الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع السادس عشر: في الأفراد
وهو أقسام: تارة ينفرد به الراوي عن شيخه كما تقدم، أو ينفرد به أهل قطر، كما يقال: تفرد به أهل الشام أو العراق أو الحجاز، أو نحو ذلك، وقد يتفرد به واحد منهم، فيجتمع فيه الوصفان -والله أعلم-، وللحافظ الدارقطني كتاب في الأفراد، في مائة جزء لم يسبق إلى نظيره، وقد جمعه الحافظ محمد بن طاهر في أطراف رتبه فيها.
نعم، هذا اختصره ابن كثير رحمه الله،- اختصر هذا الموضوع ابن كثير، وقال رحمه الله:في أوله بالأفراد، وهو أقسام: تارة ينفرد به الراوي عن شيخه كما تقدم، أين تقدم هذا؟ في الكلام على أي نوع؟ في الكلام على الشاذ، نعم.
القسم الثاني: الذي ذكره هو تفرد البلدان، بالنسبة للقسم الأول الذي هو، تارة ينفرد به الراوي عن شيخه، ما نطيل فيه، لكن يقسمه العلماء -رحمهم الله تعالى- إلى قسمين:
القسم الأول: هو الذي يسمونه الغريب الفرد المطلق، وهو أن يتفرد به الراوي مطلقا، يعني لا يكون للحديث إلا إسناد واحد، كم لحديث "الأعمال بالنيات" من إسناد؟ واحد، حديث "المغفر" ليس له إلا إسناد واحد، ليس معناه إلا إسناد واحد يعني إلى طبقتنا، أو إلى عصرنا، وإنما المهم أن ترجع الطرق كلها إلى شخص واحد، قد يكون التفرد في أربع طبقات، وقد يكون في طبقتين، وقد يكون في ثلاثة، وقد يكون في خمسة، ولكن كلها تسمى أفرادا مطلقة؛ لأنه ليس للحديث إلا هذا الطريق.
القسم الثاني: هو أن يكون الحديث له طرق معروفة، طرق ولكن يتفرد به بعض الرواة عن شيخ له، وهذا يسمونه الفرد النسبي، أو التفرد النسبي، أو الغرابة النسبية، وهو الذي يقول فيه العلماء: لا نعرفه من حديث فلان، إلا من هذا الوجه، يعبر عنه العلماء بهذه العبارات، وهو كثير في كلام من؟ في كلام من الغريب النسبي؟ عندهم القسمان كثير في كلامه، وهو الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- أكثر من، وهو الذي شرح بالمناسبة، يعتبر الترمذي رحمه الله هو الذي شرح الغريب أو الفرد، هذا وقسمه إلى أقسام، وأطال في التمثيل له في "علله الصغير".
إذن هذا هو الغريب النسبي، الثاني القسم الثاني من أقسام الفرد، الفرد النسبي، فإذن الذي نريده الآن هو بس فقط، هو أن التفريق بين القسمين في كلام الأئمة النقاد، في كلام الأولين يعني لم يلتزموا إذا قالوا: هذا حديث غريب، أن يبينوا لك أنه غريب مطلق أو فرد نسبي، وإنما الذي يبين هذا ما هو الذي يبين مرادهم؟ هو ما تقدم قبل قليل في النوع الخامس عشر، في المتابعات والشواهد.
إذن الأئمة قد يقولون: هذا حديث فرد، أو يقولون: فرد نسبي غريب، ويريدون به الغرابة المطلقة، وقد يريدون به الغرابة النسبية، نعم، فيوجد في كلام الأئمة، يعني الكلام مطلق ويحتاج الباحث إلى، وقد يصرحون، نعم، قد يقول: هذا الحديث روي من وجوه، ولكن من حديث فلان لا نعرفه، أو غريب من حديث فلان، أو لا نعرفه من حديث فلان، إلا من حديث هذا الراوي، أو نحو ذلك.
وهذا كثير جدا، حتى أني أقول يعني: قل حديث إلا وفيه غرابة نسبية، بالنسبة للقسم الثاني الذي هو الغريب النسبي، كثير وجوده في الأحاديث، فقل حديث إلا وفيه غرابة نسبية، نعم، الأحاديث المطلقة الغريبة قليلة بالنسبة لباقي الأحاديث، ولا سيما ما يثبت منها قليل، أما الغريب النسبي فهو كثير جدا، كثير يعني ما، قل حديث إلا ويصادفك فيه أنه وقع فيه تفرد نسبي.
القسم الثاني الذي ذكره ابن كثير رحمه الله هو أفراد، يعني: تفرد به أهل قطر أو قطر، كما يقال: تفرد به أهل الشام أو العراق أو الحجاز أو نحو ذلك، وهذا ألف فيه أبو داود رسالة صغيرة، وسماها "السنن التي تفرد بها أهل كل بلد"، يروي الحديث ويقول: هذه السنة تفرد بروايتها أهل البصرة، أو تفرد بروايتها أهل مكة ونحو ذلك، وقسمه العلماء: الحاكم وغيره إلى أقسام، يعني قالوا: قد يكون منه ما يتفرد به أهل بلد عن أهل بلد.
بالنسبة لتفرد البلدان يمثلون له بحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم حديث عائشة: ? صلى النبي صلى الله عليه وسلم على سهل بن بيضاء وأخيه في المسجد ? هذا من أفراد المدنيين، رواته كلهم مدنيون يمثلون له بهذا، ويسميه العلماء هذا لطائف يعتني به، من الذي يعتني به الكثير؟.
الذي يقرأ منكم في كلام العلماء المتأخرين يعتني به من؟ الحافظ ابن حجر في "الفتح" يعتني بهذا، فيقول: هذا الإسناد رواته كلهم مدنيون، أو إلا فلانا، أو إلا الصحابي، يعتنون بهذا، وسيأتي معنا أنه يدخل في لطائف الإسناد، لكن الذي جر إليه هنا من هو؟ هو التفرد، الذي جر إليه هنا هو الكلام على التفرد، ويقول ابن كثير: قد يجتمع القسم الأول مع القسم الثاني.
يعني: قد يجتمع تفرد شخص مع تفرد أهل بلد؛ لأنهم قد يقولون: تفرد به أهل بلد، ويريدون به واحدا، قد يقولون: هذه السنة لم يروها إلا أهل المدينة، ومرادهم بذلك شخص واحد، فقد يجتمعان، ومسألة الاجتماع هذه لا إشكال فيها بالنسبة للمصطلحات، الغريب المطلق أيضا قد يجتمع مع الغريب النسبي، والغريب النسبي يجتمع مع المشهور، قد يجتمع مع المشهور بأن يكون الحديث مشهورا، ويقع التفرد في بعض الطبقات، فيسمى غريبا نسبيا؛ لأن كلمة نسبي هذه، إذا دخلت لا بأس باجتماع عدد من الأمور، يعني في علم الحديث بالنسبة للمصطلح.
ذكر ابن كثير رحمه الله للحافظ الدارقطني كتابا في الأفراد، في مائة جزء، ولم يسبق إلى نظيره، المؤلفات في الأفراد كثيرة جدا، ممن أكثر من التأليف فيها، ابن حبان رحمه الله، والنسائي له مؤلفات، منهم من يخصه بشخص، الدارقطني له كتاب اسمه "غرائب مالك"، ما معنى غرائب مالك؟.
لا، ليست أفراد مالك، وإنما هي ما يتفرد به الرواة عن مالك، إذا تفرد راوٍ عن مالك أخرجه في هذا الحديث، إذن لا يتكلم عليه، وكذلك البزاز له كتاب اسمه "غرائب شعبة"، وقل إمام إلا وجمعوا ما يستغرب من حديثه، يعني ما يرويه الرواة غريبا من حديثه، أما كتاب الدارقطني هذا في الأفراد، فهو عام ليس خاصا براوٍ من الرواة، وليس في البلدان أيضا، إنما هو في الأحاديث التي يقع فيها التفرد، منها غرائب مطلقة ومنها غرائب نسبية، بأن يكون الحديث مشهورا عن صحابي، أو متواترا عن صحابة آخرين، ويقع التفرد فيه بالنسبة لصحابي آخر فيخرجه.
وكذلك ممن يعتني بالتفرد، الطبراني في معاجمه، في معجميه: الأوسط والصغير، حتى أنه يعقب على كل حديث بأن يقول: لم يرو هذا الحديث إلا فلان، أو لم يروه عن فلان إلا فلان.
وكذلك البزار يعتني به يقول: لا يعرف هذا الحديث، أو لا أعرفه إلا من هذا الوجه.
فهذه كلها كتب مظان، من مظان ماذا؟ من مظان الأفراد، ونحن نعرف أن التفرد من مظان الضبط، أو من مظان الغلط، عند الأئمة التفرد من مظان الغلط، هذه قاعدة، هم يرتابون كثيرا في تفرد الشخص، ولهم في ذلك قرائن وضوابط يعني: كلما تأخرت الطبقة كلما اشتد الظن بغلط الراوي إذا تفرد، كلما تأخرت الطبقة يعني: حتى تصل إلى طبقة الأئمة، يعني المهم هذا موضوع طويل. نعم.