الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَك
هُوَ الإِمَامُ الزَّاهِدُ المجَاهِدُ الحَافِظُ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ بْنِ وَاضِحٍ الحَنْظَلِيّ 0
كُنيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَن، تُرْكِيُّ الأَصْل، وَكَانَتْ أُمُّهُ خُوَارِزْميَّة 0
وُلِدَ سَنَةَ 118 هـ، وَتُوُفِّيَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ في رَمَضَانَ سَنَةَ 181 هـ 0
ـ أَشْهَرُ شُيُوخِهِ:
سَمِعَ مِنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيّ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَل، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيل، وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَة، وَالأَعْمَش، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبي خَالِد، وَبُرِيدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي بُردَة، وَخَالِدٍ الحَذَّاء، وَيحْيىَ بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيّ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْن،
وَمُوسَى بْنِ عُقْبَة، وَحَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ المِصْرِيّ، وَالأَوْزَاعِيّ، وَأَبي حَنِيفَة، وَمَالِك، وَاللَّيْث، وَشُعْبَة، وَابْنِ أَبي ذِئْب، وَالسُّفْيَانَين، وَالحَمَّادَيْن، وَمَعْمَر، وَابْنِ جُرَيْج، وَابْنِ لَهِيعَة، وَهُشَيْم، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاش، وَبَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيد، وَخَلْقٍ كَثِير 0
ـ أَشْهَرُ تَلَامِذَتِه:
حَدَّثَ عَنهُ مَعْمَر، وَالثَّوْرِيّ، وَبَقِيَّةُ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ، وَالقَطَّانُ، وَعَفَّانُ، وَيحْيىَ بْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَأَبُو سَلَمَةَ المِنْقَرِيّ، وَعَبْدَانُ، وَأُمَمٌ يَتَعَذَّرُ إِحصَاؤُهُمْ 0
ـ رِحْلَتُهُ في طَلَبِ الْعِلْمِ:
طَلَبَ الْعِلْمَ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً، وَبَلَغَ بِهِ الحِرْصُ عَلَيْهِ حَدَّ أَنْ دَخَلَ السِّجنَ لِيَسْمَعَ مِنَ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ الخُرَاسَانيّ، فَسمِعَ مِنهُ أَرْبَعِينَ حَدِيثَاً، أَكْثَرَ مِنَ التَّطْوَافِ وَالتَّرْحَال؛ في طَلَبِ الْعِلْمِ وَالْغَزْوِ وَالتِّجَارَةِ، ارْتَحَلَ إِلى الحَرَمَيْنِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ وَالعِرَاقِ وَالجَزِيرَةِ وَخُرَاسَانَ 0
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل:
«لَمْ يَكُن أَحَدٌ في زَمَانِ ابْنِ المُبَارَكِ أَطْلَبَ لِلْعِلْمِ مِنهُ» 0
قَالَ عَنهُ أَبُو أُسَامَةَ رحمه الله: «مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَطْلَبَ لِلْعِلْمِ مِنِ ابْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه، وَهُوَ في المُحَدِّثِينَ مِثْلُ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ في النَّاس» 0
حَدَّثَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْبُنَانيُّ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«حَمَلْتُ الْعِلْمَ عَن أَرْبَعَةِ آلَافِ شَيْخ، فَرَويْتُ عَن أَلْفِ شَيْخ» 0
رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إِلىَ مَتىَ تَكْتُبُ الْعِلْم 00؟
قَالَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه: لَعَلَّ الْكَلِمَةَ الَّتي أَنْتَفِعُ بِهَا لَمْ أَكْتُبْهَا بَعْد» 0
ـ قَالُواْ عَنْ كَثْرَةِ اطِّلَاعِهِ في الْكُتُب:
قَالَ شَقِيقٌ الْبَلْخِيّ: «قِيلَ لاِبْنِ المُبَارَك: إِذَا أَنْتَ صَلَّيْتَ لِمَ لَا تَجْلِسُ مَعَنَا 00؟!
قَالَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه: أَجْلِسُ مَعَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِين؛ أَنْظُرُ في كُتُبِهِمْ وَآثَارِهِمْ، فَمَا أَصْنَعُ مَعَكُمْ 00؟
أَنْتُمْ تَغْتَابُونَ النَّاس» 0
قَالَ عَنهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّاد: «كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ يُكْثِرُ الجُلُوسَ في بَيْتِهِ؛ فَقِيلَ لَهُ:
أَلَا تَسْتَوحِشُ 00؟
فَقَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: كَيْفَ أَسْتَوحِشُ وَأَنَا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِه 00؟
عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:
«مَنهُومَانِ لَا يَشْبَعَان: مَنْهُومٌ في عِلْمٍ لَا يَشْبَع، وَمَنهُومٌ في دُنْيَا لَا يَشْبَع» 0
[قَالَ الذَّهَبيُّ في التَّلْخِيص: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا وَلَمْ أَجِدْ لَهُ عِلَّة، وَصَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في الجَامِعِ الصَّحِيحِ وَمِشْكَاةِ المَصَابِيح]
حَدَّثَ الدَّغُولِيُّ عَنْ يحْيىَ بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ محَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ مُسَاوِرٍ عَن أَبِيهِ قَال:
«قُلْتُ لاِبْنِ المُبَارَك: هَلْ تَتَحَفَّظُ الحَدِيث 00؟
فَقَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: مَا تحَفَّظْتُ حَدِيثَاً قَطّ، إِنَّمَا آخُذُ الْكِتَابَ فَأَنْظُرُ فِيه؛ فَمَا اشْتَهَيْتُهُ عَلِقَ بِقَلْبي»
قَالَ أَبُو صَالِحٍ الْفَرَّاء: «سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ عَنْ كِتَابَةِ الْعِلْم 00؟
فَقَالَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه: لَوْلَا الْكِتَابُ مَا حَفِظْنَا، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
الحِبْرُ في الثَّوْب: خَلُوقُ الْعُلَمَاء» 00 أَيْ حِلْيَةُ ثِيَابِهِمْ وَبُقَعُهُ عِنْدَهُمْ: كَبُقَعِ المِسْكِ عِنْدَنَا 0
ـ قَالُواْ عَنْ تَوْثِيقِهِ:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيس: «كُلُّ حَدِيثٍ لَا يَعْرِفُهُ ابْنُ المُبَارَك؛ فَنَحْنُ مِنهُ بَرَاء» 0
قَالَ عَنهُ الإِمَامُ الذَّهَبيّ: «حَدِيثُهُ حُجَّةٌ بِالإِجْمَاع، وَهُوَ في المَسَانيْدِ وَالأُصُول» 0
وَقَالَ عَنهُ ابْنُ خِرَاشٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «ابْنُ المُبَارَكِ مَرْوَزِيٌّ ثِقَة» 0
قَالَ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «ابْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ ثِقَة، ثَبْتٌ في الحَدِيث» 0
قَالَ الإِمَامُ النَّسَائِيّ: «أَثْبَتُ النَّاسِ في الأَوْزَاعِيّ: عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه» 0
سُئِلَ إِبْرَاهِيمُ الحَرْبيّ: «إِذَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَعْمَر 00؟
قَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: الْقَوْلُ قَوْلُ ابْنِ المُبَارَك» 0
حَدَّثَ محْمُودُ بْنُ وَالَان عَنْ محَمَّدِ بْنِ مُوسَى عَن إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«كُنْتُ عِنْدَ يحْيىَ بْنِ مَعِينٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَال: مَن أَثْبَتُ في مَعْمَر: ابْنُ المُبَارَك، أَوْ عَبْدُ الرَّزَّاق 00؟
وَكَانَ مُتَّكِئَاً فَجَلَس، وَقَال: كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ خَيْرَاً مِن عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَمِن أَهْلِ قَرْيَتِه رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا، كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ: سَيِّدَاً مِنْ سَادَاتِ المُسْلِمِين» 0
حَدَّثَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الجُنَيْدِ عَنْ يحْيىَ بْنِ مَعِينٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ وَقَدْ ذَكَرُواْ عَبْدَ اللهِ بْنَ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه؛ فَقَالَ رَجُل: إِنَّهُ لَمْ يَكُن حَافِظَاً؛ فَقَالَ يحْيىَ بْنُ مَعِينٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
ـ قَالُواْ عَن حِفْظِهِ:
حَدَّثَ الحَسَنُ بْنُ عِيسَى عَنْ صَخْرٍ [صَدِيقِ ابْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ] قَال:
حَدَّثَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
ـ قَالُواْ عَنْ مَكَانَتِهِ في الحَدِيث:
حَدَّثَ هَاشِمُ بْنُ مَرْثَدٍ عَن عُثْمَانَ بْنِ طَالُوتَ عَن عَلِيِّ بْنِ المَدِينيّ [شَيْخِ الْبُخَارِيّ] قَال:
حَدَّثَ أَحْمَدُ بْنُ يحْيىَ بْنِ الجَارُودِ عَن عَلِيِّ بْنِ المَدِينيّ [شَيْخِ الإِمَامِ الْبُخَارِيّ] قَال:
حَدَّثَ محَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَن أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ عَن أَبي إِسْحَاقَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قَال:
«سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ عَنِ الرَّجُلِ يُصَلِّي عَن أَبَوَيهِ فَقَال: مَنْ يَرْوِيه 00؟
قُلْتُ: شِهَابُ بْنُ خِرَاش؛ قَال: ثِقَةٌ، عَمَّن 00؟
قُلْتُ: عَنِ الحَجَّاجِ بْنِ دِينَار؛ قَال: ثِقَةٌ، عَمَّن 00؟
قُلْتُ: عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم 0
قَال: بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مَفَاوِزُ تَنْقَطِعُ فِيهَا أَعْنَاقُ الإِبِل» 0
قَالَ المُسَيَّبُ بْنُ وَاضِحٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الحَسَنِ بْنِ شَقِيق: «قُمْتُ لأَخْرُجَ مَعَ ابْنِ المُبَارَكِ في لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ مِنَ المَسْجِد، فَذَاكَرَني عِنْد الْبَابِ بِحَدِيثٍ أَوْ ذَاكَرْتُه؛ فَمَا زِلْنَا نَتَذَاكَرُ حَتىَّ جَاءَ المُؤَذِّنُ لِلصُّبْح» 0
حَدَّثَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْفَرَائِضِيُّ عَن عَلِيِّ بْنِ صَدَقَةَ عَن أَبي أُسَامَةَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ عَنهُ:
ـ قَالُواْ عَنْ سَعَةِ عِلْمِهِ:
حَدَّثَ عُثْمَانُ الدَّارِمِيُّ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ يحْيىَ بْنِ آدَمَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قَال:
قَالَ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَان:
ـ قَالُواْ عَنْ فِقْهِهِ:
حَدَّثَ أَبُو مَعْشَرٍ حَمْدَوَيْه بْنُ الخَطَّابِ عَنْ نَصْرِ بْنِ المُغِيرَةِ عَن إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَمَّاسٍ قَال:
جَاءَ في «تَارِيخِ أَبي عُمَرَ الصَّدَفِيِّ» عَنْ محَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ عَنْ يحْيىَ بْنِ يحْيىَ اللَّيْثِيِّ قَال:
«كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه، فَاسْتُؤْذِنَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ بِالدُّخُول؛ فَأَذِنَ لَه؛ فَرَأَيْنَا مَالِكَاً تَزَحْزَحَ لَهُ في مَجْلِسِهِ ثُمَّ
أَقْعَدَهُ بِلَصْقِهِ، وَمَا رَأَيْتُ مَالِكَاً تَزَحْزَحَ لأَحَدٍ في مَجْلِسِهِ غَيْرِه 00
فَكَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ عَلَى مَالِك، فَرُبَّمَا مَرَّ بِشَيْءٍ؛ فَيَسْأَلُهُ الإِمَامُ مَالِك: مَا مَذْهَبُكُمْ في هَذَا 00؟ أَوْ: مَا عِنْدَكُمْ في هَذَا 00؟
فَرَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يُجَاوِبُه، ثُمَّ قَامَ فَخَرَجَ، فَأُعْجِبَ مَالِكٌ بِأَدَبِهِ، ثُمَّ قَالَ لَنَا الإِمَامُ مَالِك: هَذَا ابْنُ المُبَارَكِ فَقِيهُ خُرَاسَان» 0
ـ عَقِيدَتُهُ وَمَذْهَبُه:
حَدَّثَ ابْنُ أَبي رِزْمَةَ عَن عَلِيِّ بْنِ الحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
حَدَّثَ محَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ عَن أَبي يحْيىَ عَن عَلِيِّ بْنِ الحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ قَال:
«قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: كَيْفَ يُعْرَفُ رَبُّنَا عز وجل 00؟
قَالَ جل جلاله: في السَّمَاءِ عَلَى الْعَرْش؛ قُلْتُ لَهُ: إِنَّ الجَهْمِيَّةَ تَقُولُ هَذَا؛ قَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
لَا نَقُولُ كَمَا قَالَتِ الجَهْمِيَّةُ «هُوَ مَعَنَا هَا هُنَا» » 0
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيّ: «الجَهْمِيَّةُ يَقُولُون: إِنَّ الْبَارِي تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ في كُلِّ مَكَان، وَالسَّلَفُ يَقُولُونَ: إِنَّ عِلْمَ الْبَارِي في كُلِّ مَكَان، وَيَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا:
(وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ ({الحَدِيد/4} يَعْني: بِالعِلْم» 0
حَدَّثَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ في كِتَابِ «الرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ» عَن أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيِّ عَن عَلِيِّ بْنِ الحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ قَال:
«سَأَلْتُ ابْنَ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: كَيْفَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَعْرِفَ رَبَّنَا 00؟
قَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
عَلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى عَرْشِه، وَلَا نَقُولُ كَمَا تَقُولُ الجَهْمِيَّة: إِنَّهُ هَا هُنَا في الأَرْض» 0
وَرَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ في هَذَا الْكِتَابِ بِإِسْنَادِهِ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ
أَنَّ رَجُلاً قَالَ لَه: «يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن؛ قَدْ خِفْتُ اللهَ تَعَالىَ مِنْ كَثْرَةِ مَا أَدْعُو عَلَى الجَهْمِيَّة؟
قَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: لَا تَخَفْ، فَإِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ إِلَهَكَ الَّذِي في السَّمَاءِ لَيْسَ بِشَيْء» 0
ـ ثَنَاءُ الأَئِمَّهِ عَلَيْه، وَانْبِهَارُهُمْ بِعَبْقَرِيَّتِهِ النَّادِرَة:
حَدَّثَ أَبُو حَاتمٍ الرَّازِي عَنِ ابْنِ الطَّبَّاعِ عَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«الأَئِمَّةُ أَرْبَعَة: سُفْيَانُ الثَّوْرِي، وَمَالِك، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْد، وَابْنُ المُبَارَك» 0
حَدَّثَ المُسَيَّبُ بْنُ وَاضِحٍ عَن أَبي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«ابْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: إِمَامُ المُسْلِمِينَ أَجْمَعِين» 0
قَالَ عُبَيْدُ بْنُ جَنَّاد: «قَالَ لي عَطَاءُ بْنُ مُسْلِم: رَأَيْتَ ابْنَ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه 00؟
قُلْتُ: نَعَمْ؛ قَال: مَا رَأَيْتَ وَلَا تَرَى مِثْلَه» 0
قَالَ أَسْوَدُ بْنُ سَالِمٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ إِمَامَاً يُقْتَدَى بِهِ، كَانَ مِن أَثبَتِ النَّاسِ في السُّنَّةِ، إِذَا رَأَيْتَ رَجُلاً يَغْمِزُ عَبْدَ اللهِ بْنَ المُبَارَكِ رحمه الله فَاتَّهِمْهُ عَلَى الإِسْلَام»
ـ قَالُواْ في المُفَاضَلَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ في الْعِلْمِ وَالْفَضْل:
حَدَّثَ أَبُو نَشِيطٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«قُلْتُ لاِبْنِ مَهْدِيٍّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: أَيُّهُمَا أَفْضَل: ابْنُ المُبَارَكِ أَوْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيّ 00؟
قَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: ابْنُ المُبَارَك؛ قُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ يُخَالِفُونَك؛ قَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: إِنَّهُمْ لَمْ يُجَرِّبُواْ، مَا رَأَيْتُ مِثْلَ ابْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه» 0
حَدَّثَ أَحْمَدُ بْنُ محَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ يحْيىَ بْنِ مَعِينٍ عَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَال:
قَالَ محَمَّدُ بْنُ أَعْيَن: «سَمِعْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ رحمه الله وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَصْحَابُ الحَدِيثِ فَقَالُواْ لَه: جَالَسْتَ الثَّوْرِيَّ وَسَمِعْتَ مِنهُ، وَمِنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَك؛ فَأَيُّهُمَا أَرْجَح 00؟
قَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: لَوْ أَنَّ سُفْيَانَ جَهِدَ عَلَى أَنْ يَكُونَ يَوْمَاً مِثْلَ عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَك: لَمْ يَقْدِرْ» 0
ـ قَالُواْ في المُفَاضَلَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَكِيعِ بْنِ الجَرَّاحِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ في الضَّبْطِ وَالتَوْثِيق:
قَالَ في ذَلِكَ الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ يُحَدِّثُ مِنْ كِتَاب؛ لَا يَكَادُ أَنْ يَكُونَ لَهُ سَقْطٌ كَثِير، وَكَانَ وَكِيعٌ رحمه الله يُحَدِّثُ مِن حِفْظِهِ؛ فَكَانَ يَكُونُ لَهُ سَقْطٌ كَمَا يَكُونُ حَفْظُ الرَّجُل» 0
ـ قَالَ عَنِهُ يحْيىَ بْنُ مَعِينٍ عَنهُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
حَدَّثَ جَعْفَرُ بْنُ أَبي عُثْمَانَ عَنْ يَحْيىَ ِبْنِ مَعِينٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ عَنِ ابْنِ المُبَارَك:
«ذَاكَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ في الحَدِيث» 0
ـ قَالَ عَنِهُ شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاجِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ عَنهُ شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاج رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «مَا قَدِمَ عَلَيْنَا أَحَدٌ مِثْلُ ابْنِ المُبَارَك» 0
ـ قَالَ عَنِهُ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
حَدَّثَ محَمَّدُ بْنُ المُنْذِرِ عَنْ محَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الحُسَينِ الْقُرَشِيِّ عَن أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَةَ قَال:
«كَانَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَشْيَخَةٌ جُلُوسَاً في المَسْجِدِ الحَرَام؛ فَطَلَعَ ابْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ مِنَ الثَّنِيَّة، فَقَالَ سُفْيَانُ: هَذَا رَجُلُ أَهْلِ المَشْرِق 0
فَقَالَ الْفُضَيْل: رَجُلُ أَهْلِ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا» 0
ـ ثَنَاءُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَلَيْه، وَاعْتِرَافُهُ بِفَضْلِ ابْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
حَدَّثَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ بحْرٍ الدِّمَشْقِيِّ عَن عِمْرَانَ بْنِ مُوسَى الطَّرَسُوسِيِّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«سَأَلَ رَجُلٌ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه؛ فَقَالَ لَهُ سُفْيَان: مِن أَيْنَ أَنْت 00؟
قَالَ الرَّجُل: مَن أَهْلِ المَشْرِق، قَال سُفْيَانُ الثَّوْرِيّ: أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمْ أَعْلَمُ أَهْلِ المَشْرِق 00؟
قَالَ الرَّجُل: وَمَن هُوَ 00؟
قَال سُفْيَان: عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَك، قَالَ الرَّجُل: وَهُوَ أَعْلَمُ أَهْلِ المَشْرِق 00؟!
قَال سُفْيَان: نَعَمْ، وَأَهْلِ المَغْرِب» 0
حَدَّثَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ عَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبي جَمِيلٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قَال:
حَدَّثَ أَبُو الْعَوَّامِ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
ـ قَالُواْ عَنْ تَفَرُّدِهِ:
حَدَّثَ نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ عَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ أَنَّهُ قَالَ عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ:
«كَانَ نَسِيجَ وَحْدِه» 00 أَيْ مُتَفَرِّدَاً بَينَ أَقْرَانِهِ لَا نَظِيرَ لَه 0
حَدَّثَ أَبُو سَلَمَةَ التَّبُوذَكِيُّ عَنْ سَلَاَّمِ بْنِ أَبي مُطِيعٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«مَا خَلَّفَ ابْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ بِالمَشْرِقِ مِثْلَه» 0
حَدَّثَ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنِ الحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
حَدَّثَ عُبَيْدُ بْنُ جَنَّادٍ عَنِ الْعُمَرِيِّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
ـ قَالُواْ عَنْ تَعَدُّدِ محَاسِنِهِ وَكَثْرَةِ خِصَالِ الخَيرِ فِيه:
حَدَّثَ الدَّغُولِيُّ عَن عَبْدِ المَجِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ خَالِدٍ قَال:
قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مُصْعَبٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «جَمَعَ عَبْدُ اللهِ ابْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ الحَدِيث، وَالفِقْه، وَالعَرَبِيَّة، وَأَيَّامَ النَّاس، وَالشَّجَاعَة، وَالسَّخَاء» 0
قَالَ خَادِمُهُ الحَسَنُ بْنُ عِيسَى:
«اجْتَمَعَ الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، وَمَخْلَدُ بْنُ الحُسَينِ فَقَالُواْ: تَعَالَوْا نَعُدُّ خِصَالَ ابْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ مِن أَبْوَابِ الخَيْر؛ فَقَالُواْ: الْعِلْم، وَالْفِقْه، وَالأَدَب، وَالنَّحْو، وَاللُّغَة، وَالزُّهْد، وَالفَصَاحَة، وَالشِّعْر، وَقِيَامُ
اللَّيْل، وَالعِبَادَة، وَالحَجّ، وَالغَزْو، وَالشَّجَاعَة، وَالفُرُوسِيَّة، وَالقُوَّة، وَتَرْكُ الْكَلَامِ فِيمَا لَا يَعْنِيه، وَالإِنْصَاف، وَقِلَّةُ الخِلَافِ عَلَى أَصْحَابِه» 0
ـ قَالُواْ عَنْ شَجَاعَتِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
حَدَّثَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِي عَن عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ المَرْوَزِيِّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قَال:
«كُنَّا سَرِيَّةً مَعَ ابْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ في بِلَادِ الرُّوم؛ فَصَادَفْنَا الْعَدُوّ، فَلَمَّا الْتَقَى الجَمْعَان، خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْعَدُوِّ فَدَعَا إِلىَ
المُبَارَزَة، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ؛ فَقَتَلَهُ الرُّومِيّ، ثُمَّ آخَر، فَقَتَلَه، ثُمَّ آخَر، فَقَتَلَه، ثُمَّ دَعَا إِلىَ المُبَارَزَة؛ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَطَارَدَهُ سَاعَةً، فَطَعَنَهُ المُسْلِمُ فَقَتَلَه، فَازْدَحَمَ إِلَيْهِ النَّاس؛ فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه، وَإِذَا هُوَ يَسْتُرُ وَجْهَهُ بِكُمِّهِ، فَأَخَذْتُ بِطَرَفِ كُمِّهِ فَمَدَدْتُهُ، فَإِذَا هُوَ هُوَ، فَقَال: وَأَنْتَ يَا أَبَا عَمْرٍو مِمَّنْ يُشَنِّعُ عَلَيْنَا» 0
حَدَّثَ محَمَّدُ بْنُ المُثَنىَّ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ قَال: «كُنْتُ مَعَ ابْنِ المُبَارَكِ وَمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بِطَرَسُوس، فَصَاحَ النَّاسُ: النَّفِيرَ النَّفِير؛ فَخَرَجَ ابْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ وَالنَّاس، فَلَمَّا اصطَفَّ الجَمْعَانِ خَرَجَ رُومِيٌّ فَطَلَبَ المُبَارَزَة؛ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَشَدَّ الْعِلْجُ عَلَيْهِ فَقَتَلَه؛ حَتىَّ قَتَلَ سِتَّةً مِنَ المُسْلِمِين، وَجَعَلَ يَتَبَخْتَرُ بَينَ الصَّفَّينِ يَطْلُبُ المُبَارَزَة، وَلَا يَخْرُجُ إِلَيْهِ أَحَد؛ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ ابْنُ
المُبَارَكِ فَقَال: يَا فُلَان؛ إِنْ قُتِلْتُ فَافْعَلْ كَذَا وَكَذَا، ثمَّ حَرَّكَ دَابَّتَهُ وَبَرَزَ لِلْعِلْج؛ فَعَالَجَ مَعَهُ سَاعَةً فَقَتَلَ الْعِلْج، وَطَلَبَ المُبَارَزَة، فَبَرَزَ لَهُ عِلْجٌ آخَرُ فَقَتَلَه، حَتىَّ قَتَلَ سِتَّةَ عُلُوج، وَطَلَبَ المُبَارَزَة؛ فَكَأَنَّهُمْ كَاعُواْ عَنهُ [أَيْ جَبُنُواْ] فَضَرَبَ دَابَّتَهُ، وَطَرَدَ [أَيْ دَخَلَ سَرِيعَاً مُسْتَخْفِيَاً مِنَ الْعُيُونِ] بَيْنَ الصَّفَّيْنِ ثُمَّ غَابَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ فَلَمْ نَشْعُرْ بِشَيْء، وَإِذَا أَنَا بِهِ في المَوْضِعِ الَّذِي كَان، فَقَالَ لي
: يَا عَبْدَ الله؛ لَئِن حَدَّثْتَ بِهَذَا أَحَدَاً وَأَنَا حَيّ 000 فَذَكَرَ كَلِمَةً» 0
ـ قَالُواْ عَنْ تَوَاضُعِهِ:
سُئِلَ ابْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ بِحُضُورِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَال:
«إِنَّا نُهِينَا أَنْ نَتَكَلَّمَ عِنْد أَكَابِرِنَا» 0
ـ قَالُواْ عَنْ صَلَاحِهِ وَتَقْوَاه، وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ لله:
قَالَ مَخْلَدُ بْنُ الحُسَيْنِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «جَالَسْتُ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانيّ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عَوْن؛ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِمْ مَن أُفَضِّلُهُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ
المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه» 0
قَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّاد: «قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ المُبَارَكِ: قَرَأْتُ الْبَارِحَةَ الْقُرْآنَ في رَكْعَة؛ فَقَالَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه: لَكِنيِّ أَعْرِفُ رَجُلاً لَمْ يَزَلِ الْبَارِحَةَ يُكَرِّرُ (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (إِلىَ الصُّبْح، مَا قَدِرَ أَنْ يَتَجَاوَزَهَا» 00 [يَعْني نَفْسَهُ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه]
وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّاد:
حَدَّثَ الْقَاسِمُ بْنُ محَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ قَال:
«رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ لَدَىَ زَمْزَم؛ فَاسْتَقَى شَربَةً، ثُمَّ اسْتَقبَلَ الْقِبْلَةَ فَقَال:
اللَّهُمَّ إِنَّ ابْنَ المُؤَمَّلِ عَبْدَ اللهِ المَكِّيَّ حَدَّثَنَا عَنْ محَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدَ اللهِ رضي الله عنه قَال:
عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَه» 0
[صَحَّحَهُ الْعَلَاّمَةُ الأَلْبَانيُّ في سُنَنِ الإِمَامِ ابْنِ مَاجَةَ بِرَقْم: 3062]
وَهَذَا أَشرَبُهُ لِعَطَشِ الْقِيَامَة، ثُمَّ شَرِبَهُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه» 0
ـ قَالُواْ عَنْ شِدَّةِ حُبِّ النَّاسِ لَهُ وَالْتِفَافُهُمْ حَوْلَه:
حَدَّثَ عُمَرُ بْنُ مُدْرِكٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَن أَشْعَثَ بْنِ شُعْبَةَ المَصِّيصِيِّ قَال:
«قَدِمَ الرَّشِيدُ الرَّقَّة [مَدِينَةٌ تَقَعُ شَرْقَ حَلَبَ علَى نَهْرِ الْفُرَات] فَانْجَفَلَ النَّاسُ خَلْفَ ابْنِ المُبَارَك، وَتَقَطَّعَتِ النِّعَالُ وَارتَفَعَتِ الْغَبَرَة؛
فَأَشرَفَتْ أُمُّ وَلَدٍ لأَمِيرِ المُؤْمِنِينَ مِنْ بُرْجِ قَصْرِ الخَشَبِ فَقَالَتْ: مَا هَذَا 00؟
قَالُواْ: عَالِمٌ مِن أَهْلِ خُرَاسَانَ قَدِم؛ قَالَتْ: هَذَا وَاللهِ المُلْك، لَا مُلْكُ هَارُونَ الَّذِي لَا يَجْمَعُ النَّاسَ إِلَاَّ بِشُرَطٍ وَأَعْوَان» 0
ـ قَالُواْ عَنِ أَدَبِهِ وَنُبْلِ شَمَائِلِه:
حَدَّثَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«السَّيْفُ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِتْنَة؛ وَلَا أَقُولُ لأَحَدٍ مِنهُمْ هُوَ مَفْتُون» 0
قَالَ إِسْمَاعِيلُ الخُطَبيّ: «بَلَغَني عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ أَنَّهُ حضَرَ عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ فَقَالَ أَصْحَابُ الحَدِيثِ لِحَمَّادٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: سَلْ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ [أَيِ ابْنَ المُبَارَكِ] أَنْ يُحَدِّثَنَا 00
فَقَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن؛ تُحِدِّثُهُمْ 00؟ فَإِنَّهُمْ قَدْ سَأَلُوني 00؟
قَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: سُبْحَانَ اللهِ يَا أَبَا إِسْمَاعِيل؛ أُحَدِّثُ وَأَنْتَ حَاضِر 00؟
فَقَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: أَقسَمْتُ عَلَيْكَ لَتَفْعَلَنَّ؛ فَقَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
«خُذُواْ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ حَمَّادُ بْنُ زَيْد» 00 فَمَا حَدَّثَ بحَرْفٍ إِلَاَّ عَن حَمَّاد» 0
ـ قَالُواْ عَن عَجِيبِ حِكَايَاتِهِ في الْكَرَمِ الْبَذْلِ وَالْعَطَاء:
قَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّاد: «قَدِمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَيْلَةَ عَلَى يُونُسَ بْنِ يَزِيد، وَمَعَهُ غُلَامٌ مُفرَّغٌ لِعَمَلِ الْفَالُوذَج، يَتَّخِذُهُ لِلْمُحَدِّثِين» 0
أَيْلَة: هِيَ إِيلَات: وَهِيَ آخِرُ نُقْطَةٍ عَلَى طَرْفِ خَلِيجِ الْعَقَبَةِ شَمَالاً 0
ـ مَائِدَةُ ابْنِ المُبَارَكِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه:
قَالَ حِبَّانُ بْنُ مُوسَى: «رَأَيْتُ سُفرَةَ ابْنِ المُبَارَكِ حُمِلَتْ عَلَى عَجَلَة» 0
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالقَانيّ:
«رَأَيْتُ بَعِيرَيْنِ مُحَمَّلَيْنِ دَجَاجَاً مَشْوِيَاً لِسُفْرَةِ ابْنِ المُبَارَك» 0
ـ نَمَاذِجُ مِنْ قَضَائِهِ لِلدَِّيْنِ عَنِ المَدِينِين:
حَدَّثَ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قَال:
قَالَ المُسَيَّبُ بْنُ وَاضِح: «أَرْسَلَ ابْنُ المُبَارَكِ إِلىَ أَبي بَكْرٍ بْنِ عَيَّاشٍ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَم، وَقَالَ لَهُ: سُدَّ بِهَذِهِ فِتْنَةَ الْقَوْمِ عَنْك» 0
حَدَّثَ محَمَّدُ بْنُ المُنْذِرِ عَن يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ محَمَّدِ بْنِ عِيسَى رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ كَثِيرَ الاِخْتِلَافِ إِلىَ طَرَسُوس، وَكَانَ يَنْزِلُ في خَان، فَكَانَ شَابٌّ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِ وَيَقُومُ بحَوَائِجِهِ وَيَسْمَعُ مِنهُ الحَدِيث؛ فَقَدِمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ مَرَّةً، فَلَمْ يَرَه، فَخَرَجَ في النَّفِيرِ مُسْتَعجِلاً، فَلَمَّا رَجَعَ سَأَلَ عَنِ الشَّابِّ فَقِيلَ لَه: مَحْبُوسٌ عَلَى عَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ؛ فَاسْتَدَلَّ عَلَى الْغَرِيمِ وَوَزَنَ لَهُ عَشْرَةَ آلَاف، وَحَلَّفَهُ أَلَاَّ يُخْبِرَ أَحَدَاً مَا عَاش؛ فَأُخْرِجَ الرَّجُلُ، وَسَارَ ابْنُ
المُبَارَكِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه، فَلَحِقَهُ الْفَتىَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنَ الرَّقَّةِ فَقَالَ لَهُ: يَا فَتىَ أَيْنَ كُنْتَ؟ قَال: كُنْتُ مَحْبُوسَاً بِدَيْنٍ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن 0
قَال: وَكَيْفَ خَلُصْتَ 00؟
قَال: جَاءَ رَجُلٌ فَقَضَى دَيْني، وَلَمْ أَدْرِ مَن هُوَ 0
قَال: فَاحْمَدِ الله؛ وَلَمْ يَعْلَمِ الرَّجُلُ إِلَاَّ بَعْدَ مَوْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه» 0
ـ نَمَاذِجُ مِن إِنْفَاقِهِ عَلَى رفْقَتِهِ مِنَ المُسْلِمِينَ في رِحْلَاتِ الحَجِّ وَالْعُمْرَة:
حَدَّثَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيُّ عَنْ محَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ عَن أَبِيهِ قَال:
«كَانَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ يُنْفِقُ عَلَى الْفُقَرَاءِ في كُلِّ سَنَةٍ: مِاْئَةَ أَلْفِ دِرْهَم» 0
حَدَّثَ الدَّغُولِيُّ عَن عَبْدِ المَجِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ خَالِدٍ قَال:
حَدَّثَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيُّ عَنْ محَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ عَن أَبِيهِ قَال:
«كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ وَقْتُ الحجِّ، اجْتَمَعَ إِلَيْهِ إِخْوَانُهُ مِن أَهْلِ مَرْوَ فَيَقُولُون: نَصْحَبُك؛ فَيَقُولُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: هَاتُواْ نَفَقَاتِكُمْ؛ فَيَأْخُذُ نَفَقَاتِهِمْ فَيَجْعَلُهَا في صُنْدُوق، وَيَكْتُبُ عَلَيْهَا أَسْمَاءَهُمْ وَيَقْفِلُ عَلَيْهَا، ثُمَّ يَكتَرِي لَهُمْ [أَيْ يَسْتَأْجِرُ لَهُمُ الدَّوَابّ] وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ مَرْوَ إِلىَ بَغْدَاد، فَلَا يَزَالُ يُنفِقُ عَلَيْهِمْ وَيُطعِمُهُمْ أَطْيَبَ الطَّعَام، وَأَطْيَبَ الحَلوَى، ثُمَّ يُخْرِجُهُمْ مِنْ بَغْدَادَ بِأَحْسَنِ زِيّ، وَأَكْمَلِ مُرُوءةٍ، حَتىَّ يَصِلُواْ إِلىَ مَدِينَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ لِكُلِّ وَاحِد: مَا أَمَرَكَ عِيَالُكَ أَنْ تَشتَرِيَ لَهُمْ مِنَ المَدِينَةِ مِنْ طُرَفِهَا 00؟
فَيَقُول: كَذَا وَكَذَا، ثمَّ يُخْرِجُهُمْ إِلىَ مَكَّة، فَإِذَا قَضَوْا حَجَّهُمْ، قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنهُمْ: مَا أَمَرَكَ عِيَالُكَ أَنْ تَشتَرِيَ لَهُمْ مِنْ مَتَاعِ مَكَّة 00؟
فَيَقُول: كَذَا وَكَذَا؛ فَيَشْتَرِي لَهُمْ، ثُمَّ يُخْرِجُهُمْ مِنْ مَكَّة؛ فَلَا يَزَالُ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ إِلىَ أَنْ يَصِيرُواْ إِلىَ مَرْو، فَيُجَصِّصُ بُيُوتَهُمْ وَأَبْوَابَهُمْ، فَإِذَا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّام، عَمِلَ لَهُمْ وَلِيمَةً وَكَسَاهُمْ، فَإِذَا أَكَلُواْ وَسُرُّواْ، دَعَا بِالصُّنْدُوقِ فَفَتَحَهُ، وَدَفَعَ إِلىَ كُلِّ رَجُلٍ مِنهُمْ صُرَّتَهُ عَلَيْهَا اسْمُه 00
قَالَ أَبي: أَخْبَرَني خَادمُهُ أَنَّهُ عَمِلَ آخِرَ سُفْرَةٍ سَافَرَهَا دَعْوَةً، فَقَدَّمَ إِلىَ النَّاسِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ خِوَانَاً فَالُوذَج» 0
ـ نَمَاذِجُ مِن إِنْفَاقِهِ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ الْفُقَرَاء:
حَدَّثَ الفَتْحُ بْنُ سُخْرُفٍ عَن عَبَّاسِ بْنِ يَزِيدَ عَن حِبَّانَ بْنِ مُوسَى رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«عُوتِبَ ابْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ فِيمَا يُفَرِّقُ مِنَ المَالِ في الْبُلْدَانِ دُونَ بَلَدِهِ، فَقَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: إِنيِّ أَعْرِفُ مَكَانَ قَوْمٍ لَهُمْ فَضْلٌ وَصِدْق،
طَلَبُواْ الحَدِيثَ فَأَحْسَنُواْ طَلَبَهُ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِمْ، احْتَاجُواْ؛ فَإِنْ تَرَكْنَاهُمْ: ضَاعَ عِلْمُهُمْ، وَإِن أَعَنَّاهُمْ: بَثُّواْ الْعِلْمَ لأُمَّةِ محَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لَا أَعْلَمُ بَعْدَ النُّبُوَّةِ أَفْضَلَ مِنْ بَثِّ الْعِلْم» 0
حَدَّثَ محَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ عَن أَبِيهِ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ لِلْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا: «لَوْلَاكَ وَأَصْحَابُكَ مَا اتَّجَرْت» 00 كَانَ يُنْفِقُ
عَلَيْهِمْ
حَدَّثَ عُبَيْدُ اللهِ الْعَيْشِيُّ عَنِ الحَمَّادَيْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُول:
كَانَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ 0
ـ قَالُواْ عَنْ نَظْمِهِ لِلشِّعْر:
قَالَ عَنهُ أَحْمَدُ الْعِجْلِيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «رَجُلٌ صَالِحٌ يَقُولُ الشِّعْر، وَكَانَ جَامِعَاً لِلْعِلْم»
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيّ: «كَانَ ابْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ شَاعِرَاً مُحْسِنَاً، قَوَّالاً بِالحَقّ» 0
حَدَّثَ أَبُو أَحْمَدَ محَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنِ الخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قَال:
«كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ إِذَا خَرَجَ إِلىَ مَكَّةَ قَال:
بُغْضُ الحَيَاةِ وَخَوْفُ اللهِ أَقْدَمَني
…
وَبَيْعُ نَفْسِي بِمَا لَيْسَتْ لَهُ ثَمَنَا
إِنيِّ وَزَنْتُ الَّذِي يَبْقَى لِيَعْدِلَهُ
…
مَا لَيْسَ يَبْقَى فَلَا وَاللهِ مَا اتَّزَنَا
قَالَ الحَسَنُ بْنُ حَمَّاد: «دَخَلَ أَبُو أُسَامَةَ عَلَى ابْنِ المُبَارَك، فَوَجَدَ في وَجْهِه عَبْدُ اللهِ أَثَرَ الضُّرّ، فَسَأَلَهُ فَلَمْ يُخْبِرْهُ، فَلَمَّا خَرَجَ بَعَثَ إِلَيْهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَكَتَبَ إِلَيْهِ [بِتَصَرُّف]:
خِلٌّ خَلَا مِنْ مَالِهِ
…
وَمِنَ المُرُوءةِ مَا خَلَا
وَبِرَغْمِ رِقَّةِ حَالِهِ
…
لَا يَرْتَضِي أَنْ يَسْأَلَا
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ جَمِيلٍ المَرْوَزِيّ: «قِيلَ لاِبْنِ المُبَارَكِ: إِنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُلَيَّةَ قَدْ وَلِي الْقَضَاء؛ فَكَتَبَ إِلَيْهِ:
يَا جَاعِلَ الْعِلْمِ لَهُ بَازِيَاً
…
يَصْطَادُ أَمْوَالَ المَسَاكِينِ
احْتَلْتَ لِلدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا
…
بِحِيلَةٍ تَذْهَبُ بِالدِّينِ
فِصِرْتَ مجْنُونَاً بِهَا بَعْد مَا
…
كُنْتَ دَوَاءً لِلمَجَانيْنِ
أَيْنَ رِوَايَاتُكَ في سَرْدِهَا
…
عَنِ ابْنِ عَوْنٍ وَابْنِ سِيرِينِ
أَيْنَ رِوَايَاتُكَ فِيمَا مَضَى
…
في تَرْكِ أَبْوَابِ السَّلَاطِينِ
إِنْ قُلْتَ أُكْرِهْتُ فَدَعْ عَنْكَ ذَا
…
زَلَّ حِمَارُ الْعِلْمِ في الطِّينِ
الْبَازِي: نَوْعٌ مِنَ الصُّقُور 0
حَدَّثَ عَبْدُ اللهِ بْنُ محَمَّدٍ قَاضِي نَصِيِبين عَنْ محَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبي سُكَيْنَةَ قَال:
«أَمْلَى عَلَيَّ ابْنُ المُبَارَكِ سَنَةَ 177 هـ، وَأَنْفَذَهَا مَعِي إِلىَ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ مِنْ طَرَسُوس:
يَا عَابِدَ الحَرَمِينِ لَوْ أَبْصَرْتَنَا
…
لَعَلِمْتَ أَنَّكَ في الْعِبَادَةِ تَلْعَبُ
مَنْ كَانَ يَخْضِبُ خَدَّهُ بِدُمُوعِهِ
…
فَنُحُورُنَا بِدِمَائِنَا تَتَخَضَّبُ
أَوْ كَانَ يُتْعِبُ خَيْلَهُ في بَاطِلٍ
…
فَخُيُولُنَا يَوْمَ المَعَارِكِ تَتْعَبُ
إِنَّا أَتَانَا مِنْ كَلَامِ نَبِيِّنَا
…
قَوْلٌ صَحِيحٌ صَادِقٌ لَا يُكْذَبُ
لَا يُجْمَعَانِ غُبَارُ خَيْلِ اللهِ في
…
أَنْفِ امْرِئٍ أَبَدَاً وَنَارٌ تَلْهَبُ
فَلَقِيْتُ الْفُضَيْلَ بِكِتَابِهِ في الحَرَم، فَقَرَأَهُ وَبَكَى ثُمَّ قَال: صَدَقَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَنَصَح» 0
قَالَ ابْنُ سَهْمٍ الأَنْطَاكِيّ: «سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ يُنْشِد:
وَالنَّارُ مُوقَدَةٌ وَالخَلْقُ مُورَدَةٌ
…
وَلَيْسَ يَدْرُونَ مَنْ يَنْجُو وَمَنْ يَقَعُ
طَالَ الْبُكَاءُ فَلَمْ يَنْفَعْ تَضَرُّعُهُمْ
…
هَيْهَاتَ لَا حَسْرَةٌ تُغْني وَلَا جَزَعُ
إِذِ النَّبِيُّونَ وَالأَشْهَادُ قَائِمَةٌ
…
وَالإِنْسُ وَالجِنُّ وَالأَمْلَاكُ قَدْ خَشَعُواْ
فَكَيْفَ قَرَّتْ لأَهْلِ الْعِلْمِ أَعْيُنُهُمْ
…
أَوِ اسْتَلَذُّواْ نَعِيمَ الْعَيْشِ أَوْ هَجَعُواْ
قَالَ حِبَّانُ بْنُ مُوسَى: «سَمِعْتُ ابْنَ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ يُنْشِد:
كَيْفَ الْقَرَارُ وَكَيْفَ يَهْدَأُ مُسْلِمٌ
…
وَالمُسْلِمَاْتُ مَعَ الْعَدُوِّ المُعْتَدِي
القَائِلَاتُ إِذَا خَشِينَ فَضِيحَةً
…
جَهدَ المَقَالَةِ لَيْتَنَا لَمْ نُولَدِ
مَا تَسْتَطِيعُ وَمَا لَهَا مِن حِيلَةٍ
…
في ضَعْفِهَا إِلَاَّ التَّسَتُّرُ بِاليَدِ
وَرَوَى إِسْحَاقُ بْنُ سُنَيْنٍ لاِبْنِ المُبَارَكِ في الْفِرَقِ الضَّالَّةِ كَالجَهْمِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَأَصْحَابِ الأَهْوَاء، الَّذِينَ خَرَجَتْ مِنهُمُ الخَوَارِجُ عَلَى الخُلَفَاء، وَاسْتَحَلُّواْ الدِّمَاء؛ فَقَالَ آخِرَ الْقَصِيدَةِ بَعْدَ ذِكْرِ هَؤُلَاء:
كَمْ يَدْفَعُ اللهُ بِالسُّلْطَانِ مِن خَطَرٍ
…
عَنِ البِْلَادِ لَوِ اسْتَشْرَى لآذَانَا
لَوْلَا الأَئِمَّةُ لَمْ تَأْمَنْ لَنَا سُبُلٌ
…
وَكَانَ أَضْعَفُنَا نَهْبَاً لأَقْوَانَا
أَعْجَبَ الخَلِيفَةَ هَارُونَ الرَّشِيدَ هَذَانِ الْبَيْتَان، فَلَمَّا أَنْ بَلَغَهُ مَوْتُ ابْنِ المُبَارَكِ بِهِيتَ قَال:
«إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون؛ يَا فَضْلُ إِيذَنْ لِلنَّاسِ يُعَزُّونَنَا في ابْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه؛ أَمَا هُوَ الْقَائِل:
كَمْ يَدْفَعُ اللهُ بِالسُّلْطَانِ مِن خَطَرٍ
…
000000 الْبَيْتَين
فَمَنِ الَّذِي يَسْمَعُ هَذَا مِنَ ابْنِ المُبَارَكِ وَلَا يَعْرِفُ حَقَّنَا» 00؟
هِيت: بَلْدَةٌ عَلَى نَهْرِ الْفُرَاتِ في الطَّرِيقِ بَينَ الْعِرَاقِ وَالشَّام 0
حَدَّثَ محَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَن عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَن عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الحَكَمِ قَال:
ـ مَا قِيلَ في هَذَا الْعَالِمِ الجَلِيل؛ مِنَ الشِّعْرِ الجَمِيل:
قَالَ محْمُودُ بْنُ وَالَان: «سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ الحَسَنِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ يَمْدَحُ ابْنَ المُبَارَكِ يَقُول:
إِذَا غَابَ عَبْدُ اللهِ في أَيِّ بَلْدَةٍ
…
فَقَدْ غَابَ عَنهَا نُورُهَا وَجَمَالُهَا
قَالَ أَحَدُ الشُّعَرَاءِ الصَّالحِين:
مَرَرْتُ بِقَبْرِ ابْنِ المُبَارَكِ غَدْوَةً
…
فَأَوْسَعَني وَعْظَاً وَلَيْسَ بِنَاطِقِ
وَقَدْ كُنْتُ بِالعِلْمِ الَّذِي في جَوَانِحِي
…
غَنِيَّاً وَبِالشَّيْبِ الَّذِي في مَفَارِقِي
وَلَكِن أَرَى الذِّكْرَى تُنَبِّهُ عَاقِلاً
…
إِذَا هِيَ جَاءَتْ مِنْ رِجَالِ الحَقَائِقِ
ـ مِن أَقْوَالِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
«لِيَكُن عُمْدَتُكُمُ الأَثَر؛ وَخُذُواْ مِنَ الرَّأْيِ مَا يُفَسِّرُ لَكُمُ الحَدِيث» 0
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قَال: «في صَحِيحِ الحَدِيثِ شُغْلٌ عَنْ سَقِيمِه» 0
قَالَ عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَان: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ المُبَارَكِ عَبْدَ اللهِ بْنَ المُبَارَكِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ يَقُول: «الإِسْنَادُ مِنَ الدِّينِ، وَلَوْلَا الإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاء» 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ في مُقَدِّمَةِ صَحِيحِه]
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
«رُبَّ عَمَلٍ صَغِيرٍ تُكَثِّرُهُ النِّيَّة، وَرُبَّ عَمَلٍ كَثِيرٍ تُصَغِّرُهُ النِّيَّة» 0
حَدَّثَ عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
حَدَّثَ أَبُو صَالِحٍ الْفَرَّاءُ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«الحِبْرُ في الثَّوْب: خَلُوقُ الْعُلَمَاء» 00 أَيْ حِلْيَةُ ثِيَابِهِمْ وَبُقَعُهُ عِنْدَهُمْ: كَبُقَعِ المِسْكِ عِنْدَنَا 0
حَدَّثَ أَبُو صَالِحٍ الْفَرَّاءُ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«تَوَاطُؤُ الجِيرَانِ عَلَى شَيْء: أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَهَادَةِ عَدْلَيْن» 0
أَيْ شَهَادَةُ جَمَاعَةٍ مِن أَنْصَافِ العُدُول: أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ اثْنَين 0
وَسُئِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: مَنِ السِّفْلَة 00؟
قَالَ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَه: الَّذِي يَدُورُ عَلَى الْقُضَاةِ يَطْلُبُ الشَّهَادَات» 0
عَن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: «خَيْرُكُمْ قَرْنِي، ثمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ [قَالَهَا صلى الله عليه وسلم مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَاً] ثمَّ يَكُونُ بَعْدَهُمْ قَوْمٌ: يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُون، وَيخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُون، وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ، وَيَظْهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ» 0
[رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: (6428 / فَتْح)، وَالإِمَامُ مُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ بِرَقْم: 2535 / عَبْد البَاقِي]
يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُون: أَيْ يَشْهَدُونَ وَلَيْسُواْ أَهْلاً لِلشَّهَادَة، أَوْ يَعْرِضُونَ الشَّهَادَةَ مِن غَيرِ أَنْ يُطْلَبَ مِنهُمْ 0
وَسُئِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: مَنِ النَّاس 00؟
فَقَال: الْعُلَمَاء، قِيلَ لَه: فَمَنِ المُلُوك 00؟
قَال: الزُّهَّاد، قِيلَ لَه: فَمَنِ الْغَوْغَاء 00؟
قَال: خُزَيْمَةُ وَأَصْحَابُهُ يَعْني: [أَحَدُ الأُمَرَاءِ الظَّلَمَةِ في زَمَانِه]
قِيلَ: فَمَنِ السَّفِلَة 00؟
قَال: الَّذِينَ يَعِيشُونَ بِدِينِهِمْ» 0
ـ حَالُهُ عَلَى فِرَاشِ المَوْت، وَكَيْفَ كَانَ حَرِيصَاً عَلَى الْوَرَع؛ حَتىَّ وَرُوحُهُ تُنْتَزَع رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ الحَسَنُ بْنُ الرَّبِيع:
حَدَّثَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْعِجْلِيُّ عَن أَبِيهِ قَال:
«لَمَّا احْتُضِرَ ابْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه؛ جَعَلَ رَجُلٌ يُلَقِّنُهُ «لَا إِلَهَ إِلَاَّ الله» فَأَكْثَرَ عَلَيْه، فَقَالَ لَهُ: لَسْتَ تُحْسِن، وَأَخَافُ أَنْ تُؤْذِيَ مُسْلِمَاً بَعْدِي، إِذَا لَقَّنْتَني، فَقُلْتَ «لَا إِلَهَ إِلَاَّ الله» ثُمَّ لَمْ أُحْدِثْ كَلَامَاً بَعْدَهَا؛ فَدَعْني، فَإِذَا أَحْدَثْتُ كَلَامَاً: فَلَقِّنيِّ حَتىَّ تَكُونَ آخِرَ كَلَامِي» 0
ـ أَشْهَرُ مُؤَلَّفَاتِه:
كِتَابُ الزُّهْد لاِبْنِ المُبَارَك 0
ـ قَالُواْ عَنْ بَعْضِ كَرَامَاتِهِ في حَيَاتِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «مَرَّ ابْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ بِرَجُلٍ أَعْمَى، فَقَالَ لَه: أَسْأَلُكَ أَنْ تَدْعُوَ لي أَنْ يَرُدَّ اللهُ عز وجل عَلَيَّ بَصَرِي؛ فَدَعَا اللهَ جَلَّ وَعَلَا وَأَنَا أَنْظُرُ فَارْتَدَّ بَصِيرَا» 0
ـ قَالُواْ عَنْ بَعْضِ كَرَامَاتِهِ بَعْدَ مَمَاتِهِ، وَمَا رُؤِيَ فِيهِ مِنَ المَنَامَاتِ الحَسَنَة رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ محَمَّدٍ النَّسَفِيّ: سَمِعْتُ أَبَا حَاتِمٍ الْفِرَبْرِيَّ يَقُول: «رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ وَاقِفَاً عَلَى بَابِ الجَنَّةِ بِيَدِهِ مِفْتَاح، فَقُلْتُ: مَا يُوقِفُكَ هَهُنَا؟
قَال: هَذَا مِفْتَاحُ الجَنَّة، دَفَعَهُ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَال: حَتىَّ أَزُورَ الرَّبَّ تبارك وتعالى، فَكُن أَمِيني في السَّمَاءِ كَمَا كُنْتَ أَمِيني في الأَرْض» 0
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ المِصِّيصِيّ: «رَأَيْتُ الحَارِثَ بْنَ عَطِيَّةَ في النَّوم، فَسَأَلتُهُ؛ فَقَال: غُفِر لي، قُلْتُ: فَابْنُ المُبَارَك 00؟
قَال: بَخٍ بَخٍ، ذَاكَ في عِلِّيِّين، مِمَّنْ يَلِجُ عَلَى اللهِ جل جلاله كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْن» 0
حَدَّثَ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ عَنْ محَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال: «رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ في النَّومِ فَقُلْتُ: أَيُّ الْعَمْلِ أَفْضَل 00؟
قَال: الأَمْرُ الَّذِي كُنْتُ فِيه؛ قُلْتُ: الرِّبَاطُ وَالجِهَاد 00؟
قَالَ نَعَمْ، قُلْتُ: فَمَا صَنَعَ بِكَ رَبُّك 00؟
قَال: غَفَرَ لي مَغْفِرَةً مَا بَعْدَهَا مَغْفِرَة» 0
وَقَالَ نَوْفَل: «رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ في النَّومِ فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِك 00؟
قَال: غَفَرَ لي بِرِحْلَتي في الحَدِيث، عَلَيْكَ بِالقُرْآن، عَلَيْكَ بِالقُرْآن» 0
حَدَّثَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ السَّوَاقُ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ عَدِيٍّ قَال:
«رَأَيْتُ ابْنَ المُبَارَكِ في النَّوْمِ فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِك 00؟
قَال: غَفَرَ لي بِرِحْلَتي» 0