقُرْآنَ بِبَيْرُوتَ عَلَى الْعَبَّاسِ بْنِ الْوَلِيد
» 0
قَالَ الخَطِيب: محَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ بْنِ يَزِيدَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ غَالِب: كَانَ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْعُلَمَاء، يُحْكَمُ بِقَوْلِهِ وَيُرْجَعُ إِلىَ رأَيِهِ؛ لمَعْرِفَتِهِ وَفَضْلِه، وَكَانَ قَدْ جَمَعَ مِنَ الْعُلُومِ مَا لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهِ أَحَدٌ مِن أَهْلِ عَصْرِه؛ فَكَانَ رحمه الله حَافِظَاً لِكِتَابِ اللهِ عز وجل، عَارِفَاً بِالقِرَاءَات، بَصِيرَاً بِالمَعَاني، فَقِيهَاً في أَحْكَامِ الْقُرْآن، عَالِمَاً بِالسُّنَنِ وَطُرُقِهَا، صَحيحِهَا وَسَقيمِهَا، وَنَاسِخِهَا وَمَنْسُوخِهَا، عَارِفَاً بِأَقْوَالِ
الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِين، عَارِفَاً بِأَيَّامِ النَّاسِ وَأَخْبَارِهِمْ» 0
قَالَ الحَاكِم: سَمِعْتُ حُسَيْنَكَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُول:
«أَوَّلُ مَا سَأَلَني الإِمَامُ ابْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ لي: كَتَبْتَ عَنْ محَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبرِيّ 00؟
قُلْتُ: لَا، قَالَ وَلِمَ 00؟
قُلْتُ: لأَنَّهُ كَانَ لَا يَظْهَر، وَكَانَتِ الحَنَابِلَةُ تَمْنَعُ مِنَ الدُّخُولِ عَلَيْه [أَيْ يَنهَوْنَ عَنهُ]؛ قَال:
بِئْسَ مَا فَعَلْت، لَيْتَكَ لَمْ تَكْتُبْ عَنْ كُلِّ مَنْ كَتَبْتَ عَنهُمْ وَسَمِعْتَ مِن أَبي جَعْفَر» 0
قَالَ القَاضِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الْقُضَاعِيّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ بْن الصَّبَّاح قَال: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ عبيدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ السِّمْسَار، وَأَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَقِيلٍ الْوَرَّاقُ فَقَالَا:
«إِنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الطَّبرِيَّ قَالَ لأَصْحَابِهِ: هَلْ تَنْشَطُونَ لتَارِيخِ الْعَالَم 00 مِن آدَمَ إِلىَ وَقْتِنَا 00؟
قَالُواْ: كَمْ قَدْرُه 00؟
فَذَكَرَ نَحْو ثَلَاثِينَ أَلْفِ وَرَقَة؛ فَقَالُواْ: هَذَا مِمَّا تَفْنىَ الأَعْمَارُ قَبْل تَمَامِه؛ فَقَال: إِنَّا لله 00 مَاتَتِ الهِمَم؛ فَاخْتَصَرَ ذَلِكَ في نَحْوِ
ثَلَاثَةِ آلَافِ وَرَقَة، وَلَمَّا أَن أَرَادَ أَنْ يُمْلِي التَّفْسِيرَ قَالَ لَهُمْ نَحْوَاً مِنْ ذَلِك، ثُمَّ أَمْلَاهُ عَلَى نَحْوٍ مِنْ قَدْرِ «التَّارِيخ» » 0
ـ ثَنَاءُ الإِمَامِ الذَّهَبيِّ عَلَيْه:
قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَه:
ـ ثَنَاءُ الإِمَامِ ابْنِ خُزَيْمَة عَلَيْه:
قَالَ الحَاكِم: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بْنَ بَالَوَيْهِ يَقُول: قَالَ ليَ الإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ بْنُ خُزَيْمَة:
ـ دِفَاعُ الإِمَامِ الذَّهَبيِّ عَنهُ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة:
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيّ: «كَانَ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ رِجَال الْكَمَال، وَشُنِّعَ عَلَيْهِ بِيَسِيرِ تَشَيُّع، وَمَا رَأَيْنَا إِلَاَّ خَيْرَاً، وَبَعْضُهُمْ يَنْقِلُ عَنهُ أَنَّهُ كَانَ يُجِيزُ مَسْحَ
الرِّجْلَيْنِ في الْوُضُوء، وَلَمْ نَرَ في كُتُبِهِ»
ـ بَعْضُ مَا لَقِيَهُ مِنَ المُتَشَدِّدِين؛ بِاسْمِ الدِّين:
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «وَقَدْ وَقَعَ بَيْنَ ابْنِ جَرِيرٍ وَبَيْنَ أَبي بَكْرٍ ابْن أَبي دَاوُد، وَكَانَ كُلٌّ مِنهُمَا لَا يُنْصِفُ الآخَر، وَكَانَتِ الحَنَابِلَةُ حِزْبَ أَبي بَكْرٍ بْنِ أَبي دَاوُد، فَكَثُرُواْ وَشَغَّبُواْ عَلَى ابْنِ جَرِيرٍ وَنَالَهُ أَذَىً؛ حَتىَّ لَزِمَ بَيْتَهُ، نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الهوَى» 0
ـ قَالُواْ عَن عَقِيدَتِه رحمه الله:
أَبُو الْفَتْح بْنُ أَبي الْفَوَارِس: أَخْبَرَنَا محَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَهْلِ صَاحِبِ محَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ قَال:
«سَمِعْتُ محَمَّدَ بْنَ جَرِيرٍ رحمه الله وَهُوَ يُكَلِّمُ ابْنَ صَالِحٍ الأَعْلَم، وَجرَى ذِكْرُ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ فَقَالَ محَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: مَنْ قَال: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما لَيْسَا بِإِمَامَيْ هُدَىً، إِيش هُوَ 00؟
قَال: مُبْتَدِع؛ فَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَه: إِنْكَارَاً عَلَيْهِ: مُبْتَدِع؟! مُبْتَدِع؟! هَذَا يُقْتَل»
ـ قَالُواْ عَنْ نِضَالِهِ الْكَبِير، وَقَنَاعَتِهِ بِالْيَسِير:
قَالَ عَنهُ أَبُو محَمَّدٍ الْفَرْغَانيّ:
ـ قَالُواْ عَنْ زُهْدِهِ وَإِخْلَاصِهِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه:
أَمْلَى كِتَابَاً عَلَى الخَلِيفَةِ المُكْتَفِي؛ فَأُخْرِجَتْ لَهُ جَائِزَةٌ؛ فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولهَا، وَكَذَا الْتَمَسَ مِنهُ الْوَزِيرُ أَنْ يَعْمَلَ لَهُ كِتَابَاً في الْفِقْه؛ فَأَلَّفَ لَهُ كِتَابَ «الخَفِيف» فَوَجَّهَ إِلَيْهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ فَرَدَّهَا؛ قِيلَ لَهُ: تَصَدَّقْ بِهَا؛ فَلَمْ يَفْعَلْ وَقَال: «أَنْتُمْ أَوْلىَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَعْرَفُ بِمَنْ تَصَّدَّقُونَ عَلَيْه» 0
قَالَ الْفَرْغَانيّ: كَتَبَ إِلَيَّ المرَاغِيُّ: «لَمَّا تَقَلَّدَ الخَاقَانيُّ الْوِزَارَةَ وَجَّهَ إِلىَ أَبي جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ بِمَالٍ كَثِير؛ فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولِه؛ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْقَضَاء؛ فَامْتَنَعَ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ المَظَالِم؛ فَأَبَى!!
فَعَاتَبَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُواْ: لَكَ في هَذَا ثَوَاب، وَتُحْيِي سُنَّةً قَدْ دَرَسَتْ، وَطَمِعُواْ في قَبُولِهِ المَظَالِم؛ فَبَاكَرُوهُ لِيَرْكَبَ مَعَهُمْ لِقَبُولِ ذَلِك؛ فَانْتَهَرَهُمْ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ وَقَال: قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ أَنيِّ لَوْ رَغبْتُ في ذَلِكَ لَنَهَيْتُمُوني عَنهُ؛ فَانْصَرَفْنَا خَجِلِين» 0
ـ قَالُواْ عَنْ نُبْلِهِ وَمُرُوءَتِهِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة:
قَالَ أَبُو محَمَّدٍ الْفَرْغَانيُّ في «ذَيْلِ تَارِيخِهِ» عَلَى «تَارِيخِ الطَّبَرِيّ» :
ـ قَالُواْ عَنْ صَلَاحِهِ وَتَقْوَاه، وَحُسْنِ تَوَكُّلِهِ عَلَى الله:
قَالَ أَبُو محَمَّدٍ الْفَرْغَانيّ: حَدَّثَني هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَال: قَالَ أَبُو جَعْفَر [أَيِ الطَِّبرِيّ]:
ـ قَالُواْ عَنْ كَثْرَةِ مُؤَلَّفَاتِه:
قَالَ الخَطِيب: لَهُ الْكِتَابُ المَشْهُورُ في «أَخْبَارِ الأُمَمِ وَتَارِيخهِمْ» وَلَهُ كِتَابُ «التَّفْسِير» لَمْ يُصَنَّفْ مِثْلُه، وَكِتَابٌ سَمَّاه:«تَهْذِيبَ الآثَار» لَمْ أَرَ سِوَاهُ في مَعْنَاه، لَكِنْ لَمْ يُتِمَّه، وَلَهُ في أُصُولِ الْفِقْهِ وَفُرُوعِهِ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ مِن أَقَاوِيلِ الْفُقَهَاء، وَتَفَرَّدَ بِمَسَائِلَ حُفِظَت عَنهُ» 0
قَالَ أَبُو محَمَّدٍ الْفَرْغَانيّ: تَمَّ مِنْ كُتُبِ محَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَه:
1 ـ كِتَاب «التَّفْسِير» الَّذِي لَوِ ادَّعَى عَالِمٌ أَنْ يصَنِّف مِنهُ عَشْرَة كُتُبْ، كُلُّ كِتَابٍ مِنهَا في عِلْمٍ مُفْرَدٍ مُسْتَقْصَىً لَفَعَل 0
2 ـ وَكِتَابُ «التَّارِيخ» إِلىَ عَصْرِه 0
3 ـ وَكِتَابُ «تَارِيخِ الرِّجَال» مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَإِلىَ شُيُوخه الَّذِينَ لَقِيَهُمْ 0
4 ـ وَكِتَابُ «لَطِيفِ الْقَوْلِ في أَحْكَامِ شرَائِعِ الإِسْلَام» وَهُوَ مَذْهَبُهُ الَّذِي اخْتَارَهُ وَجَوَّدَهُ وَاحتجَّ لَهُ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ كِتَابَاً 0
5 ـ وَكِتَابُ «الْقِرَاءَاتِ وَالتَّنْزِيلِ وَالْعَدَد» 0
6 ـ وَكِتَابُ «اخْتِلَافِ عُلَمَاءِ الأَمَصَار» 0
7 ـ وَكِتَابُ «الخَفِيفِ في أَحْكَامِ شَرَائِعِ الإِسْلَام» وَهُوَ مُخْتَصَرٌ لَطِيف 0
8 ـ وَكِتَابُ «التَّبْصِيرِ» وَهُوَ رسَالَةٌ إِلىَ أَهْل طَبَرِسْتَان، يشرحُ فِيهَا مَا تقلَّده مِن أُصُول الدِّين
9 ـ وَكِتَابُ «تَهْذِيبِ الآثَار» وَهُوَ مِنْ عجَائِبِ كُتُبِه، ابْتِدَاءً بِمَا أَسْنَدَهُ الصِّدِّيقُ مِمَّا صَحَّ عِنْدَهُ سَنَدُهُ، وَتَكَلَّمَ عَلَى كُلِّ حَدِيثٍ مِنهُ بِعِلَلِهِ وَطُرُقِه، ثمَّ فِقْهِهِ، وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَحُجَجِهِمْ، وَمَا فِيهِ مِنَ المَعَاني وَالغَريب، وَالرَّدّ عَلَى المُلْحِدِين، فَتَمَّ مِنهُ مُسْندُ الْعَشْرَةِ وَأَهْلِ الْبَيْتِ وَالموَالي، وَبَعْضُ «مُسْنَدِ ابْنِ عَبَّاس» ، فَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِهِ؛ قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ مُعَلِّقَاً:«هَذَا لَوْ تَمَّ لكَانَ يَجِيءُ في مِاْئَةِ مُجَلَّد» 0
10 ـ وَكِتَابُ «الْبَسِيط» أَخَرَجَ مِنهُ كِتَاب «الطهَارَة» فَجَاءَ في نَحْوٍ مِن أَلفٍ وَخَمْسِمِاْئَة وَرقَة، لأَنَّه ذكرَ في كُلِّ بَابٍ مِنهُ اخْتِلَافَ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِين، وَحجَّة كُلِّ قَوْل، وَخَرَجَ مِنهُ أَيْضَاً أَكْثَر كِتَاب «الصَّلَاة» ، وَخَرَجَ مِنهُ «آدَابُ الحُكَّام» 0
11 ـ وَكِتَابُ «المحَاضِر وَالسجلَات» 0
12 ـ وَكِتَابُ «تَرْتِيبُ الْعُلَمَاء» وَهُوَ مِنْ كُتُبِهِ النَّفِيسَة، ابْتَدَأَهُ بِآدَابِ النُّفُوسِ وَأَقْوَالِ الصُّوفِيَّة، وَلَمْ يُتِمَّه 0
13 ـ وَكِتَابُ «المنَاسِك» 0
14 ـ وَكِتَابُ «شَرْحِ السُّنَّة» وَهُوَ لَطِيف، بَيَّنَ فِيهِ مَذْهَبَهُ وَاعْتِقَادَه 0
15 ـ وَكِتَابُ «المُسْنَد» المُخَرَّج، يَأْتي فِيهِ عَلَى جَمِيعِ مَا رَوَاهُ الصَّحَابيُّ مِنْ صَحِيحٍ وَسقيم، وَلَمْ يُتِمَّه، وَلَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ بْنَ أَبي دَاوُدَ
تَكَلَّمَ في حَدِيث غَدِيرِ خُمّ [يُوصِي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ بِأَهْلِ بَيْتِهِ خَيرَاً 0 وَهُوَ في صَحِيحِ مُسْلِم]: عَمِلَ كِتَابَ «الْفَضَائِل» فَبَدَأَ بِفَضْلِ أَبي بَكْرٍ وعُمَرَ رضي الله عنهما، وَتَكَلَّمَ عَلَى تَصْحِيحِ حَدِيثِ غَدِيرِ خُمَّ وَاحْتَجَّ لِتَصْحِيحِهِ، وَلَمْ يُتِمَّ الْكِتَاب»
ـ قَالُواْ عَنْ تَفْسِيرِهِ «جَامِعِ الْبَيَانِ في تَفْسِيرِ الْقُرْآن» :
قَالَ الخَطِيب: بَلَغَني عَن أَبي حَامِد أَحْمَدَ بْنِ أَبي طَاهِرٍ الإِسْفَرَايِينيُّ الْفَقِيهُ أَنَّهُ قَال:
ـ نَمَاذِجُ مِنْ شِعْرِهِ الرَّقِيق:
قَالَ مخْلَدُ الْبَاقَرْحِي: أَنْشَدَنَا محَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ لِنَفْسِهِ:
إِذَا أَعْسَرْتُ لَمْ يَعْلَمْ رَفِيقِي
…
وَأَسْتَغْني فَيَسْتَغْني صَدِيقِي
حَيَائِي حَافِظٌ لي مَاءَ وَجْهِي
…
وَخِلِّي لَا يَمُرُّ مَعِي بِضِيقِ
وَلَوْ أَنيِّ سَمَحْتُ بِمَاءِ وَجْهِي
…
لكُنْتُ وَصَلْتُ لِلْقَدْرِ الخَلِيقِ
ـ خَبَرُ وَفَاتِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ أَبُو محَمَّدٍ الْفَرْغَانيّ: حَدَّثَني أَبُو بَكْرٍ الدِّينَوَرِيُّ قَال:
«لَمَّا كَانَ وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ في آخِرِهِ ابْنُ جَرِيرٍ طَلَبَ مَاءً لِيُجَدِّدَ وُضُوءَهُ؛ فَقِيلَ لَهُ: تُؤَخِّرُ الظُّهْرَ تجْمَعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْر؛ فَأَبَى وَصَلَّى الظُّهْرَ مُفْرَدَةً وَالْعَصْرَ في وَقْتِهَا أَتَمَّ صَلَاةً وَأَحْسَنَهَا، وَحَضَرَ وَقْتَ مَوْتِهِ جَمَاعَةٌ: مِنهُمْ أَبُو بَكْرٍ بْنُ كَامِلٍ، فَقِيلَ لَهُ قَبْلَ خُرُوجِ رُوحِهِ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ؛ أَنْتَ الحجَّةُ
فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الله فِيمَا نَدِينُ بِهِ، فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ تُوصِينَا بِهِ مِن أَمْرِ دِينِنَا، وَبِيِّنَةٍ لَنَا نَرْجُو بِهَا السَّلَامَةَ في مَعَادِنَا 00؟
فَقَالَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَه: الَّذِي أَدِينُ اللهَ بِهِ وَأُوصِيكُمْ: هُوَ مَا ثَبَّتُّ في كُتُبي، فَاعْمَلُواْ بِهِ وَعَلَيْه، وَأَكْثَرَ مِنَ التَّشَهُّدِ وَذِكْرِ اللهِ جل جلاله، وَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَغَمَّضَ بَصَرَهُ بِيَدِهِ، وَبَسَطَهَا وَقَدْ فَارقَتْ رُوحُهُ الدُّنْيَا» 0
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ كَامِل: «شَيَّعَهُ مَنْ لَا يُحْصِيهُمْ إِلَاَّ اللهُ جَلَّ وَعَلَا، وَصُلِّيَ عَلَى قَبْرِهِ عِدَّةَ شُهُورٍ لَيْلاً وَنهَارَاً، وَرَثَاهُ خَلْقٌ مِنَ الأُدَبَاءِ وَأَهْلِ الدِّين»
ـ بَعْضُ مَا قِيلَ فِيهِ مِنَ المَرَاثِي عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ هِبَةِ اللهِ قَال: أَخْبَرَنَا المُسْلِمُ بْنُ أَحْمَدَ المَازِنِيُّ قَال: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الحَسَنِ الحَافِظُ بِبَعْلَبَكَّ سَنَة 551 هـ قَال: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحُسَيْنيُّ قَال: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَافِظُ قَال: قَرَأْتُ عَلَى أَبي الحَسَنِ هِبَةِ اللهِ بْنِ الحَسَنِ الأَدِيب لاِبْنِ دُرَيْد:
لَنْ تَسْتَطِيعَ لأَمْرِ اللَّهِ تَعْقِيبَا
…
فَاسْتَنْجِدِ الصَّبْرَ تَلْقَى فِيهِ تَرْطِيبَا
بَعْضُ الأَعَاجِيبِ مَا جَاءَ الزَّمَانُ بِهِ
…
وَكَمْ يَسُوقُ لَنَا الدَّهْرُ الأَعَاجِيبَا
كَانَتْ حَيَاتُكَ لِلدُّنْيَا وَسَاكِنِهَا
…
نُورَاً فَأَصْبَحَ عَنهَا النُّورُ مَحْجُوبَا
فَابْكُواْ لِفِقْدَانِ مَن أَمْسَى بِمَصْرَعِهِ
…
نُورُ الهُدَى وَبهَاءُ الْعِلْمِ مَسْلُوبَا
كَانَ الزَّمَانُ بِهِ تَصْفُو مَشَارِبُهُ
…
فَالآنَ أَصْبَحَ بِالتَّكْدِيرِ مَشْبُوبَا
إِنَّ المنيَّةَ لَمْ تُتْلِفْ بِهِ رَجُلاً
…
بَلْ أَتْلَفَتْ عَلَمَاً لِلدِّينِ مَنْصُوبَا
إِنَّا إِلىَ اللَّهِ يَوْمَاً رَاجِعُونَ بِمَا
…
قَضَاهُ نَرْضَاهُ مَكْرُوهَا وَمَحْبُوبَا
لَا يَأْمَنُ الْعَجْزَ وَالتَّقْصِيرَ مَادِحُهُ
…
وَلَا يَخَافُ عَلَى الإِطْنَابِ تَكْذِيبَا
خُسُوفُ بَدْرِكَ أَعْمَانَا وَحَيَّرَنَا
…
قَدْ كُنْتَ نُورَاً يُضِيءُ لَنَا المحَارِيبَا
لَوْ تَعْلَمُ الأَرْضُ مَنْ وَارَتْ بِبَاطِنِهَا
…
لَازَّيَّنَتْ لَكَ إِجْلَالاً وَتَرْحِيبَا
وَدَّتْ جَمِيعُ بِقَاعِ الأَرْضِ لَوْ جُعِلَتْ
…
قَبْرَاً لَهُ لِتَنَالَ بِقُرْبِهِ طِيبَا