الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المستشرقين درس هذه اللغة، ثم العلامة أسطفانوس الدويهي المؤرخ المشهور، ويوسف جبيش وبولس مسعد ويوحنا الحاج، والبطريرك الحالي الياس الحويك صاحب المواقف المشهورة في القضايا الوطنية.
ثم الأساقفة كالمطران جرمانوس فرحات والسيد يوسف سمعان السمعاني ويوحنا حبيب ويوسف الدبس وغيرهم كثيرون من رجال الدين ممن خدموا اللغة العربية والقانون والتاريخ.
وبين العلمانيين أمراء شهاب وبيت أبي اللمع وأُناس امتازوا بخدمة وطنهم وأعمالهم المبرورة كآل خازن ودحداح وحبيش والسعد وكرم والظاهر ونبغ غيرهم في خدمة العلم كآل البستاني والشدياق والنقاش والباز. ولا يمكن في عجالة سرد أسماء جميعهم.
البروتستانتية:
التأم في أوائل سنة 1529 في إحدى مدن جرمانيا مؤتمر بأمر الإمبراطور كارلس الخامس قرر عدم السماح بإحداث تغيير في الرسوم الدينية وكان هذا القرار موجهاً ضد الإصلاح والمصلحين. وفي 19 نيسان من نفس السنة أرسل كثيرون من الأمراء والأشراف وأربع عشرة مدينة إمبراطورية احتجاجاً قالوا فيه: إنهم مستعدون أن يطيعوا الإمبراطور والمؤتمر في كل القضايا الواجبة والممكنة ولكنهم لا يخضعون لأحد في ما يعتقدونه مخالفاً لكلمة الله وضميرهم. فسموا من ذلك بروتستانت أو محتجين، ومن هذا الوقت أُطلق هذا الاسم على كل المسيحيين من غير اللاتين والكنائس الشرقية بفروعها. وهم يدعون أنفسهم غالباً إنجيليين ويدعون غيرهم تقليديين نسبةً إلى التقليد كما سنرى. والبروتستانتية بمعناها اللغوي لا يخلو منها دين أو مذهب، ففي كل زمان ومكان أفراد وجماعات يحتجون على رسوم في الدين أو مذهب الذي ولدوا فيه قد ينجحون أو لا ينجحون، أما البروتستانت فقد نجحوا نجاحاً لم يقدره أحد لهم فعددهم الآن يتجاوز مائتي مليون في الدرجة الأولى عدداً بعد اللاتين وكل من انضم إليهم من الكنائس الشرقية، وفي الدرجة الأولى في الرقي وسعة الملك.
ثم إن البروتستانت وإن افترقت أكثر فرقهم في أمور أكثرها عرضية
فهم مجمعون على أمور كثيرة، وإليك التفصيل في ما هم مجمعون عليه وما هم مختلفون فيه: أهم ما تجمع عليه أكثر فرق البروتستانت عدا ما هم مجمعون عليه مع غيرهم مما يأتي بيانه:
أ -: أن الكتاب المقدس هو القانون الوحيد في كل ما يلزم للخلاص.
ب -: أن المسيح هو المخلص الوحيد وليس بأحد غيره خلاص.
ج -: أن الخلاص كله نعمة مجانية من الله.
د -: أن الإيمان هو السبيل الوحيد لنيل الخلاص.
هـ: أن الأعمال الصالحة هي ثمر الأيمان الحي فنعمل لأننا مخلصون لا لكي نخلص.
والبروتستانت إجمالاً قسمان كبيران - الأول الايسكوبيليان أي الأسقفيون وهو الذين يقولون: إن درجات الأكليروس ثلاث: الأسقف والقسيس والشماس - الثاني البرسبتيريان أي القسوسيون وهم الذين ليس عندهم رتبة أساقفة. وأكثر فرق البروتستانت هذا القسم. فالأسقفيون مثلاً يجرون العبادة غالباً بموجب كتاب صلاة أي صورة معينة تتلى وقت عبادة الجماعة. وأما العبادة العائلية والاجتماعات الأخرى الروحية فيتركونها لحرية القسيس أو من ينوب عنه. أما القسوسيون فالحرية مفوضة للخادم في كل الأوقات. وعندهم بعض صلوات وإرشادات مكتتبة لمساعدة القسيس في أحوال خصوصية.
على أن هذا النظام لا يعد جوهرياً فهذه الكنيسة الأنكليكانية وهي تجري عبادتها بموجب كتاب صلاة تقول في العقيدة34 لا يلزم أن تكون التقاليد والطقوس في جميع الأماكن واحدة متساوية إذ قد اختلفت في كل الأزمان ويصح تغييرها على مقتضى اختلاف المكان والزمان وعادات الناس بحيث لا يرتب منها شيء مضاد لكلام الله. . . وكل كنيسة تختص بأمة فلها سلطان أن تثبت وتغير وتبطل طقوسها ورسومها التي رتبت بسلطان الناس فقط.
وكل الأسقفيين والأكثرية العظمى من غيرهم يجرون السرين المعمودية والشركة ويعمدون الأطفال والبالغين الذين لم يعمدوا أطفالاً، أما بعض القسوسيين فلا يعمدون إلا البالغين ويسمون بالمعمدانيين، وبعضهم لا يجري السرين مطلقاً وهم المعروفون بالفرندس أو الكويكرس.
يتفق البروتستانت مع غيرهم في أمور كثيرة جوهرية ويخالفون في أمور أخرى وإليك التفصيل: أهم الأمور الجوهرية التي يتفق فيها البروتستانت مع غيرهم.
يتفقون في قانوني الإيمان - أولاً القانون المعروف بقانون إيمان الرسل وهو يرجع إلى أواخر القرن الأول المسيحي بل قيل: إن الرسل أنفسهم وضعوه - ثانياً قانون الإيمان النيقاوي وضعه المجمع المسكوني الأول الذي التأم سنة325 في مدينة نيقية مع ما أضيف إليه في ما بعد سوى عبارة واحدة بخصوص انبثاق الروح من الابن أضيفت فيما بعد لا يقبلها الروم الأرثوذكس ويوجد قانون إيمان ثالث مجمع عليه يسمى قانون مار أثناسيوس ولكنه أقل شهرة وأقل استعمالاً من الأولين. ويمكن تلخيص الأمور الجوهرية التي يتفقون فيها في ما يأتي:
1 -
التوحيد والتثليث.
2 -
الخلق والسقوط والفداء.
3 -
تجسيد الكلمة الأزلية المسيح ابن الله من مريم العذراء بالروح القدس وكل ما يتعلق بتاريخ فداء المسيح من ميلاده إلى مجيئه الثاني للدينونة.
4 -
القيامة والدينونة.
5 -
وجوب التبشير بالمسيح ودعوة الغير إلى الإيمان به.
6 -
عدم تحريف الأسفار التي يتفقون على قانونيتها من الكتاب المقدس.
وأهم الأمور المختلف فيها سلطان الكتاب المقدس. ويعتقد البروتستانت أنه المرجع الوحيد المعصوم الذي يجب الرجوع إليه في عقائد الإيمان. ويعتقد غيرهم أن للكتاب والتقليد سلطاناً متساوياً ومن هذا يدعوهم البروتستانت تقليديين. والتقليد عند المسيحيين كالتلمود عند اليهود والحديث عند المسلمين. وبعد فلا خلاف بين البروتستانت وغيرهم في عدد أسفار العهد الجديد إنما الخلاف في عدد أسفار العهد. فالبروتستانت لا يقبلون إلا الأسفار التي يقبلها اليهود وذكر عددها يوسيفوس. وغيرهم يضيف إليها أسفاراً تسمى أبوكريفا وجدت في الترجمة السبعينية مضمونة إلى باقي الأسفار. ومع تسليم البروتستانت بلزوم المجامع
وفائدتها فهم لا يحسبون لما تقرره قوة ولا سلطاناً إلا إذا أثبت من الكتاب المقدس. أما المجامع عند الروم الأرثوذكس والمجامع والبابا عند البابويين فهم معصومون من الخطأ في ما يقررونه من عقائد الإيمان ويعتقد البروتستانت أن فرصة الخلاص تنتهي بالموت وبه يتقرر حال كل
نفس أما في النعيم أو في الجحيم. ويتفق معهم في حال أهل الجحيم ويخالفون في حال أهل النعيم فعندهم مكان عذاب وقتي غير الجحيم يسمى عند الباباويين المطهر وعند الروم الأرثوذكس عقالات الجحيم تذهب إليه الأنفس لتكفر عن ذنوب صغيرة، وتصرف فيه مدة تطول وتقصر بحسب عدد تلك الذنوب وصفتها، ويمكن تقصير هذه المدة بالصلوات والصدقات. يحصر البروتستانت الشفاعة وطلب الخلاص بالمسيح، وغيرهم يطلبهما منه ومن الملائكة والقديسين.
عند البروتستانت سران فقط هما المعمودية والشركة وغيرهم يضيف إليهما خمسة فيصير العدد سبعة والمضافة هي:
1 -
التثبيت عند اللاتين والموازنة. والميرون عند غيرهم.
2 -
الكهنوت.
3 -
الاعتراف للكاهن.
4 -
الزواج.
5 -
المسحة الأخيرة قبل الموت. أما الإفاضة في تعريف السر وفاعليته وما يحدث فيه وما يحدثه هو من التغيير وفي سبب هذا الخلاف فإنها تخرجنا كثيراً عن المقصد.
والبروتستانت يعترفون لله وحده وللشخص الذي أخطئوا إليه، ولله وحده عندهم السلطان على مغفرة الخطايا. وغيرهم يوجب الاعتراف للكاهن وللكاهن سلطان مطلق علة غفران الخطايا.
ولما كان البروتستانت في هذه الديار ثمرة الإرساليات نرى من الواجب أن نشير إلى الداعي إلى الإرساليات، فالداعي إليها أوامر الكتاب المقدس الكثيرة، وأهمها أمر المسيح الأخير الصريح اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس. وقد أطاع رسله أمره وتفرقوا في أنحاء العالم المعروف حينئذ وليس لهم ما يستندون عليه أمام قوات هذا العالم سوى إيمانهم وثقتهم بوعده. وعدوا مخالفة أمره هذا جرماً عظيماً فقال الرسول بولس: إذ الضرورة موضوعة علي فويل لي إن كنت لا أبشر. ولا يزال هذا التبشير من مميزات الكنيسة الحقيقية ففي العقيدة 19 الأنكليكانية كنيسة المسيح المنظورة هي جماعة المؤمنين التي فيها يبشر بكلمة الله النقية.
وقد وجه البروتستانت قواهم إلى هذا الواجب حالما تمكنوا من تنظيم
شؤونهم، فتألفت الجمعيات هنا وهناك، وربما كان أقدمها جمعية المورافيين نسبة إلى مورافيا على ضفاف الدانوب، وتعرف بجمعية الأخوة المتحدين، وقد كانوا ولا يزالون في المقدمة بالنسبة إلى عددهم الذي لا يتجاوز000000 3. وفي أواخر القرن الثامن عشر زاد عدد الإرساليات البرتستانتية وزاد نشاطها. وقد طلبت من أمين سر المستر هاردمان في القدس بعض إحصاءات لهذه الإرساليات فأسل آخر ما عرفه منها أعربه بالشكر قال: عدد إرساليات البروتستانت في العالم 380، عدد المرسلين رجالاً ونساءً 29049 والمال الذي صرفته خمسة عشر مليون ليرة إنكليزية هذا عدا ما جمع في حقول الإرساليات نفسها وصرف عليها أيضاً. وعدد الإرساليات في فلسطين17 وعدد المرسلين فيها 160.
وعمل بعض هذه الإرساليات عام وبعضها خاص محصور في قارة أو مملكة أو إقليم أو دين أو مذهب أو رتبة من الناس أو الذكور أو الإناث أو الطب العام أو الخاص أو طبع الكتب أو نشرها أو التبشير مجرداً أو فتح المدارس فقط. وهذا
الاختصاص في الغرب حتى في الأمور الدينية هو أساس نجاحه.
ومن المبادئ الأساسية لهذه الإرساليات أن تنظم المهتدين جماعات تشرع بإدارة شؤونها بنفسها، وتسير نحو الاستقلال الإداري والمالي. ومنها عدم التدخل في سياسة البلاد التي يرسلون إليها، ووجوب إطاعة أوامر حكومتها، والمحافظة على قوانينها ونظاماتها في كل ما لا يخالف الضمير بناء على قول المسيح أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله وبناء على أوامر رسله المتعدد بالصلاة والطاعة للحكام. ومع ذلك فقد أوقعت السياسة الأوربية تهمه المداخلة في السياسة على المرسلين، لأنها استعملت الإرساليات على غير قصد من المرسلين جسراً عبرت عليه إلى مقاصدها الاستعمارية فشوهت سمعة المرسلين.
ولقد كان من الطبيعي أن توجه الإرساليات أفكارها إلى هذه الديار مهبط الوحي ومهد المسيحية لإنعاش المسيحية وتبشير غير المسيحيين بها. وفي إحصاء بتاريخ سنة 1913 أن عدد الإرساليات في هذا القطر أكثر من
30 أمريكية وإنكليزية وإسكتلندية ايرلندية وألمانية ودنمركية ومورافقية وأسوجية. ويقوم بأكثرها أفراد أو مدينة أو جماعة صغيرة، وأعمالها غالباً محصورة في العواصم كالقدس وبيروت ودمشق أو بعض المدن والقرى كيافا وحيفا والناصرة وبيت لحم والخليل ورام الله وصفد والشويفات وبرامانا وبيت مري والشوير وشملان وبعلبك والنبك ودير عطية وغيرها. وليس بين كل هذه الإرساليات سوى إرساليتين عموميتين كبيرتين لهما طائفة منظمة بمجامع وقوانين وميزانية ومالية مستقلة عن ميزانية الإرسالية، والأولى أمريكية قسوسية في الشمال، والثانية إنكليزية أسقفية في الجنوب.
إرسالية الشمال أمريكية قسوسية أسست سنة 1810. وفي سنة 1821 نزل أول مرسليها من ميناء يافا وشرعت بعملها في القدس وجوارها، ولكن قضت الأحوال
أن ينحصر عملها في الجزء الواقع شمالي رأس الناقورة، وقام مرسلوها بمبادئ الإرساليات البروتستاتية بكل أمانة ونشاط وكان لهم اليد الطولى وفضل السبق في نشر العلم والمدنية لا بما عملوه فقط بل بتحريض غيرهم أيضاً.
ودائرة عمل إرسالية الجنوب من رأس الناقورة شمالاً إلى حدود مصر جنوباً، وهي إنكليزية أسقفية أعضاؤها من كنيسة إنكلترا المثبتة. أسست في لندن في 12نيسان سنة 1899 وأسمها جمعية المرسلين الكنسية ويعبر عنها بالأحرف وللإحاطة بعمل إرسالية فلسطين لا بد من ذكر لمحة من تاريخ الأسقفية الإنكليزية فيها. وفي سنة 1841 أسست أسقفية أنكليكانية في القدس بالاشتراك مع بروسيا. وكان من مبادئ المرسلين الأولية أن لا يشقوا من الطوائف الأخرى المسيحية طائفة بروتستانتية وخصوصاً من طائفة الروم الأرثوذكس التي يعتبرونها أم الكنائس. بل قصدوا أن يعملوا بالاتفاق مع رؤسائها لإنعاش المسيحية من الغفلة التي استولت على معظم مسيحيي الشرق. ولكن مقاومة هؤلاء الرؤساء وهيجهم طوائفهم على المرسلين وعلى كل من يقترب منهم، اضطرتهم بعد تردد طويل إلى تأليف طوائف. وقدان بالمذهب البروتستانتي من كل الطبقات، وارتقى كثيرون من أولاد الفقراء والفلاحين إلى أسمى ما يمكن الوصول إليه من المراتب. على أن تأثير المرسلين
لم يقتصر على العدد القليل من البروتستانت العرب، بل عم القطر بل هم كانوا من أول عوامل الرقي.
أن لكل من الإرساليات المذكورة عمالاً وأفراداً متعلقين بها وعددهم بحسب سعة عملها. ولكن للإرساليتين السابقتين فقط طوائف بروتستانتية منظمة بجامع وقوانين وميزانية مستقلة عن ميزانية الإرسالية كما مر.
ليس لطائفة البروتستانت العرب كما مر قسوسية مشيخية، وليس لها كتاب صلاة تجري بموجبه عبادة الجماعة سوى بعض إرشادات مطبوعة ضرورية لإرشاد
القسيس في بعض الواجبات وهو مع ذلك غير مقيد بها. وتستعمل كتاب ترتيل فيه الآن 432 ترتيلة بأنغام مختلفة غربية وبعض أنغام شرقية، وإنما العلامات الموسيقية كلها غربية. وهذا الكتاب مشترك بين سورية وفلسطين ومستعمل للعبادة في الكنيستين.
وعدد نفوس الإنجيليين في لبنان 10 آلاف نفس. بقي الكنائس الأخرى غير الميخية منها كنيسة الفرندس في برمانا ورأس المتن والكنيسة المعمدانية في راشيا الوادي وجوارها والكنيسة الإنجيلية في دمشق للكنيسة المشيخية الاسكوتلاندية والكنائس الإنجيلية في جهات القلمون وهي تابعة للإرسالية الدنمركية ولها عدة مراكز في النبك ودير عطية ويبرود وصدد وغيرها.
أما طائفة البروتستانت العربية في فلسطين فهي أسقفية انكليكانية تجري عبادتها بموجب كتاب الصلاة العامة المترجم عن الإنكليزية مع عقائد الدين التسع والثلاثين وكتاب الترتيل المشترك مع كنيسة سورية. رسم أول قسوسها الوطنيين سنة 1871 في الناصرة وكان طائفة الناصرة في مقدمة كنائس فلسطين في إقامة الأوقات والسعي نحو الاستقلال وكان أحد أفرادها عودة عزام المستوطن القدس في الربع الثالث من القرن الماضي وقف أملاكه كلها لكنيسة القدس وأصبحت الآن ذات قيمة كبيرة. وتبعه غيره في الوقف على الكنائس. ويبلغ مجموه البروتستانت في فلسطين وشرقي الأردن نحو ثمانية آلاف إنسان.
وبعد فإن في العالم أجمع الآن حركتين متضادتين نعبر عنهما بالجذب والدفع، فبينما أنت ترى الشعوب تتحرك بدفع بعضها عن بعض فتتألف