الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الرابع عشر: المنكر
وهو كالشاذ، وإن خالف راويه الثقات فمنكر مردود، وكذا إن لم يكن عدلا ضابطا وإن لم يخالف فمنكر مردود، وأما إن كان الذي تفرد به عدل ضابط حافظ قبل شرعا، ولا يقال له: منكر، وإن قيل ذلك لغة.
نعم، هذا هو المنكر، ابن الصلاح رحمه الله وتابعه ابن كثير، على أن الشاذ والمنكر كلاهما بمعنى واحد، وهذا هو الصحيح، هذا هو الصحيح الشاذ والمنكر بمعنى واحد، بل إن الأئمة، الأولون رحمهم الله، أي الكلمتين يستخدمون في وصف الأحاديث؟ أيها أكثر استخداما؟
المنكر، بل مثلا لو أخذت كتاب "علل ابن أبي حاتم"، من أوله إلى آخره، لا تجد كلمة "شاذ"، ما تجدها، وإن وجدت يعني هذا بحسب تتبعي لكن إن وجدت فهي كثيرة أو قليلة؟.
قليلة جدا إن وجدت، وأما كلمة "منكر" ففيه وصف الأحاديث بالنكارة أكثر من أربعمائة موضع، منها عن الضعفاء كثير، ومنها عن متوسطي الحفظ، ومنها عن الثقات أيضا، منها عن الثقات مما تفرد به الثقات، ومنها مما تفرد به الضعفاء، ومنها مما تفرد به غيرهم أيضا، فالمنكر بمعنى الشاذ كما ذكره ابن الصلاح -رحمه الله تعالى- وما تقدم من الكلام على تفرد الثقة، وأنه قد يسمى شاذا بقرائن، هو الذي يطلق عليه الأئمة، يطلقون عليه ماذا؟ أكثر ما يطلقون عليه منكرا أو شاذا؟
أكثر ما يطلقون عليه كلمة؟ كلمة منكر، نعم.
وهذا الذي اختاره ابن الصلاح وتابعه ابن كثير، هو الصحيح كما ذكرت، وإن كان قد، يعني الاعتراض عليهما في تحديدهما النكارة، في أن يكون الراوي ضعيفا، هذا هو الذي يعني يعترض عليه بما تقدم، بما ذكرته في الشاذ.
وبعض العلماء لما اختار تعريف الشافعي للشاذ، ونظر في عمل الأئمة واستنكارهم للثقات، قال: الأولى أن تزاد كلمة "منكر" في تعريف الحديث الصحيح، فنقول: لا يكون شاذا ولا منكرا ولا؟ ولا معللا، لكن إذا اخترنا تعريف، أو قلنا: إن من الشذوذ ما ذكره الحاكم والخليلي، لا نحتاج إلى إضافة كلمة منكر، وإن كانت في الاستخدام هي الموجودة، لكن يكفي عنها الآن في التعريف كلمة "شاذ"، إذا قلنا: إن من الشذوذ ما ذكره الخليلي وذكره الحاكم -رحمهما الله تعالى-.
ابن حجر رحمه الله اختار في تعريفه، ولذلك الذين بعد ابن حجر، جميعهم اختاروا التفريق بين الشاذ والمنكر، بأن الشاذ أن يرويه ثقة يخالف غيره، وأن المنكر ما يرويه ضعيف، سواء خالف غيره أو لم يخالف، ويقسمونه، والصحيح -كما ذكرت- أن الشاذ والمنكر بمعنى واحد، وبقي كلمة الشطر الأخير من كلام ابن كثير انتبه له، يعني رجاء أن تنتبهوا المراد منه: وأما إن كان الذي تفرد به عدل ضابط حافظ قبل شرعا ولا يقال له: منكر، وإن قيل ذلك لغة، ما الذي أدخل اللغة هنا في المصطلح؟ ما الذي أدخل كلمة، أو إطلاقه كون المنكر يطلق لغة على ما تفرد به راوٍ، ما الذي أدخله؟.
أنا في تصوري -والله أعلم-، يعني أنا ألحظ من كلمة ابن كثير رحمه الله هذه، أنه لم يخف عليه أن الأئمة يطلقون "منكر" على ما تفرد به من؟ الثقات، لم يخف عليهم هذا، وهذا هو ليس فيه بعد، يعني هذا هو المحتمل، أن الأئمة يطلقون النكارة على ما تفرد به الثقة، هذا الكلام يعتبر زائدا على كلام ابن الصلاح، من كلام من هذا؟
من كلام ابن كثير، ابن الصلاح قد ذكر أن الأئمة يطلقون، ذكر هذا لم يخف عليه أيضا، قال: موجود في كلام الحفاظ إطلاق النكارة، على ما تفرد به من؟ الثقة، لكن ابن الصلاح قال: ولكن الصواب ما تقدم، ما ذكرته.
إذن ذكر كلام الأولين ثم اختار؟ غيره، اختار أن كل تفرد ثقة فهو؟ فهو صحيح، فإن خف ضبطه فهو؟ فهو حسن.
ابن كثير ألاحظ في كلامه -والله أعلم- أن مراده بهذا، أن ما أطلقه الأئمة السابقون على ما يتفرد به الثقات من النكارة، فمرادهم ماذا؟ النكارة لغة التي هي التفرد، فكأن مراده هذا -والله أعلم-، وقد جاء أئمة وأظنه أيضا مسبوقا إلى هذا، أظن النووي، يعني أيضا كلام النووي غير صريح، لكن فهمت منه هذا في مقدمة "شرح صحيح مسلم"، وأما الذي صرح بهذا واعتمده، أن كلام الأولين إذا أطلقوه على تفردات الثقات، وأنهم يريدون به أنه منكر، بمعنى فرد وليس بمعنى منكر مردود؛ لأن أي النكارتين يريدون؟ اللغوية.
هذا هو ابن حجر رحمه الله اعتمده، وتكلم عليه، ويعني صار يجيب عن كلام الأولين على بعض الأحاديث النكارة، أو على بعض الرواة بأن حديثه منكر، أو أنه يروي مناكير، يقول: يريدون به بيان مطلق التفرد وليس الرد.
إذن مطلق التفرد يطلق عليه نكارة كما قال ابن كثير: في أي شيء؟ من جهة ماذا؟ من جهة اللغة، ولكن هذا الذي ذكره ابن كثير، هو الذي ذكرته قبل قليل، أن هذا يعني فيه بُعد -والله أعلم- أن نقول: إن الأئمة -رحمهم الله تعالى- يطلقون شيئا ويريدون به تارة اصطلاحا، وأنه مردود اصطلاحا حديثيا، ويطلقونه تارة ويريدون به أنه من جهة؟ من جهة اللغة، هذا فيه بُعد -والله أعلم- وخلط أيضا، ولأمكن لكل قائل ولكل ناظر، أن إذا قلت له: إن الإمام أحمد استنكر هذا قال: أصلا لم يرد رفضه، وإنما أراد أنه منكر من حيث؟ من حيث اللغة.
والذي يظهر -والله أعلم- يعني منذ رأيت كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله، وأنا أتتبع أو ألاحظ كلام الأئمة في استخدام كلمة منكر، أنكره، ينكر عليه، يستنكر عليه، كل ما تصرف من هذه الكلمة، ابتداء من الصحابة -رضوان الله عليهم- وأنت نازل إلى عصر الأئمة، أن الإمام أو الناقد إذا قال: هذا منكر أو ينكر أو أنكره عليه، فهو بمعنى؟ بمعنى الخطأ والرد، فأما مرادهم بهذا أنه بمعنى الخطأ والرد، وهذا موجود في كلام الصحابة، كما في قصة الحديث الذي رواه الحسن: ? أن سمرة وعمران بن حصين اختلفا في السكتتين، فذكر سمرة أنه حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم كم من سكتة؟ حفظ فأنكر ذلك عمران ?.
إذن ماذا يريد الآن؟ تخطئة سمرة، واستمر هذا الاصطلاح، استمر هذا المصطلح، فكل ما تصرف من هذه الكلمة: له مناكير، له ما ينكر، استنكروا عليه، ينكر عليه كذا، أنكره فلان، منكر، هذه كل ما تصرف منها، فالذي يظهر في اصطلاحهم أنها بمعنى الرد، وأنهم قد استنكروا بعض أحاديث الثقات، ويعني هذا خلاصة الكلام على هذا، نعم.