الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجتمعون فيه ويتعبدون. وأهم ما كان من كنائسهم كنيسهم في القدس بنوه بعد رجوعهم من بابل بجانب المعبد وقسموه قسمين قسم للرجال وقسم للنساء، ثم كثرت الكنائس في المدن الصغرى والكبرى في كل بلد كان فيها لليهودية معتقدون وأنصار. ولكل كنيس خزانة مقدسة تقام في داخل البناء على خشب وتجمعل متجهة نحو القدس وهي مغشاة بالكتان وفيها الطوامير المقدسة وأمام الخزانة ستار يذكر بستار المعبد وفي وسطه أمام الخرانة شيء أشبه بمنبر.
هذا غاية ما يقال في هياكل القدماء وبيوت عباداتهم، وكيف السبيل إلى وصف المعابد القديمة والتاريخ لا يعرف شيئاً يعتد به عن العالم الإسرائيلي بل ولا عن نصارى القرون الأولى، وكل ما يعرف عن موسى وعن قضاة إسرائيل وداود أو المسيح والحواريين لا يكاد يملأ سوى صفحات قليلة والنصرانية نفسها لم تنتشر في الشام إلا في اقرن الرابع للميلاد على يد قسطنطين أو أم قسطنطين بن
قسطنطين باني القسطنطينية وهو الذي بني كنائس كثيرة بدمشق وغيرها حتى يقال إنه بني في زمانه اثني عشر ألف كنيسة.
ولا بد لنا قبل وصف الكنائس والبيع والأديار أن نعرفها تعريفاً يقربها من جميع الأذهان ولا يوقع فيها لبساً. فالدير كما قالوا في تعريفه بيت يتعبد فيه الرهبان ولا يكاد يكون في المصر الأعظم إنما يكون في الصحاري ورؤوس الجبال فان كان في المصر كانت كنيسة أو بيعة.
وربما فرق بينهما فجعلوا الكنيسة لليهود. والبيعة للنصارى. وقال بعضهم: البيعة متعبد النصارى وقيل: كنيسة اليهود. والأولى أن تطلق الكنيسة على متعبد النصارى والكنيس على متعبد اليهود. وجاءت لفظة الدير من الدار والجمع أديار والديراني صاحب الدير والذي يسكنه ويعمره. ويقال له ديار. ويقال دير وديرة وأيار وديران ودارة ودارات وديرة ودير ودور ودوران وأدوار ودوار وأدورة.
منشأ الأديار والبيع:
أنشئت الأديار الأولى في الشام، فهي نوطنها الأول، ذلك أن من
المسيحيين من أخذوا يألفون العزلة لأول ظهورهم في صعيد مصر وجبال إنطاكية ينقطعون للنسك. ولما زاد عدد هؤلاء الناسكين دعت الضرورة إلى إنشاء أكواخ منفردة أشبه بعمرات جعلت برئاسة رئيس.
وأنشئت دور عظيمة يعيش فيها أولئك الزهاد عيشة مشتركة يجمعهم سقف واحد وتسيرهم إدارة رئيس واحد. ثم اتحدت تلك الأكواخ والبيوت. وأنشئت أديار في المدن تولاها الأساقفة وانتقل ذلك إلى الغرب. وكما كانت الشام منشأ الأديار كذلك كانت أول من وضع هندسة الكنائس ذات القباب، فقد جرت في هندستها لأول مرة على مثال المعابد القديمة، فالشام إذاً أول من أنشأ الأدبار والكنائس كملا قامت فيها النصرانية واليهودية.
قلنا: إنه يرد إنشاء الكنائس إلى عهد قسطنطين أن ثيودوسيوس الكبير حول بعض هياكل الوثنيين في بعلبك إلى كنائس فبنى كنيستين في القلعة إحداهما في وسط البهو الكبير القائم أمام هيكل الشمس. وقال المسعودي: إن هيلاني بنت بإيليا الكنيسة المعروفة بالقيامة في هذا الوقت الذي يظهر منها النار في يوم السبت الكبير الذي صبحه الفصح وكنيسة قسطنطين وديارات كثيرة للنساء والرجال على الجبل المطل على مدينة بيت المقدس المعروف بالطور وهو بإزاء قبة اليهود وعمرت مدينة إيليا عمارة لم يكن قبلها مثلها ولم يزل ذلك عامراً إلى أن أخربته الفرس حين غلبت على مصر والشام.
تكاثرت الكنائس والأديار في الشام فلم يمض على انتشار النصرانية قرنان حتى زاد عدد الأدبار والبيع على صورة مستغربة حتى إن الغسانيين ولعوا أيضاً بعمارة الأديار في الجزء الذي ارتفع سلطانهم عليه في الجنوب على عهد ملوك الروم فشادوا دير حالي ودير أيوب ودير الدهناء ودير ضخم ودير النبوة. واشتهر الغساسنة بإقامة الديرة والبيع وكانوا كما قبل يعتمدون ببنائهم الموضع الكثيرة الشجر والرياض والمياه ويجعلون في حيطانها وسقوفها الفسافس والذهب ومثلهم كان شأن آل المنذر بالحيرة وبني الحارث بن كعب بنجران من بيوتات العرب.