الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثامن
في آراء المنجمين والفلاسفة الأقدمين في الفلك والكواكب
573 -
العالم عند الفلاسفة عبارة عن كل مخلوق لله عز وجل في السموات والأرض، وهما عالمان: العالم العلوي، وهو من دورة الفلك الأعلى المحيط المسمى بالفلك الأطلس إلى مقعَّر فلك القمر، والعالم السفلي وهو من فلك النار المتصل بمقعر فلك القمر إلى مركز الأرض.
وهذا العالم السفلى يسمى عندهم " عالم الكون والفساد " وهو أربعة أجرام تسمى " الأركان " و " الاسطقصات " و " العناصر "، أعلاها النار ثم الهواء ثم الماء ثم الأر؛ وحركتها مستقيمة من الوسط وإلى الوسط، يستحيل بعضها إلى بعض على الدوام والاستمرار فمتى كيفت النار استحالت هواء، ومتى كيف الهواء استحال ماءً، ومتى كيف الماء استحال أرضاً، وبالعكس ش لطفت الأرض استحالت ماء، ومتى لطف الماء استحال هواء، ومتى لطف الهواء استحال ناراً. وجميع الكائنات في الأرض فهي متولدة من هذه الأربعة العناصر بتركبب بعضها ببعض وامتزاج بعضها في بعض، بالزيادة في الطبابع والنقصان. وجملة المتولدات في الأرض من هذه العناصر تحصرها ثلاثة أجناس: جماد ونبات وحيوان، فهذه جملة العالم السفلي، وهو عندهم حادث مركب مستحيل كائن فاسد على الدوام.
فأما العالم العلوي فإنه عندهم عبارة عن تسعة أفلاك، أعلاها الفلك المحيط المسمى بالأطلس، وهو فلك لا كوكب فيه ولذلك سموه أطلس، ذو نفس وروح وجسم، متحرك على الوسط حركةً دولابية من المغرب إلى المشرق، في كل يوم وليلة دورة واحدة؛ ويليه فلك الكواكب الثابتة وفيه جميع الكواكب ما عدا السبعة السيارة؛ ويليه فلك زحل وليس فيه غير كوكب زحل؛ ويليه فلك المشتري وليس فيه
غير كوكب المشتري؛ ويليه فلك المريخ كذلك، ثم فلك الشمس، ثم فلك الزهرة، ثم فلك عطارد، ثم فلك القمر. وجميع هذه الأفلاك الثمانية تدور من المشرق إلى المغرب. والفلك الأعلى المحيط يردها قسراً ويديرها من المغرب إلى المشرق في كل يوم وليلة، وكذلك ترى الشمس طالعة عليه كلّ يوم من الشرق؛ وجميع هذه الأفلاك التسعة أجسام كرياتٌ بسائط مشفّاتٌ متركبة بعضها في بعض متلاصقة. وكل فلكٍ منها ذو جسم ونفس وعقل. يعرف نفسه ويعرف بارئه. وكلها متحركة على الدوام حركة دورية دولابية.
574 -
البروج والدرج:
قدماء الفلاسفة قسمت الفلك الثامن ذا الكواكب الثابتة باثني عشر قسماً سمتها بروجاً: وهي الحمل. الثور. الجوزاء. السرطان. الأسد. السنبلة. الميزان. العقرب. القوس. الجدي. الدلو. الحوت؛ وجعلوا كلَّ برج منها ثلاثين درجة، تكون جملتها ثلاثمائة وستين درجة. وقسموا كل درجة بستين جزءاً تسمى دقائق، وكل دقيقة بستين جزءاً تسمى ثواني، وكل ثانية بستين جزءاً تسمى ثوالث، وكذلك إلى الروابع والخوامس والسوادس إلى غير نهاية.
وبحلول الشمس وانتقالها في هذه البروج يكون اختلاف فصول الزمان إلى غير ذلك مما يحدث في عالم الكون والفساد من نشوّ واضمحلال الجماد والحيوان والنبات.
وبحلول الكواكب السبعة السيارة أيضاً في هذه البروج تختلف أحوال جزئيات حوادث العالم السفلي في كل ما يفسد منه أو يكون، بل وفي كل تغيّر يظهر فيه من حركة أو سكون.
575 -
في ماهية الكواكب:
قال أرسطو طاليس: ليست مادة الكواكب من مادة نارية ولا أرضية ولا من غيرهما من الطبيعة، لكنها من مادة عالية جوهرية شفافة صلبة قوية غير خفيفة ولا ثقيلة ولا متغيرة ولا مستحيلة ومن أجل ذلك صارت طبيعة خامسة منفردة وأجراماً منيرة متوقدة وثبتت في مراكزها لا منحدرة ولا صاعدة.
576 -
في دوران الفلك على الأرض:
الفلك المحيط يدور على قطبين: القطب الشمالي والقطب الجنوبي، ودورانه
على الأرض بحركة دولابية، فيكون نصفه أبداً تحت الأرض ونصفه فوق الأرض، فيكون في دائم الأوقات ستةَ بروج طالعةً بدرجها فوق الأرض بالنهار، وستة بروج غاربة بدرجها تحت الأرض بالليل، لأنا قلنا إنه يدير بدورانه كل ما دونه من الأفلاك
وفلك البروج معها. وعلى طلوع هذه البروج والدرج وغروبها تنبني علوم التعاديل وسائر علوم المنجمين.
وللقطبين فيما ذكره الفلاسفة والمنجمون خواص عجيبة:
577 -
خواص القطب الجنوبي:
1 -
الأولى:
أيّ أنثى من الحيوان على العموم إذا كانت حاملاً وعسرت عليها الولادة فنظرتْ إلى القطب الجنوبي وإلى سهيل ولدت على المكان، بعقب وقوع عينها عليه؛ أما في الانسان فبأن تقصد النظر إليه، وأما في سائر الحيوان فبأن يتفق وقوع نظره عليه.
2 -
الخاصة الثانية:
إذا انقطعت شهوة الجماع عن إنسان، من غير كبر ولا شرب دواء، فليدمِ النظر إلى القطب الجنوبي ليالي متوالية، فإنه يرجع إلى حالته الأولى.
3 -
الخاصة الثالثة:
إذا أردت قَتْلَ الذباب الكبار فخذ أصل خربق أسود، وقم حيال كوكب سهيل ثلاث ليال متوالية، وارم بأصل الخربق وقل: هذا لقتل الذباب، تقول ذلك مراراً في كل ليلة، ثم تسحق أصل الخربق كله ودقه مع عيدانه وعروقه وأصله، ثم اخلطه بماء قراحٍ ورشّه في البيت والدار. فإن الذباب يموت إن شمّ رائحته أو دنا منه.
4 -
الخاصة الرابعة:
إذا كثر خروج الثآليل في بدن الانسان وأراد قلعها فليأخذ لكل ثؤلول على بدنه وزنةً من ورق الغَرَب، أو لكل ثلاثة منها أو أربعة ثلاثة أو أربعة على عددها، ويأخذ الورق بيده اليسرى ويومئ بها إلى القطب الجنوبي، أو إلى كوكب سهيل، فهما في الخاصة واحد، وتقول هذا الورق يقطع الثآليل التي عليَّ. تقول ذلك اثنين وأربعين مرة في ليلة أو أكثر من ليلة، ثم تدق الورق في هاون من اسبيدريه وتجعله على الثآليل فإنها تجف وتنفرك.
5 -
الخاصة الخامسة:
النظر إلى القطب الجنوبي وإلى سهيل معاً في وقت واحد يزيل المالنخوليا، وذلك بأن ينظر العليل إلى هذا القطب، ويديم النظر إليه ليلة بعد ليلة دواماً كثيراً، وقد
جُرِّب فصحَّ، وهذا مما يدل على ان لهذا القطب وهذا الكوكب خاصية في إحداث الطرب والسرور في الناس، ولذلك ان الزنج لما كانوا متقاربين من مدار سهيل كان فيهم الطرب الشديد.
6 -
الخاصة السادسة:
المرأة التي بها عِلَل الأرحام عن برد ورطوبة إذا قامت وهي تنظر إلى القطب الجنوبي وإلى الكوكبين الصغيرين الذين عن جنبتيه وتنظر إلى سهيل أيضاً، إن كانت في موضع تراه، وأومأت بيدها اليمنى إلى القطب فقبضت بكفها وخمس أصابع كأنها تريد أخذ شيء من الهواء، وضمَّت أصابعها إلى راحتها، ثم أومأت بها إلى فرجها، ثم كررت هذا الفعل سبع مرات في ليلة السبت، ثم تفعل كذلك سبع مرات في سبع ليال آخرهن ليلة الجمعة التي بعد ذلك السبت، وهي تفعل ما ذكرناه في كل مرة تقبض على راحتها بأصابعها الخمس وتقول: أخذت بيدي هذه قوة من القطب الجنوبي وكواكبه الجنوبية، وشفيتُ به علة رحمي بإذن هذه الجواهر الروحانية المقدسة. فإن هذه العلة تزول عن رحمها. وعلامة ذلك أنها تدخل الحمام بعد أربع ليال من هذا الفعل، وتدخل البيت الحارّ من بيوت الحمام، وتنظر إلى رحمها تسيل منه رطوبة كريهة الريح، وتفعل ذلك في يوم السبت الثامن من ابتداء عملها وتفعل كذلك في دخول البيت الحار، فإنها ترى مثل تلك الرطوبة قد سالت منها وأكره وأنتن ريحاً، وهو من العجائب المجربة.
7 -
الخاصة السابعة:
إذا عضّ الانسان كلبٌ كَلب، وأخذ المعضوض قطعة من لبد معمولة ببلاد الترك خاصة. فبلَّها ببولِ كلبٍ سليم أسود، ثم أخذها بيده وقام حيال سهيل والقطب الجنوبي، وأومأ بالليل نحوهما وخاطبهما وقال: هذا اللبد التركي أجعله على موضع هذه العضة التي عضّني الكلب، اشفني أيها الكوكب من هذه العضة، اشفني بحق الشمس، ويتكلم بذلك أربع عشرة مرة، وهو يرفع قطعة اللبد باليد اليمنى نحو الكوكب والقطب جميعاً، ثم يشد اللبد على موضع العضة، فإنه يسيل من ذلك الموضع بعد ثلاث ساعات من الزمان رطوبة قبيحة المنظر والريح، كأنها ماء اللحم، تضرب إلى السواد، ثم بعده رطوبة بلغمية لزجة، ثم يقلب اللبد ويضعه على العضة مره أخرى إلى تمام ثنتي عشرة ساعة مستوية، فإنه يحصل له الشفاء، وإن عاد الوجع فليعاود ذلك العمل بقطعة أخرى من اللبد غير القطعة الأولى، ويعاود شدّها على
الموضع، فإنه يبرأ، وليكن قيامه حيالَ القطب وكلامه ذلك والقمر إما في الثور وإما في السرطان مقارناً للمشتري أو متصلاً به اتصالاً قوياً.
8 -
الخاصة الثامنة:
النظر إلى القطب الجنوبي وإلى سهيل معاً يشفي من الظفرة التي تظهر في العين، وذلك بأن يديم النظر إليهما ويحدّق نحوهما، ثم يعطف رأس اصبعه السبابة اليمنى نحو عينيه، يفعل ذلك ليالي متوالية أولها ليلة الثلاثاء، ويدمن ذلك ولا يقطعه إلى أن تزول الظفرة، فإنها تذهب إلى تمام اثنين وأربعين يوماً أو سبعة وأربعين يوماً. وليكن هذا النظر والتحديق بالليل، ويجب أن يكون أكله من أول النهار إلى زوال الشمس كل يوم من هذه الأيام التي يعالح بها نفسه.
9 -
الخاصة التاسعة:
للبياض الحادث في العين من القروح يقوم العليل مستقبل القطب الجنوبي وكوكب سهيل، في ليلة اتصال القمر بعطارد مقارناً أو في أحد بيتيه، ثم يقول: يا كوكب سهيل ويا أهل عالم القطب العظيم، هذه عيني وهي في أيديكم اقلعوا منها هذا البياض الذي قد آذاني ونغَّص عليَّ حياتي وأريحوني، يا أهل العالم العلوي، اقلعوا هذا من عيني بقدرتكم آمين؛ يديم هذا الكلام أربع عشرة مرة، في كل ليلة من الترداد ما أمكنه، فإنه يبرأ. 10 - الخاصة العاشرة:
الجمال ذكورها وإناثها إذا وقعت عينها بالاتفاق على القطب الجنوبي أو على سهيل ماتت في الحال فجأة أو مرضت، ثم تموت، والجمال التي تموت من ذلك تصلح لأعمال كثيرة ولها خواص.
الأوّلة: إن المرأة التي احتبس طمثها إن تحملت في قطنة بشيء من دم ذلك
الجمل أو من مرارته أدرّ طمثها على المكان.
الثانية: إن سُحِقَ شيء من عظامه من أي موضع كان من جسمه وطلي به
رأس المصروع ملتوتاً بزيت أذهب عنه الصرع.
الثالثة: إن أخذ من دماغه مثقال، وديف بشرابٍ متوسط، وسقي المصروع من هذا المثقال وزن ربعه حتى يشرب تمام المثقال في أربعة أيام، زال عنه الصرع بتةً؛ وإن شرب هذا المثقال مع الشراب مَنْ عرض له خَدَرٌ أو لقوةٌ أو سكتة زال؛ وإن شرب منه مَنْ عرض له خُناقٌ في حلقه زال عنه.
الرابعة: كبد هذا الجمل إن أُكل منه نيئاً من ابتدأ به نزول الماء في عينيه ثلاثة أيام متوالية زال عنه الماء بتةً.
الخامسة: إن أخذ من عروقه فجفف وسحق وخلط بخلٍّ ورشّ في دار فيها القردان قتلت بالكلية.
السادسة: إن جفف شيء من طحاله وأخذ منه وزن درهمٍ وسحق وسقي بشراب لمن ضعفت فيه شهوة الطعام وضعفت معدته، قويت معدته وزال ضعفها، فإن لم يحصل ذلك في دفعة واحدة فليعاود شرب درهم ثان وثالث، إلى أن يحصل الشفاء؛ وإن أخذ من لحم هذا الجمل شيء مع جلده وعروقه وأعصابه وأحرق بالنار بخشب الطرفاء، وجمع الرماد وترك حتى يبرد، وجمع في إناء زجاج، وغمَّ يوماً وليلة، وسقي منه درهم لضعف المعدة وشدة الوجع، أزال وجع المعدة.
السابعة: إذا أحرق بعض أجزاء هذا الجمل بخشب العوسج مع العظم والعصب والعروق والجلد والشعر أو شيء أخرق من أحشاء جوفه، وأخذ من هذا الرماد ومن المرارة على جهتها ربع مثقال؛ وخلطا وبلاّ بخل، وطليا على موضع من البدن الذي يراد أن لا ينبت الشعر فيه، حلق الشعر منه ولم ينبت في ذلك الموضع شعر البتة، وإن طلي بهذا الرماد في أسفل بدنه قوبة أو بواسير جففها، وذلك بعد طليات عدة إما ثلاثاً أو أربعاً، ويجب أن يطلى ذلك على البدن بخمر جيدة مكان الخل.
الثامنة: إن أخذ من كبد هذا الجمل جزء ومن دمه جزء، ودقا معاً وخلطا بخمر، ويضاف إليهما بعد الخمر شيء من اشنان جيد مطحون، وطلب به على الرجل المنقرس وساقيه نفعه نفعاً بيناً، وإن أديم طلي ذلك عليه أزال الوجع البتة، وإن طلي على الأظفار خاصة، وكان فيها تعقف أو سماجة أو تقشر أو وجع، أزال ذلك كله.
التاسعة: إن قلع ذكر هذا الجمل، وعلق كما هو بخيط ابريسم أحمر على من لا يطيق القرب من النساء، قوي على الجماع، وينبغي أن يكون تعليقه على العصعص.
العاشرة: المرأة العاقر يأخذ زوجها من مخ هذا الجمل مخلوطاً بشيء من سنامه، ويذيبه على النار ويطلي به ذكره طلياً كثيراً، ويجامعها، فإنها تحمل من ذلك الجماع. وإن أخذت مثانة هذا الجمل وجففت وسحقت وخلطت بشيء من شحم سنامه، وطلى الرجل به ذكرة وتحملت المرأة منه شيئاً بعد الجماع بقطنة فإنها تحمل ولو كانت عاقراً.
الحادية عشرة: إذا أردت ان تبطل حس أيّ موضع شئت من بدن الإنسان،
فخذ من دماغ هذا الجمل مثقالاً، ومن سنامه مثقالاً، واخلطهما بشيء من ماء الزرع المعتصر، واجعل الجميع على نار لينة حتى يختلط الكل، فيشرب بعضه، ويطلى بعضه على الموضع، فإنه يبطل حسّ الموضع بالطلى.
الثانية عشرة: يؤخذ من لحمه وشحمه وسنامه رطل ونصف من الكل، ويعتصر ماء البصل الرطب، ويطبخ اللحم والشحم والسنام منه طبخاً يسيراً إلى أن يبقى من ماء البصل نصفه، ثم يطلى من تلك المرقة من به داء الثعلب على رأسه طليات عدة، ويدخل بعد ذلك الحمام فإنه يبرأ.
الثالثة عشرة: من اعتاده سهر مفرط فأخذ من دماغ هذا الجمل دانقين، ومن
شحم جوفه درهماً وأربعة دوانيق، ومن عظم العصعص نصف درهم، فخلط بعضها ببعض بالسحق، ثم صبَّ عليها يسيراً من خمر جيدة حديثة، وطلى منه على يافوخه وشمه، وطلى منه خياشيمه، أزال السهر عنه ونام.
الرابعة عشرة: متى قَطَعَ فخذ هذا الجمل مع ساقه وخفه، ونصبه في موضع ينتابه الوحش، نفر من ذلك الموضع الضباع والذئاب ولم تقربه، ويجب أن يُنْصَب والقمر مقارن المريخ ناقص الضوء.
578 -
وأما القطب الشمالي: فله خواص ذكرها مكلوشا وغيره.
الأولى: النظر إلى القطب الشمالي وإلى الدب الأصغر يشفي من الجرب في العين والرمد، وذلك بأن يقوم العليل ليلة الأحد إذا ظهرت النجوم بعد ساعتين من غيبوبة الشمس حيال القطب الشمالي والدب الأصغر، فيحدق اليهما، ويأخذ ميلاً من فضة مغموساً في عرق الورد الخالص، ويكتحل به صاحب العين الرمدة والجربة، ثم يقول: يا أهل عالم القطب الشمالي، ويا كوكب القطب الشمالي، اشفوا عيني من هذه العلة التي أنا متأذٍّ منها وعليل من أجلها، وأريحوني وارحموني يا رحماء، واقلعوا هذا الجرب وهذا الرمد من عيني هذه التي هي ضيائي بين أبناء البشر، يقول هذا وهو يكحلها بالميل بعرق الورد، وينظر إلى القطب وإلى الكواكب التي حوله، يفعل ذلك من ليلة الأحد إلى ليلة الأحد، يكتحل في كل ليلة ما أمكنه، وكلما كان الاكتحال أكثر كان أجود، فإن الجرب والرمد ينقلعان، إلاّ أنّ ذهاب الرمد أسرع من ذهاب الجرب.
الثانية: النظر إلى هذا القطب وما حوله من الكواكب يشفي من اليرقان الشديد، وذلك بأن يقوم العليل حيال هذا القطب، وينظر إليه كأنه يتناول منه شيئاً، ثم يضع يده التي مدها على كبده ويقول: يا كوكب القطب الشمالي اشفني من علتي هذه آمين؛ وليبتدئ من ليلة الجمعة إلى ليلة الجمعة، وإن صعبت العلة فليقل الكلام ويضع يده اليسرى على كبده، ويتمرغ على الأرض سبع مراتٍ وعليه ثيابه، ثم يقوم عقيب كل مرة يتمرغ، ويضع يسراه على كبده ويقول الكلام، فإنه يستجاب له ويبرأ.
الثالثة: قالوا إن الأسد والببر والنمر والذئب إذا مرضت قامت حيال هذا القطب، وأطالت النظر إليه فشفيت، واللبوة إذا حملت أو نالها شيء، وربما بقيت ثلاثة أيام لا تأكل شيئاً، فتأتي إلى نهر فيه ماء جار له عين ينبع منها ماء، فتقوم في الماء إلى نصف ساقيها، وتنظر إلى القطب الشمالي فتبرأ من وجعها.
الرابعة: أيّ جرحٍ كان بإنسان أو خراج أو ورم وآذاه، فعمد إلى ذلك الموضع من بدنه، فصوَّر فيه صورة سمكة بزرقة أو خضرة، ونقط بدنها كلّه بنقط خضر وزرق، وقام بالليل حيال القطب الشمالي، ووضع في نفسه أنه يخاطب الكواكب المطبقة السبعة، فقال: أيتها الكواكب المقدسة الشمالية الباعثة بالروح والحياة إلى أبناء البشر، كفوا هذا الورم عن الزيادة واشفوني منه واعفوني غائلته وسوء عاقبته ويتفل على السمكة المصورة، يفعل ذلك ليالي أولها ليلة الأحد إلى ليلة الأحد المقبل، فإن الورم إما ان يقف وإما أن يزول بالكلية.
الخامسة: قالوا أكثر نفع هذين القطبين وما حولهما من الكواكب في شفاء العين، أما الباردة - رطبة كانت أو يابسة - فتعالج بالقطب الجنوبي بما ذكرناه من العلاج، وأما الحارة فإنها تعالج بالنظر إلى القطب الشمالي؛ وبالجملة فجميع العلل الباردة تعالج بالجنوبي، والحارة بالشمالي، وهذا قانون مطرد.
579 -
القول في الدراري السبعة:
اتفق المنجمون على توزيع كل ما في هذا العالم، من الألوان والطبائع والروائح والطعوم والخواص والأفعال والأخلاق وغيرها من الأحوال، على الكواكب السبعة المتحيرة، إلا أنهم قالوا: قلما ينفرد كوكب واحد بالدلالة على الشيء، وإنما يشترك فيه كوكبان أو أكثر، وذلك لوجود كيفيتين فيه، كالذي يكون لزحل بسبب
برودته، ولعطارد يبوسته. وربما اشترك في الشيء الواحد عدة كواكب لحصول عدة كيفيات فيه، وقد يكون الجنس الواحد مضافاً إلى كوكب واحد بحسب جنسية آخر، كالزهرة الدالة على جهة الرياحين لأجل طيب روائحها، ثم شركها المريخ في الورد: الشوك في شجرته، والحمرة في لونه، والحدة المثيرة للزكام في رائحته، ويشاركها المشتري في النرجس، وزحل في الآس، والشمس في اللينوفر، وعطارد في الشاهسفرم، والقمر في البنفسج، وقد تنقسم أبعاضُ الشيء الواحد على الكواكب مثل شجرة واحدة، فإن أصلها للشمس، وعروقها لزحل، وأغصانها وشوكها وقشورها للمريخ، وزهرها للزهرة، وثمرها للمشتري، وورقها للقمر، وحبها لعطارد، فهذا هو القول الكلي في هذا الباب. ونذكر الآن ما لكل واحد على التفصيل وهو مقسوم إلى ثلاثين نوعاً.
1 -
النوع الأول: في الطعوم (1) .
زحل: له البشاعة والعفوصة والحموضة الكريهة والنتن.
المشتري: له الحلاوة والمذاقة الطيبة.
المريخ: له المرارة.
الشمس: لها الحرافة.
الزهرة: لها الدسومة.
عطارد: له ما اختلط من طعمين (2) .
القمر: له الملوحة والتفه (3) والحموضة اليسيرة.
2 -
النوع الثاني: في الألوان:
زحل: له السواد الحالك وما مازج سواده صفرة واللون الرصاصي والظلام.
المشتري: له الغبرة والبياض المشوب بصفرة وسمرة والضياء والبريق.
المريخ: له الحمرة المظلمة.
(1) ما جاء في هذه الأنواع يتفق والجداول التي أوردها البيروني في كتابه ((التفهيم لأوائل صناعة التنجيم)) انظر الجدول المقابل للصفحة: 240 وقد جمع كتاب غاية الحكيم ص: 150 - 156 جميع الدلالات في كل الأنواع تحت كل اسم كوكب بمفرده، فتحت زحل مثلاً يجيء كل ما له من الأولان والصنائع والبقاع والمعادن والنبات
…
الخ، وانظر كذلك ص 198 - 202.
(2)
ص: الطعمين.
(3)
ص: والتفاهة.
الشمس: لها الضياء والشقرة والصفرة.
الزهرة: لها البياض الناصع والشقرة (1) والأدمة، وقيل لها الخضرة.
عطارد: له ما تركب من لونين كالدكنة والاسمانجونية.
القمر: له الزرقة والبياض الذي لم يخلص من حمرة أو صفرة أو كدورة (2) أو كمودة.
3 -
النوع الثالث: في الكيفيات الملموسة (3) .
زحل: له أبرد الأشياء وأصلبها وأيبسها وأمتنها (4) .
المشتري: له أعدل الأشياء وأتمها (5) وأحسنها وأطيبها وأسلسها.
المريخ: له أخشن الأشياء وأخبثها وأحدُّها (6) .
الشمس: لها أكمل الأشياء وأشرفها وأشهرها وأكرمها.
الزهرة: لها أنعم الأشياء وألذّها وأجملها.
عطارد: له الممتزج من الكيفيتين من هذه الكيفيات.
القمر: له أغلظ الأشياء وأكثفها وأرطبها.
4 -
النوع الرابع: في المقادير:
زحل: له القصر واليبوسة والصلابة والثقل.
المشتري: له الاعتدال والخثورة والملاسة.
المريخ: له الطول والجفاف والخشونة.
الشمس: لها الاستدارة واللمعان والتخلخل.
الزهرة: لها السيلان واللين.
عطارد: له ما يتركب من كيفيتين بين هذه الكيفيات.
القمر: له الغلظ والرطوبة والتكاثف.
5 -
النوع الخامس: في الأمكنة:
(1) والشقرة: لم ترد في التفهيم.
(2)
أو كدورة: لم ترد في التفهيم.
(3)
انظر الجدول، مقابل ص:241.
(4)
التفهيم: وأنتنها وأقدرها.
(5)
ص: وألينها.
(6)
التفهيم: أحر الأشياء واخشنها وأحمرها.
زحل: له الجبال اليابسة التي لا تنبت.
المشتري: له الأرضون السهلة.
المريخ: له الأرضون الخشنة.
الشمس: لها الجبال ذوات المعادن.
الزهرة: لها الأرضون الكبيرة والأنهار والمياه (1) .
عطارد: له الرمال.
القمر: له كل قاعٍ وأرضٍ مستوية.
6 -
النوع السادس: فى المساكن (2) :
زحل: له الأسراب والنواويس والآبار والأبنبة العتيقة والصحاري والسجون (3) ومرابط الثيران والحمير والخيل ومرابط الفيلة.
المشتري: له المساكن العامرة ومنازل الأشراف والمساجد والبيع والكنائس وطرق العبادة (4) وبيوت المعلمين.
المريخ: مواضع النيران وحيث يصنع الفخار.
الشمس: لها بيوت الملوك والسلاطين.
الزهرة: الأماكن المرتفعة والطرق التي فيها المياه الكثيرة.
عطارد: الأسواق والدواوين وبيوت المصورين وما يقرب من البساتين.
القمر: له المكان الندي (5) ومضارب اللبن والمساكن التي يبرد فيها الماء والأنهار التي تنبت فيها الأشجار.
7 -
النوع السابع: في البلاد (6) :
زحل: له السند والهند والزنج (7) والحبشة والقبط والسودان ما بين الجنوب والمغرب واليمن والعرب والنبط.
المشتري: له أرض بابل وخراسان والترك والبربر إلى المغرب (8) .
(1) التفهيم: الأرضون الندية الكثيرة المياه.
(2)
انظر الجدول مقابل ص: 242.
(3)
والسجون: لم ترد في التفهيم.
(4)
طرق العبادة: زيادة من التفهيم.
(5)
التفهيم: المكان الذي تحت الأرض.
(6)
قارن بكتاب البارع في أحكام النجوم، الورقة 315 (مخطوطة جامعة برنستون رقم: 292) ، وفي الفقرة الخاصة بالمعادن والأحجار انظر كتاب غاية الحكيم المنسوب للمجريطي: 106 - 107.
(7)
والزنج: لم ترد في التفهيم.
(8)
ص: إلى العرب.
المريخ: له الشام والروم ومن كان فيما بين المغرب والشمال.
الشمس: لها الحجاز (1) وبيت المقدس وجبل لبنان وأرمينية وإيلان والديلم وخراسان إلى الصين.
الزهرة: لها بابل والعرب والحجاز وكل بلد في جزيرة أو وسط أجمة.
عطارد: له مكة والمدينة وأرض العراق والديلم وجيلان وطبرستان.
القمر: له الموصل وأذربيجان وعوام الناس في كل موضع.
8 -
النوع الثامن: في المعادن:
زحل: له المرتك وخبث الحديد والحجارة الصلبة.
المشتري: له المرقشيثا والنوشاذر (2) والكباريت والزرنيخ الأحمر وكل حجر أبيض وأصفر وحجر مرارة البقر.
المريخ: له المغناطيس والسنباذج (3) والزنجفر.
الشمس: لها اللازورد والرخام والكباريت والزجاج الفرعوني (4) والسندروس والزفت.
الزهرة: لها اللؤلؤ والزمرد والجزع والمغنيسيا والكحل.
عظارد: له النورة والكهربا والزرنيخ والزئبق (5) .
القمر: له الزجاج النبطيّ والأحجار المتشققة (6) وكل حجر أبيض والمروسنج (7) .
9 -
النوع التاسع: في الأحجار (8) :
زحل: له الأسرب.
المشتري: الرصاص القلعي والاسبيذرية والشبه الفائق والماس.
المريخ: له الحديد والنحاس.
الشمس: لها الذهب الابريز والمناطق المحلاة باليواقيت والبجادي وكل حجر ثمين.
(1) ص: الحجاز والصين..
(2)
التفهيم: والتوتيا.
(3)
التفهيم: والسباذية.
(4)
الفرعوني: لم ترد في التفهيم.
(5)
الزئبق: لم ترد في التفهيم.
(6)
التفهيم: والأحجار البيض والمشقة.
(7)
التفهيم: والدهنج.
(8)
ص: في المعادن، وهو تكرار، والعنوان عند البيروني: ما لها من القارات والجواهر، وفي نسخة: ما لها من الأحجار.
الزهرة (1) : لها النحاس واللؤلؤ والزبرجد والجزع والحلي المرصع بالجواهر وأواني البيت من ذهب وفضة أو رصاص أو نحاس إلا الحديد.
عطارد: له الفيروزج والصفر الرديء وكل آنية معيبة والزئبق المعقود.
القمر: له اللؤلؤ والبلور والخرز والفضة والدراهم والاسورة والخواتم.
10 -
النوع العاشر: فى الفواكه والحبوب:
زحل: له الفلفل والشاه بلوط والزيتون والزعرور والرمان الحامض والعدس والكتان والشاهدانج.
المشتري: له الرمان الحلو الامليسي والتفاح والحنطة والشعير والذرة والارز والحمص والسمسم.
المريخ: له اللوز المر والحبة (2) الخضراء.
الشمس: لها الاترج والارز الهندي.
الزهرة: لها التين والعنب والشعير والحلبة.
عطارد: له الباقلا والماش والكراويا والكزبرة.
القمر: له الحنطة والشعير والقثاء والخيار والبطيخ.
11 -
النوع الحادي عشر: فى الأشجار (3) :
زحل: له العفص والهليلج والزيتون والفلفل والخروع وكل شجرة كريهة الطعم نتنة الريح وكل شجرة ذات ثمر خشنة القشر صلبة كالجوز واللوز. المشتري: له كل شجرة لها ثمرة حلوة قليلة الدسم كالتين والخوخ والمشمش والاجاص والنبق، وهو شريك الزهرة في الفواكه.
المريخ: له كل شجرة لها ثمرة حارة كثيرة الشوك لثمرها نوى أو قشر، ويكون طعمه حريفاً أو حامضاً، كالكمثرى الخشن (4) والعوسج.
الشمس: لها كل شجرة جافية (5) لثمرها دسم كثير يكسبها يبوسة كالنخيل والفرصاد والكرم.
(1) من هنا حتى آخر هذا النوع مختلف عما ورد عند البيروني.
(2)
التفهيم: وحبة.
(3)
انظر الجدول مقابل ص: 244.
(4)
التفهيم: الخناقي.
(5)
التفهيم: شاهقة.
الزهرة: لها كل شجرة لينة اللمس طيبة الرائحة حسنة المنظر كالسرو والساج والتفاح (1) والسفرجل.
عطارد: له كل شجرة قوية الرائحة.
القمر: له كل شجرة صغيرة الساق ذات شعب، وله الرمان الحلو والعنب.
12 -
النوع الثاني عشر: في النبات والزرع:
زحل: له كل حبٍّ بارد يابس (2) .
المشتري: له الزهر والورد وكل نبات أرج الرائحة.
المريخ: له الخردل والكراث والبصل والثوم والسذاب والجرجير والحرمل والفجل والباذنجان.
الشمس: لها قصب السكر والمن والترنجبين.
الزهرة: لها الحبوب اللينة والادهان والحلوى وكل نبت أرج ذي ألوان له بهجة في المنظر.
عطارد: له البقول والقصب.
القمر: له العشب والحلفاء والبردي ومزارع القطن والكتان وما لا يقوم على ساق كالقثاء والبطيخ.
13 -
النوع الثالث عشر: في الأغذية والأدوية (3) :
زحل: له الأغذية والأدوية الباردة اليابسة التي في الدرجة الرابعة لا سيما المخدرة.
المشتري: له ما يكون معتدلاً في الحرارة والرطوبة ويكون نافعاً محبوباً.
المريخ: له ما يكون سمياً ضاراً وتكون حرارته في الدرجة الرابعة.
الشمس: لها ما نقصت حرارته عن الدرجة الرابعة وتكون نافعة ومستعملة.
الزهرة: لها ما يكون معتدلاً في البرد والرطوبة ويكون نافعاً لذيذاً.
عطارد: له ما تفضل يبوسته على برودته وليست في الغاية وتكون مجتنبة لا تنفع إلأ أحياناً.
القمر: له ما برودته مثل رطوبته وهي تنفع أحياناً وتضرّ أحياناً ولا تستعمل دائماً.
14 -
النوع الرابع عشر: في القوى:
زحل: له القوة الماسكة.
(1) والتفاح: لم ترد في التفهيم.
(2)
لم يضع في الجدول شيئاً مقابل زحل سوى لفظة ((السمسم)) .
(3)
انظر الجدول مقابل ص: 245.
المشتري: له القوة النفسانية والغازية والنامية والريح التي في الفؤاد.
المريخ: له القوة الغضبية.
الشمس: لها القوة الحيوانية.
الزهرة: لما القوة الشهوانية.
عطارد: له القوة الفكرية.
القمر: له آلقوة الطبيعية.
15 -
النوع الخامس عشر: فى دلالتها على ذوات الأربع (1) :
زحل: له الحيوانات السود وما يأوي إلى جحر تحت الأرض، والبقر والمعز والنعام والسنجاب والببور (2) والسنانير والفأر واليرابيع والحيات العظام السود والعقارب والبراغيث والخنافس.
المشتري: له الناس والبهائم الأهلية وذوات الأظلاف والأخلاف من الضأن والثيران والابل، وكل دابة حسنة اللون أو طيبة اللحم مما يؤكل، وما كان متعلماً وذا حياء من الأسود والببور والفهود.
المريخ: له الأسود والنمور والذئاب (3) والخنازير البرية كلّها المتوحشة والكلاب، وكل سبع خبيث وكلب كذلك والحيات والأفاعي.
الشمس: لها الغنم والخيول العراب والأسود والتماسيح.
الزهرة: لها كل ذي حافر أبيض أو أصفر من الوحوش ولها الحيتان.
عطارد: له الكلاب المعلَّمة والحمير والبغال والثعالب والأرانب، وكل حيوان صغير أرضي أو مائي.
القمر: له الابل والبقر والشاء وكل مايستأنس بالناس.
16 -
النوع السادس عشر: في الطيور (4) :
زحل: له طير الماء وطير الليل والغربان والخطاطيف السود والذبان.
المشتري: له كل طير مشوي المنقار يأكل الحبّ الذي لا يكون أسود، والحمام والدراج والطواويس والديوك والدجاج.
المريخ: له كل الطيور المعقفة المناقير، وكل طائر أحمر، والزنابير.
(1) انظر الجدول مقابل ص: 246.
(2)
التفهيم: والنمور.
(3)
التفهيم: والدباب.
(4)
انظر الجدول مقابل ص: 247.
الشمس: لها العقاب والبازي والديوك والقماري.
الزهرة: لها الفواخت والوراشين والعندليب والجراد وما يؤكل من الطير.
عطارد: له الحمام والصقور (1) والبزاة وطيور الماء.
القمر: له البط والكراكي وكل طائر ضخم، وله الدجاج والعصافير والدراج.
17 -
النوع السابع عشر: في الأعضاء البسيطة:
زحل: له الشعر والجلد والظفر والريش والصوف والعظام والمخ والقرن.
المشتري: له الشرايين النابضة والنطفة والمخ.
المريخ: له الأوردة (2) .
الشمس: لها الدماغ والعصب والجانب الأيمن من البدن.
الزهرة: لها الشحم واللحم والمني.
عطارد: له العروق النابضة.
القمر: له الجانب الأيسر من البدن.
18 -
النوع الثامن عشر: في الأعضاء المركبة (3) :
زحل: له الأليتان والدبر والمصارين والبول والعذرة والركبتان.
المشتري: له الفخذان والأمعاء والرحم والحلق.
المريخ: له الساقان والمرارة والكليتان.
الشمس: لها الصدر والرأس والجنب والفم والأسنان.
الزهرة: لها الرحم والمذاكير وآلات المباضعة واليدان والأصابع.
عطارد: له اللسان.
القمر: له العنق واليدان والرئة والمعدة والطحال.
19 -
النوع التاسع عشر: في آلات الحسّ:
زحل: له السمع.
المشتري: له اللمس.
المريخ: له الشم.
الشمس: لها البصر.
الزهرة: لها الشم وآلات الاستنشاق.
(1) ص: والعصفور.
(2)
التفهيم: له عروق الدم الساكنة ومؤخر البدن.
(3)
انظر الجدول مقابل ص: 248.
عطارد: له الذوق.
القمر: له البصر والذوق أيضاً.
قالوا: والأذن اليمنى لزحل، واليسرى للمشتري، والمنخر الأيمن للمريخ والعين اليمنى للشمس (1) والمنخر الأيسر للزهرة، واللسان لعطارد يشركه القمر، والعين اليسرى للقمر.
20 -
النوع العشرون: في الأسنان:
زحل: له الشيخوخة.
المشتري والقمر والمريخ: لهم الثلاثة الشباب.
الشمس: لها وسط العمر.
الزهره: لها وقت البلوغ.
عطارد والقمر: لهما الطفولة.
قال أبو الحسن كوشيار في كتابه " مجمل الأصول في علم النجوم "(2) المولود تولَّى أمره من وقت مولده القمر أربع سنين، لأن بدن المولود خينئذٍ رطب سريع النمو، وأكثر غذائه مائي؛ ثم يتولاه عطارد عشر سنين، فيقوى فيه سهم النفس وتنغرس فيه غروس التعاليم، وتبتدئ فيه أصول الأخلاق وخواص الأعمال التي يحدث منها التعلم والأدب؛ ثم تتولاه الزهرة ثماني سنين فتبتدئ فيه حركة مجاري المني، وتحركه (3) إلى أمور الجماع والعشق والانخلاع (4) ، ثم تتولاه الشمس تسع عشرة سنة فتصير النفس مستولية على الأعمال قادرة عليها، وينتقل من الهزل واللعب إلى الوقار وصيانة النفس؛ ثم يتولاه المريخ خمس عشرة سنة، فيحدث فيه صعوبة المعاش والهموم والفكر، ونفسه تحس (5) بالانحطاط ويزيد في حرصه؛ ثم يتولاه المشتري ثنتي عشرة سنة فينصرف عن مباشرة الأعمال بنفسه والكدّ والاضطراب، ويلزم حُسْنَ المذهب (6) واكتساب الذِّكر الجميل، ثم يتولاه زحل إلى آخر العمر فيعرض لبدنه البرد
(1) ص: مع العين اليمنى.
(2)
هو كوشيار بن لبان وكتابه هذا مختلف في اسمه فعلى الورقة الأولى من نسخة جامعة برنستن رقم 2799 ((أصول صناعة الأحكام)) وذكره بروكلمان (1: 253) باسم المدخل في صناعة أحكام النجوم، وهذا الذي ينقله المؤلف ورد في الورقة 31 من النسخة المذكورة.
(3)
ص: ويتحمل.
(4)
ص وكشيار: والانخداع.
(5)
كوشيار: وكأنه يحس.
(6)
ص: ويلزمه، كوشيار: المذاهب.
والكسل وعسر الحركة إلى الشهوات، ويتبين فيه الانحطاط (1) ، وقلة الاحتمال، فأيّ كوكب من هذه الكواكب كان أقوى في أصل المولد وأسعد، كان تأثيره ومايدل عليه في وقت التربية أظهر وأبين. قال: وهذه سنون ومقادير اتفق عليها أهل هذه الصناعة والفرس يسمونها: " ابردارات ".
21 -
النوع الحادي والعشرون في الأنساب:
زحل: له الآباء والأجداد والإخوة الأكابر والعبيد.
المشتري: له الأولاد وأولاد الأولاد.
المريخ: له الاخوة الأوساط.
الشمس: لها الآباء والاخوة الأوساط والموالي.
الزهرة: لها النساء والأمهات.
عطارد: له الاخوة الأصاغر.
القمر: له الأمهات والخالات والأخوات الأكابر والدايات.
22 -
النوع الثاني والعشرون: فى الصور (2) :
أما زحل فإنه إذا كان في درجة طالع مولود، دلّ على أن صاحبه قبيح (3) المنظر، ممشوق عبوس عظيم الرأس أقرن، صغير العينين، واسع الفم، غليظ الشفتين، كثير الشعر، أسود متغير اللون إلى الادمة والسواد، أوقص ضخم الكفين، قصير الأصابع، ملتوي الساقين، عظيم القدمين.
المشتري: صاحبه حسن الجسم، مكلثم (4) الوجه، غليظ الأرنبة، ناتئ الوجنتين، عظيم العينين. فيهما شهلة (5) ، خفيف اللحية.
المريخ: صاحبه طويل الظهر، عظيم الهامة، صغير العينين والأذنين والجبهة، حديد النظر أزرق، قليل اللحم، أحمر الشعر سبطه.
الشمس: لها عظيم الهامة سمين أبيض مشرب بحمرة (6) ، سبط الشعر، في بياض عينيه شقرة (7) ، قوي البدن.
(1) كوشيار: وسرعة الانحطاط.
(2)
انظر الجدول مقابل ص 249.
(3)
التفهيم: صبيح.
(4)
ص: ملتئم.
(5)
ص: فيها شهولة.
(6)
التفهيم: صفرة.
(7)
التفهيم: صفرة.
الزهرة: صاحبها صبيح مكلثم (1) الوجه أبيض مشرب بحمرة، سمين ذو تمكّن (2) كثير اللحم (3) حسن العينين أسودهما، وسوادهما أكثر من بياضهما، صغير الأسنان، مليح العنق (4) ، قصير الأصابع، غليظ الساقين.
عطارد: صاحبه حسن القامة آدم يضرب إلى الحمرة، مليح ضيّق الجبهة، غليض الأذنين، حسن الحاجبين مقرون، حسن (5) الأنف. واسع الفم، صغير الأسنان، خفيف اللحية، رجل (6) الشعر دقيقه، حسن النطق (7) ، طويل القدمين.
القمر: صاحبه أبيض جميل صافي اللون، صبيح الوجه (8) مدور الوجه، تام اللحية، في رأسه قرع (9) وله فيه ذؤابة، مليح الشعر.
23 -
النوع الثالث والعشرون: في الأخلاق الباطنة (10) :
زحل: صاحبه متوحش (11) فزع مقلب جبان بخيلط مكّار حقود منقبض جبار موسوس، لا يعلم أحد ما في نفسه، ولا يحبّ الخير لأحد.
المشتري: حسن الخلق ملهم بالعقل حليم عظيم الهمة ورع منصف، موصوف بالرئاسة على الأمصار (12) ، حريص على العمارات.
المريخ: له اضطراب الرأي وقلة الثبات والخرق والجهل والحمق والشر وقلة الورع.
الشمس: لها العقل والمعرفة والفهم والبهاء والزهو والاستطالة والعظمة وحب الثناء الحسن ومخالطة الناس والانقياد لهم وسرعة الغضب.
الزهرة: لها حسن الخلق والبهجة والشهوة وحب الغناء واللهو واللعب والصلف والترف والتجمل والعدل والطمأنينة إلى كل أحد.
(1) ص: ملتئم.
(2)
ذو تمكن: لم ترد في التفهيم.
(3)
التفهيم: كثير لحم الخدين.
(4)
ص: العين.
(5)
التفهيم: أقنى.
(6)
التفهيم: كثير.
(7)
التفهيم: المنظر
(8)
التفهيم: صحيح الجسم.
(9)
التفهيم: عوج.
(10)
انظر الجدول مقابل: 251.
(11)
التفهيم: هائب.
(12)
التفهيم: منصب للرياسة صادق فهم سخي سري النفس صادق المودة محب للمفاخرة على الأمصار.
عطارد: له الذكاء والفطنة والحكمة والسكينة والوقار والعطف والرأفة والحفظ والثبوت في كل أمر، والحرص على الديانة (1) وكتمان السر والمحمدة، ورعاية حقوق الإخوان (2) ، والكف عن الشر (3) .
القمر: له سلامة القلب، والانطباع بطباع الناس، فيكون ملكاً مع الملوك وسوقياً مع السوقة، كتوم (4) الشر يشتهي الجمال والمدح، كثير الانبساط إلى الناس، مكرم النفس قويّ (5) العقل.
24 -
النوع الرابع والعشرون: في الأفعال الظاهرة (6) :
زحل: من كان طالع مولده كان صادق القول والمودة صاحب التؤدة والتجارب بعيد الغور كتوم السر، إذا غضب لم يملك نفسه، مصر على فعله.
المشتري: صادق القول فهم سخي النفس صادق المودة متورع كاره الشر.
المريخ: صاحب الجسارة والاقدام على اللجاج والسَّفه (7) وفحش اللسان والطيش والخداع.
الشمس: صاحب اللطافة وحب الاشتهار والقوة والغلبة والحدة مع سرعة الرجوع.
الزهرة: السخاء والحرية، والرقة على الاخوان والطاعة لهم، والعجب والزهو وقوة البدن ومنعة (8) النفس وحب الأولاد وبرهم.
عطارد: صاحب الصبر والظرف وبعد الغَوْرِ وتلوّن الأخلاق، وحب الاطلاع على الأسرار، والحرص على الديانة والذكر وطاعة الله عز وجل، مع المكر والخداع.
القمر: يكون طيب النفس كثير الكلام أحياناً، أكبر همته اليسار (9) واظهار المروءة.
(1) التفهيم: الرياسة.
(2)
التفهيم: الناس.
(3)
التفهيم: السرف.
(4)
التفهيم: غير كتوم.
(5)
التفهيم: غير قوب.
(6)
اختلط هذا النوع بالذي قبله عند البيروني.
(7)
ص: والمشقة.
(8)
التفهيم: وضعف.
(9)
التفهيم: في النساء؛ وسقط قوله: ((واظهار المروءة)) .
النوع الخامس والعشرون: في الأفعال والطبائع (1) :
زحل: له العدمة الطويلة (2) والفقر الشديد والثروة، مع البخل على نفسه وغيره، والعسر والنكد والشدائد والهموم والحيرة وإيثار العزلة، والاستعباد للناس بالظلم واستعمال الغش (3) والحيل والبكاء والحزن.
المشتري: له معونة الناس والاصلاح بينهم وبذل النصفة منهم، وإظهار السرور لكل من يقارنه، والتمسك بالدين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصدق الرؤيا، وكثرة الضحك والنكاح والمزاح، وشدة الرغبة في المال والاشتغال والتغرير (4) بالنفس.
المريخ: له العزلة والأسفار والخصومة والحرب وأعمال الشر (5) ، وقلة الخير وإفساد الأشإء الصالحة والكذب والنميمة والأيمان الكاذبة، وكثرة الشهوة والنكاح الفاحش، والحرص على القتل، والغصب (6) والإباق.
الشمس: لها الحرص على الرئاسة، والرغبة في جمع المال، والاهتمام بأمور المعاد، والاقتدار على الأسرار، وقهر ذوي المعاصي، فيضرّ وينفع، ويخفض ويرفع، ويسيء إلى من عاداه (7) غاية الإساءة حتى يشقي (8) ، ويُسْعِد مَن (9) يوده، فإذا كانت في شرفها دلّت على الملوك، وإذا كانت بالضدِّ فعلى الذين زال عنهم الملك.
الزهرة: لها البطالة والضحك والاستهزاء والرقص وحب الخمر واللعب بالشطرنج والنرد وكثرة الأيمان والكذب والخلاعة (10) ، والتصدي للرجال والتأنيث (11) ، وكثرة النكاح من وجوه شنيعة في الدبر والسّحق وحب الزنا والبغاء (12) .
(1) انظر الجدول مقابل ص: 251.
(2)
التفهيم: الغربة البعيدة.
(3)
ص: الفسق.
(4)
التفهيم: والغرور.
(5)
التفهيم: السوء.
(6)
ص: والغضب.
(7)
التفهيم: قاربه.
(8)
التفهيم: يشتفي.
(9)
التفهيم: من بعد عنه.
(10)
ص: والخداعة.
(11)
هذه العبارة لم ترد في التفهيم.
(12)
التفهيم: وحب الزينة والعطر وحلي الذهب والفضة والكسى.
عطارد: له حسن التعلم للأدب والعلوم الدينية (1) والمنطق، وهو حلو الكلام ذلق اللسان سريع البيان حسن الصوت، حافظ للأخبار مفسد للمال (2) ، كثير الرزايا من الأعداء، كثير الخوف منهم، سريع في الأعمال، حريص على الاستكثار من الوصائف، ويدل على السعاية والنميمة (3) .
القمر: له الكذب والنميمة والاعتناء بصلاح الابدان، والسعادة في المعاش، والسعي في إطعام الطعام، وقلة النكاح، ويكون طيب النفس.
26 -
النوع السادس والعشرون: في دلالاتها على طبقات الناس (4) :
زحل: يدل على أرباب الصنائع، وقهارمة الملوك، ونساء الملك المتعسفات (5) ، والعبيد، والسفلة والثقلاء والخصيان واللصوص.
المشتري: يدل على الملوك والوزراء والأشراف والعلماء والقضاة والعباد والفقهاء والتجار والأغنياء.
المريخ: يدل على القواد والجنود والنفاطين.
الشمس: تدل على الملوك العظماء والرؤساء وأصحاب الذكر والقضاة.
الزهرة: تدل على الأغنياء ونساء الملوك والزواني والزناة وأولادهم.
عطارد: يدل على التجار والكتاب وأصحاب الدواوين.
القمر: يدل على الملوك والأشراف والأحرار والحرائر.
27 -
النوع السابع والعشرون: في الأديان (6) :
زحل: يدل على اليهودية وسواد اللباس.
المشتري: يدل على النصرانية وبياض اللباس.
المريخ: يدل على عبادة الأصنام وشرب الخمور وحمرة اللباس.
الشمس: تدل على الملك ورفعة التاج على الرأس.
(1) التفهيم: وعلم الربوبية.
(2)
مفسد للمال: لم ترد في التفهيم.
(3)
التفهيم: والسرقة.
(4)
انظر الجدول مقابل ص: 252 وقارن أيضاً ما ورد عند كوشيار الورقة 17 ب (وفي أصول صناعة الأحكام رقم 2799 برنستون) .
(5)
التفهيم: والفسقة.
(6)
انظر الجدول المقابل ص: 253 وبه ينتهي النقل عن البيروني، وقد حذف المؤلف ما جاء حول دلالتها على الصناعات.
الزهرة: تدل على الإسلام.
عطارد: يدل على مناظرة الناس في كل دين.
القمر: يدل على التدين بكل دين غالب.
28 -
النوع الثامن والعشرون: في أرباب أيام الأسبوع وساعاته ولياليه:
الأيام:
السبت لزحل، الأحد للشمس، الاثنين للقمر، الثلاثاء للمريخ، الأربعاء لعطارد، الخميس للمشتري، الجمعة للزهرة، وقد نظمت وضمنت اختيار الأعمال (1) :
لنعم اليومُ يومُ السبتِ حقّاً
…
لصيدٍ إنْ أردتَ بلا امتراء
وفي الأحد البناءُ فإنَّ فيه
…
بدا الرحمن في خلق السماء
وفي الاثنين إن سافرتَ فيه
…
(2) تنبأ بالنجاح وبالنجاء
وان رمتَ الحجامةَ فالثلاثا
…
فذاك اليوم (3) مهراقُ الدماء
وان (4) رام امرؤ يوماً دواءً
…
فنعم اليومُ يومُ الأربعاء
وفي يوم الخميس قضاءُ خيرٍ (5)
…
ففيه الله يأذنُ بالقضاء
وفي الجمعاتِ تنعيمٌ (6) بأهلٍ
…
ولذَّاتُ الرجالِ مع النساء أرباب الساعات في أيام الأسبوع ولياليه:
أول ساعة من يوم الأحد وليلة الخميس للشمس، وأول ساعة من يوم الاثنين وليلة الجمعة للقمر، وأول ساعة من يوم الثلائاء وليلة السبت للمريخ، وأول ساعة من يوم الأربعاء وليلة الأحد لعطارد، وأول ساعة من يوم الخميس وليلة الاثنين للمشتري، وأول ساعة من يوم الجمعة وليلة الثلاثاء للزهرة، وأول ساعة من يوم السبت وليلة الأربعاء لزحل.
(1) في مخطوطة جامعة برنستن رقم: 4144 (ولعلها من كتب أبي معشر) وردت هذه الأبيات الورقة 4 ظ وما بعدها (وسيشار إليها فيما بعد برمز: بر) .
(2)
بر: ستظفر
…
وبالثراء.
(3)
بر: ففي ساعاتها.
(4)
بر: شرب.
(5)
بر: حاجٍ.
(6)
بر: تزويج وعرس.
وأما سائر ساعات الليل والنهار فتقسم بين هذه الكواكب على أفلاكها، مثال ذلك: إن الساعة الثانية من يوم الأحد للزهرة التي فلكها دون فلك الشمس، والساعة الثالثة لعطارد الذي فلكه دون فلك الزهرة، والساعة الرابعة للقمر الذى فلكه دون فلك عطارد، والساعة الخامسة لزحل الذي فلكه أول أفلاك الدراري، والساعة السادسة للمشتري، والسابعة للمريخ، والثامنة للشمس، وعلى هذا الترتيب سائر ساعات الأيام والليالي تبتدئ بالساعة الأولى من رب الساعة الأولى، وتسوقها على توالي الأفلاك، كما بيناه.
29 -
النوع التاسع والعشرون: فيما لها من البخورات (1) :
زحل: ميعة يابسة. زبيب. جاوشير. قشور كندر. قشور بيض.
المشتري: لاذن. حماما. قردمانا. جنطيانا رومي.
المريخ: بزر اللفت. بسباسة. ساذنج هندي.
الشمس: قشور نارنج. أظافر الجن.
الزهرة: ميعة يابسة، لاذن. كافور. مسك.
عطارد: سنبل الطيب. ورد فارسي. أظافر الجن.
القمر: صندل أبيض وأحمر. قشور بيض النعام. نرجس طري.
واعلم أن بخور الكواكب يختلف بحسب الأغراض والمقاصد المطلوبة بها، والنوازل والأحوال المرادة لها، وقد ذكر في البخورات أيضاً: زحل: ميعة، المشتري: حب الغار، المريخ: سندروس، الشمس: عود، الزهرة: زعفران، عطارد: مصطكي، القمر: كتان.
وفي كتاب هرمس (2) : أن دخنة زحل: زعفران وقردمانا وقشور الكندر ووسخ الصوف ومخ السنور؛ وفي نسخة أخرى: أفيون واصطرك أجزاء متساوية، يدق ويعجن بأبوال المعز ويعمل فتائل، ويبخر بها وقت الحاجة في مجمرة أَسْرُب. وفي كتاب آخر: أبهل وشيح رومي وتمر عجوة وبزر فنجكست ومرّ أحمر، من كل واحد
(1) قارن بما في غاية الحكيم المنسوب للمجريطي: 341 حيث يذكر دخنة كل كوكب على حسب رأي الهنود.
(2)
قارن بما في ((غاية الحكيم)) المنسوب للمجريطي: 203 عن بخور زحل: ((وهو أن تأخذ من الأفيون والاصطرك والزعفران ولسان الحمل والقرد مانا وقشور الكندر ووسخ الصوف وشحم الحنظل وقحف سنور أسود
…
فتسحق ما يجب وتمزج الكل عجنا بأبوال الماعز السود. وصيره فتائل وارفعها وبتخر بفتيلة منها
…
) .
خمس أواقي، تدق وتنخل وتعجن بشراب ريحاني، وتقرّص زنة مثقال القرص.
وقال ابن وحشية في أبواب زحل: ينبغي أن يضاف إلى بخورها كلها البرشاوشان، وفي أبواب عطارد: لا بد من شعر الناس وليكن أقل الأجزاء، وفي أبواب المريخ: شعر القرد وليكن أقلّ الأجزاء، وفي أبواب القمر: اليبروح، وفي أبواب الشمس: العود.
واعلم أن جميع هذه البخورات المذكورة على اختلافها صحيحة، وإنما الاختلاف فيها بحسب اختلاف الأغراض المقصودة بأعمالها، وكذلك أيضاً يختلف ما لكل كوكب منها من القرابين والدعوات والأسماء وفصوص الخواتيم ونقوش الفصوص مما يخص كل كوكب منها ويضاف إليه، وقد يختلف ذلك أيضاً بحسب اختلاف الأغراض المطلوبة والمقاصد المرادة بها.
30 -
النوع الثلاثون: في قول كلي في دلالات هذه الكواكب السبعة، بالانفراد والاجتماع:
قال أبو معشر في " أسرار النجوم ": المريخ إذا انفرد بطبعه وخلا من كل اتصال ونظر وممازجة ومشاركة لم يدن على شيء من الخير بتة، وربما دلّ على لبوة أو نمر أو على نار لا ينتفع بها ويتأذى بريحها وشررها، وربما دلّ على حرق أو قتل كبير. وزحل إذا انفرد بدلالته دون نظر أو ممازجة أو غير ذلك لم يدل على شيء من الخير، ولكن يدل على براري مقفرة لا أنيس بها، وعلى سروب منتنة هائلة في حال أخرى، وعلى جبال صعبة جرد لا نبات بها في حال أخرى، وعلى آبار مظلمة طوالٍ لا ماء فيها في حال أخرى.
قال شاذان، قلت لأبي معشر: قد ذكر قوم من أهل هذه الصناعة أنه يدل على معادن الحديد والشجر الطوال العادية، قال: كل ذلك بممازجات تقع فيه، أما الحديد فبنظر المريخ إليه نظر مودة، وعطارد والمشتري نظر تربيع أو مقابلة، وأما الشجر الطوال العادي فهو أن يكون في الجوزاء أو في الميزان وتنظر إليه الزهرة وعطارد، وليس عن مودة، فيصير نظر السعود من غير مودة منفعةً، لأن السعود إذا نظرت من مودة عملت الخير وسهلته، وإذا نظرت من عداوة حللت الشر وجعلته إلى الخير في مدة بطيئة فيها مشقَّةٌ وتعبٌ ومؤنة.
580 -
القول فى اجتماع الكواكب السبعة وافتراقها:
قال أبو معشر: اجتماع الكواكب ممكن، وما رأيته قط، ولا بلغني أن أحداً
رآه، ولكن سمعت مشايخنا يقولون: إنما يحدث الملك العظيم الكبير من القرانات العظيمة.
وقال كهلة الهندي: إذا اجتمعت الكواكب فأسرعها خروجاً يتخذ دليلاً لمدة دوره الأكبر، ثم الذي يليه.
وذكر يحيى بن أبي منصور ومحمد بن الجهم أنه إذا اجتمعت الثلاثة العلوية في حدٍّ أو صورة، ونظرت إليها الشمس، فهو القرآن العظيم الذي يتولد منه الملك والدول العظام، ولا يبالي بالكواكب السفلية بعد ذلك.
قال: كشف سر مصون في بيان السبب الموجب لانفعال هذا العالم السفلي عن العالم العلوي بالطلسمات والسحر والرقى والبخور، قال أرسطو طاليس في كتابه العظيم القدر في الحكمة الملقب ب " أثلوجيا " ومعناه " الربوبية " (1) : الأعمال الكائنة من الرقى والسحر إنما تكون من جهتين، إما بملاءمة واتفاق الأشياء المتشابهة، وإما بالتضاد والاختلاف، وإما بكثرة القوى واختلافها، غير أنها وإن اختلفت فإنها متمِّمة للجزء الواحد، فإنه ربما حدثت الأشياء من غير حيلة احتال لها المحتال؛ والسحر الصناعي كذب لأنه كله يخطئ ولا يصيب؛ فأما السحر الحقّ الذي لا يخطئ ولا يكذب فيه فهو سحر العالم، وهو المحبة والغلبة؛ والساحر العالم هو الذي يتشبه بالعالم ويعمل أعماله على نحو استطاعته، وذلك أنه يستعمل المحبة في موضع، والغلبة في موضع آخر، وإذا أراد استعمال ذلك استعمل الأدوية والحيل الطبيعية، وتلك في منبثّة في الأشياء الأرضية، غير أنَّه منها ما يقوى على فعل المحبة في غيره كثيراً ومنها ما ينفعل في غيره فينقاد له، وإنما بدْء السحر أن يعرف الساحر الأشياء المنقادة بعضها لبعض، فإذا عرفها قوى على جذب الشيء بقوة المحبة الفاعلة التي في الشيء. وقد يوجد في الأشياء شيء يجمع بين النفس والنفس، كالأكَّار الذي يجمع بين الغروس (2) المتباينة بعضها على بعض. وصاحب الرقى يرقي ويسمي الشمس أو بعض الكواكب، ويطلب إليها ويفعل ما يريد فعله، لا أنّ الشمس والكواكب تسمع دعاءه وكلامه، لكن إنما وافق دعاء الداعي ورقيةُ الراقي أن تتحرك تلك الأجزاء بنوع من الحركة وتتشكل بنوع من
(1) نسب لأرسطوطاليس خطأ، وهو لافلوطين، وقد نشره الدكتور عبد الرحمن بدوي في كتاب ((افلوطين عند العرب)) (القاهرة 1966) ، وهذا النص الذي ينقله المؤلف يقع في ص 75 - 76، 77 - 79؛ والنقل قائم على الاختيار والحذف، وفيه اختلاف عما ورد في الكتاب المذكور.
(2)
ص: كالأركان التي تجمع بين العمودين.
الشكل، فيحسّ الجزء السفلي تلك الحركة كما يحسّ بعض أجزاء الإنسان بحركات بعض، وذلك بمنزلة وتر واحد ممتد تحرّك أسفله فتحرك أعلاه، وربما حُركت بعض الأوتار فتحرك الوتر الآخر، كأنه أحسّ بحركة ذلك الوتر، فكذلك أجزاء العالم: ربما حرك المحرك بعض أجزائه، فيتحرك لتلك الحركة جزء آخر، كأنه يحسّ بحركة ذلك الجزْ، لأن أجزاء العالم كلها منظومة بنظامٍ واحد، كأنها حيوان واحد وانسان واحد، وربما حرّك الضارب العود فتتحرك أوتار العود الآخر لتلك الحركة، كذلك العالم الأعلى: ربما حرّك جزء من أجزاء هذا العالم مبايناً لصاحبه مفارقاً فيتحرك بحركته جزء آخر، وهذا يدلّ على أن بعض أجزاء العالم يحسّ بالآثار الواقعة على بعض أجزاء العالم - كما بيناه - قال: فكما أن بعض أجزاء الحيّ تحسّ بالأثر الواقع على بعضٍ كذلك يحسّ بعض أجزاء العالم بالأثر الواقع على بعض لشدة اتصالها وائتلافها واتحاد بعضها ببعض.
قال: ونقول إن لكل الأشياء الأرضية قوى تفعل أفاعيل عجيبة، وإنما نالت
تلك القوى من الأجرام السمائية، فمن استعمل تلك الأشياء الطبيعية ذوات القوى العجيبة (1) في الغرض الملائم لذلك الفعل، رأى تلك الأثار في الشيء الذى أراده.
قال: وربما أثر بعض أجزاء العالم في بعض آثاراً معجبة بلا حيلة يحتالها أحد، وربما جذب بعض أجزاء العالم بعضاً جذباً طبيعياً، فيتوحد به، وربما عرض من دعاء الداعي وطلب الطالب أمور عجيبة أيضاً بالجهة التي ذكرناها آنفاً، وذلك أن يكون دعاؤه (2) يوافق تلك القوى، فتنزل إلى هذا العالم وتوثر آثاراً عجيبة، وليس بعجب أن يكون الداعي ربما سُمِعَ منه، لأنه ليس بغريب من هذا العالم، ولا سيما إذا كان الداعي مؤمناً صالحاً.
فإن قال قائل: فما تقولون إذا كان صاحب الدعاء شريراً، وفعل تلك الأفعال العجيبة؟ قلنا: إنه ليس بعجب أن يكون المرء الشرير يدعو أو يطلب فيجاب إلى ما دعا وطلب، لأن المرء الشرير يستقي من النهر الذي يستقي منه المرء الصالح، والنهر لا يميز بينهما بل يسقيهما جميعاً، فإن كان هذا هكذا ورأينا المرء - شريراً كان أو صالحاً - ينال من الشيء المباح لجميع الناس، فلا ينبغي أن يعجب من ذلك.
(1) ص: الحجية.
(2)
ص: دعاء قواه.
فإن قال قائل: فالعالم إذن كله بأسره ينفعل فيعمل بعضه الآثار في بعض، قلنا: إن العالم الأرضي هو الذي ينفعل، وأما العالم السمائي فإنه يفعل ولا ينفعل، وإنما يفعل في العالم الأرضي أفاعيل طبيعية ليس فيها فعل عرضيّ، لأنه فاعل غير منفعل من فاعل آخر جزئي، فأفاعيله كلها طبيعية ليس شيء منها عرضاً، لأنه إن عرض فيها عارض فلا يكون بغاية الإتقان والصواب.
قال محمد بن موسى (1) : قال: حدثني يحيى بن أبي منصور، دخلت على المأمون، وعنده جماعة من المنجمين، وعنده رجل تنبأ ودعا له القضاة والفقهاء، ولم يحضروا بعد، ونحن لا نعلم، فقال لي ولمن حضر من المنجمين: خذوا طالعاً لدعوى رجلٍ في شيءٍ يدعيه، وعرفوفي ما يدلّ حاله عليه، من كذبه في دعواه أو صدقه. ولم يعلمنا المأمون أنه متنبئ، فأخذنا الطالع وأحكمنا موقع الشمس والقمر في دقيقة واحدة مع دقيقة الطالع، وسهم السعادة وسهم الغيب في دقيقة الطالع، والطالع الجدي، والمشتري في السنبلة ينظر إليه، وعطارد والزهرة في العقرب (2) ينظران إليه، فقال من حضر من القوم: كل ما يدعيه صحيح، وأنا ساكت، فقال لي المأمون: قل، فقلت: هو في طلب تصحيحه (3) ، وله به حجة زهرية عطاردية، وتصحيح الذي يدعيه لا يتمُّ له ولا ينتظم، فقال لي: من أين؟ قلت؟ قلت: لأن صحة الدعاوى من المشتري، والمشتري ينظر إليه نظر موافقة، إلا إنه كاره لهذا البرج، فلا يتمّ له التصديق والتصحيح، والذي قالوا من حجة عطاردية زهرية فإنما هو من جنس الخداع، والمنجمون يتعجبون (4) منه، فقال المأمون: أحسنت، لله درّك! أتدرون من الرجل؟ قلت: لا، قال: هذا يدعي النبوة، قلت له: يا أميرالمؤمنين، معه شيء يحتجُّ به؟ فسأله فقال: نعم معي خاتم ذو فصين ألبسه فلا يتغير مني شيء، ويلبسه غيري فيضحك ولا يتمالك من الضحك
(1) وردت هذه القصة في البصائر 2/3: 500 وما بعدها؛ ومحمد بن موسى يعرف بالجليس، وهو غير الخوارزمي (القفطي: 284) وقد خلط بينهما محقق البصائر مع أن أبا حيان قد أورد ((أخبرني محمد بن موسى الجليس وليس بالخوارزمي)) فعرف المحقق بالخوارزمي؛ وانظر النص نفسه عند القفطي: 357 في ترجمة يحيى بن أبي منصور.
(2)
زيادة من البصائر.
(3)
ص: واربه.
(4)
ص: والمنجمين تتعجب منه وتحث.
حتى ينزعه، ومعي قلم شامي أكتب به، ويأخذه غيري فلا تنطلق به يده، فقلت له: هذه الزهرة وعطارد قد عملا عملهما. فأمره المأمون بعمل ما ادعاه، فعمله، فقلنا: هذا ضرب من الطلسمات. فما زال به المأمون أياماً كثيرة يستنزله عن دعواه ويرغبه ويعده بالاحسان حتى أقرّ بصورة عملت في الخاتم والقلم، وتبرأ من دعوى النبوة، وأعلمه أنه إنما جعل ذلك سبباً للوصول إليه، فوهبه المأمون ألف درهم، ووجدناه أعلم الناس بعلم النجوم، وهو من أصحاب عبد الله بن السريّ، وهو الذي عمل طلسم الخنافس في دور كثيرة من دور بغداد.
قال أبو معشر: نزلت في خانٍ ببعض قرى الريّ في قافلةٍ، ومعنا كاتبٌ من أهل بغداد، فلما استقرّ بنا المجلس أكلنا وأخرجتُ شراباً كان معي، فعرضت على الكاتب فشربنا، وذكرنا النجوم، فإذا هو قد نظر في شيء منها، فسألني عن القمر أين هو في الغد؟ فقلت: في تربيع المريخ فهل لك أن نقيم غداً؟ قال: نعم إن ساعدنا المكارون على ذلك، فكلمناهم فأجابوا على أن نعطيهم العلف، وسألنا أهل القافلة أن يقيموا فأبوا وسخروا منا وأنكروا ما قلنا، فأقمنا وارتحلوا، ونظرت في الارتفاع عند رحيلهم فإذا الطالع الثور وفيه المريخ، والمقر في الأسد، فقلت لهم: الله الله في أنفسكم، فامتنعوا من المقام ومضوا، وأقمت أنا والكاتب، فلم يبعدوا حتى رأينا جماعة من القافلة دخلوا علينا مجردين، وقد قطع عليهم الطريق على فرسخين من الموضع، وقد قتل بعضهم وأخذ ما كان معهم، فلما رأوني أخذوا لي الحجارة والعصي وقالوا: يا ساحر يا كافر قتلتنا وعاملت علينا وقطعت علينا الطريق!! فخلصت منهم بعد جهد، والتزمت أن لا أكلم أحداً من العوام والسوقة بشيء من أسرار النجوم.
قال أمير من اأراء أفريقية يوماً لشاعر ظريف من شعراء مجلسه: أيّ برج لك في السماء؟ فقال: واعجبا منك، أنا ما لي بيت في الأرض، يكون لي برجٌ في السماء؟! فضحك وأمر له بدار يسكنها.
فراغ