الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثاني: وأما قول مالك رحمه الله: (لم يبلغنا) يعارض بما سبق في حديث أم سلمة وأسماء.
القياس، وهو (1) : أن النصف الآخر من الليل وقت الوقوف فلم يكن وقتا للرمي كالنصف الأول.
ويجاب عنه: بأن (2) أوقات المناسك لا تعرف قياسا.
(1)[المنتقى] للباجي (2\22)
(2)
[بدائع الصنائع](2\ 138)
القول الثالث: أن أول وقته للضعفة من طلوع الفجر ولغيرهم من بعد طلوع الشمس
، وهو قول النخعي والثوري (1) ، واختيار ابن القيم (2) .
واستدل لهذا القول بأدلة:
الدليل الأول: عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير: أنه سمع جابرا يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ويقول «لتأخذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه (3) » رواه مسلم.
وجه الدلالة: قال النووي (4) : وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «لتأخذوا مناسككم (5) » فهذه اللام لام الأمر، ومعناه: خذوا مناسككم، وهكذا وقع في رواية غير مسلم، وتقديره: هذه الأمور التي أتيت بها في حجتي من الأقوال والأفعال، والهيئات هي أمور الحج وصفته، وهي. مناسككم، فخذوها عني واقبلوها واحفظوها واعملوا بها وعلموها الناس، وهذا الحديث
(1)[المغني والشرح](3\ 449)
(2)
زاد المعاد (1\ 471)
(3)
صحيح مسلم الحج (1297) ، سنن النسائي مناسك الحج (3062) ، سنن أبو داود المناسك (1970) ، مسند أحمد بن حنبل (3/337) .
(4)
[شرح النووي على صحيح مسلم](9\ 43)
(5)
صحيح مسلم الحج (1297) ، سنن النسائي مناسك الحج (3062) ، سنن أبو داود المناسك (1970) ، مسند أحمد بن حنبل (3/337) .
أصل عظيم في مناسك الحج، وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم في الصلاة:«صلوا كما رأيتموني أصلي (1) » انتهى.
الدليل الثاني: عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم ضعفة أهله بغلس، ويأمرهم ألا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس (2) » . رواه أصحاب السنن الأربعة، وصححه الترمذي (3) والنووي (4) وابن القيم (5) .
ووجه الدلالة من هذا الحديث ظاهرة، وقد مضى إيراد ابن القيم على هذا الحديث ودفعه ومناقشته لحديث أم سلمة وأسماء.
الدليل الثالث: حديث أسماء المتفق عليه، وقد سبق، قال فيه: قالت: (يا بني هل غاب القمر؟) قلت: نعم، قالت:(فارتحلوا) فارتحلنا ومضينا حتى رمت الجمرة ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها فقلت لها: يا هنتاه ما أرانا إلا قد غلسنا قالت: «يا بني، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن (6) » اهـ.
وجه الدلالة: هذا الحديث المتفق عليه صريح أن أسماء رمت الجمرة قبل طلوع الشمس، بل بغلس وهو بقية الظلام.
وصرحت بأنه صلى الله عليه وسلم أذن في ذلك للظعن، ومفهومه: أنه لم يأذن للذكور الأقوياء (7) انتهى.
وقد مضت مناقشة هذا الدليل عند الاستدلال به للمذهب الأول.
(1) صحيح البخاري أخبار الآحاد (7246) ، سنن الدارمي الصلاة (1253) .
(2)
سنن الترمذي الحج (893) ، سنن أبو داود المناسك (1941) ، سنن ابن ماجه المناسك (3025) .
(3)
[جامع الترمذي مع التحفة](2\ 103)
(4)
[المجموع شرح المهذب](8\ 180)
(5)
[زاد المعاد](1\ 471)
(6)
صحيح البخاري الحج (1679) ، صحيح مسلم الحج (1291) ، مسند أحمد بن حنبل (6/347) .
(7)
[أضواء البيان](5\ 279)
الدليل الرابع: حديث عبد الله بن عمر المتفق عليه، وفيه: أنه كان يقدم ضعفة أهله وأن منهم من يقدم لصلاة الفجر ومنهم من يقدم بعد ذلك فإذا قدموا رموا الجمرة، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: (رخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وجه الدلالة (1) : حديث ابن عمر هذا المتفق عليه يدل دلالة واضحة على الترخيص للضعفة في رمي جمرة العقبة بعد الصبح قبل طلوع الشمس، كما ترى ومفهومه أنه لم يرخص لغيرهم في ذلك.
وقد جمع ابن القيم بين أدلة هذا الباب فقال (2) : لا تعارض بين هذه الأحاديث فإنه أمر الصبيان ألا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس فإنه لا عذر لهم في تقديم الرمي، أما من قدمه من النساء فرمين قبل طلوع الشمس للعذر والخوف عليهن من مزاحمة الناس وحطمهم، وهذا الذي دلت عليه السنة جواز الرمي قبل طلوع الشمس للعذر بمرض أو كبر يشق معه مزاحمة الناس لأجله، وأما القادر الصحيح فلا يجوز له ذلك. انتهى.
وبعد سرده للمذاهب في هذه المسألة قال (3) : والذي دلت عليه السنة إنما هو التعجيل بعد غيبوبة القمر؛ لا نصف الليل، وليس مع من حده بالنصف دليل.
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (4) : الذي يقتضي الدليل رجحانه
(1)[أضواء البيان](5\ 279) .
(2)
[زاد المعاد](1\ 471) .
(3)
[زاد المعاد](1\ 472) .
(4)
[أضواء البيان](5\ 280) .