الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب العاشر
في تعبير ما تشتمل عليه من الآثار العلوية وغيرها في المنام
1217 -
قال الحكماء (1) : إذا رأى الإنسان النار في موضعها بمقدارٍ معتدلٍ، والزمان شات، دلّ على الخير والصلاح، فأما إذا لم تكن في موضعها أو كانت كبيرة مجاوزة الاعتدال في الكثرة، أو كان الصيف، فإنها تدلُّ على الشرّ والحرب والمرض والندامة.
1218 -
ومن رأى (2) أنه قاعد في ضوء السراج باليل دلّ على السرور ومواتاة الأمور، فإن كان خائفاً أو هارباً أو متوازياً أو عازماً على عمل في خفية دلّ على الفضيحة، لأن كلّ ما يكون في ضوء السراج يكون ظاهراً، وإطفاءُ السراج في المنام دليلٌ رديء مذموم، فإن كان صاحب المنام مريضاً دلّ على الموت.
1219 -
قال الشيخ شرف الدين المصنّف: وجرى لي من المنام أمر عجيب في السراج، وذلك أني رأيت كأني جالسٌ وبين يدي ثلاثةُ سُرُجٍ موقودة، وإلى جانبي زوجتي أمُّ بني، وهي تنفخُ إلى أحد السرج لتطفئه، فأدركني عليها غيظٌ شديد، ونهيتها عن ذاك، فألّحت في النفخ عليه، فاضطربت من الغيظ وقلت لها: إن طفيتيه فأنت طالق، فقامت فنفخت في السرج الثلاثة فأطفأتها، وبانتْ بالطلاق، ولم أكن قبل ذلك جرى على لساني للطلاق ذكر، ولا حدَّثْتُ نفسي بطلاقها قطّ، ولا حدّثَتْ نفسها في خلاف أمر آمرها به قط، وكان لي منها ثلاث بنين، فاتفق بعد هذه الرؤيا بأيام قلائل أن مرضت فماتت، وركبت أنا وأولادي الثلاثة البحر. ومالٌ
(1) قارن بما جاء عند أرطاميدورس: 209 - 210.
(2)
قارن بارطاميدورس: 209.
طائل، فعطبت السفينة وغرق البنون الثلاثة والمال جميعه، ونجوت على لوح مسلوباً من الأهل والمال.
1220 -
والعرب تقول (1) : من رأى أنَّ بيته احترق انفسد حاله؛ والنار إذا كان لها شرر ولهيب مضطرب دلّت على القتال وإنْ لم يكن معها شرر واضطراب دلّت على المرض والخصومة، وإن كان معها دخان انضاف إلى هذه الأمور هموم وغموم، ومن رأى أنه أوقد ناراً ليستضيء بها فتح له فيما يقصدة ويطلبه، وإن أوقدها ليتدفأ بها في وقت الدفء نال منفعة من الأمر الذي يقصده.
1221 -
ورأى رجلٌ في المنام أن يمينه صارت سراجاً وهو يسير في ضوئها، فاتّفق أن عمي بصره، وكان أخوه يقوده في الطريق.
1222 -
ومن رأى نوراً عظيماً على جبل أو في مفازه ليستضيء به الناس في أمور معاشهم ظهر للناس إمام أو سلطان عادل مرضيُّ السيرة.
1223 -
والهواء الصافي (2) المضيء يدلّ على الخير والصلاح لكلّ أمرٍ رآه، خصوصاً إن كان في قلبه همّ أو ضاع منه شيء فسار في طلبه أو سافر، قال المصنف: وقد جربته، والهواء الكدر المظلم يدلّ على العطلة والبطالة والغموم لكلّ أمرٍ رآه.
1224 -
والسحاب (3) يدلّ على الخير والصلاح، لا سيما أن كان محتاجاً إلى مطرٍ، فأما من أراد أن يسافر ويعمل عملاً يكون الصحو أوفق له من المطر، وكان السحاب رديئاً له.
1225 -
وأما السيول العظيمة والرياح العاصفة واضطراب الهواء فيدلّ على الحرب والخوف لكلّ من رآه.
1226 -
والحرّ الشديد والبرد الشديد (4) يدلّ على التعب والبطالة، لأن الإنسان يبطل الأعمال في مثل هذه الأحوال، وإن اشتغلط بالعمل أصابه تعبٌ.
(1) قارن بابن سيرين 1: 220 وتعطير الأنام 2: 290.
(2)
هو عن أرطاميدورس: 200 وقارن بابن سيرين 1: 159 وتعطير الأنام 2: 316.
(3)
قارن بابن سيرين 1: 169 وتعطير الأنام 2: 300 وقارن بارطاميدورس: 298.
(4)
انظر تعطير الأنام 1: 42، 143.
1227 -
والرعد والبرق (1) إذا لم يكن معهما مطر يدلان على المواعيد الكاذبة والآمال الخائبة، وإن كان الرعد والبرق شديداً دلّ على الخوف والفتنة وقتال الأعداء.
1228 -
والغيوم البيض المُسِفَّة خير من الغيوم السود المظلمة، لأن الغيوم المظلمة تدل على الحزن، والغيوم المتحركة خير من الغيوم الساكنة الواقفة؛ وإذا رأى الغيوم صاعدة من أسفل إلى فوق كان خيراً له من أن يراها نازلة من فوق إلى أسفل، لأن هذا خارج عن الطبع، وإذا رئيت السحب حمراً خيف على الرائي القتل، أو صفراء خيف عليه المرض، أو خضراء فهو أمان من جور السلطان. وقالت النصارى: تدلُّ على زواج امرأة.
1229 -
وان رأى قوس قزح يمنة فهو دليل خير، وإن رآه يسرة فهو دليل رديء.
1230 -
والثلج والبرد العامُّ (2) تعذيب من السلطان للناس والخاصّ خاص لرائيه، وإن كان معه بَرَدٌ فهو فقر وضرّ وفاقة.
1231 -
والريح الطيبة (3) الهادئة السهلة الهبوب تدلّ على الأمن والراحة والرخص، خصوصاً إذا استطابها الرائي واستلذّها. والرياح الشديدة العاصفة تدلّ على الحزن والشدائد، خصوصاً إذا تأذى بها. والهواء المظلم الكدر يدلّ على الشر لكل من يراه.
1232 -
وقالت العرب: الغيم يدلّ على العلم، والطلُّ يدل على الخراب، والرعد والبرق يدلان على الخوف، والريح العاصف تدلّ على الخوف والسيول المضرّة تدل على الفتن والمحن والجوائح وأنواع البلايا، والثلوج تدل على المنافع في المواضع الني ينتفع بها بالثلوج، وعلى المضرّة في المواضع التي يستضرّ بها فيها.
1233 -
وأما المطر ففيه خلاف، قالت الفلاسفة: كل ما ينزل من السماء مما عاقبته محمودة، فإنه يدل على الخير والصلاح، فإن رأى المطر عاما فهو خير عام، وإن رآه خاصاً فهو خير خاص في أي وقت رآه. وقالت العرب (4) : رؤيا المطر
(1) قارن بابن سيرين 1: 170 - 171 وتعطير الأنام: 37، 251.
(2)
ابن سيرين 1: 172 وتعطير الأنام 1: 42.
(3)
ابن سيرين 1: 167 وتعطير الأنام 1: 244.
(4)
ابن سيرين 1: 168 وتعطير الأنام 2: 224.
تختلف اختلاف الأوقات التي يُرَى فيها، فإن رآه في الشتاء وما أشبهه من وقتي الربيع والخريف الذي يتفق نزول المطر فهو خير، إن كان خاصاً فخاص، وإن كان عاماً فعام؛ وإن رآه في الصيف وفي الأوان الذي يبعد عهد المطر في مثله، فهو طاعون أو حصبة أو جدري أو بعض بلايا الدنيا، إن كان عاماً فعامّ لأهل المدينة أو القرية أو الصقع، وإن كان خاصاً فخاصّ لمن يراه.
1234 -
فأمّا الطين (1) فلا خير فيه عند الجميع؛ قال المصنّف: وهو من مجرّباتي فإني رأيت شخصاً جالساً في طين، وهو يضع منه على رأسه يكاد يغمره، فشاهدته بعد ذلك وقد مات غريقاً في البحر، اللهم إلاّ أن يكون الرائي من قوّة النفس وصفاتها بحيث لا تحتاج رؤياه إلى مثال، بل تخرج على ظاهرها فيرى الطين في اليقظة كما يراه في المنام، فإن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى كأنه في ماء وطين، فخرج إلى صلاة الغداة وصلّى بالناس وقد مُطِروا ووكَفَ سقفُ المسجد، فسجد في ماء وطي، صلى الله عليه وسلم.
(1) ابن سيرين 1: 172 وتعطير الأنام 1: 67.
تمّ الكتاب بحمد الله وعونه
الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله وصحبه وسلّم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وافق الفراغ من نسخه في تاسع شهر المحرم سنة ثلاث وسبعين وسبع مائة بدمشق المحروسة.