الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَيْرَ كَامِلٍ، لَمْ يَصِرِ الْكَامِلُ مُحْصَنًا، وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ نَقْصُ النَّاقِصِ بِالرِّقِّ، صَارَ الْكَامِلُ مُحْصَنًا، وَإِنْ كَانَ بِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ، فَلَا، وَقَالَ الْإِمَامُ: هَذَا الْخِلَافُ فِي صَغِيرَةٍ أَوْ صَغِيرٍ لَا يَشْتَهِيهِ الْجِنْسُ الْآخَرُ، فَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا، حَصَلَ قَطْعًا.
فَرْعٌ
إِذَا زَنَى الْبِكْرُ بِمُحْصَنَةٍ، أَوِ الْمُحْصِنُ بِبِكْرٍ، رُجِمَ الْمُحْصَنُ مِنْهُمَا، وَجُلِدَ الْآخَرُ وَغُرِّبَ.
فَرْعٌ
الرَّقِيقُ يُجْلَدُ خَمْسِينَ، سَوَاءٌ فِيهِ الْقِنُّ وَالْمُكَاتَبُ وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ، وَفِيمَنْ نَصِفُهُ حُرٌّ وَنَصِفُهُ رَقِيقٌ وَجْهُ أَنَّهُ يُحَدُّ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ حَدِّ الْحُرِّ، وَوَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ إِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ وَوَافَقَ نَوْبَةَ نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ حَدُّ الْحُرِّ، وَإِلَّا فَحَدُّ الْعَبْدِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَهَلْ يُغَرَّبُ الْعَبْدُ نِصْفَ سَنَةٍ أَمْ سَنَةً أَمْ لَا يُغَرَّبُ؟ أَقْوَالٌ، أَظْهَرُهَا: الْأَوَّلُ.
فَصْلٌ
فِي تَغْرِيبِ الْحُرِّ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
إِحْدَاهَا: تُغَرَّبُ الْمَرْأَةُ كَمَا يُغَرَّبُ الرَّجُلُ، لَكِنْ هَلْ تُغَرَّبُ وَحْدَهَا؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا، هَكَذَا أَطْلَقَ مُطْلِقُو الْوَجْهَيْنِ، وَخَصَّهُمَا الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بِمَا إِذَا كَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا، فَعَلَى هَذَا يُشْتَرَطُ مَحْرَمٌ أَوْ زَوْجٌ يُسَافِرُ مَعَهَا، وَفِي النِّسْوَةِ الثِّقَاتِ عِنْدَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَجْهَانِ، وَرُبَّمَا اكْتَفَى بَعْضُهُمْ بِوَاحِدَةٍ ثِقَةٍ، وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا زَوْجٌ أَوْ مَحْرَمٌ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ، فَتَطَوَّعَ الزَّوْجُ، أَوْ مَحْرَمٌ بِالسَّفَرِ، أَوْ وُجِدَتْ نِسْوَةٌ ثِقَاتٌ يُسَافِرْنَ فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجِ الْمَحْرَمُ وَلَا الزَّوْجُ إِلَّا
بِأُجْرَةٍ، أُعْطِيَ أُجْرَةً، وَهَلْ هِيَ فِي مَالِهَا أَمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟ وَجْهَانِ كَأُجْرَةِ الْجَلَّادِ، أَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ، وَإِنِ امْتَنَعَ مِنَ الْخُرُوجِ بِأُجْرَةٍ، لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْحَجِّ، فَعَلَى هَذَا قِيَاسُ اشْتِرَاطِ الْمَحْرَمِ أَنْ يُؤَخِّرَ التَّغْرِيبَ حَتَّى يَتَيَسَّرَ، وَذَكَرَ الرُّويَانِيُّ أَنَّهَا تُغَرَّبُ، وَيَحْتَاطُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْإِجْبَارِ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ فَاجْتَمَعَ مَحْرَمَانِ أَوْ مُحْرِمٌ وَزَوْجٌ فَأَيُّهُمَا يُقَدَّمُ؟ لَمْ يَتَعَرَّضِ الْأَصْحَابُ.
قُلْتُ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ كَنَظَائِرِهِ، أَحَدُهُمَا: الْإِقْرَاعُ، وَالثَّانِي: يُقَدِّمُ بِاجْتِهَادِهِ مَنْ يَرَاهُ، وَهَذَا أَرْجَحُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّانِيَةُ: يُغَرَّبُ الزَّانِي إِلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ دُونَهَا، وَقِيلَ: يَكْفِي التَّغْرِيبُ إِلَى مَوْضِعٍ لَوْ خَرَجَ الْمُبَكِّرُ إِلَيْهِ، لَمْ يَرْجِعْ بِيَوْمِهِ، لِإِطْلَاقِ لَفْظِ التَّغْرِيبِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ رَأَى الْإِمَامُ التَّغْرِيبَ إِلَى فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَعَلَ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ مَوْضِعٌ صَالِحٌ لَمْ يَجُزِ التَّغْرِيبُ إِلَى مَا فَوْقَهُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، غَرَّبَ عُمَرُ رضي الله عنه إِلَى الشَّامِ، وَعُثْمَانُ رضي الله عنه إِلَى مِصْرَ، وَالْبَدَوِيُّ يُغَرِّبُ عَنْ حِلَّتِهِ وَقَوْمِهِ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنَ الْإِقَامَةِ بَيْنَهُمْ، وَلَوْ عَيَّنَ السُّلْطَانُ جِهَةً لِتَغْرِيبِهِ، فَطَلَبَ الزَّانِي جِهَةً غَيْرَهَا، فَهَلْ يُجَابُ أَمْ يَتَعَيَّنُ مَا عَيَّنَهُ الْإِمَامُ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَا يُرْسِلُهُ الْإِمَامُ إِرْسَالًا بَلْ يُغَرِّبُهُ إِلَى بَلَدٍ مُعَيَّنٍ، وَإِذَا غُرِّبَ إِلَى بَلَدٍ مُعَيَّنٍ، فَهَلْ يُمْنَعُ مِنَ الِانْتِقَالِ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا، وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ.
الثَّالِثَةُ: قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَا يُمَكَّنُ الْمُغَرَّبُ مِنْ أَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ أَهْلَهُ وَعَشِيرَتَهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْحِشُ حِينَئِذٍ، وَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ جَارِيَةً يَتَسَرَّى
بِهَا، وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِلنَّفَقَةِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: لَوْ خَرَجَ مَعَهُ عَشِيرَتُهُ، لَمْ يُمْنَعُوا.
الرَّابِعَةُ: الْغَرِيبُ إِذَا زَنَى، يُغَرَّبُ مِنْ بَلَدِ الزِّنَا تَنْكِيلًا وَإِبْعَادًا عَنْ مَوْضِعِ الْفَاحِشَةِ، لَا يُغَرَّبُ إِلَى بَلَدِهِ وَلَا إِلَى بَلَدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَلَدِهِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَلَوْ رَجَعَ هَذَا الْغَرِيبُ إِلَى بَلَدِهِ فَهَلْ يُمْنَعُ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، ثُمَّ هَذَا فِي غَرِيبٍ لَهُ وَطَنٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، بِأَنْ هَاجَرَ حَرْبِيٌّ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَتَوَطَّنْ بَلَدًا، قَالَ الْمُتَوَلِّي: يَتَوَقَّفُ الْإِمَامُ حَتَّى يَتَوَطَّنَ بَلَدًا ثُمَّ يُغَرِّبُهُ، وَلَوْ زَنَى مُسَافِرٌ فِي طَرِيقِهِ، غُرِّبَ إِلَى غَيْرِ مَقْصِدِهِ.
الْخَامِسَةُ: إِذَا رَجَعَ الْمُغَرَّبُ إِلَى الْبَلَدِ الَّذِي غُرِّبَ مِنْهُ، رُدَّ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي غُرِّبَ إِلَيْهِ، وَهَلْ تُسْتَأْنَفُ الْمُدَّةَ أَمْ يَبْنِي؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: تُسْتَأْنَفُ، وَهُمَا رَاجِعَانِ إِلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ تَفْرِيقُ سَنَةِ التَّغْرِيبِ.
السَّادِسَةُ: لَا يُعْتَقَلُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي غُرِّبَ إِلَيْهِ، لَكِنْ يُحْفَظُ بِالْمُرَاقَبَةِ وَالتَّوْكِيلِ بِهِ، فَإِنِ احْتِيجَ إِلَى الِاعْتِقَالِ خَوْفًا مِنْ رُجُوعِهِ اعْتُقِلَ.
السَّابِعَةُ: لَوْ زَنَى ثَانِيًا فِي الْبَلَدِ الْمُغَرَّبِ فِيهِ، غُرِّبَ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَتَدْخُلُ بَقِيَّةُ مُدَّةِ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّ الْحَدَّيْنِ مِنْ جِنْسٍ فَيَتَدَاخَلَانِ.
الثَّامِنَةُ: لَوْ أَرَادَ الْحَاكِمُ تَغْرِيبَهُ فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ، وَغَابَ سَنَةً، ثُمَّ عَادَ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: يَكْفِيهِ ذَلِكَ، وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّنْكِيلُ، وَلَا يَحْصُلُ إِلَّا بِتَغْرِيبِ الْإِمَامِ.
التَّاسِعَةُ: قَالَ ابْنُ كَجٍّ: مُؤْنَةُ الْمُغَرَّبِ بِقَدْرِ مُؤْنَةِ الْحَضِرِ فِي مَالِهِ، وَمَا زَادَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَهَذَا غَرِيبٌ.