الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حبيب بفتح المهملة، وعلى الصواب أورده الحافظ في " الإصابة "(1 / 220) من رواية البخاري في " تاريخه "، وابن أبي عاصم، والطبراني، وقد خفيت هذه الحقيقة على المعلق على رسالة السيوطي، وهو الشيخ عبد الله الغماري، فنقل كلام الهيثمي في إعلال الحديث بمعاوية بن عبد الله وأقره،وجملة القول: أن المحراب في المسجد بدعة، ولا مبرر لجعله من المصالح المرسلة، ما دام أن غيره مما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم مقامه مع البساطة، وقلة الكلفة، والبعد عن الزخرفة.
450
- " لواعتقد أحدكم بحجر لنفعه ".
موضوع.
كما قال ابن تيمية، وغيره.
قال الشيخ على القاري في " موضوعاته "(ص 66) : وقال ابن القيم: هو من كلام عباد الأصنام الذين يحسنون ظنهم بالأحجار.
وقال ابن حجر العسقلاني: لا أصل له، ونحوه: من بلغه شيء عن الله فيه فضيلة
…
".
قلت: يعني الحديث الآتى بعد:
451
- " من بلغه عن الله شيء فيه فضيلة فأخذ به إيمانا به ورجاء ثوابه أعطاه الله ذلك وإن لم يكن كذلك ".
موضوع.
أخرجه الحسن بن عرفة في " جزئه "(100 / 1) وابن الأبار في " معجمه "(ص 281) وأبو محمد الخلال في " فضل رجب "(15 / 1 - 2) ، والخطيب (8 / 296) ، ومحمد بن طولون (880 - 953) في " الأربعين "(15 / 2) عن فرات بن سلمان، وعيسى بن كثير، كلاهما عن أبي رجاء، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله الأنصاري مرفوعا.
ومن هذه الطريق ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات "(1 / 258) وقال:
" لا يصح، أبو رجاء كذاب ".
وأقره السيوطي في " اللآليء "(2 / 214) ، وأنا لم أعرف أبا رجاء هذا، ثم وجدت الحافظ السخاوي صرح في " المقاصد "(ص 191) بأنه لا يعرف. وكذا قال فى " القول البديع "(ص 197) .
وأما قول المؤرخ ابن طولون:
" هذا حديث جيد الإسناد، وأبو رجاء هو فيما أعلم محرز بن عبد الله الجزري مولى هشام، وهو ثقة، وللحديث طرق وشواهد ذكرتها في كتابي " التوشيح لبيان صلاة التسبيح ". فهو بعيد جدا عن قواعد هذا العلم.
فإن محرزا هذا إن سلم أنه أبو رجاء، فهو يدلس، كما قال الحافظ في " التقريب " وقد عنعن، فأنى لإسناده الجودة؟ على أنني أستبعد أن يكون أبو رجاء هو محرز هذا، لأسباب: منها أنهم ذكروا في ترجمته أن من شيوخه، فرات بن سلمان، والواقع في هذا الإسناد خلافه، أعنى أن فرات بن سلمان هو راوى الحديث عنه، إلا أن يقال: إنه من رواية الأكابر عن الأصاغر، وفيه بعد. والله أعلم.
ويؤيد أنه ليس به، أنني رأيت على هامش " جزء ابن عرفة ":" العطاردي " إشارة إلى أن هذا نسبه، ولكن لم يوضع بجانبها حرف " صح " إشارة إلى أن هذه النسبة هي من أصل الكتاب سقطت من قلم الناسخ، فاستدركها على الهامش كما هي عادتهم، فإذا لم يشر إلى أنها من الأصل، فيحتمل أن تكون وضعت عليه تبيينا
وتوضيحا، لا على أنها من الأصل، ولعلنا نعثر على نسخة أخرى لهذا الجزء فنتبين حقيقة هذه الكلمة. والله أعلم.
ثم رأيت الحديث قد أخرجه الحافظ القاسم ابن الحافظ ابن عساكر فى " الأربعين " للسلفي (11 / 1) من الطريقين عن أبى رجاء به وقال:
" وهذا الحديث أيضا فيه نظر، وقد سمعت أبي رحمه الله يضعفه ".
ثم أورده ابن الجوزي من رواية الدارقطني بسنده عن ابن عمر، وفيه إسماعيل بن يحيى، قال ابن الجوزي:" كذاب "، ومن رواية ابن حبان من طريق يزيع أبي الخليل عن محمد بن واسع، وثابت بن أبان (كذا الأصل، ولعله ابن أسلم، فإني لا أعرف فى الرواة ثابت بن أبان) عن أنس مرفوعا. وقال ابن الجوزى:
" بزيع متروك ".
قلت: قال الذهبي فى ترجمته:
" متهم، قال ابن حبان: يأتي عن الثقات بأشياء موضوعة كأنه المتعمد لها ".
وقال في " الضعفاء ":
" متروك ".
وفى " اللسان " للحافظ ابن حجر:
" وقال الدارقطني: كل شيء يرويه باطل. وقال الحاكم: يروى عن الثقات أحاديث موضوعة ".
قلت: ومن طريقه أخرجه أبو يعلى، والطبراني في " الأوسط " بنحوه، كما فى " المجمع "(1 / 149) ، وسنذكره بعد هذا.
ثم إن السيوطي تعقب ابن الجوزي، فساق لحديث أنس طريقا آخر فيه متهم أيضا، كما يأتي بيانه في الحديث الذي بعده، وذكر كذلك طريقا أخرى لحديث ابن عمر من رواية الوليد بن مروان عنه، وسكت عنه، والوليد هذا مجهول، كما قال ابن أبى حاتم (4 / 2 / 18) عن أبيه، وكذا قال الذهبي، والعسقلاني. ثم إن فيه انقطاعا، فإن الوليد هذا روى عن غيلان بن جرير، وغيلان لم يروعن غير أنس من الصحابة، فهو من صغار التابعين، فالوليد على هذا من أتباعهم لم يدرك الصحابة، فثبت انقطاع الحديث.
ومن عجائب السيوطي أنه ساق بعد هذا قصة عن حمزة بن عبد المجيد.
خلاصتها: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسأله عن هذا الحديث، فقال:" إنه لمني وأنا قلته ".
ومن المقرر عند العلماء أن الرؤيا لا يثبت بها حكم شرعي، فبالأولى أن لا يثبت بها حديث نبوي، والحديث هو أصل الأحكام بعد القرآن.
وبالجملة، فجميع طرق هذا الحديث لا تقوم بها حجة، وبعضها أشد ضعفا من بعض، وأمثلها - كما قال الحافظ ابن ناصر الدين في " الترجيح " - طريق أبي رجاء، وقد عرفت وهاءها، ولقد أصاب ابن الجوزي في إيراده إياه في " الأحاديث الموضوعة "، وتابعه على ذلك الحافظ ابن حجر، فقال، كما سبق في الحديث الذي قبله:" لا أصل له ".
وكفى به حجة فى هذا الباب، ووافقه الشوكاني أيضا كما سيأتي في الحديث الذي بعده.
ومن آثار هذا الحديث السيئة أنه يوحي بالعمل بأي حديث طمعا في ثوابه، سواء كان الحديث عند أهل العلم صحيحا، أو ضعيفا، أو موضوعا، وكان من نتيجة
ذلك أن تساهل جمهو ر المسلمين، علماء، وخطباء، ومدرسين، وغيرهم، فى رواية الأحاديث، والعمل بها، وفي هذا مخالفة صريحة للأحاديث الصحيحة في التحذير من التحديث عنه صلى الله عليه وسلم إلا بعد التثبت من صحته عنه صلى الله عليه وسلم كما بيناه في المقدمة.
ثم إن هذا الحديث وما في معناه كأنه عمدة من يقول بجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، ومع أننا نرى خلاف ذلك، وأنه لا يجوز العمل بالحديث إلا بعد ثبوته، كما هو مذهب المحققين من العلماء، كابن حزم، وابن العربي المالكي، وغيرهم - فان القائلين بالجواز قيدوه بشروط:
منها أن يعتقد العامل به كون الحديث ضعيفا.
ومنها: أن لا يشهر ذلك، لئلا يعمل المرء بحديث ضعيف، فيشرع ما ليس بشرع، أو يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة صحيحة. كما نص على ذلك الحافظ ابن حجر في " تبيين العجب بما ورد فى فضل رجب " (ص 3 - 4) قال:" وقد صرح بمعنى ذلك الأستاذ ابن عبد السلام وغيره، وليحذر المر من دخوله تحت قوله صلى الله عليه وسلم: " من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين "، فكيف بمن عمل به، ولا فرق في العمل بالحديث في الأحكام، أو في الفضائل، إذ الكل شرع.
قلت: ولا يخفى أن العمل بهذه الشروط ينافي هذا الحديث الموضوع، فالقائلون بها، كأنهم يقولون بوضعه. وهذا هو المطلوب - فتأمل.
ثم رأيت رسالة ابن ناصر الدين في صلاة التسابيح التي نقلت عنها تجويده لإسناد هذا الحديث قد طبعت بتعليق المدعومحمود بن سعيد المصري، وقد شغب فيها علينا ما شاء له الشغب - كما هي عادته - وتأول كلام العلماء بما يتفق مع جدله بالباطل، ومكابرته الظاهرة لكل قاريء، ولا مجال الآن للرد عليه مفصلا، فحسبي أن أسوق مثالا واحدا على ما نقول:
لقد تظاهر بالانتصار للتجويد المشار إليه، فرد إعلالي للحديث بتدليس محرز، إن سلم بأنه هو أبو رجاء، فزعم (ص 32 و33) بأن محرزا إنما يدلس عن مكحولا فقط، وبذلك تأول ما نقله عن ابن حبان أنه قال:
كان يدلس عن مكحول، يعتبر بحديثه ما بين السماع فيه عن مكحول وغيره.
فتعامى عن قوله: وغيره، الصريح في أنه إذا لم يصرح بالسماع عن مكحول وعن غيره، فلا يعتبر بحديثه، كما تعامى عن قول الحافظ المتقدم:" كان يدلس "، فإنه مطلق يشمل تدليسه عن مكحول وغيره.
وإنما قلت: تظاهر.... لأنه بعد تلك الجعجعة رجع إلى القول بضعف الحديث فقد تشكك (ص 36) أولا في كون أبي رجاء هو محرز بن عبد الله المدلس وثانيا خالف ابن ناصر الدين بقوله:
ولكن الحديث فيه نكارة شديدة توجب ضعفه، فإنه يؤدي للعمل بكل ما يسمع، ولوكان موضوعا أو واهيا، ما دام في الفضائل.
قلت: فقد رجع من نقده إياي بخفي حنين بعد أن سرق ما جاء في استدراكه الأخير من قولي المتقدم قريبا:
" ومن آثار هذا الحديث السيئة أنه يوحي بالعمل بأي حديث طمعا في ثوابه. . . " إلخ.
أفلا يدل هذا على بالغ حقده وحسده ومكابرته؟ بلى، هناك ما هو أعظم في الدلالة، فانظر مقدمتي لكتابي " آداب الزفاف " طبع المكتبة الإسلامية في عمان، تر العجب العجاب.
والخلاصة: أن العلماء اتفقوا على رد هذا الحديث ما بين قائل بوضعه أو ضعفه، وهم: ابن الجوزي، وابن عساكر، وولداه، وابن حجر، والسخاوي، والسيوطي، والشوكاني، (وهم القوم لا يشقى جليسهم) .