المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ مُتَعَيِّنٌ، وَقَدْ قَالَهُ آخَرُونَ، وَلَا - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ١٠

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الدَّمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَقِتَالُ الْبُغَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الرِّدَّةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ حَدِّ الزِّنَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ السَّرِقَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلَ

- ‌بَابُ قُطَّاعِ الطُّرُقِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ ضَمَانِ إِتْلَافِ الْإِمَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَالْهُدْنَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَالضَّحَايَا وَالْعَقِيقَةِ وَالْأَطْعِمَةِ

- ‌كِتَابُ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ مُتَعَيِّنٌ، وَقَدْ قَالَهُ آخَرُونَ، وَلَا

قُلْتُ: هَذَا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ مُتَعَيِّنٌ، وَقَدْ قَالَهُ آخَرُونَ، وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ قَذَفَ نَبِيًّا غَيْرَ نَبِيِّنَا، فَهُوَ كَقَذْفِ نَبِيِّنَا، صلى الله عليه وسلم.

‌فَصْلٌ

فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ

يُؤْخَذُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يُخْفُوا دَفْنَ مَوْتَاهُمْ، وَلَا يُخْرِجُوا جَنَائِزَهُمْ ظَاهِرًا، وَلَا يُظْهِرُوا عَلَى مَوْتَاهُمْ لَطْمًا وَلَا نَوْحًا، وَلَا يَسْقُوا الْمُسْلِمِينَ خَمْرًا، وَلَا يُطْعِمُوهُمْ خِنْزِيرًا، وَإِذَا شَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَعَرَضَ بَعْضُهُمْ خَمْرًا عَلَى مُسْلِمٍ، فَشَرِبَهَا اخْتِيَارًا، حُدَّ الْمُسْلِمُ وَعُزِّرَ الذِّمِّيُّ، وَكَذَا لَوِ ابْتَدَأَ الْمُسْلِمُ بِطَلَبِهَا فَأَجَابَهُ، لَكِنَّ تَعْزِيرَهُ هُنَا أَخَفُّ، وَأَنْ لَا يُعْلُوا أَصْوَاتَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يُعِينُوهُمْ إِذَا اسْتَعَانُوا بِهِمْ فِيمَا لَا يَتَضَرَّرُونَ بِهِ، وَأَنْ لَا يَسْتَذِلُّوا الْمُسْلِمِينَ فِي مِهَنِ الْأَعْمَالِ بِأُجْرَةٍ وَلَا بِتَبَرُّعٍ، حُكِيَ أَكْثَرُ هَذَا عَنْ «الْحَاوِي» أَنَّهُمْ لَوِ انْفَرَدُوا بِقَرْيَةٍ، هَلْ يُمْنَعُونَ رُكُوبَ الْخَيْلِ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا كَإِظْهَارِ الْخَمْرِ، وَالثَّانِي: نَعَمْ، خَوْفًا مِنْ أَنْ يَتَقَوَّوْا بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ بَنَى ذِمِّيٌّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِنَاءً لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ، مُكِّنَ إِنْ جَعَلَهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ، فَإِنَّ خَصَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ، فَوَجْهَانِ، وَيَكْتُبُ الْإِمَامُ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ أَسْمَاءَهُمْ وَأَدْيَانَهُمْ وَحِلَاهُمْ، فَيَتَعَرَّضُ لِسِنِّهِ أَهْوَ شَيْخٌ أَمْ شَابٌّ، وَلِكَوْنِهِ مِنْ سُمْرَةٍ وَشُقْرَةٍ وَغَيْرِهِمَا، وَيَصِفُ وَجْهَهُ وَلِحْيَتَهُ وَجَبْهَتَهُ وَحَاجِبَيْهِ وَعَيْنَيْهِ وَشَفَتَيْهِ وَأَنْفَهُ وَأَسْنَانَهُ، وَآثَارَ وَجْهِهِ إِنْ كَانَ فِيهِ آثَارٌ، وَيَجْعَلُ عَلَى كُلِّ طَائِفَةٍ عَرِّيفًا يَضْبُطُهُمْ لِمَعْرِفَةِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، وَمَنْ مَاتَ، وَمَنْ بَلَغَ، وَمَنْ قَدِمَ عَلَيْهِمْ، وَلِيَحْضُرَهُمْ لِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ، وَالشَّكْوَى إِلَيْهِ مِمَّنْ يَتَعَدَّى عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ يَتَعَدَّى مِنْهُمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَرِّيفُ لِلْعَرْضِ الثَّانِي ذِمِّيًّا، وَلَا يَجُوزُ لِلْعَرْضِ الْأَوَّلِ إِلَّا مُسْلِمٌ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

ص: 333

الْبَابُ الثَّانِي فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ

وَيُقَالُ لَهَا: الْمُوَادَعَةُ، وَالْمُعَاهَدَةُ، وَهِيَ جَائِزَةٌ بِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، فِيهِ طَرَفَانِ: الْأَوَّلُ: فِي شُرُوطِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَتَوَلَّاهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فِيهِ، هَذَا فِي مُهَادَنَةِ الْكُفَّارِ مُطْلَقًا، أَوْ أَهْلِ إِقْلِيمٍ، كَالْهِنْدِ وَالرُّومِ، وَيَجُوزُ لِوَالِي الْإِقْلِيمِ الْمُهَادَنَةُ مَعَ أَهْلِ قَرْيَةٍ أَوْ بَلْدَةٍ فِي إِقْلِيمِهِ لِلْمَصْلَحَةِ، وَكَأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ بِتَفْوِيضِ مَصْلَحَةِ الْإِقْلِيمِ إِلَيْهِ. وَلَوْ عَقْدَ الْهُدْنَةَ وَاحِدٌ مِنَ الرَّعِيَّةِ، فَدَخَلَ قَوْمٌ مِمَّنْ هَادَنَهُمْ دَارَ الْإِسْلَامِ، لَمْ يُقَرُّوا، لَكِنْ يُلْحَقُونَ بِمَأْمَنِهِمْ، لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا عَلَى اعْتِقَادِ أَمَانِهِ.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِ حَاجَةٌ وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ، بِأَنْ يَكُونَ فِي الْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ لِقِلَّةِ عَدَدٍ أَوْ مَالٍ، أَوْ بُعْدَ الْعَدُوِّ، أَوْ يَطْمَعُ فِي إِسْلَامِهِمْ لِمُخَالَطَتِهِمُ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ فِي قَبُولِهِمِ الْجِزْيَةَ، أَوْ فِي أَنْ يُعِينُوهُ عَلَى قِتَالِ غَيْرِهِمْ، وَإِذَا طَلَبَ الْكُفَّارُ الْهُدْنَةَ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَخْفَى أَنَّهُمْ لَا يُجَابُونَ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: تَجِبُ إِجَابَتُهُمْ، وَالصَّحِيحُ: لَا تَجِبُ، بَلْ يَجْتَهِدُ الْإِمَامُ وَيَفْعَلُ الْأَصْلَحَ، قَالَ الْإِمَامُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ لَا يُعَدُّ وَاجِبًا، وَإِنْ كَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ رِعَايَةُ الْأَصَحِّ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَخْلُوَ عَنِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، فَإِنْ عَقَدَهَا عَلَى أَنْ لَا يَنْتَزِعَ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ، أَوْ يَرُدَّ إِلَيْهِمُ الْمُسْلِمَ الَّذِي أَسَرُوهُ، وَأَفْلَتَ مِنْهُمْ، أَوْ شَرَطَ تَرْكَ مَالِ مُسْلِمٍ فِي أَيْدِيهِمْ، فَهَذِهِ شُرُوطٌ فَاسِدَةٌ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَعْقِدَ لَهُمُ الذِّمَّةَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ، أَوْ عَلَى أَنْ يُقِيمُوا

ص: 334

بِالْحِجَازِ، أَوْ يَدْخُلُوا الْحَرَمَ، أَوْ يُظْهِرُوا الْخُمُورَ فِي دَارِنَا، أَوْ شَرَطَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ إِذَا جِئْنَ مُسْلِمَاتٍ، وَكَذَا وَلَوْ عَقَدَ بِشَرْطِ الْتِزَامِ مَالٍ، فَإِنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إِلَى بَذْلِ مَالٍ، بِأَنْ كَانُوا يُعَذِّبُونَ الْأَسْرَى فِي أَيْدِيهِمْ فَفَدَيْنَاهُمْ، أَوْ أَحَاطُوا بِنَا وَخِفْنَا الِاصْطِدَامَ، فَيَجُوزُ بَذْلُ الْمَالِ، وَدَفْعُ أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ بِأَخَفِّهِمَا، وَفِي وُجُوبِ بَذْلِ الْمَالِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ دَفْعِ الصَّائِلِ.

قُلْتُ: لَيْسَ هَذَا الْبِنَاءُ بِصَحِيحٍ، فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الصَّائِلَ إِذَا كَانَ كَافِرًا، وَجَبَ دَفْعُهُ قَطْعًا، ثُمَّ الْخِلَافُ هُنَاكَ فِي وُجُوبِ الدَّفْعِ بِالْقِتَالِ، وَهُنَا بِالْمَالِ، وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْبَذْلِ هُنَا لِلضَّرُورَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَا يَمْلِكُ الْكُفَّارُ مَا يَأْخُذُونَهُ، لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِغَيْرِ حَقٍّ، قَالَهُ فِي «الْمُهَذَّبِ» وَإِذَا جَرَى فِي الْمُهَادَنَةِ شَرْطٌ فَاسِدٌ، فَسَدَ بِهِ الْعَقْدُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ.

الرَّابِعُ: أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَشْرُوعَةِ، ثُمَّ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ، أَوْ يَكُونَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَرَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فِي الْهُدْنَةِ، هَادَنَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ، وَلَا يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ قَطْعًا، وَلَا سَنَةً عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَا مَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ عَلَى الْأَظْهَرِ وَإِنْ كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفٌ جَازَتِ الزِّيَادَةُ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَلَا تَجُوزُ زِيَادَةٌ عَلَى الْعَشْرِ، لَكِنْ إِنِ انْقَضَتِ الْمُدَّةُ وَالْحَاجَةُ بَاقِيَةٌ، اسْتُؤْنِفَ الْعَقْدُ، وَقِيلَ: تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى عَشْرٍ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ سَنَةٍ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَهَذِهِ أَوْجُهٌ شَاذَّةٌ مَرْدُودَةٌ، فَإِذَا قُلْنَا لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى عَشْرٍ، فَهَادَنَ مُطْلَقًا، فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ، وَقِيلَ: يَنْزِلُ عِنْدَ ضَعْفِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَشْرٍ، وَعِنْدَ الْقُوَّةِ قَوْلَانِ،

ص: 335

أَحَدُهُمَا: يَنْزِلُ عَلَى سَنَةٍ، وَالثَّانِي: عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يُوقِفَ الْإِمَامُ الْهُدْنَةَ، وَيَشْرُطُ انْقِضَاءَهَا مَتَى شَاءَ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم هَادَنَ يَهُودَ خَيْبَرَ وَقَالَ:«أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ» لَكِنْ لَوِ اقْتَصَرَ الْإِمَامُ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ، أَوْ قَالَ: هَادَنْتُكُمْ إِلَى أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَسَدَ الْعَقْدُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَعْلَمُ مَا عِنْدَ اللَّهِ بِالْوَحْيِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَلَوْ قَالَ: هَادَنْتُكُمْ مَا شَاءَ فُلَانٌ، وَهُوَ مُسْلِمٌ عَدْلٌ ذُو رَأْيٍ، فَإِذَا نَقَضَهَا، انْتَقَضَتْ، وَلَوْ قَالَ: مَا شَاءَ فُلَانٌ مِنْكُمْ، لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَحْكُمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

فَرْعٌ

إِذَا زَادَ قَدْرُ مُدَّةِ الْهُدْنَةِ عَلَى الْجَائِزِ، بِأَنْ زَادَ عِنْدَ الضَّعْفِ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ، أَوِ احْتَاجَ إِلَى أَرْبَعٍ مَثَلًا، فَزَادَ، بَطَلَ الْعَقْدُ فِي الزَّائِدِ، وَفِي الْبَاقِي قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ فِيهِ قَطْعًا لِعَدَمِ الْعِوَضِ، وَلِأَنَّهُ يَتَسَامَحُ فِي مُعَاقَدَةِ الْكُفَّارِ.

فَرْعٌ

إِذَا طَلَبَ الْكَافِرُ الْأَمَانَ لِيَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى، وَجَبَتْ إِجَابَتُهُ قَطْعًا كَمَا سَبَقَ، قَالَ الْإِمَامُ: وَهَلْ يُمْهَلُ لِذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَمْ يُقَالُ: إِذَا لَمْ يُفَصَّلِ الْأَمْرُ بِمَجَالِسَ يَحْصُلُ فِيهَا الْبَيَانُ التَّامُّ يُقَالُ لَهُ: الْحَقْ بِمَأْمَنِكَ؟ فِيهِ تَرَدَّدٌ أَخَذْتُهُ مِنْ فَحْوَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَالْأَصَحُّ: الْمَنْعُ.

الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا

فَمَتَى فَسَدَ الْعَقْدُ لِزِيَادَةِ الْمُدَّةِ، أَوْ لِالْتِزَامِ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، لَا يُمْضَى بَلْ يَجِبُ نَقْضُهُ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ اغْتِيَالُهُمْ، بَلْ يَجِبُ إِنْذَارُهُمْ وَإِعْلَامُهُمْ،

ص: 336

وَإِذَا وَقَعَ صَحِيحًا، وَجَبَ الْوَفَاءُ بِالْكَفِّ عَنْهُمْ إِلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، أَوْ صُدُورِ خِيَانَةٍ مِنْهُمْ تَقْتَضِي الِانْتِقَاضَ، وَإِذَا مَاتَ الْإِمَامُ الَّذِي عَقَدَهَا، أَوْ عُزِلَ، وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ الَّذِي بَعْدَهُ إِمْضَاؤُهُ، فَإِنْ رَآهُ فَاسِدًا، قَالَ الرُّويَانِيُّ: إِنْ كَانَ فَسَادُهُ مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ، لَمْ يَفْسَخْهُ، وَإِنْ كَانَ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ، فَسَخَهُ، وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إِذْ هَادَنَ أَنْ يَكْتُبَ عَقْدَ الْهُدْنَةِ وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ لِيَعْمَلَ بِهِ مَنْ بَعْدَهُ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ فِيهِ: لَكُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى وَذِمَّةُ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَذِمَّتِي، وَمَتَى صَرَّحُوا بِنَقْضِ الْعَقْدِ، أَوْ قَاتَلُوا الْمُسْلِمِينَ، أَوْ آوَوْا عَيْنًا عَلَيْهِمْ، أَوْ كَاتَبُوا أَهْلَ الْحَرْبِ، أَوْ قَتَلُوا مُسْلِمًا، أَوْ أَخَذُوا مَالًا، أَوْ سَبُّوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ، وَلَا يَفْتَقِرُ إِلَى أَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِنَقْضِهِ، قَالَ الْإِمَامُ: وَالْمَضَرَّاتُ الَّتِي اخْتُلِفَ فِي انْتِقَاضِ عَقْدِ الذِّمَّةِ بِهَا تَنْقُضُ الْهُدْنَةَ بِلَا خِلَافٍ، لِأَنَّ الْهُدْنَةَ ضَعِيفَةٌ غَيْرُ مُتَأَكِّدَةٍ بِبَذْلِ الْجِزْيَةِ، وَإِذَا انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ، جَازَ قَصْدُ بَلَدِهِمْ وَتَبْيِيتُهُمْ وَالْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ إِنْ عَلِمُوا أَنَّ مَا فَعَلُوهُ نَاقِضٌ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَعْلَمُوا عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: لَا يُقَاتَلُونَ إِلَّا بَعْدَ إِنْذَارِهِمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إِذَا لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ خِيَانَةٌ لَا يَنْتَقِضُ الْعَهْدُ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمَفْعُولُ مِمَّا لَا يُشَكُّ فِي مُضَادَّتِهِ لِلْهُدْنَةِ، كَالْقِتَالِ، ثُمَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَصْدِهِمْ وَالْإِغَارَةِ عَلَيْهِمْ هُوَ إِذَا كَانُوا فِي بِلَادِهِمْ، فَأَمَّا مَنْ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ أَوْ مُهَادَنَةٍ، فَلَا يُغْتَالُ وَإِنِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ، بَلْ يُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ، هَذَا إِذَا نَقَضَ جَمِيعُهُمُ الْعَهْدَ، فَإِنْ نَقَضَهُ بَعْضُهُمْ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يُنْكِرِ الْآخَرُونَ عَلَى النَّاقِضِينَ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ، بَلْ سَاكَنُوهُمْ وَسَكَتُوا، انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ أَيْضًا، وَإِنْ أَنْكَرُوا بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، بِأَنِ اعْتَزَلُوهُمْ أَوْ بَعَثُوا إِلَى الْإِمَامِ بِأَنَّا مُقِيمُونَ عَلَى الْعَهْدِ، لَمْ يَنْتَقِضْ، هَكَذَا أَطْلَقَهُ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَوَرَاءَهُ شَيْئَانِ غَرِيبَانِ، أَحَدُهُمَا: قَالَ الْإِمَامُ: لَوْ بَدَتْ خِيَانَةُ بَعْضِهِمْ وَسَكَتَ الْآخَرُونَ، كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ، وَالثَّانِي فِي كِتَابِ ابْنِ كَجٍّ: أَنَّهُ لَوْ

ص: 337

نَقَضَ السُّوقَةُ الْعَهْدَ وَلَمْ يَعْلَمِ الرَّئِيسُ وَالْأَشْرَافُ بِذَلِكَ فَفِي انْتِفَاضِ الْعَهْدِ فِي حَقِّ السُّوقَةِ وَجْهَانِ، وَجْهُ الْمَنْعِ: أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِعَقْدِهِمْ فَكَذَا بِنَقْضِهِمْ، وَأَنَّهُ لَوْ نَقَضَ الرَّئِيسُ وَامْتَنَعَ الْأَتْبَاعُ وَأَنْكَرُوا، فَفِي الِانْتِقَاضِ فِي حَقِّهِمْ قَوْلَانِ، وَجْهُ النَّقْضِ: أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ الْعَقْدُ فِي حَقِّ الْمَتْبُوعِ، فَكَذَا التَّابِعُ، وَالصَّحِيحُ مَا سَبَقَ، وَإِذَا انْتَقَضَ فِي حَقِّ بَعْضِهِمْ، فَإِنْ تَمَيِّزُوا، فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلَا يُبَيِّتُهُمُ الْإِمَامُ، وَلَا يَغَارُ عَلَيْهِمْ إِلَّا بَعْدَ الْإِنْذَارِ، وَيَبْعَثُ إِلَى الَّذِينَ لَمْ يَنْقُضُوا لِيَتَمَيَّزُوا أَوْ يُسْلِمُوهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا مَعَ الْقُدْرَةِ صَارُوا نَاقِضِينَ أَيْضًا، وَمَنْ أُخِذَ مِنْهُمْ وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ مِنَ النَّاقِضِينَ، أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، لَمْ يَخْفَ حُكْمُهُ، وَإِلَّا فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُضْ، وَأَمَّا عَقْدُ الذِّمَّةِ فَنَقْضُهُ مِنَ الْبَعْضِ لَيْسَ نَقْضًا مِنَ الْبَاقِينَ بِحَالٍ.

فَرْعٌ

إِذَا اسْتَشْعَرَ الْإِمَامُ مِمَّنْ هَادَنَهُ خِيَانَةً وَظَهَرَتْ أَمَارَةٌ تَدُلُّ عَلَى خِيَانَتِهِمْ، فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: يَنْتَقِضُ عَهْدُهُمْ، وَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ: أَنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ، بَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ، وَحُكِيَ قَوْلٌ أَنَّهُ لَا يَنْبِذُهُ كَمَا لَا يَنْبِذُ عَقْدَ الذِّمَّةِ بِالتُّهْمَةِ، وَحُكِيَ وَجْهٌ فِي نَبْذِ الذِّمَّةِ بِالتُّهْمَةِ، وَالْمَذْهَبُ الْفَرْقُ، وَإِذَا نَبَذَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إِنْذَارِهِمْ وَإِبْلَاغِهِمُ الْمَأْمَنَ، لَكِنْ مَنْ عَلَيْهِ حَقُّ آدَمِيٍّ مِنْ مَالٍ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ أَوْ قِصَاصٍ، يُسْتَوْفَى مِنْهُ أَوَّلًا، وَالْمُعْتَبَرُ فِي إِبْلَاغِ الْكَافِرِ الْمَأْمَنَ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ أَهْلِ عَهْدِهِمْ، وَيُلْحِقُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَاكْتَفَى ابْنُ كَجٍّ بِإِلْحَاقِهِ بِأَوَّلِ بِلَادِ الْكُفْرِ وَقَالَ: لَا يَلْزَمُ إِلْحَاقُهُ بِبَلَدِهِ الَّذِي يَسْكُنُهُ فَوْقَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ أَوَّلِ بِلَادِ الْكُفْرِ وَبَلَدِهِ الَّذِي يَسْكُنُهُ بَلَدٌ لِلْمُسْلِمِينَ يَحْتَاجُ إِلَى الْمُرُورِ عَلَيْهِ، وَفِي «الْبَحْرِ» أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَأْمَنَانِ، لَزِمَ الْإِمَامَ إِلْحَاقُهُ بِمَسْكَنِهِ مِنْهُمَا، وَلَوْ

ص: 338