الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويعبد الله تعالى الأرواح إلى الأجساد، ثم يجازي الله تعالى كل نفس بما كسبت إما بنعيم أبدي أو عذاب سرمدي، وجميع ما أخبر به الصادق من عذاب القبر ونعيمه، وسؤال الملكين ووزن الأعمال، والمرور على الصراط، والشفاعة لمن إذن له الرحمن، جميع ذلك حق يجب الإيمان به.
الشيعة:
الشيعة لفظ معناه الأتباع والأنصار يطلق على الواحد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث، تقوم هو شيعة وهما وهم وهن شيعة وجمعه شيع وأشياع، ثم صار علماً بالغلبة على أتباع علي بن أبي طالب عليه السلام.
عرف جماعة من كبار الصحابة بموالاة علي في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل سليمان الفارسي القائل: بايعنا رسول الله على النصح للمسلمين والائتمام بعلي بن أبي طالب والموالاة له. ومثل أبي سعيد الخدري الذي يقول: أمر الناس بخمس فعلموا بأربع وتركوا واحدة. ولما سئل عن الأربع قال: الصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج قيل: فما الواحد التي ترموها؟ قال: ولاية علي بن أبي طالب قيل له: وإنما لمفروضة معهن قال: هي مفروضة معهن. ومثل أبي ذو الغفاري وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان وذي الشهادتين خزيمة بن ثابت وأبي أيوب الأنصاري وخالد بن سعيد بن العاص وقيس ابن سعد عبادة وكثير أمثالهم. ومن أرادهم فليراجع كتاب الدرجات الرفيعة لابن معصوم.
عرف هؤلاء باسم شيعة علي ثم غلب فأطلق فقيل لهم شيعة. ذكر أبو حاتم الرازي في كتاب الزينة في الألفاظ المتداولة بين أرباب العلوم على ما نقل في كتاب الروضات أن أول اسم ظهر في الإسلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلمالشيعة وكان لقب أربعة من الصحابة وهم أبو ذر وسليمان وعمار والمقداد إلى أن آن أوان صفين فاشتهر بين موالي علي عليه السلام. ومهما تكن منزلة هذه الرواية من الثقة فالأمر الذي لا خلاف أنه لما استقل الأمويون بالأمر وناهضوا الهاشميين وأتباعهم تلك المناهضة الشديدة كان اسم الشيعة على إطلاقه علماً على أتباع آل البيت.
أما ما ذهب إليه بعض المتاب من أن أصل مذهب التشيع من بدعة عبد الله ابن سبأ المعروف بابن السوداء فهو وهم وقلة علم بحقيقة مذهبهم. ومن علم منزلة هذا الرجل عند الشيعة وبراءتهم منه ومن أقواله وأعماله وكلام علمائهم في الطعن فيه بلا خلاف بينهم في ذلك، علم مبلغ هذا القول من الصواب.
لا ريب في أن أول ظهور الشيعة كان في الحجاز بلد المتشيع له. وكان التشيع
هناك ضعيف الحول ولكنه مكين في قلوب أهله. ثم استفحل أمره في العراق زمن خلافة علي السلام. أما في الشام فالمعروف بين الشيعة في جبل عامل خلفاً عن سلف أن الذي دلهم على هذا المذهب أبو ذر الغفاري لما سير إلى الشام ولا يزال في قرية الصرفند بين صيدا وصور له مقام معروف باسمه اتخذ مسجداً وعموراً وهو غير مسجد القرية الجامع، وفي قرية ميس الجبل له مقام آخر. وميس هذه قرية في جبل عامل على طريق القادم من دمشق. وروى الحر العاملي في كتابه أمل الآمل أن أبا ذر لما أخرج إلى الشام تشيع فيها جماعة ثم أخرجه معاوية إلى القرى فوقع في جبل عامل فتشيعوا من ذلك اليوم. ثم ذكر رواية عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام وقد سئل عن أعمال الشقيق فقال: أرنون وبيوت وربوع وتعرف بسواحل البحار وأوطأة الجبال هؤلاء شيعتنا حقاً.
وفي كتاب الروضة والفضائل لشاذان بن جبرئيل القمي رواية مسندة إلى عمار بن ياسر وزيد بن أرقم تدل على أنه كان زمن خلافة علي عليه السلام قرية في الشام عند جبل الثلج تسمى أسعار أهلها من الشيعة، وأسعار هذه قرية خربة بين مجدل شمس وجباتا الزيت وهناك نهر يعرف بنهر أسعار.
المتأولة جمع متوالي مأخوذ من الموالاة وهي الحب، لموالاتهم أهل البيت واتباعهم طريقتهم. والظاهر أن تلقيبهم بهذا اللقب في جبل عامل لم يتقدم عن القرن الثاني عشر للهجرة لأنكل المؤرخين قبل هذا القرن لم يعرفوا لهم هذا اللقب ولم ينبزهم به أحد منهم، وكانوا إذا أرادوا ذلك تجنبوا الشيعة وقالوا: الرافضة كما فعل المحبي في خلاصة الأثر. ولكن من تأخر عن القرن الحادي عشر لم يلزمهم بترك نبزهم به كما فعل المرادي في سلك الدور فإنه لم يذكرهم في جبل عامل إلا باسم المتاولة وفاقاً للشهرة في عصره.
وقد جاء في إحدى السالنامات التركية أن ابتداء ظهور المتأولة سنة 1100 للهجرة. وعلى الجملة إن هذا اللقب أطلق عليهم
لما أظهروا وجودهم السياسي وخلعوا طاعة أمراء لبنان واجتمعوا جملة واحدة في جبل عامل تحت قيادة آل نصار الوائليين، وفي بعلبك تحت لواء بني حرفوش، وفي شمالي لبنان بزعامة المشايخ آل حمادة.
كانوا يومئذ ينتخون باسم بني متوال فعرفوا به واشتهر عنهم، ويدلنا على ذلك أن هذا اللقب لم يكن إلا للذين دخلوا في غمار تلك الفتنة فعرف به شيعة جبل عامل وبعبلك وشمالي لبنان، ولم يعرف لشيعة حلب وحمص وحماة، ولا لشيعة دمشق إلا الذين تديروا الصالحية وأطراف الميدان وهم من مهاجرة بعبلك وجبل عامل.
الشيعة في الشام هم في جبل عامل، وهو البلد الوقع بين صفد جنوباً، ونهر الأولي شمالاً، وغور الحولة وما حاذاه إلى ارض البقاع شرقاً، والبحر المتوسط غرباً. وفي مدينة بعلبك وأعمالها وزمنهم فيها قديم.
وفي أعمال حمص قرى قليلة لهم وفي نفس المدينة جماعات ظاهرة ومستترة، وفي أعمال إدلب قرى الفوعة ونبل وغيرهما وكلها شيعة، وفيهما إلى اليوم السادة بنو زهرة نقباء الأشراف في مدينة حلب في الزمن السالف. وكل هؤلاء من بقايا زمن الحمدانيين ومن فلول شيعة حلب يوم تشتت شملهم. وفي دمشق ويرجع عهدهم إلى القرن الأول للهجرة، وفي أكناف حوران وهم من مهاجرة جبل عامل، وفي شمالي لبنان والمتن والبترون وهم من مهاجرة بعلبك. ولا يقل عدد نفوس الشيعة في الشام عن مائتي ألف من الإمامية. معتقدات الشيعة، وهم فرقة من المسلمين، اعتقادات المسلمين العامة عينها ولكنهم في الأصوال يخالفون أهل السنة بالإمامة، وهي عندهم رياسة عامة في أمور الدين والدنيا لشخص من الأشخاص بحق النيابة عن النبي، وهي واجبة عقلاً على الله لأنها لطف وكل لطف واجب عليه تعالى، ولذلك خالفوا المعتزلة القائلين بوجوبها على الخلق عقلا، والأشاعرة القائلين على الخلق شرعاً.
ويجب عندهم أن يكون الإمام معصوماً وانفرد بهذا الشرط الإمامية
والإسماعيلية من الشيعة، وأن يكون منصوصاً عليه وأن يكون افضل أهل زمانه.
وأن الأئمة اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب المنصوص عليه من الرسول صلى الله عليه وسلم وآخرهم محمد بن الحسن العسكري الذي اختفى عام 260 في سر من رأى وهو حي يرزق ولا يعلم الناس مقره وسيظهر في آخر الزمان في مكة المكرمة، وقد قال بقولهم هذا فريق من أهل السنة. وأما القول بأنه يخرج من سرداب سر من رأى فلم يقل به أحد من الشيعة وأن نسبه إليهم من لا يعرف مذهبهم جهلاً بحقيقة الحال.
ويخالفون الأشاعرة في بعض صفاته تعالى فالأشاعرة تقول في كونه تعالى متكلماً: إن الكلام معنى قائم بذاته تعالى ليس بحرف ولا صوت ولا شيء من أساليب الكلام وهو قديم. والشيعة والمعتزلة يقولون: إن الكلام قائم بالغير يراد من كونه متكلماً فعل الكلام لا أن الكلام قائم به ولذلك فالكلام حادث.
والأشاعرة تقول: إن أفعاله تعالى لغرض وإلا لكان ناقصاً مستكملاً بذلك الغرض. وعند الإمامية أن أفعاله معللة بالعلل والأغراض وإلا كان عابثاً. والغرض عائد لغيره أما لمنفعة العبد أو لاقتضاء نظام الوجود ذلك الغرض.
والأشاعرة تقول: إن أفعال كلها واقعة بقدر الله وأنه لا فعل للعبد أصلاً. وقال بعضهم: إن للعبد من ذلك الكسب أي كونه طاعة أو معصية.
وقال آخرون: إن العبد إذا صمم خلق الله الفعل العقيب التصميم وأنه تعالى فاعل للكل حسناً أو قبيحاً. والشيعة الإمامية أو زيدية يقولون بقدرة العبد واختياره وأنه ليس بمجبر على فعله، بل أن يفعل وله أن لا يفعل وأن الفعل منسوب إليه وأنه يستحيل عليه تعالى فعل القبيح. وقالت الإمامية بوجوب اللطف عليه تعالى وهو ما يقرب من الطاعة ويبعد عن المعصية ولا حظ له في التمكين ولا يبلغ درجة
الإلجاء.
وقالوا بجريان المسببات عن أسبابها فالشبع مثلاً شيء حادث عن الأكل أنه شيء يحدثه الله عند الأكل.
وقالت الأشاعرة بإمكان الرؤية البصرية يوم القيامة على الله تعالى. وقالت الشيعة والمعتزلة باستحالتها مطلقاً.
وقالت الأشاعرة في الحسن والقبح بأنهما شرعيان أي أنه ليس في العقل ما يدل على الحسن والقبح، بما حسنه الشرع فهو حسن وما قبحه فهو، قبيح، وقالت الشيعة الإمامية بأن الحسن حسن في نفسه يستحق صاحبه المدح، والقبيح قبيح بنفسه صاحبه الذم ولا يتوقف ذلك على حكم الشارع.
ويقولون: إن العدل صفة من صفاته تعالى واجبة الثبوت له. هذه أمهات المسائل الأصولية التي يخالفون فيها بعض فرق المسلمين كالأشاعرة، وربما وافقهم في أكثرها غيرهم كالمعتزلة. وأما في الفروع فلا تكاد تجد لهم قولاً مخالفاً لا يكون قائلاً به غيرهم من فرق المسلمين اليوم.
نعم انفردوا اليوم بالقول بالمتعة وأن كان أثرها في العرب منهم قليلاً بل أندر من النادر. وهي متعتان متعة النكاح ومتعة الحج، فالأولى هي الزواج إلى أجل مسمى تحل عقدته بانقضاء الأجل، وعلى الزوجة المتمتع بها بعد انقضاء الأجل أن تعتد العدة الشرعية فلا تنكح زوجاً غيره حتى تنقضي عدتها، ولا بد فيها من ذكر المهر والأجل، ولا توارث بينهما وبين الزوج للدليل الخاص إلا مع الاشتراط، ولكن الولد منها ولد شرعي لا فرق بينه وبين اخوته. وأما متعة الحج فهي الطواف الأخير المعروف بطواف النساء فلا تحل للمحرم النساء حتى يأتي به.
ومنها في الميراث مسألة العول والتعصيب فهم ينكرون العول. ويقول إمامهم جعفر بن محمد الصادق على أن الذي أحصى رمال الحج عالج يعلم أن المواريث
لا تعول، ويجرون فيما جاء من ذلك على قاعدة من له الغنم فعليه الغرم.
ولا يقولون بالتعصيب بل يرثه أقرب الناس إليه، وطبقات الإرث في النسب ثلاث: الآباء والأبناء والاخوة والأجداد، والأخوال والأعمال. فالمتقدمة من هذه الطبقات تحجب ما بعدها، فإذا كان ذو فرض أخذ فرضه ورد الباقي على نفس الطبقة لا يتعداها سواء كان المردود عليه ذكراً أو أنثى.
فإذا مات الميت عن بنت وأب أخذت البنت النصف والأب السدس بالفرض ورد الباقي عليهما كل بقدر سهمه لأنهما من طبقة واحدة، فلو لم