الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَلَوْ أَتْلَفُوا شَيْئًا عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ، لَزِمَهُمُ الضَّمَانُ بِخِلَافِ الْبُغَاةِ، فَإِنَّهُمْ لَا يُضْمَنُونَ فِي قَوْلٍ ; لِأَنَّا أَسْقَطْنَا الضَّمَانَ عَنْهُمُ اسْتِمَالَةً لِقُلُوبِهِمْ إِلَى الطَّاعَةِ لِئَلَّا يُنَفِّرَهُمُ الضَّمَانُ، وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ، وَلَوْ أَتْلَفُوا نَفْسًا، قَالَ الْإِمَامُ: إِنْ أَوْجَبْنَا الْقِصَاصَ عَلَى الْبُغَاةِ، فَأَهْلُ الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يَجِبُ، كَالضَّمَانِ، وَالثَّانِي: لَا، لِلشُّبْهَةِ الْمُقْتَرِنَةِ بِأَحْوَالِهِمْ، وَإِذَا قُلْنَا: لَا يَنْتَقِضُ الْأَمَانُ فَجَاءَنَا ذِمِّيٌّ تَائِبًا، فَفِي ضَمَانِ مَا أَتْلَفَ طَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، وَالثَّانِي: عَلَى قَوْلَيْنِ، كَالْبُغَاةِ.
فَرْعٌ
قَاتَلَ أَهْلُ الذِّمَّةِ أَهْلَ الْبَغْيِ، لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ عَلَى الصَّحِيحِ ; لِأَنَّهُمْ حَارَبُوا مَنْ يَلْزَمُ الْإِمَامُ مُحَارَبَتَهُمْ.
فَرْعٌ
اسْتَعَانَ الْبُغَاةُ بِمَنْ لَهُمْ أَمَانٌ إِلَى مُدَّةٍ، انْتُقِضَ أَمَانُهُمْ، فَإِنْ قَالُوا: كُنَّا مُكْرَهِينَ، وَأَقَامُوا بَيِّنَةً عَلَى الْإِكْرَاهِ فَهُمْ عَلَى الْعَهْدِ، وَإِلَّا انْتُقِضَ أَيْضًا.
فَصْلٌ
اقْتَتَلَ طَائِفَتَانِ بَاغِيَتَانِ، فَإِنْ قَدَرَ الْإِمَامُ عَلَى قَهْرِهِمَا، وَهَزَمَهُمَا، لَمْ يُعِنْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى إِلَّا إِذَا أَطَاعَتْ، فَيُعِينُهَا عَلَى الْأُخْرَى، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَهْرِهِمَا، ضَمَّ إِلَى نَفْسِهِ أَقْرَبَهُمَا إِلَى الْحَقِّ، وَاسْتَعَانَ بِهِمْ عَلَى الْأُخْرَى، وَإِنِ اسْتَوَيَا اجْتَهَدَ فِيهِمَا، وَلَا يُقْصَدُ بِضَمِّ الْمَضْمُومَةِ إِلَيْهِ مُعَاوَنَتُهَا، بَلْ يُقْصَدُ دَفْعُ الْأُخْرَى، فَإِنِ انْدَفَعَ شَرُّ الْأُخْرَى، لَمْ يُقَاتِلِ الْمَضْمُومَةَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَدْعُوَهَا إِلَى الطَّاعَةِ ; لِأَنَّهَا بِالِاسْتِعَانَةِ صَارَتْ فِي أَمَانِهِ، وَلَوْ أَمَّنَ عَادِلٌ بَاغِيًا، نَفَذَ أَمَانُهُ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَوِ امْرَأَةً.
فَرْعٌ
حُكْمُ دَارِ الْبَغْيِ حُكْمُ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِذَا جَرَى فِيهَا مَا يُوجِبُ الْحَدَّ، أَقَامَهُ الْإِمَامُ.
فَرْعٌ
يَتَحَرَّزُ الْعَادِلُ عَنْ قِتَالِ قَرِيبِهِ الْبَاغِي مَا أَمْكَنَهُ.
فَرْعٌ
قَالَ الْمُتَوَلِّي: يَلْزَمُ الْوَاحِدُ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ مُصَابَرَةَ اثْنَيْنِ مِنَ الْبُغَاةِ، فَلَا يُوَلِّي عَنْهُمَا إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقَتَّالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ.
فَرْعٌ
نَصَّ فِي «الْمَبْسُوطِ» أَنَّهُ إِذَا غَزَا أَهْلُ الْعَدْلِ وَالْبُغَاةُ مُشْرِكِينَ، وَاجْتَمَعُوا فِي دَارِ الشِّرْكِ، فَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ سَوَاءٌ، وَالْقَاتِلُ مِنْهُمْ يَسْتَحِقُّ السَّلْبَ، وَأَمَّا الْخُمُسُ، فَيُفَرِّقُهُ الْإِمَامُ، وَأَنَّهُ لَوْ وَادَعَ أَهْلُ الْبَغْيِ مُشْرِكِينَ، لَمْ يَقْصِدْهُمْ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ غَزَا أَهْلُ الْبَغْيِ قَوْمًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ وَادَعَهُمُ الْإِمَامُ، فَسَبَوْا مِنْهُمْ، فَإِذَا ظَهَرَ الْإِمَامُ عَلَيْهِمْ، رَدَّ السَّبْيَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَأَنَّهُ لَوْ أَمَّنَ أَهْلُ الْعَدْلِ رَجُلًا مِنَ الْبُغَاةِ، فَقَتَلَهُ رَجُلٌ جَاهِلٌ بِأَمَانِهِ، وَقَالَ: عَلِمْتُهُ بَاغِيًا، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ جَاءَنَا لِيَنَالَ غِرَّتَنَا، حَلَفَ وَأُلْزِمَ الدِّيَةَ، وَإِنْ قَتَلَهُ عَامِدًا اقْتُصَّ مِنْهُ، وَأَنَّهُ لَوْ قَتَلَ عَادِلٌ عَادِلًا فِي الْقِتَالِ وَقَالَ: ظَنَنْتُهُ بَاغِيًا، حَلَفَ وَضَمِنَ الدِّيَةَ، وَأَنَّهُ لَوْ سَبَى الْكُفَّارُ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَقَدَرْنَا عَلَى اسْتِنْقَاذِهِمْ، وَجَبَ الِاسْتِنْقَاذُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.