الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مسائل التخصيص بالمنفصل)
قال: (التخصيص بالمنفصل يجوز التخصيص بالعقل، {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: 62]، وأيضًا: {وَللَّه عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97]، فى خروج الأطفال بالعقل، قالوا: لو كان تخصيصًا لصحت الإرادة لغة، قلنا التخصيص للمفرد وما نسب إليه مانع هنا وهو معنى التخصيص، قالوا: لو كان مخصصًا لكان متأخرًا لأنه بيان، قلنا لكان متأخر بيانه لا ذاته، قالوا: لو جاز به لجاز النسخ، قلنا: النسخ على التفسيرين محجوب عن نظر العقل. قالوا: تعارضا. قلنا: فيجب تأويل المحتمل).
أقول: هذا حين فرغ من التخصيص بالمتصل وشرع فى التخصيص بالمنفصل، وفيه مسائل، هذه أولاها: هل يجوز التخصيص بالعقل؟ الجمهور على جوازه، ومنعه طائفة، لنا قوله:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: 62]، وقوله:{وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحديد: 2]، والعقل قاض ضرورة بخروج القديم الواجب عنه قال لاستحالة كونه مخلوقًا ومقدورًا، ولنا أيضًا قوله:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ} [آل عمران: 97]، والعقل قاض بخروج من لا يفهم الخطاب كالأطفال والمجانين.
قالوا: أولًا: لو كان مثل ذلك تخصيصًا لصحت إرادة العموم لغة قطعًا، واللازم باطل، أما الملازمة فلأن تلك مسمياته لغة وإطلاق اللفظ على مسمياته لغة صحيح لغة قطعًا، وأما انتفاء اللازم فلأن ذلك لا يصح لعاقل فإذا قلنا هذا خالق كل شئ فهم منه لغة أنه أراد به غير نفسه ولو أراد به نفسه لخطئ لغة.
الجواب: إن التخصيص للمفرد وهو: {كُلِّ شَيْءٍ} [الحديد: 2]، ويصح إرادة الجميع به لغة فإذا وقع فى التركيب فما نسب إليه، وهو المخلوقية والمقدورية هو المانع من إرادة الجميع وقصره على البعض وهو غير نفسه، والعقل هو القاضى بذلك ولا معنى للتخصيص عقلًا إلا ذلك والحق أنه يصلح فى التركيب للجميع أيضًا لغة، ولو أراد لم يخطى لغة وإنما يكذب فى المعنى، والخطأ لغة غير الكذب فى الخبر.
قالوا: ثانيًا: لو كان العقل مخصصًا لكان متأخرًا واللازم منتف، أما الملازمة فلأن تخصيص الشئ بيان للمراد منه والبيان متأخر عن المبين لامتناع البيان ولا
مبين، وأما انتفاء اللازم فلتقدم العقل على الخطاب ضرورة.
الجواب: العقل له ذات وله صفة وهو أنه بيان فإن أردت بتأخره تأخر ذاته فلا يلزم وإن أردت تأخر كونه بيانًا فلا يمتنع.
قالوا: ثالثًا: لو جاز التخصيص بالعقل لجاز النسخ بالعقل لأنه بيان مثله واللازم منتف بالإجماع.
الجواب: لا نسلم الملازمة لأن النسخ إما بيان مدة الحكم وإما رفع الحكم على التفسيرين وكلاهما محجوب عن نظر العقل بخلاف التخصيص فإن خروج البعض عن الخطاب قد يدركه العقل كما فى الصور المذكورة.
قالوا: رابعًا: تعارضًا، أعنى دليل الشرع ودليل العقل فترجيح أحدهما بلا مرجح تحكم.
الجواب: لا نسلم التحكم فإنهما لما تعارضا وجب تأويل المحتمل وهو دليل الشرع لاستحالة إبطال القاطع وهو دليل العقل.
قوله: (القديم الواجب) وصف القديم بالواجب ليكون الخروج ظنًا ثابتًا من جهتى القدم والوجوب بحيث لا يتصوّر فيه نزاع.
قوله: (وإطلاق اللفظ) تنبجه على أنا لا نعنى بصحة الإرادة لغة سوى صحة إطلاق اللفظ.
قوله: (وقصره على لفظ الماضى) أى هو الذى منع وقصر.
قوله: (والخطأ لغة غير الكذب) لأن الخطأ عدم المطابقة لقوانين اللغة والكذب عدم المطابقة لما فى نفس الأمر.
قوله: (لامتناع البيان ولا مبين) على لفظ اسم الفعول فإن قيل بل الأمر بالعكس لامتناع المبين ولا بيان، قلنا: المراد أن المبين أعنى الخطاب الذى يتبين المراد منه لا مفهوم المبين.
قوله: (وجب تأويل المحتمل) مبنى على أن العام ليس بقطعى بمعنى عدم الاحتمال، وأما تعارض القطعيين من الفعل والنقل فغير مسلم الثبوت.