المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

جِزْيَةً، لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَكَذَا إِنْ كَانَ خَرَاجًا عَلَى - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ١٠

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الدَّمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَقِتَالُ الْبُغَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الرِّدَّةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ حَدِّ الزِّنَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ السَّرِقَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلَ

- ‌بَابُ قُطَّاعِ الطُّرُقِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ ضَمَانِ إِتْلَافِ الْإِمَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَالْهُدْنَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَالضَّحَايَا وَالْعَقِيقَةِ وَالْأَطْعِمَةِ

- ‌كِتَابُ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: جِزْيَةً، لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَكَذَا إِنْ كَانَ خَرَاجًا عَلَى

جِزْيَةً، لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَكَذَا إِنْ كَانَ خَرَاجًا عَلَى الْأَصَحِّ ; لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ أَوْ ثَمَنٌ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ، فَإِنَّهَا عِبَادَةٌ وَمُوَاسَاةٌ وَمَبْنَاهَا عَلَى الرِّفْقِ، وَإِنْ كَانَ حَدًّا فَقَالَ الْمُتَوَلِّي: يُصَدَّقُ إِنْ كَانَ أَثَرُهُ بَاقِيًا عَلَى بَدَنِهِ، وَإِلَّا فَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ، صُدِّقَ ; لِأَنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ، وَإِنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، فَلَا.

‌فَصْلٌ

الَّذِينَ لَهُمْ تَأْوِيلٌ بِلَا شَوْكَةٍ، أَوْ شَوْكَةٌ بِلَا تَأْوِيلٍ، لَيْسَ لَهُمْ حُكْمُ الْبُغَاةِ، وَلَا يَنْفُذُ قَضَاءُ حَاكِمِهِمْ، وَلَا يُعْتَدُّ بِاسْتِيفَائِهِمُ الْحُقُوقَ وَالْحُدُودَ، وَفِي أَصْحَابِ الشَّوْكَةِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ أَهْلُ النَّاحِيَةِ الَّتِي اسْتَوْلَوْا عَلَيْهَا، وَالْمَعْرُوفُ لِلْأَصْحَابِ مَا سَبَقَ، وَالتَّحْكِيمُ فِيهِمْ عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ فِي غَيْرِهِمْ.

الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِ ضَمَانِ الْمُتْلَفِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ.

فَإِذَا أَتْلَفَ بَاغٍ عَلَى عَادِلٍ أَوْ عَكْسُهُ فِي غَيْرِ الْقِتَالِ، ضَمِنَ قَطْعًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنَ الْقِصَاصِ وَالْقِيمَةِ، وَأَمَّا فِي حَالِ الْقِتَالِ، فَمَا يُتْلِفُهُ الْعَادِلُ عَلَى الْبَاغِي لَا يَضْمَنُهُ، وَمَا يُتْلِفُهُ الْبَاغِي عَلَى الْعَادِلِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ هَلْ يَضْمَنُهُ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: لَا، فَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا، فَفِي الْقِصَاصِ طَرِيقَانِ، أَصَحُّهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ، وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ لِشُبْهَةِ تَأْوِيلِهِمْ، فَإِنْ أَوْجَبْنَا الْقِصَاصَ، فَآلَ الْأَمْرُ إِلَى الدِّيَةِ، فَهِيَ فِي مَالِ الْقَاتِلِ، وَإِنْ لَمْ نُوجِبْهُ، فَهَلْ يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْعَمْدِ، فَتَتَعَجَّلُ الدِّيَّةُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ، أَمْ حُكْمُ شِبْهِ الْعَمْدِ، فَتَتَأَجَّلُ عَلَى الْعَاقِلَةِ؟ فِيهِ خِلَافٌ، كَمَنْ قَتَلَ مُسْلِمًا عَلَى زِيِّ الْكُفَّارِ، وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ، فَتَجِبُ حَيْثُ أَوْجَبْنَا قِصَاصًا أَوْ دِيَةً،

ص: 55

وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ طَرْدًا لِلْإِهْدَارِ، وَلِأَنَّهَا أَوْلَى بِالْمُسَامَحَةِ مِنْ حَقِّ الْآدَمِيِّ.

فَرْعٌ

الْقَوْلَانِ فِيمَا أُتْلِفَ بِسَبَبِ الْقِتَالِ، وَتَوَلَّدُ مِنْهُ هَلَاكُهُ، فَلَوْ أُتْلِفَ فِي الْقِتَالِ مَا لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْقِتَالِ، وَجَبَ ضَمَانُهُ قَطْعًا كَالْمُتْلِفِ قَبْلَ الْقِتَالِ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ.

فَرْعٌ

الْأَمْوَالُ الْمَأْخُوذَةُ فِي الْقِتَالِ يَجِبُ رَدُّهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ إِلَى أَصْحَابِهَا، يَسْتَوِي فِيهِ الْفَرِيقَانِ، فَإِنْ أُتْلِفْتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، وَجَبَ الضَّمَانُ.

فَرْعٌ

لَوِ اسْتَوْلَى بَاغٍ عَلَى أَمَةٍ أَوْ مُسْتَوْلَدَةٍ لَأَهْلِ الْعَدْلِ، فَوَطِئَهَا، أَلْزَمَهُ الْحَدَّ، فَإِنْ أَوْلَدَهَا، فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ غَيْرُ نَسِيبٍ، فَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً، فَهَلْ يَجِبُ الْمَهْرُ؟ قِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي ضَمَانِ الْمَالِ، وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ قَطْعًا، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ الْمَأْخُوذَ بَعْدَ الِانْهِزَامِ، وَلَوِ اسْتَوْلَى حَرْبِيٌّ عَلَى أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ وَأَوْلَدَهَا، فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ وَغَيْرُ نَسِيبٍ، وَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمِ الْأَحْكَامَ.

فَرْعٌ

هَذَا الَّذِي سَبَقَ مِنْ حُكْمِ الْإِتْلَافِ هُوَ فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ، فَأَمَّا الْمُخَالِفُونَ لِلْإِمَامِ بِتَأْوِيلِ بِلَا شَوْكَةٍ، فَيَلْزَمُهُمْ ضَمَانُ مَا أَتْلَفُوهُ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ، وَإِنْ كَانَ فِي حَالِ الْقِتَالِ كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَأَمَّا الَّذِينَ لَهُمْ شَوْكَةٌ بِلَا تَأْوِيلٍ، فَفِي ضَمَانِ مَا أَتْلَفُوهُ فِي الْقِتَالِ طَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: يَجِبُ قَطْعًا كَعَكْسِهِ،

ص: 56

وَأَصَحُّهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ كَالْبَاغِي ; لِأَنَّ سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنِ الْبَاغِي لِقَطْعِ الْفِتْنَةِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا، وَلَوِ ارْتَدَّتْ طَائِفَةٌ لَهُمْ شَوْكَةٌ، فَأَتْلَفُوا مَالًا أَوْ نَفْسًا فِي الْقِتَالِ، ثُمَّ تَابُوا وَأَسْلَمُوا، فَفِي ضَمَانِهِمُ الْقَوْلَانِ كَالْبُغَاةِ، أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ: لَا ضَمَانَ، وَخَالَفَهُ الْبَغَوِيُّ، وَلَا يَنْفُذُ قَضَاءُ قَاضِي الْمُرْتَدِّينَ قَطْعًا.

الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ قِتَالِ الْبُغَاةِ:

طَرِيقُهَا طَرِيقُ دَفْعِ الصَّائِلِ، وَالْمَقْصُودُ رَدُّهُمْ إِلَى الطَّاعَةِ، وَدَفْعُ شَرِّهِمْ، لَا النَّفْيُ وَالْقَتْلُ، فَإِذَا أَمْكَنَ الْأَسْرُ، لَا يُقْتَلُ، وَإِذَا أَمْكَنَ الْإِثْخَانُ، لَا يُذَفَّفُ، فَإِنِ الْتَحَمَ الْقِتَالُ، وَاشْتَدَّتِ الْحَرْبُ، خَرَجَ الْأَمْرُ عَنِ الضَّبْطِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَقَدْ يُتَخَيَّلُ مِنْ هَذَا أَنَّا لَا نَسِيرُ إِلَيْهِمْ، وَلَا نُفَاتِحُهُمْ بِالْقِتَالِ، وَأَنَّهُمْ إِذَا سَارُوا إِلَيْنَا لَا نَبْدَأُ بِقِتَالِهِمْ، بَلْ نَصْطَفُّ قُبَالَتَهَمْ، فَإِنْ قَصَدُونَا، دَفَعْنَاهُمْ، قَالَ: وَقَدْ رَأَيْتُ هَذَا لِطَائِفَةٍ مِنَ الْأَصْحَابِ وَهُوَ خَطَأٌ، بَلْ إِذَا آذَنَهُمُ الْإِمَامُ بِالْحَرْبِ، وَلَمْ يَرْجِعُوا إِلَى الطَّاعَةِ، سَارَ إِلَيْهِمْ، وَمَنَعَهُمْ مِنَ الْقُطْرِ الَّذِي اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ، فَإِنِ انْهَزَمُوا وَكَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةٌ، اتَّبَعْنَاهُمْ إِلَى أَنْ يَتُوبُوا وَيُطِيعُوا، وَلَيْسَ قِتَالُ الْفَرِيقَيْنِ كَصِيَالِ الْوَاحِدِ وَدَفْعِهِ بِكَيْفِيَّةِ قِتَالِهِمْ مَسَائِلُ:

الْأُولَى: لَا يُغْتَالُونَ وَلَا يُبْدَءُونَ بِالْقِتَالِ حَتَّى يُنْذَرُوا، فَيَبْعَثُ الْإِمَامُ إِلَيْهِمْ أَمِينًا فَطِنًا نَاصِحًا، فَإِذَا جَاءَهُمْ سَأَلَهُمْ مَا يَنْقِمُونَ؟ فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلَمَةً، وَعَلَّلُوا مُخَالَفَتَهُمْ بِهَا، أَزَالَهَا، وَإِنْ ذَكَرُوا شُبْةً، كَشَفَهَا لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا شَيْئًا، أَوْ أَصَرُّوا بَعْدَ إِزَالَةِ الْعِلَّةِ، نَصَحَهُمْ وَوَعَظَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِالْعَوْدِ إِلَى الطَّاعَةِ، فَإِنْ أَصَرُّوا، دَعَاهُمْ إِلَى الْمُنَاظَرَةِ، فَإِنْ لَمْ يُجِيبُوا، أَوْ أَجَابُوا فَغُلِبُوا، وَأَصَرُّوا مُكَابِرِينَ، آذَنَهُمْ بِالْقِتَالِ، فَإِنِ اسْتَنْظَرُوا، بَحَثَ الْإِمَامُ عَنْ حَالِهِمْ وَاجْتَهَدَ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُمْ عَازِمُونَ

ص: 57

عَلَى الطَّاعَةِ، وَأَنَّهُمْ يَسْتَنْظِرُونَ لِكَشْفِ الشُّبْهَةِ، أَوِ التَّأَمُّلِ وَالْمُشَاوَرَةِ، أَنْظَرَهُمْ، وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُمْ يَقْصِدُونَ الِاجْتِمَاعَ، أَوْ يِسْتَلْحِقُونَ مَدَدًا لَهُمْ، لَمْ يُنْظِرْهُمْ، وَإِنْ سَأَلُوا تَرْكَ الْقِتَالِ أَبَدًا، لَمْ يُجِبْهُمْ، وَحَيْثُ لَا يَجُوزُ الْإِنْظَارُ، فَلَوْ بَذَلُوا مَالًا، وَرَهَنُوا أَوْلَادَهُمْ وَالنِّسَاءَ، لَمْ يَقْبَلْهُ ; لِأَنَّهُمْ قَدْ يَقْوُونَ فِي الْمُدَّةِ، وَيَظْهَرُونَ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ وَيَسْتَرِدُّونَ مَا بَذَلُوهُ، وَإِذَا كَانَ بِأَهْلِ الْعَدْلِ ضَعْفٌ، أَخَّرَ الْقِتَالَ، وَنَصَّ فِي «الْأُمِّ» أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ أَسَارَى مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ فَسَأَلُوا - وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ - أَنْ يُمْسِكَ لِيُطْلِقُوهُمْ، وَأَعْطَوْا بِذَلِكَ رَهَائِنَ، قَبِلْنَا، فَإِنْ أَطْلَقُوا الْأَسَارَى، أَطْلَقْنَا الرَّهَائِنَ، وَإِنْ قَتَلُوهُمْ، لَمْ يَجُزْ قَتْلُ الرَّهَائِنِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إِطْلَاقِهِمْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ.

الثَّانِيَةُ: مَنْ أَدْبَرَ مِنْهُمْ وَانْهَزَمَ، لَمْ يُتْبَعْ، وَكَذَا مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ وَتَرَكَ الْقِتَالَ، لَمْ يُقَاتَلْ، وَانْهِزَامُ الْجُنْدِ بِأَنْ يَتَبَدَّدَ، وَتُبْطُلَ شَوْكَتُهُمْ وَاتِّفَاقُهُمْ، فَلَوْ وَلَّوْا ظُهُورَهُمْ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ تَحْتَ رَايَةِ زَعِيمِهِمْ، لَمْ يَنْكُفْ عَنْهُمْ، بَلْ يَطْلُبُهُمْ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَى الطَّاعَةِ، وَلَوْ بَطَلَتْ قُوَّةُ وَاحِدٍ وَاعْتِضَادُهُ بِالْجَمْعِ لِتَخَلُّفِهِ عَنْهُمْ مُخْتَارًا، أَوْ غَيْرَ مُخْتَارٍ، لَا يُقْتَلُ وَلَا يُتْبَعُ، وَمَنْ وَلَّى مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ، أُتْبِعَ وَقُوتِلَ، وَإِنْ وَلَّى مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً، أُتْبِعَ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَرُبَّمَا أَطْلَقَ وَجْهَانِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ قَرِيبَةٍ وَبَعِيدَةٍ، وَأُجْرِيَ الْوَجْهَانِ فِيمَا لَوْ بَطَلَتْ شَوْكَةُ الْجُنْدِ فِي الْحَالِ وَلَمْ يُؤْمَنِ اجْتِمَاعُهُمْ فِي الْمَآلِ، وَمَوْضِعُ الِاتِّفَاقِ أَنْ يُؤْمَنَ اجْتِمَاعَهُمْ.

الثَّالِثَةُ: لَا يُقْتَلُ مُثْخَنُهُمْ وَلَا أَسِيرُهُمْ، وَجَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ قَتْلَهُمَا صَبْرًا، فَلَوْ قَتَلَ عَادِلٌ أَسِيرَهُمْ، فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ لِشُبْهَةِ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ.

قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: لَا قِصَاصَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 58

وَلَا يُطْلَقُ الْأَسِيرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ إِلَّا أَنْ يُبَايِعَ الْإِمَامَ، وَيَرْجِعَ إِلَى الطَّاعَةِ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَوِ انْقَضَتِ الْحَرْبُ وَجُمُوعُهُمْ بَاقِيَةٌ، لَمْ يُطْلَقْ إِلَّا أَنْ يُبَايِعَ، وَإِنْ بَذَلُوا الطَّاعَةَ، أَوْ تَفَرَّقَتْ جُمُوعُهُمْ، أُطْلِقَ، فَإِنْ تَوَقَّعَ عَوْدُهُمْ، فَفِي الْإِطْلَاقِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْرِضَ عَلَى أَسْرَاهُمْ بَيْعَةَ الْإِمَامِ، هَذَا فِي أَسِيرٍ هُوَ أَهْلٌ لِلْقِتَالِ، فَأَمَّا إِذَا أَسَرَ نِسَاءَهُمْ وَأَطْفَالَهُمْ، فَيُحْبَسُونَ إِلَى انْقِضَاءِ الْقِتَالِ ثُمَّ يُطْلَقُونَ، هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَفِي وَجْهٍ لِأَبِي إِسْحَاقَ: إِنْ رَأَى الْإِمَامُ فِي إِطْلَاقِهِمْ قُوَّةَ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَأَنَّ حَبْسَهُمْ يَرُدُّهُمْ إِلَى الطَّاعَةِ، وَيَدْعُوهُمْ إِلَى مُرَاجَعَةِ الْحَقِّ، حَبَسَهُمْ حَتَّى يُطِيعُوا، وَفِي وَجْهٍ لَهُ حَبْسُهُمْ مُطْلَقًا كَسْرًا لِقُلُوبِ الْبُغَاةِ، وَعَلَى هَذَا وَقْتُ تَخْلِيَتِهِمْ وَقْتُ تَخْلِيَةِ الرِّجَالِ، وَأَمَّا الْعَبِيدُ وَالْمُرَاهِقُونَ، فَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُمْ كَالنِّسَاءِ وَإِنْ كَانُوا يُقَاتِلُونَ، وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْمُتَوَلِّي: إِنْ كَانَ يَجِيءُ مِنْهُمْ قِتَالٌ، فَهُمْ كَالرِّجَالِ فِي الْحَبْسِ وَالْإِطْلَاقِ، وَهَذَا حَسَنٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَبِيدَ وَالْمُرَاهِقِينَ وَالنِّسَاءَ إِذَا قَاتَلُوا فَهُمْ كَالرِّجَالِ فِي أَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ مُقْبِلِينَ، وَيُتْرَكُونَ مُدْبِرِينَ، وَيَجُوزُ أَسْرُ كُلِّ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ ابْتِدَاءً.

فَرْعٌ

إِذَا ظَفِرْنَا بِخَيْلِهِمْ وَأَسْلِحَتِهِمْ، لَمْ نَرُدَّهَا حَتَّى يَنْقَضِيَ الْقِتَالُ، وَنَأْمَنَ غَائِلَتَهُمْ بِعَوْدِهِمْ إِلَى الطَّاعَةِ، أَوْ تَفَرُّقِهِمْ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْقِتَالِ، فَلَوْ وَقَعَتْ ضَرُورَةٌ وَلَمْ يَجِدْ أَحَدُنَا مَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ إِلَّا سِلَاحَهُمْ، أَوْ مَا يَرْكَبُهُ وَقَدْ وَقَعَتْ هَزِيمَةٌ إِلَّا خُيُولَهُمْ، جَازَ الِاسْتِعْمَالُ وَالرُّكُوبُ، كَمَا يَجُوزُ أَكْلُ مَالِ الْغَيْرِ لِلضَّرُورَةِ، وَمَا لَيْسَ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ يُرَدُّ إِلَيْهِمْ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ.

الرَّابِعَةُ: لَا يُقَاتِلُهُمْ بِمَا يَعُمُّ وَيَعْظُمُ أَثَرُهُ، كَالْمَنْجَنِيقِ وَالنَّارِ، وَإِرْسَالِ السُّيُولِ الْجَارِفَةِ، لَكِنْ لَوْ قَاتَلُونَا بِهَذِهِ الْأَوْجُهِ، وَاحْتَجْنَا إِلَى

ص: 59

الْمُقَابَلَةِ بِمِثْلِهَا دَفْعًا، أَوْ أَحَاطُوا بِنَا، وَاضْطُرِرْنَا إِلَى الرَّمْيِ بِالنَّارِ وَنَحْوِهَا، فَعَلْنَاهُ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ تَحَصَّنُوا بِبَلْدَةٍ أَوْ قَلْعَةٍ، وَلَمْ يَتَأَتَّ الِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهَا إِلَّا بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا رَعَايَا لَا بَغْيَ فِيهِمْ، لَمْ يَجُزْ قِتَالُهُمْ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إِلَّا الْبُغَاةُ الْمُقَاتِلُونَ، فَكَذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ ; لِأَنَّ تَرْكَ بَلْدَةٍ فِي أَيْدِي طَائِفَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ يُمْكِنُ الِاحْتِيَالُ فِي مُحَاصَرَتِهِمْ وَالتَّضْيِيقِ عَلَيْهِمْ أَقْرَبَ إِلَى الْإِصْلَاحِ مِنِ اصْطِلَامِ أُمَمٍ.

الْخَامِسَةُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعَانَ عَلَيْهِمْ بِكُفَّارٍ ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَسْلِيطُ كَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ لِمُسْتَحِقِّ قِصَاصٍ أَنْ يُوَكِّلَ كَافِرًا بِاسْتِيفَائِهِ، وَلَا لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَّخِذَ جَلَّادًا كَافِرًا لِإِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعَانَ بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ إِمَّا لِعَدَاوَةٍ وَإِمَّا لِاعْتِقَادِهِ، كَالْحَنَفِيِّ، إِلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ، فَيَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ فِيهِمْ جُرْأَةٌ وَحُسْنُ إِقْدَامٍ، وَالثَّانِي: أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ مَنْعِهِمْ لَوِ ابْتَغَوْا أَهْلَ الْبَغْيِ بَعْدَ هَزِيمَتِهِمْ، وَلَا بُدَّ مِنِ اجْتِمَاعِ الشَّرْطَيْنِ لِجَوَازِ الِاسْتِعَانَةِ، كَذَا حَكَاهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ والرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنِ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ وَلَفْظُ الْبَغَوِيِّ يَقْتَضِي جَوَازُهَا بِأَحَدِهِمَا.

السَّادِسَةُ: لَوِ اسْتَعَانَ الْبُغَاةُ عَلَيْنَا بِأَهْلِ الْحَرْبِ، وَعَقَدُوا لَهُمْ ذِمَّةً وَأَمَانًا لِيُقَاتِلُوا مَعَهُمْ، لَمْ يُنَفَّذْ أَمَانُهُمْ عَلَيْنَا، فَلَنَا أَنْ نَغْنَمَ أَمْوَالَهُمْ، وَنَسْتَرِقَّهُمْ، وَنَقْتُلَهُمْ إِذَا وَقَعُوا فِي الْأَسْرِ، وَنَقْتُلَهُمْ مُدْبِرِينَ، وَنُذَفِّفَ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: لَا يُتْبَعُ مُدْبِرُهُمْ، وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَهَلْ يَنْعَقِدُ الْأَمَانُ فِي حَقِّ الْبُغَاةِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا:

ص: 60

نَعَمْ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا، فَقَالَ الْبَغَوِيُّ: لِأَهْلِ الْبَغْيِ أَنَّ يَكِرُّوا عَلَيْهِمْ بِالْقَتْلِ وَالِاسْتِرْقَاقِ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْإِمَامُ عَلَى هَذَا، أَنَّهُ أَمَانٌ فَاسِدٌ، وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْبَغْيِ اغْتِيَالُهُمْ، بَلْ يُبَلِّغُونَهُمُ الْمَأْمَنَ، فَلَوْ قَالُوا: ظَنَنَّا أَنَّهُ يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُعِينَ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى بَعْضٍ أَوْ ظَنَنَّا أَنَّهُمُ الْمُحِقُّونَ، أَوْ ظَنَنَّا أَنَّهُمُ اسْتَعَانُوا بِنَا فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا اعْتِبَارَ بِظَنِّهِمُ الْفَاسِدِ، وَلَنَا قَتْلُهُمْ وَاسْتِرْقَاقُهُمْ، وَأَصَحُّهُمَا: أَنَا نُبَلِّغُهُمُ الْمَأْمَنَ، وَنُقَاتِلُهُمْ مُقَاتَلَةَ الْبُغَاةِ، فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ مُدْبِرِينَ، وَمَا أَتْلَفَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِمْ، وَمَا يُتْلِفُونَ عَلَى أَهْلِ الْبَغْيِ مَضْمُونٌ إِنْ نَفَّذْنَا أَمَانَهُمْ لَهُمْ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوِ اسْتَعَانَ الْبُغَاةُ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي قِتَالِنَا، نُظِرَ، إِنْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ قِتَالُنَا وَلَمْ يُكْرَهُوا، انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ، وَحُكْمُهُمْ حُكْمُ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَيُقْتَلُونَ مُقْبِلِينَ وَمُدْبِرِينَ، وَلَوْ أَتْلَفُوا بَعْدَ الْقِتَالِ شَيْئًا، لَمْ يَضْمَنُوهُ، وَقِيلَ: فِي انْتِقَاضِ عَهْدِهِمْ قَوْلَانِ، وَإِنْ قَالُوا: كُنَّا مُكْرَهِينَ، لَمْ يَنْتَقِضْ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيُقَاتَلُونَ مُقَاتَلَةَ الْبُغَاةِ، وَإِنْ قَالُوا: ظَنَنَّا أَنَّهُ يَجُوزُ لَنَا إِعَانَةُ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى بَعْضٍ، أَوْ أَنَّهُمْ يَسْتَعِينُونَ بِنَا عَلَى كُفَّارٍ، أَوْ أَنَّهُمُ الْمُحِقُّونَ، لَمْ يَنْتَقِضْ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: قَوْلَانِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا عُذْرًا، انْتُقِضَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: قَوْلَانِ، ثُمَّ قِيلَ: الْقَوْلَانِ إِذَا لَمْ نَشْتَرِطْ عَلَيْهِمْ تَرْكَ الْقِتَالِ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ، فَإِنْ شَرَطَ، انْتُقِضَ قَطْعًا، وَقِيلَ: قَوْلَانِ مُطْلَقًا، وَحَيْثُ قُلْنَا: يَنْتَقِضُ، فَهَلْ يُبَلَّغُونَ الْمَأْمَنَ أَمْ يَجُوزُ قَتْلُهُمْ وَاسْتِرْقَاقُهُمْ؟ فِيهِ خِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي الْجِزْيَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: يُبَلَّغُونَ الْمَأْمَنَ، فَهَلْ لَنَا قَتْلُهُمْ مُنْهَزِمِينَ؟ وَجْهَانِ، وَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْعُقُوبَةِ عَلَى الْقِتَالِ، ثُمَّ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ، أَنَّهُ كَمَا يَنْتَقِضُ عَهْدُهُمْ فِي حَقِّ أَهْلِ الْعَدْلِ يَنْتَقِضُ فِي حَقِّ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَفِي «الْبَيَانِ» أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي انْتِقَاضِهِ فِي حَقِّ الْبُغَاةِ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَنْتَقِضُ، فَهُمْ كَالْبُغَاةِ فِي أَنَّهُ لَا يُتْبَعُ مُدْبِرُهُمْ

ص: 61