الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الأول: فى ترجيح المنقولين:
وهو أربعة أصناف؛ لأنه يقع فى السند وهو طريق ثبوته وفى المتن وهو باعتبار مرتبة دلالته، وفى الحكم المدلول من الحرمة والإباحة وفيما ينضم إليه من خارج.
الصنف الأول: فى الترجيح بحسب السند:
ويقع فى الراوى وفى الرواية وفى المروى وفى المروى عنه ففيه أربعة فصول:
(الفصل الأول: فى الراوى):
ويكون فى نفسه وفى تزكيته فبدأ بما فى نفسه.
قال: (الأول: بكثرة الرواة لقوة الظن خلافًا للكرخى وبزيادة الثقة والفطنة والورع والعلم والضبط والنحو وبأنه أشهر بأحدها وباعتماده على حفظه لا نسخته وعلى ذكر لا خط وبموافقته عمله وبأنه عرف أنه لا يرسل إلا عن عدل فى المرسلين وبأن يكون المباشر كرواية أبى رافع نكح ميمونة وهو حلال، وكان السفير بينهما على رواية ابن عباس نكح ميمونة وهو حرام، وبأن يكون صاحب القصة كرواية ميمونة: "تزوجنى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ونحن حلالان"، وبأن يكون مشافهًا كرواية القاسم عن عائشة أن "بريدة عتقت وكان زوجها عبدًا" على من روى أنه كان حرًا لأنها عمة القاسم وأن يكون أقرب عند سماعه، كرواية ابن عمر: "أفرد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وكان تحت ناقته حين لبى"، وبكونه من أكابر الصحابة لقربه غالبًا أو متقدم الإسلام أو مشهور النسب أو غير ملتبس بمضعف وبتحملها بالغًا).
أقول: ترجيح السند بحسب الراوى نفسه وجوه:
الأول: كثرة الرواة بأن تكون رواة أحدهما أكثر عددًا من رواة الآخر، فما روايته أكثر يكون مقدمًا لقوة الظن لأن العدد الأكثر أبعد من الخطأ من العدد الأقل، ولأن كل واحد يفيد ظنًا فإذا انضم إلى غيره قوى حتى ينتهى إلى التواتر المفيد لليقين وخالف فيه الكرخى كما فى الشهادة.
والجواب: أنه ليس كل بها ترجح به الرواية ترجح به الشهادة.
الثانى: أن يكون أحد الروايتين راجحًا على الآخر فى وصف يغلب ظن الصدق كالثقة والفطنة والورع والعلم والضبط والنحو.
الثالث: أن يكون أحدهما أشهر بشئ من هذه الصفات الخمس وإن لم يعلم رجحانه فيها فإن كونه أشهر يكون فى الغالب لرجحانه.
الرابع: أن يكون أحدهما يعتمد فى الرواية على حفظه للحديث لا على نسخته، وعلى تذكره سماعه من الشيخ لا على خط نفسه، فإن الاشتباه فى النسخة والخط محتمل دون الحفظ والذكر.
الخامس: أن يكون أحدهما علم أنه عمل برواية نفسه والآخر لم يعمل أو لم يعلم أنه عمل.
السادس: أن يكونا مرسلين وقد علم من أحدهما أنه لا يروى إلا عن عدل.
السابع: أن يكون أحدهما مباشرًا لما رواه دون الآخر كرواية أبى رافع: "أن النبى صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة وهو حلال"، فإنه يرجح على رواية ابن عباس:"أنه نكح ميمونة وهو حرام"، وذلك لأن أبا رافع كان هو السفير بينهما فكان أعرف بالحال.
الثامن: أن يكون أحدهما صاحب الواقعة دون الآخر كرواية ميمونة: "تزوجنى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ونحن حلالان". فإنها تقدَّم على رواية ابن عباس.
الثامن: أن يكون أحدهما مشافهًا كرواية القاسم عن عائشة: "أن بريرة عتقت وكان زوجها عبدًا". على رواية من روى أنها عتقت وكان زوجها حرًا، فإن عائشة كانت عمة القاسم، وقد سمع منها مشافهة بخلاف الأسود فإنه سمع من وراء حجاب.
العاشر: أن يكون عند سماعه أقرب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، كما تقدَّم رواية ابن عمر:"أنه صلى الله عليه وسلم أفرد التلبية"، على رواية من روى أنه ثنى، لأنه روى أنه كان تحت ناقته حين لبى فالظاهر أنه أعرف.
الحادى عشر: أن يكون من أكابر الصحابة فتقدم روايته على أصاغرهم لأنه أقرب إلى الرسول غالبًا، فيكون أعرف بحاله ولأنه أشد تصونًا وصونًا لمنصبه.
الثانى عشر: أن يكون متقدم الإسلام على إسلام الآخر أو مشهور النسب والآخر غير مشهور النسب أو غير ملتبس بمن ضعف روايته، والآخر ملتبس فإن الثلاثة اهتمامهم بالتصون والتحرز وحفظ الجاه أكثر.
الثالث عشر: أن يكون قد تحمل الرواية بالغًا، والآخر صبيًا لخروجه عن الخلاف فيكون الظن به أقوى.
قوله: (الصفات الخمس) مبنى على أنه أخذ العلم بحيث يتناول النحو وإلا
فالصفات المذكورة ستة وفيما سبق إنما أفرد النحو بالذكر لأنه أراد بالعلم علم الشرائع والأحكام وقد صرح بذلك من قال فقه الراوى وعلمه بالعربية.
قوله: (كرواية القاسم) هو القاسم بن محمد بن أبى بكر.
قوله: (أو غير ملتبس) عطف على متقدم الإِسلام وظاهر كلامه أن المراد التباسه واختلاطه بمن ضعف روايته وصريح كلام الآمدى والشارحين أن المراد التباس اسمه باسم من هو ضعيف الرواية فإن الذى لا يلتبس اسمه أولى لأنه أغلب على الظن.
قوله: (فإن الثلاثة) أى متقدم الإِسلام ومشهور النسب وغير المخالط بمن هو ضعيف الرواية اهتمامهم بالتصون أكثر وبهذا يعرف أن ليس المراد بالملتبس بمضعف الملتبس اسمه لأنه لا معنى لتصونه وتحرزه وإنما جعل الثلاثة وجهًا واحدًا ميلًا إلى الإيجاز وتقليل الأقسام.
الشارح: (وصريح كلام الآمدى. . . إلخ) لأنه قال فإن الذى لا يلتبس اسمه ببعض الضعفاء أغلب على الظن ممن يلتبس وقيده ابن السبكى فى شرحه على ابن الحاجب بقوله: ولا يحصل الالتباس إلا عند تقارب زمانهما واجتماعهما فى شيخ واحد ولذلك شرط إمام الحرمين أن يصعب التمييز.