الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الرابع والأربعون: معرفة رواية الآباء عن الأبناء
وقد صَنَّفَ فيه الخطيب كتابا، وقد ذكر الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي في بعض كتبه أن أبا بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- روى عن ابنته عائشة -رضي الله تعالى عنها-، وروت عنها أمها أم رومان أيضا.
قال: روى العباس عن ابنيه: عبد الله، والفضل.
قال: وروى سليمان بن طلخان التيمي عن ابنه المعتمر بن سليمان، وروى أبو داود عن ابنه أبي بكر بن أبي داود.
قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: وروى سفيان بن عيينة عن وائل بن داود، عن ابنه بكر بن وائل، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة -رضي الله تعالى- عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ? أَخِّرُوا الأحمال؛ فإن اليد مغلقة، والرجل موثقة ?.
قال الخطيب: لا يُعرَف إلا من هذا الوجه.
قال: وروى أبو عمر حفص بن عمر الدوري المقرئ عن ابنه أبي جعفر محمد ستة عشر حديثا أو نحوها، وذلك أكثر ما وقع من رواية أب عن ابنه.
ثم روى الشيخ أبو عمرو عن أنس المظفر عبد الرحيم الحافظ أبي سعيد عن أبيه عن ابنه ابن المظفر بسنده عن أبي أمامة مرفوعا: ? أحضروا موائدكم البقل؛ فإنه مطردة للشيطان مع التسمية ?.
سكت عليه الشيخ أبو عمرو، وقد ذكره أبو الفرج ابن الجوزي في الموضوعات، وأخلِق به أن يكون كذلك.
ثم قال ابن الصلاح: وأما الحديث الذي رويناه عن أبي بكر الصديق، عن عائشة -أحسن الله إليك، رُوّينا ولّا رَوينا؟ ابن الصلاح، يُضبط رُوّينا، أو رُوِّيناه أيضا، نعم- ثم قال ابن الصلاح: وأما الحديث الذي رُوّيناه عن أبي بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه-، عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحبة السوداء: ? شفاء من كل داء ? فهو غلط؛ إنما رواه أبو بكر عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، عن عائشة.....
قال: ولا نعرف أربعةً من الصحابة على نسقٍ سوى هؤلاء: محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهم، وكذلك قال ابن الجوزي وغير واحد من الأئمة.
قلت: ويلتحق بهم تقريبا عبد الله بن الزبير، أمه أسماء بنت أبي بكر بن أبي قحافة، وهو أسن وأشهر في الصحابة من محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، والله أعلم.
قال ابن الجوزي: وقد روى حمزة والعباس عن ابن أخيهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى مصعب الزبيري عن ابن أخيه الزبير بن بكار، وإسحاق بن حنبل عن ابن أخيه أحمد بن محمد بن حنبل، وروى مالك عن ابن أخته إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس.
نعم، هذا النوع، معرفة رواية الآباء عن الأبناء، يقول: إن الخطيب البغدادي صَنَّفَ فيه كتابا، ونحن نعرف أن الخطيب صنف، يعني: هو الذي نَوَّع أنواع علوم الحديث، سيأتي أيضا أمثلة لـ.. تفنن هو رحمه الله كان واسع الرواية، وعقله منظم، تتعجب من حسن تصنيفه، وحسن سياقته للنصوص، وإدراجها تحت الأبواب، وكذلك أيضا رُزِق -مع أنهم يقولون: إنه -يعني- حِفظه ليس على قدر مؤلفاته، ولكن هذا لا يضر، استفاد الناس من مؤلفاته، والعلم رزق، من الناس من يُرزق الكلام، ومن الناس مَنْ يُرزَق الكتابة والتأليف وحسن التصنيف.
فصنف الخطيب، والآن يضربون أمثلة لمن روَى عن ابنه، وذكروا مثالا أن أبا بكرٍ الصديق روى عن ابنته عائشة، ثم ذكر في وسط كلامه حديثا عن أبي بكر الصديق، عن عائشة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونَبَّه ابن الصلاح إلى أن هذا غلط، إنما الراوي أبو بكر آخر، اسمه عبد الله بن عتيق من تلامذة عائشة، وليس هو أبو بكر والدها.
مثّل ابن الصلاح بحديث رواه سفيان بن عيينة، عن وائل بن داود، عن ابنه بكر بن وائل، وهذا معروف، هذا الإسناد، وائل بن داود يروي عن ابنه بكر بن وائل، عن الزهري.
وأيضا روى حديثا آخر، وهو حديث ? أن النبي صلى الله عليه وسلم أَوْلَم على صفية بسويقٍ وتمر ? وقد رواه سفيان بن عيينة -أيضا- عن وائل بن داود.
ثم ذكر ابن كثير رحمه الله عددا من الأمثلة، وعَرَّج في الخير على قضية صحابة، أربعة من الصحابة -رضوان الله عليهم-، محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة، كان هؤلاء كلهم صحابة: مُحمد، وعبد الرحمن، وأبو بكر رضي الله عنه ووالده أبو قحافة، لكن محمد هذا صغير، صحابي صغير، وهذا إلى رواية الأقارب بعضهم عن بعض.
ونلاحظ وإنكم تلاحظون من الحديث الذي ذكره من رواية أبي المظفر السمعاني، عن ابنه، من رواية أبي عمرو، فهو الشيخ أبو عمرو بن الصلاح، عن أبي المظفر عبد الرحيم ابن الحافظ أبي سعد، عن أبيه، عن ابنه أبي المظفر، الحديث بهذا الإسناد يعني أبي أمامة: ? أحضروا موائدكم البقل ?.
وهذا الحديث موضوع كما قال ابن كثير، وإن سكت عنه ابن الصلاح، لكن الذي نريده هنا هو أن هذه الدقائق التي هي رواية الأب عن ابنه، أو عن الأم، يعني: هذه الأمور كثيرا ما يقع فيها في التمثيل لها يقع ماذا؟ تسامح، يقع تسامح، انظر الآن تسّمح ابن الصلاح في هذا المثال ليمثّل به على رواية الأب عن ابنه، وهو حديث موضوع.
فمثل هذه الدقائق اهتم بها المحدثون، ولكن يتسمَّحُون في التمثيل لها.
نعم، قد يصح منها المثال والمثالان، ولكن يتسَمَّحُون في إيراد بعض الأمثلة التي لا تصح، ومنها هذا الحديث، أو يكون فيه غلط أحيانا.
والمقصود من هذا الموضوع كله، هذا النوع هو ألا يظن الظانُّ أن في الإسناد تقديم وتأخير، في العادة من الذي يروي عن الآخر: الابن، أو الأب؟ الذي يروي هو الابن، ولكن قد يروي الأب في حال نادرة، فإذا جاء مثل هذا لا يظن الناظر أن في الإسناد قلبا، أو أن فيه تقديما وتأخيرا. نعم.
النوع الخامس والأربعون رواية الأبناء عن الآباء