الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الورقة الثانية منه ما يشير إلى أنه الجزء الحادي والعشرون (أو الحادي والثلاثون) من فصل الخطاب، وكذلك وجود الجزءين الأولين المتعلقين بمظاهر الطبيعة، ولكن حتى لو أدرجنا كل ما عددناه من مؤلفات التيفاشي ضمن هذه الموسوعة فإن ذلك لا يفي بالمطلوب. على أن بعض المؤلفات كان منذ البداية على شكل كتاب مستقل، فسيف الدين المشد يعد " المسالك " كتاباً مستقلاً إلى جانب " فصل الخطاب "، وشرح شعر ابن هاني لا يمكن أن يدخل في الموسعة، والدرة الفائقة كتاب منفرد أهداه المؤلف لابن العديم، وهناك كتب في شؤون الباه - إذا صحت نسبتها إلى التيفاشي - لا يمكن أن تندرج كلها في الموسوعة، وهكذا، وإذن فإن شيئاً غامضاً لا يزال يحف بتلك الموسوعة، وربما ظل الحال كذلك لأنها فقدت، ولم يرها أحد مكتملة، حتى ولا ابن منظور نفسه.
2 - سرور النفس وصلته بفصل الخطاب:
لنقل إذن إن ابن منظور حصل على أكبر عدد من أجزاء تلك الموسوعة فماذا فعل فيها؟ يقول الصفدي إنه اختصرها في عشرة مجلدات وسماها سرور النفس (1) وهو يحدثنا أنه لم يطلع على فصل الخطاب لكنه رأى سرور النفس (2) ، ثم إن الصفدي يفرد الحديث عن كتاب التيفاشي في الأحجار، مما قد يشير إلى أنه لم يكن جزءاً من سرور النفس الذي رآه.
من تلك المجلدات العشرة - إن صح كلام الصفدي - ليس لدينا من سرور النفس إلا جزءان أحدهما سماه المؤلف الأصلي: " نثار الأزهار في الليل والنهار " والثاني سماه: " طل الأسحار على الجلنار في الهواء والنار "(3) .
ومعنى ذلك أن ثمانية أجزاء من تلخيص ابن منظور قد صاغت؛ ومما قد يؤكد هذا الضياع شواهد معينة:
أولها: أن القلقشندي ينقل عن سرور النفس في تحديد الشام فيقول: وطوله
(1) نكت الهميان: 276.
(2)
الوافي 8: 288.
(3)
هذا ينقض قول حسن حسني عبد الوهاب (2: 457) أن ابن منظور غير أسماء الأجزار، لأن ابن منظور ينص على ذلك بقوله مثلاً: الجزء الأول من هذا الكتاب سماه - يعني التيفاشي - نثار الأزهار في الليل والنهار، فهو على هذا لم يغير أسماء الأجزار.
أكثر من شهر (1) ، وهذا يعني أن سرور النفس يحوي جزءاً جغرافياً. إذ إن هذا القول في الشام لا يرد في الجزءين اللذين وصلانا من الكتاب.
وثانيهما: أن السخاوي نقل عن ابن الاكفاني مؤلف " إرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد " ما يفيد أن " فصل الخطاب " يعد بين كتب التاريخ التي تدمع بين عيون الأخبار ومستحسنات الأشعار كالعقد والتذكرة الحمدونية وغيرهما (2) .
وثالثها: أن الغزولي ينقل في مطالع البدور قطعة عن الشراب يذكر أن مصدرها سرور النفس ولا وجود لها في الجزءين اللذين نعرفهما، وهذه هي القطعة:
قال التيفاشي في كتابه: سرور النفس بمدارك الحواس الخمس - وهو عدة مجلدات - إنني لما رأيت لهج الخلفاء والملوك وشغف جمهور الأمم من العرب والعجم بشرب شراب العنب واختلاف مذاهبهم في استعماله، مع الاتفاق على الميل إليه، على تباين نحلهم، - وقد ذكر عن الأحنف بن قيس أن رجلاً قال له: يا أبا بحر ما ألذ الأشربة؟ فقال له: الخمر، فقال: كيف علمت ولم تذقها؟ قال: لأني رأيت من أحلت له لا يصبر عنها، ورأيت من حرمت عليه يخطئ البهائم [؟]- ووجدت جل من يستعمل هذا المشروب لا يفي له خيرة بشره، ولا يقوم نفعه بضره، وذلك لجهله بوجه استعماله، فإن من المعلوم أن الخمر إنما المقصود من شربها منفعتان، إحداهما للنفس بالتفريح ونفي الهموم، وأخراهما للبدن بحفظ صحته عليه ونفي الأمراض النازلة به، وتحقق عند كل من له أدنى مسكة من عقل أنها إذا استعملت على غير ما ينبغي انعكست هاتان المنعتان مضرتين، فصار عوض السرور هما وغما وضجراً وسوء خلق، وعوض الصحة مرضاً مزمناً، أو موتاً فجأة، حسب ما نشرحه، إلا أنه لا يقتصر الأمر على عكس هاتين المنفعتين فقط، بل يتعدى إلى مضار أخرى عظيمة، إن سلمت المهجة، كذهاب العقل والمال والجاه والذكر الجميل، بل لا يقف الأمر على ذلك، بل يتعدى الضرر إلى الأعقاب، فإن الحكماء أجمعوا قاطبة على أن مدمن الخمر لا ينجب، وإن أنجب كان الولد أحمق، انتهى كلام التيفاشي (3) .
(1) صبح الأعشى 4: 77.
(2)
الاعلان بالتوبيخ في ((علم التاريخ عند المسلمين)) تأليف فرانز روزنتال وترجمة الدكتور صالح أحمد العلي (بغداد 1963) 425، 705.
(3)
مطالع البدور 1: 143 ونقل النواحي بعضه في حلبة الكميت: 16.
ما لنجومِ الليل لا تغربُ
…
كأنها من خلفها تُجْذَبُ
رواكدٌ ما غاب في غربها
…
ولا بدا مِنْ شرقها كوكب 65 - آخر (1) :
كأن بهيمَ الليلِ أعمى مقيَّدٌ
…
تحيَّرَ في تيهٍ من الأرضِ مَجْهَلِ
كأنَّ الظلامَ حين أرخى سُدُولَهُ
…
يبيتُ على ليلٍ بليلٍ مُوَصَّل 66 - ابن الرقاع (2) :
وكأنّ ليلي حينَ تغربُ شمسُهُ
…
بسوادِ آخرَ مثلِهِ مَوْصُولُ
أَرعى النجومَ إذا تغيَّبَ كوكبٌ
…
أَبصرتُ آخرَ كالسرّاجِ يجول 67 - أصرم بن حميد (3) :
وليلٍ طويلِ الجانبين قطعتُهُ
…
على كَمَدٍ والدمعُ تجري سواكبُهْ
كواكبه حَسْرى عليه كأنما
…
مقيَّدةٌ دون المسير كواكبه 68 - وذكر عمر بن شَبَّةَ أن الأصل في ذكر الليل الطويل بيت الحارث بن خالد وهو (4) :
تعالوا أَعينوني على الليلِ إنه
…
على كلِّ عينٍ لا تنامُ طويلُ ثم تبعه الناس.
69 -
بشار بن برد (5) :
خليلي ما بالُ الدُّجَى ليس يَبْرحُ
…
وما لِعَمودِ الصبح لا يتوضَّحُ
(1) تشبيهات ابن أبي عون: 207.
(2)
تشبيهات ابن أبي عون: 207 والمختار: 17 ونهاية الأرب 1: 139.
(3)
ذكره في الأغاني 22: 513، والبيتان في تشبيهات ابن أبي عون: 208 ونهاية الأرب 1: 139.
(4)
تشبيهات ابن أبي عون: 210 وشرح المختار: 19 وأمالي الزجاجي: 12 منسوباً لمسلم بن جندب والعقد 6: 423؛ وانظر ملحقات الديوان: 122.
(5)
ديوان بشار 2: 104 وشرح المختار: 12 ومنها بيتان في كل من ديوان المعاني 1: 350 ونهاية الأرب 1: 136 وحلبة الكميت: 305 وثلاثة في هر الآداب: 746 وتشبيهات ابن أبي عون: 207. ورسالة الطيف، الورقة: 152 ب (110) .
أضلَّ النهارُ المستنيرُ طريقَهُ
…
أَمِ الدهرُ ليلٌ كلُّهُ ليس يبرح
لطالَ عليّ الليلُ حتى كأنني
…
بليلين موصولين لا يتزحزح
أَظنُّ الدجى طالتْ وما طالتِ الدجى
…
ولكنْ أَطالَ الليلَ همّ مبرح 70 - وله (1) :
كأن جفونَهُ سُمِلَتْ بشوكٍ
…
فليس لنومه فيها قَرارُ
جَفَتْ عيني عن التغميضِ حتّى
…
كأنَّ جفونَها عنها قصار
أقولُ وليلتي تزدادُ طولاً
…
أما لليلِ بعدهمُ نهار 71 - شاعر:
صباحي ما لضوئك لا ينيرُ
…
وليلي ما لنجمك لا يغورُ؟!
أَقُيِّدَ كلُّ نجمٍ كان يجري
…
أمِ الظلماءُ حائرةً تدور 72 - أبو الفضل محمد بن عبد الواحد التميمي (2) :
يا ليل هلا انجليتَ عن فَلَقِ
…
طُلْتَ ولا صَبْرَ لي على الأَرَقِ
جَفَتْ لحاظي التغميضَ فيك فما
…
تُطْبِقُ أَجفانَها على الحَدق
كأنها صورةٌ مُمَثَّلَةٌ
…
ناظِرُهَا الدهرَ غيرُ منطبق 73 - التنوخي (3) :
وليلةِ مشتاقٍ كأنَّ نجومها
…
قد اغتصبت عيني الكرى فهي نُوَّمُ
كأن عيونَ الساهرين لطولها
…
إذا شَخَصَتْ للأنْجمِ الزُّهْرِ أَنجم 74 - جحظة البرمكي (4) :
وليلٍ في كواكبه حرانٌ
…
فليس لطولِ مُدَّتها انتهاءُ
(1) ديوان بشار 3: 247 وشرح المختار: 7 - 8 والزهرة: 290 وزهر الآداب: 747 وتشبيهات ابن أبي عون: 209 (بيتان) .
(2)
انظر في ترجمته الذخيرة 4/ 1: 87 والجذوة: 68 (البغية رقم: 209) ونفح الطيب 3: 111 - 116 وتتمة اليتيمة 1: 64 والوافي 4: 67 وكانت وفاته في حدود عام 455هـ؟.
(3)
اليتيمة 2: 338.
(4)
ورد البيت الثاني في مجموعة المعاني: 191 والبياتن في رسالة الطيف، الورقة: 153/ أ (110) وربيع الأبرار الورقة: 3/ أ.