الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب العاشر
في تأويل رؤيا الأجرام العلوية وما يتعلق بها في المنام كل مذهب حكماء
الفلاسفة والإسلام
593 -
رؤيا النهار والليل:
قال حكماء اليونان: رويا النهار في النوم خير من رؤيا الليل، لأن النهار وقت المعاش والليل وقت البطالة والعطلة، إلا لمن يكون الليل أوفق له وأليقَ بحاله، مثل الهارب والآبق والمستتر المتواري ومن أشبهم، فإن رؤيا الليل أوفق له من رؤيا النهار.
594 -
رؤيا الشمس والقمر والسماء والكواكب (1) :
1 -
الشمس: تدل على السلطان وعلى جميع الحيوانات، لأنّ قواها بها، فمن رأى الشمس على أحوالها الطبيعية من الضياء والنور والسير وجهات الطلوع والغروب دلّ على انتظام أموره وصلاح معاشه، بواسطة سعادة السلطان؛ ومن كان في غمّ أو حيرة ورأى أن الشمس طالعة والعالم مستنير بنورها زال عنه الغمّ والتحير، وكذلك إذا رآها من يرجو شيئاً نال ما يرجوه ويؤمله.
وحكي أن رجلاً رأى أنه ينظر في الشمس فيرى صورته فيها؛ فرزق ابناً صار ملكاً عظيماً.
وكما أن طلوع الشمس جيد فغروبها رديء، لأنه يدل على اليأس والتحير. وكان رجل أرمد العين، فرأى في النوم أن الشمس غابت، فعمي بصره، لأن الشمس في العالم بمنزلة العين في الجسد.
وطلوع الشمس من جهة أخرى غير مشرقها رديء مذموم، وكذلك من رأى الشمس على لون غير لونها من السواد والحمرة والعتمة والظلمة دلَّ على الفساد والشر،
(1) قارن بما ورد عند ارطاميدورس: 289 عن الشمس، وص 292 عن القمر.
ومن رأى أنها أظلمت بحيث لا تضيء ألبتة أو غابت كان رديئاً، إلاّ إن كان هارباً أو عازماً على عمل شيء في الخفية؛ وكثرة الشموس في النوم رديء لأن كثرة الرؤساء تفسد النظام.
2 -
القمر: يدل على امرأة عظيمة القدر، وكما أن الشمس تدل على صاحب
البيت فكذلك القمر يدل على سيدة البيت، ويدل على السفر أيضاً لسرعة سيره.
ورأى رجل القمر فقال للمعبر: رأيت كأني قريب من القمر وكلمته، فقال له
المعبر: تسافر في البحر، فكان كما قال. ثم بعد سنة رأى هذا الرجل بعينه هذا المنام بعينه، فرجع إلى ذلك الموضع، فسأل المعبّر عن المنام فقال: تبتلى بحمى الدق، فقال صاحب المنام: سألتك عن تفسير هذا المنام قبل هذه السنة فقلت: تسافر في البحر فسافرت، والآن تعبره على حمى الدق، والمنام واحد، فما الفرق؟ فقال له المعبر: المنام الأول رأيته لخمس ليال خلون من الشهر والقمر على شكل السفينة، فلما قربت منه دلَّ على ركوب السفينة، والآن رأيت الهلال وقد بقي من الشهر ليلة واحدة، وهو في غاية الدقة والهزال، فيدل على أنك تصير مثله في الدقة، وإنما يكون ذلك بحمى الدق، فكان كما قال: وكل ما تدل عليه الشمس يدل عليه القمر أيضاً إلا أن ما يدلّ عليه القمر أقل وأنقص مما تدل عليه الشمس، ويكون ذلك الأمر الذي دل عليه القمر من جهة النساء.
3 -
رؤيا الكواكب (1) : قال اليونانيون: رؤيا الكواكب لمن ينوي السفر جيدة، ولمن يعمل عملاً في الخفية، لأن الكواكب إنما تظهر بعد غيبة الشمس، ولا تضيء إضاءة كثيرة، وأن السماء مثال البيت، فمن رأى أنه سقط عليه من السماء كوكب، سقط من أهل بيته أحد على حسب قدر الكوكب الذي رأى في المنام.
وحكي أن رجلاً رأى في المنام أنه يأكل النجوم، فاتفق أنه صار منجماً، وكان يتعيَّش بصناعة التنجيم.
ورأى رجل أنه ظهر في السماء شهب وكواكب كثيرة، فقال له المعبر: هذا يدلّ على أن السنة حارّة يابسة لأن هذه الآثار إنما تتولد في مثل هذه السنة، وقد جُرِّب ذلك فكان كما قال.
(1) قارن بما عند ارطاميدورس: 294.
آراء العرب في ذلك (1) : قالت العرب: الشمس تدلّ على السلطان الأعظم. فمن رأى أنه قرب من الشمس أو أخذ منها شعاعاً ونوراً دلَّ على قربه من السلطان. ونال منه مرتبة علية ودرجة رفيعة.
القمر (2) : يدل على وزير السلطان، والهلال على ولد مبارك، أو ولاية جليلة، أو ربح في تجارة. وقال جاماسف: ينصر على عدوه ويظفر به.
الزهرة: تدل على زوجة الملك، وعطارد يدل على كاتبه، والمريخ يدلّ على اسفهسلاّره، والمشتري يدلّ على خادمه، وزحل يدل على صاحب النقمة والعذاب؛ وكبار الكواكب تدل على الروساء، وصغارها تدل على العوام.
والقمر إذا رؤي على الأرض دلّ على الزوجة، وإذا رؤي في السماء دلّ على الوزير. ومن رأى القمر في بيته تزوّج بامرأة كبيرة القدر.
وكثيراً ما تدل الشمس على الأب، والقمر على الأم، والكواكب على الإخوة خصوصاً إذا كانوا تحت حُكْمِ الوالدين، مثل منام يوسف عليه السلام، فإن الشمس كان أباه، والقمر أمه، والكواكب إخوته الذين سجدوا له.
قال المصنف: ومن المجرّب أن من رأى أنه ينظر إلى السماء، والكواكب، والهواء صافٍ والكواكب نيّرة والسماء بادية، فإنه إن كان في كرب وغمّ فرج عنه كربه وغمه، ونال مسرة وانشراح صدر. وقد جرب ذلك مراراً.
595 -
رؤيا السماء (3) : من رأى أنه صعد إلى السماء وهو ينظر إلى الأرض فإنه ينال رفعةً، فإن رأى أنه دخل في السماء وغاب فيها فإنه يموت ويرجع إلى الآخرة. ومن رأى كأن سهيلاً طلع عليه دلّ على إدباره وخراب بيته. لأنه لا يطلع في البلدان العامرة بل في البراري، ومن طلعت عليه الزهرة نال الإقبالَ إلى آخر عمره، ومن طلع عليه المشتري ناله ملك ورفعة إلى آخر عمره. ومن رأى الفلك كأنه يدور تحوّل من حالٍ إلى حال أو من دار إلى دار أو من بلدٍ إلى بلد.
وقال أرطاميدورس (4) : من رأى الكواكب تحت السقف دلّ على خراب بيت
(1) انظر ابن سيرين بهامش تعطير الأنام (1: 160 - 162) وتعطير الأنام 2: 2.
(2)
ابن سيرين 1: 163 وتعطير الأنام 2: 150.
(3)
ابن سيرين 1: 156 وتعطير الأنام 1: 297.
(4)
انظر ارطاميدورس: 297.
صاحبها حين تكون الكواكب تدخل بيته، ويدل على موت رب البيت ودليل المنازل والكواكب ذوات الأذناب في الرؤيا مثل الذي تفعله إذا ظهرت في اليقظة.
وطلوع الفجر لمن رآه نور وهداية كما أن الليل لمن رآه ضلال وغمة. وكل ما رؤي في الشمس والقمر من حدوث كسف أو خسف فهي حوادث رديئة تحدث بالملك أو وزيره، وباقي الكواكب على التفسير المتقدم في حوادثها تدلّ على الحوادث فيمن عرفت به. ومن رأى الشمس استترت بالسحاب فإن الملك يعرض له مرضٌ يسير ويبرأ منه. وكذلك في القمر وبقية الدراري السبعة. كل درب منها يدل على من هو منسوب إليه في التعبير المتقدم، والله أعلم.
تمّ الجزء الأول