الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع التاسع: المرسل
تعريف الحديث المرسل
النوع التاسع: المرسل، قال ابن الصلاح: وصورته التي لا خلاف فيها، حديث التابعي الكبير، الذي قد أدرك جماعة من الصحابة وجالسهم: كعبيد الله بن عدي بن الخيار، ثم سعيد بن المسيب وأمثالهما، إذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشهور: التسوية بين التابعين أجمعين في ذلك.
وحكى ابن عبد البر عن بعضهم: أنه لا يعد إرسال صغار التابعين مرسلا، ثم إن الحاكم يخص المرسل بالتابعين، والجمهور من الفقهاء والأصوليين يعممون التابعين وغيرهم.
قلت: قال أبو عمرو بن الحاجب، في مختصره في أصول الفقه:"المرسل: قول غير الصحابي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم". هذا ما يتعلق بتصوره عند المحدثين.
نعم، هذا إذن معنى كلمة مرسل، هذا يقول
…
قول ابن كثير، هذا ما يتعلق بتصوره عند المحدثين؛ لأنه سيدخل في الاحتجاج الآن، ولكن قبل ذلك يقول: هذا ما يتعلق بصورة المرسل. ومعنى المرسل عند المحدثين، ذكر فيه عددا من الأقوال، يقول: منهم من يخصه
…
بمرسل من؟
بمرفوع كبار التابعين، ومثل يعني باثنين منهم، وهما: عبيد الله بن عدي بن الخيار، وسعيد بن المسيب، وأمثالهما إذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا. ثم استأنف ابن كثير قال: "والمشهور التسوية بين التابعين أجمعين في ذلك".
نعم هذا هو المشهور: أن المرسل ما رواه التابعي، عمن؟ عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وحكى ابن عبد البر عن بعضهم: "أنه لا يعد إرسال صغار التابعين مرسلا". إذن المشهور والأكثر عند المحدثين، هو إطلاق المرسل على أي شيء؟
على مرسل التابعي، أو ما رواه التابعي مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا لا إشكال فيه، لكن ابن كثير الآن قال بعد ذلك:"ثم إن الحاكم يخص المرسل بالتابعين، والجمهور من الفقهاء والأصوليين يعممون التابعين وغيرهم".
الآن الكلام هذا منسوب لمن؟
للحاكم، ثم للفقهاء والأصوليين، إذن أين مصطلح المحدثين عموما؟ قد يفهم -هذا التي تدل عليه- قد يفهم أنهم مع من؟
مع الحاكم؛ لأنه نسب القول بالإطلاق إلى الفقهاء والأصوليين، بس أريد أن تكتبوا كلمة، أو ننتبه إلى كلمة، كلمة "مرسل" عند المحدثين، عند المحدثين الأوائل: هي أن الإسناد لم يتصل.
هذا ملخص الكلام فيها، ملخصه معناها: إذا قال الإمام: هذا حديث مرسل. فمعناه: أنه عنده لم يتصل إسناده، على أي صورة كان هذا الإرسال، سواء قال مثلا: التابعي يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم. أو تابعي التابعي يرويه عن الصحابي عن النبي. من الذي سقط الآن؟
التابعي، فهذا كله يسمونه مرسلا، مثلا كتاب "المراسيل" لأبي داود، هذا فيما أرسله من؟
التابعي، أو من دون التابعي عمن؟ عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا لا إشكال فيه، هذا من استخدامهم كتاب "المراسيل" الآخر، الذي هو لابن أبي حاتم. ماذا يريد بالمراسيل هنا؟
هي الأسانيد المنقطعة، سواء كانت مثلا: تابعي يروي حديثا، فيبين مثلا الإمام أن هذا تابعي لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم فمعناه أنه منقطع أو مرسل، أو قد يقول مثلا الحسن عن أبي هريرة مرسلا، إذن الانقطاع في أي مكان الآن؟
بين التابعي، وبين الصحابي، أو يقول مثلا الحسن -مثلا- عن جابر مرسلا، أو يقول الزهري عن ابن عمر مرسلا، فبين الزهري وبين ابن عمر يسقط، أو سقط واحد، أو قد يكون الساقط اثنان.
إذن كلمة "مرسل" عند المحدثين بمعنى أن الإسناد لم يتصل، ولا بد من فهمها على هذا، نعم.
يقول -يعني أظنه الخطيب البغدادي-: "أكثر ما يطلقونه على ما يرسله التابعي، عن النبي صلى الله عليه وسلم". وهذا يمكن لا ينازع فيه، ولكن يطلقونه كثيرا بكثرة، يعني: لا يستخدمون كثيرا إلا هذه الكلمة، التي هي كلمة "مرسل"؛ لأن كلمة "منقطع" -كما سيأتي معنا- استخدامها عندهم ليس بالكثير. فالمهم أننا نعرف هذا، أيضا هذا من الأشياء التي يُنتبه لها، وهي أننا نحن عندنا الآن المصطلح المرسل ما هو؟ ما سقط منه الصحابي، يعني ما أرسله التابعي، فنحن -يعني- فيمن تأخر لما جاء تحديد المصطلحات، قد يأتي المتأخر ويقصر المصطلح على شيء معين، أو على استخدام معين له.
فالمرسل الآن قصروه على ما أرسله التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن نعرف.. نحن سنقرأ في كتب الأولين مثلا: يقول الإمام أحمد رحمه الله لما روى عراك بن مالك عن عائشة حديثا قال: هذا مرسل. لما جاء ابن عبد الهادي -ابن عبد الهادي في وقت متأخر- استقر الاصطلاح، أو كثر استخدام المرسل في مرسل من؟ التابعي، ابن عبد الهادي اضطر إلى أن يقول.. سماه مرسلا لكذا؛ لأن عراكا لم يدرك، لم يدرك عائشة.
فإذن الإمام أحمد رحمه الله أطلق هذه الكلمة بناء على ما كان في عصرهم واستخدامهم، وهو أن المرسل أي سقط في الإسناد؛ ولهذا يقولون هو مقابل.. نحن أخذنا في النوع الخامس المتصل، ويقال له الموصول، يقولون: أرسله فلان ووصله فلان -يعني-، واحد رواه متصلا والآخر رواه غير متصل الذي هو المرسل، وفي أي مكان يكون هذا -عدم الاتصال- في أي مكان من الإسناد، هذا هو المرسل في معناه.
الآن ابن كثير رحمه الله، أو يعني المؤلفون في علوم الحديث دخلوا في موضوع، وهو الاحتجاج بالمرسل، وسيبين ابن كثير. نعم اقرأ.
الاحتجاج بالمرسل
وأما كونه حجة في الدين فذلك يتعلق بعلم الأصول، وقد أشبعنا الكلام في ذلك في كتابنا المقدمات، وقد ذكر مسلم في مقدمة كتابه أن المرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة، وكذا حكاه ابن عبد البر عن جماعة أصحاب الحديث.
وقال ابن الصلاح: وما ذكرناه من سقوط الاحتجاج بالمرسل والحكم بضعفه هو الذي استقر عليه آراء جماعة حفاظ الحديث ونقاد الأثر، وتداولوه في تصانيفهم، قال: والاحتجاج بهم مذهب مالك، وأبي حنيفة وأصحابهما في طائفته، والله أعلم.
قلت: وهو محكي عن الإمام أحمد بن حنبل في رواية، وأما الشافعي فنص على أن مرسلات سعيد بن المسيب حسان، قالوا: لأنه تتبعها فوجدها مسندة، والله أعلم.
والذي عول عليه كلامه في الرسالة أن مراسيل كبار التابعين حجة إن جاءت بوجه آخر ولو مرسلة، أو اعتضدت بقول صحابي أو أكثر العلماء، أو كان المرسِل لو سمى لا يسمي إلا ثقة، فحينئذ يكون مرسله حجة، ولا ينتهض إلى رتبة المتصل، قال الشافعي: وأما مراسيل غير كبار التابعين فلا أعلم أحدا قبِلها، قال ابن الصلاح.
نعم، هذا المتعلق بالكلام على المراسيل والاحتجاج بها، ابن كثير رحمه الله قبلما يدخل في الاحتجاج والكلام عن الاحتجاج نبه إلى أن هذه القضية من علم الحديث، من مصطلح الحديث وعلوم الحديث، أو من علم أصول الفقه؟ هذه مبحثها في أصول الفقه، حقيقة هذه من المسائل، وقد مر بنا مسألة أيضا دخلت في كتب علوم الحديث، وهي ماذا يفيد خبر الواحد؟ هل يفيد العلم أو يفيد الظن؟ إلى آخره، فهذه أيضا مسألة أصولية.
فمسألة الاحتجاج هذه بالمراسيل من أعقد ما يكون من مباحث أصول الفقه، وقد كتب فيها العلماء -يعني قديما وحديثا- فيها مؤلفات خاصة، وفيها أيضا رسائل عليا -يعني في الوقت الحاضر-، وأُشبعت كلاما، ويعني أنا ألخص الموضوع بالنسبة لأهل الحديث، بالنسبة لأهل الحديث النصوص عنهم أنه مثل مسلم بن الحجاج، ومثل أبي حاتم، وأبي زرعة، وأيضا الإمام أحمد منقول عنه، والشافعي كذلك، وجماعة كثيرون يتداولون هذا، ومثل -يعني- من اشترط الصحيح في مؤلفه كالبخاري، وابن خزيمة، وابن حبان.
أهل الحديث عندهم أن المرسل في حكم ماذا؟ في حكم الضعيف، وأنهم يقولون: لا يُحتج به، هذا بالنسبة لأهل الحديث، وهو الذي ذكره ابن الصلاح رحمه الله، ثم نسب إلى مذهب مالك ومذهب أبي حنيفة الاحتجاج بالمراسيل، وكذلك أيضا نسبه ابن كثير، قال: هو محكي عن الإمام أحمد.
أحب أن أضيف بس ما نطيل في هذا؛ لأن هذه مسألة.. وكذلك نقل عن الشافعي متى يحتج بالمرسل، أحب أن نذكر كلمة مختصرة، وهي أن الذي يظهر -والله أعلم- أن الأمر كما قال ابن عبد البر: كل من احتج بالمرسل خصمه يقول له إذا أراد أن يناقشه ماذا يقول له؟ هذا الحديث يكون مرسلا، يعني أن الجميع متوقفون في الإرسال، في المرسل، ولكن هنا أمر مهم، وهو أن الاحتجاج قد يُحتج بما -يعني- قد يُلجأ إلى الاحتجاج بأصل، وإن كان الأصل فيه عدم الاحتجاج.
وإذا قلنا إن المحدثين لا يحتجون بالمراسيل، أو يضعفون المراسيل، فينبه إلى أنه قد يَحتج الإمام منهم ببعض المراسيل، إما لقوتها؛ وهذا راجع إلى الصحة -كما مر بنا- أنهم يحتجون، أو أنهم يقوون مثلا ما يرويه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، وإما لأن ليس الاعتماد على هذا المرسل في الاحتجاج، وإنما معه مثلا أقوال الصحابة، معه مثلا ظاهر القرآن، معه قياس إما جلي أو خفي، معه أصل عام، معه مصلحة مرسلة ونحو ذلك.
فالخلاصة أنه: الذي يظهر من عمل الجميع من الفقهاء والمحدثين، أن الاحتجاج.. أن المرسل.. حتى نبه على هذا ابن رجب وقال: إن ما يُنسب إلى مالك، وإلى أبي حنيفة، وإلى الإمام أحمد من الاحتجاج بالمرسل، إنما هو استُدل به أنهم احتجوا بمراسيل، وليس أنهم يحتجون بجميع المراسيل.
وكما ذكرت: ابن عبد البر رحمه الله أشار إلى أن المرسل -يعني الاحتجاج بالمرسل- فيه ضعف، وأن كل من احتج بالمرسل خصمه يقول له: هذا مرسل، كل واحد يقول للآخر: هذا مرسل، فالذي يظهر -والله أعلم- أن الاحتجاج بالمرسل إنما هو في أفراد من المراسيل، قد يحتاج إليها الإمام أو المجتهد، أن يعبد بها غيرها، أو أن يتبين له قوة هذا المرسل، إما لاعتضاده -كما ذكر الشافعي-، أو لكون مرسِله لا يرسل إلا عن ثقة ونحو هذا الكلام.
فالمقصود أن الأصل فيه عدم الاحتجاج، أنه من قبيل الضعيف، ولكن الإمام قد يحتج به، بل قد يقويه أو يصححه، ويمكن يعني.. المهم هذا خلاصة الكلام في الاحتجاج بالمراسيل، الاحتجاج بالمراسيل، إذن هو من قبيل الضعيف الذي قد يُحتج به في أماكن لسبب، إما لكونه اعتضد قوة، أو لكونه اعتضد دلالة.
ما الفرق بين اعتضاد القوة واعتضاد الدلالة؟ اعتضاد الاستدلال واعتضاد القوة؟ اعتضاد القوة هو أن ما جاء بالمرسل اعتضد فصح أو قوي أن ننسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم مثل أن يأتي مرسل ويأتي معه مرسل آخر، وهو الذي مر بنا في الحديث الحسن لغيره، وهو الذي تكلم عليه الشافعي وأطال في شروط قبول المرسل، ذكر أشياء، وقد تأتي مراسيل ومراسيل ومراسيل، مرسل ومرسل فيدل مجموعها على أن لهذا الحديث أصلا.
أما اعتضاد الدلالة فمعناه أنه مجموعة من الأدلة من أنواع أو من أصول مختلفة، قد يكون ظاهر آية، وقد يكون قول صحابي، ويُضم إليه مصلحة مرسلة، ويُضم إليه مرسل، فهذا هو المقصود بالاعتضاد، باعتضاد الدلالة، هذا الكلام على مسألة الاحتجاج بالمراسيل.
وبالمناسبة الآن، هو مبحث أصولي كما عرفنا أو حديثي؟ أصولي، الأصوليون مر بنا أنهم يطلقون المرسل على أي شيء؟ قبل قليل في كلام ابن كثير؟ على جميع.. أي انقطاع في الإسناد، فمثله الاحتجاج، الاحتجاج مذكور في كتب الأصول، والبحث في الاحتجاج به لا يقصدون به مرسل من فقط؟ مرسل التابعي.
وهذا -يعني- قد يتبادر إلى أذهان بعض الإخوان، أن -يعني- الربط بين ما هو في الحديث وما هو في الأصول، أهل الأصول جارين على الاصطلاح المحدثين الأول أو الأخير؟ لا، الأصوليون يجرون على أي شيء؟ على استخدام الأولين، المحدثين الذين هم -يعني- يجعلون المرسل معناه الإسناد الذي لم يتصل في أي مكان، وهو المشهور عند الأصوليين حتى المتأخرين، يعني الأصوليون الاصطلاح عندهم على ما كان عليه المحدثون الأوائل، وهو أن المرسل ما كان به سقط في أي مكان في الإسناد، فيُنتبه لهذا. نعم. اقرأ الآن نعم:
مراسيل الصحابة
قال ابن الصلاح: وأما مراسيل الصحابة كابن عباس وأمثاله، ففي حكم الموصول؛ لأنهم إنما يروون عن الصحابة، وكلهم عدول، فجهالتهم لا تضر، والله أعلم.
قلت: وقد حكى بعضهم الإجماع على قبول مراسيل الصحابة، وذكر ابن الأثير وغيره في ذلك خلافا، ويحكى هذا المذهب عن الأستاذ أبي إسحاق الاسفراييني احتمال تلقيهم عن بعض التابعين، وقد وقع رواية الأكابر عن الأصاغر، والآباء عن الأبناء، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
تنبيه: والحافظ البيهقي في كتابه السنن الكبير وغيره يسمي ما رواه التابعي عن رجل من الصحابة مرسلا، فإن كان يذهب مع هذا إلى أنه ليس بحجة، فيلزمه أن يكون مرسل الصحابة أيضا ليس بحجة والله أعلم.
نعم هذا الكلام في قضيتين، قضية مراسيل الصحابة لا بد من -يعني- تكلم ابن الصلاح رحمه الله، وذكر أن مراسيل الصحابة لا يدخلها الاختلاف السابق، هي من جهة المعنى، المعنى فيها واحد، والصحابة يروي بعضهم عن بعض، ويُسقط الراوي، وإذا نوقش أحيانا، إذا نوقش كما مثلا في ? لا ربا إلا في النسيئة ? كان يرويه ابن عباس، فلما حوقق في ذلك نسبه إلى غيره.
ومثل -مثلا- كون النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين بعد العصر، أو صلى ركعتين بعد العصر، لما حوقق فيه ابن الزبير قال: عائشة، ثم في بعض الروايات أيضا أن عائشة نسبته إلى أم سلمة، مع أن عائشة روت هذا أيضا.
فالمقصود.. وحتى مثلا ابن عباس الآن يروي أكثر من ألف حديث، وهو إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم كم من سنة؟ ثلاث سنوات أو أقل أيضا، أو نعم أو أكثر أو أقل، فالمقصود وهو أيضا صغير، توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير، فلم يكونوا يروون ما يروونه كله عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة.
وقد وقع إجماع المحدثين على عدم البحث في هذه المسألة تماما، ولا تجدها تُذكر في كتب أهل الحديث، ولا يقولون أو يُعلِّون، فيقولون: هذا لم يسمعه ابن عباس، أو يقولون إلا عند الحاجة، عند الضرورة، حين -مثلا يعني- يجري تعارض، حتى الصحابة -رضوان الله عليهم- فيما بينهم إذا وقع اختلاف يحاققون، يقولون: ممن سمعته؟ يقولون للصحابي: ممن سمعته؟
فربما يقول: من النبي، وربما يقول: سمعته من فلان، أو أخبرني به فلان، وقد يذهبون إلى الثاني هذا، هذه عند الحاجة، وأما الأصل فعند المحدثين أنه لا بحث في هذه المسألة، وهي مراسيل الصحابة.
نلاحظ أن النقل في عدم قبول أو التوقف في مراسيل الصحابة الآن نقله ابن كثير عن من؟ عن أبي إسحاق الاسفراييني، وهذا محدث أو أصولي؟ هذا أصولي، وهذه من المباحث التي دخلت من الأصوليين، بحثها الأصوليون، ودخلت أيضا إلى كتب المصطلح، وربما كتب المصطلح تورد خلافا في بعض الأماكن، ولا يكون للمحدثين، وإنما يكون لبعض أهل الأصول.
المعروف أن أهل الأصول تكلموا عن موضوعات السنة بتطبيق أو بأمور نظرية؟ بتطبيق أو بأمور نظرية؟ أكثره بأمور نظرية عقلية، كما سيأتي معنا في زيادات الثقات، إن تعدد المجلس، أو إن نفاها مَن نقصَها أو كذا، فيذكرون احتمالات عقلية، وكثير منها لا يذكر عند أهل الحديث.
فهذه -النقل عن أبي إسحاق الآن هذا- لأن الكتاب الآن هذا يعني هذا، الكتب لأهل الحديث أو لأهل الأصول؟ هي لأهل الحديث، فمثل هذا النقل -يعني- والآن هذا مصطلح، أو ينبني عليه قاعدة وحكم؟ هذا ينبني عليه حكم أو فقط مصطلح؟
الآن أبو إسحاق الاسفراييني توقف في مراسيل الصحابة، هذا مصطلح أو قاعدة ينبني عليها حكم؟ قاعدة، هذا ما يُتسامح فيه أبدا، ولا يقال: لا مشاحة في الاصطلاح، فمثل هذا ليس من عمل المحدثين، ولو كان الأمر اصطلاحا لقلنا لا مشاحة في الاصطلاح، أما هذا قاعدة ينبني عليها حكم مهم جدا، ولا ينبغي أن يُقترب منه أصلا، فضلا عن أن يُتكلم فيه، التي هي مراسيل الصحابة -رضوان الله عليهم-.
قال ابن كثير رحمه الله: قد وقع رواية الأكابر عن الأصاغر، والآباء عن الأبناء، هذا موضوع سيأتي معنا -إن شاء الله تعالى-، وهو -يعني- يريد أن يبين أنه كما يروي الكبير عن الصغير يروي الصحابي عن صحابي آخر، وهذا لا إشكال فيه، ولا يدخل في الحكم، ولا صلة له بالحكم، بل هو -يعني- سيأتي معنا -إن شاء الله تعالى- الكلام فيه.
قال ابن كثير رحمه الله: تنبيه، نبه ابن كثير إلى أن البيهقي -رحمه الله تعالى- قد يسمي ما يقول فيه التابعي عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسميه ماذا؟ يسميه مرسلا، مع أنه متصل أو غير متصل الآن؟ متصل.
ويعني من الأمثلة على ذلك الحديث المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم ? نهى أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة والمرأة بفضل الرجل ? فهذا يقول فيه حميد بن عبد الرحمن: صحبت رجلا، أو ابن حميد بن عبد الرحمن يقول: صحبت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو فقال: كذا وكذا.
فهذا البيهقي رحمه الله نحن نعرف البيهقي ينتسب إلى مذهب من؟ ينتسب إلى مذهب الشافعي، فربما في الجواب عن بعض الأحاديث تكلف إذا خالفت مذهب من؟ ربما يعني وقع منه، فهو يقول -الذي وقفت عليه من عباراته أنه يقول- هذا بمعنى المرسل، هذا بمعنى المرسل.
ويقول: ناقشوه في ذلك، وقالوا: إن التابعي إذا روى عن صحابي -وإن لم يسمه- فإن هذا لا يضر؛ لأن الصحابة -يعني- عدول، ولا تضر جهالتهم، لكن أنبه هنا إلى أن البيهقي رحمه الله يُحتمل -يعني والله أعلم- أنه لا يقصد -يعني- ما فهموه من كلامه.
وإنما -يعني- يحتمل أن يكون كلامه له معنى آخر، وهو أن التابعي إذا قال: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهو الآن في حكم المرسل؛ لأنه لا يُدرى هل هذا التابع لقي هذا الصحابي أو لا؟ لأن الصحابي الآن نعرفه أو لا نعرفه؟ لا نعرفه، فالذي -يعني- يحتمل أن يكون هذا مراده، وليس مراده أن الصحابي لم يسم، فهو بمعنى المرسل، يحتمل هذا -والله أعلم.
إن كان -يعني- كلامه يحتمل هذا، وإلا فكما قال ابن كثير: إن كان يذهب مع هذا إلى أنه ليس بحجة فيلزمه أن يكون مرسل الصحابة أيضا ليس بحجة، وهو لا يقول بهذا البيهقي، مراد ابن كثير أنه إذا كنت لا تقول بهذا فلا تُسَمِّ ما لم يُسَمَّ فيه الصحابي لا تجعله مرسلا.