المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قُلْتُ: وَمِمَّا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ مِنْ هَذَا، أَنَّهُ - روضة الطالبين وعمدة المفتين - جـ ١٠

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الدَّمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الْإِمَامَةِ وَقِتَالُ الْبُغَاةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الرِّدَّةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ حَدِّ الزِّنَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ السَّرِقَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فْصِلَ

- ‌بَابُ قُطَّاعِ الطُّرُقِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ ضَمَانِ إِتْلَافِ الْإِمَامِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ السِّيَرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَالْهُدْنَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ وَالضَّحَايَا وَالْعَقِيقَةِ وَالْأَطْعِمَةِ

- ‌كِتَابُ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

الفصل: قُلْتُ: وَمِمَّا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ مِنْ هَذَا، أَنَّهُ

قُلْتُ: وَمِمَّا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ مِنْ هَذَا، أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ شُرُوطَ الْإِمَامَةِ اثْنَانِ، اسْتُحِبَّ لِأَهْلِ الْعَقْدِ أَنْ يَعْقِدُوهَا لِأَسَنِّهِمَا، فَإِنْ عَقَدُوهَا لِلْآخَرِ، جَازَ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَمَ، وَالْآخِرُ أَشْجَعَ، رُوعِيَ فِي الِاخْتِيَارِ مَا يُوجِبُهُ حُكْمُ الْوَقْتِ، فَإِنْ دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى زِيَادَةِ الشَّجَاعَةِ لِظُهُورِ الْبُغَاةِ وَأَهْلِ الْفَسَادِ، كَانَ الْأَشْجَعُ أَحَقَّ، وَإِنْ دَعَتْ إِلَى زِيَادَةِ الْعِلْمِ لِسُكُونِ الْفِتَنِ، وَظُهُورِ الْبِدَعِ، كَانَ الْأَعْلَمُ أَحَقَّ، وَأَنَّهُ لَوْ تَنَازَعَهَا اثْنَانِ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: يَقْدَحُ ذَلِكَ فِيهِمَا فَيَعْدِلُ إِلَى غَيْرِهِمَا، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ: أَنَّهُ لَا يَقْدَحُ ; لِأَنَّ طَلَبَ الْخِلَافَةِ لَيْسَ مَكْرُوهًا، ثُمَّ هَلْ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ التَّسَاوِي، أَمْ يُقَدِّمُ أَهْلُ الِاخْتِيَارِ مَنْ شَاءُوا بِلَا قُرْعَةٍ؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَأَنَّ الْخَلِيفَةَ إِذَا أَرَادَ الْعَهْدَ، لَزِمَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْأَصْلَحِ، فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ وَاحِدٌ، جَازَ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعَقْدِ بَيْعَتِهِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ غَيْرِهِ، وَلَا مُشَاوَرَةِ أَحَدٍ، وَأَنَّ الْمَعْهُودَ إِلَيْهِ إِذَا اسْتَعْفَى، لَمْ يُبْطَلْ عَهْدُهُ حَتَّى يُعْفَى، فَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ، جَازَ اسْتِعْفَاؤُهُ، وَخَرَجَ مِنَ الْعَهْدِ بِاجْتِمَاعِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ، لَمْ يَجُزْ إِعْفَاؤُهُ وَلَا اسْتِعْفَاؤُهُ، وَيَبْقَى الْعَقْدُ لَازِمًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

‌فَصْلٌ

وَأَمَّا الطَّرِيقُ الثَّالِثُ، فَهُوَ الْقَهْرُ وَالِاسْتِيلَاءُ، فَإِذَا مَاتَ الْإِمَامُ، فَتَصَدَّى لِلْإِمَامَةِ مَنْ جَمَعَ شَرَائِطَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِخْلَافٍ وَلَا بَيْعَةٍ، وَقَهَرَ النَّاسَ بِشَوْكَتِهِ وَجُنُودِهِ، انْعَقَدَتْ خِلَافَتُهُ لِيَنْتَظِمَ شَمْلُ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَامِعًا لِلشَّرَائِطِ بِأَنْ كَانَ فَاسِقًا، أَوْ جَاهِلًا، فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: انْعِقَادُهَا لِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا بِفِعْلِهِ.

فَرْعٌ

لَوْ تَفَرَّدَ شَخْصٌ بِشُرُوطِ الْإِمَامَةِ فِي وَقْتِهِ، لَمْ يَصِرْ إِمَامًا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ الطُّرُقِ.

ص: 46

الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ الْإِمَامِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:

إِحْدَاهَا: تَجِبُ طَاعَةُ الْإِمَامِ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ مَا لَمْ يُخَالِفْ حُكْمَ الشَّرْعِ، سَوَاءٌ كَانَ عَادِلًا أَوْ جَائِرًا.

الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ نَصْبُ إِمَامَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَإِنْ تَبَاعَدَ إِقْلِيمَاهُمَا، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: يَجُوزُ نَصْبُ إِمَامَيْنِ فِي إِقْلِيمَيْنِ ; لِأَنَّهُ قَدْ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْإِمَامِ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ هُوَ الْأَوَّلُ، فَإِنْ عُقِدَتِ الْبَيْعَةُ لِرَجُلَيْنِ مَعًا، فَالْبَيْعَتَانِ بَاطِلَتَانِ، وَإِنْ تَرَتَّبَتَا فَالثَّانِيَةُ بَاطِلَةٌ، ثُمَّ إِنْ جَهِلَ الثَّانِي وَمُبَايِعُوهُ بَيْعَةَ الْأَوَّلِ، لَمْ يُعَزَّرُوا، وَإِلَّا فَيُعَزَّرُونَ، وَلَوْ عُرِفَ سَبْقُ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَتَعَيَّنْ، أَوْ شَكَكْنَا فِي مَعِيَّتِهِمَا وَتَعَاقُبِهِمَا، فَلْيَكُنْ كَمَا سَبَقَ فِي الْجُمُعَتَيْنِ، وَلَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا وَتَعَيَّنَ، وَاشْتَبَهَ، وَقَفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَظْهَرَ، فَإِنْ طَالَتِ الْمُدَّةُ، وَلَمْ يَكُنْ الِانْتِظَارُ، فَقَدْ ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ تَبْطُلُ الْبَيْعَتَانِ، وَتُسْتَأْنَفُ بَيْعَةٌ لِأَحَدِهِمَا، وَفِي جَوَازِ الْعُدُولِ إِلَى غَيْرِهِمَا خِلَافٌ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ الْمَنْعُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ الْأَسْبَقُ، لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، وَلَمْ يَحْلِفِ الْآخَرُ ; لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ قَطَعَا التَّنَازُعَ، وَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا الْأَمْرَ لِلْآخَرِ، لَمْ تَثْبُتِ الْإِمَامَةُ لَهُ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ بِسَبْقِهِ، قَالَ: وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِسَبْقِ صَاحِبِهُ، خَرَجَ مِنْهَا الْمُقِرُّ، وَلَا تَثْبُتُ لِلْآخَرِ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَإِنْ شَهِدَ لَهُ الْمُقِرُّ مَعَ آخَرَ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ إِنْ كَانَ يَدَّعِي اشْتِبَاهَ الْأَمْرِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ، وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي التَّقْدِيمَ، لَمْ تُسْمَعْ لِلتَّكَاذُبِ فِي قَوْلَيْهِ.

ص: 47

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إِذَا ثَبَتَتِ الْإِمَامَةُ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، فَجَاءَ آخَرُ، فَقَهَرَهُ، انْعَزَلَ الْأَوَّلُ، وَصَارَ الْقَاهِرُ الثَّانِي إِمَامًا.

الرَّابِعَةُ: لَا يَجُوزُ خَلْعُ الْإِمَامِ بِلَا سَبَبٍ، فَلَوْ خَلَعُوهُ، لَمْ يَنْخَلِعْ، وَلَوْ خَلَعَ الْإِمَامُ نَفْسَهُ، نُظِرَ، إِنْ خَلَعَ لِعَجْزِهِ عَنِ الْقِيَامِ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ لِهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِمَا، انْعَزَلَ، ثُمَّ إِنْ وَلَّى غَيْرَهُ قَبْلَ عَزْلِ نَفْسِهِ، انْعَقَدَتْ وِلَايَتُهُ، وَإِلَّا فَيُبَايِعُ النَّاسُ غَيْرَهُ، وَإِنْ عَزَلَ نَفْسَهُ بِلَا عُذْرٍ، فَفِيهِ أَوْجُهٌ: أَصَحُّهَا: لَا يَنْعَزِلُ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ «الْبَيَانِ» وَغَيْرُهُ، وَالثَّانِي: يَنْعَزِلُ ; لِأَنَّ إِلْزَامَهُ الِاسْتِمْرَارَ قَدْ يَضُرُّ بِهِ فِي آخِرَتِهِ وَدُنْيَاهُ، وَالثَّالِثُ وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ: إِنْ لَمْ يَظْهَرْ عُذْرٌ، فَعَزَلَ نَفْسَهُ وَلَمْ يُوَلِّ غَيْرَهُ، أَوْ وَلَّى مَنْ هُوَ دُونَهُ، لَمْ يَنْعَزِلْ، وَإِنْ وَلَّى مِثْلَهُ، أَوْ أَفْضَلَ، فَفِي الِانْعِزَالِ وَجْهَانِ، وَهَلْ لِلْإِمَامِ عَزْلُ وَلِيِّ الْعَهْدِ؟ قَالَ الْمُتَوَلِّي: نَعَمْ، وَالْمَاوَرْدِيُّ: لَا ; لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبًا لَهُ بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ.

قُلْتُ: قَوْلُ الْمَاوَرْدِيُّ أَصَحُّ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَلَوْ عَزَلَهُ الْإِمَامُ، وَعَهِدَ إِلَى ثَانٍ، ثُمَّ عَزَلَ الْمَعْهُودَ إِلَيْهِ أَوَّلًا نَفْسَهُ، فَعَهْدُ الثَّانِي بَاطِلٌ، وَلَا بُدَّ مِنِ اسْتِئْنَافِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْخَامِسَةُ: سَبَقَ فِي بَابِ الْأَوْصِيَاءِ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا يَنْعَزِلُ بِالْإِغْمَاءِ ; لِأَنَّهُ مُتَوَقَّعُ الزَّوَالِ، وَيَنْعَزِلُ بِالْمَرَضِ الَّذِي يُنْسِيهِ الْعُلُومَ، وَبِالْجُنُونِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَلَوْ كَانَ يُجَنُّ وَيَفِيقُ، وَزَمَنُ الْإِفَاقَةِ أَكْثَرُ، وَيُمَكَّنُ فِيهِ مِنَ الْقِيَامِ بِالْأُمُورِ، لَمْ يَنْعَزِلْ، وَيَنْعَزِلُ بِالْعَمَى وَالصَّمَمِ وَالْخَرَسِ، وَلَا يَنْعَزِلُ بِثِقَلِ السَّمْعِ، وَتَمْتَمَةِ اللِّسَانِ، وَفِي مَنْعِهِمَا ابْتِدَاءَ الْوِلَايَةِ خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَطْعَ إِحْدَى الْيَدَيْنِ أَوِ الرِّجْلَيْنِ، لَا يُؤَثِّرُ فِي الدَّوَامِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

ص: 48

قُلْتُ: وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ مَسَائِلُ، إِحْدَاهَا: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ أُسِرَ الْإِمَامُ، لَزِمَ الْأُمَّةَ اسْتِنْقَاذُهُ، وَهُوَ عَلَى إِمَامَتِهِ مَا دَامَ مَرْجُوَّ الْخَلَاصِ بِقِتَالٍ أَوْ فِدَاءٍ، فَإِنْ أُيِسَ مِنْهُ، نُظِرَ، إِنْ أَسَرَهُ كُفَّارٌ، خَرَجَ مِنَ الْإِمَامَةِ، وَعَقَدُوهَا لِغَيْرِهِ، فَإِنْ عُهِدَ بِالْإِمَامَةِ وَهُوَ أَسِيرٌ، نُظِرَ إِنْ كَانَ بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْ خَلَاصِهِ، لَمْ يَصِحَّ عَهْدُهُ ; لِأَنَّهُ عَهْدٌ بَعْدَ انْعِزَالِهِ، وَإِنْ عُهِدَ قَبْلَ الْيَأْسِ، صَحَّ عَهْدُهُ لِبَقَاءِ وِلَايَتِهِ، وَتَسْتَقِرُّ إِمَامَةُ الْمَعْهُودِ إِلَيْهِ بِالْيَأْسِ مِنْ خَلَاصِ الْعَاهِدِ لِانْعِزَالِهِ، وَلَوْ خَلَصَ مِنْ أَسْرِهِ، نُظِرَ إِنْ خَلَصَ بَعْدَ الْيَأْسِ، لَمْ تُعَدْ إِمَامَتُهُ، بَلْ تَسْتَقِرُّ لِوَلِيِّ عَهْدِهِ، وَإِنْ خَلَصَ قَبْلَ الْيَأْسِ، فَهُوَ عَلَى إِمَامَتِهِ، وَأَمَّا إِذَا أَسَرَهُ بُغَاةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ مَرْجُوَّ الْخَلَاصِ، فَهُوَ عَلَى إِمَامَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُرْجَ وَكَانَتِ الْبُغَاةُ لَا إِمَامَ لَهُمْ، فَالْأَسِيرُ عَلَى إِمَامَتِهِ، وَعَلَى أَهْلِ الِاخْتِيَارِ أَنْ يَسْتَنِيبُوا عَنْهُ إِنْ لَمْ يَقْدِرْ هُوَ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ، فَإِنْ قَدَرَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِالِاسْتِنَابَةِ، فَإِنْ خَلَعَ الْأَسِيرُ نَفْسَهُ، أَوْ مَاتَ، لَمْ يَصِرِ الْمُسْتَنَابُ إِمَامًا، وَإِنْ كَانَ لِلْبُغَاةِ الَّذِينَ أَسَرُوهُ إِمَامٌ نَصَّبُوهُ، خَرَجَ الْأَسِيرُ مِنَ الْإِمَامَةِ إِنْ أُيِسَ مِنْ خَلَاصِهِ، وَعَلَى أَهْلِ الِاخْتِيَارِ فِي دَارِ الْعَدْلِ عَقْدُ الْإِمَامَةِ لِمَنْ يَصْلُحُ لَهَا، فَإِنْ خَلَصَ الْأَسِيرُ، لَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِمَامَةِ لِخُرُوجِهِ مِنْهَا.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: تَجِبُ نَصِيحَةُ الْإِمَامِ بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ.

الثَّالِثَةُ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلْإِمَامِ: الْخَلِيفَةُ وَالْإِمَامُ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيُقَالُ أَيْضًا: خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: وَيُقَالُ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا، وَقَدْ أَوْضَحْتُ ذَلِكَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْأَذْكَارِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 49