الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحكم حينئذ بالحل لوجود معارض يمنع الحكم بالظاهر.
قال في [المنتهى وشرحه] : ويحل حيوان مذبوح منبوذ بمحل يحل ذبح أكثر أهله بأن كان أكثرهم مسلمين أو كتابيين ولو جهلت تسمية ذابح. اهـ.
وإذا كان الحل في هذا الحال مبنيا على القرائن فالقرائن إما أن تكون قوية فيقوى القول بالحل، وإما أن تكون ضعيفة فيضعف القول بالحل، وإما أن تكون بين ذلك فيكون الحكم مترددا بين الحل والتحريم، والذي ينبغي حينئذ سلوك سبيل الاحتياط واجتناب ما يشك في حله لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (1) » ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه؛ ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه (2) » ، وفي رواية:«ومن اجترأ على ما يشك فيه من الإثم أوشك أن يواقع ما استبان (3) » متفق عليه.
والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
مهره الفقير إلى الله: محمد بن صالح العثيمين.
(1) سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2518) ، سنن النسائي الأشربة (5711) ، مسند أحمد بن حنبل (1/200) ، سنن الدارمي البيوع (2532) .
(2)
صحيح البخاري الإيمان (52) ، صحيح مسلم المساقاة (1599) ، سنن الترمذي البيوع (1205) ، سنن النسائي البيوع (4453) ، سنن أبو داود البيوع (3329) ، سنن ابن ماجه الفتن (3984) ، مسند أحمد بن حنبل (4/270) ، سنن الدارمي البيوع (2531) .
(3)
صحيح البخاري البيوع (2051) .
ثالثا: ذكر ما ورد إلى هذه الرئاسة عن كيفية تذكية الحيوانات المستوردة من بلاد الكفار إلى المملكة العربية السعودية:
نثبت تحت هذا العنوان ما ورد إلى هذه الرئاسة من معالي وزير التجارة والصناعة، وما ورد إليها من معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في الموضوع، ثم ما ورد من الدعاة المبعوثين للدعوة في
تلك البلاد عن كيفية التذكية فيها، ثم ما كتبه بعض أهل الغيرة في المجلات الإسلامية عن كيفية الذبح في تلك البلاد.
أ- كتب سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ سابقا كتابا برقم (2029\1) في 23\5\1393هـ إلى معالي وزير التجارة والصناعة يستفسر فيه عن كيفية ذبح اللحوم المستوردة هل هو بالصعق الكهربائي أو بالخنق؟ .
فأجاب معالي الوزير بما نصه:
سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد الموقر.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نشير إلى خطابكم رقم (3745) وتاريخ 20\8\1393هـ المعطوف على سابقه رقم (2029\1) في 23\5\1393هـ الذي تستفسرون فيه عن كيفية الذبح: هل بالصعق الكهربائي أو بالخنق أو بالمقصلة؟ وكذلك أنواع اللحوم المستوردة معلبة وغير معلبة.
نفيد سماحتكم: أنه بناء على تقصي هذه الوزارة من المصادر العديدة اتضح لها: أن اللحوم المستوردة إلى المملكة والتي ترد من بلدان مختلفة يتم الذبح فيها بالطرق الآتية:
(1)
هنغاريا: ذبح الطيور الداجنة والأبقار المصدرة للدول العربية يتم حسب التعاليم الإسلامية، وأن كل إرسالية معدة للتصدير مرفقة بما يسمى (شهادة حلال) ، وأن هنغاريا تقوم بتصدير مسالخ كاملة معدة للعمل حسب التعاليم الإسلامية.
(2)
الدانمرك: ذبح الكميات الكبيرة من الأبقار والطيور الداجنة يتم بواسطة الآلات، وذلك في مسالخ عدة، ويتم الذبح حسب التعاليم الإسلامية بالنسبة للمصدر للدول الإسلامية.
(3)
الولايات المتحدة الأمريكية: للذبح أربع طرق: الأولى: كيميائية بواسطة ثاني أكسيد الكربون، الثانية: ميكانيكية بواسطة آلة حادة، الثالثة: ميكانيكية بواسطة قذيفة نارية، الرابعة: كهربائية بواسطة التيار الكهربائي، وهذه الطرق لا تتبع إلا بعد نزف دم الحيوان.
(4)
هولندا: الطيور تصعق بتيار كهربائي ثم يتم ذبحها من العنق.
(5)
بلجيكا: تتعرض الحيوانات المعدة للاستهلاك لعملية فقد الوعي قبل إسالة دمائها؛ إما عن طريق التيار الكهربائي، أو عن طريق آلات حادة أو مسدسات خاصة.
(6)
ألمانيا الغربية: الطيور المعدة للذبح تبقى 24 ساعة قبل ذبحها في حالة استرخاء وراحة تعطى خلالها ماء للشرب ثم تتعرض قبل إسالة الدماء منها خلال أوردتها إلى عملية إفقاد الوعي عن طريق التيار الكهربائي أو الغازات الخاصة أو الأدوات الحادة.
(7)
السويد: المواشي المعدة للذبح تستريح لمدة 24 ساعة قبل الذبح ثم يتم إفقادها الوعي (لأسباب إنسانية لا علاقة لها بجودة اللحم) بواسطة آلة حادة (مسدس) فتصعق تمهيدا لعملية إخراج الدم منها بواسطة ضربها بآلة حادة (سكين) .
(8)
بلغاريا: ذبح الطيور والمواشي يتم حسب الطريقة الإسلامية بموجب شهادة خاصة من السلطات الإسلامية يتم إصدارها لكل شحنة.
ونقترح: إيفاد ثقات من أصحاب الفضيلة العلماء لزيارة الدول التي يوجد بها مصانع لإعداد اللحوم المستوردة بأنواعها للوقوف على حقيقة الذبح ولتقرير أيها يمكن التعامل معه، وربما يرى سماحتكم أن تكون هذه الزيارة للتأكد من استمرار تلك المصانع باتباع الطريقة الإسلامية في الذبح.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وزير التجارة والصناعة
محمد العوضي
وكتب سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز كتابا برقم (737\2) في 28\3\1398هـ إلى معالي وزير التجارة والصناعة بشأن اللحوم المستوردة من بلاد الكفار، فأجابه معالي الوزير بما نصه:
صاحب المعالي فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. . . وبعد.
إشارة لخطاب معاليكم رقم 737\2\ في 28\3\1398هـ بشأن اتصالات بعض الناس بكم حول وجود كميات من اللحوم ترد البلاد من بعض الدول الاشتراكية، وما ذكرتموه من أن ذبيحة الشيوعيين وغيرهم من الكفار غير أهل الكتاب - وهم: اليهود والنصارى - حرام على المسلمين، أرجو إحاطة معاليكم: أن الأجهزة المختصة في هذه الوزارة وفي مصلحة الجمارك تحرص دائما على التثبت من صحة شهادات الذبح على الطريقة
الإسلامية وكونها مصدقة من سفارات المملكة إن وجدت أو سفارات الدول الإسلامية الأخرى، كما أن هذه السفارات على معرفة بالجهات التي تصدر هذه الشهادات، سواء كانت جمعيات إسلامية أو مؤسسات فردية معترف بها، كما لا يخفاكم أن البلدان التي ذكرتموها فيها الكثيرون من أهل الكتاب ومن المسلمين على الرغم من أن نظامها السياسي نظام ماركسي، بل إن المعلومات التي لدى الوزارة تدل على أن الكثير من الأتراك المسلمين يقومون بالذبح في هذه البلدان، ولا يخفى معاليكم أن هذه البلدان عندما توفر الذبح على الطريقة الإسلامية فإنما تفعل ذلك حرصا على تصريف منتجاتها في العالم الإسلامي الواسع، ولحاجتها الماسة إلى العملة الصعبة، ولأنهم يدركون أن لهم منافسين من بلدان أخرى يعملون عادة على الكتابة للجهات الرسمية في البلدان الإسلامية لاستشارتهم ضد منتجاتهم عن طريق التشكيك بطريقة الذبح.
وأود بهذه المناسبة أن أؤكد لمعاليكم بأن هذه الوزارة حريصة على أن يهنأ المواطنون والمقيمون بطعامهم لا عن طريق التأكد من توافر الشروط الصحية والذي تهتم به مختبرات الجودة النوعية بالتعاون مع وزارة الزراعة فقط، وإنما كذلك بالحرص على توافر الشروط الشرعية في الذبح، وفي نفس الوقت يقع على عاتق هذه الوزارة تأمين أكثر ما يمكن من مصادر السوق العالمية لرجال الأعمال السعوديين لتوفير جو المنافسة ومنع حدوث نقص في المعروض من المواد الغذائية وخاصة اللحوم، وهو الأمر الذي حدث قبل سنوات قليلة، عندما كان اعتماد المملكة كليا تقريبا على الصومال فكانت النتيجة حدوث نقص في المعروض من الأغنام
والأبقار والإبل عندما أصيب ذلك البلد بالجفاف.
وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه، إنه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وزير التجارة
سليمان السليم
ب- وكتب معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ محمد الحركان كتابا إلى سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء في موضوع اللحوم المستوردة نصه:
سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد - بالرياض. . . الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. . وبعد:
فيطيب لي أن أبعث لسعادتكم بخالص التحية وأطيب الأمنيات، كما أود أن أحيطكم علما بأنه قد وردت إلينا عدة تقارير رسمية وغير رسمية تفيد بأن بعض الشركات الاسترالية التي تصدر اللحوم للأقطار الإسلامية وخاصة شركة (حلال الصادق) التي يملكها القادياني (حلال صادق) لا تتبع الطريقة الإسلامية في ذبح المواشي (الأبقار والأغنام والطيور) وحرصا من الأمانة العامة للرابطة على تطبيق الشريعة الإسلامية في هذا الموضوع فقد قررنا التعاون مباشرة مع الاتحاد الاسترالي للجمعيات الإسلامية ليقوم بالإشراف الكامل على جميع المذابح وإعطاء شهادات معتمدة للشركات المصدرة للحوم وختمها بخاتمه الرسمي.
لهذا نأمل التكرم بالإيعاز إلى الجهات المختصة والفرق التجارية في بلادكم الشقيقة للتعاون معنا وأخذ الحيطة لعدم دخول أية لحوم مستوردة من هذا البلد إلا عن طريق وبشهادة الاتحاد المذكور؛ ضمانا لشرعية الذبح، وتفاديا لعدم الوقوع في الأخطاء التي تتنافى مع الإسلام.
أسأل المولى عز وجل أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى.
والله يحفظكم
الأمين العام
محمد علي الحركان
ج- ورد إلى سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد تقارير من المبعوثين من قبل الرئاسة - الدعوة في الخارج - عن اللحوم المستوردة من بلاد الكفار، نورد فيما يلي نصوصها ثم تلخيصها ثم ننتقل بعد ذلك إلى الحكم عليها على ضوء ما عرف من القواعد الشرعية في تذكية الحيوانات.
أ- تقرير من الداعية الأستاذ أحمد بن صالح محايري، عن اللحوم المستوردة من البرازيل إلى المملكة العربية السعودية - نصه:
تقرير في كيفية ذبح الطيور والمواشي الواردة إلى المملكة من البرازيل.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
معالي الرئيس العام العلامة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز المحترم. . حفظه الله تعالى.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. . وبعد.
فتنفيذا لما جاء في رسالة سماحتكم السرية رقم (3442\4) وتاريخ 21\6\1398هـ بشأن التحري عن كيفية ذبح الطيور والمواشي الموردة إلى المملكة فيشرفني أن أرفع لمعاليكم ما يلي:
قمت في الفترة الواقعة ما بين 14 رجب (20 حزيران) 1398 إلى (30 من رجب 1398هـ) في جولة بطريق البر إلى سبع مدن برازيلية فيها شركات مصدرة للحوم والدواجن، وهذه المدن هي:
كورتيبا - وتبعد عن لوندرينا 450 كيلو مترا.
بومطا كروسا - وتبعد 210 كيلو مترا.
وكامبوكراندي - وتبعد 750 كيلو مترا.
وكويابا - وتبعد 1250 كيلو مترا.
وغويانا - وتبعد 110 كيلو مترا.
وبروذينتي برودينتي - وتبعد 250 كيلو مترا.
وسان جوزيف - وتبعد 375 كيلو مترا.
ومع أنني اتصلت بكافة الشركات المصدرة للحوم في هذه المدن واطلعت على كيفية الذبح فيها إلا أنني أقتصر في تقريري هذا - إن شاء الله - على الكلام عن الشركات الموردة للمملكة العربية السعودية، وعن ملاحظاتي واقتراحاتي على ضوء ما وصلت إليه من معلومات خلال جولتي هذه.
شركة برنسيسا للدجاج والدواجن:
ومكانها في مدينة بونتا كروسا بولاية بارانا في البرازيل، تقوم هذه
الشركة بتربية الدواجن في مزارعها الخاصة وتذبح ما ينوف عن (150) طن في الشهر وتقوم بتغليفها وتصديرها إلى عدة بلدان عربية؛ كمسقط، وعمان، والكويت، والمملكة العربية السعودية، وذلك عن طريق شركة بتروبراز البرازيلية، وذلك ضمن أكياس نايلون وكراتين كتب عليها باللغة العربية ذبح على الطريقة الإسلامية. (وقد أدرجت طيه أحد الأكياس للإحاطة) .
ولما طلبت وزارة التجارة في بعض الدول الإسلامية من المستوردين أن يكون مع أوراق الاستيراد ما يثبت أن اللحم المورد ذبح على الطريقة الإسلامية قامت الشركة المذكورة بالاتصال برئيس الجمعية الإسلامية في مدينة كورتيبا القريبة منها والمدعو حسين العميري واتفقت معه أن يشهد خطيا عند كل شحنة: أن الذبح جرى وتم على الطريقة الإسلامية، وذلك لقاء نسبة 1% من قيمة الشحن تدفعها الشركة للمذكور لقاء شهادته هذه، (وتجدون طيه صورة لإحدى الشهادات التي يوقعها المذكور باللغتين العربية والبرتغالية) .
وفي 14 رجب 1398هـ توجهت من لوندرينا لهذه الشركة مارا بمدينة كورتيبا لأصطحب معي في الزيارة حسين العميري رئيس الجمعية، وفعلا وصلت إلى مقر الشركة بصحبته في مدينة بونتاكروسا فبعد أن رحب بنا المسئولون طلبت مشاهدة عملية الذبح، وفعلا فقد رأيت بنفسي ما يلي:
تعلق الطيور (في هذه الشركة) من أرجلها حية منكوسة الرأس على آلة متحركة تسوقها إلى مكان فيه رجل قائم بسكينة يقطع بها وريد كل دجاجة قادمة، ويبالغ في السرعة ليتمكن من قطع وريد الطير الذي يليه وهكذا. .
ونفس الآلة تسوق الطير المعلق بعد عملية الذبح إلى مكان فيه ماء ساخن لتغمسه فيه كي يتم نتفه وتنظيفه وتعبئته بالأكياس النايلون الآنفة الذكر.
والمحظور في عملية الذبح المذكورة: أنه لا يتحقق في الغالب قطع الوريدين لعامل السرعة المفروضة على الذابح، كما أن الدجاج المذبوح يغمس في الماء المغلي بعد مدة وجيزة من الذبح قد لا يكون الطير خلالها قد فارق الحياة فيحصل أنه يموت خنقا، كما يجب التأكد من عقيدة الذابح هل هو كتابي أو وثني؟ .
بعد خروجنا من المسلخ عقدت اجتماعا مع مدير وأعضاء الشركة المذكورة وبينت لهم المحاذير الشرعية، والتي لاحظتها في طريقة الذبح، وشرحت لهم كيفية الذبح الإسلامي، وطلبت منهم تطبيقه وخاصة بالنسبة للكميات التي تصدر إلى البلاد الإسلامية.
فقال لي مدير الشركة ما يلي:
إن شركتنا على استعداد تام لتعديل عملية الذبح كي تصبح على الشريعة الإسلامية تماما، كما يمكننا إجراء تعديل آلات الذبح نفسها وتوظيف رجل مسلم يقوم بعملية الذبح بنفسه، ولكن لا يتحقق هذا الأمر إلا بناء على طلب مسبق بين الكمية اللازمة للتصدير، وعلى ضوئه يمكننا تعديل الأمر حسب الشريعة الإسلامية.
وبعد أن غادرنا مكتب الشركة بينت بحكمة ووضوح لرئيس الجمعية خطأه في التوقيع على أن عملية الذبح تمت على الشريعة الإسلامية، وطلبت منه الإقلاع عن ذلك الأمر بالكلية ريثما يشرف بنفسه، أو يوظف من يشرف على عملية الذبح لتكون على الطريقة الإسلامية، فوعدني خيرا
والله أعلم.
شركة ساديا أويسته للبقر والدواجن:
من أكبر الشركات العالمية للحوم البقر والدواجن، ولها ما ينوف عن عشرين فرعا في الولايات البرازيلية، وتصدر إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج، ولها مذابح حديثة في كل من سان باولو، وكويابا، وبورت اليكري، وكامبو كراندي، والريو دي جانيرو، ويبلغ تصدير هذه الشركات من الطيور فقط نحو 300 طن في الشهر، وتحصل على شهادات خطية: أن الذبح على الشريعة الإسلامية، من بعض الجمعيات الإسلامية في سان باولو، وأشهرها: جمعية السانتوا مارو الإسلامية، والجمعية الخيرية الإسلامية، لقاء مساعدة مالية تدفعها الشركة للجمعيتين الموقعتين.
وتختلف طريقة ذبح الدواجن في هذه الشركة عن الشركة الآنفة الذكر أعني: شركة برنسيسا أن الأولى تذبح الطير المعلق من قدمه في الآلة المتحركة بطريقة أكثر تؤدة مما يجعل قطع الوريدين قد يتحقق في الغالب، ولكن المحظور يبقى قائما، وهو أن الآلة تغمس الذبيحة في الماء الساخن المغلي قبل أن تفارق الروح، كما ليس من المؤكد في هذه الشركة أن يكون الذابح كتابيا، هذا فيما يتعلق بذبح الدواجن في هذه الشركة، أما فيما يتعلق بذبح الأبقار وتصديره إلى المملكة بواسطة هذه الشركة (ساديا) فأرفع لمعاليكم ما يلي:
في يوم الأحد 20 رجب - الموافق 25 حزيران - 1398هـ سافرت إلى مدينة كويابا مارا بمدينتي (بريزيدنتي) و (كامبوا كراندي) ، وفي يوم الخميس 24 رجب - 29 حزيران - 1398هـ ذهبت بصحبة رئيس الجمعية
الإسلامية في مدينة كويابا الأستاذ خالد القرعاوي مع سكرتير الجمعية الأخ فيصل فارس لزيارة هذه الشركة، وبعد أن عقدنا اجتماعا مع مدير الشركة المدعو أديسون جواو فرانيسكون ولفيف من المسئولين وبينت لهم في الاجتماع محاسن الذبح على الطريقة الإسلامية، فأخبرني مدير الشركة بأن الشركة كانت تصعق بالكهرباء الذبائح، وتقوم بسلخها بعد ذلك دون أن يخرج الدم، إلا أن الشركة اكتشفت بأن اللحوم التي تذبح بطريقة الصعق الكهربائي سريعا ما تفسد، ولو كانت في الثلاجات، وسريعا ما يتغير لونها إلى رمادي قاتم، حتى أوصى الأطباء البيطريون العاملون في الشركة بوجوب قتل الذبيحة بطريقة يخرج فيها كل الدم، فقاطعته قائلا: والدم لا يخرج من الذبيحة كلية إلا إذا مر من الوريدين بقطعهما، وليس من مكان آخر، فقال: وهكذا نفعل هنا، إذ نذبح يوميا (1500) ألف وخمسمائة رأس بقر للتصدير، فطلبت منه أن أرى بنفسي طريقة الذبح، فألبسونا ألبسة خاصة، وأدخلونا إلى المسلخ، وهو مكان فسيح جدا مقسم إلى أقسام وعند المدخل يساق الثور إلى مكان ضيق ثم يغلق عليه بطريقة لا يستطيع الخلاص، ثم يقوم أحدهم بمطرقة في يده بضرب رأس الثور ضربة غير مميتة بقصد أن يغيب الثور عن وعيه ليمكن السيطرة عليه أثناء الذبح، وفعلا يسقط الثور على الأرض، وفي نفس الثانية واللحظة تتناول قدمه رافعة ترفعها أوتوماتيكيا إلى الأعلى ورأسه منكس في الأسفل فيأتي رجل بسكين، فيشق حلق الرقبة ليصل إلى الوريد، ثم يبدل السكين بمدية أكبر، ويقطع الوريد فينزل الدم بغزارة، وكأنه ينزل من صنبور إلى أن يفارق الحياة، والمهم في هذه الطريقة أن تثار مسألة هذه الضربة الغير مميتة قبل
الذبح، أتقاس في الجواز على صيد الحيوان الشارد الآبق الذي لا يمكن السيطرة عليه؟ وهل يجوز شق جلد الرقبة قبل الذبح أعني قبل قطع الوريدين، ثم إن الذي يباشر عملية الذبح كتابي أو وثني؟ .
ولما طلبنا من مدير الشركة أن يطلعنا على كيفية حصولهم على الشهادة الخطية التي تشهد بأن الذبح تم على الطريقة الإسلامية قال: نحصل عليها من بعض الجمعيات الإسلامية في سان باولو، فقلت له: وكيف ذلك وبينكم وبين سان باولو (1800) كيلو مترا.
الشركة الأرجنتينية للأغنام:
أثناء وجودي في مدينة بوينس أيرس عاصمة الأرجنتين مع فضيلة الشيخ صالح المزروع والدكتور أحمد باحفظ أثناء جولتنا على دول أمريكا اللاتينية - قمنا بزيارة الشركة الأرجنتينية للأغنام التي تصدر لحم الغنم معلبا، ومهروسا، ومقطعا إلى المملكة العربية السعودية.
وفي صباح الخميس 10 ذي القعدة 1398هـ توجهنا بصحبة وفد من المركز الإسلامي الأرجنتيني إلى مقر الشركة، وأطلعنا على كيفية ذبح الأغنام، فوجدنا أن آلة تعلق الأغنام إلى أعلى، ويقوم رجل بسكين حادة ليذبح رأس الذبيحة تماما على الشريعة الإسلامية؛ لأنه يقطع الوريدين والمريء معا، إلا أن الأمر لنعته ذبحا شرعيا متوقف على الذابح أكتابي هو أم لا؟ ويقوم المركز الإسلامي الأرجنتيني بتقديم شهادة خطية على أن الذبح جرى على الطريقة الإسلامية عند كل شحنة مصدرة (وطيه تجدون نموذجا من الشهادات التي يصدرها المركز المذكور أدرجها طيه للتكرم بالإحاطة) .
الشركة الدانماركية للحوم:
وهذه الشركة الدانماركية بأوربا وليست في البرازيل، ولكن إتماما للفائدة أدرج طيه قصاصة من (مجلة الوطن العربي) التي تصدر عن الجالية العربية في فرنسا - باريس باللغة العربية، وتجدون في القصاصة مقابلة أجرتها الصحيفة مع أحد العمال العرب في الدانمرك المدعو محمد الأبيض المغربي الذي يعمل في مصنع لتعليب اللحوم، فيقول عن اللحوم والدواجن المصدرة إلى البلاد العربية: إنهم يكتبون عليها ذبحت على الطريقة الإسلامية، وهذا غير صحيح؛ لأن القتل يتم كهربائيا في كل الحالات.
سماحة الرئيس العام: بعد أن عرضت على معاليكم صورة من عملية الذبح في البرازيل يشرفني أن أرفع أن المركز الإسلامي في برازيليا الذي تم تأسيسه بعضوية السفراء العرب والمسلمين، والذي ليس له حتى الآن منفذ معتمد أو مدير دائم، هذا المركز الإسلامي الذي بنى مدرسة للمسلمين في برازيليا وسرعان ما أغلقها ثم سلمها دون قيد أو شرط لبعض البرازيليين ليفتحا مدرسة برازيلية - نعم، برازيلية المنهج والإدارة - وذلك لفشله في اتخاذ ولو قرار واحد فيما يتعلق بالمسلمين بالمنطقة، هذا المركز الإسلامي قد اتخذ قرارا ليشرف بنفسه على عملية الذبح، وهذه خطوة لو تحققت فإنها جيدة، ولكن كيف يشرف وبينه وبين أماكن الذبح مئات الأميال وليس عنده موظفون ليستخدمهم في هذا؟ .
لذا فأقترح أن يصلكم عن طريق وزارة التجارة السعودية أسماء
الشركات الموردة للحوم وعناوينها وأسماء المستوردين؛ وذلك لتعميد مبعوثكم للدعوة في تلك البلاد بزيارة الشركات الموردة؛ لدراسة إمكانية ترشيح مسلم مقيم في تلك المدينة مستعد ليذبح بنفسه أو تحت إشرافه لقاء جعل يكفيه للتفرغ لهذا، على أن تدفع هذا الجعل الشركة نفسها أو المورد، وفي هذه الحالة يشهد مبعوثكم وتحت مسئوليته أن الذبح قد تم بمعرفته وإشراف (فلان) الذي اعتمد للتفرغ والإقامة في مكان الذبح، وبذلك تتوحد الجهود المبذولة، وتصبح الرئاسة هي المعتمدة إن شاء الله للإشراف على جميع أعمال الذبح، علما بأن العدو الإسرائيلي يرسل دوريا مبعوثين من قبله - يهودا - إلى البلاد الموردة للحوم ليذبحوا بأنفسهم ويقيموا بصورة دائمة في أماكن الذبح بأجر يتقاضونه من الشركة الموردة، وقد وصلت مجموعات منهم إلى سان باولو والريو دي جانيرو وكورتيبا وبعض المدن البرازيلية الأخرى لهذا الغرض، كما يوجد في الأرجنتين عناصر يهودية مقيمة لهذا الغرض تتقاضى رواتبها من الشركات الموردة.
والله أعلم. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. . والله ولي التوفيق.
تلميذكم \ الداعية
أحمد صالح محايري
يتلخص التقرير فيما يلي:
طريقة شركة برنسيسا في ذبح الدجاج
1 -
يعلق الدجاج من أرجله بآلة تسير به إلى رجل بيده سكين يقطع به
رقابها بسرعة بالغة، وتمشي بها الآلة إلى ماء ساخن تغمس فيه لينتف ريشها وتنظف، ثم تعد للتصدير.
2 -
قد يقطع أحد الوريدين دون الآخر، وقد يغمس الدجاج في الماء الساخن قبل انتهاء موته لزيادة سرعة الذابح وسرعة سير الآلة.
3 -
أشك في الذابح هل هو مسلم أو كتابي أو وثني أو ملحد.
4 -
يكتب على الغلاف ذبح على الطريقة الإسلامية، ويصدق على ذلك من لم يشاهد الذبح بنفسه، ولا بنائب عنه، ويأخذ ذلك أجرة، وذلك بناء على طلب وزارة التجارة من المستوردين كتابة ما يثبت أن الذبح إسلامي.
5 -
طلبت من مدير الشركة تعديل طريقة الذبح حتى يكون إسلاميا فوافق على شرط أن نبين له الكمية اللازمة أولا.
طريقة الذبح في شركة ساديا أويسته:
1 -
طريقتها في ذبح الدجاج كطريقة الشركة السابقة في تعليقها من أرجلها وغمسها بماء ساخن يغلي قبل انتهاء حياتها وكتابة ذبح على الطريقة الإسلامية، والتصديق عليها من جمعيتين إسلاميتين بأجرة، إلا أن الذبح بتؤدة بشق الجلد أولا ثم قطع الوريدين غالبا، وهل الذابح كتابي أو وثني؟ .
2 -
أما الأبقار فكانت أولا تصعق بكهرباء ثم تسلخ دون أن يخرج منها دم، ولما بين لهم الأطباء ما في بقاء الدم من الخطر صاروا يضربونها ضربة غير مميتة بمطرقة في رأسها، فإذا سقطت علقت من أرجلها بآلة رافعة، ثم يشق جلد الرقبة ثم يقطع الوريد بسكين آخر، وينزل الدم بغزارة إلى أن
يفارق الحياة، أما حال الذابح والشاهد فكما مضى في ذبح الدجاج.
طريقة الشركة الأرجنتينية في ذبح الأغنام:
1 -
هناك آلة ترفع الأغنام إلى أعلى ويقطع رجل الوريدين والمريء بسكين على الطريقة الإسلامية.
2 -
يكتب الشهادة المركز الإسلامي الأرجنتيني.
3 -
لم يعرف حال الذابح.
طريقة الشركة الدانماركية للحوم:
يقول محمد الأبيض الذي يعيش في الدانمارك ويعمل في مصنع لتعليب اللحوم: إنهم يصعقون الأغنام بالكهرباء على كل حال، يكتبون على صناديقها: مذبوحة على الطريقة الشرعية.
أقترح إرسال من يذبح ذبحا شرعيا، أو يشرف على الذبح، فإن اليهود يفعلون ذلك محافظة على موافقة الذبح لما يرونه، ونحن أولى بذلك.
تقرير من الشيخ عبد الله بن علي الغضيه مرشد الرئاسة بالقصيم عن اللحوم المستوردة من لندن وفرنسا نصه:
أما عن موضوع الدجاج المستورد وذبحه، فقد حاولت في لندن التعرف على طريقة الذبح فاتصلت بمدير شركة مكائن الذبح متظاهرا أني أريد إقامة مصنع ذبح في المملكة، فأعطاني كتلوجا مصورا عن المصنع الذي تنتجه شركته، فلما قام يشرح لي كيفية العملية، قلت له: إن الدجاجة ظهرت لجهاز التغليف دون قطع رأسها، فسألني مستفهما: ولماذا قطع الرأس؟ فقلت: إننا في الشرق الأوسط لا نأكل رءوس الطيور، وأرفق لسماحتكم صورة فوتوغرافية للمصنع، وفيه أولا: تقف السيارة عند باب
المصنع، كما يتضح لكم في الرسم المترجم، ثم ينزل الدجاج منها فيعلق بأرجله، ثم يمر بآلة مستديرة تنفتح من النصف، فيدخل به رأس الدجاجة، ومكتوب عليه: الذبح بطريقة التدويخ؛ لأنه يضرب رأس الدجاجة هواء شديد الانفجار، فتصبح الدجاجة بعد لا تسمع ولا ترى، وتنتظر الموت بعد لحظات، ثم تمر بجهاز آخر يقطر فيه، إن ظهر منها سائل دم أو غيره، بعده تمر على جهاز يعمل بالبخار أو الماء الحار جدا، وفيه تموت إن كان بها حياة وتخرج منه لأجهزة النتف والتنظيف، إلى أن تخرج لأكياس النايلون، ثم للكرتون الذي كتب عليه باللغة العربية: ذبح على الطريقة الإسلامية، وهذا المصنع صغير، وينتج في الساعة (2000) ألفين دجاجة، ويقول من سألت: إن في فرنسا نفس الطريقة، إلا أنهم يزيدون أن الدجاج إذا اكتمل نموه فإنهم يضعونه في مستودعات شديدة البرودة، ويسحب منها حسب طلب الأسواق، وبالطبع تخرج الدجاجة من هذه المستودعات ميتة، ثم توضع في برك حارة استعدادا للنتف والتصدير، وهذا لم أره، إنما ذكره كل من سافر لفرنسا وأمريكا، وأتمنى لو انتدب أحد لغرض الاطلاع ونقل الحقيقة، وباطلاع سماحتكم على صور المصنع يتضح لكم منه ما ذكرت أسأل الله أن يكفينا بحلاله عن حرامه، وأن يصلح أحوال المسلمين، وأن يصلحهم حكاما ومحكومين، والله يحفظكم.
وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
ثم نشرت له (مجلة الدعوة) السعودية مقالا في عددها (676) بتاريخ 27 من ذي الحجة 1398هـ تحت عنوان: (معلومات عن الدجاج المستورد) جاء فيه ما نصه:
الحمد لله الذي أحل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث، والصلاة والسلام على هادي الخلق إلى الحق نبينا محمد، وآله وصحبه الطيبين.
اطلعت على مقال الشيخ الأخ عبد الرحمن بن محمد الإسماعيل المنشور في (مجلة الدعوة) عدد (668) بتاريخ 16 شوال 1398هـ بعنوان (لئلا نأكل حراما) وإنني إذ أشكره لا يفوتني أن أشكر القائمين على شأن (مجلة الدعوة) التي تصدر بالرياض عاصمة المملكة العربية السعودية أعزها الله بطاعته، أضم صوتي مع الشيخ عبد الرحمن، ومع كل المسلمين الذين أصبحوا في حيرة من هذه اللحوم المستوردة التي ملأت أسواقنا، فإذا ما ذهب أحدنا إلى علمائنا الأجلاء مستفتيا عن هذه الذبائح من الدجاج وغيرها - كان جوابهم محيرا، فتارة يقولون: طعام أهل الكتاب حل لنا، وهذا صحيح كما هو نص القرآن، لكن يبرز سؤال آخر: وهل بقي الآن أحد على كتابه من اليهود والنصارى؟ فإن وجد يهودي أو نصراني فهل يحل للمسلم أن يأكل ذبيحته كيفما ذبحها؟ إذ أنه من المعروف أن طرق الذبح قد تنوعت، وأصبح بعضها لا يوافق الطريقة الشرعية للذبح؛ من إراقة الدم، وقطع الودجين، وتوجيه الذبيحة إلى القبلة. . إلخ القواعد الشرعية المنصوص عليها.
وهناك بعض العلماء إذا سئل عن الدجاج مثلا قال: سم الله وكل، مستدلا بحديث عائشة - رضي الله - عنها جاء فيه: «إن أناسا قالوا: يا رسول الله،
إن قوما حديثي العهد بجاهلية يأتوننا بلحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: سموا الله وكلوه (1) » رواه البخاري (2) ، ففي هذا الحديث الشريف لم يكن هناك شك إلا هل ذكر اسم الله أم لا؟ وإلا فالذبح شرعي لا شك في ذلك، مع أن معظم العلماء من السلف والخلف لا يجيز أكل ما لم يذكر اسم الله عليه، مستدلين بقول الله تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} (3) وهذا مع الذكر، أما إن ذبح ونسي أن يذكر الله غير عامد لذلك - فقد ورد تفصيل ذلك عن بعض الأئمة رضي الله عنهم فيما يلي (4) :
يقول الإمام أبو حنيفة وأصحابه، ومالك وأحمد بن حنبل في أشهر وأصح الروايات عنهم: أن التسمية إذا تركت على الذبيحة عمدا لم يحل أكلها، وإذا تركت نسيانا حل أكلها، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قد سئل عن الذبيحة التي يتيقن أنه لم يسم عليها هل يجوز أكلها؟ فأجاب بقوله:(الحمد لله، التسمية واجبة عليها بالكتاب والسنة، وهو قول جمهور العلماء، لكن إذا لم يعلم الإنسان هل سمى الذابح أم لم يسم أكل منها، وإن تيقن أنه لم يسم لم يأكل، وكذلك الأضحية) . ويقصد بذلك شيخ الإسلام رحمه الله: إذا كان الذابح أهلا للذبح، وهو المسلم الذي
(1) صحيح البخاري البيوع (2057) ، سنن النسائي الضحايا (4436) ، سنن أبو داود الضحايا (2829) ، سنن ابن ماجه الذبائح (3174) ، موطأ مالك الذبائح (1054) ، سنن الدارمي الأضاحي (1976) .
(2)
من كتاب [الإسلام في مواجهة التحديات] للمودودي صـ 141.
(3)
سورة الأنعام الآية 121
(4)
[الإسلام في مواجهة التحديات] صـ 140، [مجموع الفتاوى] شيخ الإسلام ابن تيمية (35\240) .
يذبح على الطريقة الشرعية، ويذكر اسم الله عليها، فإن نسي ذكر اسم الله جاز الأكل، كما في الحديث المشهور «سم الله وكل (1) » لكن إذا تركت التسمية عمدا لا تؤكل، أو أن يكون الذابح كتابيا لم ينحرف عن اعتقاده باليهودية إن كان يهوديا أو نصرانيا محافظا على معتقده، إذ كثرت في العالم الغربي الانحرافات، وانتشرت عندهم المذاهب المعارضة لكل الديانات، مثل: الشيوعية الخبيثة التي تنكر وجود الله، وجميع الديانات السماوية، ولا يوجد في اليهود والنصارى الذين أبيح لنا طعامهم - أي: ذبائحهم - لا يوجد فيهم من هو معتقده إلا شرذمة قليلة يدعون برجال الدين، وهم بعيدون كل البعد عن الذبح والذبائح، إذ أن لهم مناصب رفيعة ومكانة عالية، فلا يتولى الذبح هناك إلا بعض صغار العمال من الشباب المنحرف الذي لا يلتزم بدين، ومعظمهم دهري وثني.
هذا ولا يخفى على مسلم أن أي ذبيحة ذبحت على غير الطريقة الإسلامية؛ كالغطس بالماء الحار، أو الضرب حتى تدوخ وتموت، أو أي نوع من أنواع القتل المخالف للشرع، فلا يخفى أنها حرام وإن ذكر اسم الله عليها، إذ أن الله تعالى يقول:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (2) الآية.
فبعد ما ذكر الله هذه الأنواع القاتلة للحيوان، وأنها محرمة، والحالة هذه، قال جل وعلا:{إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (3) أي: إذا حصلت هذه الأنواع على
(1) صحيح البخاري الأطعمة (5376) ، صحيح مسلم الأشربة (2022) ، سنن أبو داود الأطعمة (3777) ، سنن ابن ماجه الأطعمة (3267) ، مسند أحمد بن حنبل (4/26) ، موطأ مالك الجامع (1738) ، سنن الدارمي الأطعمة (2019) .
(2)
سورة المائدة الآية 3
(3)
سورة المائدة الآية 3
حيوان مما أحل الشرع أكله ثم لم يمت ووجدت به حياة مستقرة ثم ذبح وذكر اسم الله عليه - فحلال وإلا فلا.
هذا الدجاج المستورد مذبوحا هل نأكله؟
إن من يلقي نظرة على أسواقنا وبقالاتنا يجد بها أعدادا كبيرة جدا من الدجاج المستورد والمذبوح خارج بلادنا، والذي لا يصل إلينا إلا بعد مدة طويلة من ذبحه، ويكتب على ظروفه (ذبح على الطريقة الإسلامية) فهل يا ترى إذا كتبت هذه العبارة يحل أن نأكل بموجبها دون تحر وتقص؟ أو أن المسلم مأمور بالابتعاد عن المتشابهات؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام:«دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (1) » وقوله «الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات، فمن ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه (2) » (الحديث)
وأنا أكتب هذا المقال اطلعت على ما نشر في (مجلة المجتمع) بعددها (414) في 1\11\1398 هـ صفحة (20) بعنوان: (حول شرعية ذبح الدجاج في الدانمارك) والذي وجهته جمعية الشباب المسلم، وخلاصته: أن الدجاج هناك لا يذبح على الطريقة الإسلامية المشروعة، ولا يحل لمسلم أن يأكله، ولو كتب على الكرتون (ذبح على الطريقة الإسلامية) ومن المعلوم أن الدجاج يذبح هناك بالآلاف، فأنا أقدم صورة مصنع لذبح الدجاج، وهو من أصغر المصانع الأوربية وينتج في الساعة الواحدة (2000) ألفي دجاجة.
(قصة وصول صورة المصنع إلي) :
كنت في لندن في أول هذا العام، وحرصت أن أرى مصنعا من مصانع ذبح الدجاج، فاتفقت مع شركة إنجليزية لتطلعني على ما أردت،
(1) سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2518) ، سنن النسائي الأشربة (5711) ، مسند أحمد بن حنبل (1/200) ، سنن الدارمي البيوع (2532) .
(2)
صحيح البخاري الإيمان (52) ، صحيح مسلم المساقاة (1599) ، سنن الترمذي البيوع (1205) ، سنن ابن ماجه الفتن (3984) ، مسند أحمد بن حنبل (4/269) ، سنن الدارمي البيوع (2531) .
ودفعت رسم زيارة المصنع مبلغ مائة وخمسون جنيها، واصطحبت المترجم، وتركنا لندن إلى إحدى ضواحيها التي تبعد مسافة قطعتها السيارة بساعة، فلما وصلنا هناك فوجئت بأنني خدعت إذ لم أر ما أريد؛ لأنني متظاهر أنني تاجر سعودي لدي مؤسسة في السعودية، وأرغب إقامة مشروع دواجن، وأريد مصنعا أوتوماتيكيا لذبح وتغليف الدجاج، ومما يظهر أنهم لا يرغبون أن يطلع على ذبحهم أحد، كما حصل للشبيبة المسلمة في الدانمارك، فقد حاولوا عدة مرات الاطلاع على طريقة الذبح فلم يسمح لهم بذلك، ولو كان موافقا للطريقة الإسلامية كما يقولون لاطلعوا عليها، المهم أننا دخلنا محلا صغيرا به حوالي عشرة عمال من المسلمين الباكستانيين يذبحون بأيديهم بالطريقة المعروفة لدينا هنا، ثم بعد الذبح على الطريقة المعتادة المعروفة لدينا هنا يضعون الدجاج في ماء حار، وبعد ذلك ينتف بواسطة النتافة المعروفة، والتي هي عبارة عن دائرة تدار بالكهرباء، ولها أصابع من الكاوتشوك لينة تضرب الدجاج بقوة فتنزع الريش منه، وهي معروفة وموجودة عندنا في المملكة، فبعد ذلك عرفت أن هؤلاء يتبعون لتاجر باكستاني مسلم غيور على إسلامه التقيت به في محله، وفي المركز الإسلامي بلندن، وهو يذبح الدجاج والأغنام للمسلمين في لندن ويبيعها عليهم، وكنا نشتري منه.
فقلت للمترجم: هذا موجود عندنا الذبح باليد والنتف بالآلة، فرد الإنجليزي الخبيث: أنا عرفت أنه مسلم من السعودية، ولا يصلح أن يقيم في بلده مصنعا يذبح الدجاج فيه كالذي عندنا في أوربا، فقوانين بلاده لا تسمح بمثل هذا، فقلت: أنا رغبتي بمشاهدة المصنع الأوتوماتيكي،
ولا دخل له فيما أريد، فقال: حسنا، إذا ترتب له زيارة ثانية لأحد مصانع الدجاج الأوتوماتيكية، وكان هذا الكلام قبل سفري راجعا إلى المملكة بيومين، فقلت: إني مسافر، وقد انتهى وقتي، حيث مضيت شهرا، ولكني أرغب (بكتالوج) المصنع الأوتوماتيكي لأطلع عليه، وأدرسه، فسلمني كتالوجا من حقيبة كانت معه، وقال: هذا المصنع صغير يكفيه من الكهرباء كذا، ومن الأرض كذا، والعمال والماء كذا، وهو ينتج بالساعة (2000) ألفي دجاجة مذبوحة معلقة، فأخذته (وأرفق صورة منه للاطلاع، وقد طبعت منه خمسة عشر ألف نسخة) .
(نبذة عن المصنع) :
1 -
تحضر السيارة الدجاج من الحظائر الذي ربما مات بعضه فيها قبل أن ينزل، أو نتيجة البرد أو التحميل أو التنزيل ومعروف سرعة موت الدجاج.
2 -
كما يتضح من الصورة تعلق الدجاج بأرجلها ثم يحيط بها حزام متحرك فوق الرأس، فتذهب بطريقة آلية حيث تمر بجهاز كتب تحته (الذبح بطريقة التدويخ) .
3 -
هناك حوض يستقبل السوائل من الدجاج إن خرج منها شيء.
4 -
وهو بيت القصيد، مغطس ضخم كتب عليه (جهاز محرق جدا) يعمل بالبخار أو الماء الحار، فتغطس فيه الدجاجة المسكينة لتفقد فيه آخر رمق من الحياة، ثم بعد ذلك تخرج منه جثة هامدة بعد أن تعرضت للخنق والوقذ والتردي، والله تعالى قد قال:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (1)
(1) سورة المائدة الآية 3
وهذا الدجاج قد تعرض لشيء مما ذكر الله، ثم بعد نتفه وتنظيفه من الرأس يغلف بكراتين كتب عليها:(ذبح على الطريقة الإسلامية) وتلاحظ قارئي العزيز: أن الدجاجة دخلت المذبح وخرجت منه ميتة، منتوفة الريش، منظفة الأحشاء، مقطعة الأرجل، إلا أن رأسها قد صحبها منذ أن خلقها الله، ولا يقطع منها إلا إذا كانت سوف تصدر للشرق الأوسط، وقد سألت الإنجليزي لما خرجت من المذبح ورأسها موجودة فيها، قال لي: أما رأيت أن الطيور عندنا والذبائح رؤوسها موجودة لا تقطع، وفعلا رأيت الطيور والذبائح بأسواقهم رؤوسها معلقة فيها، وهي معروضة للبيع دون أن ترى رقابها أثرا للذبح، وهذا يشاهده كل من زار لندن أو غيرها من البلاد الأوربية، إذ أنهم يعتبرون أن الذكاة الشرعية الإسلامية طريقة وحشية لا يقرها القانون، كما أنهم لا يتركون الحيوان ينزف دمه مدعين أنه يفقد وزنه، وهذا يلاحظ في الدجاج المستورد منتفخة، أما ما تذبحه أنت فتراه ينقص ويقل وزنه، وهم لا يريدون ذلك، بل يريدون الوزن الكثير للحصول على الربح الوفير.
وبعد فماذا يرى علماؤنا الأجلاء؟ أصحاب الفضيلة العلماء، قد كتبت لمعنيين منكم تقريرا مفصلا إثر عودتي من لندن عن كل ما رأيت، وأهم ذلك الدجاج، وقلت: إنه لا ينبغي للعالم أن يسكت عن مثل هذه المواضيع الهامة كالمطعم والمشرب الذي يرد معظمه من بلاد كافرة، وطلبت أن ينتدب أناس للوقوف على الحقيقة، وأن لا يكتفي بقول التجار ولا الشركات الموردة بأنه ذبح على الطريقة الإسلامية، ثم بعد ذلك يبين للناس هل يأكلون أم لا؟
وأن لا يكتفي بقول الله: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (1) فالشريعة بينت معنى ذلك، فالميتة والدم والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة إذا لم تدرك فيها الحياة وتذكى ويذكر اسم الله عليها- فهي حرام، ولو كانت عند المسلم وفي بلد إسلامي، فكيف بالذبائح والدجاج يتعرض لبعض هذه الأمور في بلاد كافرة، وعند أناس كفار قد فارقوا دينهم، وارتدوا عن البقية الباقية منه، فبعضهم دهري، والآخر علماني، ومعظم شبابهم قد اعتنق الشيوعية، فمع هذه المصائب كلها لا يذبحون على الطريقة الإسلامية، ولا يذكرون اسم الله، ومعلوم أن المسلم لو ذبح على غير الطريقة الإسلامية بأن خنق أو وقذ ذبيحته فهي لا تحل، وإن ذكر اسم الله، فذكر الله لا بد أن يقترن مع التذكية الشرعية، وقد نشرت مجلة (المجتمع) عن ذلك أكثر من مرة، آخر ذلك ما جاء في عددها (414) في 1 ذي القعدة سنة 1398هـ حيث نشرت نداء جمعية الشباب المسلم بالدانمرك، خلاصته: أن الدجاج الدانمركي يذبح على غير الشريعة الإسلامية، وأنه لا يحل أكله والحالة هذه.
ما يقال عن اللحوم يقال عن الدهون أيضا:
كذلك هذه الدهون التي غزت أسواقنا، ألا يحق لنا نسأل عنها؟! فقد كثر الكلام عن الدهون، وأن معظمها يحتوي على شحوم الخنزير، وغيره من الحيوانات المحرمة؛ كالكلاب، والحمير، وقد ذكر لي أحد تجارنا المعروفين: أنه ذهب إلى هولندا لغرض التعاقد مع شركة هناك لتوريد دهون منها للمملكة العربية السعودية يقول: وقبل إبرام العقد اطلعت على المصنع فإذا بجواره محل كبير جدا فيه أكوام هائلة من الشحوم والعظام
(1) سورة المائدة الآية 5
تصهر بمصاهر خاصة، ثم تتحول إلى سمن صاف يوضع عليه علامة شوكة وملعقة أو غير ذلك من العلامات التجارية، وهذه الدهون قد استخرجت من شحوم الخنازير والكلاب والحمير والبقر والغنم الميتة وغيرها، التي هي حرام وإن ذكيت مثل: الخنزير والكلب، وحرام لعدم التذكية من البقر والغنم. وقد أثارت هذا الموضوع (مجلة المجتمع) بالنسبة للجبن الكرافت وكذلك عن الدهون وذلك بعددها (412) في 17\10\ 1398 هـ بالنسبة للدهون المستوردة.
وبعد: فإني أرجو من العلماء والتجار إرشاد الناس، وجلب ما هو حلال نافع لهم ولأمتهم وبلادهم، فإن لم نفعل فقد ضيعنا الأمانة، وأهملنا قول الله تعالى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (1) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«الدين النصيحة قالها ثلاثا، قلنا: لمن يا رسول الله، قال: لله، ولرسوله، وكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم (2) » .
اللهم وفقنا لفعل الخيرات، وجنبنا المنكرات، وأصلحنا اللهم حكاما ومحكومين، وأمراء ومأمورين، اكفنا اللهم بحلالك عن حرامك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.
(1) سورة المائدة الآية 2
(2)
سنن الترمذي البر والصلة (1926) ، سنن النسائي البيعة (4199) .
ملخص مقال الشيخ عبد الله الغضية
1 -
هل بقي أحد على كتابه من اليهود والنصارى محافظا على معتقده ولم يلحد أو يعتنق الشيوعية؟
2 -
معظم من يتولى الذبح هناك من الشباب المنحرف الدهري والوثني.
3 -
هل نأكل من الذبائح المستوردة بمجرد أن نرى على غلافها: (ذبح على الطريقة الإسلامية) أو نتحرى لحديث: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (1) » وحديث التحذير من المشتبهات.
4 -
خدعوه عن المذبح الأوتوماتيكي، وأروه مذبحا يذبح فيه قلة من المسلمين يذبحون لمسلمين بالداخل، ولم يمكنوه من الاطلاع على المذبح الأوتوماتيكي، ولو كانت طريقة الذبح شرعية لمكنوه من مشاهدته.
5 -
تخرج الدجاجة من المذبح ميتة منتوفة، ورأسها لم يقطع، وليس في رقبتها أثر ذبح، وأقر بذلك إنجليزي من جماعة المذابح، ويرون أن الذكاة الإسلامية وحشية، وأن بقايا الدم فيها أثقل لوزنها وأربح.
6 -
كذلك الأدهان تخلط بشحم الخنزير وشحم الميتة.
7 -
اقتراح إرسال من يطلع ويقف على الواقع في الذبائح والأدهان.
أما تقريره فخلاصته:
1 -
يعلق الدجاج بأرجله، ثم يمر بآلة تنفتح من النصف فيدخل في الفتحة رؤوس الدجاج، ومكتوب على هذا الجهاز:(الذبح بطريقة التدويخ) ؛ لأنه يضرب رأس الدجاجة هواء شديد الانفجار، فتصبح الدجاجة بعده لا تسمع ولا ترى، وتنتظر الموت بعد لحظات، ثم تمر بجهاز آخر يقطر منه إن ظهر منها سائل أو غيره، بعدها تمر على جهاز بخاري أو ماء حار جدا،
(1) سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2518) ، سنن النسائي الأشربة (5711) ، مسند أحمد بن حنبل (1/200) ، سنن الدارمي البيوع (2532) .
وفيه تموت إن كان بها حياة، ثم تخرج منه إلى أجهزة النتف والتنظيف والتغليف، ويكتب على الغلاف:(ذبح بالطريقة الإسلامية) .
2 -
ذكر أنه سمع أن نفس الطريقة تتبع في فرنسا، إلا أنهم يزيدون وضع الدجاج المراد ذبحه في مستودعات شديدة البرودة، ويسحب منه حسب طلب الأسواق، وبالطبع يخرج الدجاج من هذه المستودعات ميتا، ثم توضع في برك حارة تمهيدا للنتف والتصدير.
3 -
اقتراح إرسال من يشاهد وينقل الحقيقة.
تقرير من مبعوث الرئاسة في اليونان للدعوة الأستاذ جمال إدريس اليوناني هذا نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم
من جمال بن حافظ إدريس المبعوث في اليونان.
إلى سماحة صاحب الفضيلة
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز وفقه الله في الدارين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وصلتني رسالتكم الكريمة، تطلبون بيان الطريقة التي تذبح بها الحيوانات- قد زرت بعض الأماكن المشهورة في اليونان فرأيت كما يلي:
الأول: فيها مكان تذبح الحيوانات فيه كما نذبح نحن المسلمون، تذبح بعد خروج دمائها ثم تسلخ وتقطع.
والثاني: الحيوان إذا كان كبيرا يضرب من رأسه بآلة كمسدس فيسقط
ويذبح قبل مماته، وهذا القبيل أو الأصول مشكوك أن روح المذبوح بهذه الطريقة تخرج قبل خروج دمه، أما الطيور: فيتم نتف ريشها قبل ذبحها، فتذبح بالآلات الأوتوماتيكية.
أخبرني أحد الأطباء: أننا أردنا أن نعرف ما كان الذبح على الطريقة الشرعية، فننظر إلى عظام ذلك الحيوان في أثناء التناول، فإذا كان يميل لون العظام إلى البياض فهذا أكبر دليل على أن دم هذا الحيوان قد خرج بالكامل، أي: ذبح بالطريقة الشرعية، وإذا كان يميل اللون إلى السواد فهذا دليل على أن الحيوان لم يذبح بالطريقة الشرعية.
والأماكن التي زرتها هي في اليونان فقط، بناء على عدم توضيح في رسالتكم المباركة الأماكن خارج اليونان، ولم أفهم هل أردتم أماكن اليونان فقط أم خارج اليونان أيضا، فنرجو التوضيح من سيادتكم، إنني مستعد أزور أماكن كثيرة إذا أردتم ذلك، أطال الله عمركم ويوفقنا لما فيه الخير للإسلام والمسلمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابنكم المخلص
جمال بن إدريس اليوناني
خلاصته
إن للذبح حالتين:
الأولى: إنه على الطريقة الإسلامية.
الثانية: أن يضرب الحيوان الكبير في رأسه بمسدس فيسقط ويذبح، وفي هذه الطريقة شك في كون التذكية حصلت والحيوان حي أو بعد موته.
ورد تقرير من الشيخ صهيب حسن عبد الغفار مبعوث الرئاسة في لندن نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم
استفتاء
أرجو من مجلس أعضاء لجنة الفتوى التابعة لرئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إصدار الفتوى الشرعية في اللحوم المستوردة من الخارج، وذلك بعد النظر في طريقة ذبح الحيوانات في المجازر الغربية حسبما جاء في مشاهداتي الشخصية، وما ذكر في التقرير المرفق الذي نشرته (مجلة المجتمع) الكويتية في عددها رقم (414) بتاريخ أول ذي القعدة 1398هـ وما يترتب على هذه الطريقة من آثار سيئة حسب تحقيق بعض الأطباء المسلمين في بريطانيا.
(أ) طريقة الذبح في مذابح بريطانيا خاصة:
أولا: الخرفان والأبقار: يؤتى بالخروف والبقر إلى مكان مخصوص، حيث يقوم رجل بإيصاله صدمة كهربائية بواسطة آلة خاصة أشبه بالمقص توضع على مقدم رأسه مما يجعل الحيوان يفقد حواسه ويسقط على الأرض، وهناك طريقة أخرى لا تزال تتبع في كثير من الأمكنة، وهي ضرب الحيوان بمطرقة حديدية على الرأس، ويتم ذلك بطريق مسدس يتعلق بفوهته قطعة حديدية مثل الرصاص، فإذا أصاب الرأس سقط الحيوان مغشيا عليه، ثم يعلق رأسا على عقب برافعة، ويدفع إلى الجزار، فإذا كان الجزار مسلما- وذلك في مجازر معينة تستأجر للجزارين المسلمين لذبح كمية محدودة للاستهلاك المحلي للسكان المسلمين فقط- قام بذبح
الحيوان المعلق بسكين حاد على الطريقة المألوفة لدى المسلمين فيخرج منه الدم بعد ذلك إلى المرحلة التالية من السلخ والقطع، وأما إذا كان الجزار غير مسلم قام بغرز السكين داخل الحلق من الطرف ثم أخرجه بقوة إلى الخارج، مما يقطع بعض أوداجه ليسيل منه الدم.
ثانيا: الدجاج: أما الدجاج فإنما يتم تخديره بصدمة كهربائية أيضا، ولكن على قاعدة الغسيل بالماء الذي يمر به التيار الكهربائي، ثم يجرح رقبته بسكين حاد أتوماتيكيا ليخرج منه الدم، إلى أن تتم المراحل الباقية من النتف والتصفية؛ ليكون جاهزا للتصدير.
(ب) الآثار التي تترتب على هذه الطريقة:
أن المجازر الغربية اتخذت الطرق المذكورة للذبح رحمة بالحيوانات حسب ادعاء جمعيات الرفق بالحيوانات، ولكن من البديهي أن الغربيين اختاروا هذه الطرق للحصول على أكبر كمية من اللحم في مدة قصيرة، أو بعبارة أخرى لأجل تحقيق مكاسب تجارية على مستوى واسع، وقد قام عدد من الأطباء المسلمين بإجراء تحقيق كامل في مثل هذه اللحوم، ووصلوا إلى النتائج التالية؛ كما ورد في كتاب الدكتور غلام مصطفى خان رئيس جمعية أطباء المسلمين في بريطانيا، وتقرير الدكتور محمد نسيم رئيس وقف المسجد الجامع في مدينة برمنجهام.
أولا: تحذير الحيوان قبل الذبح يسبب فتورا لدى الحيوان، وانكماشا في قلبه، فلا يخرج منه الدم عند الذبح بالكمية التي تخرج عادة، ومن المشاهد أن طعم اللحم الذي خرج منه الدم كاملا غير طعام الحيوان الذي بقيت فيه كمية من الدم، وأخبرني أحد المشرفين على مجزرة إسلامية
كبرى في برمنجهام أن من الإنجليز من يفضل الحيوان المذبوح بالطريقة الإسلامية للأكل؛ وذلك لأجل طعمه المتميز عن بقية اللحوم.
ثانيا: أن الصدمة الكهربائية لا تؤدي مقصودها في جميع الأحوال، فإذا كانت الصدمة مثلا خفيفة بالنسبة لضخامة الحيوان بقي مفلوجا بدون أن يفقد الحواس ويشعر بالألم مرتين: الأولى: بالصدمة الكهربائية أو بضربة المسدس، والثانية: عند الذبح، أما إذا كانت الصدمة الكهربائية شديدة لا يتحملها الحيوان أدت إلى موته بتوقف القلب، فيصير ميتة لا يجوز أكله بحال من الأحوال.
ثالثا: أن الطريقة المتبعة لدى المسلمين أرحم بالحيوانات؛ وذلك لأن الذبح يتم بسكين حاد بسرعة فائقة، ومن الثابت أن الشعور بالألم ناتج عن تأثير الأعصاب الخاصة بالألم تحت الجلد، وكلما كان الذبح بالطريقة المذكورة خف الشعور بالألم أيضا، ومن المعروف أن قلب الحيوان الذي لم يفقد حسه أكثر مساعدة على إخراج الدم كما مر آنفا.
خلاصته
1 -
صعق الأبقار بكهرباء أو بضرب رأسها بمطرقة.
2 -
استئجار مسلم لذبح كمية منها ذبحا شرعيا لاستهلاك المسلمين المحلي.
3 -
أما الجزار غير المسلم فيغرز طرف السكين في الحلق لإخراج الدم بقطع الأوداج.
4 -
أما الدجاج فيخدر بتيار كهربائي، ثم تجرح رقبته بسكين حاد أوتوماتيكي؛ ليخرج الدم.
الآثار السيئة المترتبة على ذلك
1 -
تخدير الحيوان قبل الذبح يحدث ضعفا وانكماشا في قلبه؛ لذا لا تخرج كمية كثيرة من دمه وينشأ عن ذلك ضعف تغذيته والتلذذ بطعمه.
2 -
الصدمة الكهربائية إن كانت خفيفة تألم منها الحيوان وتألم من الذبح، وإن كانت قوية مات منها الحيوان قبل ذبحه لوقوف قلبه.
3 -
دعوى أن التخدير أو الصعق فيه راحة للحيوان ليست صحيحة، وإنما القصد ذبح الكثير في زمن قليل رغبة في زيادة الكسب.
تقرير من الشيخ عبد القادر الأرناؤوط المبعوث من الرئاسة إلى يوغوسلافيا للدعوة نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد القادر الأرناؤوط إلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله من كل سوء، ووقاه من كل مكروه، ووفقه لما فيه خير الدنيا والآخرة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية من عند الله مباركة طيبة. وبعد:
فإني أرجو الله عز وجل أن تكونوا بخير وعافية يا سماحة الشيخ، وإني أرسل لكم هذه الرسالة من يوغوسلافيا جوابا على رسالتكم الكريمة التي أرسلت إلي من قبلكم بتاريخ 21\6\1398 هـ.
وإني قد درست موضوع اللحوم في يوغوسلافيا وإني أكتب لكم خلاصة ما توصلت إليه في هذا.
أما في القرى فإنهم يذبحون الحيوانات من الغنم والبقر والماعز ذبحا شرعيا بأيديهم، وفي أمكنة خاصة، والذين يذبحون من المسلمين، وأما في المدن ففي مدينة (سيراجيفو) sarajevo التي هي عاصمة البوسنة والهرسك، وتسمى عندهم: جمهورية إسلامية، فكذلك يذبح بها المسلمون، لكن بطرق حديثة: يأتون بالبقر ويضربون البقرة بين عينيها بآلة كهربائية ضربا خفيفا كي تقع على الأرض؛ ثم يدخلونها وهي على قيد الحياة تحت المقصلة وهي آلة حادة فيقطعون رأسها ويسهل منها الدم ثم يدخلونها ضمن آلات تخرج معبأة ضمن علب (الكونسردة) فهذا أيضا لا شبهة فيها، ويكتب عليها صنع (سيراجيفو) ، وفي غيرها من المدن ربما يكون الذابح غير مسلم، ولكن يكون كتابيا، وقد يكون شيوعيا، ولكن حسبما ظهر لي أن أكثر الذين يدعون أنهم شيوعيون، إنما هم بالاسم لمصلحة خاصة، أو منفعة مادية، والشيوعي الحزبي لا يقوم بمثل هذه الأعمال، وهم كأنهم توافقوا بأن الحيوان إذا ضرب على رأسه مثلا وقتل بهذه الضربة وبقي دمه في جسمه ولم يسفح: أن اللحم يفسد، ويكون ضررا على آكله، إلا أنهم قد يذبحون بنفس الآلات الخنازير، ثم يذبحون بعدها مثلا البقر، وهذا هو المحظور في هذه المسألة، وهذه لم أستطع أن أتحقق منها، وقد قال لي بعضهم: يذبحون الخنازير بمحلات خاصة، والبقر في محلات خاصة، وعند ذلك يزول الإشكال.
وعلى كل فالأحسن أن يأخذ من علب (الكونسردة) التي تصنع في (سيراجيفو) المسلمة، أما الحيوانات التي ترسل إلى البلاد الخارجية من الغنم مثلا والبقر فإنها تذبح كما ذكرت لكم في القرى ذبحا شرعيا،
وبأيدي المسلمين، وكذلك في مدينة (سيراجيفو) المسلمة بأيدي المسلمين ذبحا شرعيا، وفي غيرها من المدن الذين يذبحون؛ إما من المسلمين، وإما من النصارى الكاثوليك، وقليل ما هم من الشيوعين أرباب المصالح الخاصة والأشياء المادية، فشيوعيتهم ليست دينا، وإنما هي مصلحة ووظيفة، وكما ذكرت لكم الشيوعي المادي الملحد الحزبي على الغالب لا يقوم بمثل هذه الأعمال الخسيسة في نظرهم، وعلى كل تذبح وتقطع رؤوسها ويخرج منها الدم المسفوح وترسل إلى البلاد العربية، وكثيرا ما يراعون الذبح إذا كان للسفر إلى خارج بلادهم.
وأرجو دعواتكم الصالحة، وإني أسأل الله تعالى أن يتولانا وإياكم، وأن ينصر الحق وأهله، وأن يعيننا على أداء مهمتنا على أحسن وجه، إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أخوكم
عبد القادر الأرناؤوط - يوغوسلافيا - استوغ
خلاصته
1 -
يذبح أهل القرى الأغنام ذبحا شرعيا بأيديهم في أماكن خاصة - والذابح مسلم.
2 -
في مدينة (سيراجيفو) عاصمة البوسنة والهرسك يذبح فيها المسلمون الأنعام كذلك بالطريقة الشرعية، غير أنهم يضربونها بآلة كهربائية ضربا خفيفا لتقع على الأرض، ثم يدخلونها وهي حية تحت المقصلة، ويقطع رأسها ويسيل منها الدم، ثم تعلب، ويكتب على الشحنة (سيراجيفو) .
3 -
في غير هذه المدينة من المدن قد يكون الذابح غير مسلم كتابيا أو شيوعيا بالاسم لا بالحقيقة من أجل الوظيفة أو المصلحة.
4 -
أما الحيوانات التي ترسل إلى البلاد الخارجية فإنها تذبح كما ذكرت لكم في القرى ذبحا شرعيا بأيدي المسلمين.
5 -
قد يكون ذبح الأنعام بالآلة التي تذبح بها الخنازير.
6 -
النصح بالاقتصار على شراء علب اللحوم التي ذبحت في سيراجيفو لما تقدم.
ونشرت (مجلة الدعوة) بالرياض مقالا للدكتور محمود الطباع بأبها في عددها (673) بتاريخ 21 من ذي القعدة 1398هـ تحت عنوان (لئلا نأكل حراما) جاء فيه ما نصه:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: قرأت في (مجلة الدعوة) العدد (667) تاريخ 9 شوال 1398هـ المقال الذي كتبه عبد الرحمن المحمد الإسماعيل جزاه الله خيرا بعنوان (لئلا نأكل حراما) وأرغب أن أوضح ما يلي:
أنا الدكتور محمود الطباع طبيب بيطري، درست في ألمانيا الغربية، وفي بدء دراستي تعرضت مع إخوتي المسلمين لمشكلة اللحوم المذبوحة، وهل يجوز الأكل منها، ولنتأكد من طريقة الذبح ذهبت مع عدد من الإخوان لزيارة المسلخ في مدينة (هانوفر) فشاهدنا الجزارين يحضرون قطيعا من الأبقار يطلقون على رأسها من مسدس خاص، وبعد أن وقعت جميعها على الأرض بدون حراك أخذ العمال استراحة يأكلون فيها ما يقارب الثلث ساعة، ثم قاموا وعلقوا الأرجل الخلفية في الرافعات
المتحركة، وقطعوا الرأس، ثم نزعوا الجلد وشقوا البقرة إلى نصفين وغسلوها بالماء بعد إخراج المعدة، فكانت مياه الغسيل بلون الدم، وقبل أن ينتهي العمال من فترة الاستراحة يبدأون بقطع رأس الأبقار، تأكدنا أن جميع الأبقار كانت ميتة، ولا يحل أكلها في ديننا الحنيف، وقد نبهنا على الطلبة المسلمين وشرحنا لهم ما شاهدنا، ولكن مع الأسف الشديد فقد كان أغلبهم لا يتوانون عن أكل لحم الخنزير فكيف بلحم الميتة.
الدكتور محمود الطباع
أبها - المديرية العامة للشئون البلدية والقروية بالجنوب - صحة البيئة
خلاصته:
أنه شاهد الجزارين في ألمانيا الغربية يطلقون المسدس على رأس الأبقار ثم يستريحون ثم يقطعون رؤوسها بعد ألا يكون بها حراك، وتأكد أنها ما ذبحت إلا بعد أن صارت ميتة.
ونشرت (مجلة المجتمع) الكويتية (1) مقالا عن جمعية الشباب المسلم بالدانمارك؛ لذلك فقد انتهينا بعد بحث هذا الأمر والتحقق منه دائرة الدانمرك تحت عنوان (حول شرعية ذبح الدجاج في الدانمارك) جاء فيه ما نصه:
نظرا للاستفسارات العديدة التي وردت إلى جمعيتنا من المسلمين المقيمين في الدول العربية للتأكد من كيفية ذبح اللحوم والدجاج المصدر من الدانمارك؛ لذلك فقد انتهينا بعد بحث هذا الأمر والتحقق منه في دائرة
(1) الصادرة يوم الثلاثاء الموافق 1 من ذي القعدة سنة 1398 هـ عدد (414) من السنة التاسعة.
الدانمرك إلى عدة نتائج نوردها فيما يلي:
لقد علمنا من مصادر رسمية أن الفئة القاديانية بالدانمارك قامت منذ تأسيسها عام 1967م بتمثيل المسلمين والإسلام في هذه البلاد، فكانت تصادق على شهادات تصدير اللحوم والدجاج إلى الدول الإسلامية، وهي تتقاضى مقابل ذلك من الشركات المصدرة رسوما مقابل هذا التصديق، وعلمنا كذلك أن السفارات الإسلامية هنا كغيرها من السفارات في العالم لا تمثل الإسلام من قريب أو بعيد، بل تمثل الحكام الذين يرفعون ويخفضون، فضلا عن حرص هذه السفارات، البالغ على اتباع السنن الدبلوماسية في حفلاتها وسهراتها، هذا إذا استثنينا- خشية التعميم - بعض الأفراد القلائل العاملين في هذه السفارات والذين هداهم الله إلى التمسك بالدين بعيدا عن المؤتمرات المهنية. . وهم قلة.
وعلمنا كذلك من خلال الأعوام الماضية: أن بعض هذه الشركات يتحايل لكي يبيع الدجاج الدانمركي للدول الإسلامية، ومن صور هذا التحايل، تشغيل عليه أشرطة القرآن الكريم داخل المجازر ظنا منهم أن هذه الطقوس تحل لنا أكل هذه اللحوم، كما يقوم بعضهم - ذرا للرماد في العيون- بتعيين عامل مسلم أو أكثر في المصنع يقوم بمهام عادية ليس لها علاقة بالذبح، وحتى لو قام بالذبح فلا يعقل أن يتمكن من ذبح الآلاف من الدجاج المنتج كل يوم، بل قل: كل ساعة، وقد كانت ليبيا من أول الدول التي اكتشفت هذه المهزلة في الدانمارك وخارج الدانمارك - فقررت منع استيراد اللحوم والدجاج من أوربا بالمرة. . والله أعلم إن كان هذا المنع ما زال ساري المفعول أم لا.
أما من جانب المستهلك المسلم، فخلال الأعوام العشرة الماضية كانت مشكلة الدجاج المستوردة من أوروبا لا تكاد تشغل بال السواد الأعظم من المسلمين؛ لصغر حجمها بالقياس إلى المصائب والمؤامرات التي كانت وما زالت تحاك ضد الإسلام والمسلمين، ولكن كان من بينهم من يحاول ترويج هذه الذبائح، بحجة أنها من طعام أهل الكتاب، ونحن لا نقر هذا الرأي؛ لأنه يكفي أن ننظر من حولنا لنجد الزنا والعري والخمر والميسر والشذوذ الجنسي وقطع الأرحام وعقوق الوالدين والربا. . وغيرها من الموبقات والكبائر- مباحة بنص القانون في التشريعات المحلية الوضعية، فلا مجال هنا لتسميتهم بأهل الكتاب بحال من الأحوال، بل هم أقرب إلى الشيوعيين والوثنيين منهم إلى النصارى.
واليوم كنتيجة طبيعية للغموض المكثف لهذه الأمور، ولشعورنا بمسئولية التحقق من هذا الأمر - قامت جمعيتنا بتوجيه خطاب إلى جميع المجازر الدانمركية التي تقوم بتصدير الدجاج إلى الخارج، وعددها (35) مجزرة للدجاج والطيور.
وفيما يلي ترجمة للخطاب:
(وصلتنا في الشهور الماضية بصفتنا منظمة إسلامية ثقافية بالدانمارك عدة استفسارات من مسلمين مقيمين في داخل الدانمارك وخارجها عن الطرق المتبعة لذبح الدجاج والطيور المعدة للتصدير للدول العربية، إن الإجابة على هذه الاستفسارات تعتبر ذات أهمية كبيرة لنا نحن المسلمين، إذ أن طريقة الذبح يجب أن تكون تبعا لما ورد في القرآن الكريم من أحكام لها؛ لهذا نرجو منكم السماح لمجموعة من جمعيتنا (حوالي 3-4
أشخاص) بزيارة مجزرتكم للاطلاع على طريقة الذبح. . إلخ) .
كما نود مستقبلا نشر هذا التحقيق في مجلتنا الشهرية (الصراط) حتى يطلع المسلمون عليها، مع مراعاة عدم التعرض لاسم شركتكم بسوء، راجين أن يصلنا ردكم في أقرب فرصة.
وعند استلامنا الردود اتضح أن بعض هذه المجازر لا يصدر إلى الدول الإسلامية بالمرة، وهذا النوع من المجازر لم يمانع من زيارتنا لأماكن الذبح، لكن الشركات التي تصدر إلى الدول الإسلامية لم توافق على الزيارة بالمرة، وبعضها أبدى صراحة عدم ترحيبه بقدومنا، وأحال البعض الآخر نظر هذه القضية إلى لجنة مهنية خاصة بتصدير الدجاج والطيور، بحجة أنها الجهة الممثلة لهم، والمتكفلة ببحث مشكلة الذبح الإسلامي وباتصالنا بهذه اللجنة رفضت- بعد محاولات استمرت فترة طويلة- السماح بأي نوع من المعاينة، بحجة أنها لا تجد أن منظمتنا تمثل الإسلام والمسلمين في الدانمارك، وأن هذه اللجنة على اتصال مع جهة إسلامية بالدانمارك، تمثل الإسلام في نظرهم، لاتصالها بعدد من السفارات العربية، وأن هذه الجهة الإسلامية توافق على طريقة الذبح، وتصادق على شهادات التصدير، مع علمها التام بأن الدجاج المصدر لا يفترق عن غيره من الدجاج المنتج، باستثناء المغلف المطبوع عليه عبارة:(ذبح على الطريقة الإسلامية) .
وبقيامنا بمزيد من التحريات وجدنا أن الجهة الإسلامية القائمة على التصديق ليست هي الفئة القاديانية، كما جرت العادة خلال العشر سنوات الماضية، لكنها جهة إسلامية انتزعت من القاديانية مهمة التصديق على
شهادات التصدير وما يتبعها من مهام أخرى، كالدفاع عن مصالح شركات الدجاج، ومصالح المستوردين العرب، ومصالح السفارات العربية الواقفة وراءها.
وبحديث هاتفي مع مدير لجنة التصدير الدانماركية المذكورة اتضح لنا الآتي:
أولا: ليس لدى المذابح الدانمركية أي فكرة عن متطلبات الذبح الإسلامي والمعلومات التي لديها لا تعدو أن تكون شائعات وردت إليها بطريق الحديث العفوي مع فئات من المسلمين، بعض هذه المعلومات متضاربة، مما جعل الأمر في النهاية - في نظر المجازر الدانماركية - ليس له ضابط ديني محكم.
ثانيا: أن المستورد العربي هو الذي يطلب وضع عبارة: (ذبح إسلامي) ويجهزها له، والمصدر الدانمركي يوافق، طالما أن البيع في ازدياد والجهات الرسمية تصادق على شهادات التصدير.
ثالثا: أن الذبح يجري بطريقة قص الرأس بعد التخدير الذي يشترط قانون الطب البيطري، وأن الذبح بغير هذه الطريقة يتطلب الحصول على تصريح خاص.
رابعا: أن الذي يهم الشركات الدانماركية في الوقت الحضر هو موقف السفارات التي تتبع الدول المستوردة؛ لأنها هي التي تصدق على توقيع الجهة الإسلامية التي تعاين الذبح، وطالما أن هذه الجهات متفقة فليس لأحد - في نظرهم - مصلحة في التدخل، وطلبنا من مدير اللجنة الرد كتابة على هذه النقاط، فوعد بذلك، ثم تأخر في الرد مدة طويلة، وفي النهاية
وصلنا منه رد دبلوماسي بعيد عن النقاط التي تحدثنا عنها هاتفيا.
مما سبق يتبين أن المسئول الأول عن هذه المهزلة ليس هو المصدر الدانمركي بل هو بالدرجة الأولى المستورد العربي، ومن ورائه السفارات التي تصدق على جريمته.
وعليه فنحن جمعية الشباب المسلم بالدانمرك نعلن من هنا إلى كافة المسلمين أينما وجدوا: أن الذبائح التي تصدر إليهم من الدانمرك ليست مذبوحة بطريقة خاصة، ولا تختلف عن الذبائح التي تصدر إلى الدول الأخرى، وأن الذبح يتم بطريقة قص الرأس بعد التخدير، والفارق الوحيد: هو في الأغلفة التي تحمل عبارات عربية لخداع المستهلك والمسلم.
الحل: لم يكن الهدف الأساسي من التحريات التي قمنا بها إيجاد حل إسلامي لقضية الذبائح المستوردة، بل كانت الغاية المرجوة هو التأكد من طريقة الذبح، وإعلانها إلى المسلمين حتى يجتهدوا بأنفسهم للتوصل إلى الحل المرضي إسلاميا، إلا أن هناك بعض الفوائد التي يمكن الاستفادة منها قبل البحث عن حلول القضية، فمن خلال مباحثات تمت منذ سنوات مع أحد المجازر الدانمركية رغب بعض الإخوة في الاتفاق مع الشركة على ذبائح خاصة للتصدير إلى الدول الإسلامية، فوافقت هذه الشركة على ذلك بشرط أن يقوم الإخوة أنفسهم باستجلاب العمال المسلمين بمعرفتهم مع ضمان استمرارهم في العمل وحين البحث عمن يقوم بهذا العمل تبين أن هذه المجزرة تقع في قرية صغيرة بعيدة عن المدن الكبرى، وهذا الأمر لا يشجع أحدا على قبول هذا العمل لتعارضه مع ميول العمال الأجانب
عادة في السكنى في العاصمة أو على الأقل في المدن الكبيرة لأسباب تتعلق بأوضاعهم الاجتماعية في الغربة، وحرصهم على المجتمع؛ لسهولة التفاهم وتبادل الأخبار والزيارات، وهذا الأمر لا يتحقق بالسكنى في القرى النائية، فالأمر إذن يتطلب إخلاصا وتفانيا من بعض المسلمين لإنجازه على الوجه المطلوب، كما يتطلب إيفاد من له دراية شرعية بالقضية وتخصيص ميزانية مناسبة لإنشاء مجزرة إسلامية للتصدير للدول الإسلامية تتوفر فيها الشروط الشرعية والعصرية في آن واحد، والجمعية من جانبها على استعداد للمساعدة في الاتصالات التمهيدية مع الشركات التي تصنع آلات الذبح والاتفاق مع إحدى شركات الاستشارة والتخطيط لعمل دراسة مستوفية لتكاليف المشروع واحتياجاته.
بقيت كلمة أخيرة لا تتعلق بالدجاج ذاته، ولكن تتعلق بمن يأكل منه من المسلمين:
فالمعروف أن القلة من الناس هي التي تتحرى الحلال، والأغلبية لا تفكر في ذلك، بل تظن التحري في بعض الأحيان عسرا ومشقة، وهي للأسف سمة العصر الذي نعيش فيه: الاهتمام بإشباع الغرائز والميول أولا، ثم بعد ذلك يساء استخدام عبارة (إن الله غفور رحيم) .. كما يريد أغلبنا دخول الجنة ولقاء الله تعالى دون علم أو عمل أو تضحية ولو بسيطة، فقد يلجأ الكثير من المسلمين إلى قطع مسافات طويلة - قد تصل إلى السفر - في سبيل الحصول على سلعة أو طعام معين بمواصفات معينة، والتكبد في سبيل ذلك المشاق الكثيرة، ليس إرضاء لله وللرسول، ولكن إرضاء للهوى فحسب، فإذا تعلق الأمر بحكم شرعي تحايلوا وتهربوا، بحجة أن
(الدين يسر) ولم يقولوا مرة: (إن مع العسر يسرا) وإن دخول الجنة لن يتم إلا بتكبد الصعاب، وأضرب على ذلك مثالا يتعلق بفئة (النباتيين) الذين يمنعون أنفسهم من أكل اللحوم ومشتقاتها، فهؤلاء معروفون في العالم كله، وحرصهم شديد على تحريم ما يأكلون، حتى إن منهم من يبلغ به حد الورع مبلغا فلا يأكل الكعك والمربى المطروحة في الأسواق؛ خشية أن تكون مصنوعة من دهون الحيوانات، ويسألون قبل الشراء عن مكونات الطعام، ولهم حوانيت خاصة بهم في كل مكان.
فهؤلاء وضعوا قوانينهم بأنفسهم ويحترمونها، ويعتبرون التحري والدقة ضربا من التعصب أو تضييع الوقت والجهد، فما بال المسلمين ينزل عليهم كتاب من الله وتصلهم سنة نبيه فلا يهتمون ولا يتحرون؟!
عسى أن ينفعنا الله بما قلنا، وأن يكون ما بلغنا إبراء لذمتنا يوم القيامة، وأن يتقبل عملنا خالصا لوجهه تعالى.
جمعية الشباب المسلم بالدانمرك.
خلاصته:
1 -
الذين يصدقون على شهادات تصدير اللحوم والدجاج إلى الدول الإسلامية بأنها ذبحت على الطريقة الشرعية - قاديانيون، ويتقاضون على الشهادات أجرا، ثم إن جهة أخرى إسلامية انتزعت التصديق على الشهادات من القاديانيين، وقامت بذلك مع مهام أخرى، كالدفاع عن مصالح وشركات الدجاج ومصالح المستوردين العرب ومصالح السفارات العربية الواقفة وراءها.
2 -
الذين يعملون في السفارات الإسلامية إلا القليل لا يمثلون الإسلام، وإنما يحرصون على السنن الدبلوماسية.
3 -
نصارى الدانمرك ومن في حكمهم خرجوا على مبادئ أهل الكتاب، فلا مجال لتسميتهم أهل كتاب، بل هم أقرب إلى الشيوعيين والوثنيين منهم إلى النصارى.
4 -
امتناع من يقوم على المجازر المصدرة للحوم والدجاج من الدانمارك إلى الدول الإسلامية من تمكين جماعة من الشباب المسلم من مشاهدة طريقة الذبح في تلك المجازر، بزعم أنهم لا يمثلون المسلمين، وإنما تمثلهم السفارات الإسلامية التي تصدق على الشهادة عند التصدير، أما الذين لا يصدرون اللحوم إلى الدول الإسلامية فقد مكنوهم من مشاهدة طريقة الذبح في مجازرهم.
5 -
ليس عند المذابح الدانمركية معلومات عن الذبح الإسلامي مستقاة من مصدر إسلامي معتبر، وإنما لديها إشاعات عما يجب أن يكون عليه الذبح الإسلامي متضاربة؛ لذا لم تهتم بها المجازر لعدم وجود ضابط ديني محكم.
6 -
المستورد العربي هو الذي يطلب وضع عبارة - ذبح إسلامي - ويجهزها، وما على المصدر الدانمركي إلا الموافقة ما دام ذلك في مصلحته.
7 -
الذبح يجري بقص الرقبة بعد التخدير دون فرق بين ما يصدر إلى الدول الإسلامية وغيرها، ولا يختلف إلا في كتابة العبارة على الغلاف.
8 -
الذي يهم الشركات الدانمركية المصدرة للحوم إلى الدول
الإسلامية موافقة سفارات الدول الإسلامية المستوردة وتصديقها.
9 -
الحل هو إيجاد مجازر إسلامية لتصدير اللحوم إلى الدول الإسلامية والتعاون في إتمام ذلك بالعلم والعمل والمادة.
قال الأستاذ عبد الله على حسين (1) في كتابه [اللحوم - أبحاث مختلفة في الذبائح والصيد واللحوم المحفوظة] :
وأما اللحوم المحفوظة في العلب مثل (بولي بيف) ومرقة الثور وهي المسماة (كيف أكسو) وشوربة الفراخ بالشعرية، وهكذا من اللحوم المحفوظة في علب صفيح وما يشتق منها أيا كان نوعها الذي يصدر إلى مصر من أوروبا واستراليا وأمريكا وحكمها: أن يحرم استعمالها قطعا؛ لأنها لحم حيوان موقوذ مضروب حتى مات، فإن طريقة الذبح في جميع هذه البلاد تكاد تكون واحدة، وهي ضرب الحيوان في مخه فيخر صريعا بلا حركة؛ لأنها تصيب المخ، ومتى وقع حمل إلى التقطيع بعد السلخ فيعمل من هذا الحيوان كافة أنواع اللحوم المحفوظة وما يخرج عنها، وقد أردت أن أعرف طريقة ذبحهم بطريقة رسمية لا تقبل الجدل أو الشك في تطبيق الأحكام الشرعية، فكتبت كتابا دوريا أرسلته لقناصل (14) دولة وهي 1- إنجلترا، 2- فرنسا، 3- أسبانيا، 4- هولندا، 5- إيطاليا، 6- تركيا، 7- جنوب أفريقيا، 8- الولايات المتحدة، 9- البرازيل، 10- استراليا، 11- روسيا، 12- الدانمرك، 13- سويسرا، 14-
(1) من علماء الأزهر، ولديه ليسانس في الحقوق.
رومانيا.
ويتضمن هذا الكتاب ثلاثة أسئلة:
أولا: ما هي طرق الذبح في بلادكم (أو قتل الحيوان عندكم) ؟
ثانيا: ما هو المكان الأول الذي يضرب فيه الحيوان من جسمه لقتله في بلادكم؟
ثالثا: ما هي الصناعات المختلفة من اللحوم المحفوظة التي تصنع وتصدر من بلادكم؟
ثم ذكر أن التي أجابت من تلك الدول هي: تركيا واليونان وهولندا وأسبانيا والدانمرك.
والذي يبدو واضحا في المخالفة للطريقة الشرعية ما جاء في إجابة هولندا والدانمرك فلذلك نسوقها فيما يلي:
1 -
طريقة هولندا كما في إجابتها:
تقتل البهائم بعد تدويخها بأسرع ما يمكن، بإسالة دمها، وتحصل عملية التدويخ بواسطة آلات تغيب المخ فتفقد البهيمة وعيها في الحال (وقطع الرأس أو الرقبة ممنوع وكذلك الذبح بسكين بموجب مرسوم ملكي) إذن تقتل البهائم بواسطة خوذة بها مثقاب وهذه الآلة معمرة بالبارود الذي يشعل فيدفع مثقابا مجوفا إلى المخ، وهذا المثقاب يعود إلى مكانه قبل أن تسقط الرأس.
2 -
طريقة الدانمرك كما جاء في نص إجابتها:
(الخيول والثيران والعجول الكبيرة تذبح بطريقة صعقها بإطلاق الرصاصة على رأسها في موضع المخ برصاص خاص لهذه
العملية، أو بمسدس يقذف مسمارا نافذا والعجول الصغيرة والأغنام تذبح بطريقة الصعق إما بالرصاص أو بالضرب الشديد على جبهتها الأمامية بمطرقة، أما الدواجن فيشترط لذبحها أن يكون ذلك بطريقة الصعق السريع بالضرب الشديد بالمطرقة على رأسها، أو بقتلها قتلا سريعا بفصل رأسها، وعند ذبح الخيول والثيران والعجول الكبيرة بالطريقة المذكورة، تصفى دماؤها بإدخال سكين في أسفل رقبتها في الشريان الكبير الواقع في مدخل الصدر من أعلى، وتستعمل لهذا الغرض السكين العادية، أما العجول الصغيرة والأغنام فتصفى دماؤها بتشريطها من الجانب الأسفل من رقبتها في الشريان الكبير الواقع خلف الرأس حول الرقبة، فتفصل شرايينها. اهـ.
ثم علق المؤلف بقوله: (وكل هذه أدلة رسمية قاطعة في صدق ما ندعيه من أن ذبائحهم موقوذة مقتولة - فطيس - نجسة محرمة، لا يصح لمسلم أن يتعاطاها أو يحملها أو يبيعها، وقد كنت أكتفي بما أعلمه شخصيا وأنا طالب بأوربا خمس سنوات من أن طريقة ذبح الحيوانات عندهم في المجازر هي القتل بضربها على رأسها على المخ من مقدم الرأس بين القرنين في الجبهة، وهي ضربة واحدة بآلة خصصت لذلك، فيخر الحيوان صريعا لوقته، ولكن خشية ادعاء مالا أعرف أقمت الدليل الكتابي من حكوماتهم أنفسهم وها هو ننشره ليعلمه الناس وكفى. .)
ثم قال: (وقد أرسلت لحضرة الدكتور العلامة الأستاذ عبد الحميد مصطفى فرغلي المتخصص في وظائف أعضاء الحيوان بأمريكا - الولايات المتحدة - جامعة جونس هوبكنز بمدينة بلتمور، أسأله عن كيفية قتل حيوانات الأكل عندهم في أمريكا، فورد منه جواب في 15\ 7سنة
1947 م يقول: سألت عن طريقة الذبح، الطريقة: أن يضربوا الحيوان بمطرقة مدببة في مخه فيموت، وبعد ذلك يقطعون رقبته، ولكنهم لا يذبحون كما يفعل المسلمون أو اليهود وهذا الإجراء يشمل جميع الحيوانات) .
رابعا: تطبيق القواعد الشرعية على الذبائح المستوردة على ضوء ما عرف عنها من المشاهدات ونحوها:
إن مجرد البيان لطريقة الذبح الشرعية دون الحكم بها على واقع اللحوم المستوردة إلى المملكة السعودية من دول أوربا وأمريكا وغيرها - لا تفيد من يتحرى الحلال فيما يأكل، ويجتهد في اجتناب ما حرم الله عليه من ذلك، إلا إذا عرف أحوال التذكية وأحوال المذكين في تلك الشركات الغربية وغيرها التي تستورد منها اللحوم إلى المملكة، وأنى له ذلك، فإن السفر إلى تلك البلاد فيه كلفة؛ لبعد الشقة، فلا يتيسر إلا للنزر اليسير، وأكثر من يسافر إليها يكون سفره لضرورة من علاج ونحوه، أو لإشباع رغبة وحب استطلاع، ولا يعني بهذا الأمر، ولا يكلف نفسه البحث عنه والوقوف على حقيقته.
ولذا كتبت الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد إلى المسئولين عن استيراد اللحوم وغيرها من المأكولات تستفسر منها عن الواقع، وتوصيها بالعناية بما تستورده من ذلك من الجهة الشرعية، محافظة على الدين، وعلى سلامة الرعية من تناول ما حرم الله عليهم من الأطعمة، وتوفير ما تحتاج إليه الأمة مما أحل الله.
وجاء منهم إجابة مجملة لا تكفي لإزالة الشك وطمأنينة النفس، فكتبت إلى دعاتها في أوروبا وأمريكا ليطلعوا على كيفية الذبح وديانة الذابحين هناك - فأجاب منهم جماعة إجابة في بعضها إجمال، وكتب جماعة من أهل الغيرة في المجلات عن صفة الذبح والذابحين جزى الله الجميع خيرا، ولكن كل ذلك لم يستوعب الشركات التي يستورد منها المسئولون عن ذلك في المملكة، مع ما في بعضها من الإجمال، ومع ذلك فاللجنة تعرض خلاصة ما جاءها من التقارير وما اطلعت عليه في المجلات على ما تقدم من طريقة الذبح الشرعية وما صدر في الموضوع من فتاوى كلية؛ ليتبين الحكم على اللحوم المستوردة عن تلك البلاد، وعلى هذا يمكن أن يقال:
أولا: بناء على ما جاء في كتاب معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي إلى سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء من أنه قد وردت إلى معاليه تقارير تفيد أن بعض الشركات الاسترالية التي تصدر اللحوم للأقطار الإسلامية، وخاصة شركة (الحلال الصادق) والتي يملكها القادياني (حلال الصادق) لا تتبع الطريقة الإسلامية في ذبح الأبقار والأغنام والطيور، ويحرم الأكل من ذبائح هذه الشركات، وتجب مراعاة ما قررته الرابطة وأوصت به في كتابها. (1) .
ثانيا: بناء على ما جاء في تقرير الأستاذ أحمد بن صالح محايري في طريقة الذبح في شركة برنسيسا من أن الذابح لا يدرى عنه هل هو مسلم أو كتابي أو وثني أو ملحد، ومن الشك في قطع الوريدين أو أحدهما، ومن أن
(1) انظر ص (689)
شهادة المصدق على الشحنة لم تبن على معاينته بنفسه أو بنائبه للذبح، ولا على معرفته بالذابح، لا يجوز الأكل من هذه الذبائح، ويؤكد كون التذكية غير شرعية موافقة مدير الشركة على تعديل طريقة الذبح لتكون شرعية بشرط بيان الكمية اللازمة للجهة المستوردة أولا. (1)
ثالثا: وبناء على ما جاء عنه أيضا في طريقة ذبح الدجاج والبقر في شركة ساديا أو يسته من أن الذابح مشكوك في ديانته هل هو كتابي أو وثني، ومن أن الأبقار تصعق بكهرباء، فإذا سقطت رفعت من أرجلها بآلة ثم شق جلد رقبتها بسكين، ثم قطع الوريد بسكين آخر، فينزل الدم بغزارة، لا يجوز الأكل من هذه الذبائح (2)
رابعا: بناء على ما جاء في تقرير الشيخ عبد الله الغضبة عن الذبح في لندن من أن الذابحين من الشباب المنحرف الوثني أو الدهري، ومن أن الدجاجة تخرج من الجهاز ميتة منتوفة ورأسها لم يقطع، بل لم يظهر في رقبتها أثر الذبح، وإقرار إنجليزي من أهل المذبح بذلك، ومن خداع القائمين على المذبح، من أراد الاطلاع على طريقة الذبح عن المذبح الأوتوماتيكي الذي يذبح فيه للتصدير واطلاعهم على مذبح يذبح فيه قلة من المسلمين للمسلمين بالداخل، وذلك مما يبعث في النفس ريبة في كيفية الذبح وديانة الذابح؛ لذلك لا يجوز الأكل من هذه الذبائح (3) .
خامسا: بناء على ما جاء في تقرير الأستاذ جمال حافظ إدريس عن
(1) انظر ص (691) .
(2)
انظر ص (694) .
(3)
انظر ص (701)
طريقة الذبح في بعض الأمكنة المشهورة في اليونان من أن ذبح الحيوان الكبير يكون بعد سقوطه من ضرب رأسه بمسدس، ومن الشك في كون الذبح حصل بعد موته من المسدس أو قبل موته - لا يجوز الأكل منه، وهناك طريقة أخرى قال فيها صاحب التقرير: إن الذبح فيها على الطريقة الإسلامية، ولم يبين كيفية الذبح ولا ديانة الذابح. كما أنه لم يبين أماكن الذبح ولا شركاته في اليونان (1)
سادسا: بناء على ما جاء في تقرير الشيخ عبد القادر الأرناؤوط عن طريقة الذبح في يوغوسلافيا من أن الذبح في القرى، وفي (سراجيفو) على الطريقة الشرعية والذابح مسلم- يجوز الأكل مما ذبح فيها، وبناء على ما جاء فيه عن الذبح في غيرها من مدن يوغوسلافيا من أن الذابح قد يكون غير مسلم، كتابيا أو شيوعيا ظاهرا، لا في حقيقة الأمر، لا يجوز الأكل من ذبائح هذه المدن للشك في أهلية الذابح.
سابعا: بناء على ما جاء في تقرير الدكتور الطباع عن طريقة الذبح في ألمانيا الغربية من أن الأبقار تضرب بمسدس في رؤوسها أولا، ثم لا تذبح إلا بعد أن تصير ميتة؛ لا تؤكل هذه الذبائح. (2)
ثامنا: بناء على ما جاء في المقال الذي نشرته (مجلة المجتمع) عدد (414) عن طريقة الذبح بالدانمرك من أن الذابح إلى الشيوعيين والوثنيين أقرب منه إلى النصارى، ومن أن الشركة هناك ليست عندها معلومات عن
(1) انظر ص (712) .
(2)
انظر ص (718) .
طريقة الذبح الإسلامية إلا من جهة الإشاعات، حتى يتأتى لها أن تراعي في ذبحها الطريقة الإسلامية، وأن تكتب على الطرود ذبح على الطريقة الإسلامية، وإنما تكتب هذه الصيغة الجهة المستوردة ليصدق عليها هناك من لا يؤمن، مع امتناعهم من تمكين من يريد معرفة كيفية الذبح في الشركة المصدرة من الاطلاع على ذلك. (1)
وبناء على ما جاء أيضا عن الأستاذ أحمد صالح محايري عن محمد الأبيض المغربي الذي يعمل في تعليب اللحوم بالدانمرك من أنهم يكتبون عليها: ذبحت على الطريقة الإسلامية، وهذا غير صحيح؛ لأن قتل الحيوان يتم كهربائيا على كل حال؛ وبناء على هذا وذاك لا يجوز الأكل من تلك الذبائح.
تاسعا: ما ذكر عن ابن العربي من إباحة الأكل مما ذكاه أهل الكتاب من الأنعام والطيور ونحوها مطلقا، وإن لم توافق تذكيتهم التذكية عندنا، وأن كل ما يرونه حلالا في دينهم فإنه حلال لنا، إلا ما كذبهم الله فيه - مردود بما تقدم في بيان طريقة الذبح وفي الفتاوى.
عاشرا: مما تقدم في بيان كيفية الذبح وديانة الذابحين يتبين أن ما ذكر في كتاب (2) وزارة التجارة والصناعة إلى الرئاسة لا يقوى على بعث الاطمئنان في النفس إلى أن الذبائح المستوردة يحل الأكل منها، بل يبقى الشك على الأقل يساور النفوس في موافقة ذبحها للطريقة الإسلامية
(1) انظر ص (715)
(2)
انظر ص (685) .