الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونشوار المحاضرة للتنوخي، وتاريخ بغداد للخطيب، والذيل عليه لابن النجار، وتاريخ دمشق لابن عساكر (1) . وصفة الصفوة لابن الجوزي، ومفردات ابن البيطار، وفصل الخطاب للتيفاشي، وظل يكتب حتى أضر في آخر عمره، وقد ذكر ابنه قطب الدين أن والده ترك خمسمائة مجلدة بخطه، وقيل أن الكتب التي اختصرها هذا المقدار. وكانت وفاته في العاشر أو الحادي عشر من شعبان سنة 711/ 23 أو 24 من ديسمبر (كانون الأول) 1311 (2) .
- 3 -
التعريف بالكتاب
1 - الكتاب الأصلي المسمى " فصل الخطاب
"
كان التيفاشي في تردده على جلال الدين المكرم يذكر له أنه ألف كتاباً كبيراً أفنى فيه عمره واستغرق دهره، وسماه ((فصل الخطاب في مدارك الحواس الخمس لأولي الألباب)) وكان محمد بن جلال الدين في ذلك الوقت في سن الطفولة، يسمع باسم الكتاب، ولا يفقه كثيراً مما يتحدث به الأدباء والعلماء المتحلقون في بيتهم، إلا أنه استنكر هذه التسمية وعدها جرأة من المؤلف، إذ إن ((فصل الخطاب)) خاص بالنبي داود الذي قال الله تعالى فيه (وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب) (ص: 20) فكيف يجرؤ مؤلف على أن يسمي كتابه ((فصل الخطاب)) ؟.
ويقول ابن منظور الذي كان عمره يوم توفي التيفاشي يقارب الثانية والعشرين، إنه أنسي أمر الكتاب وشغل عنه ثم تذكره وقد جاوز الستين (3) ، فأخذ يبحث عنه، حتى اهتدى إليه أخيراً عند واحد من أصدقاء التيفاشي، فحاول الحصول عليه منه فلم يستطع وأنفق ذلك جهداً كثيراً، وأخيراً حصل عليه سنة 690 (4) . فوجده في مسودات وجزازات وظهور، وقد جعله المؤلف من أربعين
(1) يقوم على تحقيقه ونشره صديقنا الدكتور رضوان السيد الأستاذ بالجامعة اللبنانية.
(2)
لعل الذهبي هو الذي رسم الخطوط العريضة لترجمة ابن منظور، وعنه أخذ الصفدي ترجمته في الوافي وأعيان العصر ونكت الهميان، وعن الصفدي أخذ الكتبي في الفوات 4: 39 والزركشي في عقود الجمان: 307، ثم لخص هذه الترجمة كل من ابن حجر في الدرر الكامنة 5: 31، وابن العماد في شذرات الذهب 6: 26 والسيوطي في بغية الوعاة 1: 248؛ ولدى الادفوي في البدر السافر: 167 بعض استقلال فيما يورده ولكن ذلك موجز كثيراً.
(3)
لو قال وقد جاوزت الخمسين لكان أصح (انظر الحاشية التالية) .
(4)
إذا كان ابن منظور قد ولد أول سنة 630، وتذكر الكتاب حين تجاوز الستين فمعنى ذلك أنه لم يذكره قبل سنة 960، فإذا حصل عليه سنة 960 فهذا يعني أن محاولته لم تستغرق وقتاً طويلاً، كما يحاول أن يوحي للقارئ في مقدمته.
جزءاً، غير إن ابن منظور لم يجد منها سوى ست وثلاثين ربطة (1) . فهل الربطة تساوي جزءاً أو أقل من ذلك؟.
ذلك ما قاله ابن منظور وهو مصدق فيما يقول، إلا أن الصفدي يقول شيئاً آخر، يقول:" له كتاب كبير إلى الغاية وهو في أربع وعشرين مجلدة جمعه في علم الأدب، وسماه " فصل الخطاب؟ " ورتبه وبوبه وجمع فيه من كل شيء وتعب عليه إلى الغاية "(2) ، فلم هذا التفاوت في عدد الأجزاء؟ أغلب الظن أن المجلدة عند الصفدي لا تقتصر على جزء واحد، بل ربما جمعت - في بعض الحالات - جزءين من تجزئة المؤلف.
وينفرد الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب بفرضية لابد من أن يكون لها ما يسوغها، فهو يرى أن فصل الخطاب موسوعة كبيرة لا تقتصر على الآداب كما يقول الصفدي بل تشمل الآداب والعلوم والتاريخ وأنها في أربعين جزءاً لا يقل حجم الجزء عن مائتي صحيفة في القالب الربعي، تتناول:
1 -
مظاهر الطبيعة كالليل والنهار والشمس والقمر والسماء والكواكب، وهذا يقع في جزءين.
2 -
العالم الحيواني بما فيه من أصناف المخلوقات (لا ندري كم جزءاً) .
3 -
عالم الأحجار والمعادن (وهذا يجعل كتاب أزهار الأفكار جزءاً من فصل الخطاب) .
4 -
جزء في الطب عنوانه الشفاء انظر رقم: 13 في مؤلفات التيفاشي) .
5 -
جزء في الموسيقى عنوانه متعة الأسماع (انظر رقم 17 في مؤلفات التيفاشي) .
6 -
تاريخ الأمم (جزءان) .
وهذا في مجموعة ربما لم يتجاوز ثمانية أجزاء أو تسعة، فماذا تحتوي الأجزاء الأخرى حتى تبلغ أربعين؟.
إن الذي يشجع على وضع مثل هذا هو أن متعة الأسماع يحمل على
(1) انظر ص: 5 - 6 من سرور النفس.
(2)
الوافي 8: 288 وانظر هدية العارفين 1: 94.
56 -
وفي شعر ذي الرمة " الرويزي ":
وليلٍ كأثناءِ الرويزيّ جُبْتُهُ
…
بأربعةٍ والشخصُ في العينِ واحدُ قال: الرويزيّ الطيلسان، وهي الأكسية الخُضر الرويزية، قال المصنف وكذلك أُثبتَ في " كتاب الأنواء " لأبي حنيفة الدينوريّ.
57 -
لغز في السنة:
أربعةٌ وهي ثُلْثُ واحدةٍ
…
كثيرةُ العدِّ وهي ثنتان
دائمةُ السير لا يدان لها
…
تقطع أرضاً ولا جناحان أراد بالأربعة الفصول، وهي ثلث واحدة: أراد أن الأربعة ثُلث السنة، وكثيرة العدّ أراد الأيام، وهي ثنتان أي أنها في الغالب شتاء وصيف، كما قال عز وجل (رحلةَ الشتاءِ والصَّيْفِ) والبيت الثاني ظاهر لأنها تسير وتتصرَّم وليس لها عضوٌ تتحرك به.
58 -
أبو القاسم الزاهي (1) :
الريحُ تعصفُ والأغصانُ تعتنقُ
…
والمزنُ باكيةٌ والزهرُ مُغْتَبقُ
كأنما الليلُ جَفْنٌ والبروقُ له
…
عينٌ من الشمسِ تبدو ثم تَنْطَبِقُ 59 - العلوي (2) :
وربَّ ليلٍ باتت عساكرُهُ
…
تحملُ في الجوِّ منه رايات
في كلِّ أفقٍ من السماءِ له
…
كمينُ جَيْشٍ من الدجنَّات
تردّ عنه العيونَ خاسئة
…
مرتبكاتٍ ذواتِ حيرات 60 - ومن المبالغة في وصف الليل قول عبد العزيز بن خلوف الجروي (3) من أفريقية:
(1) هو علي بن إسحاق بن خلف الزاهي من شعراء اليتيمة وشعره في اليتيمة 1: 250 وحلبة الكميت: 290.
(2)
ص: العطوي؛ والتصويب عن العسكري ومن أبياته هذه بيتان في ديوان المعاني 1: 345 ونهاية الأرب 1: 143 وانظر الفقرة: 39 في ماتقدم.
(3)
وردت ترجمة الجروي ي انباه الرواة 2: 180 والمسالك 11: 303.
ومن دونها طَوْدٌ من السُّمْرِ شامخٌ
…
إلى النجمِ أو بحرٌ من البيضِ مُتْأَقُ
وأسودُ لا تبدو به النارُ حالكٌ
…
وبيداءُ لا تجتازها الريحُ سَمْلَقُ قوله: " لا تبدو به النار " من أعجب المبالغة، مع اختصار لفظ وجزالة معنى.
وذكر ابن رشيق (1) في " أنموذج الشعراء بأفريقية " أن عبد العزيز بن خلوف أخذ هذا المعنى من محمد بن إبراهيم، وذكر له حكاية لطيفة قال: كان لمحمد بن إبراهيم هذا محبوب فماحكه فيه عبد أسود اسمه خلف، فقطعه عنه، فماحكه فيه عبد آخر اسمه فرج، فعمل أبياتاً مشهورة بالقيروان أولها:
أيّ الهموم عليه اليوم لم أعُجِ
…
وأيّ بابٍ من الأَحزانِ لم ألِجِ
تأملوا ما دهاني تبصروا قِصصاً
…
ظلامُهَا ليس يُمْشى فيه بالسُّرُجِ هذا موضع الاستشهاد.
ما نالني الخُلْفُ إلا وهو من خَلَفٍ
…
وعاقني الضيقُ إلا وهو من فَرَج
حتى لقد صار كافورُ المشيب هوىً
…
أشهى لنفسيَ من مِسْكِ الصّبا الأَرِجِ 62 - النابغة الذبياني في طول الليل (2) :
كليني لهمٍّ يا أُميمةَ ناصبِ
…
وليلٍ أُقاسيه بطيءِ الكواكبِ
تقاعسَ حتى قلتُ ليس بمنجلٍ
…
وليس الذي يرعى النجومَ بآيبِ الذي يرعى النجوم: الصبح، استعار له اسم الراعي لكونه يأتي معقباً وراء النجوم.
63 -
شاعر:
ألا هل على الليلِ الطويلِ معينُ
…
إذا نزحتْ دارٌ وحنَّ حزينُ
أُكابدُ هذا الليلَ حتى كأنما
…
على نجمه أنْ لا يَغُورَ يَمينُ 64 - آخر (3) :
(1) راجع هذه القصة في المسالك 11: 302.
(2)
ديوان المعاني 1: 346 وديوان النابغة: 54 وزهر الآداب: 748 وتشبيهات ابن أبي عون: 209 ورسالة الطيف، الوراقة: 152/ أ.
(3)
تشبيهات ابن أبي عون: 208.