المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌العشرون: أن فيه ساعة الإجابة - زاد المعاد في هدي خير العباد - ط عطاءات العلم - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌فصل في ختانه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصلفي أمهاته صلى الله عليه وسلم اللاتي أرضعنه

- ‌فصلفي حواضنه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصلفي مبعثه وأول ما أُنزِل عليه

- ‌فصل في ترتيب الدعوة

- ‌فصلفي أسمائه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصلفي شرح معاني أسمائه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصلفي ذكر الهجرة(2)الأولى والثانية

- ‌فصلفي أولاده صلى الله عليه وسلم

- ‌فصلفي أعمامه وعماته

- ‌فصلفي أزواجه

- ‌فصلفي سراريِّه

- ‌فصلفي مواليه

- ‌فصلفي خُدَّامه

- ‌فصلفي كُتّابه

- ‌فصلفي كتبه التي كتبها إلى أهل الإسلام في الشرائع

- ‌فصلفي رسله صلى الله عليه وسلم وكتبه إلى الملوك

- ‌فصلفي مؤذِّنيه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصلفي أمرائه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصلفي حَرَسه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصلفيمن كان يضرب الأعناق بين يديه

- ‌فصلفيمن كان على نفقاته وخاتمه ونعله وسواكه ومن كان يأذن عليه

- ‌فصلفي شعرائه وخطبائه

- ‌فصلفي غزواته وبعوثه وسراياه

- ‌فصلفي دوابه

- ‌فصلفي ملابسه

- ‌فصلفي هديه وسيرته صلى الله عليه وسلم في نومه وانتباهه

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في الركوب

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في معاملته

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في مشيه وحده ومع أصحابه

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في الفطرة وتوابعها

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في قصِّ الشارب

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في خطبه

- ‌فصول في هديه في العبادات

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في الصلاة

- ‌ جلسة الاستراحة

- ‌ الالتفات في الصلاة

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في سجود السهو

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في السنن الرواتب

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في قيام الليل

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في صلاة الضحى

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في الجمعة وذكر خصائص يومها

- ‌فصلفي مبدأ الجمعة

- ‌ الثالثة: صلاة الجمعة

- ‌ الرابعة: الأمر بالاغتسال في يومها

- ‌ الخامسة: التطيُّب فيه

- ‌ السادسة: السِّواك فيه

- ‌ السابعة: التبكير إلى الصلاة

- ‌ التاسعة: الإنصات للخطبة

- ‌ العاشرة: قراءة سورة الكهف

- ‌العشرون: أن فيه ساعة الإجابة

- ‌الثانية والعشرون: أنَّ فيه الخطبة

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في خطبه

- ‌ الجمعة كالعيد لا سنَّة لها قبلها

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في العيدين

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في سفره وعبادته فيه

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في عيادة المرضى

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في الجنائز

- ‌فصلفي هديه صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف

الفصل: ‌العشرون: أن فيه ساعة الإجابة

وفي «مسند أحمد»

(1)

من حديث أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اغتسل يوم الجمعة، ثم لبس ثيابه ومسَّ طيبًا إن كان عنده، ثم مشى إلى الجمعة وعليه السكينة، ولم يتخطَّ أحدًا ولم يؤذه، وركع ما قُضي له، ثم انتظر حتى ينصرف الإمام= غُفِر له ما بين الجمعتين» .

التاسعة عشر: أنَّ جهنَّم تُسْجَر كلَّ يوم إلا يوم الجمعة. وقد تقدَّم حديث أبي قتادة في ذلك. وسرُّ ذلك ــ والله أعلم ــ أنه أفضل الأيام عند الله ويقع فيه من العبادات والطاعات والدعوات والابتهال إلى الله سبحانه ما يمنع من سَجْر جهنَّم فيه. ولذلك تكون معاصي أهل الإيمان فيه أقلَّ من معاصيهم في غيره، حتى إنَّ أهل الفجور ليمتنعون فيه مما لا يمتنعون منه في يوم السبت وغيره.

وهذا الحديث، الظاهر أنَّ المراد منه سَجْر جهنَّم في الدنيا، وأنها توقد كلَّ يوم إلا يوم الجمعة. وأما يوم القيامة، فإنَّها لا يفتُر عذابها، ولا يخفَّف عن أهلها الذين هم أهلُها يومًا من الأيام. ولذلك يدعُون الخزَنةَ أن يدعوا ربَّهم، فيخفِّفَ

(2)

عنهم يومًا من العذاب، فلا يجيبونهم إلى ذلك.

‌العشرون: أن فيه ساعة الإجابة

، وهي الساعة التي لا يُسأل الله فيها شيئًا إلا أعطاه. ففي «الصحيحين»

(3)

من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ في الجمعة لساعةً لا يوافقها مسلمٌ وهو قائم يصلِّي يسأل الله عز وجل شيئًا إلا أعطاه إياه» وقال بيده يقلِّلها.

(1)

برقم (21729)، وهو منقطع بين حرب بن قيس وأبي الدرداء.

(2)

ك: «ليخفف» . ع: «أن يخفف» .

(3)

البخاري (935، 5294، 6400) ومسلم (852).

ص: 478

وفي «المسند»

(1)

من حديث أبي لُبابة

(2)

البدري

(3)

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سيِّد الأيام يوم الجمعة وأعظمها عند الله، وأعظم عند الله من يوم الفطر ويوم الأضحى. وفيه خمس خِلال: خلق الله آدم فيه. وأهبط الله فيه آدم

(4)

إلى الأرض. وفيه توفَّى الله عز وجل آدم

(5)

. وفيه ساعة لا يسأل العبد فيها شيئًا إلا آتاه الله إياه، ما لم يسأل فيه حرامًا. وفيه تقوم الساعة. ما من ملك مقرَّب ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا شجر

(6)

إلا هن يشفقن

(7)

من يوم الجمعة».

فصل

وقد اختلف الناس في هذه الساعة: هل هي باقية أو قد رُفعت؟ على قولين حكاهما ابن عبد البر وغيره

(8)

. والذين قالوا: هي باقية ولم تُرفَع، اختلفوا هل هي في وقت من اليوم بعينه أو هي غير معيَّنة؟ على قولين. ثم اختلف من قال بعدم تعيُّنها

(9)

: هل هي تنتقل في ساعات اليوم أو لا؟ على

(1)

برقم (15548)، فيه ضعف، وقد تقدم في الخاصة الثالثة عشرة.

(2)

ك، ع، مب:«أمامة» ، تحريف.

(3)

تحرف في الطبعات القديمة إلى «المنذري» ، فأصلحه الفقي:«بن عبد المنذر» ، وكذا في طبعة الرسالة، وهو صحيح ولكن النص ابتعد من الأصل أكثر مما سبق.

(4)

ك، ع:«آدم فيه» .

(5)

«وفيه توفى

آدم» ساقط من ك، مستدرك في ع.

(6)

ص، ج:«بحر» .

(7)

ج: «وهو يشفق» .

(8)

انظر: «الاستذكار» (2/ 38).

(9)

ما عدا ق، م، ن:«تعيينها» ، وكذا في السطر التالي:«بتعيينها» .

ص: 479

قولين أيضًا. والذين قالوا بتعيُّنها اختلفوا فيه على أحد عشر

(1)

قولًا.

قال ابن المنذر

(2)

: روينا عن أبي هريرة أنه قال: هي من بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وبعد صلاة العصر إلى غروب الشمس.

القول الثاني: أنها عند الزوال. ذكره ابن المنذر عن الحسن البصري وأبي العالية.

الثالث: أنها إذا أذَّن المؤذن لصلاة الجمعة. قال ابن المنذر: روِّينا ذلك عن عائشة.

الرابع: أنها إذا جلس الإمام على المنبر حتى يفرغ. قال ابن المنذر: روِّيناه عن الحسن البصري.

الخامس قاله أبو بردة: هي الساعة التي اختار الله وقتها للصلاة.

السادس قاله أبو السَّوَّار

(3)

العَدَوي. قال: كانوا يرون أنَّ الدعاء مستجابٌ ما بين زوال الشمس إلى أن تدخل الصلاة.

السابع قاله أبو ذر: إنها ما بين أن تزيغ

(4)

الشمس شبرًا إلى ذراع.

الثامن: أنها ما بين العصر إلى غروب الشمس. قاله أبو هريرة

(5)

وعبد الله بن سلام وطاوس.

(1)

ج، صم:«إحدى عشرة» .

(2)

في «الإشراف» (2/ 82).

(3)

في موضع «السوار» بياض في صم.

(4)

ك، ع:«ترتفع» .

(5)

في النسخ المطبوعة بعده زيادة: «عطاء» خلافًا للأصول ومصدر النقل.

ص: 480

حكى ذلك كله ابن المنذر

(1)

.

التاسع: أنها آخر ساعة بعد العصر. وهو قول أحمد وجمهور الصحابة والتابعين

(2)

.

العاشر: أنها من حين خروج الإمام إلى فراغ الصلاة. حكاهما

(3)

النواوي

(4)

وغيره.

الحادي عشر: أنها الساعة الثالثة من النهار. حكاه صاحب «المغني»

(5)

فيه.

وقال كعب: لو قسم إنسان جُمَعَهً في جُمَعٍ أتى على تلك الساعة

(6)

. وقال عمر

(7)

: إنَّ طلبَ حاجةٍ في يوم ليسيرٌ.

وأرجح هذه الأقوال: قولان تضمَّنتهما الأحاديث الثابتة، وأحدهما أرجح من الآخر.

القول الأول: إنها ما بين جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة. وحجَّة هذا

(1)

في «الإشراف» (2/ 82، 83)، وانظر:«الأوسط» (4/ 7 - 12).

(2)

الجملة «وهو قول أحمد

التابعين» لم ترد في صم، ج.

(3)

ص، ق، م، مب، ن:«حكاه» .

(4)

ج، ع، مب:«النووي» . وقد نقل القولين في «شرح صحيح مسلم» (6/ 146) عن القاضي عياض.

(5)

(3/ 238).

(6)

انظر: «الإشراف» (2/ 83) و «الأوسط» (4/ 13) و «المغني» (3/ 238).

(7)

كذا في جميع النسخ والمطبوع. وقد عزاه ابن المنذر في كتابيه المذكورين إلى ابن عمر، والمؤلف صادر عن «الإشراف» كما سبق. وانظر:«المغني» (3/ 238).

ص: 481

القول ما رواه مسلم في «صحيحه»

(1)

من حديث أبي بردة بن أبي موسى: أنَّ عبد الله بن عمر قال له: أسمعت أباك يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ساعة الجمعة

(2)

؟ قال: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تُقضى الصلاة» .

وروى ابن ماجه والترمذي

(3)

من حديث عمرو بن عوف المزَني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ في الجمعة ساعةً لا يسأل الله العبد فيها شيئًا إلا آتاه الله إياه» . قالوا: يا رسول الله، أية ساعة هي؟ قال:«حين تقام الصلاة إلى انصرافٍ منها» .

والقول الثاني: إنها بعد العصر. وهذا أرجح القولين، وهو قول عبد الله بن سلام وأبي هريرة والإمام أحمد

(4)

وخلق. وحجة هذا القول ما روى أحمد في «مسنده»

(5)

من حديث أبي سعيد وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم

(1)

برقم (853).

(2)

في النسخ المطبوعة بعده زيادة: «شيئًا» ، ولم ترد في الأصول ولا في «الصحيح» .

(3)

ابن ماجه (1138) والترمذي (490)، وأخرجه عبد بن حميد (291) والبزار (8/ 316) والطبراني في «الكبير» (17/ 14) و «الدعاء» (182) والبيهقي في «شعب الإيمان» (2721) من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده. قال الحافظ في «فتح الباري» (2/ 419):«وقد ضعَّف كثيرٌ روايةَ كثيرٍ» .

(4)

رواه عنه الكوسج في «مسائله» برقم (529).

(5)

برقم (7688) من طريق عبد الرزاق (5584)، وأخرجه من طريق عبد الرزاق أيضًا العقيليُّ في «الضعفاء» (5/ 398) والطبراني في «الدعاء» (179)، وليس عند الطبراني قوله:«وهي بعد العصر» . وفيه العباس عن محمد بن مسلمة الأنصاري، كلاهما مجهول. قال البخاري في «التاريخ الكبير» (1/ 239) في ترجمته بعد ذكر حديثه هذا:«لا يتابع عليه» ، وانظر:«الكامل» لابن عدي (9/ 374). وقال العقيلي: «والرواية في فضل الساعة التي في يوم الجمعة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير هذا الوجه. وأما التوقيت فالرواية فيه ليِّنة، والعباس رجل مجهول لا نعرفه، ومحمد بن مسلمة أيضًا مجهول» .

ص: 482

قال: «إنَّ في الجمعة ساعةً لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه، وهي بعد العصر» .

وروى أبو داود والنسائي

(1)

عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يوم الجمعة اثنتا عشرة

(2)

ساعةً، فيها ساعة لا يوجد مسلمٌ يسأل الله فيها شيئًا إلا أعطاه، فالتمِسوها آخرَ ساعة بعد العصر».

وروى سعيد بن منصور في «سننه»

(3)

عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن أن ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعوا، فتذاكروا الساعة التي في يوم الجمعة، فتفرَّقوا، ولم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة.

وفي «سنن ابن ماجه»

(4)

عن عبد الله بن سلام قال: قلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

أبو داود (1048) والنسائي في «المجتبى» (1389) و «الكبرى» (1709)، وأخرجه ابن وهب في «الجامع» (229 - ط. دار الوفاء) والطبراني في «الدعاء» (184) والبيهقي (3/ 250)، حسن إسناده الحافظ في «فتح الباري» (2/ 420)، والحديث صححه الألباني في «صحيح أبي داود- الأم» (4/ 216).

(2)

في ص، ق، م:«اثنا عشرة» . وفي غيرهما: «اثنا عشر» . والمثبت من «سنن أبي داود» والنسائي.

(3)

من طريقه أخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (4/ 11، 12)، وكذلك عزاه إليه الضياء المقدسي في «السنن والأحكام» (2/ 351) وابن الملقن في «التوضيح» (7/ 620) والحافظ في «فتح الباري» (2/ 421) وصحَّح إسناده.

(4)

برقم (1139)، وأخرجه أحمد (23781) وأحمد بن علي المروزي في «الجمعة وفضلها» (4) وابن خزيمة (فتح الباري- 2/ 420) والطبراني (13/ 168) والضياء المقدسي في «المختارة» (9/ 444). ومداره على الضحاك بن عثمان وهو حسن الحديث. والحديث صححه الحافظ في «نتائج الأفكار» (2/ 434، 435). وانظر: «فتح الباري» لابن رجب (5/ 401 وما بعده).

ص: 483

جالس: إنَّا لَنجد في كتاب الله في يوم الجمعة ساعةٌ لا يوافقها عبد مؤمن يصلِّي يسأل الله عز وجل فيها شيئًا إلا قضى الله

(1)

له حاجته. قال عبد الله: فأشار إليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أو بعضُ ساعة» . فقلت: صدقتَ يا رسول الله

(2)

، أو بعض ساعة. قلت: أيُّ ساعة هي؟ قال: «آخر ساعة من ساعات النهار» . قلت: إنها ليست ساعة صلاة. قال: «بلى، إنَّ العبد المؤمن إذا صلّى ثم جلس لا يُجْلِسه

(3)

إلا الصلاة فهو في صلاة».

وفي «مسند أحمد»

(4)

من حديث أبي هريرة قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: لأيِّ شيءٍ سمِّي يوم الجمعة؟ قال: «لأنَّ فيها طُبِعت طينة أبيك آدم، وفيها الصعقة والبعثة، وفيها البطشة. وفي آخر ثلاث ساعاتٍ منها ساعةٌ مَن دعا الله عز وجل فيها استجيب له» .

وفي سنن أبي داود والترمذي والنسائي

(5)

من حديث أبي سلَمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خيرُ يومٍ طلعت فيه

(1)

لم يرد لفظ الجلالة في ص، ج، ك.

(2)

لم يرد: «يا رسول الله» في ص، ج.

(3)

كذا في جميع النسخ. وفي مطبوعة «السنن» : «يحبسه» .

(4)

برقم (8102)، ضعيف، وقد تقدم.

(5)

أبو داود (1046) والترمذي (491) والنسائي في «المجتبى» (1430) و «الكبرى» (9840)، وقد تقدم.

ص: 484

الشمس يومُ الجمعة. فيه خُلِق آدم، وفيه أُهْبِط، وفيه تِيبَ عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة. وما من دابَّة إلا وهي مُصِيخة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقًا من الساعة إلا الجنَّ والإنسَ. وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلِّي يسأل الله عز وجل حاجةً إلا أعطاه إياها». قال كعب: ذلك في كلِّ سنة يومٌ؟ فقلت: بل في كلِّ جمعة. قال: فقرأ كعب التوراة، فقال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال أبو هريرة: ثم لقيتُ عبد الله بن سلام، فحدَّثته بمجلسي مع كعب، فقال عبد الله بن سلام: وقد علمتُ أية ساعة هي. قال أبو هريرة: فقلت: أخبِرني بها. فقال عبد الله بن سلام: هي آخرُ ساعةٍ من يوم الجمعة. فقلت: كيف هي آخرُ ساعةٍ من يوم الجمعة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلِّي» ، وتلك الساعة لا يصلَّى فيها؟ فقال عبد الله بن سلام: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جلس مجلسًا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلِّي» ؟ قال: فقلت: بلى. قال

(1)

: هو ذاك. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وفي «الصحيحين»

(2)

بعضه.

وأما من قال: إنها من حين يفتتح

(3)

الخطبةَ إلى فراغه من الصلاة، فاحتجَّ بما روى مسلم في «صحيحه»

(4)

عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري قال: قال عبد الله بن عمر: أسمعتَ أباك يحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)

«قال» ساقط من ق.

(2)

البخاري (935، 5294، 6400) ومسلم (852، 854).

(3)

ق، م:«تفتتح» . وفي ص بالياء والتاء معًا. وبعده في المطبوع زيادة: «الإمام» .

(4)

برقم (853)، وقد تقدم. ولعل المؤلف صادر هنا عن كتاب «السنن والأحكام» للضياء المقدسي (2/ 350).

ص: 485

في شأن ساعة الجمعة؟ قال: قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن يقضي الإمام الصلاة» .

وأما من قال: هي ساعة الصلاة، فاحتجُّوا بما رواه الترمذي وابن ماجه

(1)

من حديث عمرو بن عوف المزَني قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن في الجمعة ساعةً لا يسأل الله العبد فيها شيئًا إلا آتاه الله إياه» . قالوا: يا رسول الله، أية ساعة هي؟ قال:«حين تقام الصلاة إلى انصرافٍ منها» . ولكن هذا الحديث ضعيف، قال أبو عمر بن عبد البر

(2)

: هو حديث لم يروه فيما علمتُ إلا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جدِّه، وليس هو ممن يُحتجُّ به

(3)

.

وقد روى رَوح بن عبادة

(4)

، عن عوف، عن معاوية بن قرة، عن أبي بردة بن

(5)

أبي موسى أنه قال لعبد الله بن عمر: هي الساعة التي يخرج فيها الإمام إلى أن تُقضى الصلاة. فقال ابن عمر: أصاب الله بك!

وروى عبد الرحمن بن حُجَيرة

(6)

عن أبي ذرٍّ أنَّ امرأته سألته عن

(1)

الترمذي (490) وابن ماجه (1138)، وقد تقدم.

(2)

في «الاستذكار» (5/ 84)، وانظر:«التمهيد» (19/ 21).

(3)

في خ، النسخ المطبوعة:«بحديثه» . وفي «الاستذكار» كما أثبت من الأصول.

(4)

أسنده ابن عبد البر في «التمهيد» (19/ 22)، وانظر:«الاستذكار» (5/ 84، 85). وبنحوه أشار إلىه ابن رجب في «الفتح» له (5/ 407) من طريق واصل بن حيان عن أبي بردة به، أخرجه ابن أبي شيبة (5506).

(5)

في النسخ المطبوعة: «عن» ، تحريف.

(6)

ذكره ابن عبد البر في «الاستذكار» (5/ 85)، وانظر:«التمهيد» (19/ 23). وأخرجه ابن المنذر في «الأوسط» (4/ 10 - 11) والطبراني في «الدعاء» (183).

ص: 486

الساعة التي يستجاب فيها يوم الجمعة للعبد المؤمن، فقال لها: مع زَيغ

(1)

الشمس بيسير

(2)

. فإن سألتني

(3)

بعدها فأنت طالق!

واحتجَّ هؤلاء أيضًا بقوله في حديث أبي هريرة: «وهو قائم يصلِّي» ، وبعد العصر لا صلاة في ذلك الوقت، والأخذُ بظاهر الحديث أولى.

قال أبو عمر

(4)

: ويحتجُّ أيضًا مَن ذهب إلى هذا بحديث عليٍّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا زالت الشمس، وفاءت الأفياء، وراحت الأرواح؛ فاطلبوا إلى الله حوائجكم، فإنها ساعة الأوابين» . ثم تلا: {إِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} [الإسراء: 25].

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الساعة التي تُذكَر يوم الجمعة: ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، وكان سعيد بن جبير إذا صلَّى العصر لم يكلِّم أحدًا حتى تغرب الشمس

(5)

.

وهذا القول هو قول أكثر السلف، وعليه أكثر الأحاديث. ويليه القول بأنها ساعة الصلاة. وبقية الأقوال لا دليل عليها. وعندي أنَّ ساعةَ الصلاة

(1)

ق: «رفع» ، وكذا في النسخ المطبوعة، وهو تصحيف.

(2)

في «الاستذكار» و «التمهيد» بعده: «إلى ذراع» .

(3)

ج، ص، صم:«سألتيني» ، وكذا في «الأوسط» (4/ 12).

(4)

في «الاستذكار» (5/ 86)، وانظر:«التمهيد» (19/ 23).

(5)

«الاستذكار» (5/ 86). والأثر وصله ابن عبد البر في «التمهيد» (19/ 23، 24). وأخرج عبد الرزاق (5577) نحوه عن عطاء عن أبي هريرة موقوفًا عليه من قوله. وأخرجه ابن أبي شيبة (5504) عن عطاء عن ابن عباس وأبي هريرة كليهما. وانظر: «العلل» للدارقطني (2152).

ص: 487

ساعةٌ ترجى فيها الإجابة أيضًا، فكلاهما ساعة إجابة. وإن كانت الساعة المخصوصة هي آخرَ ساعة بعد العصر، فهي ساعة معيَّنة من اليوم، لا تتقدَّم ولا تتأخَّر. وأمَّا ساعة الصلاة فتابعة للصلاة، تقدَّمت أو تأخَّرت، لأنَّ لاجتماع المسلمين وصلاتهم وتضرُّعهم وابتهالهم إلى الله تأثيرًا في الإجابة، فساعةُ اجتماعهم ساعةٌ ترجى فيها الإجابة. وعلى هذا، فتتفق الأحاديث كلُّها، ويكون النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قد حضَّ أمَّتَه على الدعاء والابتهال إلى الله في هاتين الساعتين.

ونظير هذا: قوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن المسجد الذي أُسِّس على التقوى فقال: «هو مسجدكم هذا» ، وأشار إلى مسجد المدينة

(1)

. وهذا لا ينفي أن يكون مسجد قباء الذي نزلت فيه الآية مؤسَّسًا على التقوى، بل كلٌّ منهما مؤسَّس على التقوى. فكذلك قوله في ساعة الجمعة:«هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تُقضى الصلاة»

(2)

لا ينافي قولَه في الحديث الآخر: «فالتمِسُوها آخرَ ساعة بعد العصر»

(3)

.

ويشبه هذا في الأسماء قوله صلى الله عليه وسلم: «ما تعدُّون الرَّقوب فيكم؟» . قالوا: مَن لم يولد له. قال: «الرَّقوب مَن لم يقدِّم مِن ولده شيئًا»

(4)

. فأخبر أن هذا هو الرقوب، إذ لم يحصل له من ولده من الأجر ما حصل لمن قدَّم منهم فَرَطًا.

(1)

أخرجه مسلم (1398) من حديث أبي سعيد الخدري.

(2)

أخرجه مسلم (853) من حديث عبد الله بن عمر، وقد تقدم.

(3)

أخرجه أبو داود (1048) والنسائي في «المجتبى» (1389) و «الكبرى» (1709) من حديث جابر بن عبد الله، وقد تقدم.

(4)

جزء حديث أخرجه مسلم (2608) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

ص: 488

وهذا لا ينفي أن يسمَّى من لم يولد له رقوبًا.

ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: «ما تعدُّون المفلس فيكم؟» . قالوا: مَن لا درهم له ولا متاع. قال: «المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال، ويأتي قد لطَم هذا، وضرَب هذا، وسفَك دم هذا؛ فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته

»

(1)

الحديث.

ومثله قوله: «ليس المسكين بهذا الطوَّاف الذي تردُّه اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين: الذي لا يسأل الناس، ولا يُفطَن له فيُتصدَّقَ عليه»

(2)

.

وهذه الساعة ــ وهي آخر ساعة بعد العصر ــ يعظِّمها جميع الملل

(3)

. وعند أهل الكتاب

(4)

هي ساعة الإجابة، وهذا مما لا غرض لهم في تبديله وتحريفه، وقد اعترف به مؤمنوهم.

وأما من قال بتنقُّلها، فرامَ الجمعَ بذلك بين الأحاديث، كما قيل ذلك في ليلة القدر. وهذا ليس بقوي، فإنَّ ليلة القدر قد قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم:«فالتمِسُوها في خامسةٍ تبقى، في سابعة تبقى، في تاسعة تبقى»

(5)

، ولم يجئ

(1)

أخرجه مسلم (2581) من حديث أبي هريرة.

(2)

أخرجه مالك (2672) ومسلم (1039) كلاهما من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. وانظر كلام المؤلف على هذه الأحاديث في الرقوب والمفلس والمسكين في «طريق الهجرتين» (2/ 879 - 880).

(3)

ق، م:«الملك» ، تحريف.

(4)

ج، صم:«الكتابين» .

(5)

أخرجه البخاري (2021) من حديث عبد الله بن عباس.

ص: 489

مثل ذلك في ساعة الجمعة. وأيضًا فالأحاديث التي في ليلة القدر ليس فيها حديث صريح بأنها ليلة كذا وكذا، بخلاف أحاديث ساعة الجمعة، فظهر الفرق بينهما.

وأما قول من قال: رُفِعت

(1)

، فهو نظير قول من قال: رُفِعت ليلة القدر. وهذا القائل إن أراد أنها كانت معلومةً، فرُفِع علمُها عن الأمة؛ فيقال له: لم يُرفَع علمُها عن كلِّ الأمة، وإن رُفِع عن بعضهم. وإن أراد أنَّ حقيقتها وكونَها ساعةَ إجابة رُفِعت، فقول باطل مخالف للأحاديث الصحيحة الصريحة، فلا يعوَّل عليه. والله أعلم.

الحادية والعشرون: أنَّ فيه

(2)

صلاة الجمعة التي خُصَّت من بين سائر الصلوات المفروضات بخصائص لا توجد في غيرها: من الاجتماع، والعدد المخصوص، واشتراط الإقامة

(3)

والاستيطان، والجهر فيها بالقراءة. وقد جاء من التشديد فيها ما لم يأت نظيره إلا في صلاة العصر. ففي «السنن الأربعة»

(4)

من حديث أبي الجَعْد الضَّمْري ــ وكانت له صحبة ــ أنَّ رسول

(1)

في النسخ المطبوعة: «إنها رفعت» ، وكذلك فيما يأتي:«قال إن ليلة القدر رفعت» ، ولعل ذلك تصرُّف من بعض النساخ.

(2)

ما عدا ق، م، مب:«فيها» .

(3)

ما عدا ص، ق، م، ن:«الإمامة» ، تصحيف.

(4)

أبو داود (1052) والترمذي (500) والنسائي في «المجتبى» (1369) و «الكبرى» (1668) وابن ماجه (1125)، وأخرجه الشافعي في «الأم» (2/ 430) وأحمد (15498) والبيهقي (3/ 172، 247)، وصححه ابن خزيمة (1858) وابن حبان (2786) والحاكم (1/ 280، 3/ 624) والألباني في «صحيح أبي داود- الأم» (4/ 218 - 220). وانظر لشواهده: «البدر المنير» (4/ 583 - 589).

ص: 490

الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ترك ثلاثَ جُمَع تهاونًا طبع الله على قلبه» . قال الترمذي: حديث حسن، وسألت محمدًا عن اسم أبي الجعد الضَّمْري فلم يعرف

(1)

اسمه، وقال: لا أعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث.

وقد جاء في «السنن» عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمرُ لمن تركها أن يتصدَّق بدينار فإن لم يجد فبنصف دينار. رواه أبو داود والنسائي

(2)

من رواية قُدامة بن وَبْرة عن سَمُرة بن جندب. ولكن قال أحمد

(3)

: قدامة بن وبرة لا يُعرف. وقال يحيى بن معين: ثقة

(4)

. وحكي عن البخاري: لا يصحُّ سماعه من سَمُرة بن جندب

(5)

.

وأجمع المسلمون على أن الجمعة فرض عين إلا قولًا يحكى عن الشافعي إنها فرض كفاية. وهو غلط عليه، منشؤه أنه قال: وأما صلاة العيد فتجب على من تجب عليه صلاة الجمعة. فظنَّ هذا القائل أن العيد لما كانت

(1)

في طبعة الرسالة: «وسألت محمد بن إسماعيل

الضمري فقال: لم يعرف». وهو تصرف في المتن. وقد تصرفت فيه الطبعات السابقة أيضًا على أنحاء مختلفة.

(2)

أبو داود (1503) والنسائي في «المجتبى» (1372) و «الكبرى» (1673)، قال البخاري في «التاريخ الكبير» (4/ 177):«لا يصح حديث قدامة في الجمعة» . وقد روي مرسلًا، وهو الذي صوَّبه أحمد في «العلل» برواية عبد الله (367) وأبو حاتم في «العلل» لابنه (563). وانظر:«ضعيف أبي داود- الأم» (9/ 401 - 405).

(3)

«العلل» برواية ابنه عبد الله (367)

(4)

نقله عنه سعيد بن عثمان الدارمي في «تاريخه» عنه (699).

(5)

نقله عنه العقيلي في «الضعفاء» (5/ 142). ولم يرد «بن جندب» في ق، م وكذا في النسخ المطبوعة.

ص: 491