الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مآخذ الإجمال في شرح ما تَضمنه كتاب بيان الوهم والإيهام من الإخلال والإغفال) ولم يتمه وتولى تكميل تخريجه مع زيادات أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد بن رشيد السبتي الفهري المالكي صاحب الرحلة المشهورة (1) المتوفى سنة 721 هـ وقد اعتمده الحفاظ في التعديل والتجريح ومدحوه كالحافظ ابن حجر وغيره. الرسالة المستطرفة (ص 178).
قال ابن القطان: هكذا رأيته (2)(أي عبد الحق) كتبه بخطه في كتابه الكبير حيث يذكر الأحاديث بأسانيدها، ثم اختصره (أي الوسطى) من هنالك.
وصف المخطوط:
قلنا لم نتمكن من الحصول على نسخة مكتبة القرويين بفاس وذكر السيد العابد الفاسي أنها برقم 219/ 40.
نسخة المكتبة الظاهرية بدمشق:
وهي نسخة قيمة برقم 291 حديث كتبت سنة 1125 وخطها نسخي عدد أوراقها 231 ورقة. أوقفها الوزير سليمان باشا على مدرسته سنة 1150. وقد كتب عليها الأحكام الكبرى خطأ وهي الأحكام الوسطى. وهي النسخة الوحيدة التي اعتمدناها بالتحقيق.
عملنا في الكتاب:
1 -
قابلنا كل حديث بالمصدر الذي استقى منه المؤلف، ولما كانت المخطوطة فيها من الأخطاء الكثيرة وليسَ لدينا غيرها فقد صححنا الحديث على المصدر إنْ كان موثوقًا مثل الكتب الستة، وأهملنا الإشارة إلى ذلك إلا
(1) الذي سمّاها مِلء العيبة بما جمع بطول الغيبة المتوفى سنة 721 هـ والرحلة المذكورة حقق ما عثر منها سماحة العلاّمة الشيخ محمد الحبيب ابن الخوجه أمد الله عمره- ونشرتها الشركة التونسية للتوزيع.
(2)
الوهم والإيهام ق 8/ ب.
قليلًا جدًا لئلا تثقل الهوامش بالتعليقات التي لا فائدة مها.
2 -
ذكرنا مكان الحديث من المصدر الذي استقى منه المؤلف إن كان متوفرًا لدينا واكتفينا بذلك إلاّ نادرًا.
3 -
لم نتعرض لاعتراضات ابن القطان على المؤلف لأنَّ أحدنا يقوم بتحقيق كتاب بيان الوهم والإيهام، وإن شاء الله تعالى سيكمله ويكون في متناول يد القارئ بعد طبعه قريبًا إن شاء الله.
والله الموفق.
حمدي عبد المجيد
صبحي السامرائي
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
قال الفقيه المحدث الحافظ أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي رحمه الله تعالى:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والتسليم على محمد خاتم النبيين، وإمام المرسلين، وعلى جميع عباد الله الصالحين.
أما بعد وفقنا الله وإياك، فإني جمعت في هذا الكتاب مفترقًا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، في لوازم الشرع وأحكامه، وحلاله وحرامه، وفي ضروب من الترغيب والترهيب، وذكر الثواب والعقاب، إلى غير ذلك من الآداب والرقائق والحكم والمواعظ، وفنونًا من الأدعية والأذكار، وجملًا في الفتن والأشراط، وأحاديث في معان أخر، مع نُبَذٍ من التفسير، مما يكسب حافظه العلم الكثير، والعامل به الحظ الخطير، والملك الكبير.
ونقلتها من كتب الأئمة المشهورين، والجلة السابقين، سُرُج الدين، وهداة المسلمين:
أبو عبد الله مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي.
وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري.
وأبو الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري.
وأبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني.
وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي.
وأبو عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرَة الترمذي.
وأضفت إلى ذلك أحاديث من كتب أخر، أذكرها عند ذكر الحديث منها، أو أذكر أصحابها أو المشهور برواية ذلك الحديث الذي أخرج، مثل أن أقول: ومن مسند أبي بكر بن أبي شيبة، أو ذكر ابن أبي شيبة، أو وروى وكيع بن الجراح، أو فلان، وإذا ذكرت الحديث لمسلم أو لغيره عن صاحب، ثم أقول: وعنه، أو وعن فلان وأذكر ذلك الصاحب أو صاحبًا آخر، فإنما كل
ذلك لمسلم، أو من الكتاب الذي أذكر أولًا، حتى أسمي غيره، وربما تخللها كلام في رجل أو في شيء.
وإذا قلت: وفي رواية أخرى أو وفي طريق آخر، ولا أذكر الصاحب، فإنه من ذلك الكتاب، وإن كانت الزيادة عن صاحب آخر ذكرت الصاحب وذكرت النبي صلى الله عليه وسلم وعن ذلك الصاحب، عن النبي عليه السلام.
وإذا ذكرت الحديث لمسلم أو لسواه، ثم أقول: زاد البخاري كذا وكذا، أو زاد فلان كذا وكذا، أو قال كذا وكذا ولم أذكر الصاحب ولا النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه عن ذلك الصاحب عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كانت الزيادة عن صاحب آخر، ذكرت الصاحب وذكرت النبي صلى الله عليه وسلم، وربما ذكرت الزيادة، وقلت: خرجها من حديث فلان، ولم أذكر النبي عليه السلام، ولكنها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان حديثًا كاملًا ذكرت الصاحب، وذكرت النبي عليه السلام، وإن كانت الزيادة أو الحديث الكامل بإسناد معتل ذكرت علته، ونبهت عليها، بحسب ما اتفق من التطويل أو الاختصار، وإن لم تكن فيه علة كان سكوتي عنه دليلًا على صحته.
هذا فيما أعلم، ولم أتعرض لإخراج الحديث المعتل كله، وإنما أخرجت منه يسيرًا مما عمل به، أو بأكثره عند بعض الناس، واعتمد عليه وفزع عند الحاجة إليه، والحديث السقيم أكثر من أن أتعرض له، أو أشتغل
به، وبعض هذه الأحاديث المعتلة ورد من طريق واحد، فذكرته منها، وربما بينته، ومنها ما ورد من طريقين أو أكثر، فذكرت منها ما أمكن، وأضربت عن سائرها، ومنها ما لم أُحص طرقه، ولو أردت ذلك لم أقدر عليه، ولا وجدت سبيلًا إليه، لضيق الباع، وقلة الاتساع، مع ما أكرهه أيضًا من التكرار، وأرغب فيه من التقريب والاختصار، وكثيرًا ما أخذت من كتاب أبي أحمد بن عدي الجرجاني حديثًا وتعليلًا، وكذلك من كتابي أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني، كتاب السنن وكتاب العلل له، وأخذت كلامًا كثيرًا في التجريح والتعليل من كتاب أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، ومن كتاب غيره، وربما أخذت حديثًا من كتاب وتعليلًا من كتاب آخر، أو كلامًا في رجل، وقد بينت ذلك في بعض المواضع، وأكثر ما أذكر من العلل ما يوجب حكمًا، ويثبت ضعفًا، ويخرج الحديث من العمل به إلى الرغبة عنه والترك له، أو إلى الاعتبار بروايته، مثل القطع، والإرسال، والتوقيف، وضعف الراوي، والاختلاف الكثير في الإسناد، وليس كل إسناد يفسده الاختلاف، وليس الإرسال أيضًا علة عند قوم، إذا كان الذي يرسله إمامًا، ولا التوقيف علة أخرى، إذا كان الذي يسنده ثقة، وضعف الراوي علة عند الجميع وضعف الراوي يكون بالتعمد للكذب، ويكون بالوهم، وقلة الحفظ، وكثرة الخطأ، وإن كان صادقًا، ويكون بالتدليس، وإن كان ثقة فيحتاج حديثه إلى نظر، ويكون أيضًا لجَرحِة أخرى مما يسقط العدالة أو يوهنها، أو رأي يراه الراوي، ومذهب يذهب إليه مما يخالف السنة، ويفارق الجماعة، وقد يكون داعية إلى مذهبه ذلك، وقد يكون يعتقده ويقول به ولا يدعو إليه، وبينهما عند بعضهم فرق.
وللكلام في هذا موضع آخر، وإنما أذكر في هذا الكتاب كلام الأئمة في الراوي مختصرًا، وإذا ذكرته في موضع، وذكرت الكلام فيه، ووقع ذكره في موضع آخر، ربما ذكرت من تكلم فيه، وربما ذكرت ضعفه خاصة، وربما
ذكرت الجرحة في بعض المواضع، وربما قلت: لا يصح هذا من قبل إسناده، اتكالًا على شهرة الحديث في الضعف، وإنما أعلل من الحديث ما كان فيه أمر أو نهي أو يتعلق به حكم، وأما ما سوى ذلك، فربما كان في بعضها سمح، وليس منها شيء عن متفق على تركه فيما أدري وليس فيه أيضًا من هذا النوع إلَّا قليل.
ولعل قائلًا يقول: قد كان فيما جمع أبو القاسم الزيدزي رحمه الله، ما يريحك من تعبك ويغنيك عن نصبك فما فائدتك فيما قصدت، وما الفائدة التي تعود عليك في هذا الذي جمعت.
فأقول: والله المستعان إن لكل أحد رأيًا يراه، وطريقًا يلتمسه ويتوخاه، وإن أبا القاسم رحمه الله أخذ الأحاديث غثها وسمينها وصحيحها وسقيمها، فأخرجها بجملتها، ولم يتكلم في شيء من عللها، إلا في الشيء اليسير، والنادر القليل، وقد ترك أحاديث في الأحكام لم يخرجها، إذ لم تكن في تلك الكتب التي أخرج حديثها، وإن كان فيها أحاديث معتلة فقد أخرج أمثالها في الوهن، وتلك الأحاديث التي ترك قد أخرجت منها ما يسر الله عز وجل به، وما كان منها فيه علة فذكرتها، كما فعلت في سائر ما في الكتب من الحديث المعتل مما أخرجته منها، إلا أن تكون العلة لا توهن الحديث لضعفها، وقلة القائلين بها.
وأيضًا فإن أبا القاسم عمد إلى الحديث فأخرجه من كتب كثيرة وترجم عليه بأسماء عديدة، ولم يذكر إلا لفظًا واحدًا، ولم يبين لفظ من هو، ولا من انفرد به، وقل ما يجيء الحديث الواحد في كتب كثيرة، إلا باختلاف في لفظ أو معنى، أو زيادة أو نقصان، ولم يبين هو شيئًا من ذلك، إلا في النزر القليل، أو في الحديث من المئة، أو في أكثر، أو فيما كان من ذلك، وليس الاختلاف في اللفظ مما يقدح في الحديث إذا كان المعنى متفقًا، ولكن الأولى
أن ينسب كل كلام إلى قائله، ويعزى كل لفظ إلى الناطق به، وأما ما كان في الحديث من الاختلاف معنى أو زيادة أو نقصان، فإنه يحتاج إلى تبيين ذلك وتمييزه، وتهذيبه وتحصيله، حتى يعرف صاحب الحكم الزائد والمعنى المختلف وإنما ترجم رحمه الله على الحديث الواحد بما ترجم عليه من الكتب، لتعرف شهرة الحديث وإخراج الناس له، وعمدت أنا إلى الحديث وأخرجته من كتاب واحد، ولفظ واحد، وكذلك ذكرت الزيادة من كتاب واحد، وبلفظ واحد ليعرف صاحب اللفظ ويتبين صاحب النص، وتقع نسبة الحديث إليه صحيحة.
وإن الحديث إذا جاء من طريق واحد صحيح، ولم يجئ ما يعارضه فإنه يوجب العمل، وتلزم به الحجة، كما يوجب العمل وتلزم به الحجة إذا جاء من طرق كثيرة، وإن كانت النفس إلى الكثرة أميل، وبها أطيب إذا كانت الكثرة إنما اجتمعت ممن يوثق بحديثه، ويعتمد على روايته، وإن ذكر الحديث في مواضع كثيرة، ومجيئه في دواوين عديدة، شهرته عند الناس لا يخرجه عن منزلته، ولا يرفعه عن درجته في الحقيقة، وإنه إذا رجع إلى طريق واحد حكم له بحكم الواحد، فإن كان صحيحًا حكم له بحكم الصحيح، وإن كان سقيمًا حكم له بحكم السقيم؛ لأن الفرع لا يطيب إلآ بطيب الأصل، وكما أن التواتر إذا رجع إلى آحاد حكم له بحكم الآحاد، إلا أن يكون الإجماع على عمل يوافق حديثًا معتلًا، فإن الإجماع حكم آخر وهو الأصل الثالث الذي يرجع إليه، وليس ينظر حينئذ إلى علة الحديث، ولا لضعف الراوي ولا لتركه.
ولم يشتهر بالصحة من الكتب التي أخرج أبو القاسم رحمه الله حديثها، إلا كتاب الإمامين، أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وأبي الحسين مسلم بن الحجاج رحمة الله عليهما، وسائرها لم يعرف بالصحة، ولا اشتهر بها، وإن كان فيها من الصحيح ما لم يجئ في الكتابين، كما أن فيها من السقيم ما يحتاج إلى الكلام فيه، والتنبيه عليه والتمييز له، وإلا كان قارئه
والعامل به يسير في ظلماء، ويخبط في عشواء، مع أن أحاديث في الكتابين قد تكلم فيها، ولم يسلم لصاحبها إخراجها في جملة الصحيح، وإن كان ذلك الاعتراض لا يخرج الكتابين عن تسميتهما بالصحيحين، ومع أن بعض الكلام في تلك الأحاديث تعسف وتشطط لا يصغى إليه ولا يعرج عليه.
وقد أخرجت في هذا الكتاب أحاديث قليلة من كتاب، وتركتها في كتاب أشهر من الكتاب الذي أخرجتها منه، ثم نبهت على كونها في ذلك الكتاب المشهور، وإنما فعلت ذلك لزيادة في الحديث، أو لبيانه أو لكماله وحسن سياقه، أو لقوة سند في ذلك الحديث على غيره، ومنها ما فعلته نسيانًا ونبهت على الكل، وقد يكون حديثًا بإسناد صحيح، وله إسناد آخر أنزل منه في
الصحة، لكن يكون لفظ الإسناد النازل أحسن مساقًا أو أبين، فآخذه لما فيه من البيان وحسن المساق، إذ المعنى واحد، وإذ هو صحيح من أجل الإسناد الآخر، أو يكون حديث تعضده آية ظاهرة البيان من كتاب الله تعالى، فإنه وإن كان معتلًا أكتبه؛ لأن معه ما يقويه ويذهب علته، وهذا النوع المعتذر عنه في هذا المجموع قليل.
وجعلت هذا الكتاب مختصر الإسناد، ليسهل حفظه ويقرب تناوله، وتتيسر فائدته إلّا أحاديث يسيرة ذكرت سندها أو بعضه ليتبين الراوي المتكلم فيه لأنه ربما كان الراوي لا يعرف إلاّ حتى يذكر عن من روى، ومن روى عنه، وربما فعلت ذلك لقرب السند، وربما يكون مما تقدم ذكره والكلام عليه في موضع آخر ولغير ذلك، وربما ذكرت من الإسناد رجلًا مشهورًا يدور
الحديث عليه، ويعرف به كما تقدم، وعلى كتاب مسلم في الصحيح عولت ومنه أكثر ما نقلت، وإلى الله عز وجل أرغب، ومنه تبارك وتعالى أسأل وأطلب أن يجعل ذلك خالصًا لوجهه مقربًا إليه مزلفًا لديه، وأن يعين على العمل به والأخذ بما فيه، وأن ييسر لنا طريق النجاة، وسبيل الهداة، وأن يرزقنا طيب الحياة وكرم الوفاة برحمته لا رب غيره وهو المستعان، وعليه