المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنَ الصِّيَالِ قَالَ ابْنُ كَجٍّ: لَوْ صَالَ عَلَيْهِ فَحْلٌ، - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ١٠

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الدَّمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَقِتَالُ الْبُغَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الرِّدَّةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ حَدِّ الزِّنَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ السَّرِقَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلَ

- ‌بَابُ قُطَّاعِ الطُّرُقِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ ضَمَانِ إِتْلَافِ الْإِمَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَالْهُدْنَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَالضَّحَايَا وَالْعَقِيقَةِ وَالْأَطْعِمَةِ

- ‌كِتَابُ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنَ الصِّيَالِ قَالَ ابْنُ كَجٍّ: لَوْ صَالَ عَلَيْهِ فَحْلٌ،

‌فَصْلٌ

فِي مَسَائِلَ مِنَ الصِّيَالِ

قَالَ ابْنُ كَجٍّ: لَوْ صَالَ عَلَيْهِ فَحْلٌ، وَأَمْكَنَهُ الْهَرَبُ، فَلَمْ يَهْرُبْ وَقَتَلَهُ دَفْعًا، هَلْ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ؟ يُبْنَى عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ الْهَرَبُ إِذَا صَالَ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ، إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَبْدَى تَرَدُّدًا فِي حِلِّ أَكْلِ لَحْمِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي تَلَفَتْ بِالدَّفْعِ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْمَرْوَذِيُّ: إِنْ لَمْ يُصِبِ الْمَذْبَحَ، لَمْ تَحُلْ، وَإِنْ أَصَابَهُ، فَوَجْهَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ الذَّبْحَ وَالْأَكْلَ، وَلَوْ صَالَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ عَلَى الْبَائِعِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَقَتَلَهُ دَفْعًا، انْفَسَخَ الْعَقْدُ، وَلَوْ صَالَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَتَلَهُ، فَفِي مَصِيرِهِ قَابِضًا وَجْهَانِ. وَلَوْ صَالَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ أَوِ الْمُسْتَعَارُ عَلَى مَالِكِهِ، فَقَتَلَهُ دَفْعًا، لَمْ يَبْرَأِ الْغَاصِبُ وَالْمُسْتَعِيرُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي «الْبَيَانِ» أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ يَدَ الصَّائِلِ دَفْعًا، فَلَمَّا وَلَّى تَبِعَهُ فَقَتَلَهُ، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ، ثُمَّ حَكَى عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّ لِوَرَثَةِ الْمَصُولِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعُوا فِي تَرِكَةِ الصَّائِلِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، قَالَ: وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ، أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَنْقُصُ بِنَقْصِ الْيَدِ.

الْبَابُ الثَّالِثُ فِي ضَمَانِ مَا تَتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ

إِذَا أَتْلَفَتِ الْبَهِيمَةُ، فَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهَا أَحَدٌ مِنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ.

الْحَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدٌ، وَأَتْلَفَتْ زَرْعًا أَوْ غَيْرَهُ، نُظِرَ إِنْ أَتْلَفَتْهُ بِالنَّهَارِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا، وَإِنْ أَتْلَفَتْهُ بِاللَّيْلِ، لَزِمَ صَاحِبَهَا الضَّمَانُ، لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ، وَلِأنَ الْعَادَةَ أَنَّ أَصْحَابَ الزُّرُوعِ وَالْبَسَاتِينِ يَحْفَظُونَهَا نَهَارًا، وَلَا بُدَّ مِنْ إِرْسَالِ الْمَوَاشِي لِلرَّعْيِ، ثُمَّ الْعَادَةُ أَنَّهَا لَا تُتْرَكُ

ص: 195

مُنْتَشِرَةً لَيْلًا، فَإِذَا تَرَكَهَا لَيْلًا، فَقَدْ قَصَّرَ، فَضَمِنَ، وَلَوْ جَرَتِ الْعَادَةُ فِي نَاحِيَةٍ بِالْعَكْسِ، فَكَانُوا يُرْسِلُونَ الْمَوَاشِيَ لَيْلًا لِلرَّعْيِ، وَيَحْفَظُونَهَا نَهَارًا، وَكَانُوا يَحْفَظُونَ الزَّرْعَ لَيْلًا، فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ، فَيَضَمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ اتِّبَاعًا لِمَعْنَى الْخَبَرِ وَالْعَادَةِ. وَالثَّانِي: لَا تَأْثِيرَ لِلْعَادَةِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ فُرُوعٌ.

الْأَوَّلُ: الْمَزَارِعُ فِي الصَّحْرَاءِ وَالْبَسَاتِينُ الَّتِي لَا جِدَارَ لَهَا، حُكْمُهَا مَا ذَكَرْنَا، أَمَّا إِذَا كَانَ الزَّرْعُ فِي مَحْوَطٍ، وَكَانَ لِلْبَسَاتِينِ بَابٌ يُغْلَقُ، فَتَرَكَهُ مَفْتُوحًا فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: الْحُكْمُ كَذَلِكَ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ حِفْظُ الْبَهَائِمِ وَرَبْطُهَا لَيْلًا، فَإِرْسَالُهَا تَقْصِيرٌ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا ضَمَانَ وَإِنْ أَتَلَفَتْ بِاللَّيْلِ؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْ صَاحِبِ الزَّرْعِ بِفَتْحِ الْبَابِ.

الثَّانِي: إِنَّمَا يَعْتَادُ إِرْسَالَ الْمَوَاشِي إِذَا كَانَ هُنَاكَ مَرَاعٍ بَعِيدَةٌ عَنِ الْمَزَارِعِ، وَحِينَئِذٍ إِنْ فَرَضَ انْتِشَارَهَا إِلَى أَطْرَافِ الْمَزَارِعِ، لَمْ يُعَدْ تَقْصِيرًا، فَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْمَرَاعِي مُتَوَسِّطَةً لِلْمَزَارِعِ، أَوْ كَانَتِ الْبَهَائِمُ تَرْعَى فِي حَرِيمِ السَّوَاقِي، فَلَا يَعْتَادُ إِرْسَالَهَا بِلَا رَاعٍ، فَإِنْ أَرْسَلَهَا، فَمُقَصِّرٌ ضَامِنٌ لِمَا أَفْسَدَتْهُ وَإِنْ كَانَ نَهَارًا، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ.

الثَّالِثُ: لَوْ رَبَطَ بَهِيمَتَهُ، وَأَغْلَقَ بَابَهُ، وَاحْتَاطَ عَلَى الْعَادَةِ، فَفَتَحَ الْبَابَ لِصٌّ، أَوِ انْهَدَمَ الْجِدَارُ، فَخَرَجَتْ لَيْلًا، فَلَا ضَمَانَ، إِذْ لَا تَقْصِيرَ، وَلَوْ قَصَّرَ صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ، وَحَضَرَ صَاحِبُ الزَّرْعِ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى تَنْفِيرِهَا، فَلْيَفْعَلْ، فَإِنْ تَهَاوَنَ فَهُوَ الْمُقَصِّرُ الْمُضَيِّعُ لِزَرْعِهِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُبَالِغَ التَّنْفِيرَ وَالْإِبْعَادَ، بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، فَإِنْ زَادَ، فَضَاعَتْ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْمَرْوَذِيُّ: لَزِمَهُ الضَّمَانُ وَتَصِيرُ دَاخِلَةً فِي ضَمَانِهِ بِالتَّبْعِيدِ فَوْقَ قَدَرِ الْحَاجَةِ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ زَرْعِهِ وَأَدْخَلَهَا فِي زَرْعِ غَيْرِهِ، فَأَفْسَدَتْهُ، لَزِمَهُ الضَّمَانُ. فَإِنْ كَانَتْ مَحْفُوفَةً بِمَزَارِعِ النَّاسِ، وَلَمْ

ص: 196

يُمْكِنُ إِخْرَاجُهَا إِلَّا بِإِدْخَالِهَا مَزْرَعَةَ غَيْرِهِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقِيَ مَالَ نَفْسِهِ بِمَالِ غَيْرِهِ، بَلْ يَصْبِرُ وَيَغْرُمُ صَاحِبُهَا.

الرَّابِعُ: إِذَا أَرْسَلَ دَابَّةً فِي الْبَلَدِ، فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا، ضَمِنَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا فِيمَا إِذَا تَعَلَّقَ إِرْسَالُ الدَّابَّةِ وَضَبْطُهَا بِاخْتِيَارِهِ، فَإِنِ انْفَلَتَتْ، لَمْ يَضَمَنْ مَا أَتْلَفَتْهُ بِحَالٍ، وَلَوْ رَبَطَ دَابَّتَهُ فِي مَوَاتٍ، أَوْ مِلْكِ نَفْسِهِ، وَغَابَ عَنْهَا، لَمْ يَضَمَنْ مَا تُتْلِفُهُ، وَإِنْ رَبَطَهَا فِي الطَّرِيقِ عَلَى بَابِ دَارِهِ، أَوْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، لَزِمَهُ الضَّمَانُ، سَوَاءٌ كَانَ الطَّرِيقُ ضَيِّقًا أَوْ وَاسِعًا؛ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ فِي الطَّرِيقِ إِنَّمَا يَجُوزُ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، كَإِشْرَاعِ الْجَنَاحِ، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ وَاسِعًا، فَلَا ضَمَانَ، وَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْفَرْقِ بَيْنَ رَبْطِهِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَدُونَ إِذْنِهِ.

فَرْعٌ

إِذَا أَرْسَلَ الْحَمَامَ، أَوْ غَيْرَهَا مِنَ الطَّيْرِ، فَكَسَرَتْ شَيْئًا، أَوِ الْتَقَطَتْ حَبًّا، فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ إِرْسَالُهَا، ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ.

الْحَالُ الثَّانِي: إِذَا كَانَ مَعَ الْبَهِيمَةِ شَخْصٌ، ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ، سَوَاءٌ أَتْلَفَتْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، وَسَوَاءٌ كَانَ سَائِقُهَا أَوْ رَاكِبُهَا أَوْ قَائِدُهَا، وَسَوَاءٌ أَتْلَفَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ عَضِّهَا أَوْ ذَنَبِهَا؛ لِأَنَّهَا تَحْتَ يَدِهِ وَعَلَيْهِ تَعَهُّدُهَا وَحِفْظُهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ الَّذِي مَعَ الْبَهِيمَةِ مَالِكَهَا أَوْ أَجِيرَهُ، أَوْ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا أَوْ غَاصِبًا، لِشُمُولِ الْيَدِ، وَسَوَاءٌ الْبَهِيمَةُ الْوَاحِدَةُ وَالْعَدَدُ، كَالْإِبِلِ الْمَقْطُورَةِ، وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ وَجْهًا أَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الْمَاشِيَةُ مِمَّا تُسَاقُ، كَالْغَنَمِ، فَسَاقَهَا، لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُقَادُ،

ص: 197

فُسَاقَهَا، ضَمِنَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضَمَنُ فِي الْحَالَيْنِ وَبِهِ قَطَعَ الْجَمَاهِيرُ، وَلَوْ كَانَ مَعَهَا قَائِدٌ وَسَائِقٌ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، وَفِي الرَّاكِبِ مَعَ السَّائِقِ أَوِ الْقَائِدِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، وَالثَّانِي: يَخُصُّ الرَّاكِبَ بِالضَّمَانِ لِقُوَّةِ يَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ، وَلَوِ اجْتَمَعَ رَاكِبٌ وَسَائِقٌ وَقَائِدٌ، فَهَلْ يَخْتَصُّ الرَّاكِبُ بِالضَّمَانِ أَمْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا؟ وَجْهَانِ، وَلَوْ كَانَ يُسَيِّرُ دَابَّةً، فَنَخَسَهَا إِنْسَانٌ، فَرَمَحَتْ وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا، فَالضَّمَانُ عَلَى النَّاخِسِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: عَلَيْهِمَا، وَلَوِ انْفَلَتَتِ الدَّابَّةُ مِنْ يَدِ صَاحِبِهَا وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مِنْ يَدِهِ، فَلَوْ أَمْسَكَ عَلَى اللِّجَامِ، وَرَكِبَتْ رَأْسَهَا فَهَلْ يَضْمَنُ مَا تُتْلِفُهُ؟ قَوْلَانِ، وَعَنْ صَاحِبِ «التَّلْخِيصِ» طَرْدُ الْخِلَافِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا الرَّاكِبُ، كَمَا إِذَا غَلَبَتِ السَّفِينَتَانِ الْمَلَّاحِينَ، قَالَ الْإِمَامُ: وَالدَّابَّةُ النَّزِقَةُ الَّتِي لَا تَنْضَبِطُ بِالْكَبْحِ، وَالتَّرْدِيدِ فِي مَعَاطِفِ اللِّجَامِ، لَا تُرْكَبُ فِي الْأَسْوَاقِ، وَمَنْ رَكْبِهَا، فَهُوَ مُقَصِّرٌ ضَامِنٌ لِمَا تُتْلِفُهُ، وَإِذَا رَاثَتِ الدَّابَّةُ، أَوْ بَالَتْ فِي سَيْرِهَا فِي الطَّرِيقِ، فَزَلَقَ بِهِ إِنْسَانٌ، وَتَلَفَتَ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ، أَوْ فَسَدَ شَيْءٌ مِنْ رَشَاشِ الْوَحْلِ بِمَمْشَاهَا وَقْتَ الْوُحُولِ وَالْأَنْدَاءِ، أَوْ مِمَّا يَثُورُ مِنَ الْغُبَارِ، وَقَدْ يَضُرُّ ذَلِكَ بِثِيَابِ الْبَزَّازِينَ وَالْفَوَاكِهِ، فَلَا ضَمَانَ فِي كُلِّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لَا يَخْلُو عَنْهُ، وَالْمَنْعُ مِنَ الطُّرُقِ لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَحْتَرِزَ مِمَّا لَا يُعْتَادُ، كَالرَّكْضِ الْمُفْرِطِ فِي الْوَحْلِ، وَالْإِجْرَاءِ فِي مُجْتَمَعِ الْوُحُولِ، فَإِنْ خَالَفَ، ضَمِنَ مَا يَحْدُثُ مِنْهُ، وَكَذَا لَوْ سَاقَ الْإِبِلَ فِي الْأَسْوَاقِ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهَا حِينَئِذٍ، وَإِذَا بَالَتِ الدَّابَّةُ، أَوْ رَاثَتْ فِي الطَّرِيقِ وَقَدْ وَقَفَهَا فِيهِ، فَأَفْضَى الْمُرُورُ فِي مَوْضِعِ الْبَوْلِ إِلَى تَلَفٍ، فَعَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِيمَا لَوْ أَتْلَفَتِ الدَّابَّةُ الْمَوْقُوفَةُ هُنَاكَ شَيْئًا، وَالْمُذَهَبُ: أَنَّهُ لَا ضَمَانَ وَقِيلَ: يُفَرَّقُ بَيْنَ طَرِيقٍ وَاسِعٍ وَضَيِّقٍ، وَعَنِ ابْنِ الْوَكِيلِ وَجْهٌ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَقِفَ الدَّابَّةُ فِي الطَّرِيقِ مُطْلَقًا، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُجْرِيَهَا، فَإِذَا بَالَتْ أَوْ

ص: 198

رَاثَتْ فِي وُقُوفِهَا، وَتَلَفَ بِهِ إِنْسَانٌ، فَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ كَانَ يَرْكُضُ دَابَّتَهُ، فَأَصَابَ شَيْءٌ مِنْ مَوْضِعِ السَّنَابِكِ عَيْنَ إِنْسَانٍ، وَأَبْطَلَ ضَوْءُهَا، فَإِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ مَوْضِعَ رَكْضٍ، فَلَا ضَمَانَ، وَإِلَّا فَيَضْمَنُ، وَلَوْ كَانَ يَسُوقُ دَابَّةً عَلَيْهَا حَطَبٌ، أَوْ حَمَلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ، أَوْ عَلَى عَجَلَةٍ، فَاحْتَكَّ بِبِنَاءٍ وَأَسْقَطَهُ، لَزِمَهُ ضَمَانُهُ، وَإِنْ دَخَلَ السُّوقَ بِهِ، وَتَلَفَ مِنْهُ مَالٌ أَوْ نَفْسٌ، فَفِي «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إِنْ كَانَ ذَلِكَ وَقْتَ الزِّحَامِ، ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زِحَامٌ، وَتَمَزَّقَ ثَوْبُهُ بِخَشَبَةٍ تَعَلَّقَتْ بِهِ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الثَّوْبِ مُسْتَقْبِلًا لِلدَّابَّةِ، فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَعْمَى، فَعَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ إِعْلَامُهُ، وَإِنْ كَانَ يَمْشِي قُدَّامَ الدَّابَّةِ، لَزِمَ صَاحِبَهَا الضَّمَانُ إِذَا لَمْ يُعْلِمْهُ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ فِي الْعَادَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ صَاحِبِ الثَّوْبِ جَذَبَهُ أَيْضًا بِأَنْ تَعَلَّقَتِ الْخَشَبَةُ بِثَوْبِهِ فَجَذَبَهُ وَجَذَبَتْهَا الدَّابَّةُ، فَعَلَى صَاحِبِهَا نِصْفُ الضَّمَانِ، وَلَوْ كَانَ يَمْشِي، فَوَقَعَ مُقَدَّمُ مَدَاسِهِ عَلَى مُؤَخَّرِ مَدَاسِ غَيْرِهِ وَتَمَزَّقَ، لَزِمَهُ نِصْفُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ تَمَزَّقَ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ صَاحِبِهِ، هَكَذَا ذَكَرَهُ إِبْرَاهِيمُ الْمَرْوَذِيُّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إِنْ تَمَزَّقَ مُؤَخَّرُ مَدَاسِ السَّابِقِ، فَالضَّمَانُ عَلَى اللَّاحِقِ، وَإِنْ تَمَزَّقَ مُقَدَّمُ مَدَاسِ اللَّاحِقِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّابِقِ، وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ هُوَ فِيمَا إِذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ تَقْصِيرٌ، فَإِنْ وُجِدَ بِأَنْ عَرَضَهُ لِلدَّابَّةِ، أَوْ وَضَعَهُ فِي الطَّرِيقِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ.

فَرْعٌ

إِذَا كَانَتْ لَهُ هِرَّةٌ تَأْخُذُ الطُّيُورَ، وَتَقْلِبُ الْقُدُورَ، فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَهَلْ عَلَى صَاحِبِهَا ضَمَانٌ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، سَوَاءٌ أَتْلَفَتْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْهِرَّةِ يَنْبَغِي أَنْ تُرْبَطَ وَيُكَفَّ شَرُّهَا، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ حَيَوَانٍ تَوَلَّعَ بِالتَّعَدِّي. وَالثَّانِي: لَا ضَمَانَ، سَوَاءٌ أَتَلِفَتْ لَيْلًا

ص: 199

أَوْ نَهَارًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَا تُرْبَطُ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَعْهَدْ مِنْهَا ذَلِكَ فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ حِفْظُ الطَّعَامِ عَنْهَا لَا رَبْطُهَا. وَالثَّانِي: يُفَرَّقُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ كَمَا سَبَقَ فِي الْبَهِيمَةِ، وَأَطْلَقَ الْإِمَامُ فِي ضَمَانِ مَا تُتْلِفُهُ الْهِرَّةُ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: يَضْمَنُ، وَالثَّانِي: لَا، وَالثَّالِثُ: يَضْمَنُ لَيْلًا لَا نَهَارًا، كَالْبَهِيمَةِ، وَالرَّابِعُ: عَكْسُهُ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ تُحْفَظُ عَنْهَا لَيْلًا، وَإِذَا أَخَذَتِ الْهِرَّةُ حَمَامَةً وَهِيَ حَيَّةٌ، جَازَ فَتْلُ أُذُنِهَا وَضَرْبُ فَمِهَا لِتُرْسِلَهَا، وَإِذَا قَصَدَتِ الْحَمَامَ، فَأُهْلِكَتْ فِي الدَّفْعِ، فَلَا ضَمَانَ، فَلَوْ صَارَتْ ضَارِيَةً مَفْسِدَةً فَهَلْ يَجُوزُ قَتْلُهَا فِي حَالِ سُكُونِهَا؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ الْقَفَّالُ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ ضَرَاوَتَهَا عَارِضَةٌ وَالتَّحَرُّزَ عَنْهَا سَهَلٌ، وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: تَلْتَحِقُ بِالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ، فَيَجُوزُ قَتْلُهَا، وَلَا يَخْتَصُّ بِحَالِ ظُهُورِ الشَّرِّ، قَالَ الْإِمَامُ: وَقَدِ انْتَظَمَ لِي كَلَامُ الْأَصْحَابِ أَنِ الْفَوَاسِقَ مَقْتُولَاتٌ لَا يَعْصِمُهَا الِاقْتِنَاءُ، وَلَا يَجْرِي الْمِلْكُ عَلَيْهَا، وَلَا أَثَرَ لِلْيَدِ وَالِاخْتِصَاصِ فِيهَا.

فَرْعٌ

لَوْ كَانَ فِي دَارِهِ كَلْبٌ عَقُورٌ، أَوْ دَابَّةٌ رَمُوحٌ، فَدَخَلَهَا إِنْسَانٌ، فَرَمَحَتْهُ، أَوْ عَضَّهُ الْكَلْبُ، فَلَا ضَمَانَ إِنْ دَخَلَ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِ الدَّارِ، أَوْ بِإِذْنِهِ وَأَعْلَمَهُ بِحَالِ الْكَلْبِ وَالدَّابَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ فَقَوْلَانِ، كَمَا لَوْ وَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامًا مَسْمُومًا، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ الْخِلَافَ بِمَنْ كَانَ أَعْمَى، أَوْ فِي ظُلْمَةٍ، وَقَطَعَ بِنَفْيِ الضَّمَانِ إِذَا كَانَ بَصِيرًا يَرَى.

فَرْعٌ

لَوِ ابْتَلَعَتِ الْبَهِيمَةُ فِي مُرُورِهَا جَوْهَرَةً، ضَمِنَهَا صَاحِبُهَا إِنْ كَانَ مَعَهَا، أَوْ وُجِدَ مِنْهُ تَقْصِيرٌ، بِأَنْ طَرَحَ لُؤْلُؤَةَ غَيْرِهِ بَيْنَ يَدَيْ دَجَاجَةٍ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يُفَرَّقُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، كَالزَّرْعِ، وَالثَّانِي: يَضْمَنُ

ص: 200