الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاض
هُوَ الإِمَامُ الْقُدْوَةُ الثَّبْتُ الزَّاهِدُ الْعَابِدُ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ بِشْرٍ التَّمِيمِيُّ الخُرَاسَانيّ
وُلِدَ: بِسَمَرْقَنْدَ، وَنَشَأَ بِأَبِيوَرْد، وَارْتَحَلَ في طَلَبِ الْعِلْم 0
وُلِدَ سَنَةَ 107 هـ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 187 هـ 0
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «كَانَ يَعِيشُ مِنْ صِلَةِ ابْنِ المُبَارَكِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَنَحْوِهِ مِن أَهْلِ الخَيْر، وَيَمْتَنِعُ مِنْ جَوَائِزِ المُلُوك» 0
ـ أَشْهَرُ شُيُوخِهِ:
حَدَّثَ عَنْ شُيُوخِ الكُوفَةِ كَمَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِب، وَصَفْوَانَ بْنِ سُلَيْم، وَأَبي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانيّ، وَيحْيىَ بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيّ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّان، وَابْنِ أَبي لَيْلَى، وَمُجَالِد، وَجَعْفَرٍ الصَّادِق، وَحُمَيْدٍ الطَّوِيل، وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَالحِجَازِيِّين 0
ـ أَشْهَرُ تَلَامِذَتِه:
حَدَّثَ عَنهُ ابْنُ المُبَارَك، وَيحْيىَ بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّان، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيّ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة، وَالأَصْمَعِيّ، وَعَبْدُ الرَّزَّاق، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيّ، وَالشَّافِعِيّ، وَأَحْمَدُ بْنُ يُونُس، وَيحْيىَ بْنُ يحْيىَ التَّمِيمِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب، وَمُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَد، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، وَبِشْرٌ الحَافِي، وَالسَّرِيُّ السَّقَطِيّ، وَأَحْمَدُ بْنُ المِقْدَام، وَالحُمَيْدِيّ، وَعَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَرْدَوَيْه، وَابْنُ قُدَامَةَ المِصِّيصِيّ، وَخَلْقٌ كَثِير 0
ـ قَالُواْ عَنْ تَوْثِيقِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: قَالَ عَنهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْعِجْلِيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «كُوفِيٌّ ثِقَة، رَجُلٌ صَالِحٌ مُتَعَبِّد» 0
وَقَالَ عَنهُ أَبُو حَاتِمٍ الرَِّازِي: «صَدُوق» 0
وَقَالَ عَنهُ الدَّارَقُطْنيّ: «ثِقَة» 0
وَقَالَ عَنهُ الإِمَامُ النَّسَائِيّ: «ثِقَةٌ مَأْمُون، رَجُلٌ صَالِح» 0
حَدَّثَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ محَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَال: «فُضَيْلٌ ثِقَة»
ـ تَقْدِيرُ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ لَهُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْعَث:
«رَأَيْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يُقَبِّلُ يَدَ الْفُضَيْلِ مَرَّتَيْن» 0
ـ ثَنَاءُ الأَئِمَّهِ عَلَيْه، وَتَوْثِيقُهُمْ لَه:
قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْل: «سَمِعْتُ الرَّشِيدَ يَقُول:
«مَا رَأَيْتُ في الْعُلَمَاءِ أَهْيَبَ مِنْ مَالِك، وَلَا أَوْرَعَ مِنَ الْفُضَيْل» 0
حَدَّثَ أَحْمَدُ بْنُ أَبي الحَوَارِيِّ عَنِ الهَيْثَمِ بْنِ جَمِيلٍ عَنْ شَرِيكٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال: «لَمْ يَزَلْ لِكُلِّ قَوْمٍ حُجَّةٌ في أَهْلِ زَمَانِهِمْ، وَإِنَّ فُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ حُجَّةٌ لأَهْلِ زَمَانِه» 0
ـ ثَنَاءُ عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رحمه الله عَلَيْه:
حَدَّثَ أَبُو وَهْبٍ محَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال: «رَأَيْتُ أَعَبْدَ النَّاسِ: عَبْدَ الْعَزِيز بْنَ أَبي رَوَّاد، وَأَورَعَ النَّاسِ: الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاض» 0
حَدَّثَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَمَّاسٍ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«مَا بَقِيَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ عِنْدِي أَفْضَلُ مِنَ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاض» 0
حَدَّثَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ الصَّائِغُ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال: «إِنَّ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ صَدَقَ اللهَ جَلَّ وَعَلَا؛ فَأَجْرَى الحِكْمَةَ عَلَى لِسَانِه» 0
حَدَّثَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَفَّانَ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال: «مَا بَقِيَ في الحِجَازِ أَحَدٌ مِنَ الأَبْدَالِ إِلَاَّ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، وَابْنُهُ عَلِيّ»
ـ قَالُواْ عَنْ تَوَاضُعِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
حَدَّثَ الحُسَيْنُ بْنُ زِيَادٍ المَرْوَزِيُّ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رحمه الله أَنَّهُ قَال:
«لَوْ حَلَفْتُ أَنيِّ مُرَاءٍ، كَانَ أَيْسَرَ عِنْدِي مِن أَن أَحْلِفَ أَنيِّ لَسْتُ بِمُرَاءٍ»
ـ قَالُواْ عَنْ صَلَاحِهِ وَتَقْوَاه، وَخُشُوعِهِ في الصَّلَاة، وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ لله:
حَدَّثَ المُفَضَّلُ الجَنَدِيُّ عَن إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَال: «مَا رَأَيْتُ أَحَدَاً أَخَوْفَ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَا أَرْجَى لِلنَّاسِ مِنَ الْفُضَيْل؛ كَانَتْ قِرَاءتُهُ حَزِينَةً شَهِيَّة، بَطِيئَةً مُتَرسِّلَة، كَأَنَّهُ يُخَاطِبُ إِنْسَانَاً، وَكَانَ إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا ذِكْرُ الجَنَّة: يُرَدِّدُ فِيهَا، وَسَأَل، وَكَانَ أَكْثَرُ صَلَاتِهِ بِاللَّيْلِ قَاعِدَاً، يُلْقَى لَهُ الحَصِيرُ في مَسْجِدِهِ، فَيُصَلِّي في أَوَّلِ اللَّيْلِ سَاعَةً، ثمَّ تَغْلِبُهُ عَيْنُه؛ فَيُلْقِي نَفْسَهُ عَلَى الحَصِيرِ فَيَنَامُ قَلِيلاً، ثمَّ يَقُوم، فَإِذَا غَلَبَهُ النَّوْمُ نَامَ قَلِيلاً، ثمَّ يَقُوم 00 هَكَذَا حَتىَّ يُصْبِح» 0
ـ قَالُواْ عَنِ خُشُوعِهِ وَبُكَائِهِ مِن خَشْيَةِ الله:
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ سَهْلُ بْنُ رَاهَوَيْه: «قُلْتُ لِسُفْيَانَ ِبْنِ عُيَيْنَة: أَلَا تَرَى إِلىَ الْفُضَيْلِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ لَا تَكَادُ تَجِفُّ لَهُ دَمْعَة 00؟
قَالَ سُفْيَانُ ِبْنُ عُيَيْنَة: إِذَا قَرِحَ الْقَلْب: نَدِيَتِ الْعَيْنَان» 0
ـ مَوَاعِظُهُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ لِطَلَبَةِ الحَدِيث:
رَأَى الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قَوْمَاً مِن أَصْحَابِ الحَدِيثِ يَمْزَحُونَ وَيَضْحَكُون؛ فَنَادَاهُمْ: مَهْلاً يَا وَرثَةَ الأَنْبيَاءِ مَهْلاً؛ إِنَّكُمْ أَئِمَّةٌ يُقْتَدَى بِكُمْ» 0
حَدَّثَ المُفَضَّلُ الجَنَدِيُّ عَن إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْفُضَيْلِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ لَه: «لَوْ أَنَّكَ طَلَبتَ مِنيِّ الدَّنَانيرَ، كَانَ أَيْسَرَ عَلَيَّ مِن أَنْ تَطلُبَ مِنيِّ الحَدِيث؛ فَقُلْتُ: لَوْ حَدَّثْتَني بِأَحَادِيثَ فَوَائِدَ لَيْسَتْ عِنْدِي، كَانَ أَحَبَّ إِليَّ مِن أَنْ تهَبَ لي عَدَدَهَا دَنَانِير؛ قَالَ: إِنَّكَ مَفْتُون،
وَاللهِ لَوْ عَمِلْتَ بمَا سَمِعْتَ لَكَانَ لَكَ في ذَلِكَ شُغُلٌ عَمَّا لم تَسْمَعْ؛ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ مِهْرَانَ يَقُول: إِذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْكَ طَعَامٌ تَأْكُلُه، فَتَأْخُذُ اللُّقمَةَ، فَتَرْمِي بِهَا خَلْفَ ظَهْرِكَ، مَتىَ تَشْبَع» 00؟
ـ مَوَاعِظُهُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ لِلدُّعَاةِ وَالْعُلَمَاء:
حَدَّثَ أَحْمَدُ بْنُ أَبي الحَوَارِيِّ عَن أَبي عَبْدِ اللهِ الأَنْطَاكِيِّ قَال:
«اجْتَمَعَ الْفُضَيْلُ وَالثَّوْرِيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمَا فَتَذَاكَرَا؛ فَرَقَّ سُفْيَانُ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ وَبَكَى، ثُمَّ قَال:
أَرْجُو أَنْ يَكُونَ هَذَا المَجْلِسُ عَلَيْنَا رَحْمَةً وَبَرَكَةً؛ فَقَالَ لَهُ الْفُضَيْل: لَكِنيِّ يَا أَبَا عَبْدِ الله؛ أَخَافُ أَنْ لَا يَكُونَ أَضَرَّ
عَلَيْنَا مِنهُ؛ أَلَسْتَ تَخَلَّصْتَ إِلىَ أَحْسَنِ حَدِيثِكَ، وَتَخَلَّصْتُ أَنَا إِلىَ أَحْسَنِ حَدِيثِي 00 فَتَزَيَّنْتَ لي وَتَزَيَّنْتُ لَك 00؟
فَبَكَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَال: أَحْيَيْتَني أَحْيَاكَ الله» 0
حَدَّثَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ عَن عَلِيِّ بْنِ الحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ قَال:
«بَلَغَ الْفُضَيْلَ أَنَّ حَرِيزَاً يُرِيدُ أَنْ يَأْتِيَهُ؛ فَأَقفَلَ الْبَابَ مِن خَارِج؛ فَجَاءَ فَرَأَى الْبَابَ مُقْفَلاً؛ فَرَجَعَ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: حَرِيز؛ قَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
مَا يَصْنَعُ بي؛ يُظْهِرُ لي مَحَاسِنَ كَلَامِهِ، وَأُظْهِرُ لَهُ مَحَاسِنَ كَلَامِي؛ فَلَا يَتَزَيَّنُ لي وَلَا أَتَزَيَّنُ لَهُ خَيْرٌ لَنَا جَمِيعَاً» 00!!
وَذَلِكَ أَنَّ قُطُوفَ المَوَاعِظِ لَيْسَتْ فَاكِهَةً تُلْقِيهَا لِلنَّاسِ في محَاضَرَة، وَلَكِنَّهَا تَذْكِرَة، وَزَادٌ إِلىَ الآخِرَة
ـ مَوَاعِظُهُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ لِلْخَلِيفَةِ هَارُونَ الرَّشِيد:
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الجَوْهَرِيُّ عَنِ الخَلِيفَةِ المَأْمُونِ أَنَّهُ قَالَ له: «قَالَ لي الرَّشِيد:
حَدَّثَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ عَنْ محَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْبَارِيِّ عَنِ الْفُضَيْلِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«لَمَّا قَدِمَ هَارُونُ الرَّشِيدِ إِلىَ مَكَّة: قَعَدَ في الحِجْرِ هُوَ وَوَلَدُهُ وَقَوْمٌ مِنَ الهَاشِمِيِّين، وَأَحضَرُواْ المَشَايِخ، فَبَعَثَوْاْ إِلَيَّ؛ فَأَرَدْتُ أَنْ لَا أَذهَب
؛ فَاسْتَشَرْتُ جَارِي فَقَال: اذْهبْ؛ لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ تَعِظَه، فَدَخَلْتُ المَسْجِدَ فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه؛ فَرَدَّ عَلَيَّ، وَقَالَ اقعُدْ، ثمَّ قَال: إِنَّمَا دَعَونَاكَ لِتُحَدِّثنَا بِشَيْءٍ وَتَعِظَنَا؛ فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا حَسَنَ الْوَجْه، حِسَابُ الخَلْقِ كُلِّهُمْ عَلَيْك؛ فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَشْهَق، فَرَدَّدْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْكِي، حَتىَّ جَاءَ الخَدَمُ فَحَمَلُوني وَأَخْرَجُوني، وَقَال: اذْهَبْ بِسَلَام» 0
حَدَّثَ محَمَّدُ بْنُ سَعْدَانَ الحَرَّانيُّ عَن أَبي عُمَرَ النَّحْوِيِّ الجَرْمِيِّ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ قَال:
«حَجَّ الخَلِيفَةُ هَارُونُ الرَّشِيدُ فَقَالَ لي: وَيْحَكَ قَدْ حَكَّ في نَفْسِي شَيْءٌ، فَانْظُرْ لي رَجُلاً أَسْأَلُه؟
فَقُلْتُ: هَا هُنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة؛ فَقَال: امْضِ بِنَا إِلَيْه، فَأَتَيْنَاه، فَقَرَعْتُ بَابَهُ فَقَال: مَنْ ذَا؟
فَقُلْتُ: أَجِبْ أَمِيرَ المُؤْمِنِين؛ فَخَرَجَ مُسْرِعَاً فَقَال: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ لَوْ أَرْسَلتَ إِلَيَّ، أَتَيْتُك 0
فَحَكَى لَهُ الرَّشِيدُ عَمَّا أَقْدَمَه؛ فَحَدَّثَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة سَاعَةً، ثُمَّ سَأَلَهُ الرَّشِيد: عَلَيْكَ دَين؟
قَالَ نَعَمْ؛ فَقَالَ لي: اقْضِ دَيْنَه، فَلَمَّا خَرَجْنَا قَال: مَا أَغْنىَ عَنيِّ صَاحِبُكَ شَيْئَاً؛ قُلْتُ: هَا هُنَا عَبْدُ الرَّزَّاق؛ قَال: امْضِ بِنَا إِلَيْه؛ فَأَتَيْنَاه، فَقَرَعْتُ الْبَاب؛ فَخَرَجَ وَحَادَثَه سَاعَةً، ثمَّ قَالَ لَهُ:
عَلَيْكَ دَين 00؟
قَالَ نَعَمْ؛ قَال: أَبَا عَبَّاسٍ؛ اقْضِ دَيْنَه، فَلَمَّا خَرَجْنَا قَال: مَا أَغْنىَ عَنيِّ صَاحِبُك شَيْئَاً؛ انْظُرْ لي رَجُلاً أَسْأَلُه؛ قُلْتُ: هَا هُنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاض؛ قَال: امْضِ بِنَا إِلَيْه؛ فَأَتَيْنَاه، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَتْلُو آيَةً يُرَدِّدُهَا؛ فَقَال: اقْرَعِ الْبَاب؛ فَقَرَعْتُ؛ فَقَال: مَن هَذَا 00؟
قُلْتُ: أَجِبْ أَمِيرَ المُؤْمِنِين 0
قَال: مَا لي وَلأَمِيرِ المُؤْمِنِين 00؟
قُلْتُ: سُبْحَانَ الله؛ أَمَا عَلَيْكَ طَاعَة 00؟ [أَيْ أَيْنَ مَا أَوْجَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ مِنْ طَاعَةِ أُوْلي الأَمْر]
فَنَزَلَ فَفَتَحَ الْبَاب، ثُمَّ ارْتَقَى إِلىَ الْغُرفَةِ فَأَطْفَأَ السِّرَاج، ثُمَّ الْتَجَأَ إِلىَ زَاوِيَةٍ؛ فَدَخَلْنَا؛ فَجَعَلْنَا نَجُولُ عَلَيْهِ بِأَيْدِينَا، فَسَبَقَتْ كَفُّ هَارُونَ إِلَيْهِ قَبْلِي، فَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
يَا لهَا مِنْ كَفٍّ مَا أَلْيَنَهَا إِنْ نجَتْ غَدَاً مِن عَذَابِ الله؛ فَقُلْتُ في نَفْسِي: لَيُكَلِّمَنَّهُ اللَّيْلَةَ بِكَلَامٍ نَقِيّ؛ مِنْ قَلْبٍ تَقِيّ 00 فَحَكَى لَهُ الرَّشِيدُ عَمَّا أَقْدَمَه؛ فَقَالَ لَهُ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
إِنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَظَّمَ اللهُ أَجْرَهُ لَمَّا وَلِيَ الخِلَافَة؛ دَعَا سَالِمَ بْنَ عَبْدِ الله، وَمحَمَّدَ بْنَ كَعْب، وَرَجَاءَ بْنَ حَيْوَة؛ فَقَالَ لَهُمْ:«إِنيِّ قَدِ ابْتُلِيْتُ بِهَذَا الْبَلَاء؛ فَأَشِيرُواْ عَلَيّ» 00؟
فَعَدَّ الخِلَافَةَ بَلَاءً، وَعَدَدْتَهَا أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ نِعمَةً 00!!
فَقَالَ لَهُ سَالِمٌ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: إِن أَرَدْتَ النَّجَاةَ فَصُمِ الدُّنْيَا، وَلْيَكُن إِفْطَارُكَ مِنهَا المَوْت 0
وَقَالَ لَهُ محَمَّدُ بْنُ كَعْب رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: إِن أَرَدْتَ النَّجَاةَ مِن عَذَابِ الله، فَلْيَكُنْ كَبِيرُ المُسْلِمِينَ عِنْدَك أَبَاً، وَأَوْسَطُهُمْ أَخَاً، وَأَصْغَرُهُمْ وَلدَاً؛ فَوَقِّرْ أَبَاكَ وَأَكْرِمْ أَخَاكَ وَتَحَنَّن عَلَى وَلَدِك 0
وَقَالَ لَهُ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: إِن أَرَدْتَ النَّجَاةَ مِن عَذَابِ الله؛ فَأَحِبَّ لِلْمُسْلِمِينَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِك، وَاكْرَهْ لَهُمْ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِك، ثُمَّ مُتْ إِذَا شِئْت 0
وَإِنيِّ أَقُولُ لَكَ هَذَا، وَإِنيِّ أَخَافُ عَلَيْكَ أَشَدَّ الخَوْفِ يَوْمَاً تَزِلُّ فِيهِ الأَقْدَام؛ فَهَلْ مَعَكَ رَحِمَكَ اللهُ مَنْ يُشِيرُ عَلَيْكَ بِمِثْلِ هَذَا 00؟
فَبَكَى بُكَاءً شَدِيدَاً حَتىَّ غُشِيَ عَلَيْه؛ فَقُلْتُ لَهُ: ارْفُقْ بِأَمِيرِ المُؤْمِنِين 00
فَقَال: يَا ابْنَ أُمِّ الرَّبِيع؛ تَقْتُلُهُ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ وَأَرْفُقُ بِهِ أَنَا 0
ثُمَّ أَفَاقَ الرَّشِيدُ فَقَالَ لَهُ زِدْني رَحِمَكَ الله؛ قَال: بَلَغَني أَنَّ عَامِلاً لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ شُكِيَ لَهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: يَا أَخِي؛ أُذَكِّرُكَ طُولَ سَهِرِ أَهْلِ النَّارِ في النَّار، مَعَ خُلُودِ الأَبَد، وَإِيَّاكَ أَنْ يُنْصَرَفَ بِكَ مِن عِنْدِ اللهِ فَيَكُونَ آخِرَ الْعَهدِ وَانقِطَاعَ الرَّجَاء 00 [أَيْ يُؤْمَرُ بِكَ إِلىَ النَّار]
فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ طَوَى الْبِلَادَ حَتىَّ قَدِمَ عَلَيْه؛ فَقَالَ لَهُ عُمَر: مَا أَقْدَمَك 00؟
قَال: خَلَعْتَ قَلْبي بِكِتَابِك، لَا أَعُودُ إِلىَ وِلَايَةٍ حَتىَّ أَلْقَى الله؛ فَبَكَى هَارُونُ بُكَاءً شَدِيدَاً 0
فَقَالَ لَهُ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ إِنَّ الْعَبَّاسَ عَمَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم جَاءَ إِلَيْهِ فَقَال أَمِّرْني؛ فَقَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم:
فَبَكَى هَارُونُ، وَقَال: زِدْني؛ قَالَ لَهُ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: يَا حَسَنَ الْوَجْه؛ أَنْتَ الَّذِي يَسْأَلُكَ اللهُ عَن هَذَا الخَلْقِ يَوْمَ الْقِيَامَة؛ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَقِيَ هَذَا الْوَجْهَ مِنَ النَّارِ فَافْعَلْ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمسِيَ وَفي قَلْبِكَ غِشٌّ لأَحَدٍ مِنْ رَعِيَّتِك، فَإِنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَال:
«مَن أَصْبَحَ لَهُمْ غَاشَّاً، لَمْ يُرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّة» 0
فَبَكَى هَارُونُ الرَّشِيد، ثُمَّ قَالَ لَه: عَلَيْكَ دَين 00؟
قَالَ نَعَمْ: دَينٌ لِرَبيِّ لَمْ يُحَاسِبْني عَلَيْه؛ فَالوَيْلُ لي إِنْ سَاءَلَني، وَالوَيلُ لي إِنْ نَاقَشَني 0
قَال: إِنَّمَا أَعْني مِنْ دَينِ الْعِبَاد 00؟
قَال: إِنَّ رَبِّي لَمْ يَأْمُرْني بِهَذَا، أَمَرَني أَن أَصْدُقَ وَعْدَه، وَأُطِيعَ أَمْرَه، فَقَالَ عز وجل:
(وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَاّ لِيَعْبُدُون {56} مَا أُرِيدُ مِنهُمْ مِن رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُون {57} إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِين ({الذَّارِيَات}
فَقَال: هَذِهِ أَلفُ دِينَار، خُذْهَا فَأَنْفِقْهَا عَلَى عِيَالِك، وَتَقَوَّ بِهَا عَلَى عِبَادَةِ رَبِّك 00
فَقَال: سُبْحَانَ الله 00 أَنَا أَدُلُّكَ عَلَى طَرِيقِ النَّجَاة، وَأَنْتَ تُكَافِئُني بِمِثْلِ هَذَا، سَلَّمَكَ الله،
ثمَّ صَمَتَ، فَلَمْ يُكَلِّمْنَا، فَخَرَجْنَا، فَقَالَ هَارُون: أَبَا عَبَّاس؛ إِذَا دَلَلْتَني فَدُلَّني عَلَى مِثْلِ هَذَا، هَذَا سَيِّدُ المُسْلِمِين، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ فَقَالَتْ: قَدْ تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الضِّيق؛ فَلَو قَبِلْتَ هَذَا المَال 00؟
قَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ: كَمَثَلِ قَوْمٍ لَهُمْ بَعِيرٌ يَأْكُلُونَ مِنْ كَسْبِهِ؛ فَلَمَّا كَبِرَ نحَرُوهُ فَأَكَلُواْ لَحْمَه، فَلَمَّا سَمِعَ هَارُونُ هَذَا الْكَلَامَ قَال: نَدْخُلُ فَعَسَى أَنْ يَقْبَلَ المَال 0
فَلَمَّا عَلِمَ الْفُضَيْلُ خَرَجَ فَجَلَسَ في السَّطحِ عَلَى بَابِ الْغُرفَة [أَيْ لِيَنْظُرَ هَلِ انْصَرَفَا أَمْ سَمِعَاهَا] فَجَاءَ هَارُونُ فَجَلَسَ إِلىَ جَنْبِهِ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُهُ فَلَا يُجِيبُه، فَبَيْنَا نحْنُ كَذَلِكَ إِذْ خَرَجَتْ جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ فَقَالَتْ: يَا هَذَا؛ قَدْ آذَيْتَ الشَّيْخَ مُنْذُ اللَّيْلَة؛ فَانْصَرِفْ؛ فَانْصَرَفْنَا» 0
ـ مِن أَقْوَالِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
حَدَّثَ محَمَّدُ بْنُ عَبْدَوَيْهِ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال: «تَرْكُ الْعَمْلِ مِن أَجْلِ النَّاسِ رِيَاء، وَالعَمْلُ مِن أَجْلِ النَّاسِ شِرْك، وَالإِخْلَاصُ أَنْ يُعَافِيَكَ اللهُ عز وجل مِنهُمَا» 0
قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «لَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ المُتَّقِينَ حَتىَّ يَأْمَنَهُ عَدُوُّه» 0
حَدَّثَ فَيْضُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «بِقَدْرِ مَا يَصْغُرُ الذَّنْبُ عِنْدَك: يَعْظُمُ عِنْدَ اللهِ عز وجل، وَبِقَدْرِ مَا يَعْظُمُ عِنْدَك: يَصغُرُ عِنْدَ الله عز وجل» 0
حَدَّثَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَرْدَوَيْه: عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
حَدَّثَ السَّرِيُّ السَّقْطِيُّ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
حَدَّثَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْعَثِ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
حَدَّثَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْعَثِ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: «لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ حَقِيقَةَ الإِيمَان: حَتىَّ يَعُدَّ الْبَلَاءَ نِعْمَةً، وَالرَّخَاءَ مُصِيبَةً، وَحَتىَّ لَا يُحِبَّ أَنْ يُحْمَدَ عَلَى عِبَادَةِ الله» 0
حَدَّثَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«وَاسَوْأَتَاهُ وَاللهِ مِنْكَ وَإِن عَفَوْت» 0
حَدَّثَ محَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَقِيقٍ عَن أَبي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ عَنِ الْفُضَيْلِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
حَدَّثَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«إِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْدَاً: أَكْثَرَ غَمَّه، وَإِذَا أَبْغَضَ عَبدَاً: وَسَّعَ عَلَيْهِ دُنْيَاه» 0
حَدَّثَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ مُفَسِّرَاً:
[الإِمَامُ مُسْلِمٌ في كِتَابِ الجَنَّةِ وَصِفَةِ نَعِيمِهَا وَأَهْلِهَا، بَاب: الأَمْرِ بحُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ عز وجل عِنْدَ المَوْت بِرَقْم: 2877]
حَدَّثَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«وَعِزَّتِهِ جَلَّ وَعَلَا: لَوْ أَدْخَلَني النَّارَ مَا أَيِسْت» 0
حَدَّثَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْعَثِ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
قَالَ الأَصْمَعِيّ: «نَظرَ الْفُضَيْلُ إِلىَ رَجُلٍ يَشْكُو إِلىَ رَجُلٍ فَقَالَ لِلشَّاكِي:
يَا هَذَا؛ تَشْكُو مَنْ يَرْحَمُكَ إِلىَ مَنْ لَا يَرْحَمُك» 00؟
حَدَّثَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«يُغْفَرُ لِلْجَاهِلِ سَبْعُونَ ذَنْبَاً مَا لَا يُغْفَرُ لِلْعَالِمِ ذَنْبٌ وَاحِد» 0
حَدَّثَ أَبُو النَّضْرِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ يحْيىَ بْنِ يُوسُفَ عَنِ الْفُضَيْلِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قَال:
حَدَّثَ فَيْضُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال: «لَيْسَتِ الدُّنْيَا دَارَ إِقَامَةٍ، وَإِنَّمَا آدَمُ أُهْبِطَ إِلَيْهَا عُقُوبَةً، أَلَا تَرَى كَيْفَ يَزْوِيهَا عَنهُ، وَيُمَرِّرُهَا عَلَيْهِ بِالجُوع، وَالعُرِي، وَالحَاجَة، كَمَا تَصْنَعُ الْوَالِدَةُ الشَّفِيقَةُ بِوَلَدِهَا، تَسقِيهِ مَرَّةً حُضَضَاً، وَمَرَّةً صَبِرَاً؛ تُرِيدُ بِذَلِكَ مَا هُوَ خَيْرٌ لَه» 00 الحُضَض: دَوَاءٌ يُتَّخَذُ مِن أَبْوَالِ الإِبِل، وَالصَّبِر: الصَّبَِّار 0
حَدَّثَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
حَدَّثَ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
حَدَّثَ فَيْضُ بْنُ وَثِيقٍ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَال:
«إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَكُونَ مُحَدِّثَاً، وَلَا قَارِئَاً، وَلَا مُتَكَلِّمَاً؛ فَافْعَلْ؛ إِنْ كُنْتَ بَلِيغَاً قَالُواْ: مَا أَبْلَغَهُ وَأَحْسَنَ حَدِيثَه أَوْ مَا أَحْسَنَ صَوْتَهُ؛ فَيُعْجِبُكَ ذَلِكَ فَتَنْتَفِخ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَلِيغَاً وَلَا حَسَنَ الصَّوت، قَالُواْ: لَيْسَ يُحْسِنُ يُحَدِّثُ، وَلَيْسَ صَوْتُهُ بِحَسَنٍ، فَيُحْزِنُكَ ذَلِك، وَيَشُقُّ عَلَيْك؛ فَتكُونَ مُرَائِيَاً، وَإِذَا جَلَسْتَ فَتَكَلَّمْتَ؛ فَلَمْ
تُبَالِ مَنْ ذَمَّكَ وَمَنْ مَدَحَكَ فَتَكَلَّمْ» 0
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ مُعَلُِّقَاً: «فَقَدْ تَرَى الرَّجُلَ وَرِعَاً في مَأْكَلِهِ، وَمَلْبَسِه، وَمُعَامَلَتِه، وَإِذَا تحدَّثَ تَدْخُلُ عَلَيْهِ الدَّوَاخِلُ مِن حَدِيثِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَتَحَرَّى الصِّدْقَ فَلَا يَكْمُلُ الصِّدْق، وَإِمَّا أَنْ يَصْدُقَ، فَيُنَمِّقَ حَدِيثَه فَيُمْدَحَ عَلَى فَصَاحَتِهِ فَيُعْجِبُهُ ذَلِك» 0
قَالَ الْفُضَيْلُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ الإِمَامُ الذَّهَبيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ مُعَلُِّقَاً:
حَدَّثَ عَبْدُ اللهِ بْنُ خُبَيْقٍ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ قَال: «تَبَاعَدْ مِنَ الْقُرَّاء، فَإِنَّهُمْ إِن أَحَبُّوكَ مَدَحُوكَ بِمَا لَيْسَ فِيك، وَإِن غَضِبُواْ: شَهِدُواْ عَلَيْكَ، وَقُبِلَ مِنهُمْ» 0
حَدَّثَ فَيْضُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ مَالِكٍ وَقَدْ سَأَلَهُ: يَا أَبَا عَلِيّ [كُنيَةُ الْفُضَيْل] مَا الخَلَاصُ مِمَّا نَحْنُ فِيه 00؟
قَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: أَخْبِرْني، مَن أَطَاعَ اللهَ عز وجل: هَلْ تَضُرُّهُ مَعْصِيَةُ أَحَد 00؟ [أَيْ ذُنُوبُ أَحَد]
قَالَ لَا؛ قَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: فَمَنْ يَعْصِي اللهَ عز وجل: هَلْ تَنْفَعُهُ طَاعَةُ أَحَد 00؟
قَال لَا؛ قَالَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه: هُوَ الخَلَاص، إِن أَرَدْتَ الخَلَاص» 0
ـ نَمَاذِجُ مِنْ شِعْرِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ بَعْضُهُمْ: «كُنَّا جُلُوسَاً عِنْد الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ، فَقُلْنَا لَهُ: كَمْ سِنُّك 00؟
فَقَالَ بِتَصَرُّف:
بَلَغْتُ الثَّمَانِينَ أَوْ جُزْتُهَا
…
فَمَاذَا أُؤَمِّلُ أَوْ أَنْتَظِرْ
عَلَتْني السِّنُونَ فَأَبْلَيْنَني
…
فَقَلَّ الْكَلَامُ وَكَلَّ الْبَصَرْ
ـ حَالُهُ عَلَى فِرَاشِ المَرَض رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
حَدَّثَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْعَثِ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ في مَرَضِهِ:
حَدَّثَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْعَثِ عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ أَيْضَاً:
«مَسَّنيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين» 0
ـ مَا رُؤِيَ فِيهِ مِنَ المَنَامَاتِ الحَسَنَة رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْه:
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الحَسَنِ بْنُ شَقِيق: «مَا رَأَيْتُ أَنْصَحَ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا أَخَوْفَ عَلَيْهِمْ مِنهُ، وَلَقَدْ رَأْيْتُهُ في المَنَامِ قَائِمَاً عَلَى صُنْدُوقٍ يُعْطِي المَصَاحِف، وَالنَّاسُ حَوْلَهُ، فِيهِمْ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة، وَهَارُونُ أَمِيرُ المُؤْمِنِين؛ فَمَا رَأْيْتُهُ يُوَدِّعُ أَحَدَاً، فَيَقْدِرُ أَنْ يُتِمَّ وَدَاعَه» 0