المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الكلام فى الاستصحاب) - شرح العضد على مختصر المنتهى الأصولي ومعه حاشية السعد والجرجاني - جـ ٣

[عضد الدين الإيجي]

فهرس الكتاب

- ‌(مباحث التخصيص)

- ‌(مسائل الاستثناء)

- ‌(مباحث الشرط والصفة والغاية)

- ‌(مسائل التخصيص بالمنفصل)

- ‌(مسألة: يجوز تخصيص الكتاب بالكتاب

- ‌(المطلق والمقيد)

- ‌(المجمل)

- ‌(البيان والمبين)

- ‌(الظاهر والمؤول)

- ‌(المنطوق والمفهوم)

- ‌(مباحث النسخ)

- ‌(مسألة: يجوز نسخ القرآن بالقرآن

- ‌(الكلام فى القياس)

- ‌(مباحث مسالك العلة)

- ‌(الطرد والعكس

- ‌القياس جلى وخفى

- ‌(الاعتراضات)

- ‌(فساد الاعتبار)

- ‌ فساد الوضع

- ‌(الكلام فى الاستدلال)

- ‌(الكلام فى الاستصحاب)

- ‌(الكلام فى شرع من قبلنا)

- ‌(الكلام فى مذهب الصحابى)

- ‌(الكلام فى الاستحسان)

- ‌(الكلام فى المصالح المرسلة)

- ‌(الكلام فى الاجتهاد)

- ‌(التقليد والمفتى والمستفتى وما يستفتى فيه)

- ‌(الترجيح)

- ‌ القسم الأول: فى ترجيح المنقولين:

- ‌الصنف الأول: فى الترجيح بحسب السند:

- ‌(الفصل الأول: فى الراوى):

- ‌(الفصل الثانى: فى الترجيح بالرواية):

- ‌(الفصل الثالث: فى الترجيح بحسب المروى):

- ‌(الفصل الرابع: فى الترجيح بحسب المروى عنه):

- ‌ الصنف الثانى: الترجيح بحسب المتن:

- ‌ الصنف الثالث: الترجيح بحسب المدلول:

- ‌ الصنف الرابع: الترجيح بحسب الخارج:

- ‌ القسم الثانى: ترجيح المعقولين:

- ‌الصنف الأول: القياسان:

- ‌الفصل الأول: فى ترجيحه بحسب الأصل:

- ‌ الفصل الثانى: فى الترجيح بحسب العلة:

- ‌ الفصل الثالث: فى الترجيح بحسب الفرع:

- ‌الفصل الرابع: فى الترجيح بحسب الخارج:

- ‌الصنف الثانى: الاستدلالان:

- ‌ القسم الثالث: فى ترجيح المنقول والمعقول:

الفصل: ‌(الكلام فى الاستصحاب)

(الكلام فى الاستصحاب)

قال: (الاستصحاب: الأكثر كالمزنى والصيرفى والغزالى على صحته، وأكثر الحنفية على بطلانه كان نفيًا أصليًا أو حكمًا شرعيًا مثل قول الشافعية فى الخارج الإجماع على أنه قبله متطهر والأصل البقاء حتى يثبت معارض والأصل عدمه، لنا ما تحقق ولم يظن معارض يستلزم ظن البقاء وأيضًا لو لم يكن الظن حاصلًا لكان الشك فى الزوجية ابتداءً كالشك فى بقائها فى التحريم والجواز وهو باطل وقد استصحب الأصل فيهما. قالوا: الحكم بالطهارة ونحوها حكم شرعى والدليل عليه نص أو إجماع أو قياس وأجيب بأن الحكم البقاء ويكفى فيه ذلك ولو سلم فالدليل الاستصحاب قالوا: لو كان الأصل البقاء لكانت بينة النفى أولى وهو باطل بالإجماع وأجيب بأن المثبت يبعد غلطه فيحصل الظن قالوا: لا ظن مع جواز الأقيسة، قلنا الفرض بعد بحث العالم).

أقول: معنى استصحاب الحال أنه الحكم الفلانى قد كان ولم يظن عدمه وكل ما هو كذلك فهو مظنون البقاء وقد اختلف فى صحة الاستدلال به لإفادته ظن البقاء وعدمها لعدم إفادته إياه فأكثر المحققين كالمزنى والصيرفى والغزالى على صحته وأكثر الحنفية على بطلانه فلا يثبت به حكم شرعى ولا فرق عند من يرى صحته بين أن يكون الثابت به نفيًا أصليًا، كما يقال فيما اختلف فى كونه نصابًا لم تكن الزكاة واجبة عليه والأصل بقاؤه أو حكمًا شرعيًا، مثل قول الشافعية فى الخارج من أحد السبيلين أنه كان قبل خروج الخارج متطهرًا والأصل البقاء حتى يثبت معارض والأصل عدمه، لنا ما تحقق وجوده أو عدمه فى حال ولم يظن طرو معارض يزيله فإنه يلزم ظن بقائه هذا أمر ضرورى فلولا حصول هذا الظن لما ساغ للعاقل مراسلة من فارقه ولا الاشتغال بما يستدعى زمانًا من حراثة أو تجارة ولا إرسال الودائع والهدايا من بلد إلى بلد بعيد ولا القراض والديون ولولا الظن لكان ذلك كله سفهًا، وإذا ثبت الظن فهو متبع شرعًا لما مر ولنا أيضًا أنه لو شك فى حصول الزوجية ابتداءً حرم عليه الاستمتاع إجماعًا، ولو ظن دوام الزوجية جاز له الاستمتاع إجماعًا ولا فارق بينهما إلا استصحاب عدم الزوجية فى الأولى

ص: 563

واستصحاب الزوجية فى الثانية فلو لم يعتبر الاستصحاب للزم استواء الحالين فى التحريم والجواز وهو باطل لأنه خلاف الإجماع فقد علم إجماعهم على اعتبار الاستصحاب من المسألتين.

قالوا: أولًا: الطهارة والحل والحرمة ونحوها أحكام شرعية والأحكام الشرعية لا تثبت إلا بدليل منصوب من قبل الشارع وأدلة الشرع منحصرة فى النص والإجماع والقياس إجماعًا والاستصحاب ليس منها فلا يجوز الاستدلال به فى الشرعيات.

الجواب: إن ما ذكرتم من وجوب دليل منصوب من جهة الشارع إنما يصح فى إثبات الحكم ابتداءً وأما فى الحكم ببقائه فممنوع إذ يكفى فيه الاستصحاب ولو سلم فلا نسلم أن الدليل منحصر فى الثلاثة بل ههنا رابع وهو الاستصحاب فإن ذلك عين محل النزاع.

قالوا: ثانيًا: لو كان الأصل البقاء لكانت بينة النفى أولى بالاعتبار من بينة الإثبات واللازم منتف أما الملازمة فلأن بينة النفى مؤيدة باستصحاب البراءة الأصلية فيكون الظن الحاصل بها أقوى وأما انتفاء اللازم فلأن البينة لا تعتبر من النافى وهو المدعى عليه وتقبل من المثبت وهو المدعى اتفاقًا.

الجواب: منع الملازمة وإنما تصح لو حصل الظن بهما، ويتأيد أحدهما بالاستصحاب وليس كذلك فإن الظن لا يحصل إلا ببينة المثبت وذلك لأنه يبعد غلطه بأن يظن المعدوم موجودًا بخلاف النافى إذ لا يبعد غلطه فى ظن الموجود معدومًا بناءً على عدم علمه به مع بنائه على استصحاب البراءة، وله وجوه أخر من الأولوية وهى أن المثبت يدعى العلم بالوجود وله طرق قطعية بخلاف النافى فإن طريقه وهو عدم العلم ظنى، وأن النفس إلى دفع غير الملائم أميل منه إلى جلب الملائم ولذلك يدفع كل غير ملائم ولا يجلب كل ملائم فيكون إنكار الحق أكثر من دعوى الباطل والتجربة دالة على ذلك فقد عارض الأصل الغلبة وبقى ما ذكرنا سالمًا.

قالوا: ثالثًا: القياس جائز فينتفى ظن بقاء الأصل والأولى ظاهرة، وأما الثانية فلأن القياس يرفع حكم الأصل اتفاقًا فلا ظن إلا بعدم قياس يرفعه؛ لكن الأصول التى يمكن القياس عليها غير متناهية فالحكم بانتفائه مع الجواز تحكم.

ص: 564

الجواب: أن الفرض فيما بحث فيه العالم عن الأصول ولم يجد أصلًا يشهد برفع حكم الأصل ولا شك أن انتفاء القياس الرافع حينئذٍ هو المظنون ومجرد الاحتمال لا يضر.

قوله: (فلا يثبت به حكم) كأنه يشير إلى أن خلاف الحنفية فى إثبات الحكم الشرعى دون النفى الأصلى وهذا ما يقولون إنه حجة فى الفرع لا فى الإثبات حتى إن حياة المفقود بالاستصحاب تصلح حجة لبقاء ملكه لا لإثبات الملك له فى مال مورثه وإلى أن التعميم بقوله سواء كان نفيًا أصليًا أو حكمًا شرعيًا إنما هو فى صحة الاحتجاج به عند القائلين به وظاهر كلام المتن أن هذا التعميم متعلق بهما جميعًا وما ذكره المحقق من التخصيص تحكم على أن نسبة القول بصحته إلى الغزالى فى مسألة الخارج من غير السبيلين ليس بمستقيم ولا موافق لكلام الأصل فإنه جعل هذا البحث مسألتين إحداهما فى استصحاب الحال ونسب القول بصحته سواء كان لأمر وجودى أو عده ى شرعى أو عقلى إلى المزنى والصيرفى والغزالى وغيرهم والأخرى فى استصحاب حكم الإجماع فى محل الخلاف كما فى مسألة الخارج من غير السبيلين ونسب القول بنفيه إلى الغزالى وجعلهما ههنا مسألة واحدة لاتحاد المأخذ.

قوله: (هذا أمر ضرورى) يعنى أن المذكور فى معرض الاستدلال تنبيه فلا يتوجه عليه ما ذكره الآمدى من النوع والمعارضات.

قوله: (ولو ظن دوام الزوجية) يعنى به الشك وإلا فلا تمسك.

قوله: (إنما يصح فى إثبات الحكم) يعنى أن المفتقر إلى دليل منصوب من جهة الشارع هو إثبات الحكم الشرعى وأما بقاؤه فلا وفى هذا التقرير احتراز عما ذكره الشارحون أن المثبت بالاستصحاب هو البقاء هو ليس بحكم شرعى فورد الاعتراض بأن النزاع فى أن الاستصحاب هل يصلح حجة فى الحكم الشرعى.

قوله: (وله) أى لبينة المثبت بتأويل الدليل وجوه أخر والمذكور وجهان أحدهما أن للعلم طرقًا قطعية من الحس والاستدلال بخلاف النفى فإن طريقه عدم العلم بالثبوت وفيه منع ظاهر وثانيهما أن نفى الواقع رفع لغير الملائم وإثبات غير الواقع طلب للملائم والأول أكثر بحكم التجربة والاستقراء فيكون الأصل هو النفى وإن

ص: 565

كان مرجحًا لبينة النافى لكن كون نفى الثابت أغلب من إثبات المنفى يرجح بينة المثبت وهذا معنى معارضة الأصل الغلبة فيبقى ما ذكرنا من الدليل على حجية الاستصحاب سالمًا.

قوله: (والأولى) أى المقدمة الأولى وهى أن القياس جائز ظاهرة وأما المقدمة الثانية وهى أن جواز القياس يستلزم انتفاء ظن بقاء الأصل فلأن القياس رافع لحكم الأصل اتفاقًا بدليل أنه يثبت به أحكام لولاه لكانت باقية على نفيها فلا يحصل الظن ببقاء حكم الأصل إلا عند انتفاء قياس يرفعه ولا سبيل إلى الحكم بذلك الانتفاء لعدم تناهى الأصول التى يمكن القياس عليها فمن أين للعقلاء الإحاطة بنفيها والجواب أنه لا حاجة إلى القطع بانتفاء القياس الرافع بل الظن كافٍ وهو حاصل على تقدير عدم الوجدان بعد البحث والتفتيش ومجرد احتمال قياس رافع لا ينافى ظن انتفائه بل يلازمه وإنما المنافى له احتمال مساوٍ أو راجح.

الشارح: (ولو ظن دوام الزوجية) يريد لو حصل ظن الدوام عند الشك فى طلاق زوجته عملًا بالاستصحاب كان ذلك الظن معمولًا به اتفاقًا كما إذا شك فى حصول الزوجية ابتداءً وحصل ظن عدمها بالاستصحاب كانت الحرمة ثابتة عليها اتفاقًا عملًا بالاستصحاب فلا حاجة لتأويل الظن بالشك كما ذكره المحشى.

الشارح: (فقد عارض الأصل الغلبة) أى البراءة الأصلية التى تناسب بينة النفى تعارض الغلبة، وقوله: وبقى ما ذكرنا وهو الاستصحاب سالمًا أى عن المعارض.

قوله: (وما ذكره المحقق من التخصيص) أى تخصيص قول الحنفية ببطلان الاستصحاب بإثبات الحكم الشرعى تحكم قال فى التحرير: وهو حجة عند الشافعية وطائفة من الحنفية مطلقًا ونفاه كثير مطلقًا وأبو زيد وشمس الأئمة وفخر الإسلام وصدر الإسلام ومتابعوهم حجة للدفع لا للإثبات والوجه ليس حجة أصلًا.

قوله: (وفى هذا التقرير احتراز. . . إلخ) أى حيث اعتبر فى الجواب تقييد الصحة بالابتداء الذى لا ينافى أن البقاء أيضًا حكم شرعى إذ المراد به بقاء الحكم الشرعى.

قوله أيضًا: (وفى هذا التقرير. . . إلخ) أى لأن المراد بالبقاء بقاء الحكم الشرعى ودوامه وهو حكم شرعى.

ص: 566