الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصنف الرابع: الترجيح بحسب الخارج:
قال: (الخارج يرجح الموافق لدليل آخر أو لأهل المدينة أو للخلفاء أو للأعلم وبرجحان أحد دليلى التأويلين وبالتعرض للعلة والعام على سبب خاص فى السبب والعام عليه فى غيره والخطاب شفاهًا مع العام كذلك والعام لم يعمل فى صورة على غيره وقيل بالعكس والعام بأنه أمس بالمقصود مثل: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23]، على: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3]، وبتفسير الراوى بفعله أو قوله وبذكرهر السبب وبقرائن تأخره كتأخر الإسلام أو تاريخ مضيق أو تشديد لتأخر التشديدات المعقولات قياسان أو استدلالان فالأول أصله وفرعه ومدلوله وخارج).
أقول: الترجيح بحسب الخارج من وجوه:
الأول: يرجح الموافق لدليل آخر على ما لا يؤيده دليل آخر.
الثانى: يقدم الموافق لعمل أهل المدينة على ما لم يعملوا: بمقتضاه وكذا الموافق لعمل الأئمة الأربعة على غيره.
الثالث: يقدم موافق عمل الأعلم على غيره.
الرابع: إذا تعارض مؤولان ودليل تأويل أحدهما راجح قدم على الآخر.
الخامس: ما تعرض فيه للعلة يقدم على ما ذكر فيه الحكم فقط من غير تعرض للعلة لأن دلالته وفهم الاهتمام بقبوله آكد.
السادس: إذا تعارض عامان أحدهما وارد على سبب خاص والآخر ليس كذلك ففى ذلك السبب يقدم العام الوارد عليه بقوة دلالته فيه وفى غير ذلك السبب يقدم العام الآخر للخلاف فى تناول الوارد على سبب لغيره.
السابع: إذا ورد عام وهو خطاب شفاه لبعض من تناوله وعام آخر ليس كذلك فهو كالعامين ورد أحدهما على سبب دون الآخر فيتقدم عام المشافهة فيمن شوفهوا به وفى غيرهم الآخر ووجهه ظاهر.
الثامن: إذا تعارض عام لم يعمل به فى صورة من الصور وعام عمل به ولو فى صورة قدم ما لم يعمل به ليعمل به فيكون قد عمل بهما ولو اعتبر ما عمل به لزم إلغاء الآخر بالمرة والجمع ولو بوجه أولى وقيل بالعكس فيقدم ما عمل به لأنه شاهد له بالاعتبار.
التاسع: إذا تعارض عامان أحدهما أمس بالمقصود وأقرب إليه قدم على الآخر مثل قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23]، يقدم فى مسألة الجمع بينهما فى وطء النكاح على قوله:{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3]، فإنه أمس بمسألة الجمع.
العاشر: إذا تعارض خبران وفسر راوى أحدهما ما قد رواه يقول أو فعل دون راوى الآخر قدم الأول لأنه أعرف بما رواه فيكون ظن الحكم به أوثق.
الحادى عشر: ما ذكر فيه سبب ورود النص يرجح على غيره لأنه يدل على زيادة اهتمامه.
الثانى عشر: ما اقترن به قرينة تدل على تأخره يقدم على الآخر، وذلك مثل تأخر إسلام راويه إذ الآخر يجوز أن يكون قد سمعه قبل إسلامه سيما إن علم موت الآخر قبل إسلامه ومثل كونه مؤرخًا بتاريخ مضيق والآخر بتاريخ موسع نحو ذى القعدة من سنة كذا أو سنة كذا لاحتمال كون الآخر قبل ذى القعدة ومثل أن يكون فيه تشديد لأن التشديدات متأخرة، وإنما جاءت حين ظهر الإِسلام وغلبت شوكته، وكذا كل ما يشعر بشوكة الإِسلام.
قوله: (يرجح الموافق لدليل آخر) من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس أو عقل أو حس لأنه أغلب على الظن ولأن مخالفة دليلين أشد محذورًا.
قوله: (الأئمة الأربعة) يعنى الخلفاء الراشدين على ما هو ظاهر كلام الآمدى لأن أمر النبى صلى الله عليه وسلم بمتابعتهم والاقتداء بهم مما يفيد غلبة الظن وكذا كونهم أعرف بالتنزيل وموافقة الوحى والتأويل ولهذا اعتبر عمل أهل المدينة وعمل الأعلم.
قوله: (ما تعرض فيه للعلة يقدم) قال الآمدى: لقربه إلى المقصود سبب سرعة الانقياد وسهولة القبول ولدلالته على الحكم من جهة اللفظ ومن جهة العلة وربما ترجح ما لم يدل على العلة من جهة أن المشقة فى قبوله أشد والثواب عليه أعظم.
قوله: (ووجهه ظاهر) وهو قوة أدلة عام المشافهة فيمن شوفهوا ونقصان دلالته فى غيرهم للخلاف فى تناوله والافتقار إلى دليل من خارج كالإجماع على عدم التفرقة ولقوله عليه السلام: "حكمى على الواحد حكمى على الجماعة".
قوله: (فى وطء النكاح) فيه بحث لأن محل الخلاف هو الجمع بين الأختين بملك اليمين وقد دل قوله: {وَأَنْ تَجْمَعُوا} [النساء: 23]، بعمومه على حرمته، وقوله:{وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 36]، بعمومه على إباحته إلا أن الأول أحسن بمسألة الجمع فيقدم قال الآمدى: إن قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23]، فى الوطء قصد به بيان تحريم الجمع بين الأختين فى الوطء بملك اليمين فإنه مقدم على قوله تعالى:{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] حيث لم يقصد به بيان الجمع وعدل المحقق عن ذلك لظهور أن قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23]، إنما هو فى تحريم وطء النكاح.
الشارح: (أمس بالمقصود وأقرب إليه مثل قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23]) أى فإن عمومه للوطء بالملك والنكاح أمس بحرمة الجمع.
الشارح: (إذ الآخر يجوز أن يكون قد سمعه قبل إسلامه) أى الآخر الذى لم يتأخر إسلامه يجوز أن يكون قد سمع ما رواه قبل إسلامه ممن تأخر إسلامه فيكون كالمنسوخ بتأخر ما رواه المتأخر إسلامًا وقوله: لظهور أن قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء: 23] إنما هو فى تحريم وطء النكاح يقال: لا معنى لتقديمه على عموم {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3].
قوله: (قال الآمدى: لقربه إلى المقصود بسبب سرعة الانقياد. . . إلخ) علل صاحب التحرير تقديم ما فيه العلة بإظهار الاعتناء لا بالأقبلية فلا يرد عليه أنه ربما ترجح ما لم يدل على العلة من جهة أن المشقة فى قبوله أشد.