المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وينكرون على الرسل ودعوى أنهم من جنسهم طالبون للرئاسة فمنهم - خطط الشام - جـ ٦

[محمد كرد علي]

فهرس الكتاب

- ‌البيع والكنائس والأديرة

- ‌بيوت العبادة عند الأقدمين:

- ‌منشأ الأديار والبيع:

- ‌أعظم الكنائس وأقدمها:

- ‌مبدأ هدم الكنائس:

- ‌كنائس دمشق:

- ‌كنائس حلب:

- ‌الكنائس والبيع في القدس:

- ‌كنائس فلسطين:

- ‌كنائس الأردن:

- ‌كنائس لبنان:

- ‌عمل الرهبان والراهبات العظيم:

- ‌الأديار القديمة في الشام:

- ‌المساجد والجوامع

- ‌في أول الفتح:

- ‌مساجد حلب:

- ‌جوامع عمالة حلب:

- ‌مساجد الساحل وجوامعه:

- ‌جوامع المدن الداخلية:

- ‌جوامع العاصمة وضواحيها:

- ‌المدارس

- ‌نشأة المدارس

- ‌دور القرآن بدمشق:

- ‌دور الحديث بدمشق:

- ‌مدارس الشافعية بدمشق:

- ‌مدارس الحنفية بدمشق:

- ‌مدارس المالكية بدمشق:

- ‌مدارس الحنابلة بدمشق:

- ‌المدارس الحديثة:

- ‌مدارس الطب بدمشق:

- ‌مدارس حلب:

- ‌مدارس القدس:

- ‌بقية مدارس القطر:

- ‌الخوانق والربط والزوايا

- ‌خوانق دمشق:

- ‌رباطات دمشق:

- ‌زوايا دمشق:

- ‌خوانق حلب وربطها وزواياها:

- ‌ربط القدس وزواياها:

- ‌الربط والزوايا في المدن الصغرى:

- ‌مراقد العظماء وخوانق:

- ‌المستشفيات والبيمارستانات

- ‌مستشفيات دمشق:

- ‌مستشفيات حلب:

- ‌بقيه المستشفيات:

- ‌لهفة على المدارس وغيرها:

- ‌دور الآثار

- ‌المتاحف والعرب:

- ‌نشأة علم الآثار:

- ‌البعثات الأثرية الغربية:

- ‌آثارنا وآثار جيراننا:

- ‌تأسيس دور الآثار:

- ‌متحف دمشق:

- ‌متاحف بيروت والسويداء وحلب وطرطوس والقدس

- ‌وعمان:

- ‌دور الكتب

- ‌نشأة الكتب:

- ‌نشأة الخزائن والعناية بحفظها:

- ‌مصائب الكتب ودورها:

- ‌خزائن اليوم وأهم ما حوت:

- ‌الأديان والمذاهب

- ‌أديان القدماء:

- ‌اليهودية:

- ‌السامرة:

- ‌الأرثوذكسية:

- ‌الكثلكة:

- ‌المارونية:

- ‌البروتستانتية:

- ‌أصل السنة:

- ‌الشيعة:

- ‌الباطنية:

- ‌الإسماعيلية:

- ‌النصيرية أو العلوية:

- ‌الدروز:

- ‌البابية:

- ‌الأخلاق والعادات

- ‌عادات الدمشقيين:

- ‌عادات الحلبيين:

- ‌عادات لبنان وأخلاقه:

- ‌العادات في الأرجاء الأخرى:

- ‌عادات القبائل وأخلاقها:

- ‌رأي في الأخلاق الشامية:

- ‌حياة محمد كرد علي

- ‌مؤلف خطط الشام

الفصل: وينكرون على الرسل ودعوى أنهم من جنسهم طالبون للرئاسة فمنهم

وينكرون على الرسل ودعوى أنهم من جنسهم طالبون للرئاسة فمنهم من أحسن بطلبها ومنهم من أساء في طلبها حتى قتل، ويجعلون محمداً وموسى من القسم الأول والمسيح من القسم الثاني ويستهزئون بالصلاة والزكاة والصوم والحج الخ اه.

‌الإسماعيلية:

هم القائلون بانتقال الإمامة بعد جعفر الصادق إلى ابنه الأكبر إسماعيل، انتقلت إليه بعد أبيه دون أخيه موسى الكاظم. وهم يوافقون الإمامة في سوق الإمامة من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى جعفر الصادق ثم يعدلون بها عن موسى الكاظم الذي هو الإمام عند الإمامية إلى إسماعيل هذا. ثم يسوقونها في بنيه فيقولون: إن الإمامة انتقلت بعد أمير المؤمنين علي إلى ابنه الحسن ثم إلى أخيه الحسين ثم إلى ابنه علي زين العابدين ثم إلى ابنه محمد الباقر ثم إلى ابنه جعفر الصادق ثم إلى ابنه إسماعيل الذي تنسب إليه هذه الفرقة بالنص إلى ابنه جعفر الصادق ثم إلى ابنه محمد الحبيب ثم إلى ابنه عبيد الله المهدي أول خلفاء الفاطميين ببلاد المغرب، وهو جد الخلفاء الفاطميين بمصر، ثم إلى ابنه العزيز بالله أبي منصور نزار ثم إلى أبنه الظاهر لإعزاز دين الله أبي الحسن علي ثم إلى ابنه المستنصر بالله أبي تميم معد خامس خلفائهم بمصر. ومن هاهنا افترقت الإسماعيلية إلى فرقتين مستعلوية ونزارية. فأما المستعلوية فيقولون: إن الإمامة انتقلت بعد المستنصر بالله إلى ابنه المستعلي بالله أبي القاسم ثالث خلفائهم بمصر ثم إلى ابنه الآمر بأحكام الله أبي علي منصور إلى آخر من جاء بعدهم وهو حادي عشر خلفائهم بمصر. وأما النزارية فأنهم يقولون: إن الإمامة انتقلت بعد المستنصر إلى ابنه نزار بالنص من أبيه المستعلي. ثم الإسماعيلية في الجملة من المستعلوية والنزارية يسمون أنفسهم أصحاب الدعوة الهادية تبعا لإمامهم إسماعيل المذكور، وكان يسمى صاحب الدعوة الهادية - وفي القرن التاسع كانوا يسمون في ديوان الإنشاء بالقصاد وبين العامة بالفداوية - وهو يرون أن الأرواح مسجونة في هذه

ص: 254

الأجسام المكلفة بطاعة الإمام المطهر، فإذا انتقلت على الطاعة كانت قد تخلصت وانتقلت للأنوار العلوية، وأن انتقلت على العصيان هوت في الظلمات السفلية.

وذكر في العبر أن منهم من يدعي ألوهية الإمام بنوع الحلول، ومنهم من يدعي رجعة من مات من الأئمة بنوع التناسخ والرجعة، ومنهم من ينتظر مجيء من يقطع بموته، ومنهم من ينتظر عود الأمر إلى أهل البيت. ويتفق المستعلون والنزارية في بعض المعتقدات ويختلفون في بعضها. ولدعاة الأئمة المستورين عندهم مكانة عظمى لا سيما الداعي القائم بذلك أولاً وهو الداعي إلى محمد المكتوم أول أئمتهم المستورين، فإن له من الرتبة عندهم فوق ما لغيره من الدعاة القائمين بعده. واشتهر من دعاتهم رمضان وابنه ميمون وعبد الله القداح بن ميمون، اطلع هذا على أسرار الدعوة من أبيه وسار من نواحي أصفهان إلى الأهواز والبصرة وسلمية من أرض الشام يدعو الناس إلى أهل البيت. ثم أنشأ ابنه أحمد فأرسل هذا أحد دعاته إلى اليمن وإلى المغرب. ومن نسب أحداً من هؤلاء الدعاة إلى ارتكاب محظور أو احتقاب إثم فقد ضل وخرج عن جادة الصواب عندهم، ويرون تخطئه من مالأ على الإمام عبيد الله المهدي أول أئمتهم القائمين ببلاد المغرب وارتكابه المحظور وضلاله عن طريق الحق، وكذلك من خذل الناس عن أتباع القائم بأمر الله بن عبيد الله ثاني خلفائهم ببلاد المغرب أو نقض الدولة على المعز لدين الله أول خلفائهم بمصر، ويرون ذلك من أعظم العظائم وأكبر الكبائر.

ومن أعيادهم العظيمة الخطر عندهم يوم غدير خم غيضة بين مكة والمدينة على ثلاثة أيام من الجحفة وسبب جعلهم له عيداً أنهم يذكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل فيه ذات يوم فقال لعلي: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدار الحق معه حيث دار. ومن أكبر الكبائر عندهم وأعظم العظائم أن يرمي أحد من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولا سيما الأئمة بكبيرة، أو ينسبها أحد إليهم أو يوالي

لهم عدواً أو يعادي ولياً. ويقولون: إن الإمام منهم لا يموت إلا وقد خلف ولداً ذكراً منصوصاً عليه.

ص: 255

وأصل هذه الفرقة كانت بالبحرين في المائة الثانية وما بعدها، ومنهم كانت القرامطة الذين خرجوا من البحرين حينئذ ثم ظهروا بأصبهان في أيام السلطان ملكشاه السلجوقي، واشتهروا هنالك بالباطنية لأنهم يبطنون خلاف ما يظهرون، وبالملاحدة لأن مذهبهم كله إلحاد، ثم صاروا إلى الشام ونزلوا فيما حول طرابلس وأظهروا دعوتهم هناك، وإليهم تنسب قلاع الإسماعيلية المعروفة بقلاع الدعوة فيما حول طرابلس كمصياف والخوابي والقدموس والمرقب والعقليقة والكهف والرصافة وغيرها. وهم يعظمون راشد الدين سنان، وهو رجل كان بقلاع الدعوة وانتهت إليه رياستهم في زمن صلاح الدين.

ولما افترق الإسماعيلية إلى مستعلوية ونزارية أخذ من منهم ببلاد المشرق بمذهب النزارية عملاً بدعوة ابن الصباح، واخذ من منهم بالشام بقلاع الإسماعيلية بمذهب المستعلوية وصاروا شيعة لمن بعد المستعلي من خلفاء الفاطميين بمصر واشتهروا باسم الفداوية لمفاداتهم بالمال على من يقتلونه. روى هذا القلقشندي وقال ابن ساعد: ويلقب الإسماعيلية بالسبعية لقولهم بسبعة أئمة، ويرون أن في كل دور سبعة أئمة، إما ظاهرون وهو دور الكشف، وإما مختفون وهو دور الستر، ولا بد من إمام، إما ظاهر وإما مستور، لقول أمير المؤمنين رضي الله عنه الأرض عن قائم لله بحججه، ويلقبون أيضاً بالباطنية لقولهم: إن لكل ظاهر باطناً، وبالتعليمية لقولهم: إن العلم بالتعلم من الأئمة خاصة، وربما لقبوا بالملاحدة لعدوهم عن ظواهر الكتاب والسنة لأنهم يتأولون سائر النصوص، وعندهم أن من مات ولم يعرف إمام زمانه وليس في عنقه بيعة إمام مات ميتة جاهلية اه.

وذكر كتاب جلبي أنه كان للفداوية الذين اشتهروا في زمن الظاهر بيبرس - هكذا

كانت العامة تسمي الإسماعيلية - من طرابلس إلى صيدا إلى حلب على الساحل حتى حوران سبعون قلعة أهمها قلعة صهيون. وقد ذكر مؤرخو حلب أنه جاء إلى جبل السماق سنان بن سلمان بن محمد أبو الحسن البصري صاحب الدعوة النزارية ومتولي الحصون الإسماعيلية، وكان أديباً فاضلاً عارفاً بعلم الفلسفة وله شعر حسن وكلام منثور جيد، وتمكن

ص: 256

في الحصون وانقادت إليه الطائفة الإسماعيلية ما لم ينقادوا إلى غيره.

ويقضي مذهبهم على ما قال هوار في المعلمة الإسلامية بأن الله لا صفات له ولا تدركه العقول ولا تفهمه الألباب ولم يخلق العالم نباشرة، بل تجلت إرادته في أمره وهو العقل العام وفيه تختفي جميع الخصائص الإلهية وهو الله المتجلي. وإذ كان لا يصلي لكائن لا يدرك فإن الصلاة تتجه نحو صورتها الخارجية وهي العقل الذي هو حقيقة معبود الإسماعيلية. فكما أنه لا سبيل إلى معرفة الله بل يعرف العقل فقط فهذا العقل يطلق عليه أسماء الحجاب والمكان والأزل والعقل والأول. والعقل يخلق الروح العام الذي هو الجوهر في الحياة، وإذ كانت حياة العقل بالعلم وهو ناقص من هذا النظر فيرمي بالضرورة إلى تحقيق الكمال. ومن هنا تنشأ حركة بمعنى آخر عن حركة أخرى تتولد منها. الروح تخرج المادة الأولى التي تتألف منها الأرض والكواكب وهي غير عاملة بل تتجلى في أشكال تنطوي فيها الأفكار على العقل. وهناك كائنان ضروريان وأصليان وهما الأمد والزمان. والكواكب والعناصر نتيجة لازمة من عمل هذه المخلوقات الخمسة مشتركة. ويفسر ظهور الإنسان بالضرورة التي يشعر بها الروح العلم في إحراز العلم الكامل حتى يرقى إلى طبيعة العقل العام ومتى جرى الوصول إلى هذه الغاية تبطل كل حركة. وللخلاص يجب على المرء تحصيل العلم الذي لا يتأنى أن يأتي إلا من تجسد العقل على هذه الأرض ويتجسد ذلك في الرسول وخلفائه والأئمة.

ويسمى الذي يتجلى قيه الكلام الموحى، والثاني هو ترجمان هذا الكلام بما يحوى من المعاني التي تؤول. والمبادئ الثلاثة الأخيرة هي الإمام والحجة، الذي يبرهن على رسالة الإسالة الأساس، والداعية. وكان محمد الناطق وعلي الأساس.

والذين يرخص لهم بالاطلاع على أسرار الدين هم طبقات كانوا أولاً سبعة ثم صاروا تسعة. ويبدأ الداعية مع من يريد تلقينه أسرار الدعوة بأن يضع له مشكلات في صعوبة فهم الشريعة وهي الطريقة يجرى عليها الباطنية عامة، ولا يوال به حتى يذكر له أن هذه المشاكل قد حلت على أيسر

ص: 257

وجه بتأويل القرآن ومعرفة رموزه. وللحساب المستخرج من قيمة الحروف العددية شأن كبير. ومتى اقتنع المدعو بقوة البراهين التي أوردها له الداعية يستحلفه بأن لا يبوح بأدنى سر من الأسرار التي سيفضي بها غليه، ويعلمه بأن الواسطة للنجاة أن يخضع خضوعاً أعمى لأوامر الإمام الروحية والزمنية. وجمهور المؤمنين بهذه الدعوة ما كانوا يقفون على أكثر من الدرجة الأولى أو الثانية من الأسرار، والدعاة يصلون إلى الدرجة السادسة إلا قليلاً. ولا يبلغ الدرجة العالية غلا بعض الممتازين. وهذا أسبه بتعاليم الشيعة والمتصوفة في تعيين درجة الإنسان الكامل.

والجنة معناها مجازاً حالة النفس الواصلة إلى كامل العلم، وجهنم معناها الجهل، وما من نفس يحكم عليها بالخلود في جهنم على الأبد، بل تعود إلى الأرض بالتناسخ حتى تعرف إمام الزمان وتأخذ عنه علوم الدين. والشر لا بقاء له ولا بد ما اشتهر عن الإسماعيلية من القتل يجب أن نذهب إلى أن ما اجترحوه لم ينشأ عن عقيدة لهم بل يجب أن ينظر فيه إلى الإفراط الذي عرف به رؤساؤهم في نيل السلطة السياسية. وقال رسو من السياح: إن من عرفهم من الإسماعيلية هم على جانب عظيم من الكرم ولطف الأخلاق، وقلما يحبون التنقل ويعملون في أرضهم ويتمسكون بأهداب دينهم الذي يخالف مذهبهم القديم كل المخالفة، وهم أشداء

الحاجة خاضعون لزعمائهم. انتهى قول هوار.

ولم يعرف الزمن الذي نزل فيه الإسماعيلية بعض لأرجاء الشام إذ لم يجر لهم ذكر قبل أوائل القرن الخامس للهجرة. وكان الحكيم المنجم وأبو طاهر الصائغ وهما من دعاة الإسماعيلية وأمثالهما من العجم أول من أظهر هذا المذهب بالشام في أيام الملك رضوان بن تتش السلجوقي صاحب حلب الذي أغضى عنهم وأراد اتخاذهم حزباً له فقيل دعوتهم على ما قبل، واستمالوا إليهم خلقاً كثيراً بسمين والجوز له فقيل دعوتهم على ما قيل، واستمالوا إليهم خلقاً كثيراً بسمين والجوز وجبل السماق وبني عليم وجعل لهم في حلب دار دعوة. ولم يلبثوا أن اغتالوا قي جامع حمص 496 عمه جناح الدولة وصاحب حمص، تولى ذلك ثلاثة من العجم يلبسون لباس الصوفية

ص: 258

بينما كان يتهيأ لغزوة صنجيل أمير طرابلس من الصليبيين لرفع الحصار عن حصن الأكراد. ولم يلبث هذا الطبيب المنجم أن قضى نحبه عاهداً بالدعوة إلى رفيقه أبي طاهر الصائغ. استولى الإسماعيلية على أفامية من الصليبيين ثم استرجعها هؤلاء منهم 498 ووضع السيف في الإسماعيلية بحلب سنة 507 و508 كما وضع فيهم في دمشق سنة 522 خطط الشام ج1 وج2 وكذلك كان حالهم في الباب من عمل حلب. قال ابن جبير: فداخلت أهل البلاد الحمية فتجمعوا من كل أوب عليهم ووضعوا السيوف فيهم فاستأصلوهم عن آخرهم. وقال: إن الإسماعيلية يبذلون الأنفس دون أمامهم سنان وحصلوا من طاعته وامتثال أمره بحيث يأمر أحدهم بالتردي من شاهقة جبل فيتردى. وفي تلك السنة أيضاً قتلوا برق بن جندل أحد مقدمي وادي التيم. وفي سنة 571 حاول أحد الإسماعيلية من العجم اغتيال السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب فأنجاه الله وأغضى الطرف عنهم وفي سنة 588 قتل الإسماعيلية كونراد أمير صور. وبعد مدة قتلوا ريموند بن بويمند الرابع المعروف بالأعور أمير إنطاكية من الصليبيين

قتلوه في الكنيسة. وفتح الظاهر بيبرس والتتار قلاعهم وخضعوا بعد ذلك لمماليك مصر.

وكان للإسماعيلية في بلاد العجم وقائع عظيمة وهم الذين قتلوا الوزير نظام الملك في بغداد وغيره من رجال الإسلام حتى ضاقت بهم الصدور. وقد سموا أوائل دخول الصليبيين إلى الشام بالحشاشين أو القتلة لأن رؤساءهم كانوا فيما قيل يعطون الحشيشة لمن يريدونه على قتل أحد خصومهم السياسيين. وكان الصليبيون يطلقون على رئيسهم شيخ الجبل. وقد نالوا من الصليبيين كثيراً كما نالوا من أمراء المسلمين وهم جمعية سياسية ترمي إلى إقامة مُلك. وما كان هذا القتل منهم عن باعث مذهبي بل سياسي. على أنهم أخافوا رجال السياسة في هذه الديار وهي في أشد أوقات ضيقها زمن الحروب الصليبية وحروب التتار. ويبلغ عدد الإسماعيلية اليوم في الشام نحو خمسة وثلاثين ألفاً منهم جماعة في سليمة وفي قلاع الدعوة في جبل النصيرية. ومن الإسماعيلية عشرات ألوف في العجم والهند والأفغان وعُمان ومسقط وزنجبار وإفريقية الشرقية. وإسماعيلية هذه الديار يجبون

ص: 259