المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المذهب الأول: إن غربت الشمس يوم النحر وهو لم يرم جمرة العقبة فإنه يرميها - أبحاث هيئة كبار العلماء - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌حكم تشريح جثة المسلم

- ‌الموضوع الأول: بيان حرمة المسلم ووجوب تكريمه حيا أو ميتا

- ‌الموضوع الثاني: بيان أقسام التشريح والضرورة الداعية إلى كل منها

- ‌تمهيد:

- ‌المسألة الأولى: ضرب أو رمي من تترس به الكفار من أسارى المسلمين

- ‌المسألة الثانية: شق بطن امرأة ماتت وفي بطنها ولد علم أنه حي:

- ‌المسألة الثالثة: أكل المضطر لحم آدمي ميت إذا لم يجد شيئا غيره:

- ‌المسألة الرابعة: إلقاء أحد ركاب سفينة خشي عليها العطب فيلقى أحدهم في البحر

- ‌ فتوى في جواز نقل عيون الموتى لترقيع قرنية الأحياء:

- ‌الموضوع الرابع: المقارنة بين المصالح التي بني عليها تشريح جثث الآدمي والمصالح التي بني عليها فقهاء الإسلام الاستثناء من قاعدة عصمة دماء بني آدم

- ‌القسامة

- ‌المراد بالقسامة في اللغة:

- ‌المراد بالقسامة عند الفقهاء:

- ‌ بيان مستند من عمل بالقسامة ومستند من لم يعمل بها

- ‌اختلاف العلماء فيها:

- ‌الصورة الأولى: التدمية

- ‌الصورة الثانية: شهادة بينة غير قاطعة على معاينة القتل:

- ‌الصورة الثالثة: شهادة عدلين بجرح، وعدل بالقتل:

- ‌الصورة الرابعة: وجود المتهم بقرب القتيل أو آتيا من جهته ومعه آلة القتل أو عليه أثره:

- ‌الصورة الخامسة: قتيل الصفين:

- ‌الصورة السادسة: قتيل الزحام:

- ‌الصورة السابعة: وجود قتيل في محلة:

- ‌تحرير محل النزاع في اللوث مع بيان منشأ الخلاف:

- ‌ من يحلف من المدعين:

- ‌ من يحلف من المدعى عليهم:

- ‌هدي التمتع والقران

- ‌أولا: ابتداء وقت ذبح الهدي مع الأدلة والمناقشة

- ‌ثانيا: نهاية وقت ذبح الهدي مع الأدلة والمناقشة:

- ‌ثالثا: ذبح الهدي ليلا مع الأدلة والمناقشة:

- ‌رابعا: مكان ذبح الهدي مع الأدلة والمناقشة:

- ‌خامسا: حكم الاستعاضة عن ذبح الهدي بالتصدق بقيمته مع الأدلة والمناقشة:

- ‌سادسا: علاج مشكلة اللحوم في منى:

- ‌وجهة نظرلصاحب الفضيلة الشيخ عبد الله بن منيع

- ‌حكم رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس يوم العيد

- ‌المسألة الأولى: حكم رمي جمرة العقبة ليلة العيد

- ‌القول الأول: اختلف العلماء متى يبتدئ وقت رميها:

- ‌القول الثاني: لا يجوز رميها قبل طلوع الفجر، ومن رماها قبل طلوع الفجر أعادها

- ‌القول الثالث: أن أول وقته للضعفة من طلوع الفجر ولغيرهم من بعد طلوع الشمس

- ‌المسألة الثانية: حكم رمي جمرة العقبة ليلة النفر

- ‌المذهب الأول: إن غربت الشمس يوم النحر وهو لم يرم جمرة العقبة فإنه يرميها

- ‌المذهب الثاني: إذا غربت الشمس من يوم النحر وهو لم يرم جمرة العقبة فلا يرميها إلا من الغد بعد الزوال

- ‌المسألة الثالثة: حكم تقديم رمي الجمار قبل الزوال في أيام التشريق الثلاثة:

- ‌المذهب الأولى: لا يجوز تقديم رمي الجمار قبل الزوال في أيام التشريق الثلاثة

- ‌المذهب الثاني: يجوز رمي الجمار في هذه الأيام الثلاثة قبل الزوال مطلقا:

- ‌المذهب الثالث: مذهب أبي حنيفة، وفيه تفصيل

- ‌المسألة الرابعة: حكم رمي الجمار في ليلتي اليوم الثاني عشر والثالث عشر عن اليوم الذي قبلها:

- ‌المسألة الخامسة: أدلة الترخيص للرعاة في الرمي:

- ‌مصادر البحث وملحقاته

- ‌الطلاق المعلق

- ‌أولا: ما ورد عن الصحابة والتابعين من الآثار:

- ‌ثانيا: أقوال فقهاء المذاهب الأربعة:

- ‌ مذهب الحنفية:

- ‌ مذهب المالكية:

- ‌ مذهب الشافعية:

- ‌ المذهب الحنبلي:

- ‌وجهة نظر

- ‌تحديد المهور

- ‌أولا: مهر زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌ثانيا: من عرف مهرها من سائر زوجات أصحابه رضي الله عنهم:

- ‌ثالثا: هل وجد في نصوص الشريعة حد للمهور:

- ‌رابعا: قصة عمر مع من أنكرت عليه حديثه في تقليل المهور:

- ‌خامسا: ما الفرق بين تحديد أسعار الأعيان والمنافع وتحديد المهور:

- ‌سادسا: مبررات التحديد ومضار عدمه:

- ‌سابعا: هل تحديد المهور علاج واقعي ناجح وإن لم يكن فما العلاج:

- ‌وجهة نظر

- ‌تحديد النسل

- ‌ الترغيب في النكاح وبيان مقاصده:

- ‌ الفرق بين منع الحمل وتنظيمه وتحديد النسل

- ‌ بواعث منع الحمل وتحديد النسل مع المناقشة:

- ‌ وسائل تحديد النسل وبيان مضارها:

- ‌ الحكم مع الدليل:

- ‌حكم التسعير

- ‌معنى التسعير:

- ‌المسألة الأولى: أن يحد لأهل السوق حد لا يتجاوزونه:

- ‌المسألة الثانية: من أراد أن يزيد عن سعر الناس أو ينقص هل يلزم بأن يبيع كالناس

- ‌المسألة الثالثة: في بيان من يختص به ذلك من البائعين القائلين بالتسعير:

- ‌المسألة الرابعة: بيان ما يدخله التسعير من المبيعات وهل يجوز تحديد أجور العقارات

- ‌الخلاصة

- ‌حكم الذبائح المستوردة

- ‌أولا: تمهيد يعتبر مدخلا إلى بحث الموضوع

- ‌ثانيا: ذكر طريقة الذبح الشرعية، وما صدر من فتاوى في الذبائح المستوردة:

- ‌الصفة المشروعة في الذبح والنحر

- ‌فصل في طعام الوثنيين ونكاح نسائهم:

- ‌مذهب الحنفية في ذبائح أهل الكتاب:

- ‌حكم ما خنقه أهل الكتاب عند الحنفية:

- ‌مذهب الشافعي في طعام أهل الكتاب:

- ‌مذهب أحمد وأصحابه في طعام أهل الكتاب والتسمية على الذبيحة:

- ‌صفوة الخلاف بين الفقهاء والمختار منه في طعام أهل الكتاب

- ‌بعض ما صدر في الموضوع من فتاوى:

- ‌ثالثا: ذكر ما ورد إلى هذه الرئاسة عن كيفية تذكية الحيوانات المستوردة من بلاد الكفار إلى المملكة العربية السعودية:

- ‌خامسا: حل مشكلة اللحوم المستوردة:

الفصل: ‌المذهب الأول: إن غربت الشمس يوم النحر وهو لم يرم جمرة العقبة فإنه يرميها

في هذه المسألة: أن الذكور الأقوياء لا يجوز لهم رمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس، وأن الضعفة والنساء لا ينبغي التوقف في جواز رميهم بعد الصبح قبل طلوع الشمس؛ لحديث أسماء وابن عمر المتفق عليهما الصريحين في الترخيص لهم في ذلك، وأما رميهم - أعني: الضعفة والنساء قبل طلوع الفجر- فهو محل نظر فحديث عائشة عند أبي داود يقتضي جوازه وحديث ابن عباس عند أصحاب السنن يقتضي منعه. والقاعدة المقررة في علم الأصول هي: أن يجمع بين النصين إن أمكن الجمع وإلا فالترجيح بينهما، وقد جمعت بينهما جماعة من أهل العلم فجعلوا لرمي جمرة العقبة وقتين وقت فضيلة ووقت جواز، وحملوا حديث ابن عباس على وقت الفضيلة وحديث عائشة على وقت الجواز، وله وجه من النظر.

أما الذكور الأقوياء فلم يرد في الكتاب ولا السنة دليل يدل على جواز رميهم جمرة العقبة قبل طلوع الشمس؛ لأن جميع الأحاديث الواردة في الترخيص في ذلك كلها في الضعفة، وليس شيء منها في الأقوياء الذكور. انتهى المقصود.

ص: 358

‌المسألة الثانية: حكم رمي جمرة العقبة ليلة النفر

في هذه المسألة مذهبان:

‌المذهب الأول: إن غربت الشمس يوم النحر وهو لم يرم جمرة العقبة فإنه يرميها

.

قال الطحاوي: وقال أبو حنيفة: إن ترك رجل رمي جمرة العقبة في يوم

ص: 358

النحر ثم رماها في الليلة التي بعدها فلا شيء عليه وإن لم يرمها حتى أصبح من غده رماها وعليه دم لتأخيره إياها إلى خروج وقتها وهو طلوع الفجر من يومئذ (1) . انتهى.

وقال الكاساني: فإن لم يرم حتى غربت الشمس فيرمي قبل طلوع الفجر من اليوم الثاني أجزأ، ولا شيء عليه في قول أصحابنا (2) . انتهى.

هذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه.

وأما مذهب مالك فقد جاء في [المدونة]، (3) هذا النص: ما قول مالك فيمن ترك رمي جمرة العقبة يوم النحر حتى الليل؟ قال مالك: من أصابه مثل ما أصاب صفية حين احتبست على ابنة أخيها، فأتت بعد ما غابت الشمس فرمت، ولم يبلغنا أن ابن عمر أمرهما في ذلك بشيء. . . قال مالك: وأما أنا فأرى على من كان في مثل حال صفية ولم يرم حتى غابت الشمس أن عليه الدم. . . قال مالك: من ترك رمي جمرة العقبة حتى تغيب الشمس فعليه دم.

قلت: أرأيت إن ترك بعض رمي جمرة العقبة من يوم النحر ترك حصاة أو حصاتين حتى غابت الشمس؟ قال: قال مالك: يرمي ما ترك من رميه ولا يستأنف جميع الرمي ولكن يرمي ما نسي من عدد الحصا، قلت: فهل عليه دم؟ قال ابن القاسم: قد اختلف قوله في هذا وأحب إلي أن يكون عليه دم.

(1)[شرح معاني الآثار] ، (1\ 415) .

(2)

[بدائع الصنائع](2\ 137) .

(3)

[المدونة](1\ 323) .

ص: 359

قلت: فيرمي ليلا في قول مالك هذا الذي ترك من رمي جمرة العقبة شيئا أو ترك الجمرة كلها؟ قال: نعم، يرميها في قول مالك ليلا، قلت فيكون عليه الدم؟ قال: كان مالك مرة يرى ذلك عليه ومرة لا يرى ذلك عليه. انتهى.

وأما المذهب الشافعي: فقد نص الشافعي (1) على أنه يرمي ليلا ولا شيء عليه، وقال النووي (2) : لو ترك رمي جمرة العقبة فالأصح أنه يتداركه في الليل وفي أيام التشريق ويشترط فيه الترتيب فيقدمه على أيام التشريق، ويكون أداء على الأصح، وإذا قلنا بالأصح: إن المتدارك أداء لا قضاء كان تعجيل كل يوم للمقدار المأمور به وقت اختيار وفضيلة كأوقات الاختيار للصلاة. انتهى.

هذا ما تيسر تفصيله للمذاهب الثلاثة، فهم متفقون على رميها، لكن هل هو قضاء أو أداء، وهل فيه دم أو لا شيء فيه؟ بينهم خلاف كما سبق. واستدل لقولهم بجواز رميها بعد غروب الشمس بأدلة:

الدليل الأول: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل يوم النحر بمنى، فيقول: "لا حرج"، فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: "اذبح ولا حرج " فقال: رميت بعدما أمسيت؟ فقال: " لا حرج (3) » رواه البخاري.

وقد بسط الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (4) الكلام على هذا الدليل

(1)[الأم] للشافعي (2\ 181)

(2)

[الإيضاح] ص406

(3)

صحيح البخاري الحج (1735) ، سنن النسائي مناسك الحج (3067) ، سنن أبو داود المناسك (1983) ، سنن ابن ماجه المناسك (3050) ، مسند أحمد بن حنبل (1/291) .

(4)

[أضواء البيان](5\ 281- 285) .

ص: 360

فنسوق المقصود من كلامه: فقالوا: قد صرح النبي صلى الله عليه وسلم بأن من رمى بعدما أمسى لا حرج عليه، واسم المساء يصدق بجزء من الليل.

ورد هذا الاستدلال بأن مراد السائل بقوله: (بعدما أمسيت) يعني به:

بعد زوال الشمس في آخر النهار قبل الليل.

قالوا: والدليل الواضح على ذلك أن حديث ابن عباس المذكور (كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل يوم النحر بمنى) الحديث.

فتصريحه بقوله (يوم النحر) يدل على أن السؤال وقع في النهار والرمي بعد الإمساء وقع في النهار؛ لأن الإمساء يطلق لغة على ما بعد وقت الظهر إلى الليل.

قال ابن حجر في [فتح الباري] في شرح الحديث المذكور، قال:(رميت بعدما أمسيت) أي: بعد دخول المساء، وهو يطلق على ما بعد الزوال إلى أن يشتد الظلام فلم يتعين؛ لكون الرمي المذكور كان بالليل. انتهى.

وقال ابن منظور في [لسان العرب] : المساء بعد الظهر إلى صلاة المغرب، وقال بعضهم: إلى نصف الليل.

قالوا: فالحديث صريح في أن المراد بالمساء فيه آخر النهار بعد الزوال لا الليل، وإذا فلا حجة فيه للرمي ليلا.

وأجاب القائلون بجواز الرمي ليلا عن هذا بأجوبة:

الأول: منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «"لا حرج (1) » بعد قول السائل: (رميت بعدما أمسيت) ، يشمل لفظه نفي الحرج عمن رمى بعدما أمسى، وخصوص سببه بالنهار لا عبرة به؛ لأن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب،

(1) صحيح البخاري الحج (1721) ، صحيح مسلم الحج (1307) ، سنن النسائي مناسك الحج (3067) ، سنن أبو داود المناسك (1983) ، سنن ابن ماجه المناسك (3050) ، مسند أحمد بن حنبل (1/291) .

ص: 361

ولفظ المساء عام لجزء من النهار وجزء من الليل، وسبب ورود الحديث المذكور خاص بالنهار.

الثاني: أنه ثبت في بعض روايات حديث ابن عباس رضي الله عنهما المذكور ما هو أعم من يوم النحر وهو صادق قطعا بحسب الوضع اللغوي ببعض أيام التشريق، ومعلوم أن الرمي فيه لا يكون إلا بعد الزوال فقول السائل في بعض أيام التشريق:(رميت بعدما أمسيت) لا ينصرف إلا إلى الليل؛ لأن الرمي فيها بعد الزوال معلوم فلا يسأل عنه صحابي.

قال أبو عبد الرحمن النسائي في [سننه] : أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع قال: حدثنا يزيد- هو: ابن زريق- قال: حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل أيام منى فيقول: "لا حرج "، فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: "لا حرج "، فقال رجل: رميت بعدما أمسيت؟ قال: "لا حرج (1) » وهذا الحديث صحيح الإسناد كما ترى؛ لأن طبقته الأولى محمد بن عبد الله بن بزيع، وهو ثقة معروف، وهو من رجال مسلم في [صحيحه] ، وبقية إسناده هي بعينها إسناد البخاري الذي ذكرناه آنفا، وقوله في هذا الحديث الصحيح:(أيام منى) بصيغة الجمع صادق بأكثر من يوم واحد فهو صادق بحسب وضع اللغة ببعض أيام التشريق، والسؤال عن الرمي بعد المساء فيها لا ينصرف إلا إلى الليل. . . فإن قيل: صيغة الجمع في رواية النسائي تخصص بيوم النحر الوارد في رواية البخاري، فيحمل ذلك الجمع على المفرد نظرا لتخصيصه به، ويؤيد ذلك أن في رواية أبي داود وابن ماجه؛ لحديث ابن عباس المذكور يوم منى بالإفراد.

(1) صحيح البخاري الحج (1735) ، سنن النسائي مناسك الحج (3067) ، سنن أبو داود المناسك (1983) ، سنن ابن ماجه المناسك (3050) .

ص: 362

فالجواب: أن المقرر في الأصول: أن ذكر بعض أفراد العام لا يخصصه على مذهب الجمهور خلافا لأبي ثور (1) ، سواء كان العام وبعض أفراده المذكور بحكمه في نص واحد أو نصين.

وللمخالفين القائلين: لا يجوز الرمي ليلا أن يردوا هذا الاستدلال فيقولوا: رواية النسائي العامة في أيام منى فيها أنه كان يسأل فيها فيقول: «"لا حرج (2) » وأنه «سأله رجل فقال: رميت بعدما أمسيت؟ فقال: "لا حرج (3) » ولم يعين اليوم الذي قال فيه: رميت بعدما أمسيت؟ وعموم أيام منى صادق بيوم النحر، وقد بينت رواية البخاري: أن ذلك السؤال وقع في خصوص يوم النحر أيام منى، ولا ينافي ذلك أنه قال:«"لا حرج (4) » في أشياء أخر في بقية أيام منى، وغاية ذلك أن أيام منى عام، ورواية البخاري عينت اليوم الذي قال فيه:(رميت بعدما أمسيت) .

الثالث: هو ما قدمناه في [الموطأ] عن ابن عمر من أنه أمر زوجته صفية بنت أبي عبيد وابنة أخيها برمي الجمرة بعد الغروب ورأى أنهما لا شيء عليهما في ذلك، وذلك يدل على أنه علم من النبي صلى الله عليه وسلم أن الرمي ليلا جائز. انتهى.

وقد يقال: إن صفية وابنة أخيها كان لهما عذر؛ لأن ابنة أخيها عذرها النفاس ليلة المزدلفة وهي عذرها معاونة ابنة أخيها (5) . انتهى المقصود.

الدليل الثاني: عن أبي بكر بن نافع عن أبيه أن ابنة أخ لصفية بنت أبي

(1) يريد بذلك. أنه لا يخصصه إذا كان متفقا معه في حكمه.

(2)

صحيح البخاري الحج (1721) ، صحيح مسلم الحج (1307) ، سنن النسائي مناسك الحج (3067) ، سنن أبو داود المناسك (1983) ، سنن ابن ماجه المناسك (3050) ، مسند أحمد بن حنبل (1/291) .

(3)

صحيح البخاري الحج (1735) ، سنن النسائي مناسك الحج (3067) ، سنن أبو داود المناسك (1983) ، سنن ابن ماجه المناسك (3050) .

(4)

صحيح البخاري الحج (1721) ، صحيح مسلم الحج (1307) ، سنن النسائي مناسك الحج (3067) ، سنن أبو داود المناسك (1983) ، سنن ابن ماجه المناسك (3050) ، مسند أحمد بن حنبل (1/291) .

(5)

[أضواء البيان](5\ 285- 288) .

ص: 363

عبيد نفست بالمزدلفة فتخلفت هي وصفية حتى أتتا منى بعد أن غربت الشمس من يوم النحر فأمرها عبد الله بن عمر أن ترميا الجمرة حين أتتا ولم ير عليهما شيئا. رواه مالك في [الموطأ] ، وابن أبي شيبة في [المصنف] وقد سبق بيان وجه الاستدلال منه.

الدليل الثالث: عن ابن جريج عن عمرو قال: أخبرني من رأى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ترمي غربت أو لم تغرب، رواه أبو بكر بن أبي شيبة في [المصنف] .

الدليل الرابع: ما رواه الثوري عن رجل عن نافع، قال: قال ابن عمر: (إذا نسيت رمي الجمرة يوم النحر إلى الليل فارمها بالليل، وإذا كان من الغد فنسيت الجمار حتى الليل فلا ترمي حتى يكون من الغد عند زوال الشمس ارم الأول فالأول)، ورواه عبيد الله عن نافع عن عمر مختصرا بلفظ:«من نسي أيام الجمار وقال: رمي الجمار إلى الليل فلا يرم حتى تزول الشمس من الغد» رواه البيهقي في [السنن الكبرى] .

الدليل الخامس: عن عطاء بن أبي رباح قال: سمعت ابن عباس يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الراعي يرمي بالليل ويرمى بالنهار» رواه البيهقي في [السنن] والطحاوي في [شرح معاني الآثار](1) ، وأورد على هذا الاستدلال بأنه رخص لهم للعذر.

وأجيب (2) : بأنه ما كان لهم عذر؛ لأنه كان يمكن أن يستنيب بعضهم

(1)[المنتقى](3\ 51) .

(2)

[بدائع الصنائع](2\ 137) .

ص: 364