الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثامن
في النار ذات اللهب وما يتعلّق بها، ونار النفط، والصعاعقة، ونار الفحم
والكوانين
1028 -
في التنزيل العزيز: (أفرأيتم النارَ التي تُورُونَ أأنتم أنشأتُمْ شَجَرَتَها أم نحنُ المنشئون)، تورون: أي تقتدحون، تقول وَرَيت الزناد فوري إذا قَدَحْتَ. وقوله:(نحنُ جَعَلْنَاهَا تذكرةً ومتاعاً لِلْمُقْوِين) . أي تذكر نار جهنّم، والمتاع ما يُنْتفع به، والمقوي في هذه الآية الداخل في الأرض القَواء، وهي الفيافي الخالية، وقيل: المقوون المسافرون، وهذا راجع إلى هذا المعنى، يقال أقوى الرجل إذا دخل في الأرض القواء، وأقوت الدار وأقوت الأرض وأقوى الطلل، أي صار قواه أي خالياً، والفقير والغني إذا أقويا سواء في الحاجة إلى النار، إذ لا شيء يُغنى عنها ولا يقوم مقامها.
1029 -
وأفضل (1) ما يتخذ منه الزناد شجرتا المرخِ والعفار، فكون الانثى هي الزَّنْدَة السفلى مَرْخاً، ويكون الذكر وهو الزَّند الأعلى عَفَاراً، واختُلِفَ في العفار فقيل: هو ضربٌ من المرخ، وقيل: هو شجر صغار تشبه صغار شجر الغبيراء، منظره من بعيد كمنطره، والمرخ ليست صفته كذلك، بل المرخ ينبت قضباناً سمحة طوالاً سُلُباً لا ورق لها. ولفضل هاتين الشجرتين في سُرعة الوري وكثرة النار سار قول العرب فيهما مثلاً فقالوا:" في كل الشجر نار، واستمجد المرخُ والعفار "(2) أي ذهبا بالمجد في ذلك، وكان الفضل لهما.
(1) متابع لأبي حنيفة الدينوري في كتاب النبات: 122 (وساشير إليه بالرمز: حد) .
(2)
المثل في فصل المقال: 202 والميداني 2: 14 وجمهرة العسكري 2: 92.
ومن (1) فضيلة المرخ في كثرة النار وسرعة الوري أنّه ربما كان المرخ مجتمعاً متلبداً (2) وهبت الريح، فحكّ بعضه بعضاً، فأورى فأخرق الوادي كلّه. قال أبو زياد: ولم أر ذلك في شيء من الشجر. وفي المثل " أرخ يديك واسترخ، إنّ الزناد من مرخ "(3) أي اقتدح على الهوينا فإن ذلك يجزئ (4) إذا كان زنادك مرخاً، فإن أخطأ الزند الذكر أن يكون عفاراً فالدّفلى خير ما جعل مكانه، والدّفلى جيدة ورية، والعرب تقول:" اقدحْ بدفلى في مرخ، ثم شدّ بعد (5) أو ارخ "(6) وذلك إذا حملت رجلاً فاحشاً على رجلٍ فاحشٍ. والمرخ في الدّفلى (7) أسرع شيء سقوط نار. وزعموا أن عراجين النخيل فاضلة في ذلك وريَّة الزناد؛ وقد يقتصر على المرخ وحده ويُجْعَل الزّنْدان منه.
1030 -
صفة الزندة (8) : عود مربع طولَ شبر أو أكثر، في عرض إصبع أو أشفَّ، وفي صفحاتها فُرَضٌ، وهي نُقَرٌ، الواحدة فُرْضَةٌ، وتجمع أيضاً فِراضاً، والزند الأعلى نحوها غير أنه مستدير وطرفه أدقُّ من سائره، وإذا أراد المقتدح الاقتداح وضع الزندة ذات الفراض بالأرض، ووضع رجليه على طرفيها، ثم جعل طرف الزند الأعلى في فُرْضَةٍ من فراضِ الزّندة، وقد تقدم، فهيّأ في الفرضة مجرىً للنار إلى جهة الأرض، يحز فيه بالسكين في جانب الفرضة، ثم فَتَل الزندة بكفيه كما يُفتل المِثْقَب، وقد ألقى في الفُرْضَة شيئاً من التراب يسيراً يبتغي بذلك الخُشْنَة ليكون الزند في الزندة، وقد جعل إلى جانب الفرضة عند مُفْضى الحز ريَّةً تأخذ فيها النار، فإذا فتل الزند لم يلبث الدخان أن يظهر، ثم تتبعه النار، تنحدر في الحز وتأخذ في الريّة، وتلك النار هي السِّقط - بكسر السين - والسَّقط - بالفتح - وكذلك الجنبن إذا سقط فهو سقط (1) ، ويقال في الجنين سُقط أيضاً - بالضم - فهكذا يُقْتَدَحُ
(1) حد: 124.
(2)
حد: ملتفاً.
(3)
المثل في فصل المقال: 202 وجمهرة العسكري 1: 172.
(4)
حد: مجزئ.
(5)
ص: تور بنبلاته.
(6)
المثل في فصل المقال: 203 والميداني 2: 31.
(7)
حد: والدفلى.
(8)
حد: 127.
(1)
حد: 124.
بالزناد. ولذلك شبّه عنترة حكَّ الذباب ذراعه بذراعه - وذلك (1) عادة في الذباب - باقتداح الأجذم، وهو المقطوع الكف، كأنّه إذا أراد الاقتداح وقد عدم كفيه احتاج إلى فَتْلِ الزند بذراعيه، قال ووصف عُشباً في روضة (2) :
(3)
وخلا الذبابُ بها فليس ببارحِ
…
هَزِجاً كفعلِ الشاربِ المترنمِ
هزجاً يحكُ ذراعَهُ بذراعِهِ
…
قَدْحَ (4) المكبِّ على الزنادِ الأَجذمِ فإذا خرجت النار من تلك الحكاكة فصارت في الرية، وهي خرقةٌ، ضمَّ القادح الخرقة عليها وطَرَحَ الزندين.
1013 -
قال أبو حنيفة (5) : ولا أعلم أحداً وصف الاقتداج بالزند وترشيح النار، من حين (6) سقطت شررةً إلى أن عَظُمَتْ، وَصْفَ ذي الرمة في قوله (7) :
وسقطٍ كعينِ الدّيكِ نازعتُ (8) صاحبي
…
أَباها وهيّأنا لمنزلها (9) وَكْرا
مُشَهَّرةٍ لا تُمْكنُ الفحلَ أُمُّها
…
إذا هيَ لم تُمْسَكْ (10) بأطرافها قسرا
أخوها أبوها والضوى لا يَضيرها
…
(11) وساقُ أبيها أمها عُقِرَتْ عَقْرا
قد انتُتِجَتْ من جانبٍ من جنوبها
…
عَواناً ومن جَنْبٍ إلى جَنْبِهِ بكرا
فلما بَدَتْ كَفَّنْتُها وهي طفلةٌ
…
بطلساءَ لم تكمُلْ ذراعاً ولا شبرا
وقلتُ له ارفعها إليك وأحيها
…
بروحك واقتَتْهُ لها قيتةً قَدْرا
(1) ص: ولذلك.
(2)
من معلقته المشهورة، انظر شرح القصائد السبع: 314 وشرح القصائد التسع: 477 وعده الجاحظ من التشبيهات العقم وأن عنترة غلب عليه حتى لو عرض له امرؤ القيس لافتضح، انظر الحيوان 3:127.
(3)
ص: بنازح.
(4)
حد: حك.
(5)
حد: 128.
(6)
ص: حيث.
(7)
ديوان ذي الرمة: 1426.
(8)
الديوان: عاورت.
(9)
الديوان: لموقعها.
(10)
الديوان: إذا نحن لم نمسك.
(11)
وقع. هذا البيت في الديوان بعد قوله ((فلما تنمت
…
البيت)) .
وظاهرْ لها مِنْ يابسِ الشَّخْتِ واستعنْ
…
عليها الصَّبا واجعلْ يديكَ لها سترا
فلما تَنَمَّتْ تأكلُ الرمَّ لم تدعْ
…
ذوابلَ مما يجمعون ولا خُضْرا السقط: سِقْطُ النار، وقوله " نازعت صاحبى اباها " يعني أنه اقتدح هو مرّة وصاحبه مرة، كأنّ الزند كبا عليه فتعاوراه، والوكر ما هيأ من رية لتقع فيها، والفحل هو الأب الذي ذكره هو فحل للزندة، والأم هي الزندة وقوله " أخوها أبوها " يعني أنهما من شجرة واحدة، ويريد بالساق ساق الشجرة، وعُقِرَتْ: قطعت. وأما الضَّوَى فهو تداني نسب الأبوين، وذلك مكروه يُخْشى منه الضوى، وهو الضعف في البدن وفي الرأي، وربما خرج الولد إذا اكتنفه الضوى من كل جانب عديم العقل، ولذلك قيل: تباعدوا في المناكح لا تضووا، وقيل: الغرائب أنجب. فأراد ذو الرمّة إنّ الزناد ليس مما يضره الضوى، وألغز في الوصف، وأما قوله:" قد انتتجت من جانب من جنوبها عوانا " يعني الزندة (1)، يقول: قد أقتدحت في فرضة من جنب من جنوبها عواناً، وذلك أنها فُرْضَة قد اقتدح فيها مرّة قبل ذلك، فهي من هذه الجهة عوان، واقتدحت من جانب آخر في فرضة جديدة لم يُقتدح فيها قبل ذلك، في من هذه الجهة بكر. وذكر بعض الأعراب أنهم يقتدحون في الفرضة الواحدة إلى أن يُنْفَذ إلى الوجه الآخر. وقوله " فلما بدت " يعني الشَّررة " وكفنتها "(2) ضمَّه إيّاها في الريّة، وكانت الريّة في هذه الحال خرقة طلساء، أي وسخة " لم تكمل ذراعاً ولا شبرا " لأن سقط النار يجتزئ بدون ذلك، وألغز في هذا أيضاً. وقوله " ارفعها إليك " فإنه خاطب صاحبه ذكر أنه نازعه القدح، فقال له، لمّا سقطت الشّررة وضمها في الرية: ارفعها إليك وانفخ فيها لتقوى، وهو معنى قوله وأَحْيِهَا بروحك. ثم قال:" واقتته لها " أي اجعل النفخ بمقدار، لا تشدّ فتقتلها ولا تضعف فلا تبلغ ما ينبغي، ولكن بَيْنَ ذلك قوتاً قدراً. والقيتة من كل شيء ما يكفي ويقوت؛ والمظاهرة: طَرْحٌ على طرح، أي ألقِ عليها بعد إحيائها في الريّة من يابس شختِ العيدان أي (3) من صغارها (4) وضعافها، لأنها لم تقوّ بعد على الأخذ في الغليظ، وكلّ دقيق شخت. وقوله: " واجعل
(1) ص: الرية.
(2)
ص: وتكفنته ضهر.
(3)
ص: التي.
(4)
حد: دقاقها.
يديك لها ستراً " لئلا تشتدّ عليها الريح فتقتلها؛ والتمنّي: الارتفاع والعلو، والرمّ: ما ارتممته من الأرض من حطام العيدان والقماش، يقول: فلما صارت في هذه الحال لم تدع رطباً ولا يابساً إلاّ أَخذت فيه، وما غلُظ من الخطب يسمّى الجَزْل.
1032 -
وجميع الشجر الذي يُتَّخذ منها الزناد خواره كلّها، ولا تصلح الزناد من عُتُق العيدان وصِلابها، ولذلك صار النبع أقل الشجر ناراً لأنه أعتقها وأكرمها وأرزنها عوداً، ولذلك يُختار للقسيّ وما أشبه ذلك مما تراد صلابته. وليس كل خفيف خوارٍ يصلح للزناد، ولكن ما ذكرناه.
1033 -
مقادح الحجارة والحديد: الحديد الذي يصنع به يسمى القرّاعة والقداحة والمِقدحة - بكسر الميم - والحجر الذي يقتدح يه يسمى المِظرّة - بكسر الميم -. وهذه الحجارة والحديد مخالفة للزناد في معنى الخؤورة، ولا تكون إلا من أصلب الحجارة والحديد. فإن حجارة القدّاحات إن كانت من الكذّان لم تصلح، وكذلك حدائدها إن كانت من حديد ليّن لم تصلح، ولا تصلح إلاّ أن يكون الحجر مرواً ذكراً والحديد يابساً مذكراً.
1034 -
حسّان الكلبي المعروف بعرقلة (1) في المظرَّة وهي حجر القدّاحة:
ومضروبة من غيرِ جُرْمٍ ولا ذنبِ
…
حوى جِسْمُها مثلَ الذي قد حوى قلبي
إذا ما أتاها القادحونَ عشيَّةً
…
حَكَتْ فلكاً يرمي الشياطينَ بالشُّهْبِ 1035 - الشريف الموسوي:
كأنَّ شرارةً من قدحِ نار
…
رَمَتْ بِحُراقِها لهبَ الضرامِ
شهابٌ حُطَّ من جبلٍ رفيع
…
فألقى النارَ في ذيلِ الظلامِ 1036 - أخي شرف الدين حسن بن مكرم الأنصاري، رحمه الله:
وما ذَكَرٌ مَيْتٌ وأنثاه مَيْتَةٌ
…
تزوجها قهراً ولم يُعْطِها مهرا
فواقَعَها في الحالِ آتته عاجلاً
…
غلاماً كغصنِ البان قد يخجل البدرا
يلفَّفُ في قمطٍ فيأكلُ قمطَهُ
…
من الجوعِ أو يأتي بِمَطْعَمِهِ قهرا
(1) من شعراء الخريدة (قسم الشام) 1: 178؛ توفي سنة 567 وله ترجمة في الشذرات 4: 220 والفوات والنجوم الزاهرة 6: 64 وقد جمع شعره أحمد الجندي (دمشق: 1970) ووصف القداحة فيه ص: 12.
1037 -
الشريف الموسوي يشكر على إهداء الزناد:
شكري لفضلك بالزنادِ كأنه
…
مَلْكٌ يُغيرُ على العدا أفراسا
رقَّ الحراق فنال منه نقطة
…
من قهوة ونمت فصارت كاسا
كالقلبِ يقدحُ نظرةً فيه فتم
…
لأه لأسبابِ الهوى وسواسا 1038 - ويقال (1) : زَنْدٌ خَوّارُ: إذا كان وريّاً سريع القَدْح كثير النار، بمنزلة الناقة الخوارة وهي الغزيرة اللبن، ولا يراد بذلك خؤورة العود، بل كثرة النار. يقال: زندً وارٍ اذا كان سريع الوري كثير النار، ومنه قولهم فلان واري الزناد، يريدون أنه نجيحٌ واضح الأمر مضيّ.
ويقال (2) للزندين زنادٌ، ويجمع الزَّنْدُ أزنداً وأزناداً وزناداً وزُنُداً وأَزْاند.
1039 -
الريَّة (3) :
الرية دقيق النبت وحطامه وغير ذلك مما يسرع الاشتعال فيه إذا وضع على النار التي تقع من الزناد، وهي مأخوذة من وَرَيْتُ، وهي ما تُورى به النار - أي توقد - من خرقة أو عُطْبة أو قشرة؛ فإن كانت بعرةً فتّها لتأخذ النار فيها فهي فتّة. فأما ما يوضع تحت القرّاعة ليقع سِقْطُها فيه - وهو شررها - وهي الخرق المحرقه وما أشبه الخرق، فإنّ الفراء والأحمر قالا: هو الحَرُّوقاء بالتشديد وزاد الفراء فقال: هو الحَروق - بفتح الحاء والتخفيف - والحرّوق - بالتثقيل، والحُرَّاق مشدّدة؛ قال الشاعر يصف امرأة سليطة لها زوج حديد. فالشرُّ يهيج بينهما:
قُرَّاعة وزوجها حُرَّاقُ
…
ونارُ (4) الزناد أقوى من نار القرّاعة، ولذلك لا تحتاج إلى الحرّاق، وتأخذ في الفتّة من البعر والرية من العطب والقشور الليّنة، وخُرفع (5) العُشَرِ من أجود الحرّاق، يعني للزناد. وضروب الحرَّاق كثيرة منها قشرٌ يشبه السيداق (6) التي يُغْسَل برمادها الكتان.
(1) حد: 134.
(2)
حد: 137.
(3)
حد: 138.
(4)
حد: 139.
(5)
ص: وخروح.
(6)
ص: الغنداق.
1040 -
ويقال (1) للشرر الذي يسقط من الزناد والقراعة نار أبي حباحب، ونار حباحب أيضاً، وهو الشرار الذي لا يضرّ؛ قال الشاعر (2) في نار ابي حباحب، وذَكَرَ السيوفَ إذا ضُرِبَ بها بَيْضُ الحديد (3) فقدحتْ:
يرى الراؤون بالشّفراتِ منها
…
كنار أبي حباحب والظبينا 1041 - الاحطاب:
أبو زياد: العرفج أطيب الحطب ريحاً وأسرعه وقوداً والتهاباً، وهو ضرام، فهو سريع الأخذ سريع الانطفاء.
ومن (4) النبات ما يُسْتَوقد رطباً كما يستوقد اليابس، وأكثر ذلك من أجناس الحمض، وأفضل الحمض في ذلك القَيْسَبُ فإنه ليس بين رطبه ويابسه فرق.
وليس (5) في الشجر أذكى ناراً ولا أبقى جمراً من الغضا، ربما بقيت ناره تحت الرماد المدة الطويلة تتعاورها الرياح والأمطار وهي حيّة، وبعد الغضا في كثرة النار وقلّة الرماد القَرْظُ، والسَّنْط منه، وهو قَرْظ ينبت بمصر، يوقد النهار والليل كلّه فلا تجد له من الرماد إلاّ اليسير مع ذكاء وقود؛ وقد ضربت العرب المثل بجمر الغضا لذكائه، قال امرو القيس (6) :
كأنّ على لبّاتِها جَمْرَ مُصْطَلٍ
…
أصابَ غضاً جزلاً وكُفَّ بأجذالِ الأجذال: جمع جِذْل، وهو أغلظ الحطب وأصل الشجرة، والعَصَلُ في ذلك مثل الغضا، والعصل يشبه الدّفلى، وكذاك حطب المَظِّ ويتخذ منه داذين يستوقد استيقاد الشمع، وتتخذ من أطراف العصل قِلْي. والضبّار أيضاً كذلك في جَودة الحطب، وليس في الشجر إذا اشتعلت فيه النار وهو رطب أشدّ فرقعة منه، إنما هو بمنزلة المخاريق (7) .
(1) حد: 133.
(2)
حد: قال الكميت؛ والبيت في مجموع شعره 2: 126 وفي اللسان والتاج (حبب، شفر) والتهذيب 11: 351، 14: 399 والمحكم 2: 383.
(3)
ص: الحرب.
(4)
حد: 158.
(5)
حد: 159 - 160.
(6)
ديوان امرئ القيس: 29.
(7)
ص: المجانيق.
1042 -
الأدخنة والأرمدة وألوان النار (1) :
1 -
إذا خلص الدخان من اللهب، وذلك إذا علا وضعفت حرارته فهو نحاس، وفي التنزيل (يُرْسلُ عليكما شواظٌ من نارٍ وَنُحاسٍ) والشواظ: اللهب الذي لا دخان له، وقال الجعدي (2) :
تضيءُ كضوءِ سراجِ السَّليطِ
…
لم يجعلِ اللهُ فيه نُحاسا وإذا كان الدخان أبيض وُصِفَت النار بالشُّقرة لأجل بياض دخانها. قال الشاعر:
ويوقدها شقراءَ من فَرْعِ تَنْضُبِ
…
جعلها شقراء أَن كان حطبها التَّنْضُبُ، ودخان التنضُب أبيض
2 -
وألوان (3) لهب النيران على قدر ألوان الدخان؛ وكلما مال الدخان إلى البياض مال لون اللهب إلى الشقرة، وكلما كان الدخان أشدّ سواداً كان اللهب أشد حُمْرةً، حتى إذا اشتدّ سواد الدخان اكماتَّ اللهب، وبين دخان الحطب الواحد في أول ما تششعل النار فيه وبينه إذا توسطت الحال وإذا تناهى حَمْيُ الحطب وقهرته النار اختلاف كثير، فإن النار أول ما تأخذ في الحطب يكون لهبها أقرب إلى السواد، ولا سيما إن كان الحطب رطباً، ثم ترى اللهب يصفو ويميل إلى الشقرة على قدر احتدام الحطب ورقّة دخانه، حتى إذا كان آخراً وذكت النار ورقّ الدخان اشقارَّ اللهب، حتى إذا انقطع الدخان الغليظ ألبتة وصار الخطب جمراً ذاكياً متوهجاً رأيت له لهباً لطيفاً قليل الشّقرة قريباً من البياض، وذلك هو الأُوار، وما بقي له من لون حينئذٍ فهو من قبل جنس الجمر، ألا ترى أن أُوار الحُمم أخضر، وذلك لغلبة السواد على الفحم. وانما اللهب دخان حميَ فآض ناراً، وكل شيء يحمى حتى يتناهى في الحرارة تحوَّل ناراً، وإنما النار دخان انتهى في الحرارة أو جمر، ألا ترى أن كل شيء لا دخان له فإنك إذا أحميته آض جمراً من غير أن يكون له لهب، كالحجارة والحمم والحديد وما أشبه ذلك، وإن كان في الحمم بقية من الصنف الذي
(1) حد: 157.
(2)
ديوانه: 81.
(3)
حد: 155 - 156.
يصير من الحطب دخاناً صارت تلك البقية أواراً، وهو أرقّ من الدخان وألطف، وكذلك أيضاً يكون لون الأوار أضعف وأرقّ من لون اللهب.
3 -
فإن (1) عريت النار من أن تكون من أوارٍ أو دخانٍ أو جمر كانت بيضاء خالصة البياض كلون نار المهاة التي توجد عنها النار فتقوم مقام القداحة، وكلون نار المرآة المحرقة، فإنّ هاتين النارين بيضاوان من أجل أنه لا دخان هناك ولا جمر، وإذا ألهبنا الرية المدخنّة كان اللهب الساطع من الرية أحمر من أجل الدخان، وإنما ألهبَتْها نار بيضاء كالبَرَدَة.
4 -
ونيران (2) الأدهان والصموغ والكباريت والزفوت شديدة اختلاف الألوان، منها الأسود وقريب من السواد، ومنها الأخضر والأصفر والأزرق والأشهب في ألوان غير محدودة، وكذلك أرْمِدَتُها وأرمدة الأحطاب وحُرَّاقات الأشياء فإن منها الأسود والأخضر والأصفر والأحمر، فترى رماد النار العظيمة أصنافاً وهو رماد ساعته، فترى ظاهرة بخلاف وسطه، ووسطه بخلاف أسفله، وأسفله فيه ألوان متعددة، ولذلك قيل للرماد أَخْرج، والخُرْجَة لونان يختلطان وقيل له أيضاً أَوْرَقُ وخصيفٌ.
5 -
ورماد (3) الحجارة وهو الكلس أشدُّ شيء بياضاً، وعلل ذلك وأسبابه لا تنحصر، يدلّ مذكورها على ما لم يُذْكَر، ويقال رماد رِمْدِدٌ على وجه المبالغة، وتجمع أرمدة وأرمداء. قال الراجز (4) :
لم يُبْق هذا الدهُر من آيائه
…
غيرَ أثافيه وأرمدائِهِ 6 - فأما (5) الجمر فلون جمر جميع الحطب واحد أو قريب. قالوا (6) : وقد يختلف لون الجمر باختلاف الأوقات المنظور إليه فيها، فهو في الشمس أكهب، وفي الفيء أَشْكَلُ، وفي الليل أحمر.
(1) حد: 156.
(2)
حد: 158 - 159.
(3)
حد: 159.
(4)
الرجز في اللسان والتاج (رمد) وفيه: من ثريائه.
(5)
حد: 153.
(6)
لم أجد هذا عند أبي حنيفة في كتاب النبات.
والعرب تصف النار في أشعارها بالشقرة وبالحمرة على حسب الاختلاف في ألوانها المذكورة قبل الأسباب المذكورة فيه في شُقرة النار، يقول مزرّد (1) :
فأبصرَ ناري وهي شقراءُ أُوقدتْ
…
بعلياءَ نشْزٍ للعيونِ النواظرِ وقال آخر:
ونارٍ كَسَحْرِ العَوْدِ ترفع ضوءَها
…
مع الليل هبَّاتُ الرياحِ الصواردِ السَّحْر: الرئة، وسَحْرُ العَوْدِ - وهو المُسِنُّ من الإبل - أشدُّ حمرةً.
1043 -
ألوان الأدخنة (2) :
1 -
قد بيّنا أن اختلاف ألوان الأدخنة علّة اختلاف ألوان اللهب، واختلاف أجناس الحطب مع اختلاف أحواله في الرطوبة واليبوسة علّة اختلاف الأدخنة. فأما العلّة التي تعرض في اختلاف ألوان الدخان من قبل اختلاف جنس الحطب فكالذي يعرض لدخان التَّنّضُب فإنه أبيض في مثل لون الغبار، ولذلك شبّه الشعراء الغبار به في مواضع كثيرةٍ من أشعارهم، منها قول طفيل الغنوي وذكر الخيل (3) :
إذا هَبَطَتْ سهلاً كأنّ غبارهُ
…
بجانبه الأقْصى دواخنُ تَنْضُبِ 2 - ودخان (4) الرّمث أشدّ سواداً من دخان التنضب، ولم يبلغ أن يكون أسود ولكن أورق كلون الذئب، ولذلك شبهت العرب لون الذئب بلون دخان الرمث؛ قال الشاعر يصف الذئب:
كأنَّ دخانَ الرمثِ خالَطَ لونَهُ
…
يُغَلُّ به من باطنٍ ويجلَّلُ وقال الراعي يشبه لون الذئب بلون دخان العرفج الذي مسه الماء (5) :
متوضّح الأقرابِ فيه شُهْبَةٌ
…
نَهشُ اليدين تخالُهُ مشكولا
كدخانِ مرتجِلٍ بأَعلى تلعةٍ
…
غَرْثانَ يُضْرِمُ عرفجاً مبلولا
(1) حد: 158؛ ولم يرد البيت في ديوان مزرد.
(2)
حد: 153 - 154.
(3)
ديوان طفيل: 25.
(4)
حد: 154.
(5)
من لاميته المشهورة التي وردت في جمهرة اشعار العرب، انظر شعر الراعي: 139 والحيوان 5: 65 - 66 والمفضليات: 880 والفصول والغايات: 467.
يكون المرتجل الذي يطبخ الجراد أو يشويه، والرِّجل من الجراد: القِطْعة، ويكون المرتجل: الطابخ بالمرْجَل، ويكون المرتجل: القادح بالزند، وارتجاله الزندة وضع إبهامَيْ رجليه عليها كيلا تزول إذا فتل فيها الزند.
1044 -
وصف النار من ابتدائها إلى انتهائها وأسماؤها:
1 -
قال الأصمعي (1) : يقال للزند إذا قدَحْتَ به فسمعت له عند خروج النار منه صوتاً: قد كشَّ الزند يكشُّ كشّاً، وسمعت كشّة الزند، وذلك إذا همّ الدخان أن يتحول ناراً من قبل أن تقوى حرارته، فيحدث من ذلك صوت كما يحدث من الحطب إذا اندفع من جوفه دخان شديد الازعاج (2) كأنه النَّفخُ، وأرادت النار العلوق به ولم تقدر لضعفها وقوّة اندفاع الدخان، فيحدث بينهما الصوت الذي يقال له الفحيح، يقال: فحَّت النار تفُحُّ فحيحاً كما يقال في الحيّة إذا نفخت.
2 -
فإذا مار ذلك الدخان ناراً فذلك وَرْيُ الزناد وإيراؤها، وتلك النار حينئذٍ سِقْطٌ، وهي شرارة وشَرَرةَ، والجميع شَرَرٌ وشرارٌ، فإذا أخذت في الرية فقد تمّ عمل الزناد وحَيِيَتِ النار.
3 -
ثم (3) تبتغي حينئذ ثقوباً وهو مايثقبها ويقويها مما هو أقوى من ذلك قليلاً، يقال ثَقوب وثقاب؛ فإذا ألهبت فهو اللهب، ثم ينميها تنمية، إذا قواها بأكثر من ذلك كي ترتفع، فإذا علت وقويت قلت: شبَّت تشبّ، وشَبَتْتُها أنا أشبُّها، فهي نار مشبوبة، ولا يقال هي شابة ولكن مشبوبة، ويقال لما شَبَبْتَ به شِبَابٌ، كما يقال لما ثقبتها به ثقوب، ولما أوريتها به ريّة، فإذا قويت النار فقد اشتعلت تشتعل اشتعالاً، وأشعلتها إشعالاً، والشُّعلة الطائفة منها تشتعل، والشَّعيلة ما أخَذَتْ فيه الشعلة، ولذلك قيل للفتيلة شعيلة، والمِشْعَل - بكسرالميم - ما أشعلتها به كالمِسْعَر، وهو ما سَعَّرتها به، والمَسْعَر - بفتح الميم - مَوْضِعُها الذي تُسْتَوقَد فيه، والعُشْوَة كالشُّعْلَة، قال الراجز (4) :
(1) حد: 137.
(2)
حد: الانزعاج.
(3)
حد: 139 - 142.
(4)
اللسان والتاج (عشا)، وقبله: حتى إذا اشتال سهيل بسحر.
كَعُشْوَةِ القابسِ ترمي بالشَّرر
…
وتأجمت النار وتأطَّمت، إذا ذكت، وكذلك قالوا في الغضب تأجَّم عليه وتأطّم، وكذلك اضطرمت فهي تضطرم اضطراماً، وتضرّمت تتضرم تضرماً، وأضرمتها أنا أُضرِمها إضراماً، والضَّرَمَة ما اضطرمت فيه النار كائناً ما كان. وفي المثل " ما بها نافخ ضَرَمة " (1) . والضريم: الحريق نفسه. قال أبو زياد: لا تقول للعود ليس فيه نار ضرمة، فإذا كان في العود نار قيل جاء بضرمة، إذا اقتبس (2) فيها، وتقول للحطب ليس فيه نار ضرام، قال: والضرام عندنا أَشْخَتُ الحطب وأدقّه وأضعفه. قال أبو زيد: العرفج وما دونه ضرام، والقصب وكل شيء ليس له جمرفهو ضِرام، وكل ما له جمر فهو جَزْل.
ويقال (3) : تسعرت النار تتسعّر تسعّراً واستعرتْ تستعرُ استعاراً، وأسعرتُها أنا وسعَّرتها، والسَّعير: الحريق، والسُّعار: حرُّ النار وذكاؤها، والمِسْعر: بكسر الميم: ما سَعَّرْتَ به النار، وهو المِسْعَار والمِحراث والمِحْضَاء، كلّه للعود الذي تُحرِّك به النار وتُفْتَح به عينها. فإذا فعلت فيها ذلك قلت ذكَّيتها تذكيةً، والذُّكْيَةُ - بالضم - ما ألقيت عليها من حطب أو غيره.
4 -
ويقال (4) : اضْرَحْ نارك أي افتح لها عيناً وأصل الضَّرْح الشقُّ. وأجّجت النار ألهبتها، وتأجَّجَت هي تأجُّجاً، وائتَجَّت ائتجاجاً فسمعت للهيبها صوتاً، والأَجَّةُ لفْحَتُها، وأجيجها صوت لهيبها. ويقال للنار حَدَمَةٌ وحَمَدةٌ، وهو صوت الالتهاب، ويوم مُحْتَدِمٌ ومحتمدٌ.
وصلا النار (5) - مفتوح مقصور - وصِلاؤها - مكسور ممدود -: حَرُّها، والمصطلي ألمتلقي صَلَاها. ووقدت النار وتلظَّت وتوهَّجَت إذا اشتدَّ حرّها، وكذلك تحرّقت وأضاءت النار وضاءت وهو ضوؤها - بالفتح والضم - وتوبَّصت النار رأيت
(1) في اللسان (ضرم) : ما بالدار نافخ ضرمة.
(2)
ص: أقبس.
(3)
حد: 142.
(4)
حد: 144.
(5)
حد: 146 - 147.
وبيصها، والضُّوء - بالفم - من لغة أهل الحجاز، وهم الذين يقولون الشُّهد والسُّم - بالضم.
وكذلك (1) أنارت النار وأنرتها أنا وتنوَّرتها إذا نظرت إليها من منظر بعيد، وموضع النار المنيرة منارة ومَنْورة على الأصل، والجميع منائر ومناور. ولألأت النار لألاءةً: إذا لمعت وبرقت، ولألاء كل شيء: لمعانه وبريقه. وجاحم النار وجحيمها معظمها. ومَعْمَعِة النار ما سمع من صوتها إذا اشتد لهبها، وإذا اشتد صوتها في تلهّبها فذلك الزفير.
6 -
والنار (2) تذكّر وهو قليل، قال الشاعر:
فمن يأْتنا يُلْمِمْ بنا في ديارنا
…
يَجْدِ أثراً دعساً وناراً تأَجَّجا 7 - يقال (3) : نار وأَنُورٌ وأنؤر ونِيارٌ ونِيرانٌ ونيرةٌ مثل: جار وجيرة، قال بشر يصف الإبل (4) :
تَشُبُّ إذا ما أَدْلَجَ القومُ نيرةً
…
بأَخفافها من كلِّ أمْعَرَ مُظْلمِ 8 - والحَرَقُ (5) من أسماء النار - بفتح الراء - ولذلك قيل: " اذهب في حَرَقِ الله ونارِهِ ". يراد به النار نفسها.
ومن (6) اسمائها سَكَنٌ وماموسة قال ابن أحمر (7) :
كما تطايرَ عن ماموسَةَ الشَّرَرُ
…
ومن أسمائها الصَّلاء - بفتح الصاد والمدّ - والوحِيّ - بالكسر والتشديد؛ قال ثعلب (8) سألت ابن الاعرابي عن الوحيّ فقال هو المَلَك، فقلت: ولم سُمِّي المَلَك الوحي؟ فقال: الوحي النار فكأنّ الملك مثل النار يضرُّ وينفع.
(1) حد: 147 - 148.
(2)
حد: 144؛ ونقل صاحب اللسان هذا النص عن أبي حنيفة أيضاً وأورد البيت شاهداً، قال: وروايته سيبويه، يجد حطباً جزلاً وناراً تأججا، وانظر سيبويه 1:446.
(3)
حد: 147.
(4)
ديوان بشر بن أبي خازم: 196.
(5)
حد: 146.
(6)
حد: 163.
(7)
ص: قال الأحمر؛ وانظر شعر ابن أحمر: 100 وصدر البيت: تطايح الطل عن أردافها صعداً.
(8)
انظر ربيع الأبرار 1: 176 (تحقيق النعيمي) .
9 -
وإذا (1) سكن لهب النار وانقطع قيل: خَبَت النار تخبو خُبُوّاً، وخمدت تخمد خموداً، قال عز وجل:(كلّما خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً) .
فإذا ذهب الجمر إلاّ بقايا منه في الرماد تتبينها إذا حرّكت الرماد، والرماد حارمن أجل تلك البقية، فذلك الرماد يقال له المهل ويسمى أيضاً المَلَّة، ولذلك سمّى الناس الخبز الملّة، إنما هي المليل ولكن سُمّيت باسم الملّة، ومنه أخذت المليلة في الحمّى. ويقال للمليلة (2) من الخبز أيضاً الفئيد، والموضع الذي يفتأد فيه هو المُفْتَأَد. فإذا برد الرماد فلم يبق فيه من الجمر شيء قيل همدت النار تَهْمد هموداً فهي هامدة، وقد طُفِئَتْ انار تطفأ طفوءاً، وأنطفأت وأطفأتُها أنا، وماتت النار تموت موتاً فهي ميتة، وحيت تحيا حياة فهي حيّة. وإذا صارت رماداً فهي آسة.
10 -
ومن أحسن ما قيل في النار بعد انطفائها وبقاء رمادها حاراً ما قال عبد الله بن محمد الأزدي من شعراء إفريقية (3) :
تظنّنَّ امرءاً أغضبه
…
سَبَبٌ ثم انقضى ذاك السببْ
سالمَ الصَّدْرِ من الحِقْدِ وإنْ
…
أظهرَ الودَّ ولم يُبْدِ الغَضَبْ
فمكانَ النار يبقى حرُّها
…
كامناً فيه وإن زال اللَّهب 1045 - أوصاف النار:
1 -
قالت العلماء: ليس في العالم جسم صرف غير ممزوج، ومرسل غير مركب، ومطلق القوى غير محبوس، أحسن من النار، ويقال: شراب كأنه النار، وامرأة حسناء كأن لون وجهها لون النار. وقالت أعرابية (4) : هذا والله وأنا أحسن من النار. ويقال لمن يوصف بالذكاء هو إلاّ نار موقدة.
2 -
وقال بعض الحكماء (5) : النيران أربع نارٌ تأكل وتشرب وهى نار المعدة،
(1) حد: 151 - 152.
(2)
حد: للمليل.
(3)
هو من شعراء الانموذج، ذكرت ترجمته في مسالك الأبصار 11: 235 وأورد الأبيات؛ وانظر الفقرة رقم: 299 في ما تقدم.
(4)
محاضرات الراغب (2: 277) .
(5)
محاضرات الراغب (2: 278) .
ونار تأكل ولا تشرب وهي النار الموقدة، ونار تشرب ولا تأكل وهي نار الشجر، ونار لا تأكل ولا تشرب وهي نار الحجر.
3 -
وقالوا: الاصطلاء لذيذ عند الامتلاء.
1046 -
شاعر:
وشعثاءَ غبراءِ الفروعِ منيفةٍ
…
بها تُوصَفُ الحسناءُ أو هيَ أجملُ
دعوتُ بها ابناءَ ليلٍ كأَنَّهُمْ
…
وقد أبصروها مُعْطِشُونَ قد انهلوا 1047 - جعميل بن معمر (1) :
رأيتُ وأصحابي بأَيلةَ موهناً
…
وقد غاب نجمُ الفرقدِ المتصوِّبُ
لبثنةَ ناراً ما تبوخُ كأنها
…
إذا ما رمقناها مع الّليلِ كوكبُ 1048 - جامع الكلابي (2) :
وإنّي لنارٍ أُوقدت بينَ ذي الغضا
…
على مل بعيني من قَذَىً لَبَصيرُ
اضاءت لنا وحشيةٌ غير أنّها
…
مع الإِنس ترعى ما رَعَوْا وتسير 1049 - آخر:
يا مُوقدَ النارِ يذكيها ويُخْمِدُهَا
…
قَرُّ الشتاءِ بأَرواحٍ وأمطارِ
قمْ فاصطل النارَ من قلبي مُضَرَّمَةً
…
بالشوق تَغْنَ بها يا موقدَ النار
ويا أخا الذَّوْدِ قد طال الهُيامُ بها
…
لم تدرِ مل الريُّ من جَدْبٍ وإقتار
رِدْ بالعطاشِ على عيني ومحجرها
…
تَرْوَ العطاشُ بدمعٍ واكف جار 1050 - آخر:
يا موقدَ النار بالزناد
…
وطالبَ النارِ في الرَّمادِ
دعْ عنك شكاً وَخُذْ يقيناً
…
واقتبسِ النار من فؤادي 1051 - ربيعة بن ثابت (3) :
لمن ضوءُ نارٍ قابلتْ أعينَ الركب
…
تُشَبُّ بِلَدْنِ العُودِ وَالْمَنْدَلِ الرَّطْبِ
(1) هما لكثير في الزهرة: 234 وتشبيهات ابن أبي عون: 204.
(2)
الزهرة: 233.
(3)
الزهرة: 235.
فقلت لقد آنستُ ناراً كأنّها
…
سنا كوكبٍ لاحت يحنُّ لها قلبي 1052 - أبو تمام يصف حريق الأفشين (1) :
ما زال سرُّ الكفر بين ضلوعه
…
حتى اصطلى سرَّ الزناد الواري
نارٌ يساورُ جسمَهُ من حرِّها
…
لَهَبٌ كما عَصْفَرْتَ شِقَّ إِزارِ
طارتْ لها شُعَلٌ يهدِّمُ لفحُها
…
أركانَهُ هَدْماً بغيرِ غبار
مشبوبةٌ رُفِعَتْ لأعظمِ مُشْرِكٍ
…
ما كان يَرْفَعُ ضوءَها للساري
صلّى لها حيّاً وكان وقودها
…
مَيْتاً ويدخلها مع الكفار 1053 - ابن العين زربي (2) في حريق دمشق في سنة إحدى وستين وأربعمائة:
لهفَ نفسي على دمشقَ التي كانت جمالَ الآفاقِ والأَقطارِ
…
وعلى ما أَصاب جامعها الجامعَ للمعجباتِ والآثار
…
كنتَ إن جِئْتَهُ تعاينُ فيه
…
رَبْعَ فَضْلٍ وموضعَ استغفار
فأتته النيران طولاً وعرضاً
…
عن يمينٍ من قُطْرِهِ ويسار
ثم مرَّتْ على حدائقِ نخلٍ
…
فإذا الجمرُ موضعَ الجمَّار فكأنَّ الفردوسَ قد عَصَتِ الله فولَّى عذابَها للنار
…
كان إحراقُهُ من الجانبِ الغربيِّ يومَ الإثنين نصفَ النهار
…
نصفَ شعبانَ عام إِحدى وستين فأضحى قد رُدَّ كالمستعار
…
1054 - الشريف أبو الحسن ابن حيدرة العقيلي من شعراء مصر في حريق على بُعْدٍ (3) :
وقع الحريقُ بموضعٍ لم أُسْمِهِ
…
وأتى وهيجٌ غيرُ ذي إلهاب
فكأنَّ لمعَ النارِ بين دُخَانِهِ
…
برقٌ تألَّقَ في سماءِ ضَبابِ 1055 - الجماز يهجو مروان أبا السمط بِبَرْدِ شعره (4) :
(1) ديوان المعاني 1: 287 - 288 وتشبيهات ابن أبي عون: 205 وديوان أبي تمام 2: 203.
(2)
ص: ابن عنين، وذلك خطأ لأن ابن عنين توفي 630، وانظر قصة الحريق وبعض الأبيات في مسالك الأبصار 1: 198 - 199.
(3)
ديوان العقلي: 75.
(4)
الجماز شاعر بصري اسمه محمد بن عمرو (- 250)، راجع ترجمته في تاريخ بغداد 3: 125 وطبقات ابن المعتز: 373 ومعجم المرزباني: 474 أما أبو السمط فهو مروان بن أبي حفصة الصغر وله ترجمة في تاريخ بغداد 13: 153 والأغاني 12: 72. ومعجم المرزباني: 321.
اجتمع الناسُ وقالوا الحريقْ
…
بباب مروانَ وَسُوقِ الرقيقْ
فجاء مروانُ على بغلةٍ
…
فأنشدَ الشعرَ فأَطفا الحريق 1056 - كان نصير الدولة أمير إفريقية يشرب ليلةً على موضع مرتفع، والعسكر أسفل منه، ونيران العسكر موقدة، وفي المجلس ابن حيان الكاتب (1) فأمره بصفة الحال فقال:
بتنا نديرُ الراحَ في شاهقٍ
…
ليلاً على نغمة عُودَيْنِ
والنارُ في الأرضِ التي دوننا
…
مثلُ نجومِ الجوِّ في العين
فيا لَهُ من منظرٍ مونِقٍ
…
كأننا بين سماءين 1057 - وأحسن منه قول القاضي نصر بن سيار (2) :
ربَّ ليل كَشَعْرِ ليلى سواداً
…
شَقَّ جلبابَهُ على الأرضِ نارُ
فترى الأرضَ كالسماء وكلٌّ
…
قد تحلى خلالهُ أنوار
بشرارٍ كأنّهن نجوم
…
ونجومٍ كأنّهنَّ شَرارُ 1058 - الحيص بيص ملغزاً في النار (3) :
هل تعرف الحسناءَ تف
…
جرُ بالبروزِ على الطريقِ
ولها وليٌّ لا يَغا
…
رُ من الزيارةِ والطُّروق
لا يستريبُ بها وإن
…
كانتْ سُعاراً للرّفيق
وإذا اختفتْ في خِدْرها
…
خَلَدَتْ لتظهرَ في الخفوق
فأتتكَ منه في خِضا
…
ب ناصلٍ واهي الخروق
وقد اكتستْ بغلالةٍ
…
إمّا عرارٍ أو شقيق
تاجُ الزمرد فوق مف
…
رقها يُرَصَّعُ بالعقيق
بينَ الأنامِ وبينها
…
ما شئت من نَسَبٍ عريق
(1) ابن حيان الكاتب من شعراء الأنموذج واسمه محمد بن عطية انظر ترجمته في الوافي 4: 95 والقصة والأبيات في مسالك الأبصار 11: 336.
(2)
دمية القصر 2: 276.
(3)
لم ترد في ديوانه أو في الخريدة (قسم العراق) .
1059 -
ابن أبي الشبل ملغزاً فيها:
وآكلةٍ بغير فمٍ وبطن
…
لها الحيوانُ قوتٌ والنباتُ
تُصَرِّفُ أَلسناً من غير نطق
…
سوى لغةٍ تخالفها اللغات
فما أكلت به تحيا وتطغى
…
فإن شَرِبَتْ يعالجها الممات 1060 - أبوالفضل ابن العميد ملغزاً فيها:
ماذا ترى يا أبا العباسِ في عَجَبِ
…
تشابهتْ منه أُولاه وأُخراهُ
ترى مقدّمه شَرْوَيْ مؤخره
…
حسناً ويمناه في تمثالِ يسراه
من حيثُ واجهته أرضاك منظرُهُ
…
وكيف قابلته أَعياكَ معناه
يهوى المباعدُ عنه قربَ منزله
…
حتى إذاما تَغَشَّاه تحاماه 1061 - ابن خفاجة (1) :
وموقدِ نارٍ طاب حتَّى كانما
…
يشبُّ الذي فيه لساري الدجى نَدَّا
فأطلعَ من (2) داجي دخانٍ بنفسجاً
…
جنيّاً ومن قاني شواظٍ له وردا 1062 - وله (3) :
حمراءُ نازعتِ الرياحَ رداءَها
…
وَهْناً وزاحمتِ السماءَ بمنكبِ
ضربتْ سماءً من دخانٍ فوقها
…
لم تدل (4) فيها شُعْلةً من كوكب
وتنفست من كلّ (5) نفحة جَمْرةٍ
…
باتتْ لها ريحُ الشمالِ بمرقب
مشبوبةٌ فكانّما هيَ زفرةٌ
…
من مُحْنَقٍ أو نظرةٌ من مغضب
قد أُلهبتْ فتذهبت فكأنها
…
لسكونها بشرارها (6) لم تُذْهب
تذكو وراءَ رمادِها فكأنها
…
شقراءُ تمرحُ في عَجَاجٍ أكهب (7)
(1) ديوان ابن خفاجة: 133.
(2)
ص: داني.
(3)
ديوان ابن خفاجة: 74 ونهاية الأرب 1: 117.
(4)
الديوان: تدر.
(5)
الديوان: عن كل لفحة.
(6)
ص: لشرارها؛ الديوان: لسكون شر شرارها.
(7)
ص: أشهب.
1063 -
أبو محمد عبد الله بن سارة من شنترين في المائة السادسة (1) :
لابنةِ الزَّنْدِ في الكوانين جمرُ
…
كالدّراري في الليلةِ الظلماء
خبراني عنها ولا (2) تكتماني
…
ألدَيْهَا صناعةُ الكيمياء
سَبَكَتْ فحمنا (3) سلاسلَ تبرٍ
…
رصعتهُ بالفضّةِ البيضاء
كلَّما ولولَ النسيمُ عليها
…
رقصتْ في غلالةٍ حمراء
لو ترانا من حولها قلتَ شَرْبٌ (4)
…
يتعاطَوْنَ أَكْؤُسَ الصهباء
سَفَرَتْ في (5) عشيِّنا فأرَتنَا
…
حاجبَ الشمسِ طالعاً بالعِشاء 1064 - وله فيها (6) :
ما كابنة الزند للمقرورِ فاكهةٌ
…
إذْ يُجْمِدُ البردُ منه ساعداً ويدا
جاؤوا بياقوتةٍ منها وقد قطعوا
…
من مِسْكِ دارينَ أثواباً لها جددا
حتى إذا ما تغطتْ بالرمادِ حَكَتْ
…
ورداً عليه سقيطٌ الطلِّ قد جمدا 1065 - وله فيها (7) :
باتتْ لنا النار دُرياقاً وقد جَعَلَتْ
…
عقاربُ البردِ تحت الليل تَلْسَعُنا
زهراءُ قَدَّتْ لنا من دفئها لُحُفاً
…
لم يَعْلَمِ البردُ فيها أين موضِعُنا
لها حريقٌ بكانونٍ نطيفُ به
…
كمثل جامِ رحيقٍ فيه مَكْرَعُنَا
تُبيحنا قُرْبَها حيناً وَتُبْعِدُنا
…
كالأمِّ تلفظنا (8) طوراً وترضعنا 1066 - محمد بن أبي الخصال كاتب يوسف بن تاشفين (9) :
(1) القلائد: 266 والشريشي 2: 327 (بولاق) ونفح الطيب 3: 442 ومجموع شعر ابن صارة: 57 وهي لأبي مروان ابن أبي الخصال في نهاية الأرب 1: 118.
(2)
النفح: خبروني
…
تكذبوني.
(3)
النفح: صفائح، النفح: سبائك.
(4)
النفح: قوم.
(5)
القلائد: عشائها، النفح: عن جبينها.
(6)
لم ترد في مجموع شعره.
(7)
قلائد العقيان: 267 ومجموع شعره: 60.
(8)
قلائد: تفطمنا.
(9)
هو ذو الوزارتين الكاتب أبو بكر بن أبي الخصال محمد بن مسعود بن طيب بن خلصة (465 - 540) ، ولم يكن كتاباً ليوسف تاشفين. وإنما كان كاتباً لابن الحجاج أمير قرطبة، له ترجمة الذخيرة 3/ 2: 786 وقد ذكرت هنالك عدداً جماً من مصادر ترجمته.
انظر إلى النارِ وهي راقصةٌ
…
تهزُّ أكمامها من الطَّربِ
تضحكُ من أبنوسها عجباً
…
إذْ صَيَّرتْ عَيْنَهُ إلى الذَّهَب 1067 - الصنوبريّ في نار الميلاد (1) :
ألست ترى الميلادَ قد بثَّ عَسْكَرَهْ
…
وأعلامهُ في كلّ وجه مُنَشَّرَهْ
تُشَبَّهُ بيضُ الدُّورِ والنارُ حولها
…
ببيضِ جوارٍ في ثيابٍ معصفره 1068 - يحيى (2) بن هذيل (3) :
ومحجوبةٍ في كلِّ وقتٍ ظهورها
…
يَخافُ عوادي غَدْرِهَا مَنْ يديرُهَا
يجيرُ عليها الماء والماءُ حتْفُها
…
ولكنها في ملك من قد يجيرُها
لغزَّتْ (4) فلم يستغنِ عنها ابنُ آدم
…
وهانَتْ عليه فهو لا يستعيرها
كأنَّ ركاماً فوقها وهي تحته
…
عجاجٌ، وَطِرْفٌ أشهبٌ يستثيرها 1069 - وله (5) :
وقفتُ على عفراءَ والجزعُ دونها (6)
…
لأنظرَ من نارٍ على البعد توقدُ
تقومُ بطولِ الرمح ثم يخونها
…
(7) هبوبُ الصَّبا عند السكونِ فتقعد
فَشَبَّهْتُها في الحالتين بقارئ
…
إذا اعترضتْهُ سَجْدَةٌ ظلَّ يسجد في نار النفط على الماء:
1070 -
أسعد بن إبراهيم بن بليطة من شعراء الأندلس (8) :
والنفطُ مهما افترَّ فوه فاغراً
…
أجرى لسانَ النار فوق الماءِ
(1) ديوان الصنوبري: 71.
(2)
ص: محمد.
(3)
انظر تشبيهات الكتاني: 168 - 169.
(4)
ص: أعزت.
(5)
تشبيهات ابن الكتاني: 168.
(6)
التشبيهات: علياء
…
بيننا.
(7)
التشبيهات: تقوم بطول الرمح إن هبت الصبا
…
وعند سكون الريح تهدا فتقعد (8) الذخيرة 1/ 2: 796.
فكأنه ذهبٌ جرى في صارمٍ
…
أو رجعُ برقٍ في أديمِ سماء 1071 - والدي جلال الدين المكرم، رحمه الله:
كأنَّما الماءُ حين لاحتْ
…
من فوقه النارُ وهو جاري
أرضٌ من اللازورد مَدُّوا
…
بها بساطاً من النُّضَار 1072 - وله:
انظر إلى النارِ على ال
…
ماء ترى منها العَجَبْ
كثوبِ خمرٍ أخضرٍ
…
له طرازٌ من ذهب 1073 - وله:
كأنما البحر طَفَتْ من فوقه ال
…
نار إذا شبَّهها المحققُ
عشيةٌ صاحيةٌ [.........]
…
يظهر بعدَ الشمسِ فيها الشَّفق 1074 - أبو الحسن ابن سعيد:
اطارَ النفطُ فوقَ الماءِ ناراً
…
قد اصطلحا لتكميل الهياجِ
أرى شفقاً يلوحُ على سماءٍ
…
كما ذابَ العقيقُ على الزجاج 1075 - شرف الدين أبو طالب البابلي:
كأنما النارُ فوق الماء موقدةً
…
والريحُ تُخْمدُهَا حيناً وتُذْكِيها
بيارقٌ نُصِبت صُفْرٌ على كُثُبٍ
…
والريحُ تنشرُهَا طَوْراً وتطويها 1076 - أبو الحسن ابن عبد الكريم:
أبدى لنا النفطُ من العجابِ
…
ما يستفزُّ ثابتَ الألبابِ
صيَّرَ ضِدَّين بلا ارتيابِ
…
مصطحبين صُحْبةَ الأَحباب
من غيرِ ما بُعْدٍ ولا حجاب
…
ناراً بسطحِ الماء في التهاب
كأنها تجري على العُبابِ
…
برقٌ يشقُّ أزرقَ السحاب 1077 - عبد الله بن محمد ابن الشيخ جريك:
ويومٍ حميدٍ ظلتُ فيه منعماً
…
أجرُّ ذيولَ اللهو مع فتيةِ الأدبْ
بنهرٍ يروقُ العينَ رائقُ مائه
…
وتحسبُهُ دمعَ المحبِّ قد انسكب
تراهُ ونارُ النفطِ فوق صفائه
…
كسيفٍ صقيلِ المتنِ حُلِّيَ بالذهب
1078 -
أبو المعالي ابن إسرائيل:
قارورةُ النفطِ بلا مراءِ
…
تجمعُ ضدّين لعينِ الرائي
بجذوةٍ تُشْعَلُ فوقَ الماء
…
محمرةٍ في لجّةِ زرقاء كالشَّمسِ حلَّت أُفُقَ السماء
…
1079 - الشيخ شرف الدين المصنف:
رأيتُ من الضدين لما تآلفا
…
على البحر للرحمن أكبرَ آياتِ
وللنفطِ نارٌ يحرقُ الماءَ نُورها
…
كمثلِ شعاعِ الشمسِ في سطح مرآة نار الفحم والكوانين:
1080 -
ما لم يصرْ (1) من الجمر رماداً وبقي أسود فهو الحُمم، وهو السُّخام، سمي حمماً لسواده، وسُخاماً للينه، والسخام: اللين، والفَحَمّ - بالتثقيل وقد يخفف والتثقيل أكثر - وفي المثل:" لو كت أنفخُ في فَحَمّ " - بالتثقيل -. والفحم مأخوذ من فحمة العشاء، وهي ثور الظلمة من أول الليل ثم تسكن، ومنه الشَّعر الفاحم.
1081 -
أبو فراس (2) :
لله قرٌّ ما أشدّ
…
ومنظرٌ ما كان أعجب
جاء الغلامُ يَشُبُّها
…
هوجاءَ في فحمٍ تَلهَّبْ (3)
فكأنما جمع الحُليَّ
…
فمحْرَقٌ منه ومذهب
ثم انطفت فكأنها
…
ما بيننا ندٌّ مشعب 1082 - سيف الدولة (4) :
كأنّما النارُ والرمادُ معاً
…
وضوءها في ظلامه (5) يُحْجَبْ
وجنةُ عذراءَمسَّها خجلٌ
…
فاستترتْ تحت عنبرٍ أَشهب 1083 - ابن المعتز (6) :
(1) حد: 164.
(2)
ديوان أبي فراس: 20.
(3)
الديوان: بناره حمراء في جمر تلهب.
(4)
اليتيمة 1: 46 ونسبت في محاضرات الراغب (2: 277) لمن اسمه أحمد بن الضحاك.
(5)
ص: ظلامها.
(6)
لم ترد في ديوانه، والبيتان في الغزولي 2: 20 (دون نسبة) .
كأنَّما النارُ في تلظيها
…
والفحمُ من فوقها يغطيها
زنجيةٌ شبكت أناملَهَا
…
من فوقِ نارنجةٍ لتخفيها 1084 - كشاجم (1) :
كأنَّما النارُ والرّمادُ وقد
…
كاد يواري من جسمه النورا
وردٌ جنيُّ القطافِ أحمرُ قد
…
ذرَّتْ عليه الأَكفُّ كافورا 1058 - ابن وكيع (2) :
كان كالآبنوس غير محلَّى
…
فغدا وهو مُذْهَبُ الأبنوسِ
لقيَ النارَ في ثيابِ حِداد
…
فَكسَتْهُ مُصَبّغاتِ عروس 1086 - القاضي التنوخي:
ويوم كأنَّ الشمس من فَرْطِ برده
…
غدا حَرُّها في الأرضِ بَرْدَ جليدِ
شببنا به ناراً كأنَّ ضِرامها
…
تورّدُ خدٍّ أو فؤادُ حسود
ندبُّ دبيب الراح في الروح والتظتْ
…
تلظيَ حِقْدٍ في ضلوعِ حَقود
بفحمٍ كأيّامِ الوصالِ فعاله
…
ومنظرُهُ في العينِ يومُ صدود
كأنَّ لهيبَ النارِ بين خِلالِهِ
…
بوارقُ لاحتْ في غمائم سُود 1087 - كشاجم (3) :
فحم أنارتْ نارُهُ
…
فتضرَّمَتْ فيه حريقا
فكأنَّهُ وكأنَّهَا
…
سبج قَرَنْتَ به عقيقا 1088 - ظافر الحدّاد (4) :
كأنَّ سوادَ الفحمِ من فوقِ جمره
…
وقد جُمعا فاسْتُحْسِنَ الضدُّ بالضدِّ
غدائرُ خودٍ فرقتها وقد بدت
…
على خَفَرٍ من تحتها حمرةُ الخد
فلّما تناهى صبغه خِلْتُ أنه
…
فصوصُ عقيقٍ أو جنى زَهَرِ الورد
إلى ان حكى بعد الخُمودِ رمادُهُ
…
غباراً من الكافور في قِطَع الندّ
(1) ديوان كشاجم: 196 واليتيمة 1: 47.
(2)
ديوان ابن وكيع: 80 واليتيمة 1: 343.
(3)
ديوان كشاجم: 355.
(4)
ديوان ظافر: 91 والغزولي 2: 20.
1089 -
وله (1) :
لقد جَمَعَ الكانونُ نوراً وظلمةً
…
وجالسنا في حِلْيةِ (2) الرَّجُلِ الكَهْلِ
ودبَّ سلافُ الماءِ في (3) نار فحمه
…
كما دبَّ نورُ الشمسِ في طَرَفِ الظلّ
وكنّا نُفَدِّيه وفيه شبيبةٌ
…
ونَخْتَصُّهُ بالقربِ منا وبالواصل
إلى أن علا شيبُ الرمادِ قَذَالَهُ
…
وأصبحَ شيخاً في المزاج وفي الثقل
هَجَرْنَاهُ هَجْرَ الغانياتِ ضرورةً
…
وصار لدينا لا يُمِرُّ ولا يُحْلي 1090 - وله (4) :
انظرْ إلى ما ضُمِّنَ ال
…
كانونُ من فحمٍ وجمرِ
هذا يزيد وذا يبي
…
دُ كما انطوى ليل بفجر
وكأنها رُسُلُ الوصا
…
لِ تواترت بزوالِ هجر
أو كالعقود تضمَّنَتْ
…
نوعين من سَبَجٍ وشَذْرِ
أو حمرةِ الوجناتِ لا
…
ح شقيقها في آسِ شعر
يلجا إلى الكافور في
…
كانونَ مفتقرٌ ومثري
فمقامه في البيت أنفع في
…
هـ من نمطٍ (5) وَسِتْرِ 1091 - وله (6) :
ويومِ بردٍ عقوده بَرَدٌ
…
لها سلوكٌ من هَيْدَبِ المطرِ
ينثره الجوُّ ثم تَنْظِمُ من
…
هـ الأرضُ في الحال كلَّ منتثر
كأنَّ ذاك الشرارَ من ذَهَبٍ
…
(7) قراضةٌ تستطيرُ من نقر 1092 - شاعر:
زرتُ بعضَ الإخوان في يومِ قرٍ
…
ما على يومِ قرّه من مزيدِ
(1) ديوانه: 244.
(2)
الديوان: هيئة.
(3)
الديوان: النار في ماء.
(4)
ديوان ظافر: 135.
(5)
زاد في ص: وملتحف.
(6)
ديوانه: 132 والخريدة (قسم مصر) 2: 11.
(7)
ص: ظفر.
فأتاني بمنقلٍ فيه فحمٌ
…
فوق جمرٍ وارٍ بغيرِ وقود
خِلْتُةُ جاءَني بأَصداغِ غيدٍ
…
لاحَ من تحتها احمرارُ الخدود 1093 - ابن الطوبي (1) :
ونارِ فحمٍ ذي منظرٍعجب
…
يُطْرَدُ عنها الشرارُ باللهبِ
كأنّما النارُ مِبْرَدٌ جُعِلَتْ
…
تبردُ منه بُرادةُ الذهب 1094 - ابن الساعاتي (2) :
انظرْ إلى الكانونِ في بدئه
…
وبعدَ ما يخمدُ منه اللهبْ
بينا ترى المسكَ على (3) فضةٍ
…
حتى ترى الكافورَ (4) فوقَ الذَّهَبْ 1095 - شاعر في الشرار:
كأنَّ الشرارَ على نارنا
…
وقد راق منظرها كلَّ عَيْنِ
سُحالةُ تبرٍ إذا ما علا
…
فإما دنا فَفُتَاتُ اللجينِ 1096 - شاعر:
اشربْ على النار في الكوانين
…
قد انقضتْ مدّةُ الرياحينِ
بدتْ لنا والرمادُ يَحْجُبُهَا
…
كجلّنار من تحتِ نسرين 1097 - ابن وكيع (5) :
وقرٍّ قد طردتُ بنارِ راحٍ
…
عضدتُ جنودَها بوقودِ نارِ
لها شررٌ كأنّ الريحَ منه
…
تُبَدِّدُهُ نثارٌ من بهارِ 1098 - شاعر:
أعدَّ الورى للبردِ جُنداً من القلى
…
ولاقيته من بينهم بجنودِ
(1) الخريدة (قسم المغرب) 1: 63.
(2)
ديوان ابن الساعاتي 1: 116 وهما بم بحر السريع، وقد عبث محقق الديوان بهما فأخرجهما إلى وزن آخر.
(3)
الديوان: تراه سبجاً مذهباً.
(4)
الديوان: الفضة.
(5)
لم يردا في ديوانه المجموع.
ثلاثة نيران: فنارُ مدامةٍ
…
ونارُ صباباتٍ ونار وقود 1099 - الصنوبريّ (1) :
نار راح ونار خدٍّ ونارُ
…
كحشا الصّبِّ بينهنَّ استعارُ
ما أبالي ما كان ذا الصيفُ عندي
…
كيف كانَ الشتاءُ والأمطار 1100 - آخر (2) :
إذا ارتمتْ بالشرار فاطَّردَتْ
…
على ذراها مطاردُ اللهبِ
رأيتَ ياقوتةً ممَّسكة
…
تطيرُ منها قُراضةُ الذّهب
طافتْ بها الكاسُ وهي مُتْرَعَةٌ
…
مبيضَّةُ العارِضَيْنِ بالحَبَبِ 1101 - شاعر:
كلّ شيءٍ مُسْتَحْسَنٌ في العيونِ
…
دونَ نارِ الكانونِ في كانونِ
صِبْغُ خدِّ المعشوقِ فيه وفيه
…
حَرُّ أحشاءِ عاشقٍ محزون 1102 - القاضي نصر بن سيار (3) :
وليلةٍ سامَحَتْنِي
…
فيها نوائبُ دهري
بتنا نضيعُ دجاها
…
ما بينَ خَمر وجمر
فذاك ذائبُ جمرٍ
…
وذاك جامدُ خمر 1103 - آخر:
وليلةِ قرٍّ بتُّ أَهْزِمُ بَرْدَها
…
بجيشين من خمرٍ ذكي ومن جمرِ
فطوراً أظنُّ الخمرَ ذائبَ جمرها
…
وطوراً أظنُّ الجمر منعقدَ الخمر 1104 - كشاجم (4) :
وَمُقْعَدٍ لا حَراكَ يُنْهِضُهُ
…
وهو على أربعٍ قد انتصبا
(1) ديوان الصنوبري: 64 وثمار القلوب: 584 وقطب السرور: 608 ومعاهد التنصيص 1: 219.
(2)
منها بيتان في معاهد التنصيص 2: 101.
(3)
دمية القصر 2: 277.
(4)
لم ترد في ديوانه وهي في معاهد التنصيص لأبي بكر الخالدي 2: 101.
مصفّر محرق تَنَفُّسُهُ
…
تخاله العين عاشقاً وَصِبا
إذا نظمنا بجيده سبجاً
…
تخاله بعد ساعةٍ ذهبا
فما خبت نارُه ولا وَقَفَتْ
…
خيولُ قصفٍ جَرَتْ (1) بنا خببا 1105 - آخر:
وأزهرَ وضاحٍ يروقُ عيونَنا
…
إذا ما رميناهُ بلحظِ النّواظرِ
له أربعٌ تأَبى السّرى غير أنها
…
تصافحُ وَجْهَ الأرضِ مثلَ الحوافر
تواصلنا أيامَ للقرّ صولةٌ
…
وتهجرنا أيامَ لفحِ الهواجر
تقلّ جسوماً بعضها في مورّدٍ
…
وسائرها في مِثْلِ سودِ الدياجر
نظمنا كؤوس الراح في جنباته
…
نجوماً على قُطْبٍ من اللهوِ دائر
طوالعَ فوق الراح مثنى وَمَوْحَداً
…
غواربَ ما بين اللها والحناجر 1106 - الشريف أبو الحسن العقيلي (2) :
نارٌ أتاكَ بها غزا
…
لٌ أهيفٌ رطبُ الشبابِ
محجوبةٌ برمادها
…
بعدَ اضطرابٍ والتهاب
مثل العُقَارِ إذا بَدَتْ
…
في كأسها تحت الحباب 1107 - لبعضهم:
سقياً لنا وظلامُ الليل يَكْنُفُنا
…
ونحن ما بين نيرانٍ وأنوارِ
وللأباريقِ في الكاساتِ قهقهةٌ
…
وللشموعِ أكاليلٌ من النار
وقد عَقَدْنَا وشاحَ اللهو من طَرَبٍ
…
يدورُ في فَلَكٍ للرَّقْصِ دوّار 1108 - بعض المغاربة (3)، وأجاد:
هات التي للأيكِ أَصْلُ ولادها
…
ولها حنينُ الشمسِ في الإشماسِ
أُنْسُ الوحيدِ وصبحُ ليلِ المعتشي (4)
…
ولباسُ مَنْ أمْسى بغيرِ لباس
بيضاءُ (5) ترفلُ في السوادِ كأنَّما
…
ضَرَبَتْ بِعِرٍْق في بني العبّاس
(1) ص: حركت.
(2)
ديوان العقيلي: 53.
(3)
هو ابن سارة، كما في نفح الطيب 3:441.
(4)
النفح، عين المجتلي.
(5)
النفح: حمراء.
1109 -
شاعر:
انظرْ لكانوننا وما فيه
…
وقد بدا بيننا تلظِّيهِ
يأخذُ فحماً كأنه سَبَجٌ
…
يتركه عسجداً لرائيه 1110 - آخر:
كأنما نارنا وقد عَلِقَتْ
…
في الفحم منها أوائلُ الوَّهجِ
جامُ عقيق عليه قد نُثِرَتْ
…
قلائدٌ نُظِّمت من السّبَج 1111 - آخر:
أتانا بكانونٍ بكانونَ يلتظي
…
به جمرةٌ في الفحمِ ذاتُ توهّجِ
كروضٍ نضيرٍ جاده الطلُّ فابتدا
…
خلال شقيقٍ فيه نَوْرُ بنفسج 1112 - الشيخ شرف الدين المصنف:
أتانا بكانونٍ يُشَبُّ اضطرامه
…
كقلبِ محبٍّ أو كصدرِ حسودِ
كأنَّ احمرارَ النارِ من تحت فحمها
…
خدودُ عذارى في محاجرَ سودِ 1113 - السري الرفاء (1) :
خفقتْ رايةُ الصباح وللنا
…
رِ لهيبٌ كالرايةِ الصفراءِ
لمعتْ للعيونِ بعدَ سوادٍ
…
فأنارتْ (2) حنادسَ الظلماء
واستقرَّتْ تحتَ الرمادِ فَخِيلَتْ
…
ذهباً تحتَ فضةٍ بيضاء 1114 - المأموني (3) :
ما ترى النارَ حين أسقمها الق
…
رّ فأضحتْ تخبو وحيناً تَسَعَّرْ
وغدا الجمرُ والرمادُ عليه
…
في قميصين مُذْهَبٍ ومعنبر 1115 - شاعر:
وافى الغلامُ بمنقلٍ متضمنٍ
…
ناراً فيا طوبى لها من نارِ
(1) ديوان السري: 11.
(2)
الديوان: اسوداد فاضاءت.
(3)
اليتيمة 1: 47 والوافي 8: 289 والفوات 2: 322 ومحاضرات الراغب (2: 277) .
وتوقَّدَتْ في فحمه جَمَراتُهُ
…
كالخدِّ يُشْرِقُ في سوادِ عذار
وخبتْ فخلتُ رمادَها من فوقها
…
حبباً يُنَظَّم فوقَ كأسِ عقار 1116 - الشيخ شرف الدين المصنف، وأطنب في وصف هذين البيتين، وبالغ في استحسانهما، وهما كما ترى (1) :
كأنما نارنا وقد (2) خَمَدَتْ
…
وجمرُهَا بالرمادِ مستورُ
دمٌ جرى من (3) فواختٍ ذُبِحَتْ
…
من فوقه ريشهنَ منثور
(1) الغزولي 2: 19 (دون نسبة) وهما في معاهد التنصيص 2: 102 لمجير الدين ابن تميم.
(2)
الغزولي: انظر إلى النار وهي مضرمة.
(3)
الغزولي: شبه دم من.
فراغ