الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلام؟ وأما تجسد الإله فليس من عقيدة الدروز كما يتهمهم بعضهم والتجسد شيء والترائي شيء آخر. وأما تأويل آي القرآن الكريم بحسب زعمهم فكم من فرقة في الإسلام انفردت بتأويلٍ للآيات الكريمة. . . . . اه.
وبعد فإن للدروز روابط مهمة بينهم منها أنهم مهما كانت بينهم طوائل وحزازات يتخلون عنها ويصبحون جسماً واحداً يوم يريدون مقاومة عدّوٍ لهم. وهم من التسامح على جانب حتى مع من يخالفهم. ومعظم عاداتهم إسلامية وأسماؤهم إسلامية وفيهم من الإسلام شيء كثير من جوهره. وقد رأينا لعهدنا أبناء هذا المذهب كلما تعلموا قربوا من الأصول الإسلامية وفيهم اليوم فئة صالحة مستنيرة
تريد الجهر بالرجوع إلى مذهب أهل السنة.
ومن أراد زيادة تفاصيل في مذهب الدروز فعليه بالرجوع إلى كتبهم ورسائلهم وهي محفوظة في دور الكتب العامة هنا وفي الغرب. وينزل الدروز اليوم في شوف لبنان وجبل حوران ووادي التيم وبعض قرى الغوطة بدمشق والجبل الأعلى في حلب وبعض قرى عكا ولا يقل عددهم عن مائة وأربعين ألفاً.
البابية:
مؤسس هذا المذهب رجل من فارس اسمه المبرزا علي محمد الشيرازي ولد سمة 1235هـ وتوفي والده وهو حدث فكفله خاله وعلمه مبادئ الفارسية والعربية وحسن الخط واشتغل لأول أمره بالتجارة، وفي سن العشرين أخذ يكثر من الرياضة والعبادة فخاف خاله على صحته فأرسله إلى العراق وقضى أشهراً في كربلاء والنجف اجتمع خلالها إلى علماء الشيعة وخرج من العراق بأفكار تخالق ما عرفه الناس من الإسلام، وأخذ يبث دعوته فمال إليه جماعة وحج في تلك الأيام. وكان يقول: ادخلوا البيوت من أبوابها أنا مدينة العلم وعلي بابها يشير إلى أنه واسطة السعادة الأبدية، ثم دعا نفشه الباب ومعنى الباب عند الشيعة المهدي المنتظر وتخلى عن اسمه. وبعد مدة أرسل إلى بوشهر ومنها أرسل دعاته إلى شيراز وأصفهان يبثون دعوته. فعقد والي شيراز لهم مجالس المناظرة مع الفقهاء فأفتى هؤلاء بكفر
البابية ووجوب قتلهم. لكن الوالي اكتفى بقطع العصب الكعبري من كعابهم وسجنهم. وجيء بالباب من بوشهر 19رمضان سمة 1261 وأنزل في دار أبيه ريثما يهدأ روعة، ثم استقدمه الوالي سراً وبعد المفاوضة تظاهر الوالي بأنه اقتنع بصحة دعوة الباب وجعل هذا في قصره، ثم عقد له مجلساً لمناظرته فأفتوا بكفره فلم يسع الوالي إلا أن أشار بضربه على رجليه فلما استغاث أو عزوا إليه أن يصعد المنبر ويعلن توبته ففعل. وظهر الوباء في شيراز واختلت أحوال
فارس فبعث والي أصفهان يستدعي الباب إليه، فلما رأى والي شيراز ذلك نفى جميع أصحاب الباب من ولايته، ولما حمل الباب إلى والي أصفهان أوعز هذا بأن يحسن القوم استقباله فاستقبلوه، ثم عقد له مجلس المناظرة فأفتى العلماء بقتله، فاعتذر الوالي عن تنفيذ فتواهم، وخبأه في قصره مطلقاً له حرية التأليف والكتابة وبقي في داره حتى قتل الوالي وخلفه في الحكم ابن أخيه، فطالع هذا رجال عاصمة الملك بالأمر، فأمروا بنفيه إلى أذربجان فحبس في قلعة جهريق ثم قلعة ماكو.
وبث الباب دعلته وساعده المحيط واختلال الأمن في كثير من الولايات، فاشتد دعائه في بث دعونه فلقيت قبولاً من بعض الناس، وفي مقدمة أتباعه الملا حسين بشرويه الملقب بباب الأبواب في خراسان، والثاني الملا محمد علي البارفروشي بمازندران والثالثة امرأة من قزوين اسمها زرين تاج من عائلة عريقة في العلم وزوجة أحد المجتهدين وهي جميلة الصورة جميلة الأدب، تحفظ القرآن وتعرف تفسيره وأسراره، فاقتنعن بصحة دعوة الباب، ولم تلبث أن دعت إليه سراً وجهراً وإن لم تجتمع به، فمال الناس إلى مواعظها وفتنتهم بفصاحتها وجمالها وجميل شعرها، وقد حسرت نقابها ولقبت بقرة العين، ثم خرجت إلى خراسان فالتقت في رشت بالبارفروشي أحد الدعاة ومعه جند من البابية فبعثا منادياً ينادي عجلوا أيها الناس فقد ظاهر الإمام المنتظر فنصبوا منبراً ووقفت قرة العين سافرة وحثت الناس على الاعتقاد بالباب فآمن بعضهم وأنكر الآخر، ثم انتقلت على هودج إلى مازندران والناس يتبعونها، وأخذت تطوف القرى تبشر بدعوة الباب فقبضت عليها الحكومة وخنقتها وأحرقتها.
ثم قام تاملا حسين بشرويه وقد كثر أنصار الباب وألف منهم جيشاً صغيراً قاتل جيش الشاه في مازندران وجعل الملا علي البارفروشي مقدماً وسماه حضرت
أعلى وحجبه عن الناس، وأصيب بشرويه في إحدى المعارك وأوصى جماعته بأن يطيعوا حضرت أعلى وتغلبت الحكومة على قلعتهم وقبضوا على ملا محمد وحاكموهم فقتلوهم على بكرة أبيهم. وبلغ عدد من قتل في هذه الوقائع ألفين وخمسمائة من البابية وخمسمائة من الجند وغيرهم. وحدث مثل ذلك بقيام أحد الدعاة الملا محمد علي الزنجاني في زنجان ولكنه لم يوفق. وكذلك وقع في مدينة تبريز فقاتلت حكومة فارس دعاتهم حتى أبادتهم. أما الباب فكان مسجوناً في سجن جهريق. ولما اندلع لسان الثورة في مازندران وزنجان وتبريز وقتلت الأنفس، ارتأى رئيس حكومة فارس قتله فقتله بمشورة الشاه في 28 شعبان سنة 1266هـ. ووضعت حكومة فارس في أشياعهم السيف في جميع مملكتها خصوصاً بعد أن ثبت أن الذي حاول اغتيال ناصر الدين شاه سنة 1268 هو من شيعة البابية.
وكان من جملة العلماء الذين فتنوا بدعوة الباب رجل اسمه بهاء الله ميرزا حسين علي فلما وقعت هذه الحوادث قبض عليه وسجن ثم حوكم، وكان سفير روسيا يدافع عنه من تهمة الاتفاق مع الخارجين على الشاه، ثم أفرج عنه ونفي إلى العراق فأرسل مخفوراً بالجند الفارسي مع بعض فرسان من سفارة روسيا في طهران لئلا يغتالوا في الطريق فأقام في العراق 12 سنة ثم حمل إلى الآستانة ومنها إلى أدرنة فأقام فيها نحو خمس سنين ثم صدر الأمر بنفيه إلى قبرس وظل البهاء في عكا حتى وافاه أجله سنة 1309 فدفن فيها، وخلفه ابنه عباس أفندي وكان كأبيه على غاية من حسن السنت والأخلاق وعظم النفس وبسط اليد وجمال الأدب وحسن العشرة حتى استمال بأخلاقه من يعتقد بالبابية ومن لا يعتقد. ولما توفي سنة 1922 تفرق أمر الجماعة وانقلبوا فرقاً كما كان عباس أفندي في حياته مع صبح أزل متخاصمين متشاكسين. وسرت دعوتهم إلى عدد قليل من أبناء
الشام وإلى بعض أهل أوربا وأميركا. ويبالغون في عدد من دانوا بهذا المذهب
في الغرب. وهم في الشام وفي أميركا وأوربا بضعة آلاف على الأغلب.
يقولون: إن من تعاليم الباب تحريم الكتب المنزلة قبله ونسخ القرآن وأحكامه. وإنه قضى بهدم المزارات حتى الكعبة وقبر الرسول وفرض بناء 19 مزاراً باسمه ومن دخلها آمنلً، وأبطل الحج وقسم السنة إلى 19 شهراً وجعل الشهر الواحد 19 يوماً فأيام السنة عنده 361 وأضاف إليها خمسة أيام سماها المسروقة ورمز عنها بحرف هـ وجعل أول يوم من شهر فروردين ماه الفارسي الموافق للحادي والعشرين من شهر مارس الإفرنجي الغربي الذي هو يوم الاعتدال الربيعي وهو عيد النوروز عند الفرس عيداً للفطر وخصه بنسفه وسماه عيد رضوان. وجعل الصوم 19 يوماً من شروق الشمس إلى غروبها وخصص الأيام الخمسة المذكورة للهو والطرب قبل دخول شهر الصيام. والمطهران عنده خمسة النار والهواء والماء والتراب وكتاب الله أي الباب مع تلاوة آية التطهير 66 مرة على كل شيء نجس. وجعل الدم وروث البهائم وغيرها طاهراً. وللباب وخليفته بهاء الله عدة رسائل وكتب منها ما كتباه بالفارسية ومنها بالعربية، من أهلها من قلم الباب كتابه البيان وفيه شريعته وتعاليمه. ومن أهم كتب بهاء الله كتاب أقدس نهج فيه منهج القرآن في ترتيب الآيات والسور ودون قيه شريعته وأحكامها باللغة العربية. وقد أدخل البهاء عدة إصلاحات على مذهب الباب اقتضته الحال ذلك. وبعضهم يطلق على أهل هذا المذهب اسم البابية نسبة للمؤسس الأول وبعضهم يلقبهم بالبهائية نسبة لبهاء الله الذي زاد في المذهب ونقص منه، وهم يسمون أنفسهم أهل البيان.
قال كليمان هوار: إن الباب أنشأ ديناً جديداً بتعاليمه وعقائده وأنشأ مجتمعاً جديداً تحت ستار الإصلاح في الإسلام. فالله واحد وعلي محمد مرآته التي ينعكس فيها النور الإلهي ويتأتى لكل إنسان أن يشاهدها. وقال الباب في كتابه البيان: عليكم أن
تجعلوا من أنفسكم ومن أعمالكم مرائي بحيث لا ترون فيها إ لا الشمس التي تحبونها وقد برأ الله العالم على سبع صفات سميت حروف الحقيقة وهي القدر والقضاء والإرادة والمشيئة والإذن والأجل
والكتاب. ويدير شؤون الطائفة 19 رجلاً وكل بابي يدفع لهم في السنة خمسة في المائة من قيمة رأس المال، وتلغى جميع العقوبات ما عدا الغرامة التي توضع على زوجين لا يريدان أن يتعاشرا بالمعروف. والتجارة والعقود مشروعة، ويسمح بدفع فائدة عن بضائع بيعت بالنسيئة. والزوج إجباري بعد الحادية عشرة والطلاق ممقوت، ويمهل الزوجات المتخاصمان سنة لتأليف ذات بينهما، وعلى الأرامل من الرجال والنساء أن يتروجوا، وعدة الرجال منهم تسعون يوماً والنساء خمسة وتسعون يوماً وإذا لم يفعلا يغرمان غرامة.
ولا يضرب الولد قبل أن يبلغ الخامسة وبعد ذلك لا يضرب أكثر من خمس ضربات. ويسمح لمن يدينون بهذا المذهب أن يستعملوا الحلي والجواهر خلافاً لما أمر به الشارع الإسلامي. ويسمح لهم بالوضوء ولكن لا على لأنه قرض، ويجب أن يكون في كل حي حمام، ولا يتحجب النساء ويؤذن بالتحدث إليهن من دون إكراه وأن يكون الكلام معهن جهراً لا سراً. ويحج أتباع الباب إلى البيت الذي ولد فيه حيث يقام له مسجد، أو إلى المكان الذي سجن هو فيه أو خاصة حوارييه، ولا يسمح لمن يدينون بمذهبهم بالارتحال والسياحة إلا لمن اضطر إلى ذلك، ولا يسمح بركوب البحار منهم إلى المكان الذي سجن إلا لمن اضطر إلى ذلك، ولا يسمح بركوب البحار منهم إلا للحجاج والتجار، ولا تقام صلاة جماعة إلا على الأموات وخطبة المسجد واجبة، ويدفن الموتى في زجاج أو في حجارة منحوتة مصقولة، ويجعل في يد الميت اليمنى خاتم يكتب على فصه لئلا يفزع الموتى في قبورهم. وليس من حق أحد أن يستعمل الشدة مع إنسان ولا أن يسيء إلى أخيه،
ويجيبون على كل من يكلمهم أو يكاتبهم ويفرض عليهم أن يؤدوا الرسالة التي ائتمنوا عليها إلى صاحبها من دون عبث بها. ويحظر عليهم تعاطي المخدرات والمكسرات، ويجب أن يدعو كل واحد منهم في كل شهر تسعة عشر إنساناً، وأن يجتمع معهم ولو على شرب الماء القراح، ويحظر عليهم الكدية، ومن الضلال إعطاء الشحاذين. وتقسم مواريثهم على الصورى التالية بعد صرف نفقات الدفن والجنازة: للولد 9 من ستين وللزوج 8 من ستين وللوالد 7 من ستين وللأم 6 من ستين وللأخ 5 من ستين وللأخت 4 من ستين وللأستاذ 3 من ستين، ولا يرث أحد من ذوي القربي بعد ذلك اه.
وحظر على البابية لما نزلوا عكا الدعاية إلى مذهبهم في الشام. ولما أعلنت
الحرية سنة 1908 انتقلوا إلى عكا وزاد أشياعهم قليلاً وهم هنا قلائل ربما لم يتجاوزوا المائتين وهم على غاية من حسن الأخلاق وجميل المعاملة قلما شكا منهم إنسان أو اشتكوا هم من إنسان، ولا تجد بينهم من لا يحترف حرفة ويعمل ويكد. ولا سيما رئيسهم الأخير عباس أفندي فقد كان محافظاً على صلواته مع الجماعة لم يخرج في سمته عن روح الشرع الإسلامي. فإما أن يكون صادقاً في إسلامه أو أنه عاش في تقية متقنة كما يعيش كثير من أرباب النحل الضعيفة بين المخالفين لهم من السواد الأعظم، ولا سيما الشيعة بين ظهراني أهل السنة.
وكان عباس على علم وأدب إذا تكلم يمزح الفلسفة بالمنقولات فيتعذر على كل إنسان فهم كلامه، وله خطب ومواعظ انطلق بها لسانه في سياحة له في أوربا وأمريكا دانت خمس سنين، ويؤخذ من مجموع أقواله أن البهائية أو البابية ترمي إلى تطبيق الشرائع على العقل وحل المشاكل القائمة بين أهل الأديان السماوية الثلاثة اليهودية والنصرانية والإسلام. وقال مرة: إن الباب صاحب المذهب كان يريد التوفيق بين السنة والشيعة. بل كان يرمي إلى وحدة العالم الإنساني ونشر
السلام العام والتأليف بين قلوب البشر بقوة الدين وتحكيم العقل والعلم، ونبذ التعصب الديني والجنسي والوطني والسياسي، ونشر العلم وإنشاء محكمة عامة كبرى تفصل الخلافات التي تحدث بين الشعوب والدول، وإلى تربية بني البشر على الفضائل الإنسانية وإلى إقامة القواعد الاقتصادية وتأليف لغة عامة تفهمها جميع الأمم.
ويقال على الجملة: إن التشيع كان منشأ البابية والإسماعيلية والنصيرية والدرزية. وكما كانت فارس مثابة كثير من أسباب المدينة الإسلامية كانت أيضاً منشأ معظم ما تفرع من الإسلام من النحل والطرق الغربية. ولو تسامح أهل هذه المذاهب في نشر حقائقها، لما تقول عليهم المتقولون، ولا رماهم المخالفون بما قد يكونون منه أبرياء. وبقي أن يقال: إن في الشام مذهب اليزيدية عبدة الشيطان، وممن ينتحلون هذه النحلة قريتان في ضواحي حلب، ولما كانت جمهرة أهل مذهبهم في جبل سنجار من عمل الموصل لم تخصهم بمبحث اختص لأنهم لا يسترعون الانتباه ويتمثلون على الأغلب في سواد الأمة والله أعلم.