المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع التاسع والعشرون: معرفة الإسناد العالي والنازل - شرح اختصار علوم الحديث - اللاحم

[إبراهيم اللاحم]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌ترتيب ابن الصلاح لأنواع الحديث

- ‌تقسيم الحديث إلى أنواعه صحة وضعفا

- ‌النوع الأول: الصحيح

- ‌النوع الثاني: الحديث الحسن

- ‌النوع الثالث:الحديث الضعيف

- ‌ النوع الرابع: "المسند

- ‌النوع الخامس: المتصل

- ‌النوع السادس: المرفوع

- ‌النوع السابع: الموقوف

- ‌النوع الثامن: المقطوع

- ‌النوع التاسع: المرسل

- ‌النوع العاشر: المنقطع

- ‌النوع الحادي عشر: المعضل

- ‌النوع الثاني عشر: المدلس

- ‌النوع الثالث عشر: الشاذ

- ‌النوع الرابع عشر: المنكر

- ‌النوع الخامس عشر: في الاعتبارات والمتابعات والشواهد

- ‌النوع السادس عشر: في الأفراد

- ‌النوع السابع عشر: في زياد الثقة

- ‌النوع الثامن عشر: معرفة المعلل من الحديث

- ‌النوع التاسع عشر: المضطرب

- ‌النوع العشرون: معرفة المدرج

- ‌النوع الحادي والعشرون: معرفة الموضوع المختلق المصنوع

- ‌النوع الثاني والعشرون: المقلوب

- ‌النوع الثالث والعشرون: معرفة من تقبل روايته ومن لا تقبل وبيان الجرح والتعديل

- ‌النوع الرابع والعشرون: كيفية سماع الحديث وتحمله وضبطه

- ‌النوع الخامس والعشرون: كتابة الحديث وضبطه وتقيده

- ‌النوع السادس والعشرون: صفة رواية الحديث

- ‌النوع السابع والعشرون: آداب المحدث

- ‌النوع الثامن والعشرون: آداب طالب الحديث

- ‌النوع التاسع والعشرون: معرفة الإسناد العالي والنازل

- ‌النوع الثلاثون: معرفة المشهور

- ‌النوع الحادي والثلاثون: معرفة الغريب والعزيز

- ‌النوع الثاني والثلاثون: معرفة غريب ألفاظ الحديث

- ‌النوع الثالث والثلاثون: معرفة المسلسل

- ‌النوع الرابع والثلاثون: معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه

- ‌النوع الخامس والثلاثون: معرفة ضبط ألفاظ الحديث متنا وإسنادا

- ‌النوع السادس والثلاثون: معرفة مختلف الحديث

- ‌النوع السابع والثلاثون: معرفة المزيد في متصل الأسانيد

- ‌النوع الثامن والثلاثون: معرفة الخفي في المراسيل

- ‌النوع التاسع والثلاثون: معرفة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين

- ‌النوع المُوفّي أربعين: معرفة التابعين

- ‌النوع الحادي والأربعون: معرفة رواية الأكابر عن الأصاغر

- ‌النوع الثاني والأربعون: معرفة المُدَبَّج

- ‌النوع الثالث والأربعون: معرفة الإخوة والأخوات من الرواة

- ‌النوع الرابع والأربعون: معرفة رواية الآباء عن الأبناء

- ‌النوع الخامس والأربعون: رواية الأبناء عن الآباء

- ‌النوع السادس والأربعون: معرفة رواية السابق واللاحق

- ‌النوع السابع والأربعون: معرفة من لم يروِ عنه إلا راوٍ واحد

- ‌النوع الثامن والأربعون: معرفة من له أسماء متعددة

- ‌النوع التاسع والأربعون: معرفة الأسماء المفردة والكُنَى

- ‌النوع الخمسون: معرفة الأسماء والكُنَى

- ‌النوع الحادي والخمسون: معرفة من اشتهر بالاسم دون الكنية

- ‌النوع الثاني والخمسون: معرفة الألقاب

- ‌النوع الثالث والخمسون: معرفة المؤتلف والمختلف في الأسماء والأنساب

- ‌النوع الرابع والخمسون: معرفة المتفق والمفترق من الأسماء والأنساب

- ‌النوع الخامس والخمسون: الأسماء المتشابهة في الرسم

- ‌النوع السادس والخمسون: معرفة المتشابهين في الاسم واسم الأب والنسبة

- ‌النوع السابع والخمسون: معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم

- ‌النوع الثامن والخمسون: في النسَب التي على خلاف ظاهرها

- ‌النوع التاسع والخمسون: في معرفة المبهمات من أسماء الرجال والنساء

- ‌النوع الموفي الستين: معرفة وفيات الرواة ومواليدهم ومقدار أعمارهم

- ‌النوع الحادي والستون: معرفة الثقات والضعفاء من الرواة وغيرهم

- ‌النوع الثاني والستون: معرفة من اختلط في آخر عمره

- ‌النوع الثالث والستون: معرفة الطبقات

- ‌النوع الرابع والستون: معرفة الموالي من الرواة والعلماء

- ‌النوع الخامس والستون: معرفة أوطان الرواة وبلدانهم

- ‌ أسئلة

الفصل: ‌النوع التاسع والعشرون: معرفة الإسناد العالي والنازل

فتجد في هذا الكتاب أخبارا يعني من طرائفه رحمه الله، وتصدى بعض الباحثين لجمع أخبار الأعمش في كتاب سماه "الأعمش الظريف"، لكن لا ينبغي هذا؛ لأنه في نظري- والله أعلم- وقد يكون هناك وجهات نظر أخرى؛ لأن هذه الأخبار أين موقعها؟ يعني لا ينبغي أن تجتزأ لوحدها، وإنما هي من ضمن حلقة في

تارة جد وتارة هزل.

المهم طالب العلم يعني يعتني بمثل هذه الكتب، وهي تقربه من ذلك العصر الذي كان فيه الرواة يعني في الرحلات، وفي حضور مجالس الإملا وأخبارهم في أثناء المجلس، ونعم هذا بالنسبة

ما أدري تسمحون بقراءة النوع التاسع والعشرين؟ نعم. اقرأه يا شيخ الإسناد العالي والنازل، ما أدري لو طولنا عليكم قليلا، نعم يا شيخ.

‌النوع التاسع والعشرون: معرفة الإسناد العالي والنازل

النوع التاسع والعشرون، معرفة الإسناد العالي والنازل: ولما كان الإسناد من خصائص هذه الأمة؛ وذلك أنه ليس لأمة من الأمم يمكنها أن تسند عن نبيها إسنادا متصلا غير هذه الأمة؛ ولهذا كان طلب الإسناد العالي مرغبا فيه، كما قال الإمام أحمد بن حنبل: الإسناد العالي سنة عمن سلف، وقيل ليحيى بن معين في مرض موته: ما تشتهي؟ قال: بيت خال وإسناد عال؛ ولهذا دعت رغبات كثير من الأئمة النقاد والجهابذة الحفاظ إلى الرحلة إلى أقطار البلاد طلبا لعلو الإسناد، وإن كان قد منع من جواز الرحلة بعض الجهلة من العباد، فيما حكاه الرامهرمزي في كتابه الفاصل، ثم إن علو الإسناد أبعد من الخطأ والعلة من نزوله.

وقال بعض المتكلمين: كلما طال الإسناد كان النظر في التراجم والجرح والتعديل أكثر، فيكون الأجر على قدر المشقة، وهذا لا يقابل ولا يقابل ما ذكرناه، والله أعلم.

ص: 357

وأشرف أنواع العلو ما كان قريبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما العلو بقربه لإمام حافظ أو منصف، أو بتقدم السماع تلك أمور نسبية، فقد تكلم الشيخ أبو عمرو ها هنا عن الموافقة، وهي انتهاء إسناده إلى شيخ مسن -مثلا-، والبدل: وهو انتهاؤه إلى شيخ شيخه أو مثل شيخه، والمساواة: وهو أن يتساوي في إسنادك الحديث لمصنف، والمصافحة: وهي عبارة عن نزولك عنه بدرجة، حتى كأنه صافحك به، وسمعته منه. وهذه الفنون توجد كثيرا في كلام الخطيب البغدادي، ومن نحا نحوه، قد صنف الحاكم ابن عساكر في ذلك مجلدات.

وعندي أنه نوع قليل الجدوى بالنسبة إلى بقية الفنون، فأما من قال: إن العالي من الإسناد: ما صح سنده، وإن كثرت رجاله، فهذا اصطلاح خاص، وماذا يقول هذا القائل فيما إذا صح الإسنادان؟! لكن أقرب رجالا، وهذا قول محكي عن وزير نظام الملك وعن الحافظ السلفي.

وأما النزول فهو ضد العلو، وهو مفضول بالنسبة إلى العلو، اللهم إلا أن يكون رجال الإسناد النازل أجلّ من رجال العالي، وإن كان الجميع ثقات، كما قال وكيع لأصحابه: أيما أحب إليكم؟ الأعمش، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، أو سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود.

فقالوا: الأول، فقال: الأعمش عن أبي..، فقال: الأعمش عن أبي وائل: شيخ عن شيخ، وسفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود، فقيه عن فقيه، وحديث يتداوله الفقهاء أحب إلينا مما يتداوله الشيوخ.

ص: 358

هذا النوع التاسع والعشرون متعلق بالإسناد العالي والإسناد النازل، وخلاصة الموضوع في هذا أن الإسناد العالي: هو الذي قل رجاله إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة إلى إسناد آخر لنفس الحديث، بالنسبة لإسناد آخر لنفس الحديث وليس لحديث آخر، يعني -مثلا- حديثان أو إسنادان لحديث واحد، لنفرض -مثلا- أن مسلما يروي حديثا، أو البخاري يروي حديثا، يرويه بإسناد بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم أربعة، ويرويه بإسناد آخر بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم خمسة أو ستة، يقال بالنسبة للأول: هذا إسناد عال، هذا هو العلو، هذا هو العلو المطلق، ويسمونه العلو المطلق، ومعناه قلة إسناد الحديث، قلة عدد رجال إسناد الحديث بالنسبة إلى إسناد آخر للحديث نفسه.

وهذا هو الذي رغب فيه العلما، ومن أجله كانت الرحلة، يعني كان الراوي يسمع من شيخ حديثا عن الشيخ، يكون الشيخ هذا موجودا، لكن في بلد آخر، فيرحل الشيخ إلى هذا الراوي ليسمع منه، ويسقط الواسطة لا يحتاج إليها، وقد جمع الخطيب -رحمه الله تعالى- كتابا سماه "الرحلة في طلب الحديث"، لكنه خصه بمن رحل في طلب حديث واحد، في طلب حديث واحد رحل من بلد إلى بلد.

وابتدأه بأخبار بعض الصحابة: جابر بن عبد الله وغيره ممن رحل في طلب حديث واحد، يعني يرحل إلى البلد، ويطرق الباب ويقول له: سمعت هذا الحديث، فيقول: نعم، فيرجع.

وأما أخبار المحدثين في الرحلة عموما فلا يمكن أن يضبطها كتاب، فإن عملهم كله قائم على الرحلة في طلب الحديث؛ ولهذا ينصون على من لم يرحل، يقولون: لم يرحل أو رحل إلى -مثلا- بلاد قريبة من بلادهم، أما سائر المحدثين في عصر الرواية، فكان عملهم هو الرحلة؛ ولهذا يقولون: الإمام أحمد رحمه الله رحل إلى مكة ما فيها إشكال، لكن رحل إلى اليمن وإلى الشام، ورحل البخاري إلى

طاف البلاد الإسلامية، ورحل مسلم إلى مصر

، يطوفون.

ص: 359

يقول أبو حاتم رحمه الله: إنني عندما ابتدأت الرحلة صرت أعد- يمشون مشيا على القدمين- كنت أعد كم قطعت، فلما بلغت ألف فرسخ تركت العدد، طال.. طالت المسافة، وصار لا يضبط العدد.

فهذه الرحلة مما تميز به المحدثون -رحمهم الله تعالى-، وكما ذكر العلماء السبب هو باختصار: أنه كلما قل رجال الإسناد كلما كان احتمال الخطأ أقل. بس، هذه فائدة الرحلة، هذه فائدة الرحلة، أنه كلما قل رجال الإسناد كلما كان احتمال الخطأ أقل.

تكلم ابن كثير -رحمه الله تعالى- على قضايا منها أن بعضهم يقول: طول الإسناد فيه منقبة، وهي أنك تنظر في عدد من الرجال فيعظم أجرك، وهذا فائدة غير مسألة ضبط الرواية التي يريدها المحدثون، هذه قضية خارجة عن يعني غرض المحدثين من الرحلة وطلب علو الإسناد.

ثم قسم ابن كثير رحمه الله العلو إلى نوعين:

العلو المطلق: الذي ذكرته قبل قليل، وهو: قلة الرجال إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

والعلو النسبي: وهو الذي يكون بالنسبة إلى إمام حافظ مثل مالك، أو إلى مصنف، مثل: النسائي، ويقسمونه إلى أقسام: الموافقة والبدل والمساواة والمصافحة، وهذه أمور يعني مصطلحات عندهم بالنسبة للعلو إلى حافظ، أو إلى إمام أو يعني -مثلا- إلى النسائي، فهذا علو نسبي، يسمونه ليس هو قلة الرجال، ويقول ابن كثير رحمه الله: إن المتأخرين- في كلامه- أولعوا بهذا العلو، واعتنوا به، ويقول: إنه قليل الجدوى بالنسبة إلى بقية الفنون.

هذه كلمة ابن كثير، وهي كلمة صادقة صحيحة، ولكن ابن حجر رحمه الله حينما ترجم لابن كثير أخذ عليه

يعني لم يأخذ عليه، ولكنه نبه يقول: إنه ليس على طريقة المحدثين في طلب علو الإسناد وكذا وكذا، وإنما اعتنى بالتصحيح والتضعيف والجرح والتعديل.

ص: 360

فقال السيوطي رحمه الله: إن ما عمله ابن كثير -يعني كأنه يقول-: هو الأولى. أما تطلب علو الإسناد، ولا سيما نحن نعرف أنه في العصور المتأخرة طلبوا علو الإسناد بأساليب يعني بأساليب، مثلما نقول: بتسامح كبير، تسامح كبير، يتسامحون، همهم فقط هو علو الإسناد.

ويقول ابن كثير رحمه الله: إن تطلبه هذا كثير الجدوى بالنسبة للفنون الأخرى؛ ولهذا نحن نقول الآن -لما ذهب عصر الرواية، وصار الاعتماد على مجرد الإجازات-: إن تطلب هذا يعني الاعتناء به، وصرف الوقت فيه؛ لأني رأيت بعض الإخوان يريد.. يقول: أريد أن أسافر إلى الهند، أريد أن أسافر البلد الفلاني من أجل الحصول على إجازات. نحن نقول له: هذا اشتغال عما هو أهم منه، عن -مثلا- حفظ السنة، وعن الاشتغال -مثلا- نقد السنة، الاشتغال بالتفقه في السنة؛ فلهذا يعني كل شيء له زمنه، كل شيء له وقته.

الرحلة في تلك الأوقات في عصر الرواية، تختلف عنها في زماننا الآن، ينبغي للشخص أن يرحل لطلب العلم، يعني الأمر.. لطلب العلم الذي يستفيد منه، هذا الذي يعني يتعلق بالعالي والنازل.

بعضهم.. تكلم ابن كثير عن العلو الوصفي، يعني العلو المتعلق بالوصف لا بالعدد الذي هو صحة الإسناد، وهذا لا إشكال فيه، لا أحد ينازع فيه، وهو أنه إذا كان هناك إسنادان: واحد عال، لكن ضعيف، والآخر نازل، وهو صحيح، أيهما العلو الحقيقي؟ الصحيح بلا إشكال هذا هو العلو يعني المعتبر، ولكن من جهة العلو الذي يقصده المحدثون، أيهما العالي؟ الضعيف، ولا بأس بهذا، مثلا الإمام مسلم رحمه الله عرفنا أنه أخرج لرجال فيهم ضعف لمجرد العلو؛ لأن ما يروونه محفوظ من طريق الثقات، وأحب مسلم أن يعلو عن طريقهم، وهذا يفعله المحدثون كثيرا، أن يعلوا بأسانيد فيها ضعف؛ لأن الحديث الذي يروى بهذا الإسناد الذي فيه ضعف مضبوط من طرق أخرى نازلة، وهذا لا إشكال فيه.

ص: 361

ثم تكلم عن قضية يعني قضية الجلالة في الإسناد النازل، إذا كان -مثلا- الإسناد النازل فيه زيادة -مثلا- كونه فيه حافظ معروف، أو إمام معروف، أو كونه متسلسلا -مثلا- بالحفاظ الثقات، فهو بلا شك أجلّ من إسناد يعني ليس فيه ذلك، وإن كان أقل منه رجالا.

وهذا كله كما ذكرت ليس من العلو والنزول الاصطلاحي، العلو والنزول الاصطلاحي راجع إلى أي شيء إذن؟ إلى العدد إلى العدد، وأما الوصف فهو أمر خارج قضية العلو الاصطلاحي.

بقي أنواع في الحقيقة يعني لعلنا نمر عليها، أو نتمكن منه غدا -إن شاء الله تعالى- وما نستطيع أن نطيل أكثر من هذا.

ننبه الإخوان -جزاهم الله خيرا- أن يكون شرح درس اليوم بعد صلاة العشاء إضافة إلى درس غدا بعد صلاة الفجر، يكون هناك درسان -إن شاء الله-؛ لإنهاء الكتاب، وتؤجل -إن شاء الله- إلى الدرس القادم بناء على طلب الشيخ، وجزاكم الله خيرا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 362