الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّيِّدُ، لَا يَفْرُقُ بَيْنَ أَنْ يَرْتَدَّ قَبْلَ مَوْتِ الْعَبْدِ أَمْ بَعْدَهُ، بَلْ يُقْسِمُ إِذَا قُلْنَا بِالْقَسَامَةِ فِي بَدَلِ الْعَبْدِ ; لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ بِالْمِلْكِ لَا بِالْإِرْثِ.
فَرْعٌ
قَتَلَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ بِجِهَةٍ خَاصَّةٍ وَهُنَاكَ لَوْثٌ، فَلَا قَسَامَةَ لِعَدَمِ الْمُسْتَحَقِّ الْمُعَيَّنِ، لَكِنْ يُنَصِّبُ الْقَاضِي مَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ وَيُحَلِّفُهُ، فَإِنْ نَكَلَ، فَهَلْ يَقْضِي عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ؟ فِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَصْلٌ
فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ:
يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ لَا يُحَلِّفَ السَّكْرَانَ مُدَّعِيًا كَانَ وَلَا مُدَّعًى عَلَيْهِ، حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقُولُ وَمَا يُقَالُ لَهُ، وَيَنْزَجَرَ عَنِ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ، فَإِنْ حَلَّفَهُ فِي السُّكْرِ، فَعَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ السَّكْرَانَ كَالصَّاحِي أَمْ كَالْمَجْنُونِ.
وَالْأَصَحُّ: الْأَوَّلُ، وَلَوْ قُتِلَ رَجُلٌ وَكَانَ اللَّوْثُ عَلَى عَبْدِهِ، فَأَرَادَ وَارِثُهُ أَنْ يُقْسِمَ عَلَيْهِ، فَلَهُ ذَلِكَ إِنْ أَوْجَبْنَا الْقِصَاصَ بِالْقَسَامَةِ لِيُقْتَصَّ مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَا يُقْسِمُ ; لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ فِي رَقَبَةِ عَبْدِهِ مَالٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَرْهُونًا، فَيَسْتَفِيدَ بِالْقَسَامَةِ فَكَّ الرَّهْنِ وَبَيْعَهُ، وَقِسْمَةَ ثَمَنِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَلَوِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ عَمْدًا، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: قَتَلْتُهُ وَلَكِنْ خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَوْثٌ، صَدَقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَ بِأَنْ شَهِدَ عَبِيدٌ أَوْ نِسْوَةٌ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْعَمْدِيَّةِ، فَأَيُّهُمَا يُصَدَّقُ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الْمُدَّعِي، وَبِهِ قَطَعَ الْإِمَامُ وَالْمُتَوَلِّي، فَإِنْ حَلَّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلَمْ يَحْلِفْ؟ يُبْنَى عَلَى مَا لَوْ أَنْكَرَ أَصْلَ الْقَتْلِ إِنْ قُلْنَا: يَمِينًا وَاحِدَةً، فَكَذَا هُنَا وَإِنْ قُلْنَا: خَمْسِينَ، فَكَذَا هُنَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: يَمِينًا ; لِأَنَّ إِنْكَارَ الصِّفَةِ أَخَفُّ مِنْ إِنْكَارِ الْأَصْلِ، وَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَهَلْ لِلْمُدَّعِي
طَلَبُ الدِّيَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ ابْتِدَاءً أَمْ تَجِبُ عَلَى الْجَانِي وَهُمْ يَحْمِلُونَ، إِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، لَيْسَ لَهُ الطَّلَبُ ; لِأَنَّهُ ادَّعَى حَقًّا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهُوَ اعْتَرَفَ بِوُجُوبِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي، بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْخَلْفَ فِي الصِّفَةِ هَلْ هُوَ كَالْخَلْفِ فِي الْمَوْصُوفِ؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ سَبَقَا فِي مَسَائِلِ خِيَارِ النِّكَاحِ، إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، فَكَأَنَّهُ ادَّعَى مَالًا فَاعْتَرَفَ بِمَالٍ آخَرَ لَا يَدَّعِيهِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا، طَالَبَ بِالدِّيَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَكْثَرُونَ، وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُخَفَّفَةً مُؤَجَّلَةً إِلَّا أَنْ تُصَدِّقَهُ الْعَاقِلَةُ، فَتَكُونَ عَلَيْهِمْ، وَلَوِ ادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ خَطَأً، فَقَالَ: قَتَلْتُهُ عَمْدًا، فَلَا قِصَاصَ، وَهَلْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِدِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ؟ قَالَ الْمُتَوَلِّي: فِيهِ الْوَجْهَانِ، وَلَوْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الصُّورَةِ الْأَوْلَى، حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ كَانَ عَمْدًا وَيَكُونُ عَدَدُ يَمِينِهِ بِعَدَدِ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَثْبُتُ لَهُ بِيَمِينِهِ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ فِي مَالِهِ.
فَرْعٌ
ادَّعَى جُرْحًا لَا يُوجِبُ قِصَاصًا كَجَائِفَةٍ، وَأَقَامَ بِهَا شَاهِدًا، وَحَلَفَ مَعَهُ يَمِينًا وَاحِدَةً لِيَسْتَحِقَّ الْمَالَ، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ بِالسِّرَايَةِ، قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: لَا يُعْطَى الْوَرَثَةُ شَيْئًا إِلَّا بِخَمْسِينَ يَمِينًا ; لِأَنَّهَا صَارَتْ نَفْسًا، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبُ: تَصْوِيرُ ابْنِ الْحَدَّادِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ دَعْوَى الْجُرْحِ وَالْبَيِّنَةِ بِهِ تُسْمَعَانِ قَبْلَ انْدِمَالِهِ، وَفِيهِ خِلَافٌ، وَمُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْأَيْمَانَ لَا تَتَعَدَّدُ فِي الْجِرَاحَاتِ، فَإِنْ قُلْنَا: تَتَعَدَّدُ، وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ خَمْسِينَ، وَإِنْ قُلْنَا: بِالتَّوْزِيعِ عَلَى قَدْرِ الدِّيَةِ، حَلَفَ لِلْجَائِفَةِ مَعَ الشَّاهِدِ ثُلُثَ الْخَمْسِينَ، ثُمَّ إِذَا مَاتَ الْمَجْرُوحُ، وَصَارَتِ الْجِرَاحَةُ نَفْسًا، أَقْسَمَ الْوَرَثَةُ وَاللَّوْثُ حَاصِلٌ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ الَّذِي أَقَامَهُ مُورِثُهُمْ، وَلَا تُحْسَبُ يَمِينُهُ لَهُمْ، وَقَالَ الْخِضْرِيُّ: تُحْسَبُ حَتَّى لَوْ حَلَفَ خَمْسِينَ عَلَى قَوْلِنَا بِالتَّكْمِيلِ، فَلَا يَمِينَ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ.
الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الدَّمِ
صِفَاتُ الشُّهُودِ، وَنَصْبُ الشَّهَادَاتِ، وَشُرُوطُهَا تُسْتَوْفَى فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ، لَكِنْ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْجِنَايَةِ، فَرَاعَى مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ تَرْتِيبَهُ، فَكُلُّ قَتْلٍ أَوْ جَرْحٍ يُوجِبُ الْقِصَاصَ، لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى نَفْسِ الْقَتْلِ أَوِ الْجَرْحِ، أَوْ إِقْرَارِ الْجَانِي بِهِ، وَمَا لَا يُوجِبُ إِلَّا الدِّيَةَ، كَالْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ، وَجِنَايَةِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَمُسْلِمٍ عَلَى ذَمِّيٍ، وَحُرٍّ عَلَى عَبْدٍ، وَأَبٍ عَلَى ابْنٍ، يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَبِرَجُلٍ وَيَمِينٍ، وَلَوْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ الْمَدَّعَاةُ بِحَيْثُ تُوجِبُ الْقِصَاصَ، وَقَالَ الْمُدَّعِي: عَفَوْتُ عَنِ الْقِصَاصِ فَاقْبَلُوا مِنِّي رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ، أَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا لِأَخْذِ الْمَالِ، فَهَلْ يُقْبَلُ وَيَثْبُتُ الْمَالُ؟ وَجْهَانِ، الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ: الْمَنْعُ ; لِأَنَّهَا فِي نَفْسِهَا مُوجِبَةٌ لِلْقِصَاصِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِهَذَا، وَمِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، مُوضِحَةٌ تُوجِبُ الْقِصَاصَ، وَمِنَ الثَّانِي، هَاشِمَةٌ وَمَأْمُومَةٌ وَجَائِفَةٌ تَجَرَّدَتْ عَنِ الْإِيضَاحِ، فَلَوْ كَانَتْ هَاشِمَةٌ مَسْبُوقَةٌ بِإِيضَاحٍ، فَهَلْ يَثْبُتُ أَرْشُ الْهَاشِمَةِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَبِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ؟ النَّصُّ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ، وَنَصَّ فِيمَا لَوْ رَمَى سَهْمًا إِلَى زَيْدٍ، فَمَرَقَ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، أَنَّهُ يَثْبُتُ الْخَطَأُ الْوَارِدُ عَلَى الثَّانِي بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَبِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ.
وَفِيهِمَا طَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: عَلَى قَوْلَيْنِ، ثُبُوتُ الْهَشْمِ وَالْجِنَايَةِ عَلَى الثَّانِي بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَبِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، وَالْمَذْهَبُ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْهَشْمَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى الْإِيضَاحِ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِذَا اشْتَمَلَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى مَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ، احْتِيطَ لَهَا، وَلَمْ يَثْبُتْ إِلَّا بِحُجَّةٍ كَامِلَةٍ، وَفِي صُورَةِ مُرُوقِ السَّهْمِ حَصَلَ جِنَايَتَانِ لَا تَتَعَلَّقُ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي: أَصَابَ سَهْمُهُ الرَّجُلَ