المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب طلاق المريض) - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ٤

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ التَّعْلِيقِ فِي الطَّلَاق]

- ‌(بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ)

- ‌[بَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ]

- ‌[بَابُ الْإِيلَاءِ]

- ‌[وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاء]

- ‌[وَمُدَّةُ إيلَاءِ الْأَمَةِ]

- ‌[الْإِيلَاء مِنْ الْمُبَانَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ]

- ‌(بَابُ الْخُلْعِ)

- ‌ الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَار]

- ‌(بَابُ اللِّعَانِ)

- ‌[شَرَائِطُ وُجُوبِ اللِّعَانِ]

- ‌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِيَةُ وَلَهَا وَلَدٌ مِنْهُ

- ‌[اللِّعَانُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ فِي الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ وَمَنْ لَا يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ]

- ‌(بَابُ الْعِنِّينِ

- ‌[قَذْفِ الْأَخْرَسِ]

- ‌ وَجَدَتْ زَوْجَهَا مَجْبُوبًا

- ‌(بَابُ الْعِدَّةِ)

- ‌[عِدَّةُ الْحُرَّةِ]

- ‌ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا

- ‌ عِدَّةِ الْأَمَةِ

- ‌عِدَّةُ الْحَامِلِ

- ‌عِدَّةُ مَنْ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ لِإِيَاسِهَا ثُمَّ رَأَتْ دَمًا

- ‌[عدة الْمَنْكُوحَةِ نِكَاحًا فَاسِدًا وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَأُمِّ الْوَلَدِ]

- ‌[عدة زَوْجَةِ الصَّغِيرِ الْحَامِلِ]

- ‌مَبْدَأُ الْعِدَّةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِحْدَادِ]

- ‌(بَابُ ثُبُوتِ النَّسَبِ)

- ‌[أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ]

- ‌[بَابُ الْحَضَانَةِ]

- ‌(بَابُ النَّفَقَةِ)

- ‌الزَّوْجِيَّةِ

- ‌[أَسْبَابٍ وُجُوب النَّفَقَة]

- ‌ وَنَفَقَةُ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ

- ‌ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى لِمُعْتَدَّةِ الطَّلَاقِ

- ‌ النَّفَقَةُ لِمُعْتَدَّةِ الْمَوْتِ

- ‌[النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَالْكِسْوَةُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ]

- ‌[نَفَقَةُ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ]

- ‌[النَّفَقَة مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ]

- ‌ النَّفَقَةُ لِلْقَرِيبِ

- ‌ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى لِمَمْلُوكِهِ

- ‌(كِتَابُ الْعِتْقِ)

- ‌[امْتَنَعَ الْمَوْلَى عَنْ الْإِنْفَاقِ]

- ‌(بَابُ الْعَبْدِ يَعْتِقُ بَعْضُهُ)

- ‌(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)

- ‌[بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ]

- ‌(بَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌(بَابُ الِاسْتِيلَادِ)

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[ثَلَاثِ مَسَائِلَ فِي الْحُلْف]

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ)

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ]

- ‌ شِرَاءُ أَبِيهِ لِلْكَفَّارَةِ

- ‌[اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَ وَكَانَ قَدْ قَالَ آخَرُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ]

- ‌(بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالتَّزْوِيجِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ

- ‌ قَالَ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الْعَبْدَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَأَعْتَقَهُ

- ‌(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ إلَى الْكَعْبَةِ

- ‌[قَالَتْ تَزَوَّجْت عَلَيَّ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ]

- ‌[قَوْلُهُ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ بِالْكُوفَةِ]

- ‌[بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ]

- ‌[قَالَ لَأَقْضِيَنَّ دَيْنَيْ الْيَوْمَ فَقَضَاهُ نَبَهْرَجَةً أَوْ زُيُوفًا أَوْ مُسْتَحَقَّةً]

- ‌[حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَزَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ وَأَجَازَ بِالْقَوْلِ]

- ‌[حَلَفَ لَيَهَبَنَّ فُلَانًا فَوَهَبَ لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ]

الفصل: ‌(باب طلاق المريض)

يَقَعُ الثَّلَاثُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

(بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ)

لَمَّا كَانَ الْمَرَضُ مِنْ الْعَوَارِضِ أَخَّرَهُ، وَمَعْنَاهُ ضَرُورِيٌّ فَتَعْرِيفُهُ تَعْرِيفٌ بِالْأَخْفَى، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِحَوَائِجِهِ خَارِجَ الْبَيْتِ كَعَجْزِ الْفَقِيهِ عَنْ الْإِتْيَانِ إلَى الْمَسْجِدِ وَعَجْزِ السُّوقِيِّ عَنْ الْإِتْيَانِ إلَى دُكَّانِهِ فَأَمَّا مَنْ يَذْهَبُ وَيَجِيءُ وَيُحَمُّ فَلَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهَذَا فِي حَقِّهِ أَمَّا فِي حَقِّهَا فَيُعْتَبَرُ عَجْزُهَا عَنْ الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهَا دَاخِلَ الْبَيْتِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَزَادَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنْ لَا تَقْدِرَ عَلَى الصُّعُودِ إلَى السَّطْحِ، وَفِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ الَّذِي يُبَاحُ لَهُ تَرْكُ الْقِيَامِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَلْحَقُهُ بِالْقِيَامِ ضَرَرٌ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ، وَلَيْسَ الْحُكْمُ هُنَا مَقْصُورًا عَلَى الْمَرِيضِ بَلْ الْمُرَادُ مَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ غَالِبًا، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ الْمَرِيضِ التَّطْلِيقُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ إلَّا إذَا رَضِيَتْ بِهِ (قَوْلُهُ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَمَاتَ فِي عِدَّتِهَا وَرِثَتْ وَبَعْدَهَا لَا) لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ سَبَبُ إرْثِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَالزَّوْجُ قَصَدَ إبْطَالَهُ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ بِتَأْخِيرِ عَمَلِهِ إلَى زَمَنِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا، وَقَدْ أَمْكَنَ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ يَبْقَى فِي حَقِّ بَعْضِ الْآثَارِ فَجَازَ أَنْ يَبْقَى فِي حَقِّ إرْثِهَا عَنْهُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الِانْقِضَاءِ لِأَنَّهُ لَا مَكَانَ، وَالزَّوْجِيَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَتْ بِسَبَبٍ لِإِرْثِهِ عَنْهَا فَيَبْطُلُ فِي حَقِّهِ خُصُوصًا إذَا رَضِيَ بِهِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ فِي الْمَرَضِ مُسْتَحَاضَةً، وَكَانَ حَيْضُهَا مُخْتَلِفًا فَفِي الْمِيرَاثِ يُؤْخَذُ بِالْأَقَلِّ لِأَنَّ الْمَالَ لَا يُسْتَوْجَبُ بِالشَّكِّ اهـ.

أَطْلَقَ الرَّجْعِيَّ لِيُفِيدَ أَنَّهَا تَرِثُ، وَإِنْ طَلَّقَ فِي الصِّحَّةِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا حَقِيقَةً حَتَّى حِلِّ الْوَطْءِ، وَوَرِثَهَا إذَا مَاتَتْ فِيهَا.

وَلَا يُشْتَرَطُ أَهْلِيَّتُهَا لِلْإِرْثِ وَقْتَ الطَّلَاقِ بَلْ وَقْتَ مَوْتِهِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ فِي الرَّجْعِيِّ مَمْلُوكَةً أَوْ كِتَابِيَّةً ثُمَّ أُعْتِقَتْ أَوْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ وَرِثَتْهُ، وَأَطْلَقَ الْبَائِنَ فَشَمِلَ الْوَاحِدَةَ وَالثَّلَاثَ، وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ قَيْدَ الطَّوَاعِيَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِهَا الْبَائِنِ لَا تَرِثُ كَمَا لَوْ أُكْرِهَتْ عَلَى سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ فَإِنَّهَا تَرِثُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ خِلَافًا فِيهِ، وَقَيَّدَ بِأَنْ يَكُونَ فِي مَرَضِهِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا طَلَّقَ فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ مَرِضَ، وَمَاتَ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَا تَرِثُ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ صَحِيحٌ لِامْرَأَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثُمَّ بَيَّنَ فِي مَرَضِهِ فِي إحْدَاهُمَا صَارَ فَارًّا بِالْبَيَانِ، وَتَرِثُ لِأَنَّهُ كَالْإِنْشَاءِ فِي حَقِّ الْإِرْثِ لِلتُّهْمَةِ، وَتَمَامُهُ فِي الْكَافِي، وَأَرَادَ بِهِ الْمَرَضَ الَّذِي اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ لِأَنَّ حَقَّهَا لَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ إلَّا بِهِ فَلَوْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ صَحَّ ثُمَّ مَاتَ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَا تَرِثُ مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَرَضِ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْرَأْ فَلَهَا الْمِيرَاثُ لِأَنَّهُ قَدْ اتَّصَلَ الْمَوْتُ بِمَرَضِهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَا بُدَّ فِي الْبَائِنِ أَنْ تَكُونَ أَهْلًا لِلْمِيرَاثِ وَقْتَ الطَّلَاقِ، وَالْمَوْتِ، وَمَا بَيْنَهُمَا، وَسَيَأْتِي، وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِأَهْلِيَّتِهَا لِلْمِيرَاثِ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا فِي مَرَضِهِ، وَقَدْ كَانَ سَيِّدُهَا أَعْتَقَهَا قَبْلُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الزَّوْجُ كَانَ فَارًّا.

وَكَذَا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ فَأَسْلَمَتْ فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ ثَلَاثًا، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِإِسْلَامِهَا كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ الْمَوْلَى لِأَمَتِهِ أَنْت حُرَّةٌ غَدًا، وَقَالَ الزَّوْجُ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْدَ غَدٍ إنْ عَلِمَ الزَّوْجُ بِكَلَامِ الْمَوْلَى كَانَ فَارًّا، وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لِأَنَّهُ

ــ

[منحة الخالق]

[بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ]

(قَوْلُهُ وَزَادَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنْ لَا تَقْدِرَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَمُقْتَضَى الْأَوَّلِ أَنَّهَا لَوْ قَدَرَتْ عَلَى نَحْوِ الطَّبْخِ دُونَ صُعُودِ السَّطْحِ لَمْ تَكُنْ مَرِيضَةً، وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الشَّارِعَ حَيْثُ رَدَّ عَلَيْهِ قَصْدَهُ لَمْ يَكُنْ آتِيًا إلَّا بِصُورَةِ الْإِبْطَالِ لَا بِحَقِيقَتِهِ فَتَدَبَّرْ. اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْقَصْدُ مَحْظُورًا لَمْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ الشَّارِعُ كَمَنْ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ (قَوْلُهُ أَطْلَقَ الرَّجْعِيَّ لِيُفِيدَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَعِنْدِي أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي حَذْفُ الرَّجْعِيِّ مِنْ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهَا فِيهِ تَرِثُ، وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الصِّحَّةِ مَا بَقِيَتْ الْعِدَّةُ بِخِلَافِ الْبَائِنِ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْمَرَضِ، وَقَدْ أَحْسَنَ الْقُدُورِيُّ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى الْبَائِنِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ، وَذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ خِلَافًا فِيهِ) ، وَذَلِكَ حَيْثُ قَالَ وَسُئِلَ عَمَّنْ أُكْرِهَ عَلَى التَّطْلِيقِ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ قَالَ تَرِثُهُ إذْ الْإِكْرَاهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الطَّلَاقِ بِدَلِيلِ وُقُوعِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ، وَلَا رِوَايَةَ لِهَذَا فِي الْكُتُبِ قَالَ وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَرِثَهُ لِلْجَبْرِ إذْ ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ مُوَرِّثِهِ فَقَتَلَهُ يَرِثُهُ لَا الْمُكْرِهُ لَوْ، وَارِثًا، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْقَتْلُ قَالَ صط بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَرِثُهُ فَإِنِّي وَجَدْت رِوَايَةً فِي الْفَرَائِضِ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْإِرْثِ. اهـ.

(قَوْلُهُ صَارَ فَارًّا بِالْبَيَانِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ، وَهُوَ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ حَنِثَ، وَهُوَ مَرِيضٌ فَبَيَّنَهُ فِي وَاحِدَةٍ أَنَّهُ يَكُونُ فَارًّا أَيْضًا، وَلَمْ أَرَهُ (قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ الزَّوْجُ بِكَلَامِ الْمَوْلَى كَانَ فَارًّا، وَإِلَّا فَلَا) ظَاهِرُ هَذَا

ص: 46

وَقْتَ التَّعْلِيقِ لَمْ يَقْصِدْ إبْطَالَ حَقِّهَا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ، وَإِنْ صَارَتْ أَهْلًا قَبْلَ نُزُولِ الطَّلَاقِ، وَلَمْ تَكُنْ حُرَّةً وَقْتَ التَّعْلِيقِ لِأَنَّ عِتْقَهَا مُضَافٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ حُرَّةً وَقْتَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ حُكْمِيٌّ فَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِهِ، وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا الْبَائِنَ بِعِتْقِهَا كَانَ فَارًّا كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمَرَضِهِ كَمَا إذَا قَالَ إنْ مَرِضْت فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَكُونُ فَارًّا لِأَنَّهُ جَعَلَ شَرْطَ الْحِنْثِ الْمَرَضَ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا وَكَّلَ بِطَلَاقِهَا، وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ مَرِضَ فَطَلَّقَ الْوَكِيلُ بِشَرْطِ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى عَزْلِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ عَزْلَهُ حَتَّى طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ لَا تَرِثُ مِنْهُ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ لَوْ قَالَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ طَلَّقَنِي فِي مَرَضِهِ ثَلَاثًا، وَكَذَّبَهَا الْوَرَثَةُ فِي الطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْهُ لِأَنَّهُمْ يَدَّعُونَ عَلَيْهَا الْحِرْمَانَ بِالطَّلَاقِ فِي الصِّحَّةِ، وَهِيَ تُنْكِرُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لَهَا كَمَا لَوْ قَالَتْ طَلَّقَنِي، وَهُوَ نَائِمٌ، وَقَالُوا فِي الْيَقَظَةِ كَانَ الْقَوْلُ لَهَا، وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَمَةً قَدْ عَتَقَتْ، وَمَاتَ الزَّوْجُ فَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الْعِتْقَ فِي حَيَاةِ الزَّوْجِ، وَادَّعَتْ الْوَرَثَةُ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ مَوْلَاهَا كَمَا إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا أَسْلَمَتْ فِي حَيَاتِهِ، وَقَالَ الْوَرَثَةُ أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ، وَالْقَوْلُ لَهَا فِي أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مَعَ الْيَمِينِ فَإِنْ نَكَلَتْ لَا إرْثَ لَهَا، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ قَالَتْ لَمْ تُنْقَضْ عِدَّتِي لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَلَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ لَكِنَّهَا قَالَتْ أَيِسْت ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ إقْرَارِهَا لَا مِيرَاثَ لَهَا اهـ.

وَفِي الْمُحِيطِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهَا كُفْرٌ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ كُنْت كِتَابِيَّةً، وَأَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ، وَهِيَ تَقُولُ مَا زِلْت مُسْلِمَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْوَرَثَةَ يَدَّعُونَ بُطْلَانَ حَقِّهَا، وَهِيَ تُنْكِرُ، وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ كَافِرًا فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِ زَوْجِي، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بَلْ كُنْت مُسْلِمَةً قَبْلَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ لِأَنَّهُ ظَهَرَ بُطْلَانُ حَقِّهَا حَيْثُ كَانَتْ مُسْلِمَةً لِلْحَالِ فَهِيَ تَدَّعِي ثُبُوتَ حَقِّهَا فِي مَالِهِ، وَالْوَرَثَةُ يُنْكِرُونَهُ. اهـ.

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فِي عِدَّتِهَا إلَى أَنَّهَا مَدْخُولَةٌ فَلَوْ أَبَانَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَا مِيرَاثَ لَهَا لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ إبْقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْعِدَّةِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَقُيِّدَ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ يَرِثْهَا الزَّوْجُ بِحَالٍ لِأَنَّ الزَّوْجَ بِالطَّلَاقِ رَضِيَ بِبُطْلَانِ حَقِّهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ طَلَّقَهَا فِي الْمَرَضِ فَمَاتَ بَعْدَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ فَالْمُشْكِلُ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ لِوَارِثِ الزَّوْجِ إذَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهَا يَدٌ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْعِدَّةِ فَالْمُشْكِلُ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهَا تَرِثُ فَلَمْ تَكُنْ أَجْنَبِيَّةً فَكَأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الطَّلَاقِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا أَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ أَوْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا بِتَفْوِيضِهِ لَمْ تَرِثْ) لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِإِبْطَالِ حَقِّهَا لِلْأَمْرِ مِنْهَا بِالْعِلَّةِ فِي الْأُولَى، وَلِمُبَاشَرَتِهَا الْعِلَّةَ فِي الْأَخِيرَيْنِ أَمَّا فِي التَّخْيِيرِ فَظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْهَا، وَأَمَّا فِي الْخُلْعِ فَلِأَنَّ الْتِزَامَ الْمَالِ عِلَّةُ الْعِلَّةِ لِأَنَّهُ شَرَى الطَّلَاقَ قَيْدٌ بِالْبَائِنِ لِأَنَّهَا لَوْ سَأَلَتْهُ الرَّجْعِيَّ فَطَلَّقَهَا لَا يَمْتَنِعُ إرْثُهَا لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّهَا زَوْجَةٌ حَقِيقَةً، وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ طَلَّقَ بِأَمْرِهَا لِأَنَّهَا لَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بَائِنًا فَأَجَازَ تَرِثُ لِأَنَّ الْمُبْطِلَ لِلْإِرْثِ أَجَازَتْهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَأَرَادَ بِالْأَمْرِ الرِّضَا بِالطَّلَاقِ فَخَرَجَ مَا لَوْ أُكْرِهَتْ عَلَى سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ فَإِنَّهَا تَرِثُ لِعَدَمِ الرِّضَا، وَشَمِلَ مَا لَوْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِتَمْكِينِ ابْنِ الزَّوْجِ فَلَا تَرِثُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ فَقَرَّبَهَا مُكْرَهَةً لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ فَيَصِيرُ كَالْمُبَاشِرِ، وَشَمِلَ مَا إذَا فَارَقَتْهُ بِسَبَبِ الْجَبِّ أَوْ الْعُنَّةِ أَوْ خِيَارِ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ فَلَا تَرِثُ لِرِضَاهَا، وَكَذَا لَوْ ارْتَدَّتْ، وَهُوَ مَرِيضٌ، وَأَشَارَ بِاخْتِلَاعِهَا مِنْهُ إلَى مُبَاشَرَتِهَا لِعِلَّةِ الطَّلَاقِ فَدَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ حَيْثُ لَا تَرِثُ لِأَنَّهُ مَوْتٌ فِي عِدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ فَأَبْطَلَ حُكْمَ الْفِرَارِ بِالطَّلَاقِ الْأَوَّلِ وَالطَّلَاقِ

ــ

[منحة الخالق]

أَنَّ الْوَاقِعَ عَلَيْهَا ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذْ لَا فِرَارَ فِي الرَّجْعِيِّ وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ فِي التَّعْلِيقِ، وَيَأْتِي أَيْضًا أَوَّلَ بَابِ الرَّجْعَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا فَدَخَلَتْ وَقَعَ ثِنْتَانِ، وَيَمْلِكُ الرَّجْعَةَ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِعُ هُنَا أَيْضًا ثِنْتَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُبْطِلَ لِلْإِرْثِ إجَازَتُهُ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يُجْدِي نَفْعًا فِيمَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ فِي مَرَضِهِ إذْ دَلِيلُ الرِّضَا فِيهِ قَائِمٌ. اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا إنَّمَا رَضِيَتْ بِطَلَاقٍ غَيْرِ مُبْطِلٍ لِحَقِّهَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ رِضَاهَا بِمَا يُبْطِلُهُ، وَعِبَارَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَلَيْسَ هَذَا كَطَلَاقِ سُؤَالِهَا إذْ لَمْ تَرْضَ بِعَمَلِ الْمُبْطِلِ إذْ قَوْلُهَا طَلَّقْت نَفْسِي لَمْ يَكُنْ مُبْطِلًا بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ فَإِذَا أَجَازَ فِي مَرَضِهِ فَكَأَنَّهُ أَنْشَأَ الطَّلَاقَ فَفَرَّ. اهـ.

(قَوْلُهُ فَخَرَجَ مَا لَوْ أُكْرِهَتْ عَلَى سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ، وَعُرِفَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ جَامَعَهَا ابْنُهُ مُكْرَهَةً فَإِنَّهَا تَرِثُ. اهـ.

وَرَدَّهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِمَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ عَنْ الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ الْفُرْقَةَ لَوْ وَقَعَتْ بِتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ لَا تَرِثُ مُطَاوِعَةً كَانَتْ أَوْ لَا اهـ.

فَالْجِمَاعُ أَوْلَى ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَنَصُّهُ جَامَعَهَا ابْنُ مَرِيضٍ مُكْرَهَةً لَمْ تَرِثْهُ إلَّا إنْ أَمَرَهُ الْأَبُ بِذَلِكَ فَيَنْتَقِلُ فِعْلُ الِابْنِ إلَى الْأَبِ فِي حَقِّ الْفُرْقَةِ فَيَكُونُ فَارًّا

ص: 47

الثَّانِي.

وَإِنْ وَقَعَ إلَّا أَنَّ شَرْطَهُ، وَهُوَ التَّزَوُّجُ حَصَلَ بِفِعْلِهَا فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَقَيَّدَ بِاخْتِلَاعِهَا مِنْهُ لِأَنَّهُ لَوْ خَلَعَهَا أَجْنَبِيٌّ مِنْ زَوْجِهَا الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ فَلَهَا الْإِرْثُ لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِهَذَا الطَّلَاقِ فَيَصِيرُ الزَّوْجُ فَارًّا كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ مَا إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَمَّا تَعَلَّقَ حَقُّهَا بِمَا لَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ تَعَلَّقَ حَقُّهَا بِمَا لَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا فَلَوْ بَاشَرَتْ سَبَبَ الْفُرْقَةِ، وَهِيَ مَرِيضَةٌ، وَمَاتَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَرِثَهَا كَمَا إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِاخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا فِي خِيَارِ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ أَوْ بِتَقْبِيلِهَا ابْنَ زَوْجِهَا، وَهِيَ مَرِيضَةٌ لِأَنَّهَا مِنْ قِبَلِهَا، وَلِذَا لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا، وَهَذَا ظَاهِرٌ.

وَأَمَّا إذَا وَقَعَتْ بِسَبَبِ الْجَبِّ أَوْ الْعُنَّةِ أَوْ اللِّعَانِ، وَهِيَ مَرِيضَةٌ فَمَشَى الشَّارِحُ عَلَى أَنَّهَا كَالْأَوَّلِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ، وَنَقَلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَنْ الْجَامِعِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهَا لِأَنَّهَا طَلَاقٌ فَكَانَتْ مُضَافَةً إلَيْهِ، وَعَزَاهُ فِي الْمُحِيطِ إلَى الْجَامِعِ أَيْضًا مُقْتَصَرًا عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي فَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَإِذَا ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ مَاتَتْ أَوْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ إنْ كَانَتْ الرِّدَّةُ فِي الصِّحَّةِ لَا يَرِثُهَا زَوْجُهَا.

وَإِنْ كَانَتْ فِي الْمَرَضِ وَرِثَهَا زَوْجُهَا اسْتِحْسَانًا بِخِلَافِ مَا إذَا ارْتَدَّ فَقُتِلَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ مُطْلَقًا، وَإِنْ ارْتَدَّا مَعًا ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا إنْ مَاتَ الْمُسْلِمُ لَا يَرِثُ الْمُرْتَدُّ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي مَاتَ مُرْتَدًّا هُوَ الزَّوْجُ وَرِثَتْهُ الْمُسْلِمَةُ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُرْتَدَّةُ قَدْ مَاتَتْ فَإِنْ كَانَتْ رِدَّتُهَا فِي الْمَرَضِ وَرِثَهَا الزَّوْجُ الْمُسْلِمُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ لَمْ تَرِثْ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي الْكَافِي الْأَصْلُ أَنَّ الْمَأْمُورِينَ بِالطَّلَاقِ بِغَيْرِ بَدَلٍ يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْإِيقَاعِ، وَالْمَأْمُورِينَ بِالطَّلَاقِ بِالْبَدَلِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْإِيقَاعِ بَلْ يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهُمَا، وَأَنَّ التَّمْلِيكَ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ، وَالتَّوْكِيلَ لَا، وَمَنْ عَمِلَ لِنَفْسِهِ فَهُوَ مَالِكٌ، وَمَنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ فَهُوَ وَكِيلٌ، وَامْرَأَةُ الْفَارِّ لَمْ تَرِثْ إنْ بَاشَرَتْ عِلَّةَ الْفُرْقَةِ أَوْ شَرْطَهَا أَوْ أُخِّرَ وَصْفَيْ الْعِلَّةِ أَوْ إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ، وَإِنْ بَاشَرَتْ بَعْضَ الْعِلَّةِ أَوْ بَعْضَ الشَّرْطِ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهَا مِنْ الْإِرْثِ قَالَ الْمَرِيضُ لِامْرَأَتَيْهِ بَعْدَ الدُّخُولِ طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ كُلٌّ نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا عَلَى التَّعَاقُبِ طَلَقَتَا ثَلَاثًا بِتَطْلِيقِ الْأُولَى وَتَطْلِيقِ الْأُخْرَى نَفْسَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَصَاحِبَتَهَا بَاطِلٌ فَإِذَا طَلَقَتْ الْأُولَى نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا طَلَقَتَا وَوَرِثَتْ الثَّانِيَةُ دُونَ الْأُولَى بِخِلَافِ مَا إذَا ابْتَدَأَتْ الْأُولَى فَطَلَقَتْ صَاحِبَتُهَا دُونَ نَفْسِهَا حَيْثُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى صَاحِبَتِهَا، وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا مَالِكَةً، وَالتَّمْلِيكُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ فَإِذَا بَدَأَتْ بِطَلَاقِ صَاحِبَتِهَا خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا، وَوَرِثَتْ، وَكَذَا لَوْ ابْتَدَأَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِتَطْلِيقِ صَاحِبَتِهَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ طَلَقَتْ بِتَطْلِيقِ غَيْرِهَا، وَإِنْ طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ نَفْسَهَا، وَصَاحِبَتَهَا مَعًا طَلَقَتَا، وَلَمْ يَرِثَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ طَلَقَتْ بِتَطْلِيقِ نَفْسِهَا.

وَإِنْ طَلَقَتْ إحْدَاهُمَا بِأَنْ قَالَتْ إحْدَاهُمَا طَلَّقْت نَفْسِي، وَقَالَتْ الْأُخْرَى طَلَّقْت صَاحِبَتِي، وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مَعًا طَلَقَتْ تِلْكَ الْوَاحِدَةُ، وَلَا تَرِثُ، وَإِنْ طَلَّقَتْ إحْدَاهُمَا نَفْسَهَا ثُمَّ طَلَّقَتْهَا صَاحِبَتُهَا طَلَقَتْ، وَلَا تَرِثُ، وَعَلَى الْعَكْسِ تَرِثُ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتَا فِي مَجْلِسِهِمَا ذَلِكَ فَإِنْ قَامَتَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا ذَلِكَ ثُمَّ طَلَّقَتْ كُلٌّ نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ أَوْ طَلَّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ صَاحِبَتَهَا وَرِثَتَا، وَلَوْ طَلَّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نَفْسَهَا لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، وَلَوْ قَالَ طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا ثَلَاثًا إنْ شِئْتُمَا فَطَلَّقَتْ إحْدَاهُمَا نَفْسَهَا، وَصَاحِبَتَهَا لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا حَتَّى تُطَلِّقَ الْأُخْرَى نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا فَلَوْ طَلَّقَتْ الْأُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا ثَلَاثًا طَلَقَتَا، وَوَرِثَتْ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ قَامَتَا عَنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ طَلَقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ كِلَيْهِمَا مُتَعَاقِبًا أَوْ مَعًا لَا يَقَعُ، وَلَوْ قَالَ أَمْرُكُمَا بِأَيْدِيكُمَا نَاوِيًا التَّفْوِيضَ صَارَ تَمْلِيكًا حَتَّى لَا تَنْفَرِدَ إحْدَاهُمَا بِالطَّلَاقِ، وَيَقْتَصِرَ عَلَى الْمَجْلِسِ، وَهُوَ كَالتَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ إلَّا فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّهُمَا إذَا اجْتَمَعَا عَلَى طَلَاقِ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 48

وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يَقَعُ، وَفِي قَوْلِهِ إنْ شِئْتُمَا لَا يَقَعُ، وَلَوْ قَالَ طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا بِأَلْفٍ فَقَالَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلَّقْت نَفْسِي وَصَاحِبَتِي بِأَلْفٍ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا بَانَتَا بِأَلْفٍ، وَيَقْسِمُ عَلَى مَهْرَيْهِمَا، وَلَمْ يَرِثْ، وَلَوْ طَلَقَتْ إحْدَاهُمَا طَلَقَتْ بِحِصَّتِهَا مِنْ الْأَلْفِ، وَإِنْ قَامَتَا مِنْ الْمَجْلِسِ بَطَلَ الْأَمْرُ. اهـ. مُخْتَصَرٌ.

(قَوْلُهُ وَفِي طَلِّقْنِي رَجْعِيَّةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَرِثَتْ) لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ النِّكَاحَ فَلَمْ تَكُنْ بِسُؤَالِهَا رَاضِيَةً بِبُطْلَانِ حَقِّهَا، وَأَرَادَ مِنْ ذِكْرِ الرَّجْعِيَّةِ نَفْيَ سُؤَالِهَا الْبَائِنَ فَدَخَلَ مَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي، وَلَمْ تَزِدْ عَلَيْهِ فَطَلَّقَهَا بَائِنًا فَإِنَّهَا تَرِثُ لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الرَّجْعِيِّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَكَذَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ فِي الْوَكَالَةِ وَالتَّفْوِيضِ وَالْإِنْشَاءِ فَلَمْ تَكُنْ بِسُؤَالِهَا رَاضِيَةً بِبُطْلَانِ حَقِّهَا، وَالْمُرَادُ بِالثَّلَاثِ الْبَائِنُ فَدَخَلَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً أَيْضًا، وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا سَأَلَتْهُ وَاحِدَةً بَائِنَةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، وَظَاهِرُ الْمُحِيطِ أَنَّهَا تَرِثُ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَرِثَتْ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهَا سَأَلَتْهُ فِي الْوَاحِدَةِ، وَقَدْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا انْتَهَى، وَلَمْ يُعَلِّلْ بِالرَّجْعِيِّ، وَإِنَّمَا عَلَّلَ بِالْوَاحِدَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا مِيرَاثَ لَهَا لِرِضَاهَا بِالْبَائِنِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا فِي مَرَضِهِ أَوْ تَصَادَقَا عَلَيْهَا فِي الصِّحَّةِ، وَمَضَى الْعِدَّةُ فَأَقَرَّ أَوْ أَوْصَى لَهَا فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْهَا، وَمِنْ إرْثِهَا) أَيْ لَهَا الْأَقَلُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقَرِّ بِهِ، وَالْمُوصَى بِهِ، وَمِنْ إرْثِهَا مِنْهُ لِأَنَّ الْعِدَّةَ بَاقِيَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَهِيَ سَبَبُ التُّهْمَةِ، وَالْحُكْمُ يُدَارُ عَلَى دَلِيلِ التُّهْمَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ قَالَ الْإِمَامُ بِبَقَاءِ التُّهْمَةِ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ تَخْتَارُ الطَّلَاقَ لِيَنْفَتِحَ بَابُ الْإِقْرَارِ وَالْوَصِيَّةِ فَيَزِيدُ حَقُّهَا وَالزَّوْجَانِ قَدْ يَتَوَاضَعَانِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْفُرْقَةِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَهَذِهِ التُّهْمَةُ فِي الزِّيَادَةِ فَرَدَدْنَاهَا، وَلَا تُهْمَةَ فِي قَدْرِ الْمِيرَاثِ فَصَحَّحْنَاهُ، وَهُمَا قَالَا فِي الثَّانِيَةِ بِنَفْيِ التُّهْمَةِ لِكَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً لِعَدَمِ الْعِدَّةِ بِدَلِيلِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا، وَجَوَازِ وَضْعِ الزَّكَاةِ فِيهَا وَتَزَوُّجِهَا بِزَوْجٍ آخَرَ، وَأَجَابَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ رضي الله عنه بِأَنَّهُ لَا مُوَاضَعَةَ عَادَةً فِي حَقِّ الزَّكَاةِ وَالشَّهَادَةِ وَالتَّزَوُّجِ فَلَا تُهْمَةَ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْهِدَايَةِ، وَقَرَّرَهُ الشَّارِحُونَ مِنْ غَيْرِ تَعَقُّبٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ مُنْذُ زَمَانٍ، وَصَدَّقَتْهُ أَنَّ الْعِدَّةَ تُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا هُنَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهَا وَشَهَادَتُهُ لَهَا وَتَزَوُّجُهَا وَهُوَ خِلَافُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْعِدَّةِ مِنْ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ تُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا فَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ، وَلَا تَزَوُّجُهُ بِأُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا أَيْضًا فَحِينَئِذٍ ظَهَرَتْ التُّهْمَةُ فِي إقْرَارِهِ وَوَصِيَّتِهِ.

وَانْدَفَعَ بِهِ مَا ذَكَرَهُ السُّرُوجِيُّ فِي غَايَتِهِ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَحْكِيمُ الْحَالِ فَإِنْ كَانَ جَرَى بَيْنَهُمَا خُصُومَةٌ، وَتَرَكَتْ خِدْمَتَهُ فِي مَرَضِهِ فَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمُوَاضَعَةِ فَلَا تُهْمَةَ، وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ لِلتُّهْمَةِ، وَقَدْ رَدَّهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِوَجْهٍ آخَرَ بِأَنَّ حَقِيقَةَ الْخُصُومَةِ لَيْسَتْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَدَخَلَ مَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي، وَلَمْ تَزِدْ عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَالَتْ لَهُ فِي مَرَضِهِ طَلِّقْنِي فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَمَاتَ فِي الْعِدَّةِ تَرِثُهُ إذْ صَارَ مُبْتَدِئًا فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهَا فِي الْإِرْثِ كَقَوْلِهَا طَلِّقْنِي رَجْعِيًّا فَأَبَانَهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا مِيرَاثَ لَهَا لِرِضَاهَا بِالْبَائِنِ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ سَابِقًا، وَإِنْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي النَّهْرِ لَكِنْ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْمَذْكُورُ آنِفًا يُفِيدُ أَنَّهَا تَرِثُ لِأَنَّهُ عَلَّلَ بِقَوْلِهِ إذْ صَارَ مُبْتَدِئًا أَيْ أَوْقَعَ شَيْئًا لَمْ تَطْلُبْهُ فَكَأَنَّهُ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ ابْتِدَاءً بِدُونِ طَلَبٍ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَانْدَفَعَ بِهِ مَا ذَكَرَهُ السُّرُوجِيُّ إلَخْ) أَيْ آخِذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ الْآتِيَةِ قَرِيبًا عَنْ الذَّخِيرَةِ كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَقَدْ رَدَّهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِوَجْهٍ آخَرَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ اعْتِزَالَهَا عَنْهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي هُوَ زَمَانٌ لِلرَّحْمَةِ، وَالشَّفَقَةِ ظَاهِرٌ أَيْضًا فِي خُصُومَتِهِ، وَالْإِيصَاءُ لَهَا بِالْأَكْثَرِ قَدْ يَكُونُ طَمَعًا فِي إبْرَاءِ ذِمَّتِهِ، وَتَذْكِيرًا بِسَبْقِ مَوَدَّتِهِ، وَقَدْ قَرَّرَ فِي الْعِدَّةِ عِنْدَ قَوْلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَمَشَايِخِنَا يَعْنِي مَشَايِخَ بُخَارَى سَمَرْقَنْدَ يُفْتُونَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّ ابْتِدَاءَهَا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ نَفْيًا لِلتُّهْمَةِ وَالْمُوَاضَعَةِ اهـ.

يَعْنِي: فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لَهَا بِالدَّيْنِ أَوْ لِيَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا، وَإِذَا كَانَ مُخَالَفَةُ هَذَا الْحُكْمِ بِهَذِهِ التُّهْمَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّى بِهِ مَحَالَّ التُّهْمَةِ، وَالنَّاسَ الَّذِينَ هُمْ مَظَانُّهَا، وَلِذَا فَصَّلَ السُّغْدِيُّ حَيْثُ قَالَ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ مِنْ ابْتِدَائِهَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَا مُتَفَرِّقَيْنِ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي أُسْنِدَ الطَّلَاقُ إلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَا مُجْتَمِعَيْنِ فَالْكَذِبُ فِي كَلَامِهِ ظَاهِرٌ فَلَا يُصَدَّقَانِ فِي الْإِسْنَادِ. اهـ.

وَهَذَا كَمَا تَرَى ظَاهِرٌ فِي تَحْكِيمِ الْحَالِ، وَإِذَا ثَبَتَ التُّهْمَةُ، وَكَانَ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ الشَّهَادَةُ، وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لَهَا أَيْضًا قُلْت وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ تُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ إنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ لِاتِّهَامِ الزَّوْجَيْنِ بِالْمُوَاضَعَةِ.

أَمَّا الَّذِينَ اعْتَبَرُوهَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ فَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَظْهَرْ تُهْمَةٌ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي تَصْحِيحِ الشَّيْخِ قَاسِمٍ حَيْثُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَمَشَايِخُنَا يُفْتُونَ

ص: 49

ظَاهِرَةً إذْ الْإِيصَاءُ لَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ الْمِيرَاثِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ تِلْكَ الْخُصُومَةَ لَيْسَتْ عَلَى حَقِيقَتِهَا كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْحِيَلِ لِلْأَغْرَاضِ انْتَهَى، وَظَهَرَ بِمَا ذَكَرْنَا سَهْوُ الشُّمُنِّيِّ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ حَيْثُ قَالَ وَفِي الذَّخِيرَةِ لَا بُدَّ مِنْ تَحْكِيمِ الْحَالِ فَإِنْ كَانَ حَالَ خُصُومَةٍ وَغَضَبٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا بِهَذَا الْإِقْرَارِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَقَعُ انْتَهَى فَإِنَّ صَاحِبَ الذَّخِيرَةِ إنَّمَا ذَكَرَ تَحْكِيمَ الْحَالِ فِيمَا إذَا قَالَتْ لَك امْرَأَةٌ غَيْرِي أَوَتَزَوَّجْت عَلَيَّ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ فَإِنَّهُ قَالَ قِيلَ الْأَوْلَى تَحْكِيمُ الْحَالِ إنْ كَانَ قَدْ جَرَى بَيْنَهُمَا مُشَاجَرَةٌ وَخُصُومَةٌ تَدُلُّ عَلَى غَضَبِهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَقَعُ انْتَهَى فَقَاسَ السُّرُوجِيُّ مَسْأَلَتَنَا هُنَا عَلَى مَا فِي الذَّخِيرَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَا يَخْفَى عَلَى عَاقِلٍ فَسَادُ قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ الطَّلَاقَ الصَّرِيحَ لَا يَقَعُ إلَّا فِي الْخُصُومَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَصْلًا فَكَيْفَ تُنْسَبُ إلَيْهِ، وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَةَ إذَا اخْتَلَعَتْ بِمَهْرِهَا الَّذِي عَلَى الزَّوْجِ، وَلَمْ يَكُنْ قَرِيبًا لَهَا فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إلَى الْمُسَمَّى فِي بَدَلِ الْخُلْعِ، وَإِلَى ثُلُثِ مَالِهَا إنْ مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَإِلَى الْمُسَمَّى فِي بَدَلِ الْخُلْعِ، وَإِلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنْهَا إنْ مَاتَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَيَكُونُ لَهُ الْأَقَلُّ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْخُلْعِ.

وَأَشَارَ إلَى أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ مِنْهُ لَهُ شَبَهٌ بِالدَّيْنِ، وَشَبَهٌ بِالْمِيرَاثِ فَلِلْأَوَّلِ لَوْ أَرَادَتْ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ عَيْنِ التَّرِكَةِ لَيْسَ عَلَى الْوَرَثَةِ ذَلِكَ بَلْ لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهَا مِنْ مَالٍ آخَرَ اعْتِبَارًا لِزَعْمِهَا أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ دَيْنٌ، وَلِلثَّانِي لَوْ هَلَكَ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَهُوَ عَلَى الْكُلِّ، وَلَوْ طَلَبَتْ أَنْ تَأْخُذَهُ دَنَانِيرَ، وَالتَّرِكَةُ عُرُوضٌ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَفِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ عِدَّتُهَا لَمْ تَنْقَضِ أَمَّا إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ ثُمَّ مَاتَ فَلَهَا جَمِيعُ مَا أَقَرَّ لَهَا بِهِ أَوْ أَوْصَى انْتَهَى، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَالَ لَهَا فِي مَرَضِهِ قَدْ كُنْت أَبَنْتُك فِي صِحَّتِي أَوْ جَامَعْت أُمَّ امْرَأَتِي أَوْ بِنْتَ امْرَأَتِي أَوْ تَزَوَّجْتهَا بِلَا شُهُودٍ أَوْ بَيْنَنَا رَضَاعٌ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ تَزَوَّجْتُك فِي الْعِدَّةِ، وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ بَانَتْ مِنْهُ، وَتَرِثُهُ لَا لَوْ صَدَّقَتْهُ انْتَهَى، وَفِيهِ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا الْمَرِيضِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَجَحَدَ، وَحَلَّفَهُ الْقَاضِي فَحَلَفَ ثُمَّ صَدَّقَتْهُ، وَمَاتَ تَرِثُهُ لَوْ صَدَّقَتْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ لَا لَوْ بَعْدَهُ انْتَهَى، وَفِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ: وَاعْلَمْ أَنَّ حَرْفَ مِنْ فِي قَوْلِهِ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْهُ، وَمِنْ الْإِرْثِ لَيْسَ صِلَةً لِأَفْعَلْ التَّفْضِيلِ إذْ لَوْ كَانَ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ أَقَلَّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حَرْفُ مِنْ لِلْبَيَانِ، وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ اُسْتُعْمِلَ بِاللَّامِ فَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ أَوْ مِنْ الْإِرْثِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ الْأَقَلُّ بَيَّنَهُ بِأَحَدِهِمَا، وَصِلَةُ الْأَقَلِّ مَحْذُوفَةٌ، وَهِيَ مِنْ الْآخَرِ أَيْ فَلَهَا أَحَدُهُمَا الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مِنْ الْآخَرِ فَتَكُونُ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَوْ تَكُونُ الْوَاوُ عَلَى مَعْنَاهَا لَكِنْ لَا يُرَادُ بِهَا الْمَجْمُوعُ بَلْ الْأَقَلُّ الَّذِي هُوَ الْإِرْثُ تَارَةً، وَالْمُوصَى بِهِ أُخْرَى فَتَكُونُ الْوَاوُ لِلْجَمْعِ، وَهُوَ أَنَّ الْأَقَلِّيَّةَ ثَابِتَةٌ لَكِنْ بِحَسَبِ زَمَانَيْنِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَمَنْ بَارَزَ رَجُلًا أَوْ قَدَّمَ لِيُقْتَلَ بِقَوَدٍ أَوْ رَجْمٍ فَأَبَانَهَا وَرِثَتْ إنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ أَوْ قُتِلَ) بَيَانٌ لِحُكْمِ الصَّحِيحِ الْمُلْحَقِ بِالْمَرِيضِ هُنَا، وَهُوَ مَنْ كَانَ غَالِبُ حَالِهِ الْهَلَاكَ كَمَا فِي النُّقَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ مَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ غَالِبًا عَلَى أَنَّ الْغَلَبَةَ تَتَعَلَّقُ بِالْخَوْفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَاقِعُ غَلَبَةَ الْهَلَاكِ، وَأَنَّ فِي الْمُبَارَزَةِ لَا يَكُونُ الْهَلَاكُ غَالِبًا إلَّا أَنْ يَبْرُزَ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَقْرَانِهِ بِخِلَافِ غَلَبَةِ خَوْفِ الْهَلَاكِ، وَدَخَلَ تَحْتَهُ مَنْ كَانَ رَاكِبَ السَّفِينَةِ إذَا

ــ

[منحة الخالق]

فِي الطَّلَاقِ بِأَنَّ ابْتِدَاءَهَا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ نَفْيًا لِتُهْمَةِ الْمُوَاضَعَةِ يَعْنِي أَنَّ مَشَايِخَ بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ يُفْتُونَ بِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِطَلَاقٍ سَابِقٍ، وَصَدَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ، وَهُمَا مِنْ مَظَانِّ التُّهْمَةِ لَا يُصَدَّقَانِ فِي الْإِسْنَادِ، وَيَكُونُ ابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ، وَلَا نَفَقَةَ، وَلَا سُكْنَى لِلزَّوْجَةِ لِتَصْدِيقِهَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ السُّغْدِيُّ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ مِنْ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَا مُتَفَرِّقَيْنِ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي أُسْنِدَ الطَّلَاقُ إلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَا مُجْتَمِعَيْنِ فَالْكَذِبُ فِي كَلَامِهِمَا ظَاهِرٌ فَلَا يُصَدَّقَانِ فِي الْإِسْنَادِ اهـ.

كَلَامُ الشَّيْخِ قَاسِمٍ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا يُفْتِي بِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ أَوْ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ حَتَّى يَحْكُمَ الْحَالُ فَإِنْ رَأَى الْمُفْتِي التُّهْمَةَ ظَاهِرَةً أَفْتَى بِالثَّانِي، وَإِلَّا أَفْتَى بِالْأَوَّلِ، وَهَذَا مَا قَالَهُ السُّرُوجِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَحْكِيمُ الْحَالِ نَعَمْ مَا ذَكَرَهُ السُّرُوجِيُّ مِنْ شَهَادَةِ الْخُصُومَةِ بِقَصْدِ التُّهْمَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَلِذَا بَحَثَ مَعَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْإِفْتَاءَ بِكَوْنِ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ حَيْثُ ظَهَرَتْ التُّهْمَةُ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْوَصِيَّةِ لِكَيْ لَا تَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهَا، وَلَا يَلْزَمُ اعْتِبَارُهَا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ فِي حَقِّ سَائِرِ الْأَحْكَامِ، وَلِذَا لَمْ تَجِبْ لَهَا نَفَقَةٌ، وَلَا سُكْنَى، وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ فَكَذَا يُعْتَبَرُ وُجُوبُهَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ فِيمَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ كَالشَّهَادَةِ وَدَفْعِ الزَّكَاةِ لِمَا عَلِمْت مِنْ التَّصْرِيحِ سَابِقًا بِأَنَّهُ لَا عَادَةَ فِي الْمُوَاضَعَةِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ غَلَبَةِ خَوْفِ الْهَلَاكِ) أَيْ فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي الْمُبَارَزَةِ لِمَنْ هُوَ فَوْقَهُ أَوْ مِثْلُهُ فَلِذَا كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ مَنْ يُخَافُ

ص: 50

انْكَسَرَتْ، وَبَقِيَ عَلَى لَوْحٍ أَوْ افْتَرَسَهُ السَّبُعُ، وَبَقِيَ فِي فَمِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَقَدْ يُوهِمُ أَنَّ الِانْكِسَارَ شُرِطَ لِكَوْنِهِ فَارًّا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ فَإِنْ تَلَاطَمَتْ الْأَمْوَاجُ، وَخِيفَ الْغَرَقُ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ، وَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَقَيَّدَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ بِأَنْ يَمُوتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْجِ أَمَّا لَوْ سَكَنَ ثُمَّ مَاتَ لَا تَرِثُ انْتَهَى، وَالْحَامِلُ لَا تَكُونُ فَارَّةً إلَّا فِي حَالِ الطَّلْقِ، وَفِي الْمُجْتَبَى وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الطَّلْقِ فَقِيلَ الْوَجَعُ الَّذِي لَا يَسْكُنُ حَتَّى تَمُوتَ أَوْ تَلِدَ وَقِيلَ وَإِنْ سَكَنَ لِأَنَّ الْوَجَعَ يَسْكُنُ تَارَةً وَيَهِيجُ أُخْرَى، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ. اهـ.

وَالْمَسْلُولُ وَالْمَفْلُوجُ، وَالْمُقْعَدُ مَا دَامَ يَزْدَادُ مَا بِهِ فَهُوَ غَالِبُ الْهَلَاكِ، وَإِلَّا فَكَالصَّحِيحِ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ، وَذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِيهِ أَقْوَالًا فَنَقَلَ أَوَّلًا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ قَدِيمًا فَهُوَ كَمَرِيضٍ، وَلَوْ قَدِيمًا فَكَصَحِيحٍ.

وَثَانِيًا لَوْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ بِتَدَاوٍ فَكَصَحِيحٍ، وَإِلَّا فَكَمَرِيضٍ، وَثَالِثًا لَوْ طَالَ، وَصَارَ بِحَالٍ لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ فَكَصَحِيحٍ، وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّ التَّطَاوُلِ فَقِيلَ سَنَةٌ، وَبَعْضُهُمْ اعْتَبَرُوا الْعُرْفَ فَمَا يُعِدُّهُ تَطَاوُلًا فَتَطَاوُلٌ، وَإِلَّا فَلَا، وَرَابِعًا إنْ لَمْ يَصِرْ صَاحِبَ فِرَاشٍ فَصَحِيحٌ، وَإِلَّا فَمَرِيضٌ، وَخَامِسًا لَوْ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ فَهُوَ مَرِيضٌ، وَلَوْ يَنْتَقِصُ مَرَّةً، وَيَزْدَادُ أُخْرَى فَلَوْ مَاتَ بَعْدَ سَنَةٍ فَكَصَحِيحٍ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ سَنَةٍ فَكَمَرِيضٍ. اهـ.

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ إنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ أَوْ قُتِلَ إلَى أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ بَعْدَمَا قُدِّمَ لِلْقَتْلِ ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُ أَوْ حُبِسَ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ مَاتَ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ تَرِثُهُ لِأَنَّهُ ظَهَرَ فِرَارُهُ بِذَلِكَ الطَّلَاقِ ثُمَّ تَرَتَّبَ مَوْتُهُ فَلَا يُبَالِي بِكَوْنِهِ بِغَيْرِهِ كَالْمَرِيضِ إذَا طَلَّقَ ثُمَّ قُتِلَ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَأَمَّا فِي حَالِ فُشُوِّ الطَّاعُونِ فَهَلْ يَكُونُ لِكُلٍّ مِنْ الْأَصِحَّاءِ حُكْمُ الْمَرَضِ فَقَالَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ، وَلَمْ أَرَهُ لِمَشَايِخِنَا. اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ثُمَّ مَنْ لَهُ حُكْمُ الْمَرِيضِ لَوْ طَلَّقَهَا، وَمَاتَ فِي الْعِدَّةِ تَرِثُهُ مَاتَ بِهَذِهِ الْجِهَةِ أَوْ بِجِهَةٍ أُخْرَى، وَلِذَا قَالَ الْأَصْلُ مَرِيضٌ صَاحِبُ الْفِرَاشِ لَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ قَتَلَ تَرِثُهُ طَعَنَ فِيهِ عِيسَى بْنُ أَبَانَ فَقَالَ لَا تَرِثُهُ إذْ مَرَضُ الْمَوْتِ مَا هُوَ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَكِنَّا نَقُولُ قَدْ اتَّصَلَ الْمَوْتُ بِمَرَضِهِ حِينَ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى مَاتَ، وَقَدْ يَكُونُ لِلْمَوْتِ سَبَبَانِ فَلَا يَتَبَيَّنُ بِهَذَا أَنَّ مَرَضَهُ لَمْ يَكُنْ مَرَضَ مَوْتِهِ، وَأَنَّ حَقَّهَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي مَالِهِ. اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ بَرَزَ الشَّيْءُ بُرُوزًا مِنْ بَابِ قَعَدَ ظَهَرَ، وَبَارَزَ فِي الْحَرْبِ مُبَارَزَةً وَبِرَازًا فَهُوَ مُبَارِزٌ اهـ، وَفِيهِ وَالسِّلُّ بِالْكَسْرِ مَرَضٌ مَعْرُوفٌ، وَأَسَلَّهُ اللَّهُ بِالْأَلِفِ أَمْرَضَهُ بِذَلِكَ فَسُلَّ هُوَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَهُوَ مَسْلُولٌ مِنْ النَّوَادِرِ، وَلَا يَكَادُ صَاحِبُهُ يَبْرَأُ مِنْهُ، وَفِي كُتُبِ الطِّبِّ إنَّهُ مِنْ أَمْرَاضِ الشَّبَابِ لِكَثْرَةِ الدَّمِ فِيهِمْ، وَهُوَ قُرُوحٌ تَحْدُثُ فِي الرِّئَةِ. اهـ.

وَفِيهِ وَالْفَالِجُ مَرَضٌ يَحْدُثُ فِي أَحَدِ شِقَّيْ الْبَدَنِ طُولًا فَيُبْطِلُ إحْسَاسَهُ وَحَرَكَتَهُ، وَرُبَّمَا كَانَ فِي الشِّقَّيْنِ، وَيَحْدُثُ بَغْتَةً إلَى آخِرِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ مَحْصُورًا أَوْ فِي صَفِّ الْقِتَالِ لَا) أَيْ لَا تَرِثُ لِأَنَّهُ لَا يَغْلِبُ خَوْفُ الْهَلَاكِ، وَكَذَا رَاكِبُ السَّفِينَةِ قَبْلَ خَوْفِ الْغَرَقِ، وَالْحَامِلُ قَبْلَ الطَّلْقِ، وَالْمَحْصُورُ الْمَمْنُوعُ سَوَاءٌ كَانَ فِي حِصْنٍ أَوْ حَبْسٍ لِقَتْلٍ أَوْ رَجْمٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَكَذَا مَنْ نَزَلَ بِمَسْبَعَةٍ أَوْ مُخِيفٍ مِنْ عَدُوٍّ، وَفِي الْمِصْبَاحِ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ حَصْرًا مِنْ بَابِ قَتَلَ أَحَاطُوا بِهِ، وَمَنَعُوهُ مِنْ الْمُضِيِّ لِأَمْرِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ، وَالتَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي مَرَضِهِ أَوْ بِفِعْلِ نَفْسِهِ، وَهُمَا فِي مَرَضِهِ أَوْ الشَّرْطُ فَقَطْ أَوْ بِفِعْلِهَا، وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ، وَهُمَا فِي الْمَرَضِ أَوْ الشَّرْطِ وَرِثَتْ، وَفِي غَيْرِهَا لَا) لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي مَرَضِهِ وَجْهَ الْقَصْدِ إلَى الْفِرَارِ

ــ

[منحة الخالق]

عَلَيْهِ الْهَلَاكُ غَالِبًا، وَكَذَا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ وَمَنْ بَارَزَ رَجُلًا إذْ لَوْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ كَوْنَ الْهَلَاكِ غَالِبًا لَقَيَّدَهُ بِكَوْنِهِ أَقْوَى مِنْهُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَتْحِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُقَيِّدَ الْمُبَارِزَ بِكَوْنِهِ أَقْوَى مِنْهُ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي التَّنْوِيرِ نَعَمْ ذَكَرَ فِي النَّهْرِ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَيَّدَ بِهِ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ غَلَبَةِ الْهَلَاكِ (قَوْلُهُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ إنْ مَاتَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِي قَوْلِهِ إنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ أَوْ قُتِلَ عَلَيْهِ دُونَ أَنْ يَقُولَ بِذَلِكَ الْوَجْهِ دَلَالَةَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَمُوتَ بِهَذَا السَّبَبِ أَوْ سَبَبٍ آخَرَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْأَصْلِ مَرِيضٌ صَاحِبُ فِرَاشٍ أَبَانَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ قَتَلَ وَرَثَتَهُ، وَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ تَلَاطُمَ الْأَمْوَاجِ قَيَّدَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنْ يَمُوتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْجِ أَمَّا لَوْ سَكَنَ ثُمَّ مَاتَ لَا تَرِثُ مِمَّا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَمُتْ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قُدِّمَ لِلْقَتْلِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُتَقَدِّمَةِ ثُمَّ خُلِّيَ سَبِيلُهُ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ مَاتَ فَإِنَّهُ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ اهـ.

قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ لَوْ قُتِلَ بَعْدَمَا خُلِّيَ سَبِيلُهُ لَمْ يَمُتْ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ فَإِنَّ الْوَجْهَ الْمُشَارَ إلَيْهِ هُوَ كَوْنُهُ قُدِّمَ لِلْقَتْلِ، وَهُوَ حَالَةُ غَلَبَةِ الْهَلَاكِ، وَبَعْدَمَا خُلِّيَ سَبِيلُهُ زَالَتْ تِلْكَ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا سَكَنَ الْمَوْجُ ثُمَّ مَاتَ، وَلَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ وَالْبَحْرِ تَبِعَا فِيهِ فَتْحَ الْقَدِيرِ، وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْبَدَائِعِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ أُعِيدَ الْمُخْرَجُ لِلْقَتْلِ إلَى الْحَبْسِ أَوْ رَجَعَ الْمُبَارِزُ

ص: 51

عَنْ الْمِيرَاثِ فِي حَالِ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ، وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ السَّابِقَ يَصِيرُ تَطْلِيقًا عِنْدَ الشَّرْطِ حُكْمًا لَا قَصْدًا، وَلَا ظُلْمَ إلَّا عَنْ قَصْدٍ فَلَا يُرَدُّ تَصَرُّفُهُ، وَالْمُرَادُ مِنْ الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ عَلَّقَ طَلَاقَهَا الْبَائِنَ لِأَنَّ حُكْمَ الْفِرَارِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِهِ، وَأَطْلَقَ فِي فِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ كَدُخُولِ الدَّارِ أَوَّلًا كَصَلَاةِ الظُّهْرِ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ، وَهُوَ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ فَلِوُجُودِ قَصْدِ الْإِبْطَالِ إمَّا بِالتَّعْلِيقِ أَوْ بِمُبَاشَرَةِ الشَّرْطِ فِي الْمَرَضِ، وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ لَهُ بُدٌّ مِنْهُ أَوْ لَا فَإِنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ فِعْلِ الشَّرْطِ فَلَهُ مِنْ التَّعْلِيقِ أَلْفُ بُدٍّ فَيُرَدُّ تَصَرُّفُهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا، وَشَمِلَ مَا إذَا فَوَّضَ طَلَاقَهَا لِرَجُلٍ فِي صِحَّتِهِ فَطَلَّقَهَا الْأَجْنَبِيُّ فِي الْمَرَضِ، وَكَانَ يَقْدِرُ الزَّوْجُ عَلَى عَزْلِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَمْكَنَهُ عَزَلَهُ فِي الْمَرَضِ، وَلَمْ يَفْعَلْ صَارَ كَأَنَّهُ أَنْشَأَ التَّوْكِيلَ فِي الْمَرَضِ، وَدَخَلَ فِي الْأَوَّلِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ عَزْلُهُ، وَدَخَلَ فِي التَّعْلِيقِ بِفِعْلِهِ مَا إذَا قَالَ فِي صِحَّتِهِ إنْ لَمْ آتِ الْبَصْرَةَ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَمْ يَأْتِهَا حَتَّى مَاتَ وَرِثَتْهُ، وَإِنْ مَاتَتْ هِيَ، وَبَقِيَ الزَّوْجُ وَرِثَهَا لِأَنَّهَا مَاتَتْ، وَهِيَ زَوْجَتُهُ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُعَلِّقَ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ أَوْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِفِعْلِهَا أَوْ بِفِعْلِهِ، وَكُلٌّ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ أَوْ كَانَا فِي الْمَرَضِ فَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ لَا يَكُونُ فَارًّا إلَّا إذَا كَانَ فِي الْمَرَضِ، وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَارًّا حَيْثُ يَكُونُ الشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِهَا فَقَطْ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ لَا يُمْكِنُهَا تَرْكُهُ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُهَا تَرْكُهُ لَا يَكُونُ فَارًّا، وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا حَتَّى مَاتَ وَرِثَتْهُ، وَلَوْ مَاتَتْ هِيَ، وَبَقِيَ الزَّوْجُ لَمْ يَرِثْهَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَاتَ وَرِثَتْهُ، وَلَوْ مَاتَتْ هِيَ، وَبَقِيَ الزَّوْجُ لَمْ يَرِثْهَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ فِي صِحَّتِهِ إنْ شِئْت أَنَا وَفُلَانٌ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ مَرِضَ فَشَاءَ الزَّوْجُ وَالْأَجْنَبِيُّ الطَّلَاقَ مَعًا أَوْ شَاءَ الزَّوْجُ ثُمَّ الْأَجْنَبِيُّ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ لَا تَرِثُ، وَإِنْ شَاءَ الْأَجْنَبِيُّ أَوَّلًا ثُمَّ الزَّوْجُ وَرِثَتْ. اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ عَلَى مَشِيئَتِهِمَا فَإِذَا شَاءَا مَعًا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ تَمَامَ الْعِلَّةِ فَلَا يَكُونُ فَارًّا بِخِلَافِ مَا إذَا تَأَخَّرَتْ مَشِيئَةُ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَمَّتْ الْعِلَّةُ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الرَّابِعُ، وَهُوَ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا فَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ وَالْفِعْلِ مِمَّا لَهَا بُدٌّ مِنْهُ كَكَلَامِ زَيْدٍ لَمْ تَرِثْ لِرِضَاهَا، وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ طَبْعًا كَالْأَكْلِ أَوْ شَرْعًا كَصَلَاةِ الظُّهْرِ فَلَهَا الْمِيرَاثُ لِاضْطِرَارِهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ مُطْلَقًا لِفَوَاتِ الصُّنْعِ مِنْهُ فِي مَرَضِهِ، وَعِنْدَهُمَا تَرِثُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ، وَصَحَّحُوا قَوْلَ مُحَمَّدٍ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ فَصَحَّ فَمَاتَ أَوْ أَبَانَهَا فَارْتَدَّتْ فَأَسْلَمَتْ فَمَاتَ لَمْ تَرِثْ) لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَرَضُ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ مَرَضَ الْمَوْتِ فَإِذَا صَحَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَرَضَ الْمَوْتِ، وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ قَبْلَ هَذَا إنْ كَانَ بِهِ حُمَّى رِبْعٍ فَزَالَتْ ثُمَّ صَارَ بِهِ حُمَّى غِبٍّ أَمَّا إذَا كَانَ بِهِ حُمَّى رِبْعٍ فَزَالَتْ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تُجْعَلُ عَيْنَ الْأُولَى، وَيَكُونُ لَهَا الْمِيرَاثُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا لَمَّا زَالَتْ لَمْ يَبْقَ لَهَا تَعَلُّقٌ بِمَالِهِ. اهـ.

وَفِي قَانُونْ شَاهْ فِي الطِّبِّ وَأَمَّا حُمَّى السَّوْدَاوِيَّةِ خَارِجَ الْعُرُوقِ، وَدَاخِلَهَا فَهِيَ حُمَّى الرِّبْعِ فَيَجِبُ أَنْ يُرَاعَى فِيهَا حِفْظُ الْقُوَّةِ، وَأَمَّا حُمَّى الْغِبِّ بِكَسْرِ الْغَيْنِ فَفِي الْمِصْبَاحِ هِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتَغِيبُ يَوْمًا. اهـ.

وَإِنَّ فِي الْبَائِنِ لَا بُدَّ أَنْ تَسْتَمِرَّ أَهْلِيَّتُهَا لِلْإِرْثِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ أَطْلَقَ الْبَائِنَ فَشَمِلَ الثَّلَاثَ وَالْوَاحِدَةَ.

وَأَشَارَ بِارْتِدَادِهَا إلَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ مَمْلُوكَةً وَقْتَ الطَّلَاقِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ أَوْ أُعْتِقَتْ لَا تَرِثُ، وَقَيَّدَ بِالْبَائِنِ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ رَجْعِيًّا إنَّمَا

ــ

[منحة الخالق]

بَعْدَ الْمُبَارَزَةِ إلَى الصَّفِّ أَوْ سَكَنَ الْمَوْجُ صَارَ فِي حُكْمِ الصَّحِيحِ كَالْمَرِيضِ إذَا بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا لَمَّا زَالَتْ لَمْ يَبْقَ لَهَا تَعْلِيقٌ بِمَالِهِ) أَقُولُ: إنْ كَانَتْ زَالَتْ بِالْكُلِّيَّةِ ثُمَّ عَادَتْ فَهَذَا ظَاهِرٌ.

أَمَّا إذَا كَانَتْ ذَاتَ نَوْبَةٍ فَإِنَّهَا إذَا جَاءَتْ نَوْبَتُهَا يُعْلَمُ أَنَّهَا لَمْ تَزُلْ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْمَرِيضَ هُوَ الَّذِي يَعْجِزُ عَنْ الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا صَارَ يَقْدِرُ عَلَيْهَا زَالَ مَرَضُهُ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَحْمُومُ عَاجِزًا عَنْهَا فَهُوَ مَرِيضٌ، وَإِلَّا فَلَا نَعَمْ يَشْكُلُ مَا إذَا عَجَزَ فِي يَوْمِ النَّوْبَةِ، وَقَدَرَ فِي غَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا هُوَ مُرَادُ ذَلِكَ الْقَائِلِ، وَأَنَّهُ أَرَادَ بِأَنَّ الثَّانِيَةَ تُجْعَلُ عَيْنَ الْأُولَى أَنَّهُ بِالْمُعَاوَدَةِ عُلِمَ أَنَّهَا لَمْ تَزُلْ فَتُجْعَلُ حُمَّى وَاحِدَةً، وَلَعَلَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ يُجْعَلُ فِي يَوْمِ النَّوْبَةِ مَرِيضًا، وَفِي غَيْرِ يَوْمِهَا غَيْرَ مَرِيضٍ فَكُلُّ نَوْبَةٍ عَجَزَ فِيهَا ثُمَّ قَدَرَ بَعْدَهَا زَالَ حُكْمُهَا فَإِذَا جَاءَتْ نَوْبَةٌ أُخْرَى عَادَ مَرِيضًا فَيُعْطَى حُكْمَهُ إنْ مَاتَ فِيهَا فَإِذَا قَدَرَ زَالَ حُكْمُهَا، وَهَكَذَا، وَنَظِيرُهُ الْحَامِلُ إذَا أَخَذَهَا الطَّلْقُ صَارَتْ مَرِيضَةً إنْ اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ فَإِذَا سَكَنَ ثُمَّ جَاءَ طَلْقٌ آخَرُ فَقَدْ زَالَ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ، وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَأْخُذَهَا طَلْقٌ يَتَّصِلُ بِهِ الْمَوْتُ كَمَا مَرَّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنَّ فِي الْبَائِنِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَرَضُ

ص: 52