الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومهما يكن من شيء فلدينا هنا كتاب يقترن بعشرات الكتب، ويعد في تضافره معها مفتاحاً لبعض ما استغلق من نصوصها، كما يعد من ناحية أخرى خزانة احتفظت ببعض كتب ضاعت؛ وهو في كل ذلك لا يخلو من فائدة وإمتاع.
وكما اعتمد " سرور النفس " على كتب كثيرة ينقل عنها، ويركب من تلك النقول وحدات جديدة، فإنه أصبح بدوره مرجعاً لكثيرين من المؤلفين من بعد. فنحن نجد سمات منه في كتب مثل الغيث المسجم وحلبة الكميت وغيرهما من الكتب التي اعتمدت عليه دون أن تذكره، ولكن من أكثر الكتب اعتماداً عليه مطالع البدور للغزوالي، فهو ينقل عنه، وحيناً يذكر اسمه وحيناً يغفله (1) ، ولعل هذا هو السبب الذي جعل بعضهم ينسب مطالع البدور للتيفاشي نفسه (2) .
6 - تحقيق الكتاب:
كان النصف الأول من هذا الكتاب وهو " نثار الأزهار " قد نشر في استانبول، عن مطبعة الجوائب (سنة 1298) ؛ ولا أعرف أحداً نشر النصف الثاني، ولما كان الجزءان يمثلان وحدة متكاملة رأيت نشرهما معاً، فحصلت على صورة من مخطوطة " سرور النفس " المحفوظة بمكتبة طوبقوسراي في استانبول (تحت رقم: 2557) ، وهي مخطوطة جميلة الخط مشكولة بعض شكل، مرقمة بحسب الصفحات، وجاء في آخرها إنها نسخت بدمشق المحروسة، ووافق الفراغ من نسخها تاسع شهر المحرم سنة ثلاث وسبعين سبعمائة، أي بعد مضي اثنتين وستين سنة على وفاة مرتب الكتاب ابن منظور.
وقد جاء على الورقة الأولى منها: الجزء الأول من كتاب سرور النفس بمدارك الحواس الخمس، تهذيب الإمام العالم العلامة، علامة وقته، العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن المكرم بن أبي الحسن الأنصاري الكاتب، عفا الله عنه بمنه. وعلى هذه الصفحة نفسها صورة تملك باسم محمد بن أحمد بن ينال العلائي الدواداري الحنفي.
وتقع المخطوطة في 460 صفحة، في كل صفحة 15 سطراً ومعدل الكلمات في السطر الواحد (حيث لا يتحدد السطر ببيت من الشعر) 16 كلمة: وقد اجتذبني
(1) ينقل مع ذكر الاسم 1: 50، 88 ودون ذكر للاسم 1: 49، 52، 57، 64، 159.
(2)
انظر بروكلمان، التاريخ والتكملة (نفسه) .
جمال المخطوطة وشجعني على العمل فيها، ولكني ما كدت أتوغل في شعابها حتى وجدت التصحيف والحذف والوهم غالبة عليها، وقد كنت بدأت العمل فيها في بيروت سنة 1974 وبعض 1975، فلما شاء الله لي أن أسافر إلى برنستون بالولايات المتحدة لأعمل أستاذاً زائراً في جامعتها، حملت أوراق هذا الكتاب بين ما حملته معي من أوراق، وأكملت العمل فيها، بل الحق أني استأنفته، إذ استعنت بمكتبة تلك الجامعة في الحصول على مصادر لم تكن متوفرة لدي؛ ومع الزمن رأيت أن الكتاب بدأ يستوي نصاً بقراءته على المصادر المختلفة، ولولا ذلك لم أستطع أن أقدمه للقراء؛ على أني أعتقد أن هناك مواطن ما تزال قلقة، وأسماء أعلام لم أستطع الاطمئنان إلى صحتها ومن ثم إلى التعريف بها، وشعراً لم أعثر عليه في المصادر، رجاء توثيق النص وضبطه، رغم كل ما بذلته من جهد خلال ما يزيد على ست سنوات، كان هذا الكتاب في أثنائها محط عناية مستمرة، تكاد لا تنقطع إلا بسفر طارئ أو شغل ملح.
وقد كان منهجي في التحقيق - كما هو منهجي في أغلب ما حققت - أن أثبت وجه الصواب في المتن، وأن أدرج القراءة المحتملة في الحاشية؛ وأن لا أعبأ بالخطأ الواضح، إلا إن كانت الإشارة إليه استدراجاً للقارئ بأن يقترح وجهاً أصوب. وحتى لا يتشكك القارئ في حقيقة ما أعنيه بالخطأ الواضح، أذكر له أمثالاً منه وردت في الصفحة 20 من الأصل في أبيات من معلقة امرئ القيس:
وليل كموج البحر أرخى سدوله
…
علي بأنواع الهموم ليقتل
فقلت له لما تمطى بصلته
…
وأردف أعجازاً وناء بكلكل
فيالك من ليل كأن نجومه
…
بكل مغار الفتل سدت بيذبل
كان الثريا علقت في مضآيها
…
بامراس كان إلى صم جندل هذه خمسة أخطاء كتابية: فهل من المعقول أن أصححها ثم أثبت الخطأ في الحاشية؟ أنا أجد فعل ذلك استخفافاً بوقت القارئ وبجهد الطابع، وكشفاً عن سوء تقدير لدى المحقق؛ فليعذرني الذين لا يعجبهم هذا المنهج، إن كنت أسأت إلى ما يعتقدون صواباً.
وقبل أن أختم القول في هذه المقدمة، أرى حقيقاً علي أن أتوجه بالشكر لاثنين من أصدقائي، أولهما الدكتور رضوان السيد الذي أعانني في حل بعض ما
استعصت علي قراءته، وثانيهما الدكتور جورج صليبا الذي راجع بعض المعلومات المتصلة بالفلك والنجوم وكان لتوجيهاته أثرها في ضبط النص.
وبعد فهذا كتاب " سرور النفس " - صورة لمحاولة متواضعة، كلفتني الكثير من الجهد الوقت - أقدمه للقراء والدارسين راجياً أن يكون ذا نفع، والله من وراء القصد، وهو يهدي سواء السبيل.
بيروت في 25 أغسطس (آب) 1980
إحسان عباس
وليلةٍ مثلِ أمرِ الساعةِ اقتربتْ
…
حتى تقضَّتْ ولم نشعر بها قصرا
لا يستطيع بليغ وَصْفَ سرعتها
…
كانت ولم تعتلق وهما ولا نظرا 102 - شاعر (1) :
وليل لم يقصّره رقادٌ
…
وقصَّره منادمةُ الحبيبِ
نعيمُ الحبِّ أورقَ فيه حتى
…
تناولنا جناه من قريب
ومجلسُ لذةٍ لم نلوِ فيه
…
على شكوى ولا عدد الذنوب
بخلنا أن نقطّعه بلفظٍ
…
فترجمتِ العيونُ عن القلوب 103 - أمية ابن أبي الصلت (2) :
يا ليلةً لم تبنْ من القصر
…
كأنها قبلةٌ على حَذَرِ
لم تك إلا كلا ولا ومضتْ
…
تدفعُ في صدرها يدُ السحر 104 - شاعر:
يا ليلتي أحسنتِ مقبلةً
…
وأسأتِ عند تبلج الفجرِ
أقصرتِ حين وفى بزورِتهِ
…
هلاّ قصرتِ لياليَ الهجر 105 - شاعر:
يا ليلُ يا ليلُ إلى أين
…
ارْبع على ذَيْنِ المحبينِ
ناشدتك الله تقفْ ساعة
…
فالصبحُ منا موعدُ المحبين البين 06 1 - آخر:
إذا نادى المنادي كاد يبكي
…
حذارَ الصُّبْح لو نفعَ الحذارُ
وودَّ الليلَ زيد إليه ليلٌ
…
ولم يُخلَقْ له أبداً نهار 107 - أبو الحسن الأنصاري:
وليلةٍ غائبة النحوس
…
كثيرة الأَقمار والشموسِ
قصيرة كالنظر المخلوس
…
تَمَّتْ فكانت منيةَ النفوس
(1) ديوان المعاني 1: 352 وزهر الآداب: 298.
(2)
هو ابو الصلت أمية بن عبد العزيز الداني الحكيم (- 529) وترجمته في الخريدة 1: 189 (ط. تونس) وشعره فيها 1: 227 وفي ديوانه: 94 ونفح الطيب 5: 20.
108 -
البهازهير الكاتب (1) :
وليلة كأنها يومٌ أغَرّ
…
ظلامها آنس (2) من ضوءِ القمرْ
كأنها في مقلة الدهر حَوَرْ
…
ما قصرت لو سلمتْ من القصر
حين (3) أتت مَرَّتْ كلمحٍ بالبصر
…
ليس لها بين النهارين أثر
تطابَقَ العشاء فيها والسحر
…
ألذّ من طيب الكرى فيها السهر 109 - ابن سناء الملك (4) :
ياساقيَ الراح بل ياسائقَ الفرح
…
ويا نديميَ بل ياكلَّ مقترحي
لا تخشَ من قصر ليلٍ في تواصلنا (5)
…
أما تراني شربتُ الصبحَ في قدحي 110 - ابراهيم الغزي (6) :
وليلٍ رجونا أن يدبَّ عذارُهُ
…
فما دبَّ حتى صار بالفجر (7) ذائبا 111 - الشريف الموسوى:
وليلةٍ سال بها صُبْحُها
…
والصبحُ في المشرقِ كالسَّيْلِ
حتى توهمنا بأنَّ الدجى
…
طيفٌ يحيّينا بلا ليل 112 - القاضي الفاضل (8) :
بتنا على حالٍ تسرُّ الهوى
…
وربما لا يمكنُ الشرحُ
بوّابُنا الليلُ وقلنا له
…
إن غبتَ عنَّا دخل الصبح 113 - الخفاجي الحلبي (9) :
إن كان ليلي طويلاً بعد بينكمُ
…
فقد نعمت بكم والليلُ كالسَّحَرِ
(1) ديوان البهازهير: 154.
(2)
الديوان: أشرق.
(3)
ص: حرانة.
(4)
ديوان ابن سناء الملك: 150.
(5)
الديوان: في ليل لهوي من تقاصره.
(6)
الخريدة (قسم الشام) 1: 11.
(7)
ص: بالهجر.
(8)
ديوانه 1: 26 وابن خلكان 3: 106 والغزولي: 25.
(9)
البيتان في ديوان (مخطوطة الجامعة الأميركية) : 79.
لا أظلمُ الليل، ليلي في فراقكم
…
بليلِ وصلكمُ، فالطول كالقصر (1) 114 - ابن المعتز (2) :
يا ليلةً نسي الزمانُ بها
…
أحداثَهُ كوني بلا فجر
باح الظلامُ ببدرها ووشت
…
فيها الصبا بمواقع القطر
ثم انقضتْ والقلبُ يتبعها
…
في حيثما سقطتْ من الدهر 115 - شاعر في طيب الأيام:
يا ربَّ يوم لي كظل
…
ك أو كظنك لو يقاربْ
رقَّتْ حواشيه وغضَّ
…
تْ عينُ واشيهِ المراقب
قَصُرَتْ لنا أطرافُهُ
…
قِصَرَ القناع عن الترائب
وتبرَّجَتْ لذاته
…
للخاطبين وللخواطب 116 - شاعر:
يومٌ كأن نسيمه من عنبرِ
…
وتخالُ أنَّ أَديمَهُ من جوهر
لو باعتِ الأيام آخرَ مثله
…
بالعمر أَجمعَ كنتُ أوّلَ مشتري 117 - ابن رشيق (3) :
أيّها الليل طُلْ بغير جناحِ
…
ليس للعين راحةٌ في الصباح
كيف لا أُبغِضُ الصباحَ وفيه
…
غاب عنّي أولو الوجوهِ الصِّباح 118 - يحيى بن أحمد التيفاشي عم المصنف:
أتتني وقلبُ البرقِ يخفقُ غَيْرةً
…
عليها وعينُ النجم تنظرها شَزْرا
وقد هجعتْ عينُ الوشاة وأَسْبَلَتْ
…
علينا الدياجي من حنادسها سترا
فبتنا إلى وجه الصّباح كأننا
…
قضيبان لا صدّاً نخافُ ولا هجرا
فيا ليلةً قد قَصَّرَ الوصلُ طيبها
…
تُعَدّ إذا أحصى الفتى دَهْرَهُ عمرا
(1) الديوان: بالقصر.
(2)
ديوان ابن المعتز: 318، 4: 94 وديوان المعاني 1: 354 وزهر الآداب: 181.
(3)
ديوان ابن رشيق: 54 والشريشي 1: 296 (بولاق) 2: 245.