الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب في الحائض وما يحل منها، وحكمها، وفي المستحاضة، وفي النفساء
مسلم، عن أنس، أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم، لم يؤاكلوها، ولم يجامعوها في البيوت فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} (إلى آخر الآية) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اصنعُوا كُلَّ شيءٍ إِلّا النِّكاحَ" فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا: يا رسول الله إن اليهود تقول كذا وكذا، فلا نجامعهن فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل في آثارهما فسقاهما، فعرف أن لم يجد عليهما (1).
وعن عائشة قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائضًا أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأتزر في فور حيضتها، ثم يباشرها، قالت: وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك إربه (2).
وعن ميمونة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر نساءه فوق الإزار وهن حيض (3).
أبو داود، عن معاذ قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض فقال: "مَا فَوقَ الإِزَارِ والتَعَففُ عنْ ذَلكَ أَفضَلُ"(4).
في إسناده بقية عن سعد الأغطش وهما ضعيفان.
(1) رواه مسلم (302).
(2)
رواه مسلم (293).
(3)
رواه مسلم (294).
(4)
رواه أبو داود (213).
ورواه أبو داود أيضًا من طريق حرام بن حكيم وهو ضعيف عن عمه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ فقال: "لَكَ مَا فَوقَ الإِزَارِ"(1).
ويروى عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكره أبو بكر بن أبي شيبة وليس بقوي.
وذكر أبو داود عن نُدبة، ويقال بفتح النون وضمها، ويونس بن يزيد، يقول بُدَيَّة، بالباء المضمومة المنقوطة بواحدة، والياء باثنتين، وهي مولاة ميمونة، عن ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يباشر المرأة من نسائه، إذا كان عليه إزار إلى أنصاف الفخذين أو الركبتين تحتجز به (2).
ندبة مجهولة، ذكر ذلك أبو محمد (3).
وعن عمارة بن عزاب أن عمة له حدثته، أنها سألت عائشة قالت: إحدانا تحيض وليس لها ولزوجها إلا فراش واحد، قالت أخبرك ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل فمضى إلى مسجده (4).
قال أبو داود: تعني مسجد بيته، فلم ينصرف حتى غلبتني عيني وأوجعه البرد، فقال:"ادنِي منِّي" فقلت إني حائض، فقال:"وإِنْ اكشفِي عَنْ فخذيْكِ" فكشفت عن فخذي، فوضع خده وصدره على فخذي، وحنيت عليه حتى دفئ ونام.
إسناده ضعيف فيه الإفريقي عبد الرحمن بن زياد وعمارة.
وذكر أبو عمر في التمهيد من حديث ابن لهيعة أن قرظ بن عوف سأل
(1) رواه أبو داود (212).
(2)
رواه أبو داود (267).
(3)
المحلى (2/ 179) لأبي محمد بن حزم.
(4)
رواه أبو داود (270).
عائشة فقال: يا أم المؤمنين أكان النبي صلى الله عليه وسلم يضاجعك وأنت حائض؟ قالت: نعم إذا شددت عليّ إزاري، وذلك إذا لم يكن لنا إلا فراش واحد، فلما رزقنا الله فراشين اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عمر: لا نعلم يروى إلا من طريق ابن لهيعة وليس بحجة.
أبو داود، عن ابن اليمان، عن أم ذرة عن عائشة أنها قالت: كنت إذا حضت، نزل عن المثال على الحصير، فلم نقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ندن منه حتى نطهر (1).
أم ذرة مجهولة.
الترمذي، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"منْ أتَى حَائِضًا، أَو امرأةً فِي دبرِهَا، أَوْ كَاهِنًا، فَقدْ كَفرَ بِمَا أُنزِلَ عَلى مُحمدٍ"(2).
قال ضعف محمد، يعني البخاري هذا الحديث.
وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يقع على امرأته وهي حائض قال: "يتصدّقُ بنصفِ دِينَارٍ"(3).
وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا كانَ دَمًا أحمرَ فَدينارٌ، وَإنْ كَانَ دمًا أَصفرَ فَنِصفُ دِينارٍ"(4).
قال: حديث الكفارة في إتيان الحائض روي موقوفًا على ابن عباس، كذا قال روي موقوفًا ولم يذكر ضعف الإسناد، وهذا الحديث في الكفارة لا يروى بإسناد يحتج به، وقد روي فيه يتصدق بخمس دينار، رواه أبو داود عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم (5).
(1) رواه أبو داود (271).
(2)
رواه الترمذي (135).
(3)
رواه الترمذي (136).
(4)
رواه الترمذي (137).
(5)
انظر سنن أبي داود (1/ 183).
وروي فيه يعتق نسمة، قال: وقيمة النسمة يومئذ دينار، ولم يخص في إتيان الحائض دم من دم ذكره النسائي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا يصح في إتيان الحائض إلا التحريم.
مسلم، عن عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إليَّ رأسه من المسجد، وهو مجاور فأغسله وأنا حائض (1).
وعن أبي هريرة قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فقال: "يَا عائشةَ ناولينِي الثّوبَ" فقلت: إني حائض، فقالت:"إِنَّ حيضتَكِ ليستْ فِي يدِكِ" فناولته (2).
وعن عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن (3).
زاد النسائي عن ميمونة: وتقوم إحدانا بخمرته إلى المسجد فتبسطها (4).
النسائي، أيضًا عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوني فآكل معه، وأنا عارك، وكان يأخذ العَرْقَ فَيُقْسِم علىَّ فيه، فأعترق منه ثم أضعه، فيأخذه فيغترف منه، ويضع فمه حيث وضعت فمي من العرق، ويدعو بالشراب فَيُقْسِمُ علىَّ فيه من قبل أن يشرب منه، فآخذه فأشرب منه ثم أضعه، فيأخذه فيشرب منه فيضع فمه حيث وضعت فمي من القدح (5).
البخاري، عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى، فقال: "يَا معشرَ النِّساءِ تصدقنَّ فَإِنِّي أُريتكُنَّ أَكثرُ أَهلِ
(1) رواه مسلم (297).
(2)
رواه مسلم (299).
(3)
رواه مسلم (301).
(4)
رواه النسائي (1/ 147).
(5)
رواه النسائي (1/ 148 - 149).
النَّارِ" قلن: وبم يا رسول الله؟ قال: "تكثرنَ اللّعنَ وتكفرنَ العَشيرَ، مَا رأيتُ منْ ناقصاتِ عقلٍ ودينٍ، أَذهبَ للبَّ الرّجلِ الحازم منْ إِحداكُنَّ" قلن: وما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله؟ قال: "أَليسَ شهادةُ المرأةِ مثلَ نصْفِ شهادةِ الرّجُلِ؟ " قلن: بلى قال: فَذَلِكَ منْ نقصانِ عقلِهَا، أليْسَ إِذَا حاضَتْ لَمْ تُصلِّ وَلمْ تَصَمْ؟ " قلن بلى "فذَلكَ منْ نقصانِ دينِهَا" (1).
الترمذي، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث قال:"تَمْكُثُ الثلَاثَ وَالأَرْبَعَ وَلَا تُصَلَّي"(2).
وقال: حديث حسن صحيح غريب.
وعن عائشة قالت: كنا نحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نطهر، فيأمرنا بقضاء الصيام، ولا يأمرنا بقضاء الصلاة (3).
قال: هذا حديث حسن.
مسلم، عن معاذة العدوية قالت: سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحرورية أنت؟ قلت: لست بحرورية ولكني أسأل، قالت: كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة (4).
مسلم، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة كيف تصنع؟ قال: "تحتُّةُ، ثُمّ تقرضْهُ، ثم تنضَحْهُ، ثُم تصلِّي فيهِ"(5).
(1) رواه البخاري (4) 3 و 1462 و 1951 و 2658).
(2)
رواه الترمذي (2616).
(3)
رواه الترمذي (784).
(4)
رواه مسلم (335).
(5)
رواه مسلم (291).
وقال أبو داود: "فلتقرضْهُ بشيءٍ منْ مَاءٍ، ولتنضحْ مَا لَمْ تَرَ، ولتصلِّ فيهِ"(1).
النسائي، عن أم قيس بنت محصن أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيضة يصيب الثوب، فقال:"حكّيهِ بضلعٍ واغسلِيهِ بماءٍ وسِدْرٍ"(2).
الأحاديث الصحاح ليس فيها ذكر الضلع والسدر.
البخاري، عن محمد بن سيرين، عن أم عطية قالت: كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئًا (3).
أبو داود، عن أم الهذيل، عن أم عطية كانت بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كنا لا نعد رؤية الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئًا (4).
وعن محمد بن سيرين عن أم عطية بمثله (5).
كذا قال أبو داود بمثله، ولم يذكر النص، والحديث مرفوع عن ابن سيرين، وليس فيه بعد الطهر وهو الصحيح المشهور، وأم الهذيل حفصة بنت سيرين.
قال البخاري: وكن نساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيها الصفرة، فتقول: لا تعجلن حتى ترين القَصَّة البيضاء (6).
الكرسف: القطن.
ومعنى قولها حتى ترين القصة البيضاء: أن تخرج الخرقة التي تحتشي بها المرأة، كأنها فضة لا يخالطها صفرة، ليس للحيض بها أثر، أي كأنها
(1) رواه أبو داود (360).
(2)
رواه النسائي (1/ 105 - 196).
(3)
رواه البخاري (326).
(4)
رواه أبو داود (307).
(5)
رواه مسلم (308).
(6)
انظر فتح الباري (1/ 420) طبعة السلفية.
الجص، وقيل القصة شيء كالخيط الأبيض تخرج بعد انقطاع الدم كله.
وذكر قاسم بن أصبغ من حديث عائشة قالت: ما كنا نعد الصفرة والكدرة حيضًا.
في إسناده أبو بكر الهذلي وهو متروك، وحديث قاسم هذا ذكره أبو محمد (1).
وذكر أبو محمد أيضًا من طريق محمد بن الحسن الصدفي عن عبادة بن نُسَيٍّ عن عبد الرحمن بن غنمِ، عن معاذبن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لَا حيضٌ أَقل منْ ثَلاثةِ أَيّامٍ، وَلَا فوقَ عشرٍ"(2).
قال: ومحمد بن الحسن الصدفي مجهول.
وذكر أبو أحمد بن عدي في حديث معاذ هذا من طريق محمد بن سعيد المصلوب، وكان كذابًا (3).
وذكر أيضًا عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أقلُّ مَا يكونُ الحيضُ للجاريةِ البكرِ، والثّيبِ التِي ليستْ مِنَ المحيضِ ثَلاثًا، وأكثرُ مَا يكونُ الحيضُ عشرةَ أيامٍ، فَإِذَا زادَ الدّمُ أكثرُ فهِيَ مُستحاضةٌ"(4).
وذكر الحديث وفي آخره فإن غلبها يعني الدم في الصلاة، فلا تقطع الصلاة وإن قطر وباينها زوجها.
رواه حسان بن إبراهيم، عن عبد الملك رجل من أهل الكوفة، قال: سمعت العلاء، يقول: سمعت مكحولًا يحدث عن أبي أمامة.
وهو إسناد ضعيف منقطع وذكره الدارقطني أيضًا (5).
(1) رواه أبو محمد بن حزم في المحلى (2/ 166).
(2)
رواه أبو محمد بن حزم في المحلى (2/ 196).
(3)
رواه أبو أحمد بن عدي في الكامل (6/ 2152) وسيأتي (ص 218).
(4)
رواه ابن عدي في الكامل (2/ 782).
(5)
رواه الدارقطني (1/ 218).
وقد روي من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحائض إذا جاوزت العشر فهي مستحاضة.
وفي إسناده الجلد بن أيوب، والحسن بن دينار، ولا يصح من أجلهما.
وذكر أبو محمد من طريق حَرَام بن عثمان، عن عبد الرحمن، ومحمد بن جابر عن أبيهما قال: جاءت أسماء بنت مرثد الحارثية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا جالس عنده فقالت: يا رسول الله حدثت لي حيضة أنكرها، أمكث بعد الطهر ثلاثًا أو أربعًا، ثم تراجعني فتحرم عليّ الصلاة فقال:"إِذَا رَأيتِ ذَلِكَ فَامْكثِي ثَلاثًا، ثُمَّ تَطهّرِي فِي اليومِ الرّابعِ فصلِّي، إِلّا أَنْ تَرَي دفعةً منْ دمٍ قائمةٍ"(1).
حرام بن عثمان متروك (2).
مسلم، عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفادع الصلاة؟ فقال: "لَا، إِنَّمَا ذَلِكَ عرقٌ وَليسَ بالحيضَةِ، فَإِذَا أَقبَلَتِ الحيضةُ فدَعِي الصَّلَاةَ، فَإِذَا أَدبَرَتْ فاغسلِي عنكِ الدّمَ وَصلِّي"(3).
زاد الترمذي: "وَتَوَضّئي لَكُلِّ صلاةٍ حتَّى يجيءَ ذَلِكَ الوَقْتُ"(4).
أبو داود، عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِذَا كانَ دمُ الحَيضةِ، فَإِنّه دمٌ أسودُ يُعرفُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فأَمسكِي عَنِ الصَّلاةِ، وإذَا كانَ الآخرُ فَتَوَضّئِي وصلِّي فَإنّما هُوَ عَرقٌ"(5).
وعنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه الدم، فقال لها
(1) رواه أبو محمد بن حزم في المحلى (2/ 217).
(2)
وفيه أيضًا جابر الجعفي وهو ضعيف، كذبه أبو حنيفة الإمام.
(3)
رواه مسلم (333).
(4)
رواه الترمذي (125).
(5)
رواه أبو داود (286).
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنّما ذَلك عرقٌ، فانظرِي إِذَا أَتَى قرؤُكِ، فلا تصلِّى، وَإِذا مرَّ قرؤُكِ فتطهرِي ثمّ صلَّي مَا بَينَ القُرءِ إِلى القُرءِ"(1).
وعن عكرمة أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تنتظر أيام أقرائها ثم تغتسل وتصلي، فإن رأت شيئًا من ذلك توضأت وصلّت (2).
وعن زينب بنت أبي سلمة أن امرأة كانت تهراق الدماء، وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تغتسل عند كل صلاة وتصلي (3).
وعن عائشة أن سهلة بنت سهيل استحيضت، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرها أن تغتسل عند كل صلاة، فلما جهدها ذلك أمرها أن تجمع بين الظهر والعصر بغُسل، والمغرب والعشاء بغُسل، وتغتسل للصبح (4).
وعن أسماء بنت عميس قالت: قلت يا رسول الله إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت كذا وكذا فلم تصل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سبحانَ اللهِ هَذَا منَ الشّيطانِ، لِتجلسْ فِي مِرْكَنٍ، فَإِذا رأتْ صفرةً فوقَ المَاءِ، فلتغتسلْ لِلظهرِ والعصرِ غُسلًا وَاحدًا، وَتغتسلْ للمغربِ والعشاءِ غُسلًا وَاحدًا، وتغتسلْ للفجرِ غُسلًا وَاحدًا وتتوضّأْ فِيما بينَ ذَلِكَ"(5).
وعن عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش قالت: كنت أُستحاض حيضة كثيرة شديدة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره، فوجدته في بيت
(1) رواه أبو داود (280).
(2)
رواه أبو داود (305).
(3)
رواه أبو داود (293).
(4)
رواه أبو داود (295).
(5)
رواه أبو داود (296).
أختي زينب بنت جحش، فقلت: يا رسول الله إني امرأة استحاض حيضة كثيرة شديدة، فما ترى فيها، قد منعتني الصلاة والصوم؟ قال:"أَنْعتُ لَكِ الكرسُفَ فَإنَّه يُذهِبُ الدّمَ" قالت: هو أكثر من ذلك، قال:"فاتّخذِي ثَوبًا" فقالت هو أكثر من ذلك، قالت: إنما أثج ثجًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سَآمركِ بأمَرينِ أيّهما فعلتِ أَجزأَ عَنْكِ مِنَ الآخَرِ، وإن قَويتِ عَليهِمَا فأَنتِ أَعلمُ" فقال لها: "إنّمَا هَذَا ركضةٌ منْ ركضاتِ الشّيطانِ، فتحيضِي ستةَ أيامٍ أَوْ سبعةَ أيامٍ فِي علمِ اللهِ عز وجل، ثمَّ اغتسلِي حتَّى إِذَا رأيتِ أَنَّكِ قَدْ طهرْتِ، واستيقنْتِ، فصلِّي ثَلاثًا وَعشرِينَ ليلةَ أَوْ أَربعًا وعشرينَ لَيلةً وأَيامَهَا وصُومِي، فإِنَّ ذَلِكَ يجزِئَكِ، وكذلِكَ فافعلِي كلَّ شهرٍ كَما تحيضُ النِّساءُ وكَمَا يطهرنَ ميقاتَ حيضهنَّ، وطهرهنَّ، فإنْ قويتِ عَلى أَن تؤخِّرِي الظهرَ وتعجّلِي العصرَ، فتغسلينَ فتجمعينَ بينَ الصلاتينِ الظهرِ والعصرِ، وتؤخّرينَ المغربَ وتعجّلِين العِشاءَ، ثمّ تغتسلينَ وتجمعينَ بينَ الصلاتينِ فافعَلِي، وتغسلينَ معَ الفَجرِ فافعلِي، وصُومِي إنْ قدرتِ عَلى ذَلِكَ". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وهَذا أعجبُ الأَمرينِ إليّ".
زاد الترمذي بعد ذكر الكرسف "فتلحمي" قالت: هو أكثر من ذلك، قال:"فاتّخذِي ثَوبًا".
زاد فتلحمي، وقال حديث حسن صحيح (1).
وسألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن، وهكذا قال أحمد بن حنبل هو حديث صحيح.
وقال أبو عمر: الأحاديث في إيجاب الغسل على المستحاضة لكل صلاة، وفي الجمع بين الصلاتين، وفي الوضوء لكل صلاة مضطربة كلها.
كذا قال أبو عمر رحمه الله، وغيره يرى أن الاضطراب لا يضرها لأنها مسندة من طرق صحاح.
(1) رواه الترمذي (128).
وذكر الدارقطني من حديث محمد بن سعيد، قال: نا عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم أنه أخبره قال: سألت معاذ بن جبل عن الحائض تطهر قبل غروب الشمس بقليل، قال: تصلي العصر، قلت: قبل ذهاب الشفق، قال: تصلي المغرب، قلت قبل بلوغ الفجر قال: تصلي العشاء، قلت قبل طلوع الشمس، قال: تصلي الصبح، هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نعلم نساءنا (1).
قال: لم يروه غير محمد بن سعيد وهو متروك [الحديث].
أبو داود، عن مسة الأزدية قالت: حججت، فدخلت على أم سلمة، فقلت: يا أم المؤمنين إن سمرة بن جندب يأمر النساء يقضين صلاة المحيض، فقالت: لا يقضين، كانت المرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقعد في النفاس أربعين ليلة لا يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء صلاة النفاس (2).
وقد روي في هذا عن أنس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعثمان بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم في النفساء، أنها تقعد أربعين ليلة، وفي بعضها إلا أن ترى الطهر قبل ذلك.
وهي أحاديث معتلة بأسانيد متروكة وأحسنها حديث أبي داود.
وذكر أبو أحمد الجرجاني من حديث محمد بن سعيد المصلوب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لَا نفاسَ دونَ أسبوعينِ، وَلا نفاسَ فوقَ أَربعينَ، فَإنْ رأتِ النّفساءُ الطهرَ دونَ الأربعينَ صامَتْ، وصلَّتْ، ولا يأتِيهَا زَوجُهَا إلّا بَعدَ الأربعينَ"(3).
ومحمد بن سعيد كذاب عندهم.
(1) رواه الدارقطني (1/ 223).
(2)
رواه أبو داود (312).
(3)
تقدم (ص 214).