الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ
لَوْ كَانَ لِمِعْصَمِهِ كَفَّانِ نَقَلَ الْإِمَامُ عَنِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمَا تُقْطَعَانِ، وَلَا يُبَالَى بِالزِّيَادَةِ، كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ، وَاخْتَارَ هُوَ أَنْ يَ
فْصِلَ
، فَإِنْ تَمَيَّزَتِ الْأَصْلِيَّةُ، وَأَمْكَنَ الِاقْتِصَارُ عَلَى قَطْعِهَا، لَمْ تُقْطَعِ الزَّائِدَةُ، وَإِلَّا فَتُقْطَعُ، فَلَوْ أَشْكَلَ الْحَالُ، قَالَ الْإِمَامُ: فَالَّذِي رَأَيْتُهُ لِلْأَصْحَابِ أَنَّهُمَا يُقْطَعَانِ، وَيُوَافِقُهُ مَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّ الْكَفَّيْنِ الْبَاطِشَتَيْنِ تُقْطَعَانِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُمَا فِي حُكْمِ يَدٍ، وَلِهَذَا لَا تَجِبُ فِيهِمَا دِيَتَانِ، لَكِنْ فِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّهُ تُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ إِحْدَاهُمَا، فَإِنْ سَرَقَ ثَانِيًا، قُطِعَتِ الْأُخْرَى، وَلَا تُقْطَعَانِ بِسَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ يَدٍ وَهَذَا أَحْسَنُ، قَالَ: وَلَوْ كَانَ يَبْطِشُ بِأَحَدِهِمَا، قُطِعَتِ الْبَاطِشَةُ دُونَ الْأُخْرَى، وَإِنْ سَرَقَ ثَانِيًا، قُطِعَتْ رِجْلُهُ، فَلَوْ صَارَتِ الْأُخْرَى بَاطِشَةً، فَسَرَقَ ثَانِيًا، قُطِعَتْ هِيَ لَا الرِّجْلُ، فَإِنْ سَرَقَ ثَالِثًا، قُطِعَتِ الرِّجْلُ.
قُلْتُ: الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إِلَّا إِحْدَاهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي «التَّهْذِيبِ» ، وَقَدْ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَصَاحِبُ «الْبَحْرِ» وَالشَّيْخُ نَصْرُ الْمَقْدِسِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَنَقَلَهُ الْقَاضِي وَالْمُقَدِّسِيُّ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رحمه الله وَقَدْ أَوْضَحْتُهُ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ
فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ، إِذَا كَانَ ثَوْبُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ لِرَجُلٍ: احْفَظْ ثَوْبِي، فَقَالَ: نَعَمْ أَحْفَظَهُ، فَرَقَدَ صَاحِبُ الثَّوْبِ، وَذَهَبَ الرَّجُلُ، وَتَرَكَ الثَّوْبَ، فَسُرِقَ، لَزِمَهُ الضَّمَانُ، وَلَوْ سَرَقَهُ الْمُسْتَحْفِظُ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَغْلَقَ بَابَ دَارِهِ أَوْ حَانُوتِهِ، وَقَالَ لِلْحَارِسِ: انْظُرْ إِلَيْهِ أَوِ
احْفَظْهُ، فَأَهْمَلَهُ الْحَارِسُ، فَسُرِقَ مَا فِيهِ، لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ فِي نَفْسِهِ، وَلَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَوْ سَرَقَهُ الْحَارِسُ، قُطِعَ، وَفِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ: إِذَا تَغَفَّلَ السَّارِقُ الْحَمَّامِيَّ وَسَرَقَ الثِّيَابَ، اعْتُبِرَ فِي وُجُوبِ الْقَطْعِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنَ الْحَمَّامِ، وَأَنَّ الْمَوْضُوعَ فِي الصَّحْرَاءِ لَا يَكْفِي لِوُجُوبِ الْقَطْعِ أَخَذُهُ، وَلَا النَّقْلُ بِخُطْوَةٍ وَنَحْوِهَا، بَلْ ضَبْطُ مِثْلِ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِحْرَازُ مِثْلِهِ بِالْمُعَايَنَةِ، فَإِذَا غَيَّبَهُ عَنْ عَيْنِهِ بِحَيْثُ لَوْ تَنَبَّهَ لَهُ لَمْ يَرَهُ، بِأَنْ دَفَنَهُ فِي تُرَابٍ، أَوْ وَارَاهُ تَحْتَ ثَوْبِهِ، أَوْ حَالَ بَيْنَهُمَا جِدَارٌ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ عَلَّمَ قِرْدًا النُّزُولَ إِلَى الدَّارِ، وَإِخْرَاجَ الْمَتَاعِ، فَنَقَّبَ، وَأَرْسَلَ الْقِرْدَ وَأَخْرَجَ الْمَتَاعَ، يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ؛ لِأَنَّ لِلْحَيَوَانِ اخْتِيَارًا بِخِلَافِ الْأَخْذِ بِالْمِحْجَنِ، وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ: لَوْ وُضِعَ مَيِّتٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَنُضِدَتِ الْحِجَارَةُ عَلَيْهِ، كَانَ ذَلِكَ كَالدَّفْنِ، حَتَّى يَجِبَ الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ الْكَفَنِ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُمُ الْحَفْرُ.
قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ إِلَّا إِنْ تَعَذَّرَ الْحَفْرُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَفْنٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا فِي بَحْرٍ، فَطُرِحَ الْمَيِّتُ فِي الْمَاءِ، فَأَخَذَ رَجُلٌ كَفَنَهُ، لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ، فَهُوَ كَمَا لَوْ وُضِعَ الْمَيِّتُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، فَأُخِذَ، وَلَوْ غَيَّبَهُ الْمَاءُ، فَغَاصَ سَارِقٌ، وَأَخَذَ الْكَفَنَ، لَمْ يُقْطَعْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ طَرْحَهُ لَا يُعَدُّ إِحْرَازًا، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي هَذَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.