المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الثاني والعشرون: المقلوب - شرح اختصار علوم الحديث - اللاحم

[إبراهيم اللاحم]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌ترتيب ابن الصلاح لأنواع الحديث

- ‌تقسيم الحديث إلى أنواعه صحة وضعفا

- ‌النوع الأول: الصحيح

- ‌النوع الثاني: الحديث الحسن

- ‌النوع الثالث:الحديث الضعيف

- ‌ النوع الرابع: "المسند

- ‌النوع الخامس: المتصل

- ‌النوع السادس: المرفوع

- ‌النوع السابع: الموقوف

- ‌النوع الثامن: المقطوع

- ‌النوع التاسع: المرسل

- ‌النوع العاشر: المنقطع

- ‌النوع الحادي عشر: المعضل

- ‌النوع الثاني عشر: المدلس

- ‌النوع الثالث عشر: الشاذ

- ‌النوع الرابع عشر: المنكر

- ‌النوع الخامس عشر: في الاعتبارات والمتابعات والشواهد

- ‌النوع السادس عشر: في الأفراد

- ‌النوع السابع عشر: في زياد الثقة

- ‌النوع الثامن عشر: معرفة المعلل من الحديث

- ‌النوع التاسع عشر: المضطرب

- ‌النوع العشرون: معرفة المدرج

- ‌النوع الحادي والعشرون: معرفة الموضوع المختلق المصنوع

- ‌النوع الثاني والعشرون: المقلوب

- ‌النوع الثالث والعشرون: معرفة من تقبل روايته ومن لا تقبل وبيان الجرح والتعديل

- ‌النوع الرابع والعشرون: كيفية سماع الحديث وتحمله وضبطه

- ‌النوع الخامس والعشرون: كتابة الحديث وضبطه وتقيده

- ‌النوع السادس والعشرون: صفة رواية الحديث

- ‌النوع السابع والعشرون: آداب المحدث

- ‌النوع الثامن والعشرون: آداب طالب الحديث

- ‌النوع التاسع والعشرون: معرفة الإسناد العالي والنازل

- ‌النوع الثلاثون: معرفة المشهور

- ‌النوع الحادي والثلاثون: معرفة الغريب والعزيز

- ‌النوع الثاني والثلاثون: معرفة غريب ألفاظ الحديث

- ‌النوع الثالث والثلاثون: معرفة المسلسل

- ‌النوع الرابع والثلاثون: معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه

- ‌النوع الخامس والثلاثون: معرفة ضبط ألفاظ الحديث متنا وإسنادا

- ‌النوع السادس والثلاثون: معرفة مختلف الحديث

- ‌النوع السابع والثلاثون: معرفة المزيد في متصل الأسانيد

- ‌النوع الثامن والثلاثون: معرفة الخفي في المراسيل

- ‌النوع التاسع والثلاثون: معرفة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين

- ‌النوع المُوفّي أربعين: معرفة التابعين

- ‌النوع الحادي والأربعون: معرفة رواية الأكابر عن الأصاغر

- ‌النوع الثاني والأربعون: معرفة المُدَبَّج

- ‌النوع الثالث والأربعون: معرفة الإخوة والأخوات من الرواة

- ‌النوع الرابع والأربعون: معرفة رواية الآباء عن الأبناء

- ‌النوع الخامس والأربعون: رواية الأبناء عن الآباء

- ‌النوع السادس والأربعون: معرفة رواية السابق واللاحق

- ‌النوع السابع والأربعون: معرفة من لم يروِ عنه إلا راوٍ واحد

- ‌النوع الثامن والأربعون: معرفة من له أسماء متعددة

- ‌النوع التاسع والأربعون: معرفة الأسماء المفردة والكُنَى

- ‌النوع الخمسون: معرفة الأسماء والكُنَى

- ‌النوع الحادي والخمسون: معرفة من اشتهر بالاسم دون الكنية

- ‌النوع الثاني والخمسون: معرفة الألقاب

- ‌النوع الثالث والخمسون: معرفة المؤتلف والمختلف في الأسماء والأنساب

- ‌النوع الرابع والخمسون: معرفة المتفق والمفترق من الأسماء والأنساب

- ‌النوع الخامس والخمسون: الأسماء المتشابهة في الرسم

- ‌النوع السادس والخمسون: معرفة المتشابهين في الاسم واسم الأب والنسبة

- ‌النوع السابع والخمسون: معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم

- ‌النوع الثامن والخمسون: في النسَب التي على خلاف ظاهرها

- ‌النوع التاسع والخمسون: في معرفة المبهمات من أسماء الرجال والنساء

- ‌النوع الموفي الستين: معرفة وفيات الرواة ومواليدهم ومقدار أعمارهم

- ‌النوع الحادي والستون: معرفة الثقات والضعفاء من الرواة وغيرهم

- ‌النوع الثاني والستون: معرفة من اختلط في آخر عمره

- ‌النوع الثالث والستون: معرفة الطبقات

- ‌النوع الرابع والستون: معرفة الموالي من الرواة والعلماء

- ‌النوع الخامس والستون: معرفة أوطان الرواة وبلدانهم

- ‌ أسئلة

الفصل: ‌النوع الثاني والعشرون: المقلوب

‌النوع الثاني والعشرون: المقلوب

أقسامه

النوع الثاني والعشرون: المقلوب، وقد يكون في الإسناد كله أو بعضه، فالأول كما ركب مهرة محدثي بغداد للبخاري حين قدم عليهم إسناد هذا الحديث على متن حديث آخر، وركبوا متن هذه الحديث على إسناد آخر وقلبوا مثاله: ما هو من حديث سالم عن نافع وما هو من حديث نافع عن سالم، وهو من القبيل الثاني وصنعوا ذلك في نحو مائة حديث أو أزيد، فلما قرؤوها عليه رد كل حديث إلى إسناده، وكل إسناد إلى متنه، ولم يرجع عليه موضع واحد مما قلبوه وركبوه، فعظم عندهم جدا وعرفوا منزلته من هذا الشأن، فرحمه الله، وأدخله الجنان.

نعم هذا النوع الثاني والعشرون: المقلوب، قال ابن كثير رحمه الله لم يعرّفه ابن كثير قال: قد يكون في الإسناد كله، أو بعضه، ومعنى كونه مقلوبا هم يقسمون القلب بحسب مكانه إلى قسمين: قلب في الإسناد، وقلب في المتن. القلب في الإسناد -يعني- خلاصته أشهر أنواع القلب في الإسناد إبدال راوٍ أو أكثر مكان آخر، ومن قصة البخاري التي ذكرها ابن كثير يعرف معنى القلب -يعني- مثلا حديث يروى عن نافع عن ابن عمر يأتي شخص، فيرويه عن سالم عن ابن عمر، وقد ينقلب الإسناد كله قد يكون مثلا عن نافع عن ابن عمر، فيقلب مثلا عن نافع عن أبي هريرة مثلا أو عن صحابي آخر -يعني- ينقلب الإسناد كله على الراوي.

قد يكون القلب في راوٍ واحد، وقد يكون في أكثر من راوٍ، وقد تنقلب أحاديث كثيرة، جملة أحاديث على راوٍ، وقد ينقلب عليه حديث واحد -يعني- مثلا يذكرون ذكر الإمام أحمد رحمه الله أن عبد العزيز الدراوردي أحد أئمة الحديث في المدينة، يروي أحاديث عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، فقال الإمام أحمد: إن هذه الأحاديث التي يرويها عن عبيد الله هي أصلا أحاديث عبد الله بن عمر أخي عبيد الله.

عبيد الله هذا من كبار الأئمة ثقة ثبت، وأما عبد الله أخوه، فهو فيه ضعف أو ضعيف من قبل حفظه رحمه الله فانقلبت أحاديث عبد الله جعل الدراوردي يرويها عمن؟ يرويها عن عبيد الله بن عمر.

ص: 232

لو كانت عن عبيد الله بن عمر لكانت من أصح الأسانيد، ولكنها قال العلماء: قال أحمد: وكذلك أشار النسائي إلى أنها هذه كلمة أحمد انقلبت عليه، فهذا هو القلب أن يبدل راوِ براوٍ آخر وقد يبدل أكثر من راو، هذا يسمونه القلب في الإسناد، وهو بحسب تارة يكون يلتحق بالنوع الذي قبله، وهو الوضع متى يلتحق بالوضع إذا فعله الراوي متعمدا يلحقونه يقولون: فلان يركب الأسانيد، أو يضع الأسانيد -يعني- المتن موجود، ولكنه وضع له إسنادا جديدا ليرغب فيه، أو ليقصد فيه، أو ليروى عنه، وهذا له أمثلة كثيرة سيأتي معنا ربما يأتي في بعض الأنواع ما هو من

مثلا دخل جرير ابن حازم -انتبه لهذا هذا من القلب -يعني- خطأ- دخل جرير بن حازم على ثابت البناني، وكان الطلبة في مجلس ثابت، ومن بينهم شخص اسمه حجاج الصواف، ففي مجلس ثابت هذا حدث حجاج، حدث عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أبي قتادة -رضى الله عنه- الحديث، حدث عنه الحديث المعروف: ? إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني ?.

جرير بن حازم بعد خروجهم من المجلس صار يحدث بالحديث عن ثابت البناني عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم-يقول: العلماء عن هذا الحديث إنه انقلب عليه إسناده انقلب على من؟ على جرير، وكان من بين الحضور حماد بن زيد، وهو فوق جرير ابن حازم -يعني- ثقة ثبت من الرواة الذين يقولون: إن غلطهم نادر جدا يقول، وهم أبو النضر. أبو النضر من هو؟ جرير. إنما كنا في مجلس ثابت، فحدث حجاج بكذا، فظن جرير بعدما خرج توهم، أن الذي حدثه أو الذي حدث في المجلس من هو؟ ثابت عن أنس -رضى الله عنه- فهذا الإسناد انقلب إذا على جرير بن حازم يمثلون بهذا المثال، وله أمثلة كثيرة هذا القلب في الإسناد، وكما ذكرت قد تنقلب جملة من الأحاديث، وقد ينقلب إسناد واحد أو إسناد حديث واحد.

ص: 233

بالنسبة لقصة البخاري رحمه الله مع أهل بغداد هذه مشهورة أرادوا أن يختبروه، وبعضهم -يعني- لكن نعم هي مشهورة جمعوا له، أعطوه عشرة أحاديث وقرؤوها عليه -يعني- فيقول: لا أعرفها، ثم أعطوه عشرة أحاديث، يقول: لا أعرفها والعشرة الأخرى، يقول: لا أعرفها، فيعني ظنوا أن -يعني- في حفظه شيء أو كذا أو أنه -يعني- غير واسع الاطلاع، فيعني: هو متنبه لا يعرفها على صورتها التي أعطوه إياها، فأعادها كلها، وأعاد كل إسناد إلى متنه، فأذعنوا له بالحفظ كما ذكر ابن كثير رحمه الله ويسمى هذا القلب للامتحان، يسمونه القلب بغرض الامتحان.

كثير ما يمتحنون الرواة إما بإدخال أحاديث عليهم يسمونه التلقين، يدخلون عليه ما ليس من حديثه، فإن أقر به وسكت ولم ينتبه قالوا هذا يقبل التلقين، ودل على ضعفه، وإن أبى، فهذا يدل على ضبطه، وفيه قصة مشهورة ليحيى بن معين مع شيخه أبي نعيم الفضل بن دكين، قلب عليه لكنه -يعني- يقلب بدقة، صار يعطيه عشرة أحاديث تسعة منها على الصواب والعاشر مقلوب -يعني- ليست من حديثه -يعني- غير في إسناده فقال: هذا ليس من حديثي ثم في العشرة الثانية، أدخل عليه حديثا، وفي الثالثة أدخل عليه حديثا، فلما تكرر الموضوع عرف الفضل أنه أن يحيى بن معين يختبره، فيعني ضربه أو رفسه.

وكان معه أحمد بن حنبل مع يحيى بن معين، وكان قد نصح أول قال: ليحيى بن معين، قال: لا تختبره؛ فإن الشيخ ثبت فأبى يحيى بن معين إلا أن يختبره المهم أن هذا من القلب الذي يسمونه قلب بغرض الامتحان، وكان شعبة يفعله يختبر الراوي، ينظر هل هو ثبت أو يعني

وهذه طريقة من الطرق التي توصلوا بها إلى درجات الرواة الذي هو الاختبار المباشر يوجه له بعض الأحاديث، يوجه له أسئلة يوجه له أشياء مباشرة يختبر بها ضبط الراوي.

ويقول ابن حجر رحمه الله: إن هذا أصل القلب لا يجوز تعمدا يجوز للامتحان، لكن ينبغي -يعني- أن ينبه عليه في وقته، لكن هذا مضى فعله، رحمهم الله.

ص: 234

ونعم لا يجوز القلب تعمدا، ولكن مصلحة القلب هنا راجحة؛ لأنها -يعني- وسيلة من وسائل اختبار ضبط الرواة، وكم من راوِ سقط في هذا الامتحان، وكم من راوِ نجح في هذا الامتحان يعني، وهذا نحن الآن وقفنا على التعقيب على ما مضى نؤجله للغد إن شاء الله تعالى.

التعقيب على أنواع الحديث الضعيفة، هذه التي ذكرها ابن كثير في التعقيب عليها على الحديث الضعيف بصفة عامة.

أولا: يا إخوان -يعني- قبل أن نبدأ في الأسئلة ابتداء من الغد -إن شاء الله- سيكون درس الشيخ إبراهيم اللاحم بعد صلاة الفجر مباشرة.

-الغد أو بعد الغد؟ -الغد إن شاء الله؛ لأن الشيخ وقف اليوم الشيخ عبد المحسن -يعني- سيقف ولن يكمل باقي الدورة؛ لأنه انتهى من باب العبادات، وسيبدأ -إن شاء الله- العام القادم في المعاملات، وابتداء من الغد سيكون درس الشيخ إبراهيم اللاحم بعد صلاة الفجر مباشرة، ولعل في هذا -إن شاء الله- وقت متسع لكي ينتهي المتن إن شاء الله تعالى.

س: هذا يقول: فضيلة الشيخ أليس المدرج، هو نفسه زيادة الثقة، وجزاكم الله خيرا؟

ج: كما ذكرت المدرج له صلة كبيرة بزيادة الثقة، لكن بينهما فروق يسيرة، ولكن مرجعه إلى كونه زيادة ثقة بينهما فرق من جهة أنها زيادة عرفنا من أين جاءت، وإلا فهي زيادة ثقة، والحكم بالإدراج إذا حكمت بالإدراج، فمعناه أنك رددت هذه الزيادة، وإذا حكمت بعدم الإدراج، فمعناه أنك قبلت هذه الزيادة، فبينهما تداخل، أو بينهما ترابط نعم. أحسن الله إليكم.

س: يقول: الحديث الذي ذكرتم "صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بدون سواك" ما هي درجته وجزاكم الله خيرا؟

ص: 235

ج: هذا درجته ضعيف جدا يقرب من الموضوع، ضعيف جدا؛ لأنه مما دلسه محمد بن إسحاق، ونحن نعرف أن محمد بن إسحاق ضعيف التدليس إذا دلس، فإنما يدلس عن متروكين -يعني- يدلس عن متروكين، وعن صعفاء، وقد يدلس عن ثقات، لكن ما دام يدلس عن متروكين، وانضم إلى ذلك. هو أخرجه الحاكم وصححه لكن العلماء -يعني- على أنه شديد الضعف. نعم. أحسن الله إليكم.

س: يقول: ما حكم من فسَّق وربما كفَّر الوضاعين للحديث، ويحتج بحديث من كذب عليّ متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار؟

ج: أما -يعني- تفسيق الوضاع بصفة عامة، وكما ذكر ابن كثير وصفهم ببعض الأوصاف منها الجهل، ومنها قلة العقل، ومنها الافتراء، ومنها، فهذا قد يكون لا بأس به أما أن تفسق شخصا بعينه، أو أن -يعني- تكفر شخصا بعينه فتقول: هذا الراوي كذا وكذا، فهذا -يعني- لا يجوز، والحكم على المعين يختلف عن الحكم على القول، وعلى مطلق من فعله، هذا أمر معروف -يعني- الحكم على المعين يختلف عن الحكم على مطلق من فعل المذهب أو على القول نفسه. نعم. أحسن الله إليكم.

س: يقول ما صحة الحديث الذي يذكر فضل سورة يس بأن من قرأها كان كمن قرأ القرآن عشر مرات. وجزاكم الله خيرا؟

ج: لا يصح هذا الحديث الذي ذكره الأخ. نعم.

س: وهذا سؤال في الشبكة يقول: ما هي الأحاديث التي أخذت على الإمام مسلم وجزاكم الله خيرا؟

ص: 236

ج: معروف هذا الأمر أن الأخذ على مسلم أو على البخاري، مر بنا قضية الانتقاد أحاديث -يعني- لا أستطيع ذكرها الآن أحاديث منها أحاديث -يعني- جملة يعني الحديث كله ومنها أيضا من زيادات الثقات، ومن الإدراج وبعض هذه الأحاديث الإمام مسلم رحمه الله قد بين علة هذه الأحاديث وبعضها، أو كثير منها بعضها الصواب فيه مع مسلم، وبعضها الانتقاد موجه إلى الإسناد، وأما المتن، فهو صحيح ثابت، فمثل هذا -يعني- يحتاج إلى كلام طويل، ويصفو مما قد ينتقد انتقادا صحيحا، على متنه شيء قليل، والكثير منه أيضا، أو بعض هذا القليل، قد بين مسلم رحمه الله -يعني- علة على هذا المتن.

أحسن الله إليكم، وأثابكم، ونفعنا بعلمكم وجعل ما قلتم في ميزان حسناتكم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله، وأصحابه أجمعين.

لا يلزم من الحكم بضعف سند الحديث الحكم بضعفه

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين نعم، تفضل يا شيخ:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين قال -رحمه الله تعالى -: وقد نبه الشيخ أبو عمرو ها هنا على أنه لا يلزم من الحكم بضعف سند الحديث المعير الحكم بضعفه في نفسه، إذا قد يكون له إسناد آخر إلا أن ينص إمام على أنه لا يروي إلا من هذا الوجه.

قلت: يكفي في المناظرة تضعيف الطريقة التي أبداها المناظر، وينقطع إذ الأصل عدم ما سواها حتى يثبت بطرق أخرى والله أعلم.

ص: 237

قال: ويجوز رواية ما عدا الموضوع في باب الترغيب والترهيب والقصص والمواعظ، ونحو ذلك إلا في صفات الله عز وجل وفي باب الحلال والحرام، قال: وممن يرخص في رواية الضعيف فيما ذكرنا ابن مهدي، وأحمد بن حنبل -رحمهما الله- قال: وإذا عزوته إلى النبي صلى الله عليه وسلم-من غير إسناد، فلا تقل قال صلى الله عليه وسلم-كذا وكذا وما أشبه ذلك من الألفاظ الجازمة، بل بصيغة التمريض وكذا فيما يشك في صحته أيضا

نعم. هذا الكلام ختم به ابن الصلاح -رحمه الله تعالى- ولخصه ابن كثير، ختم به أو عقب به على بعض الأنواع، أنواع الحديث الضعيف مثل الشاذ والمنكر والمقلوب وغيرها، وذكر فيه ثلاثة أمور:

الأمر الأول: أننا إذا ضعف الناقد إسنادا لحديث، فإنه من الأحوط أن يعبر عن ضعف هذا الإسناد بعينه لا ضعف المتن كله لاحتمال أن يكون للمتن إسناد آخر صحيح، كما عرفنا من قبل أن الحديث قد يكون مرويا بإسناد موضوع، أو بإسناد ضعيف جدا، أو بإسناد ضعيف، ويكون مرويا متنه من طرق صحيحة فلا تلازم، لا تلازم بين الإسناد والمتن هذا مر بنا من قبل في الحديث الصحيح، أنه لا تلازم بين صحة المتن وبين حال الإسناد؛ ولهذا يقول الأئمة أحيانا يقول الأئمة: هذا الحديث باطل بهذا الإسناد؛ ولهذا ننبه إلى يعني مراعاة سياق كلام الأئمة عند كلامهم عن الأسانيد.

ص: 238

وفي كتب العلل ربما يصحح الإمام جزءا من الإسناد -يعني- به صحيح إلى فلان مثلا، أو أن الصحيح عن فلان هو كذا، فهذا يختلف عن أن يصحح الإسناد كله، ويختلف عن أن يصحح المتن كله، وكذلك في التضعيف أيضا يراعى سياق كلام الأئمة، فيحتمل أن يكون الإمام يضعف هذا الإسناد، أو يحكم ببطلان هذا الإسناد، وهذا نحتاجه في أمرين في فهم كلام الأئمة وفي أحكامنا نحن على الأحاديث، لكن يقولون: يجوز الحكم على المتن بناء على الحكم على الإسناد، على تضعيف الإسناد في حال ما إذا ما قال إمام: لا يعرف هذا المتن إلا من هذا الوجه، فمعناه أنه لما ضعف الإسناد حينئذ يلزم منه ضعف المتن.

في هذه الحالة نعم يجوز تضعيف المتن بناء على تضعيف هذا الإسناد الذي أمامك.

يقول بعض الباحثين: إنه يقوم مقام نص الإمام أن تقوم أنت بالبحث وتتعب، وهذا له حظ من النظر بأن تقف على متن حديث في إسناد عند ابن جرير، أو عند الطبراني، أو عند أبي نعيم، أو عند الديلمي، أو عند الخطيب ثم لا تجد له إلا هذا الإسناد، وتبحث، وتتعب، ولا سيما الآن بعد نشر الكتب، نشر كثير من الكتب ووجود فهارس، ففي هذه الحال يظهر -والله أعلم- أنه يحكم على المتن من خلال الحكم على الإسناد.

يظهر -والله أعلم- هذا ابن كثير رحمه الله عرج على قضية المناظرة، موضوع المناظرة، هذا موضوع يختلف تماما

له أحكام، موضوع المناظرة له أحكام خاصة به، ويمكن بعضكم قرأ بعض كتب الجدل وكتب المناظرة لها أحكام تخصها، يقول ابن كثير رحمه الله: إنك في حال المناظرة يختلف حالك عن حال إعطاء حكم للقارئ؛ فإن المناظر إذا أورد عليك حديثا بإسناد لك أن تضعف هذا الإسناد، وحينئذ ينتقل الحال أو الأمر إلى خصمك، فيلزمه إيراد إسناد بديل، وإلا، فقد سلم بتضعيفك لهذا الإسناد هذا معنى ابن كثير في السطرين:

"قلت: يكفي في المناظرة تضعيف هذا الطريق التي أبداها المناظر." رواية الحديث الضعيف

ص: 239

القضية الثانية: التي بحثها ابن كثير أو ابن الصلاح مسألة رواية الحديث الضعيف، وذكر عن الأئمة أن عمل الأئمة على أنه يجوز رواية الحديث الضعيف، عدا الموضوع منه في الترغيب والترهيب والقصص والمواعظ، ونحو ذلك إلا في صفات الله عز وجل وفي باب الحلال والحرام، نعم هذا الذي يظهر من عمل الأئمة أنهم تجوزوا في رواية الحديث الضعيف، لكن تجوزوا مع ذكر إسناده.

لا بد أن ننتبه لهذا، وهو أنه مع ذكر الإسناد

وعندهم -يعني- عرف يقولون من أسند لك، فقد أحالك -يعني- أحالك في معرفة حال هذا الحديث على ما ذكره من إسناده، وتجوزوا أصلا؛ لأن هذه الأمور لا ينبني عليها عمل إما صحابي مثلا ثبتت فضيلته، فيروى في فضله حديث فيه ضعف أو ضعيف، وكذلك حكم شرعي يُرَّغَب به، وهو ثابت، هذا الحكم أصله ثابت بأدلة -يعني- قوية، وأضيف إلى ما ذكره أن بعض الأئمة تجوز أيضا حتى في إيراد الضعيف في صفات الله وفي الحلال والحرام أيضا، تجوزوا في هذا أيضا -يعني- لم يلتزم هذا بدقة، فليس معنى كلامهم هذا أنه ليس هناك حديث في الحلال والحرام رووه، إلا وهو صحيح، تجوزوا أحيانا بأن الحديث الضعيف ربما يستدل به في الحلال والحرام إذا عضده كما مر بنا أكثر من مرة إذا لم يكن ضعفه شديدا.

أما بعض الأئمة ربما يستأنس به، وسيأتي من كلام ابن كثير شيء من هذا، ونقل عن ابن مهدي، وأحمد بن حنبل رحمهم الله أو نسب هذا إلى أحمد بن حنبل الذي هو التسامح في رواية ما عدا الموضوع في غير الحلال والحرام وفي غير صفات الله، فقد نقل عنهما -رحمهما الله- أنهما كانا يقولون: إذا جاء الحلال والحرام شددنا، وإذا جاء الترغيب والترهيب تسامحنا، ويقولون:

ص: 240

عن فلان، كثير ما يقول الأئمة عن فلان يُقبل في الرقائق، يقبل في الترغيب والترهيب يقبل في غير الأحكام، حتى قالوا في بعض الرواة -يعني- ليسوا بضعفاء قاله أحمد في محمد بن إسحاق، وكثير هذا في كلام الأئمة في الجرح والتعديل أن ينصوا على أنه يقبل في كذا ولا يقبل في كذا. عدم رواية الحديث الضعيف بصيغة الجزم

القضية الأخيرة: إذا عزوت حديثا بلا إسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهذا الحديث ضعيف اصطلحوا على ألا تورده بصيغة الجزم، فلا تقول: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما تقول روي عن النبي صلى الله عليه وسلم-أو يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم-كذا وكذا وكذلك لم يذكر ابن كثير أنك إذا رويت حديثا صحيحا، أو ذكرت حديثا صحيحا، فالأحسن بل المتعين عليك ألا تورده بصيغة التشكيك؛ لئلا يظن القارئ، وقد رأيت كثيرا من طلبة العلم في البحوث لا يراعون القضية الأخيرة هذه كثير ما يوردون: والدليل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم-والدليل كذا -يعني- ما يذكر عن فلان، وتجد هنا الحديث ربما أو كثيرا ما تجده في الصحيحين.

والأولى الالتزام بالألفاظ العلمية عند أهل كل فن، فإذا قالوا: قال رسول الله كذا، فهذا جزم بصحته، وإذا قالوا: يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم-أو يروى، فهذه التي يسمونها صيغ التمريض.

في عندنا النوع الثالث والعشرون: معرفة من تقبل روايته ومن لا تقبل وبيان الجرح والتعديل

ص: 241