الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب التاسع
في شرح ما تشتمل عليه أسماء الأجرام العلوية وما يتصل بها واشتقاقه
(1) :
581 -
السماء: تذكر وتؤنث والتأنيث أكثر، وفي التنزيل العزيز:(والسماء بنيناها بأيد)، وفي التذكير:(السماء منفطر به) ، وقد تلحق الهاء مع المدة فيقال سماءة، وتلحق أيضاً مع غير مدة فيقال سماة، وأما السماوة بالواو فسماوة كل شيء أعلاه، وسميت سماء لعلوها، وكل ما علا فهو سماء، ومنه سماء البيت وسماوته. وتسمى الجرباء لمكان كواكبها، شبهت بالبثور في جلد الأجرب، وتسمى الرقيع اسم علم لها وفي الحديث:" من فوق سبعة أرقعة " كقولك سبع سموات.
582 -
الفلك: اسم يقع على الاستدارة، ومنه سميت فلكة المغزل، ويقال تفلَّك ثدي الجارية إذا استدار.
583 -
القطبان: نقطتان في الفلك إحداهما في الشمال والأخرى في الجنوب، والكواكب كلها تدور حول القطبين؛ قال الشاعر:
مالت إليه طلانا واستطيف به
…
كما تطيفُ نجومُ الليل بالقُطُبِ قال أبو عمرو الشيباني: هو القُطب والقِطْب - بضم القاف وكسرها - والقطب الشمالي ظاهر لنا تدور حوله بنات نعش الصغرى والكبرى، وأما القطب الجنوبي فليس يظهر بشيء من جزيرة العرب.
584 -
الأفق: للسماء آفاق وللأرض آفاق، فآفاق السماء ما انتهى إليه البصر راجعاً مع وجه الأرض من جميع نواحيها. وهو الحد بين ما بطن من الفلك وبين ما ظهر.
(1) قارن هذا الفصل (الفقرة 581 - 585) بما جاء في الأزمنة والأمكنة 2: 2 - 9.
قال الراجز (1) يصف الشمس:
فهي على الأُفْقِ كعين الأَحْولِ
…
صغواء قد كادتْ ولما تفعلِ شبهها بعين الاحول لميلان عينه في إحدى الشقين، والصغواء: المائلة للمغيب.
وأما آفاق الأرض فأطرافها من حيث أطافت بك، قال الراجز (2) :
يكفيك من بعض ازديار الآفاق
…
سمراء مما دوَّسَ ابنُ مِحراقْ السمراء: الحنطة، ودوّس وداس بمعنى واحد.
وكبد السماء وسطها، وعين السماء اختلف اللغويون فيها اختلافاً غير بعيد، مداره على أن عين السماء بين الجنوب والدَّبور عن يمينك إذا استقبلت قبلة العراق، وعين السماء مظنة للمطر إذا نشأت منه السحاب.
585 -
المجرة (3) : جاء في الأثر أنها سرج السماء، كأنها مجمع السماء، كشرج القبة، وسميت مجرة على التشبيه لأنها كأثر السحب والمجر، وتسميها العرب أمَّ النجوم لأنها ليس في السماء بقعة أكثر عدد كواكب منها، كما يقال أمّ الطريق لمعظمها، قال تأبط شراً (4) :
يرى الوحشةَ الأُنسَ الأنيسَ ويهتدي
…
بحيث اهتدت أمُّ النجوم الشوابكِ 586 - الهواء: - ممدود - هو القبو الذي بين السماء والأرض، وهو السكاك - بفم السين - والسكاكة والُّلوح بضم اللام والسِّحاح - بسين مفتوحة غير معجمة وحاء.
587 -
البروج: في التنزيل العزيز: (والسماء ذات البروج) وفيه، (ولقد جعلنا في السماء بروجاً) ، والناس مجمعون على أنها اثنا عشر برجاً، وتسميها كل أُمّة بلغتها، ويتفقون في المعنى على معاني لغة العرب، ويبدأون كما يبدأ العرب بالحمل ويسمى الكبش ثم يعدون على الولاء الثور والجوزاء - وتسميها المنجمون التوأمين، فأما الصورة فيسمونها الجبار والبشر وليس هما عند
(1) هو أبو النجم العجلي الفضل بن قدامة (الأغاني 10: 157 والشعر والشعراء: 502 والخزانة 1: 48 والسمط: 328) والشطران من أرجوزة طويلة له في الطرائف الأدبية 55 - 71.
(2)
الأزمنة 2: 8.
(3)
النقل مستمر عن الأزمنة 2: 9.
(4)
الحماسة رقم: 13 (المرزوقي) والقالي 2: 138 وسمط الآلي: 761 وزهر الآداب: 306.
العرب - والسرطان والأسد والسنبلة - وتسميها المنجمون العذراء - والميزان والعقرب - وتسميه العرب الصورة - والقوس - وتسميها المنجمون الرامي - والجدي والدلو والحوت - وهو السمكة.
ولم تسمّ البروج بهذه الأسماء لأن كواكبها مشابهة في الصورة للأسماء المسماة بها، كما يظن كثير من العوام وأشباه العوام، وإن كنا نرى العقرب صورةً للعقرب، والجوزاء صورة إنسان، ولو كان ذلك لم يسمّ باقي البروج بأسماء صور غير موجودة فيها؛ على أن هذه الصور أيضاً غير ثابتة في أماكنها بل هي منتقلة على تأليف كوابها نقلةً خفية يعلمها أهل القياس والرصد جميعاً علمَ مشاهدة واضطرار، وتخفى على العوام وأشباههم، فهي بتنقلها تخرج من برج إلى برج، وأسماء البروج غير زائلة عنها، وإن زال نظم الكواكب. ومن الدليل الظاهر أيضاً على ذلك أن الذراع والنثرة والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك منسوبة كلها إلى أعضاء الأسد، وهي ثمانية منازل، وإنما البرج منزلان وثلث، فأنت تجد - على هذا - الأسد متفرقاً في أكثر من ثلاثة أبراج، وكذلك في العقرب وغيره من المنازل إذا استقريته وجدته على ما وصفت، واسم البرج في لغة العرب مشتق من البروج، وهو الظهور، ومنه برج البناء، وتبرج المرأة وهو تعرضها لأن تظهرَ وتُرىَ.
588 -
المنازل: وتسمى نجوم الأخذ:
قال الله عز وجل: (والقمر قدرناه منازل) وهي ثمانية وعشرون منزلة بلا خلاف، وتسمى نجوم الأخذ كان منها ما هو نجم واحد، وكان منها ما هو أكثر، وقد قيل للثريا " نجم " - اسم علم - وهي ستة كواكب، والنجم وإن كان اسماً علماً للثريا وقد شهرت به، فقد يقولون: هذا نجم الثريا، إذا جعلوه اسماً لجماعة كواكبها، ويقولون: هذه نجوم الثريا، إذا جعلوا كل كوكب منها نجماً. وسميت نجوم الأخذ لأخذ القمر (1) كل ليلة في منزل منها، وقيل: الأخذ: نزول القمر كل ليلة منزلاً من منازله يقال أخذ القمر نجم كذا وكذا، إذا نزل به، وقيل: نجوم الأخذ النيازك، وهي التي رُمي بها مسترق السمع لأنها تأخذه، والعمل على القول الأول. وأول المنازل:
1 -
الشرطان (2) : واحدها شَرَط. وشرط - بالإسكان - أيضاً، وهما كوكبان
(1) ص: لأخذه.
(2)
الأزمنة 1: 187 والأنواء: 17.
على اثر الحوت، يقولون هما قرنا الحمل، والشرط في لغة العرب القرن.
2 -
ثم البطين (1) : وهي ثلاثة كواكب خفية على أثر الشرطين بين يدي الثريا، وقد تكلموا به مكبراً فيقولون البطن، ويزعمون أنها بطن الحمل.
3 -
ثم الثريا (2) : وهي النجم، ولا يتكلمون بها مكبرة وهي تصغير ثروى، مشتقة من الثروة في العدد، وهي الكثرة، وهي انثى ثروان، كعطشى انثى عطشان. والمذهب في تصغيرها كالمذهب في تصغير جميعة، حقرت لقلتها وصغرها. والنجم اسم علم لها قد غلب عليها، يقال: طلع النجم، وغاب النجم، ويقولون: الثريا ألْيَة الحمل.
4 -
الدبران (3) : الكوكب الأحمر الذي على أثر الثريا، بين يديه كواكب كثيرة مجتمعة، من أدناها إليه كوكبان صغيران يكادان يلتصقان، يقال هما كلباه، والباقي غنيمته، ويقولون قلاصه، قال ذو الرمة يشبهه (4) :
وردت اعتسافاً والثريا كأنها
…
على قمة الرأس ابن ماءٍ محلّقُ
يدف على آثارها دبرانها
…
فلا هو مسبوق ولا هو يلحق
بعشرين من صغرى النجوم كأنها
…
واياه في الخضراء لو كان ينطق
قلاصٌ حداها راكبٌ متعممٌ
…
هجائن قد كادت عليه تَفَرَّق
قُرانى وأشتاتاً أجدَّ يسوقها
…
إلى الماء من قرن التنوفة مطلق قرن التنوفة: أعلاها، والمطلق: الذي تطلب إبله الماء، وهو من الطلق في القرب ثم الورد.
وسمي دبراناً لدبوره الثريا، ويسمى تالي النجم، وتابع النجم، ثم كبر حتى عرف بالتابع مفرداً من غير إضافة، وكذلك حادي النجم من أسمائه والمجدح - بضم الميم وكسرها. والمنجمون يسمونه:" قلب الثور ". وليس كل كوكب دبر كوكباً يسمى دبراناً، وقد يُخَصُّ الشيء من بين جنسه بالاسم حتى يصير علماً له، وإن كان معناه يعم الجميع، كما سمي هذا النجم دبراناً والثريا نجماً.
5 -
الهقعة (5) : هي رأس الجوزاء، وهي ثلاثة كواكب صغار مثفاة،
(1) الأزمنة 1: 187 والأنواء: 20.
(2)
الأزمنة 1: 188 والأنواء: 23.
(3)
الأزمنة 1: 188 والأنواء: 37.
(4)
ديوان ذي الرمة: 490.
(5)
الأزمنة 1: 189 والأنواء: 41.
وتسمى الأثافيَّ تشبيها بها. وقال ابن عباس رضي الله عنه لرجل طلق امرأته عدد نجوم السماء: يكفيك منها هقعة الجوزاء، أي تبينها ثلاث. ويقال للدائرة التي تكون بشقّ الفرس الهقعة، يقال منها: فرس مهقوع، وهي تكره.
6 -
الهنعة (1) : كوكبان بينهما قيد سوط في رأي العين، وهما على أثر الهقعة ويقال للهنعة الزرّ. وسميت الهنعة لتقاصرها عن الهقعة والذراع المبسوطة، وهي بينهما منحطة عنهما، يقال: أكمة هنعاء: إذا كانت قصيرة.
7 -
الذراع (2) : هي ذراع الأسد المقبوضة (3)، وللأسد ذراعان: مبسوطة ومقبوضة، فالمقبوضة منهما هي اليسرى وهي الجنوبية، وبها ينزل القمر، وسميت مقبوضة لتقدم الأخرى عليها، والمبسوطة: هي اليمنى، وهى الشمالية. وكل صورة من نظم الكواكب فميامنها مما يلي الشمال، ومياسرها مما يلي الجنوب.
وأحد كوكبي الذراع المبسوطة هي:
8 -
الشعرى الغميصاء (4) : وهي تقابل الشعرى العبور، والمجرة بينهما. وقد تكبر فيقال: الغمصاء، والغموص - بفتح الغين - ويقال لكوكبها الآخر الشمالي المرزم: مرزم الذراع، وهما مرزمان هذا أحدهما، والآخر في الجوزاء. وقيل الذراع المقبوضة بأسرها هي المرزم. وتقول الأعراب في أحاديثها: كان سهيل والشعريان مجتمعة، فانحدر سهيل وصار يمانياً وتبعته العبور، عبرت إليه المجرة، وأقامت الغميصاء، فبكت لفقد سُهيل حتى غمصت، والغَمَصُ في العين ضعف ونقص.
9 -
النثرة (5) : ثلاثة كواكب متقاربة أحدها كأنه لطخة، يقولون: هي نثرة الأسد، أي انفه.
10 -
الطرف (6) : كوكبان بين يدي الجبهة، ويقولون: هما عينا الأسد.
11 -
الجبهة (7) : جبهة الأسد، وهي أربعة كواكب خلف الطرف معرضة من
(1) الأزمنة 1: 189 والأنواء: 42.
(2)
الأزمنة 1: 189 والأنواء: 48.
(3)
ص: المبسوطة.
(4)
الأزمنة 1: 190 والأنواء: 49.
(5)
الأزمنة 1: 190 والأنواء: 54.
(6)
الأزمنة 1: 191 والأنواء: 55.
(7)
الأزمنة 1: 191 والأنواء: 56.
الجنوب إلى الشمال سطراً معوجاً، بين كل كوكبين منها قدر الذراع، والجنوبي منها هو الذي يسميه المنجمون:" قلب الأسد ".
12 -
الزُّبرة والزَّبرة معاً (1) : زبرة الأسد، وهي كوكبان على أثر الجبهة بينهما قيد سوط في رأي العين، والزبرة كاهل الأسد وفروع كتفيه، ويسميان الخراتبن الواحدة خراة، ويقال الخرتان، كأنه شبه بالخرتِ وهو الثقب.
13 -
الصرفة (2) : كوكب واحد نير على أثر الزبرة، ويقولون هو قُنْبُ الأسد، والقنب: وعاء القضيب، وسمي صرفة لانصراف الحرّ عند طلوعه غدوة، وانصراف البرد عند سقوطه غدوة.
14 -
العواء (3) : قيل أربعة أنجم، وقيل خمسة، وهي خمسة لمن شاء، ومن شاء ترك واحداً، إلا أن خلقتها خلقة كتابة الكاف القائمة غير مشقوقة؛ وليست بالنيرة، وهي على أثر الصرفة؛ وسميت العواء بالكوكب الرابع الشمالي منها، وإذا عزلت هذا الكوكب الرابع كانت الثلاثة الباقية مثفَّاة الخلقة، وهم يجعلون العواء وركي الأسد، وآخرون يجعلونها محاشَهُ، ويجعلها آخرون كلاباً تتبع الأسد، وكأن هؤلاء تأولوا اسمها، والمحاش: حشوة البطن. والعواء يمد ويقصر. ويقال لها: عواء البرد، يزعمون أنها إذا طلعت أو سقطت جاءت ببرد، فلذلك قيل لها: عواء البرد.
15 -
السماك4: سماكان أحدها الأعزل، والقمر فلا ينزل الآخر وهو الرامح، وسمي رامحاً لكوكبٍ صغير بين يديه يقال له: راية السماك، وسمي الآخر أعزل لأنه لا شيء بين يديه، كأنه عندهم لا سلاح معه، قال كعب بن زهير يصف ناقته (5) :
فلما استبان الفرقدانِ زَجَرْتُهَا
…
وهبَّ سماكٌ ذو سلاحٍ وأعزلُ وهم يجعلون السماكين ساقي الأسد، وأحد السماكين جنوبي وهو الأعزل، والآخر شمالي. قال ابن كناسة: وربما عدل القمر فنزل بعجز الأسد وهي أربعة كواكب بين يدي السماك الأعزل منحدرة عنه في الجنوب، وهي مربعة على صورة
(1) الأزمنة 1: 191 والأنواء: 58 - 59.
(2)
الأزمنة 1: 191 والأنواء: 59.
(3)
الأزمنة 1: 191، 310 والأنواء:60.
(5)
انظر ديوانه: 57 وفيه ((فلما استدار)) .
النعش يقال لها عرش السماك وتسمى " الخباء " وهم يجعلون لها في الأنواء حظاً، وسمي سماكاً لسموكه وإن كان كل كوكب قد سمك، وهذا مثل ما ذكرنا في الدبران.
16 -
الغفر (1) : كواكب بين زبانى العقرب وبين السماك الأعزل خفية، على خلقة العواء، وهي ثلاثة ليس لها رابع، والعرب تقول: خير منزلةٍ في الأبد، بين الزبانى والأسد، يعنون الغفر.
17 -
الزبانى (2) : زبانيا العقرب أي قرناه، وما كوكبان مفترقان بينما أكثر من قدر قامة الرجل في المنظر، ويقال لهما زبانا الصيف لأن سقوطهما في زمان تحرك الحر.
18 -
الإكليل (3) : إكليل العقرب رأسها، وهي ثلاثة كواكب معرضة، بين كل كوكبين منها قدر ذراع في رأي العين.
19 -
القلب (4) : قلب العقرب الكوكب النير الأحمر الذي وراء الإكليل، وهم يستحسنونه. والقلوب أربعة هذا أحدها، وقلب الأسد وقد ذكرناه في وصف الجبهة، وقلب الثور وهو الدبران، وقلب الحوت وسيأتي ذكره.
20 -
الشولة (5) : هي إبرة العقرب، وهي كوكبان صغيران مضيئان متقاربان في طرف ذنب العقرب؛ وقالوا: ربما نزل بالفقار فيما بين القلب والشولة، والفقار أحد كواكب ذنب العقرب، يجعلون كل كوكب منها فقرة، وهي ست فقر، والسابعة الإبرة.
21 -
النعائم (6) : ثمانية كواكب: أربعة في المجرة، وهي النعام الوارد، وأربعة خارجة عن المجرة منحدرة، وهي النعام الصادر، فكلُّ أربعة منها على شبيه التربيع، وفوقها كوكب إذا تأملته مع كوكبين من النعام الصادر وكوكبين من النعام الوارد شبهتها بناقة، وقيل للوارد وارداً لشروعه في المجرة، وقيل للصادر صادراً لتنحيه عنها.
22 -
البلدة (7) : رقعة من السماء لا كوكب فيها، بين النعائم وسعد الذابح.
(1) الأزمنة 1: 193، 311 والأنواء:67.
(2)
الأزمنة 1: 193، 311 والأنواء:68.
(3)
الأزمنة 1: 193، 312 والأنواء:69.
(4)
الأزمنة 1: 193، 312 والأنواء:70.
(5)
الأزمنة 1: 194، 312 والأنواء:71.
(6)
الأزمنة 1: 194، 313 والأنواء:74.
(7)
الأزمنة 1: 194 والأنواء: 75.
ويقولون: ربما عدل القمر أحياناً فنزل بالقلادة، وهي كواكب صغار خفية فوق البلدة تشبه القوس بنبل ومعجس، وتسميها العامة القوس، وتسمي موضع النعائم الوصل.
23 -
سعد الذابح (1) : كوكبان غير نيرين، وكذلك السعود كلها، وبينهما في رأي العين قيس ذراع، وذِبْحُهُ كوكب صغير قد كاد يلصق بالأعلى منها، تقول الأعراب: هو شاته التي تذبح، قال الطرماح:
ظعائنُ شمنَ قريحَ الخريفِ
…
من الفرغِ والأَنْجُمِ الذّابِحَهْ قريحه: أوله.
24 -
سعد بلع (2) : نجمان نحو من سعد الذابح أحدهما خفيّ جداً وهو الذي بلعه أي جعله بلعاً كأنه يسترطه سمي بلعاً لأنه طلع فيما يزعمون حتى قيل (يا أرض ابلعي ماءك) ولا ندرى ما هذا.
25 -
سعد السعود (3) : كوكبان أيضاً من نحو سعد الذابح، وسمي سعد السعود بالتفضيل عليها لأنّ الزمان في السعدين قبله قسي، وطلوع سعد السعود يوافق منه لينا في دبره؛ قالوا: وربما قصر القمر فنزل بسعد ناشرة وهو أيضاً كوكبان أسفل من سعد السعود.
26 -
سعد الأخبية (4) : ثلاثة كواكب متحاذية متقاربة، فوق الأوسط منها كوكب رابع، كأنها في التمثيل رجل بطة. وقيل: إن السعد منها واحد وهو أنورها، وإن الثلاثة أخبية، وقيل: سمي بالأخبية لأنه إذا طلع انتشرت الهوام، فخرج منها ما كان مختفياً بالبرد، لأن طلوعها في قبل الدفء، والسعود متناسقة بعضها على أثر بعض.
27 -
الفرغ الأول (5) : هو فرغ الدلو، والدلو أربعة كواكب مربعة واسعة، بين كل كوكبين منها قدر قامة الرجل أو أكثر في رأي العين، فهم يجعلون هذه الكواكب الأربعة عراقي الدلو؛ وفرغ الدلو مصبّ الماء من بين العرقوتين، وقد يقولون لهما: العرقوة العليا والعرقوة السفلى بدل الفرغ الأول والفرغ الثاني.
(1) الأزمنة 1: 195، 313 والأنواء: 76؛ وانظر ديوان الطرماح: 71 واللسان (قرح) .
(2)
الأزمنة 1: 195، 313 والأنواء:77.
(3)
الأزمنة 1: 195، 314 والأنواء.
(4)
الأزمنة 1: 195، 314 والأنواء:79.
(5)
الأزمنة 1: 196، 314 والأنواء:82.
28 -
الفرغ الثاني (1) : وهو العرقوة السفلى كمثل الفرغ الأول، وقد يقال للفرغ الأول ناهزا الدلو المقدمان، والفرغ الأسفل ناهزا الدلو المؤخران، والناهز الذي يحرك الدلو ليمتلئ. قالوا: وربما يقصر القمر أحياناً فينزل بالكربِ الذي وسط العراقي الأربع، والكرب من الدلو ما يُشَدّ به الحبل على العراقي.
29 -
الرشا (2) : هو السمكة، وهي كواكب في مثل خلقة السمكة، وفي موضع البطن منها من الشق الشرقي نجم منير به ينزل القمر، يسمونه بطن السمكة، والمنجمون يسمونه " قلب الحوت ".
ويقال لما بين المنازل الفرج، فإذا قصر القمر عن منزلة واقتحم التي قبلها فنزل بالفرجة بينهما استحبوا ذلك، إلاّ الفرجة التي بين الثريا والدبران، فإنهم يكرهونها ويستخسونها، ويقال لها " الضيقة "، سميت ضيقة لضيقها عندهم، فإنهم يتواصفون قصر مدة ما بين طلوع النجم وطلوع الدبران.
589 -
ذكر حظوظ البرج من المنازل:
اعلم أن لكل منزلتين وثلث برجاً. نبدأ بالبروج من الحمل، وبالمنازل من الشرطين:
فللحمل: الشرطان والبطين وثلث الثريا.
وللثور: ثلثا الثريا والدبران وثلثا الهقعة.
وللجوزاء: ثلث الهقعة والهنعة والذراع.
وللشرطان: النثرة والطرف وثلث الجبهة.
وللأسد: ثلثا الجبهة والزبرة وثلثا الصرفة.
وللسنبلة: ثلث الصرفة والعواء والسماك.
وللميزان: الغفر والزبانى وثلث الإكليل.
وللعقرب: للثا الإكليل والقلب وثلثا الشولة.
وللقوس: ثلث الشولة والنعائم والبلدة.
وللجدي: سعد الذابح وسعد بلع وثلث سعد السعود.
وللدلو: ثلثا سعد السعود وسعد الأخبية وثلثا الفرغ المقدم.
وللحوت: ثلث الفرغ المقدم والفرغ المؤخر والرشا.
(1) الأزمنة 1: 196 والأنواء: 83.
(2)
الأزمنة 1: 196 والأنواء: 84.
ولكل برج من هذه البروج رقيب من البروج، ولكل منزل رقيب من المنازل فرقيب كل برج من البروج السابع، ورقيب كل منزل المنزل الخامس عشر، ومعنى الرقيب الذي في غروبه طلوع الآخر، وهو مأخوذ من المراقبة، كأنه يراقب بالطلوع غروب صاحبه؛ قال الشاعر:
أحقاً عبادَ الله أنْ لستُ آتياً
…
بثينةَ أو يلقى الثريا رقيبُهَا والمعنى لست لاقيها أبداً لأن هذا لا يكون، وكيف يلتقيان وأحدهما إذا كان في المغرب كان الآخر في المشرق.
590 -
ذكر حلول الشمس في البرج والفصول:
الشمس تحل برأس الحمل لعشرين ليلة تخلو من آذار، وعند ذلك يعتدل الليل
والنهار، ويسمى الاستواء الربيعي؛ ثم لا يزال النهار زائداً والليل ناقصاً إلى أن يمضي من حزيران اثنان وعشرون يوماً، وذلك أربع وستون ليلة، فعند ذلك ينتهي طول النهار وقصر الليل، ويتصرم ربع الربيع ويدخل الربع الذي يليه، وهو الصيف، وذلك بحلول الشمس برأس السرطان، ويبتدئ الليل بالزيادة والنهار بالنقصان إلى ثلاثة وعشرين ليلة تخلو من أيلول، وذلك ثلاث وتسعون ليلة، وعند ذلك يعتدل الليل والنهار ثانية، ويسمى الاعتدال الخريفي. ويتصرم ربع الصيف ويدخل ربع الخريف، وذلك بحلول الشمس برأس الميزان، ويأخذ الليل في الزيادة والنهار في النقصان إلى أن يمضي من كانون الأول إحدى وعشرون ليلة، وذلك تسع وثمانون ليلة، فعند ذلك ينتهي طول الليل وقصر النهار، وينصرم فصل الخريف ويدخل فصل الشتاء، ويبتدئ النهار في الزيادة، وذلك بحلول الشمس برأس الجدي إلى مسيرها إلى رأس الحمل، وذلك تسع وثمانون ليلة وربع، فعندها ينصرم فصل الشتاء ويدخل الربيع، فعلى هذا دور الزمان. قال: وللناس في ذلك خلاف، وإنما ذكرنا هاهنا ما عليه الجمهور من مذاهب العرب.
591 -
ذكر الشمس والقمر والنجوم المتحيرة (1) :
1 -
الشمس: الشرق: الشمس، يقال: آتيك كل يوم طلع شرقه، يريد بذلك شمسه، ويقال طلع الشرق، ولا يقال غاب الشرق، والغزالة من أسماء الشمس عند الطلوع أيضاً، يقال طلعت الغزالة، ولا يقال غابت الغزالة. والجونة: الشمس وذلك لأنها تسود عند المغيب، يقال لا آتيك حتى تغيب الجونة، ولا يقال حتى تطلع الجونة. والجون من الأضداد يكون للأبيض والأسود. ومن أسماء الشمس الاهة، قال
(1) قارن بما ورد في الفقرة: 378، 401.
أبو حنيفة: وأظن أنها تأنيث اله، قال: واحسب أنها سميت بذلك لأنها تعبد؛ قال الشاعر (1) :
تَروَّخْنَا من اللعباءِ قَصْراً
…
فأعجلنا إلاهةَ أَنْ تؤوبا ويقال لها: العين والسراج، فأما الضحّ فما انبسط من ضوئها على الأشياء. وقرن الشمس أعلاها وأول ما يبدو منها، وحواجبها: نواحيها، وأَياة الشمس شعاعها وضوؤها، وإِيا الشمس - مكسور مقصور - وأياء الشمس - مفتوح ممدود -؛ وزعموا أن أَياء النور أيضاً حسنه وزهرته.
2 -
القمر: يسمى الزبرقان، وبه سُمِّي الرجل، ويقال له أيضاً الساهور، وقيل الساهور نبطي معرب، والدائرة التي تحيط بالقمر الهالة، ويقال لما وقع من ضوئه على الأرض الفخت، يقال: جلسنا في الفخت، إذا جلسوا في القمر. وقال الجواليقي في " ما عرب من كلام العرب "(2) فأما الشهر فقيل أصله بالسريانية سهر - بسين غير منقوطة - فعرب، وقال ثعلب: سمي شهراً لشهرته وبيانه، لأن الناس يشهرون دخوله وخروجه، وقيل سمي شهراً باسم الهلال لأنه إذا أهل سمي شهراً، قال ذو الرمة (3) :
ترى الشهرَ قبلَ الناسِ وهو نحيلُ
…
3 - المشتري: ويقال له البرجيس.
4 -
المريخ: يقال له بهرام، وهما فارسيان جاءا في شعر العرب، والمريخ وزحل عربيان، قال الكميت يصف ثوراً وحشياً (4) :
كأنه كوكبُ المريخِ أو زُحَلُ
…
وقد جاء في شعر العرب أيضاً: الزهرة وعطارد والمشتري، وكلها عربية.
ودرأ الكوكب دروءاً شديداً وهو كوكب دريءٌ من ذلك، وقال أبو زيد: جاء
(1) الأزمنة 2: 46 واللسان (لعب) والمخصص 9: 19.
(2)
المعرب: 207.
(3)
صدره: فأصبح أجلى الطرف ما يستزيده، انظر ديوانه: 1899 واللسان والتاج (شهر) والمعرب: 207 وشروح السقط: 1481 وهي أبيات أنشدها ابن الأعرابي في نوادره، لم يسم قائلها وربما رويت لذي الرمة؛ والمقاييس 3:222.
(4)
صدره: ثم استمر وللأشباه تذكرة؛ شعر الكميت 2: 28 والأنواء: 127 وشرح ديوان أبي تمام 3: 15.
السيل درءاً إذا جاءك من حيث لا تعلم ولم يصبك مطر. وقال ابن الأعرابي: الدريء الكوكب يدرأ من الشرق إلى الغرب. وهو مضيء؛ وذرو الشمس - معجمة - طلوعها وإشراقها وهو أن يستدير ويخلص ضوؤها. ويقال غابت الشمس وغيرها من الدراري، تغيب غيوباً وغيبوبة، وكذلك آبت تؤوب إياباً، وغارت تغور غؤوراً وغياراً، ووقبت ووجبت، وأفل الكوكب وغيره يأفل أفولاً، وانغمس واغتمس وانقمس - بالقاف أيضاً - واقتحم وسقط وخفق، كل ذلك إذا غاب، ويقال أخفق النجم إذا تهيأ للسقوط ولما يسقط، وخفق إذا غاب. كما يقال خفق الطائر إذا طار فمرَّ وأخفق إذا ضرب بجناحه ليطير ولما يطر. قال الراجز:
كأنها إخفاقُ طيرِ لم يَطِرْ
…
ويقال خَوّتِ النجومُ تخويةً، وانصبَّتِ انصباباً، وهوت هوياً، ذلك إذا انحدرت للمغيب.
592 -
ذكر اشتقاق الكواكب والنجوم والدرارى السبعة السيارة في لغة العرب:
1 -
النجم: اشتقاقه من النجوم وهو الظهور. ومنه نجم النبت إذا ظهر وعلا
على الأرض.
2 -
زحل (1) : من التزحل وهو بطء الحركة، لأنه أبطأ الدراري سيراً في قطع الفلك.
3 -
المشتري (2) : من الشراء وهو الوضوح والظهور، لضياء لونه وصفائه، ومنه الشراء في الحدقة، وهو تقلص الجفن الأعلى عن الأسفل وانفتاح الحدقة.
4 -
المريخ: من المرخ، وهو اللين والاسترخاء، ومنه تمريخ الجسد بتليينه بالدهن، لأن لونه فيه اضطراب ولين في رأي العين.
5 -
الشمس: من الشماس، وهو الامتناع، ومنه شماس الدابة وهو امتناعها عن القياد لرائضها، وذلك لقوة شعاع الشمس حتى تمتنع الأبصار عن تمكن النظر إليه.
(1) قارن بالأزمنة 1: 319 والمخصص 9: 36.
(2)
قارن بالمصدرين.
6 -
الزهرة: من الأزهار، وهو الإشراق والإنارة، ومنه أزهر الصبح أي أنار وأشرق، وذلك لضيائها وإشراق نورها.
7 -
عطارد: من العطردة، وهي السرعة والخفة، وذلك لسرعة حركته وامتزاجه بكل ما يجاوره وسرعة استحالته إليه.
8 -
القمر: من القُمْرة، وهي شدة البياض، ومنه لون أقمر إذا كان أبيض شديد البياض.
والشمس تجمع على شموس، كأنهم جعلوا كل ناحية منها شمساً كما قالوا لمفرق الرأس مفارق؛ قال الشاعر:
حَمْيَ الحديدُ عليهمُ فكأنَّه
…
وَمَضانُ برقٍ أو شعاعُ شموس وتصغيرها شُمَيْسة، وقد شمس يومنا وأشمس يَشْمس ويُشمِس - بالضم والكسر - إذا كان ذا شمس، وأقمر الليل يقمر إذا كان ذا قمر، وليلة مقمرة وقمراء إذا طلع القمر فيها من أولها إلى آخرها.
فراغ