المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ الْمُبَارَزَةُ جَائِزَةٌ، وَلَوْ خَرَجَ كَافِرٌ وَطَلَبَهَا، اسْتُحِبَّ الْخُرُوجُ إِلَيْهِ، وَابْتِدَاءُ - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ١٠

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الدَّمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَقِتَالُ الْبُغَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الرِّدَّةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ حَدِّ الزِّنَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ السَّرِقَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلَ

- ‌بَابُ قُطَّاعِ الطُّرُقِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ ضَمَانِ إِتْلَافِ الْإِمَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَالْهُدْنَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَالضَّحَايَا وَالْعَقِيقَةِ وَالْأَطْعِمَةِ

- ‌كِتَابُ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ الْمُبَارَزَةُ جَائِزَةٌ، وَلَوْ خَرَجَ كَافِرٌ وَطَلَبَهَا، اسْتُحِبَّ الْخُرُوجُ إِلَيْهِ، وَابْتِدَاءُ

‌فَصْلٌ

الْمُبَارَزَةُ جَائِزَةٌ، وَلَوْ خَرَجَ كَافِرٌ وَطَلَبَهَا، اسْتُحِبَّ الْخُرُوجُ إِلَيْهِ، وَابْتِدَاءُ الْمُبَارَزَةِ لَا مُسْتَحَبٌّ وَلَا مَكْرُوهٌ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: تُكْرَهُ، وَأَطْلَقَ ابْنُ كَجٍّ اسْتِحْبَابَهَا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَإِنَّمَا تَحْسُنُ الْمُبَارَزَةُ مِمَّنْ جَرَّبَ نَفْسَهُ وَعَرَفَ قُوَّتَهُ وَجُرْأَتَهُ، فَأَمَّا الضَّعِيفُ الَّذِي لَا يَثِقُ بِنَفْسِهِ، فَتُكْرَهُ لَهُ الْمُبَارَزَةُ ابْتِدَاءً وَإِجَابَةً، نُصَّ عَلَيْهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ: أَنَّهُ يَحْرُمُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُبَارِزَ إِلَّا بِإِذْنِ الْأَمِيرِ، فَلَوْ بَارَزَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّ التَّغْرِيرَ بِالنَّفْسِ فِي الْجِهَادِ جَائِزٌ، وَالثَّانِي: يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ نَظَرًا فِي تَعْيِينِ الْأَبْطَالِ.

فَصْلٌ

نَقْلُ رُءُوسِ الْكُفَّارِ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ، فِيهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا يُكْرَهُ لِلْإِرْعَابِ، وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالرُّويَانِيُّ: يُكْرَهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْجُمْهُورُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ كَافِرٍ فِيهِ نِكَايَةٌ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ صَاحِبُ «الْحَاوِي» : لَا يُكْرَهُ، إِنْ كَانَ فِيهِ نِكَايَةٌ، بَلْ يُسْتَحَبُّ.

الطَّرَفُ الثَّانِي فِي سَبْيِ الْكُفَّارِ وَاسْتِرْقَاقِهِمْ، وَفِيهِ مَسَائِلُ

إِحْدَاهَا: نِسَاءُ الْكُفَّارِ وَصِبْيَانُهُمْ إِذَا وَقَعُوا فِي الْأَسْرِ، رُقُّوا، وَكَانَ حُكْمُهُمْ حُكْمَ سَائِرِ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ، فَالْخُمُسُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ، وَالْبَاقِي لِلْغَانِمِينَ، وَالْعَبِيدُ إِذَا وَقَعُوا فِي الْأَسْرِ، كَانُوا كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ، لَا يَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِمْ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الْحَرْبِيِّ مَالٌ لَهُ، وَاحْتَجَّ لَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ بِأَنَّ عَبْدَ الْحَرْبِيِّ لَوْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يَخْرُجْ، وَلَا قَهَرَ سَيِّدَهُ،

ص: 250

لَا يَزُولُ مِلْكُ الْحَرْبِيِّ عَنْهُ، وَإِذَا سَبَاهُ الْمُسْلِمُونَ، كَانَ عَبْدًا مُسْلِمًا، وَلَا يَجُوزُ الْمَنُّ عَلَيْهِ، وَيُسْتَرَقُ، وَلَوْلَا أَنَّهُ مَالٌ يُخْلَى سَبِيلُهُ، كَالْحُرِّ، وَلَمَا جَازَ اسْتِرْقَاقُهُ، هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ، وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ قَتْلُ الْعَبِيدِ، وَلَا الْمَنُّ عَلَيْهِمْ، وَتَابَعَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى هَذَا، وَفِي «الْمُهَذَّبِ» أَنَّهُ لَوْ رَأَى الْإِمَامُ قَتْلَهُ لِشَرِّهِ وَقُوَّتِهِ، قَتَلَهُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْغَانِمِينَ، وَأَمَّا الرِّجَالُ الْأَحْرَارُ الْكَامِلُونَ إِذَا أُسِرُوا، فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَهُمْ صَبْرًا بِضَرْبِ الرَّقَبَةِ، لَا بِتَحْرِيقٍ وَتَغْرِيقٍ، وَلَا يُمَثِّلُ بِهِمْ، أَوْ يَمُنُّ عَلَيْهِمْ بِتَخْلِيَةِ سَبِيلِهِمْ، أَوْ يُفَادِيهِمْ بِالرِّجَالِ، أَوْ بِالْمَالِ، أَوْ يَسْتَرِقُّهُمْ، وَيَكُونُ مَالُ الْفِدَاءِ وَرِقَابُهُمْ إِذَا اسْتُرِقُّوا، كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ، وَلَيْسَ هَذَا التَّخْيِيرُ لِلتَّشَهِّي، بَلْ يَلْزَمُ الْإِمَامُ أَنَّ يَجْتَهِدَ وَيَفْعَلَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ مَا هُوَ الْحَظُّ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَجْهُ الصَّوَابِ فِي الْحَالِ وَتَرَدَّدَ، حَبَسَهُمْ حَتَّى يَظْهَرَ، وَسَوَاءٌ فِي الِاسْتِرْقَاقِ كَانَ الْأَسِيرُ كِتَابِيًّا أَوْ وَثَنِيًّا، وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: يَحْرُمُ اسْتِرْقَاقُ الْوَثَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْكَافِرُ مِنَ الْعَرَبِ، أَوْ غَيْرِهِمْ عَلَى الْجَدِيدِ الْمَشْهُورِ، وَفِي الْقَدِيمِ لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ الْعَرَبِ، وَهَلْ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ بَعْضِ شَخْصٍ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: فَإِنْ مَنَعْنَاهُ، فَضَرْبُ الرِّقِّ عَلَى بَعْضِهِ، رِقٌّ كُلُّهُ، وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَرِقُّ شَيْءٌ، وَإِذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ، جَازَ بِالْمَالِ سِلَاحًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَيَجُوزُ بِأُسَارَى الْمُسْلِمِينَ، فَيَرُدُّ مُشْرِكًا بِمُسْلِمٍ، أَوْ مُسْلِمَيْنِ، أَوْ مُشْرِكَيْنِ بِمُسْلِمٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَفْدِيَهُمْ بِأَسْلِحَتِنَا الَّتِي فِي أَيْدِيهِمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ أَسْلِحَتَهُمُ الَّتِي فِي أَيْدِينَا بِمَالٍ يَبْذُلُونَهُ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُمُ السِّلَاحَ، وَفِي جَوَازِ رَدِّهَا بِأُسَارَى الْمُسْلِمِينَ وَجْهَانِ.

فَرْعٌ

لَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ الْأَسِيرَ قَبْلَ أَنْ يَرَى الْإِمَامُ رَأْيَهُ فِيهِ، عُزِّرَ

ص: 251

وَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا أَمَانَ لَهُ وَهُوَ حُرٌّ إِلَى أَنْ يُسْتَرَقَّ، وَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يُخْلَى سَبِيلُهُ، وَالْأَمْوَالُ لَا تُرَدُّ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الِاغْتِنَامِ، وَلَوْ وَقَعَ فِي الْأَسْرِ صَبِيٌّ أَوِ امْرَأَةٌ، فَقِيلَ: وَجَبَتِ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَالًا بِنَفْسِ الْأَسْرِ، ثُمَّ إِنْ سُبِيَ الصَّبِيُّ وَحْدَهُ، فَهُوَ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلسَّابِي، فَفِيهِ قِيمَةُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ، وَإِنْ كَانَ قَاتِلُهُ عَبْدًا، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ.

فَرْعٌ

لَوْ أُسِرَ بَالِغٌ لَهُ زَوْجَةٌ، لَمْ يَنْفَسِخْ عَقْدُ نِكَاحِهِ بِالْأَسْرِ، فَإِنْ فَادَاهُ الْإِمَامُ، أَوْ مَنَّ عَلَيْهِ، اسْتَمَرَّتِ الزَّوْجِيَّةُ، وَإِنِ اسْتَرَقَّهُ، ارْتَفَعَ النِّكَاحُ حِينَئِذٍ، وَإِنْ أُسِرَ صَبِيٌّ لَهُ زَوْجَةٌ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ بِنَفْسِ أَسْرِهِ.

فَرْعٌ

لَوْ أُسِرَ كَافِرٌ وَمَعَهُ زَوْجَتُهُ وَصِبْيَانُهُ، يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِ دُونَهُمْ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا أَسْلَمَ الْأَسِيرُ وَهُوَ رَجُلٌ حُرٌّ مُكَلَّفٌ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْإِمَامُ فِيهِ شَيْئًا، عُصِمَ دَمُهُ، وَهَلْ يَصِيرُ رَقِيقًا بِنَفْسِ الْإِسْلَامِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ، أَصَحُّهُمَا: عَلَى قَوْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ أَسِيرٌ مُحَرَّمُ الْقَتْلِ فَأَشْبَهَ الصَّبِيَّ، وَأَظْهَرُهُمَا: لَا يُرَقُّ، بَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ، أَوْ يَمُنَّ، أَوْ يُفَادِيَ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِالتَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ ثَابِتًا، فَلَا يَزُولُ، فَإِنِ اخْتَارَ الْفِدَاءَ، فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِمْ عِزٌّ أَوْ عَشِيرَةٌ يُسَلِّمُ بِهَا دِيَتَهُ وَنَفْسَهُ، وَسَوَاءٌ قُلْنَا: يَرِقُّ، أَوْ يَجُوزُ إِرْقَاقُهُ، فَأَرَقَّهُ، كَانَ غَنِيمَةً، وَكَذَا لَوْ فَادَاهُ بِمَالٍ، كَانَ غَنِيمَةً، وَلَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَسْرِهِ وَالظَّفَرِ بِهِ، عَصَمَ دَمَهُ وَمَالَهُ، سَوَاءٌ أَسْلَمَ وَهُوَ مَحْصُورٌ وَقَدْ قَرُبَ الْفَتْحُ، أَوْ أَسْلَمَ فِي حَالِ أَمْنِهِ، وَسَوَاءٌ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوِ الْإِسْلَامِ، وَيَعْصِمُ أَيْضًا أَوْلَادَهُ الصِّغَارَ عَنِ السَّبْيِ، وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِمْ تَبَعًا لَهُ، وَالْحَمْلُ كَالْمُنْفَصِلِ، فَلَا يَسْتَرِقُّ تَبَعًا لِأُمِّهِ، وَهَلْ يَعْصِمُ إِسْلَامُ الْجَدِّ وَلَدَ ابْنِهِ

ص: 252

الصَّغِيرَ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا: نَعَمْ، وَالثَّانِي: لَا، وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ الِابْنُ مَيِّتًا، عَصَمَ، وَإِلَّا فَلَا، وَالْمَجْنُونُ مِنْ أَوْلَادِهِ، كَالصَّغِيرِ، فَلَوْ كَانَ بَلَغَ عَاقِلًا، ثُمَّ جُنَّ، عَصَمَهُ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ أَسْلَمَتِ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الظَّفَرِ بِهَا، عَصَمَتْ نَفْسَهَا وَمَالَهَا وَأَوْلَادَهَا الصِّغَارَ، وَحَكَى الْفُورَانِيُّ فِي الْأَوْلَادِ قَوْلًا، وَهُوَ شَاذٌّ مَرْدُودٌ، وَأَمَّا الْأَوْلَادُ الْبَالِغُونَ الْعُقَلَاءُ، فَلَا يَعْصِمُهُمْ إِسْلَامُ الْأَبِ لِاسْتِقْلَالِهِمْ بِالْإِسْلَامِ، وَهَلْ يَعْصِمُ إِسْلَامُهُ قَبْلَ الْأَسْرِ زَوْجَتَهُ عَنِ الِاسْتِرْقَاقِ؟ نُصَّ أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهَا، وَنُصَّ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَوْ أَعْتَقَ كَافِرًا، فَالْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ، فَقِيلَ: فِيهِمَا قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا تُسْتَرَقُّ زَوْجَتُهُ وَلَا عَتِيقُهُ لِئَلَّا يُبْطَلَ حَقُّهُ، كَمَا لَا يُغْنَمُ مَالُهُ، وَالثَّانِي: يُسْتَرَقَّانِ لِاسْتِقْلَالِهِمَا، وَالْمَذْهَبُ تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَرْتَفِعُ وَإِنْ تَرَاضَيَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي اسْتِرْقَاقِ حَرْبِيَّةٍ نَكَحَهَا مُسْلِمٌ وَهُوَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَعْصِمُهَا وَكَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ إِسْلَامِهِ، فَفِي جَوَازِ اسْتِرْقَاقِهَا وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ، فَلَا تُمْلَكُ دُونَهُ كَمَا لَا تُبَاعُ دُونَهُ، وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّهَا حَرْبِيَّةٌ، فَأَشْبَهَتْ غَيْرَهَا، وَإِذَا اسْتُرِقَّتْ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، انْقَطَعَ النِّكَاحُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ زَالَ مِلْكُهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَمِلْكُ الزَّوْجِ أَوْلَى، وَلِأَنَّهَا صَارَتْ أَمَةً كَافِرَةً، وَلَا يَجُوزُ إِمْسَاكُ أَمَةٍ كَافِرَةٍ لِلنِّكَاحِ، وَقِيلَ: يَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ وَإِنِ اسْتُرِقَّتْ، حَكَاهُ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: انْقِطَاعُ النِّكَاحِ، وَالثَّانِي: يُتَوَقَّفُ مُدَّةَ الْعِدَّةِ، فَإِنْ أُعْتِقَتْ، وَأَسْلَمَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ، وَكَذَا لَوْ أُعْتِقَتْ وَلَمْ تُسْلِمْ؛ لِأَنَّ إِمْسَاكَ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ لِلنِّكَاحِ جَائِزٌ، فَلَوْ أَسْلَمَتْ وَلَمْ تُعْتَقْ، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، فَلَهُ إِمْسَاكُهَا، وَإِلَّا فَفِي جَوَازِ إِمْسَاكِهَا وَجْهَانِ، وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَمَا اسْتُرِقَّتْ زَوْجَتُهُ الْحَامِلُ، حُكِمَ بِإِسْلَامِ الْحَمْلِ، وَلَمْ

ص: 253

يَبْطُلْ رِقُّهُ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ حَامِلٌ تَحْتَ حَرْبِيٍّ، لَمْ تُسْتَرَقَّ هِيَ وَلَا وَلَدُهَا؛ لِأَنَّهُمَا مُسْلِمَانِ.

فَرْعٌ

لَوِ اسْتَأْجَرَ مُسْلِمٌ دَارَ حَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ غَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ، أَوِ اسْتَأْجَرَ حَرْبِيًّا رَقِيقًا، أَوْ حُرًّا، فَاسْتُرِقَّ، لَمْ تَنْقَطِعِ الْإِجَارَةُ، بَلْ يَبْقَى لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِحْقَاقُ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْأَمْوَالِ مَمْلُوكَةٌ مِلْكًا تَامًّا مَضْمُونَةٌ، كَأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ، فَإِنَّهَا تُسْتَبَاحُ، وَلَا تُمَلَّكُ مِلْكًا تَامًّا، وَلِهَذَا لَا تُضْمَنُ بِالْيَدِ، وَقِيلَ: فِي انْقِطَاعِ الْإِجَارَةِ خِلَافٌ كَانْقِطَاعِ النِّكَاحِ.

فَرْعٌ

يَجُوزُ سَبْيُ مَنْكُوحَةِ الذِّمِّيِّ إِذَا كَانَتْ حَرْبِيَّةً، وَيَنْقَطِعُ بِهِ نِكَاحُهُ، وَأَمَّا سَبْيُ عَتِيقِهِ وَاسْتِرْقَاقُهُ فَيُبْنَى عَلَى اسْتِرْقَاقِ عَتِيقِ الْمُسْلِمِ، إِنْ جَوَّزْنَاهُ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَوِ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، اسْتُرِقَّ، فَعَتِيقُهُ أَوْلَى، وَلَوْ أَعْتَقَ ذِمِّيٌّ عَبْدًا، ثُمَّ نَقَضَ السَّيِّدُ الْعَهْدَ وَصَارَ حَرْبِيًّا، فَالصَّحِيحُ أَنَّ وَلَاءَهُ عَلَى عَتِيقِهِ لَا يُبْطَلُ، حَتَّى لَوْ عَتَقَ كَانَ وَلَاؤُهُ بَاقِيًا عَلَيْهِ، وَلِمُعْتِقِهِ أَيْضًا الْوَلَاءُ عَلَى عَتِيقِهِ، وَلَوْ مَلَكَ عَتِيقَهُ، كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْوَلَاءُ عَلَى الْآخَرِ، وَفِي وَجْهٍ يَبْطُلُ بِاسْتِرْقَاقِهِ وَلَاؤُهُ عَلَى عَتِيقِهِ، كَمَا يَبْطُلُ مِلْكُهُ عَلَى عَبْدِهِ.

فَرْعٌ

إِذَا سُبِيَ الزَّوْجَانِ مَعًا، أَوْ سُبِيَ أَحَدُهُمَا، انْفَسَخَ النِّكَاحُ، صَغِيرَيْنِ كَانَا أَوْ كَبِيرَيْنِ، وَاسْتُرِقَّ الزَّوْجُ، وَسَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:(وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)

ص: 254

وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ» وَلَمْ يُفَرِّقْ، وَلِأَنَّ الرِّقَّ يُزِيلُ مِلْكَهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَعِصْمَةُ النِّكَاحِ أَوْلَى بِالزَّوَالِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجَانِ رَقِيقَيْنِ، فَغُنِمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا، فَفِي انْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَجْهَانِ، سَوَاءٌ أَسْلَمَا أَمْ لَا، أَصَحُّهُمَا: لَا يَنْقَطِعُ إِذَا لَمْ يَحْدُثْ رِقٌّ، وَإِنَّمَا انْتَقَلَ مِنْ شَخْصٍ إِلَى شَخْصٍ، فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ وَغَيْرَهُ، وَالثَّانِي: يَنْقَطِعُ، لِحُدُوثِ السَّبْيِ، وَلِهَذَا لَوْ سُبِيَتْ مُسْتَوْلَدَةٌ، صَارَتْ قِنَّةً، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ كَانَ لِمُسْلِمٍ عَلَى حَرْبِيٍّ دَيْنٌ، فَاسْتُرِقَّ، لَمْ يَسْقُطِ الدَّيْنُ، فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِلسَّابِي، فَفِي سُقُوطِهِ الْوَجْهَانِ فِيمَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَبْدِ غَيْرِهِ فَمَلَكَهُ، وَإِذَا لَمْ يَسْقُطْ، قَضَى مِنَ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ اسْتِرْقَاقِهِ، وَيُقَدَّمُ الدَّيْنُ عَلَى الْغَنِيمَةِ، كَمَا يُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ، وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ بِالرِّقِّ، كَمَا أَنَّ الدَّيْنَ عَلَى الْمُرْتَدِّ يُقْضَى مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ أَزَلْنَا مِلْكَهُ، وَلِأَنَّ الرِّقَّ كَالْمَوْتِ وَالْحَجْرِ، وَكِلَاهُمَا يُعَلِّقُ الدَّيْنَ بِالْمَالِ، فَإِنْ غُنِمَ الْمَالُ قَبْلَ اسْتِرْقَاقِهِ، مَلَكَهُ الْغَانِمُونَ، وَلَمْ يُقْضَ مِنْهُ الدَّيْنُ، كَمَا لَوِ انْتَقَلَ مِلْكُهُ بِوَجْهٍ آخَرَ، وَإِنْ غُنِمَ مَعَ اسْتِرْقَاقِهِ، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يُقَدَّمُ الدَّيْنُ، كَمَا يُقَدَّمُ فِي التَّرِكَةِ، وَأَصَحُّهُمَا: تُقَدَّمُ الْغَنِيمَةُ، لِتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ، كَمَا يُقَدَّمُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَلَيْسَ مِنَ الْمَعِيَّةِ أَنْ يَقَعَ الِاغْتِنَامُ مَعَ الْأَسْرِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ يُمْلَكُ بِنَفْسِ الْأَخْذِ، وَالرِّقُّ لَا يَحْصُلُ بِنَفْسِ الْأَسْرِ فِي

ص: 255

الرِّجَالِ الْكَامِلِينَ، وَلَكِنْ يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي النِّسْوَةِ، وَفِيمَا إِذَا وَقَعَ الِاغْتِنَامُ مَعَ إِرْقَاقِ الْإِمَامِ بَعْدَ الْأَسْرِ، وَإِذَا لَمْ يُوجَدُ مَالٌ يَقْضِي مِنْهُ الدَّيْنَ، فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ إِلَى أَنْ يُعْتَقَ، وَهَلْ يَحِلُّ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ بِالرِّقِّ؟ وَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْحُلُولِ بِالْإِفْلَاسِ، وَأَوْلَى بِالْحُلُولِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَوْتَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يُزِيلُ الْمِلْكَ، وَيَقْطَعُ النِّكَاحَ، هَذَا إِنْ كَانَ الدَّيْنُ لِمُسْلِمٍ، فَإِنْ كَانَ لِذِمِّيٍّ، فَمِثْلُهُ أَجَابَ الْإِمَامُ، وَقَالَ: دَيْنُ الذِّمِّيِّ مُحْتَرَمٌ، كَعَيْنِ مَالِهِ، وَذَكَرَ الْبَغَوِيُّ فِيهِ وَجْهَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْحَرْبِيُّ، وَاسْتُرِقَّ الْمَدِينُ، فَالْمَحْكِيُّ عَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ: سُقُوطُ الدَّيْنِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ، هَذَا إِذَا اسْتُرِقَّ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، أَمَّا إِذَا اسْتُرِقَّ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ، فَلَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَدِينِ، بَلْ هُوَ كَوَدَائِعِ الْحَرْبِيِّ الْمَسْبِي، هَذَا لَفْظُهُ فِي «الْوَسِيطِ» وَلَمْ يَنُصَّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ عَلَى حَالِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ هَذَا الْجَوَابَ فِيمَا إِذَا اسْتَقْرَضَ مُسْلِمٌ مِنْ حَرْبِيٍّ، أَوِ اشْتَرَى مِنْهُ شَيْئًا وَالْتَزَمَ الثَّمَنَ ثُمَّ اسْتُرِقَّ الْمُسْتَحِقُّ، قَالَ: لَا يَسْقُطُ.

وَفِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِحَرْبِيٍّ عَلَى حَرْبِيٍّ دَيْنٌ، وَاسْتُرِقَّ مِنْ أَحَدِهِمَا، سَقَطَ لِزَوَالِ مِلْكِهِ، قَالَ: وَلَوْ قَهَرَ الْمَدِينُ رَبَّ الدَّيْنِ، سَقَطَ؛ لِأَنَّ الدَّارَ دَارُ حَرْبٍ، حَتَّى إِذَا قَهَرَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ يَصِيرُ حُرًّا وَيَصِيرُ السَّيِّدُ عَبْدًا لَهُ، وَلَوْ قَهَرَتِ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا، مَلَكَتْهُ، وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَنَّهُ إِنْ كَانَ دَيْنُ الْمُسْتَرَقِّ عَلَى مُسْلِمٍ، طُولِبَ بِهِ، كَمَا يُطَالَبُ بِوَدَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ مُلْتَزِمٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى حَرْبِيٍّ، سَقَطَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ زَالَ مِلْكُهُ، وَالْحَرْبِيُّ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ حَتَّى يُطَالَبَ، وَلَوِ اقْتَرَضَ مِنْ حَرْبِيٍّ، أَوِ الْتَزَمَ بِالشِّرَاءِ ثَمَنًا، ثُمَّ أَسْلَمَا، أَوْ قَبِلَا الْجِزْيَةَ، أَوِ الْأَمَانَ، فَالِاسْتِحْقَاقُ مُسْتَمِرٌّ، وَكَذَا يَبْقَى مَهْرُ الزَّوْجَةِ إِذَا أَسْلَمَا إِنْ لَمْ يَكُنْ خَمْرًا وَنَحْوَهُ، وَلَوْ سَبَقَ الْمُسْتَقْرِضُ إِلَى الْإِسْلَامِ أَوِ الْأَمَانِ، فَالنَّصُّ أَنَّ الدَّيْنَ يَسْتَمِرُّ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَا، وَنَصَّ أَنَّهُ لَوْ مَاتَتْ زَوْجَةُ حَرْبِيٍّ، فَجَاءَنَا مُسْلِمًا، أَوْ

ص: 256

مُسْتَأْمَنًا، فَجَاءَ وَرَثَتُهَا يَطْلُبُونَ مَهْرَهَا، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ، وَلِلْأَصْحَابِ طَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: فِيهِمَا قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: يَبْقَى الِاسْتِحْقَاقُ، وَعَلَى هَذَا تُبْتَنَى قَوَاعِدُ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُمَكَّنَ الْحَرْبِيُّ مِنْ مُطَالَبَةِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَحَمْلُ النَّصِّ الثَّانِي عَلَى مَنْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا، وَقَبَضَتْهُ فِي الْكُفْرِ، وَلَوْ أَتْلَفَ حَرْبِيٌّ مَالًا عَلَى حَرْبِيٍّ، أَوْ غَصَبَهَ، ثُمَّ أَسْلَمَا، أَوْ أَسْلَمَ الْمُتْلِفُ، فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا يُطَالِبُهُ بِالضَّمَانِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا، وَالْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ، وَالْإِتْلَافُ لَيْسَ عَقْدًا يُسْتَدَامُ، وَلِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَوْ قَهَرَ حَرْبِيًّا عَلَى مَالِهِ مَلَكَهُ، وَالْإِتْلَافُ نَوْعٌ مِنَ الْقَهْرِ، وَلِأَنَّ إِتْلَافَ مَالِ الْحَرْبِيِّ لَا يَزِيدُ عَلَى إِتْلَافِ مَالِ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْحَرْبِيِّ، وَالثَّانِي: يُطَالَبُ، لِأَنَّهُ لَازِمٌ عِنْدَهُمْ، فَكَأَنَّهُمْ تَرَاضَوْا عَلَيْهِ، وَيَزِيدُ عَلَى هَذَا مَا نُقِلَ عَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّ الْحَرْبِيَّ لَوْ جَنَى عَلَى مُسْلِمٍ، فَاسْتُرِقَّ، فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ فِي ذِمَّتِهِ، قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا إِخْلَالٌ مِنْ نَاقِلٍ، أَوْ هَفْوَةٌ مِنَ الْقَاضِي.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إِذَا سُبِيَتِ امْرَأَةٌ وَوَلَدُهَا الصَّغِيرُ، لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا فِي الْقِسْمَةِ، بَلْ يُقَوِّمُهُمَا، فَإِنْ وَافَقَتْ قِيمَتُهُمَا نَصِيبَ أَحَدِ الْغَانِمِينَ، جَعَلَهُمَا لَهُ، وَإِلَّا اشْتَرَكَ فِيهِمَا اثْنَانِ، أَوْ بَاعَهُمَا، وَجَعَلَ ثَمَنَهُمَا فِي الْمَغْنَمِ، فَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْقِسْمَةِ، فَفِي صِحَّتِهَا قَوْلَانِ كَمَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ صَحَّحْنَا، فَعَنْ صَاحِبِ «الْحَاوِي» أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَا يُقَرَّانِ عَلَى التَّفْرِيقِ، بَلْ يُقَالُ لَهُمَا: إِنْ تَرَاضَيْتُمَا بِبَيْعِ الْآخَرِ لِيَجْتَمِعَا فِي الْمِلْكِ، فَذَاكَ، وَإِلَّا فَسَخْنَا الْبَيْعَ، وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: يُقَالُ لِلْبَائِعِ: يَتَطَوَّعُ بِتَسْلِيمِ الْآخَرِ، أَوْ يُفْسَخُ الْبَيْعُ، فَإِنْ تَطَوَّعَ، فَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنَ الْقَبُولِ، فُسِخَ الْبَيْعُ، وَلَوْ رَضِيَتِ الْأُمُّ بِالتَّفْرِيقِ، لَمْ يَرْتَفِعِ التَّحْرِيمُ عَلَى الصَّحِيحِ رِعَايَةً لِحَقِّ الْوَلَدِ، وَأُمُّ الْأُمِّ عِنْدَ عَدَمِ الْأُمِّ كَالْأُمِّ، فَلَوْ كَانَ لَهُ أُمٌّ وَجَدَّةٌ، فَبِيعَ مَعَ الْأُمِّ، فَلَا تَحْرِيمَ، وَإِنْ بِيعَ مَعَ الْجَدَّةِ، وَقُطِعَ عَنِ الْأُمِّ، حَرُمَ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَالْأَبُ كَالْأُمِّ عَلَى

ص: 257

الْأَظْهَرِ أَوِ الْأَصَحِّ، وَفِي الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْجُهٌ، ثَالِثُهَا: يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْدَادِ دُونَ الْجَدَّاتِ، لِأَنَّهُنَّ أَصْلَحُ لِلتَّرْبِيَةِ، وَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الْمَحَارِمِ، كَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَغَيْرِهِمَا، عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: هُمْ كَالْأَبِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ، حَرُمَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ، وَيَجُوزُ التَّفْرِيقُ لِلضَّرُورَةِ، مِثْلَ أَنْ تَكُونَ الْأُمُّ حُرَّةً، فَيَجُوزُ بَيْعُ الْوَلَدِ، وَلَوْ كَانَتِ الْأُمُّ لِوَاحِدٍ وَالْوَلَدُ لِآخَرَ، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيْعُ مِلْكِهِ مُنْفَرِدًا، وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ أَنَّ التَّحْرِيمَ هَلْ يَنْتَهِي لِسِنِّ التَّمْيِيزِ أَمْ يَبْقَى إِلَى الْبُلُوغِ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: الْأَوَّلُ.

الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي إِتْلَافِ أَمْوَالِهِمْ

إِنِ احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى إِتْلَافِ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ، كَتَخْرِيبِ بِنَاءٍ، وَقَطْعِ شَجَرٍ، لِيَكُفُّوا عَنِ الْقِتَالِ أَوْ لِيَظْفَرُوا بِهِمْ، فَلَهُمْ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَاجُوا، نُظِرَ إِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِمْ حُصُولُ ذَلِكَ الْمَالِ لِلْمُسْلِمِينَ، جَازَ إِتْلَافُهُ مُغَايَظَةً لَهُمْ وَتَشْدِيدًا عَلَيْهِمْ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُهُ، كُرِهَ الْإِتْلَافُ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْأَصَحِّ، هَذَا إِذَا دَخَلَ الْإِمَامُ دَارَهُمْ مُغَيِّرًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ الِاسْتِقْرَارُ فِيهَا، فَأَمَّا إِذَا فَتَحَهَا قَهْرًا، فَيَحْرُمُ التَّخْرِيبُ وَالْقَطْعُ، لِأَنَّهَا صَارَتْ غَنِيمَةً، وَكَذَا لَوْ فَتَحَهَا صُلْحًا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَنَا، أَوْ لَهُمْ، وَلَوْ غَنِمَا أَمْوَالَهُمْ وَانْصَرَفْنَا، وَخِفْنَا الِاسْتِرْدَادَ، فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ حَيَوَانٍ، جَازَ إِتْلَافُهَا، لِئَلَّا يَأْخُذُوهَا فَيَتَقَوَّوْا بِهَا، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ، فَإِنْ قَاتَلُونَا عَلَيْهِ وَاحْتَجْنَا فِي الْقِتَالِ إِلَى عَقْرِهِ لِدَفْعِهِمْ أَوْ لِلظَّفَرِ بِهِمْ، جَازَ، وَإِنْ غَنِمْنَا خَيْلَهُمْ وَمَاشِيَتَهُمْ، وَلَحِقُونَا وَخِفْنَا الِاسْتِرْدَادَ، أَوْ ضَعُفَ بَعْضُهَا، وَتَعَذَّرَ سَوْقُهَا، لَمْ يَجُزْ عَقْرُهَا وَإِتْلَافُهَا، لَكِنْ تُذْبَحُ لِلْأَكْلِ، وَإِنْ خِفْنَا أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الْخَيْلَ، وَيُقَاتِلُونَنَا عَلَيْهَا، وَيَشْتَدُّ الْأَمْرُ، جَازَ إِتْلَافُهَا، وَلَوْ لَحِقُونَا وَمَعَنَا نِسَاؤُهُمْ وَصِبْيَانُهُمْ، وَخِفْنَا اسْتِرْدَادَهُمْ، لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُمْ قَطْعًا.

ص: 258

فَرْعٌ

لَوْ ظَفَرْنَا بِكُتُبٍ لَهُمْ مِمَّا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ، كَطِبٍّ وَشِعْرٍ وَلُغَةٍ وَحِسَابٍ وَتَوَارِيخَ، فَلَهَا حُكْمُ سَائِرِ الْأَمْوَالِ، فَتُبَاعُ أَوْ تُقَسَّمُ، وَمَا حَرُمَ الِانْتِفَاعُ بِهِ، كَكُتُبِ الْكُفْرِ وَالْهَجْوِ وَالْفُحْشِ الْمَحْضِ، لَمْ يُتْرَكْ بِحَالِهِ بَلْ إِنْ كَانَ فِي رَقٍّ أَوْ كَاغِدٍ ثَخِينٍ وَأَمْكَنَ غَسْلُهُ، غُسِلَ، ثُمَّ هُوَ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ، أُبْطِلَتْ مَنْفَعَتُهُ بِتَمْزِيقٍ، ثُمَّ الْمُمَزَّقُ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ، وَعَنِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهَا تُمَزَّقُ أَوْ تُحْرَقُ، وَضَعَّفُوا الْإِحْرَاقَ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّضْيِيعِ، لِأَنَّ لِلْمُمَزَّقِ قِيمَةً وَإِنْ قَلَّتْ، وَكُتُبُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِمَّا يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، لِأَنَّهُمْ بَدَّلُوا وَغَيَّرُوا، وَإِنَّمَا نُقِرُّهَا فِي أَيْدِيهِمْ كَمَا نُقِرُّ الْخَمْرَ.

فَرْعٌ

إِذَا دَخَلْنَا دَارَهُمْ غُزَاةً، قَتَلْنَا الْخَنَازِيرَ، وَأَرَقْنَا الْخُمُورَ، وَتُحْمَلُ ظُرُوفُهَا إِلَّا أَنْ لَا تَزِيدَ قِيمَتُهَا عَلَى مُؤْنَةِ حَمْلِهَا، فَنُتْلِفُهَا، وَإِنْ وَقَعَ كَلْبٌ يُنْتَفَعُ بِهِ لِلِاصْطِيَادِ أَوْ لِلْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ، فَحَكَى الْإِمَامُ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُسَلِّمَهُ إِلَى وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لِعِلْمِهِ بِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ، وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الْكَلْبَ مُنْتَفَعٌ بِهِ، فَلْيَكُنْ حَقُّ الْيَدِ فِيهِ لِجَمِيعِهِمْ، كَمَا أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَهُ كَلْبٌ لَا يَسْتَبِدُّ بِهِ بَعْضُ الْوَرَثَةِ، وَالْمَوْجُودُ فِي كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ إِنْ أَرَادَهُ بَعْضُ الْغَانِمِينَ، أَوْ أَهْلُ الْخُمُسِ وَلَمْ يُنَازِعْهُ غَيْرُهُ، سُلِّمَ إِلَيْهِ، وَإِنْ تَنَازَعُوا، فَإِنْ وَجَدْنَا كِلَابًا وَأَمْكَنَتِ الْقِسْمَةُ عَدَدًا، قَسَّمَ، وَإِلَّا أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً، وَتُعْتَبَرُ مَنَافِعُهَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِهِ هُنَا.

الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الِاغْتِنَامِ

قَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ أَنَّ الْغَنِيمَةَ: الْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنَ

ص: 259

الْكُفَّارِ بِالْقَهْرِ وَإِيجَافِ خَيْلٍ وَرِكَابٍ، وَالْفَيْءُ: مَا حَصَلَ مِنْهُمْ بِلَا قِتَالٍ، وَإِذَا دَخَلَ وَاحِدٌ أَوْ شِرْذِمَةٌ دَارَ الْحَرْبِ مُسْتَخْفِينَ، وَأَخَذُوا مَالًا عَلَى صُورَةِ السَّرِقَةِ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ، وَادَّعَى الْإِمَامُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ: أَنَّهُ مِلْكُ مَنْ أَخَذَهُ خَاصَّةً، وَالْأَصَحُّ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْجُمْهُورِ: أَنَّهُ غَنِيمَةٌ مُخَمَّسَةٌ، وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: لَوْ غَزَتْ طَائِفَةٌ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ مُتَلَصِّصِينَ وَأَخَذَتْ مَالًا، فَهُوَ غَنِيمَةٌ مُخَمَّسَةٌ، وَفِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّ الْوَاحِدَ إِذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ، وَأَخَذَ مَالَ حَرْبِيٍّ بِقِتَالٍ، أُخِذَ مِنْهُ الْخُمُسُ، وَالْبَاقِي لَهُ، وَإِنْ أَخَذَهُ عَلَى جِهَةِ السَّوْمِ، ثُمَّ جَحَدَهُ، أَوْ هَرَبَ، فَهُوَ لَهُ، وَلَا يُخَمَّسُ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ قَرِيبَةٌ مِنَ السَّرِقَةِ، وَالْمَأْخُوذُ عَلَى صُورَةِ اخْتِلَاسٍ كَالْمَأْخُوذِ عَلَى صُورَةِ السَّرِقَةِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي: هُوَ غَنِيمَةٌ، وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ فَيْءٌ، لِأَنَّهُ بِغَيْرِ إِيجَافِ خَيْلٍ، وَلْيَكُنِ الْوَجْهُ الْقَائِلُ بِاخْتِصَاصِ السَّارِقِ وَالْمُخْتَلِسِ مَخْصُوصًا بِمَا إِذَا دَخَلَ وَاحِدٌ أَوْ نَفَرٌ يَسِيرٌ دَارَ الْحَرْبِ، وَأَخَذُوا، فَأَمَّا إِذَا أَخَذَ بَعْضُ الْجَيْشِ بِسَرِقَةٍ أَوِ اخْتِلَاسٍ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ غُلُولًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الرُّويَانِيَّ نَقَلَ أَنَّ مَا يَهْدِيهِ الْكَافِرُ إِلَى الْإِمَامِ، أَوْ إِلَى وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ، لَا يَمْلِكُهُ الْمُهْدَى إِلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ، وَإِذَا لَمْ يَخْتَصَّ الْمُهْدَى إِلَيْهِ بِالْهَدِيَّةِ، فَأَوْلَى أَنْ لَا يَخْتَصَّ سَارِقٌ بِمَسْرُوقٍ.

فَرْعٌ

الْمَالُ الضَّائِعُ الَّذِي يُؤْخَذُ فِي دَارِهِمْ عَلَى هَيْئَةِ اللَّقِيطَةِ، إِنْ كَانَ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لِلْكُفَّارِ، فَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ: أَنَّهُ غَنِيمَةٌ، لَا يَخْتَصُّ بِهِ الْآخِذُ، وَقَالَ الْإِمَامُ والْغَزَالِيُّ: هُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَسْرُوقَ لِمَنْ أَخَذَهُ، فَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ مُسْلِمُونَ، أَوْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ ضَالَّةَ بَعْضِ الْجَيْشِ، وَجَبَ تَعْرِيفُهُ، ثُمَّ بَعْدَهُ يَعُودُ خِلَافُ الْجُمْهُورِ وَالْإِمَامِ فِي أَنَّهُ غَنِيمَةٌ أَمْ لِلْآخِذِ؟ وَأَمَّا صِفَةُ التَّعْرِيفِ،

ص: 260