الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّب
هُوَ الإِمَامُ أَبُو محَمَّدٍ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ بْنِ حَزْنٍ القُرَشِيُّ المَخْزُومِيُّ سَيِّدُ التَّابِعِين، وُلِدَ أَوَاخِرَ سَنَةَ 12 هـ لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِن خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنه، وَقِيلَ لأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنهَا بِالمَدِينَة، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ أَوَاخِرَ 95 هـ 0
حَدَّثَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يحْيىَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: «وُلِدْتُ لِسَنَتَيْنِ مَضَتَا مِن خِلَافَةِ عُمَر» 0
وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ رضي الله عنه عَشْرَ سِنِينَ وَأَرْبَعَةَ أَشْهُر 0
تُوُفِّيَ سَنَةَ 94 هـ، وَقِيلَ 93 هـ، وَقِيلَ 95 هـ 0
وَكَانَ زَوْجَ ابْنَةِ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وَأَعْلَمَ النَّاسِ بِحَدِيثِهِ رضي الله عنه 0
ـ أَشْهَرُ شُيُوخِهِ وَمَنْ سَمِعَ مِنهُمْ أَوْ رَوَى عَنهُمْ:
حَدَّثَ الوَاقِدِيُّ عَن هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّن أَخَذَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ عِلْمَهُ 00؟
فَقَال: عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه، وَجَالَسَ سعْدَاً وَابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهم 0
وَدَخَلَ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنهما 0
وَسَمِعَ مِن عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَصُهَيْبٍ وَمحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَة رضي الله عنهم 0
وَجُلُّ رِوَايَتِهِ المُسْنَدَةِ عَن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ كَانَ زَوْجَ ابْنَتِه 0
وَسَمِعَ مِن أَصْحَابِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهما 0
وَكَانَ يُقَال: لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِكُلِّ مَا قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ رضي الله عنهما مِنهُ» 0
وَبِالإِضَافَةِ إِلىَ هَؤُلَاءِ النُّبَلَاءِ سَمِعَ مِن أَبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه 0
وَرَوَى مُرْسِلاً عَن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَبِلَالٍ وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَأَبي ذرٍّ وَأَبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنهم 0
وَرِوَايَتُهُ عَن عَلِيٍّ وَسَعْدٍ وَعُثْمَانَ وَأَبي مُوسَى وَعَائِشَةَ وَأُمِّ شَرِيكٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو وَأَبي سَعِيدٍ
وَأَبيهِ المُسَيَّبِ رضي الله عنهم في «الصَّحِيحَيْنِ»
وَعَن حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَمَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وَمُعَاوِيَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنهم في «مُسْلِم»
وَرِوَايَتُهُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما وَغَيْرِهِمَا في «البُخَارِيِّ» 0
وَرِوَايَتُهُ عَن عُمَرَ في «السُّنَنِ الأَرْبَعَة» 0
وَأَرْسَلَ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَن أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه 0
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيّ: «مَرَاسِيلُ سَعِيدٍ مُحْتَجٌّ بِهَا» 0
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل: «مُرْسَلَاتُ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ صِحَاح» 0
حَدَّثَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّاز عَنِ الإِمَامِ مَالِكٍ رحمه الله أَنَّهُ قَال:
ـ أَشْهَرُ تَلَامِذَتِه:
رَوَى عَنهُ خَلْقٌ كَثِير: مِنهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَة، وَعَبْدُ الكَرِيمِ الجَزَرِيّ، وَعَطَاءٌ الخُرَاسَانيّ، وَعُقْبَةُ بْنُ حُرَيْث، وَعَلِيُّ بْنُ جُدْعَان، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْب، وَعَمْرُو بْنُ دِينَار، وَقَتَادَة، وَمحَمَّدُ بْنُ صَفْوَان، وَمحَمَّدُ الْبَاقِر، وَالزُّهْرِيّ، وَابْنُ المُنْكَدِر، وَمَعْبَدُ بْنُ هُرْمُز، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَان، وَيحْيىَ بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيّ 0
وَكَانَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ مِمَّنْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ في الْعِلْمِ وَالعَمَل 0
ـ قَالُواْ عَنِ عِلْمِهِ:
وَقَالَ عَنهُ قَتَادَةُ وَمَكْحُولٌ وَالزُّهْرِيُّ وَآخَرُونَ وَاللَّفْظُ لِقَتَادَة:
«مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ مِنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّب» 0
قَال عَنهُ مَكْحُول: «سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ عَالِمُ العُلَمَاء» 0
وَقَال مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَان: «أَتَيْتُ المَدِينَةَ فَسَأَلْتُ عَن أَفْقَهِ أَهْلِهَا؛ فَدُفِعْتُ إِلىَ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه» 0
قَالَ عَنهُ عَلِيُّ بْنُ المَدِينِيّ [شَيْخُ الإِمَامِ البُخَارِيّ]:
ـ قَالُواْ عَنْ فِقْهِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى الإِفْتَاء:
قَالَ عَنهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنه: «هُوَ وَاللهِ أَحَدُ المُفْتِين» 0
وَعَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ قَال: «كَانَ ابْنُ المُسَيَّبِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ يُفْتي وَالصَّحَابَةُ أَحْيَاء»
وَعَنْ محَمَّدِ بْنِ يحْيىَ بْنِ حَبَّانَ قَال:
وَحَدَّثَ مَعْنُ بْنُ عِيسَى الْقَزَّاز عَنِ الإِمَامِ مَالِكٍ رحمه الله أَنَّهُ قَال:
ـ وَرَعُهُ وَتَقْوَاه، وَعِبَادَتُهُ لله:
حَدَّثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَة عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال: «مَا فَاتَتْني الصَّلَاةُ في جَمَاعَةٍ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَة» 0
حَدَّثَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَن عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«مَا أَذَّنَ المُؤَذِّنُ مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَة؛ إِلَاَّ وَأَنَا في المَسْجِد» 0
[قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ في سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاء: إِسْنَادُهُ ثَابِت 0 طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَة 0 ص: 222/ 4]
حَدَّثَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَة عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«حَجَجْتُ أَرْبَعِينَ حِجَّة» 0
وَحَدَّثَ سَلَاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ عَن عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَال:
«كَانَ لِسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ في بَيْتِ المَالِ بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَاً عَطَاؤُه، وَكَانَ يُدْعَى إِلَيْهَا فَيَأْبَى وَيَقُول: لَا حَاجَةَ لي فِيهَا حَتىَّ يحْكُمَ اللهُ
بَيْني وَبَيْنَ بَني مَرْوَان» 0
حَدَّثَ الإِمَامُ مَالِكٌ عَنْ يحْيىَ بْنِ سَعِيدٍ قَال:
«سُئِلَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ عَن آيَةٍ فَقَال: لَا أَقُولُ في القُرْآنِ شَيْئَاً» 0
وَلِهَذَا قَلَّ مَا نُقِل عَنهُ في التَّفْسِير 0
ـ صَبرُهُ وَجَلَدُهُ وَثَبَاتُهُ عَلَى رَأْيِهِ وَإِن أُوذِيَ في الله:
رَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ أَنَّ جَابِرَ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيَّ عَامِلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى المَدِينَةِ بَاعَدَ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ في الآخِرَةِ ضَرَبَهُ سِتِّينَ سَوْطَاً لِيَأْخُذَ مِنهُ الْبَيْعَةَ
لاِبْنِ الزُّبَير؛ فَأَبىَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَال: لَا، حَتىَّ يَجْتَمِعَ النَّاس؛ فَضُرِبَ سِتِّينَ سَوْطَاً؛ فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ الزُّبَيْر؛ فَكَتَبَ إِلىَ جَابِرٍ يَلُومُهُ وَيَقُول: مَا لَنَا وَلِسَعِيدٍ، دَعْه» 0
وَحَدَّثَ عِمْرَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الخُزَاعِيِّ أَنَّهُ رضي الله عنه ضُرِبَ أَيْضَاً سِتِّينَ سَوْطَاً وَسُجِنَ عَلَى بَيْعَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ وَطِيفَ بِهِ في المَدِينَة، وَضُرِبَ مِاْئَةَ سَوْطٍ عَلَى بَيْعَةِ سُلَيْمَانَ وَالْوَلِيد 0
وَقَالَ أَبُو المَلِيحِ الرَّقِّيّ: «حَدَّثَني غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ عَبْدَ المَلِكِ ضَرَبَ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ خَمْسِينَ سَوْطَاً، وَأَقَامَهُ بِالحَرَّةِ وَأَلْبَسَهُ تُبَّانَ شَعْر» 0
الحَرَّة: هِيَ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سَوْدَاءَ عَلَى بُعْدِ لَيْلَتَينِ مِنَ المَدِينَةِ بِالدَّابَّةِ المُسْرِعَة {لِسَانُ الْعَرَب}
وَالتُّبَّان: سِرْوَالٌ صغيرٌ مِقْدَارُ شِبْرٍ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ المُغَلَّظَةَ فَقَطْ 0 {لِسَانُ الْعَرَب}
حَدَّثَ أَبُو عَاصِمٍ النَّبيلُ عَن أَبي يُونُسَ أَنَّهُ قَال:
«دَخَلْتُ مَسْجِدَ المَدِينَة؛ فَإِذَا سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ جَالِسٌ وَحْدَه؛ فَقُلْتُ: مَا شَأْنُه 00؟
قِيل: نُهِيَ أَنْ يُجَالِسَهُ أَحَد» 0
حَدَّثَ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«جَلَدُوني، وَمَنَعُواْ النَّاسَ أَنْ يُجَالِسُوني» 0
وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ حَدَّثَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَنَّهُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قِيلَ لَهُ ادْعُ عَلَى بَني أُمَيَّةَ فَلَمْ يَدْعُ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا دَعَا بِالْعِزَّةِ لِلدِّين، وَبِالْعَافِيَةِ لِلْمُسْلِمِين 0
ـ نُبْلُهُ وَعَقْلُهُ وَتَيْسِيرُهُ في تَزْوِيجِ ابْنَتِه، وَكَانَتْ فَرِيدَةً في زَمَانِهَا:
حَدَّثَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلَ رحمه الله عَنِ الحَسَنِ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ رَبيعَةَ عَن إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الكِنَانيِّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ زَوَّجَ ابْنَتَهُ بِدِرْهَمَيْن» 0
حَدَّثَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ مُسْلِمٍ الزَّنْجِيِّ عَنْ يَسَارِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَةً لَهُ عَلَى دِرْهَمَيْنِ مِنِ ابْنِ أَخِيه» 0
حَدَّثَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبي دَاوُدَ قَال:
«كَانَتْ بِنْتُ سَعِيدٍ قَدْ خَطَبَهَا عَبْدُ المَلِكِ لاِبْنِهِ الوَلِيدِ فَأَبَى عَلَيْه؛ فَلَمْ يَزَلْ يحْتَالُ عَبْدُ المَلِكِ عَلَيْهِ حَتىَّ ضَرَبَهُ مِاْئَةَ سَوْطٍ في يَوْمٍ بَارِد، وَصَبَّ عَلَيْهِ جَرَّةَ مَاءٍ وَأَلْبَسَهُ جُبَّةَ صُوف 0
ثُمَّ قَال: حَدَّثَني أَحْمَدُ ابْنُ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْب، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ وَهْب، عَن عَطَّافِ بْنِ خَالِد، عَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَة، عَنِ ابْنِ أَبي وَدَاعَةَ [اسْمُهُ كَثِيرٌ] قَال:
كُنْتُ أُجَالِسُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه، فَفَقَدَني أَيَّامَاً، فَلَمَّا جِئْتُهُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قَال: أَيْنَ كُنْت؟
قُلْت: تُوُفِّيَتْ أَهْلِي فَاشْتَغَلْتُ بِهَا؛ فَقَال: أَلَا أَخْبَرْتَنَا فَشَهِدْنَاهَا 00؟
ثُمَّ قَال: هَلِ اسْتَحْدَثْتَ امْرَأَةً 00؟
فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ الله، وَمَنْ يُزَوِّجُني وَمَا أَمْلِكُ إِلَاَّ دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَة 00؟
قَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: أَنَا؛ فَقُلْتُ: وَتَفْعَل 00؟
قَالَ نَعَمْ، ثُمَّ تَحَمَّدَ وَصَلَّى عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَزَوَّجَني عَلَى دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَة؛ فَقُمْتُ وَمَا أَدْرِي مَا أَصْنَعُ مِنَ الفَرَح، فَصِرْتُ إِلىَ مَنْزِلي وَجَعَلْتُ أَتَفَكَّرُ فِيمَن أَسْتدِين، فَصَلَّيْتُ المَغْرِبَ وَرَجَعْتُ إِلىَ مَنْزِلِي وَكُنْتُ وَحْدِي صَائِمَاً؛ فَقَدَّمْتُ عَشَائِي أُفْطِرُ وَكَانَ خُبْزَاً وَزَيْتَاً، فَإِذَا بَابي يُقْرَع؛ فَقُلْتُ: مَن هَذَا 00؟
فَقَالَ سَعِيد؛ فَأَفْكَرْتُ في كُلِّ مَنِ اسْمُهُ سَعِيدٌ إِلَاَّ ابْنَ المُسَيَّب؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً إِلَاَّ بَيْنَ بَيْتِهِ وَالمَسْجِد؛ فَخَرَجْتُ فَإِذَا سَعِيدٌ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه؛ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ بَدَا لَه؛ فَقُلْتُ: يَا أَبَا محَمَّد؛ أَلَا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَك 00؟
قَالَ لَا، أَنْتَ أَحَقُّ أَنْ تُؤْتَى، إِنَّكَ كُنْتَ رَجُلاً عَزَبَاً فَتَزَوَّجْت؛ فَكَرِهْتُ أَنْ تَبِيتَ اللَّيْلَةَ وَحْدَك، وَهَذِهِ امْرَأَتُك 00 فَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ مِن خَلْفِهِ في طُولِهِ، ثمَّ أَخَذَ بيَدِهَا
فَدَفَعَهَا في البَابِ وَرَدَّ البَاب؛ فَسَقَطَتِ المَرْأَةُ مِنَ الحِيَاء؛ فَاسْتَوْثَقْتُ مِنَ البَابِ ثمَّ وَضَعْتُ القَصْعَةَ في ظِلِّ السِّرَاجِ لَكِي لَا تَرَاهُ ـ أَيْ وَضَعَ قَصْعَةَ الزَّيْتِ وَالخُبزَ في خَيَالِ قَاعِدَةِ السِّرَاجِ كَيْ لَا تَرَاهُ فَتَجْزَعُ لِشَظَفِ عَيْشِي وَتَوَاضُعِ طَعَامِي ـ ثُمَّ صَعِدْتُ السَّطْحَ فَرَمَيْتُ الجِيرَان، فَجَاؤُوني فَقَالُواْ: مَا شَأْنُك 00؟
فَأَخْبَرْتُهُمْ وَنَزَلُواْ إِلَيْهَا، وَبَلَغَ أُمِّي فَجَاءتْ وَقَالَتْ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِنْ مَسَسْتَهَا قَبْلَ أَن أُصْلِحَهَا إِلىَ ثَلَاثَةِ أَيَّام [وَفي رِوَايَةٍ: وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِن أَفْضَيْتَ إِلَيْهَا حَتىَّ أَصْنَعَ بِهَا صَالِحَ مَا يُصْنَعُ بِنِسَاءِ قُرَيْش] فَأَقَمْتُ ثَلَاثَاً ثمَّ دَخَلْتُ بهَا، فَإِذَا هِيَ مِن أَجْمَلِ النَّاسِ وَأَحْفَظِ النَّاسِ لِكِتَابِ اللهِ عز وجل، وَأَعْلَمِهِمْ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَعْرَفِهِمْ بِحَقِّ الزَّوْج، فَمَكَثْتُ
شَهْرَاً لَا آتي سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّب، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَهُوَ في حَلْقَتِهِ، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ وَلَمْ يُكَلِّمْني حَتىَّ تَقَوَّضَ المَجْلِس، فَلَمَّا لَمْ يَبْقَ غَيْرِي قَال: مَا حَالُ ذَلِكَ الإِنْسَان 00؟
قُلْتُ: خَيْرٌ يَا أَبَا محَمَّد 00 عَلَى مَا يُحِبُّ الصَّدِيقُ وَيَكْرَهُ العَدُوّ 0
قَال: إِنْ رَابَكَ شَيْءٌ فَالْعَصَا، فَانْصَرَفْتُ إِلىَ مَنْزِلي، فَوَجَّهَ إِلَيَّ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَم» 0
لَكَ اللهُ يَا أَبَا وَدَاعَة 00 يَبْدُو أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْعَابِدِين؛ فَأَبىَ اللهُ إِلَاّ أَنْ يَجْمَعَ لَهُ الجَمَالَ وَالمَالَ وَالحَسَبَ وَالدِّين، إِنَّكَ لَذُو حَظٍّ عَظِيم 00!!
عَسَى رَبُّنَا أَنْ يَرْزُقَنَا خَيْرَاً مِنهَا إِنَّا إِلى رَبِّنَا رَاغِبُون 00
أَلَا فَلْيَتَعَلَّمِ الآبَاءُ كَيْفَ يَتَخَيَّرُونَ لِنُطَفِهِمْ؛ فَرَحِمَ اللهُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبَ لِمَا فَعَلَهُ مَعَ أَبي وَدَاعَة؛ فَمَا أَنْبَلَهُ وَأَكْرَمَ طِبَاعَه، اللَّهُمَّ أَعِدَّ لَهُ مِنَ الْكَرَامَة؛ مَا لَا يَحْلُمُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَة 0
ـ مَعْرِفَتُهُ بِتَعْبِيرِ الرُّؤَى وَتَأْوِيلِ الأَحَادِيث:
ثمَّ سَاقَ الوَاقِدِيُّ عِدَّةَ مَنَامَاتٍ ذَكَرَهَا عَنهُ ابْنُ سَعْدٍ في «الطَّبَقَاتِ» مِنهَا:
حَدَّثَ مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنِ الوَلِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُسَافِعٍ عَن عُمَرَ بْنِ حَبيبِ بْنِ قُلَيْعٍ قَال:
«كُنْتُ جَالِسَاً عِنْد سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ يَوْمَاً وَقَدْ ضَاقَتْ بيَ الأَشْيَاءُ وَرَهِقَني دَيْن، فَجَاءهُ رَجُلٌ فَقَال: رَأَيْتُ كَأَنيِّ أَخَذْتُ عَبْدَ المَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ فَأَضْجَعْتُهُ إِلىَ الأَرْضِ وَبَطَحْتُهُ؛ فَأَوْتَدْتُ في ظَهْرِهِ أَرْبَعَةَ أَوْتَاد؛ قَال: مَا أَنْتَ رَأَيْتَهَا، قَالَ بَلَى، قَال: لَا أُخْبِرُكَ أَوْ تُخْبِرَني 0
قَال: ابْنُ الزُّبَيْرِ رَآهَا وَهُوَ بَعَثَني إِلَيْك 0
قَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاه؛ قَتَلَهُ عَبْدُ المَلِك، وَخَرَجَ مِنْ صُلْبِ عَبْدِ المَلِكِ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ يَكُونُ خَلِيفَة؛ فَرَحلْتُ إِلىَ عَبْدِ المَلِكِ بِالشَّامِ فَأَخْبَرْتُهُ؛ فَسُرَّ وَسَأَلَني عَنْ سَعِيدٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَن حَالِهِ؛ فَأَخْبَرْتُهُ، وَأَمَرَ بِقَضَاءِ دَيْني وَأَصَبْتُ مِنهُ خَيْرَاً» 0
حَدَّثَ الحَكَمُ بْنُ القَاسِمِ عَن إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبي حَكِيمٍ قَال:
قَالَ رَجُل: رَأَيْتُ كَأَنَّ عَبْدَ المَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ يَبُولُ في قِبْلَةِ مَسْجِدِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ مِرَارٍ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ فَقَال: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاك: قَامَ فِيهِ مِنْ صُلْبِهِ أَرْبَعَةُ خُلَفَاء» 0
وَحَدَّثَ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَفْصٍ عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبي نَمِرٍ قَال: «قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّب: رَأَيْتُ كَأَنَّ أَسْنَاني سَقَطَتْ في يَدِي ثُمَّ دَفَنْتُهَا؛ فَقَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاك: دَفَنْتَ أَسْنَانَكَ مِن أَهْلِ بَيْتِك» 0
أَيْ أَكَابِرَهُمْ سِنَّاً 0
وَحَدَّثَ ابْنُ أَبي ذِئْبٍ عَنْ مُسْلِمٍ الحَنَّاطِ قَال:
وَحَدَّثَ ابْنُ أَبي ذِئْبٍ عَنْ مُسْلِمٍ الحَنَّاطِ أَيْضَاً قَال:
وَحَدَّثَ ابْنُ أَبي ذِئْبٍ عَنْ مُسْلِمٍ الحَنَّاطِ أَيْضَاً عَنهُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«الكَبْلُ في النَّوْمِ ثَبَاتٌ في الدِّين» 0
وَحَدَّثَ ابْنُ أَبي ذِئْبٍ عَنْ مُسْلِمٍ الحَنَّاطِ أَيْضَاً عَنهُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: يَا أَبَا محَمَّد؛ رَأَيْتُ كَأَنيِّ في الظِّلِ فَقُمْتُ إِلىَ الشَّمْس؛ فَقَال: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ لَتَخْرُجَنَّ مِنَ الإِسْلَام؛ قَال: يَا أَبَا محَمَّد، إِنيِّ أَرَاني أُخْرِجْتُ حَتىَّ أُدْخِلْتُ في الشَّمْسِ فَجَلَسْت؛ قَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: تُكْرَهُ عَلَى الكُفْر، فَأُسِرَ
وَأُكْرِهَ عَلَى الكُفْر، ثُمَّ رَجَعَ فَكَانَ يُخْبِرُ بِهَذَا بِالمَدِينَة» 0
وَحَدَّثَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَن عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السَّائِبِ قَال:
قُدَيْد: مَوْضِعٌ بَينَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ عَلَى سَاحِلِ البَحْر 0
وَحَدَّثَ صَالِحُ بْنُ خَوَّاتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«آخِرُ الرُّؤْيَا: أَرْبَعُونَ سَنَة» 00 يَعْني: أَقْصَى مُدَّةٍ لِوُقُوعِهَا 0
وَحَدَّثَ سَلَاَّمُ بْنُ مِسْكِينٍ عَن عِمْرَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَال:
«رَأَى الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ كَأَنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ: «قُلْ هُوَ اللهُ أَحَد»
فَاسْتَبْشَرَ بِهِ وَأَهْلُ بَيْتِه، فَقَصُّوهَا عَلَى سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ فَقَال: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاهُ فَقَلَّمَا بَقِيَ مِن أَجَلِه؛ فَمَاتَ بَعْدَ أَيَّام» 0
ـ مِن أَقْوَالِ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ:
مِن أَقْوَالِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قَوْلُه: «مَنِ اسْتَغْنىَ بِاللهِ افْتَقَرَ النَّاسُ إِلَيْه» 0
وَحَدَّثَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَن عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنهُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«مَا أَيِسَ الشَّيْطَانُ مِنْ شَيْءٍ إِلَاَّ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ النِّسَاء» 0
وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة: «قَالَ لَنَا سَعِيدٌ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَثَمَانيْنَ سَنَةً وَقَدْ ذَهَبَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ وَهُوَ يَعْشُو بِالأُخْرَى: مَا شَيْءٌ أَخَوْفُ عِنْدِي مِنَ النِّسَاء» 0
حَدَّثَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَن عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَال: «قَالَ لي سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: قُلْ لِقَائِدِكَ يَقُومُ فَيَنْظُرُ إِلىَ وَجْهِ هَذَا الرَّجُلِ وَإِلىَ جَسَدِه؛ فَقَامَ وَجَاءَ فَقَال: رَأَيْتُ وَجْهَ زِنْجِيٍّ [أَيْ وَجْهَاً أَسْوَد] وَجَسَدُهُ أَبْيَض؛ فَقَالَ سَعِيدٌ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: إِنَّ هَذَا سَبَّ هَؤُلَاء: طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَلِيَّاً رضي الله عنهم، فَنَهَيْتُهُ فَأَبَى؛ فَدَعَوْتُ اللهَ عَلَيْه، قُلْتُ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبَاً فَسَوَّدَ اللهُ وَجْهَك؛ فَخَرَجَتْ بِوَجْهِهِ قُرْحَةٌ فَاسْوَدَّ وَجْهُه» 0