الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال النووي مذهبنا جواز الذبح ليلا ونهارا في هذه الأيام، لكن يكره ليلا، وبه قال أبو حنيفة وإسحاق وأبو ثور والجمهور، وهو الأصح عن أحمد.
وقال ابن قدامة بعد ذكره لرأى الخرقي: وقال غيره من أصحابنا: يجوز ليلتي يومي التشريق الأوليين، وهو أكثر الفقهاء، وقال في الشرح، وروي عن أحمد: أن الذبح يجوز ليلا اختاره أصحابنا المتأخرون، وبه قال الشافعي وإسحاق وأبو حنيفة وأصحابه، انتهى كلامه.
واستدل لهذا القول بالكتاب والمعنى:
أما الكتاب: فقوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} (1)
وجه الدلالة: يمكن أن يقال: إن الأيام تطلق لغة على ما يشمل الليالي.
ويمكن أن يجاب عن ذلك: بأن حمل الآية على ظاهرها، وهو أنها تتناول الأيام دون الليالي أحوط من حملها على تناول الليل والنهار.
وأما المعنى: فمن وجهين ذكرهما عبد الرحمن بن قدامة:
أحدهما: أن هاتين الليلتين داخلتان في مدة الذبح، فجاز الذبح فيهما كالأيام.
الثاني: أن الليل زمن يصح فيه الرمي فأشبه النهار.
(1) سورة الحج الآية 28
رابعا: مكان ذبح الهدي مع الأدلة والمناقشة:
لم نطلع على كلام أحد من أهل العلم، أن هدي التمتع والقران يجوز ذبحه خارج الحرم، ولم يرد في القرآن، ولم نطلع على شيء من السنة يدل
على جواز ذبحه خارج الحرم، وقد جاءت أدلة من القرآن، خاصة في غير هدي التمتع والقران وجاءت آية دالة بعمومها على محل هدي التمتع والقران، وجاءت أدلة من السنة تدل على ذبحه في أي موضع من الحرم.
وفيما يلي بيان هذه الأدلة:
قال تعالى في المحصر: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (1) وفسر محله بأنه الحرم عند القدرة على إيصاله، وقوله تعالى في جزاء الصيد:{هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (2) ومعلوم أنه لم يرد الكعبة بعينها، وإنما أراد الحرم، وقال:{ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (3)
وهذا عام في الهدايا، ومنها هدي التمتع والقران.
وأما الأحاديث فقد روى البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل منى منحر، وكل فجاج مكة طريق ومنحر (4) » .
ولتمام الفائدة نورد ما ذكره الزيلعي على هذا الحديث قال: روي من حديث جابر ومن حديث أبي هريرة، فحديث جابر أخرجه أبو داود وابن ماجه عن أسامة بن زيد الليثي عن عطاء بن أبي رباح عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل عرفة موقف، وكل منى منحر، وكل المزدلفة موقف، وكل فجاج مكة طريق ومنحر (5) » انتهى بلفظ أبي داود، ومثله لفظ ابن ماجه.
إلا أن فيه تقديما وتأخيرا، ولاختلاف لفظهما فرقهما ابن عساكر في موضعين من ترجمة عطاء عن جابر في أطرافه فجعلها حديثين وليس
(1) سورة البقرة الآية 196
(2)
سورة المائدة الآية 95
(3)
سورة الحج الآية 33
(4)
سنن أبو داود المناسك (1937) ، سنن ابن ماجه المناسك (3048) ، سنن الدارمي كتاب المناسك (1879) .
(5)
سنن أبو داود المناسك (1937) ، سنن ابن ماجه المناسك (3048) ، سنن الدارمي كتاب المناسك (1879) .
بجيد، والصواب: ما فعله شيخنا أبو الحجاج المزي في أطرافه، فإنه ذكره في ترجمة واحدة، والشيخ زكي الدين المنذري قلد ابن عساكر فلم يعزه في [مختصر السنن] لابن ماجه، والله أعلم.
وأسامة بن زيد الليثي قال في [التنقيح] : روى له مسلم متابعة فيما أرى، ووثقه ابن معين في روايته، انتهى. فالحديث حسن. واعلم أن بعض الحديث في مسلم أخرجه عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نحرت هاهنا، ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم (1) » .
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أبو داود في الصوم، عن محمد بن المنكدر، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون، وكل عرفة موقف، وكل منى منحر، وكل فجاج مكة منحر، وكل جمع موقف (2) » انتهى.
قال المنذري في [مختصره] : قال ابن معين: محمد بن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة رضي الله عنه، وقال: أبو زرعة لم يلق أبا هريرة، انتهى.
ورواه البزار في [مسنده] وقال: محمد بن المنكدر لا نعلمه سمع من أبي هريرة. انتهى.
وروى الواقدي في كتاب [المغازي] : حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في عمرة القضية- وهديه عند المروة -: «هذا المنحر، وكل فجاج مكة منحر (3) » فنحر عند المروة، انتهى كلام الزيلعي.
وقال ابن حجر في إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي مولاهم
(1) صحيح مسلم الحج (1218) ، مسند أحمد بن حنبل (3/321) .
(2)
سنن الترمذي الصوم (697) ، سنن أبو داود الصوم (2324) ، سنن ابن ماجه الصيام (1660) .
(3)
مسند أحمد بن حنبل (1/98) .