الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب ورفع لرفع حكمه، ولما استثنى حل ذبائحهم ونكاح نسائهم فالجواب: أن الاستثناء وقع تبعا للأمر الوارد؛ لأن في ذلك شبهة تقتضي حقن الدم بخلاف النكاح فإنه يحتاط له.
وقال ابن المنذر: ليس تحريم نكاحهم وذبائحهم متفقا عليه، ولكن الأكثر من أهل العلم عليه. اهـ.
إذا علمت هذا تبين لك: أن العلماء لم يجمعوا على أن لفظ المشركين والذين أشركوا يتناول جميع الذين كفروا بنبينا، ولم يدخلوا في ديننا، ولا جميع من عدا اليهود والنصارى منهم، فهذا نقل صحيح في المجوس، ومنه تعلم أن للاجتهاد مجالا لجعل لفظ المشركات والمشركين في القرآن خاص بوثني العرب، وأن يقاس عليهم من ليس لهم كتاب ولا شبهه كتاب يقربهم من الإسلام، كما أن أهل الكتاب فيه خاصة باليهود والنصارى، ويقاس عليهم من عندهم كتب لا يعرف أصلها، ولكنها تقربهم من الإسلام بما فيها من الآداب والشرائع كالمجوس وغيرهم ممن على شاكلتهم، وقد صرح قتادة من مفسري السلف بأن المراد بالمشركين والمشركات في الآية العرب، كما سيأتي.
مذهب الحنفية في ذبائح أهل الكتاب:
ثم ذكر آراء الفقهاء في الموضوع، فقال: جاء في (ص 97 من الجزء الثاني من [العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية] لابن عابدين الشهير صاحب الحاشية الشهيرة على [الدر المختار] ما نصه:
وسئل في ذبيحة العربي الكتابي، هل تحل مطلقا أو لا؟
الجواب: تحل ذبيحة الكتابي؛ لأن من شرطها كون الذابح صاحب ملة
التوحيد حقيقة كالمسلم أو دعوة كالكتابي؛ ولأنه مؤمن بكتاب من كتب الله تعالى، وتحل مناكحته، فصار كالمسلم في ذلك، ولا فرق في الكتابي بين أن يكون ذميا يهوديا حربيا أو عربيا أو تغلبيا؛ لإطلاق قوله تعالى:
{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} (1) والمراد بطعامهم: مذكاهم.
قال البخاري رحمه الله تعالى في [صحيحه] : قال: ابن عباس رضي الله عنهما: وطعام ذبائحهم، ولأن مطلق الطعام غير المذكى يحل من أي كافر كان بالإجماع، فوجب تخصيصه بالمذكى، وهذا لم يسمع من الكتابي أنه سمى غير الله كالمسيح والعزيز، وأما لو سمع فلا تحل ذبيحته؛ لقوله تعالى:{وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (2) وهو كالمسلم في ذلك.
وهل يشترط في اليهودي أن يكون إسرائيليا، وفي النصراني أنه لا يعتقد أن المسيح إله له؟
مقتضى إطلاق (الهداية) وغيرها، وعدم الاشتراط به أفتى به الجد في الإسرائيلي، وشرط في [المستصفى] لحل مناكحهم عدم اعتقاد النصراني ذلك، وكذلك في [المبسوط] فإنه قال: ويجب أن لا يأكلوا ذبائح أهل الكتاب إن اعتقدوا أن المسيح إله، وأن عزيزا إله، ولا يتزوجوا نساءهم، لكن في [مبسوط شمس الأئمة] : وتحل ذبيحة النصراني مطلقا، سواء قال: ثالث ثلاثة أو لا، ومقتضى إطلاق الآية الجواز كما ذكره التمرتاشي في [فتاواه] والأولى أن لا تؤكل ذبيحتهم، ولا يتزوج منهم إلا لضرورة كما حققه الكمال بن الهمام.
(1) سورة المائدة الآية 5
(2)
سورة المائدة الآية 3