الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُبُوتِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ عَلَى قَوْلِهِ لَزِمَ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ قَبُولِهَا وَعَلَى هَذَا يَبْطُلُ الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ وَجْهَيْ الِاسْتِحْسَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ اهـ.
أَقُولُ: إنَّ هَذَا مِنْ الْعَجَبِ الْعُجَابِ مِنْ هَذَا الْمُحَقَّقِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ كَوْنِهِمَا مُدَّعِيَيْنِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الثُّبُوتِ إذْ يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي كُلِّ دَعْوَى بِأَنْ يُقَالَ صِحَّةُ كَوْنِهِ مُدَّعِيًا مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى ثُبُوتِ قَوْلِهِ وَثُبُوتُ قَوْلِهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَقَدُّمِ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَإِنَّمَا صِحَّةُ الدَّعْوَى مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى كَوْنِ الْمُدَّعَى مَعْلُومًا مَعَ بَقِيَّةِ الشَّرَائِطِ فَإِذَا كَانَ الْمَوْلَى حَيًّا لَمْ يَدَّعِ كُلٌّ مِنْهُمَا عِتْقَ نَفْسِهِ لِجَهَالَةِ الْمُعْتِقِ فَلَمْ تُسْمَعْ الشَّهَادَةُ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى، وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى شَاعَ الْعِتْقُ فَجَازَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ نِصْفَهُ حُرٌّ فَإِذَا ادَّعَى ذَلِكَ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَقُبِلَ بُرْهَانُهُ فَقَدْ ظَهَرَ صِحَّةُ الْوَجْهِ الثَّانِي وَبُطْلَانُ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ بُطْلَانَهُ وَلِهَذَا صَحَّحَ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي وَارْتَضَاهُ الشَّارِحُونَ وَاَللَّهُ هُوَ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ، وَشَمِلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا كَانَ الْعَبْدَانِ يَدَّعِيَانِ الْعِتْقَ أَوْ أَحَدُهُمَا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ حَرَّرَ أَمَةً بِعَيْنِهَا وَسَمَّاهَا فَنَسِيَا اسْمَهَا لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَشْهَدَا بِمَا تَحَمَّلَاهُ وَهُوَ عِتْقُ مَعْلُومَةٍ، بَلْ مَجْهُولَةٌ، وَكَذَا الشَّهَادَةُ عَلَى طَلَاقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَسَمَّاهَا فَنَسِيَاهَا، وَعِنْدَ زُفَرَ تُقْبَلُ وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمَا كَقَوْلِ زُفَرَ فِي هَذَا؛ لِأَنَّهَا كَشَهَادَتِهِمَا عَلَى عِتْقِ إحْدَى أَمَتَيْهِ وَطَلَاقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَالِمًا وَلَهُ عَبْدٌ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ اسْمُهُ سَالِمٌ وَالْمَوْلَى يَجْحَدُ لَمْ يَعْتِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الدَّعْوَى لِقَبُولِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ وَلَا يَتَحَقَّقُ هُنَا مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيِّنٍ مِنْهُمَا فَصَارَتْ كَمَسْأَلَةِ الْكِتَابِ الْخِلَافِيَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ عَبْدٌ وَاحِدٌ اسْمُهُ سَالِمٌ وَشَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَالِمًا وَلَا يَعْرِفُونَهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَعَيِّنًا لَمَّا أَوْجَبَهُ وَكَوْنُ الشُّهُودِ لَا يَعْرِفُونَ عَيْنَ الْمُسَمَّى لَا يَمْنَعُ قَبُولَ شَهَادَتِهِمْ كَمَا أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْعِتْقِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ الْعَبْدَ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدُوا بِبَيْعِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَذَكَرَ فُرُوعًا أُخْرَى هُنَا تُنَاسِبُ الشَّهَادَاتِ أَخَّرْنَا ذِكْرَهَا إلَيْهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِعْتَاقِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَحْتَمِلُ الْجَهَلَةَ أَصْلًا وَالْعِتْقُ يَحْتَمِلُ ضَرْبًا مِنْهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ إحْدَى الْعَبْدَيْنِ وَيَجُوزُ عِتْقُ أَحَدِهِمَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ)
هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْأَوْلَى بَابُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ أَنْ يُجْعَلَ الْعِتْقُ جَزَاءً عَلَى الْحَلِفِ بِأَنْ يُعَلِّقَ الْعِتْقَ بِشَيْءٍ وَهُوَ شُرُوعٌ فِي بَيَانِ التَّعْلِيقِ بَعْدَمَا ذَكَرَ مَسَائِلَ التَّنْجِيزِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَسْأَلَةَ التَّعْلِيقِ بِالْوِلَادَةِ فِي بَابِ عِتْقِ الْبَعْضِ لِبَيَانِ أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْهُ الْبَعْضُ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ، وَالْحَلِفُ بِفَتْحِ الْحَاءِ مَعَ سُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ حَلَفَ بِاَللَّهِ يَحْلِفُ حَلْفًا وَحَلِفًا الْقَسَمُ وَبِكَسْرِ الْحَاءِ مَعَ سُكُونِ اللَّامِ الْعَهْدُ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي يَوْمَئِذٍ حُرٌّ عَتَقَ مَا يَمْلِكُهُ بَعْدَهُ بِهِ) أَيْ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ بِالدُّخُولِ؛ لِأَنَّ التَّنْوِينَ فِي يَوْمِئِذٍ عِوَضٌ عَنْ الْجُمْلَةِ الْمُضَافِ إلَيْهَا لَفْظُ إذْ تَقْدِيرُهُ إذْ دَخَلْت وَلَفْظُ يَوْمٍ ظَرْفٌ لِلْمَمْلُوكِ فَكَانَ التَّقْدِيرُ كُلُّ مَنْ يَكُونُ فِي مِلْكِي وَقْتَ الدُّخُولِ حُرٌّ، وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ إضَافَةُ عِتْقِ الْمَمْلُوكِ يَوْمَ الدُّخُولِ إلَى يَوْمِ الدُّخُولِ وَالْمَمْلُوكُ لَا يَكُونُ إلَّا بِمِلْكٍ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ مَلَكْت مَمْلُوكًا وَقْتَ الدُّخُولِ فَهُوَ حُرٌّ وَهُوَ يَصْدُقُ بِمِلْكٍ قَبْلَ الدُّخُولِ يُقَارِنُ بَقَاءَهُ الدُّخُولُ فَكَأَنَّهُ إضَافَةُ الْعِتْقِ إلَى الْمِلْكِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِعَبْدِ غَيْرِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَعَبْدِي
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: إذْ يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي كُلِّ دَعْوَى إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ لُزُومُ مِثْلِهِ فِي كُلِّ دَعْوَى مَمْنُوعٌ إذْ الْكَلَامُ فِي ثُبُوتِ صِحَّةِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَهُوَ كَوْنُ الْمُدَّعِي خَصْمًا مَعْلُومًا كَمَا اعْتَرَفَ بِهِ وَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَا وُجُودَ لِهَذَا الْمَعْنَى فِي كُلِّ دَعْوَى نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَا نُسَلِّمُ تَوَقُّفَ الشُّيُوعِ عَلَى ثُبُوتِ قَوْلِهِ أَحَدُهُمَا بَلْ عَلَى صُدُورِهِ مِنْهُ فَإِذَا ادَّعَيَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَدْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ عَتَقَ نِصْفُهُ فَإِذَا بَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ بُرْهَانِهِ اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ.
[بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ]
حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ فَدَخَلَ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْعِتْقَ إلَى مِلْكِهِ صَرِيحًا وَلَا مَعْنًى.
وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ هُنَا مُطْلَقُ الْوَقْتِ حَتَّى لَوْ دَخَلَ لَيْلًا عَتَقَ مَا فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ أُضِيفَ إلَى فِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ وَهُوَ الدُّخُولُ وَإِنْ كَانَ فِي اللَّفْظِ إنَّمَا أُضِيفَ إلَى لَفْظِ إذْ الْمُضَافَةِ لِلدُّخُولِ لَكِنْ مَعْنَى إذْ غَيْرُ مُلَاحَظٍ وَإِلَّا كَانَ الْمُرَادُ يَوْمَ وَقْتِ الدُّخُولِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ عَلَى مَعْنَى يَوْمِ الْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ الدُّخُولُ تَقْيِيدُ الْيَوْمِ بِهِ لَكِنْ إذَا أُرِيدَ بِهِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ يَصِيرُ الْمَعْنَى وَقْتَ وَقْتِ الدُّخُولِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ مِثْلَهُ كَثِيرًا فِي الِاسْتِعْمَالِ الْفَصِيحِ كَنَحْوِ {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} [الروم: 4]{بِنَصْرِ اللَّهِ} [الروم: 5] . وَلَا يُلَاحَظُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُلَاحَظُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَقْتَ يَغْلِبُونَ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ وَلَا يَوْمَ وَقْتِ يَغْلِبُونَ يَفْرَحُونَ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِهِ فَعُرِفَ أَنَّ لَفْظَ إذْ لَمْ يُذْكَرْ إلَّا تَكْثِيرًا لِلْعِوَضِ عَنْ الْجُمْلَةِ الْمَحْذُوفَةِ أَوْ عِمَادًا لَهُ أَعْنِي التَّنْوِينَ لِكَوْنِهِ حَرْفًا وَاحِدًا سَاكِنًا تَحْسِينًا لَمْ يُلَاحَظْ مَعْنَاهَا وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي أَقْوَالِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ نَظَرٌ فِيهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ عَتَقَ مَا هُوَ مَمْلُوكٌ لَهُ وَقْتَ الدُّخُولِ لَكَانَ أَظْهَرَ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْحَلِفِ وَاسْتَمَرَّ إلَى وَقْتِ الدُّخُولِ لَمْ يَمْلِكْهُ بَعْدَ الْيَمِينِ مِلْكًا مُتَجَدِّدًا، وَفِي الْبَدَائِعِ لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ الْيَوْمَ فَهُوَ حُرٌّ وَلَا نِيَّةَ لَهُ وَلَهُ مَمْلُوكٌ فَاسْتَفَادَ فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ مَمْلُوكًا آخَرَ عَتَقَ مَا فِي مِلْكِهِ وَمَا اسْتَفَادَ مِلْكَهُ فِي الْيَوْمِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ هَذَا الشَّهْرَ أَوْ هَذِهِ السَّنَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَّتَ بِالْيَوْمِ أَوْ الشَّهْرِ أَوْ السَّنَةِ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ التَّوْقِيتُ مُفِيدًا، وَلَوْ لَمْ يَتَنَاوَلْ إلَّا مَا فِي مِلْكِهِ يَوْمَ الْحَلِفِ لَمْ يَكُنْ مُفِيدًا فَإِنْ قَالَ عَنَيْت أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ دُونَ الْآخَرِ لَمْ يُدَنْ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى تَخْصِيصَ الْعُمُومِ وَأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ وَيُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُطَّلِعٌ عَلَى نِيَّتِهِ وَفِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ فَهُوَ حُرٌّ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا أَوْ إذَا كَلَّمْت فُلَانًا أَوْ إذَا جَاءَ الْغَدُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهَذَا يَقَعُ عَلَى مَا يَشْتَرِيهِ قَبْلَ الْكَلَامِ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْكَلَامِ، ثُمَّ كَلَّمَ عَتَقَ وَمَا اشْتَرَاهُ بَعْدَ الْكَلَامِ لَا يَعْتِقُ، وَلَوْ قَدَّمَ الشَّرْطَ فَقَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا أَوْ إذَا كَلَّمْت فُلَانًا أَوْ إذَا جَاءَ غَدٌ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ اشْتَرِيهِ فَهُوَ حُرٌّ فَهَذَا عَلَى مَا يَشْتَرِيهِ بَعْدَ الْكَلَامِ لَا قَبْلَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ اشْتَرَى مَمَالِيكَ قَبْلَ الْكَلَامِ، ثُمَّ كَلَّمَ لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَمَا اشْتَرَاهُ بَعْدَهُ يَعْتِقُ.
وَلَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ اشْتَرِيهِ إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَهُوَ حُرٌّ أَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَهَذَا عَلَى مَا يَشْتَرِي بَعْدَ الْفِعْلِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتِقُ مَا اشْتَرَى قَبْلَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَهُمْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَقُلْ يَوْمَئِذٍ لَا) أَيْ لَا يَعْتِقُ مَا يَمْلِكُهُ بَعْدَهُ وَإِنَّمَا يَعْتِقُ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ التَّكَلُّمِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي يَخْتَصُّ بِالْحَالِ وَالْجَزَاءُ حُرِّيَّةُ الْمَمْلُوكِ فِي الْحَالِ يَتَعَلَّقُ فِي الْحَالِ بِمَمْلُوكٍ أَيْ الْمَمْلُوكِ فِي الْحَالِ حُرِّيَّتُهُ هِيَ الْجَزَاءُ وَإِنَّمَا كَانَتْ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَارَ فِي الْوَصْفِ مِنْ اسْمِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ أَنَّ مَعْنَاهُ قَائِمٌ حَالَ التَّكَلُّمِ بِمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ قِيَامِهِ بِهِ أَوْ وُقُوعِهِ عَلَيْهِ، وَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ شَيْءٌ يَوْمَ حَلَفَ كَانَ الْيَمِينُ لَغْوًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْعِتْقِ مُعَلَّقًا كَمَا فِي الْكِتَابِ أَوْ مُنَجَّزًا وَسَوَاءٌ قَدَّمَ الشَّرْطَ أَوْ أَخَّرَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ بِإِنْ كَمَا فِي الْكِتَابِ أَوْ بِغَيْرِهَا كَإِذَا دَخَلْت أَوْ إذَا مَا أَوْ مَتَى أَوْ مَتَى مَا، وَقَوْلُهُ لِي لَيْسَ بِقَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ فَقَطْ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ افْعَلْ وَإِنْ كَانَتْ تُسْتَعْمَلُ لِلْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ لَكِنْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُرَادُ بِهِ الْحَالُ عُرْفًا وَشَرْعًا وَلُغَةً أَمَّا الْعُرْفُ فَإِنَّ مَنْ قَالَ فُلَانٌ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ أَوْ يَفْعَلُ كَذَا يُرِيدُ بِهِ الْحَالَ وَيَقُولُ الرَّجُلُ مَا أَمْلِكُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيُرِيدُ بِهِ الْحَالَ، أَمَّا الشَّرْعُ فَإِنَّ مَنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ يَكُونُ مُؤْمِنًا، وَلَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا كَانَ شَاهِدًا.
أَمَّا اللُّغَةُ فَإِنَّ هَذِهِ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصِّيغَةَ مَوْضُوعَةٌ لِلْحَالِ عَلَى طَرِيقِ الْأَصَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَالِ صِيغَةٌ أُخْرَى وَلِلِاسْتِقْبَالِ سِينٌ وَسَوْفَ فَكَانَتْ الْحَالُ أَصْلًا فِيهَا وَالِاسْتِقْبَالُ دَخِيلًا فَعِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى الْحَالِ، وَلَوْ قَالَ عَنَيْت بِهِ مَا أَسْتَقْبِلُ مِلْكَهُ عَتَقَ مَا مَلَكَهُ لِلْحَالِ وَمَا اُسْتُحْدِثَ الْمِلْكُ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ ظَاهِرَهَا لِلْحَالِ وَبِنِيَّتِهِ يَصْرِفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِيهِ وَيُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ أَرَدْت مَا يَحْدُثُ مِلْكِي فِيهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ كَمَا إذَا قَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَةٌ مَعْرُوفَةٌ بِهَذَا الِاسْمِ، ثُمَّ قَالَ لِي امْرَأَةٌ أُخْرَى بِهَذَا الِاسْمِ عَنَيْتهَا طَلُقَتْ الْمَعْرُوفَةُ بِظَاهِرِ اللَّفْظِ وَالْمَجْهُولَةُ بِاعْتِرَافِهِ كَذَا هَا هُنَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ السَّاعَةَ فَهُوَ حُرٌّ إنَّ هَذَا يَقَعُ عَلَى مَا فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْيَمِينِ وَلَا يَعْتِقُ مَا يَسْتَفِيدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَى؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ السَّاعَةِ الْمَذْكُورَةِ هِيَ السَّاعَةُ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَ النَّاسِ وَهِيَ الْحَالُ لَا السَّاعَةُ الزَّمَانِيَّةُ الَّتِي يَذْكُرُهَا الْمُنَجِّمُونَ فَيَتَنَاوَلُ هَذَا الْكَلَامُ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ التَّكَلُّمِ لَا مَنْ يَسْتَفِيدُهُ مِنْ بَعْدُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِهِ مَنْ أَسْتَفِيدُهُ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ الزَّمَانِيَّةِ يُصَدَّقُ فِيهِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ وَفِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَكِنْ لَا يُصَدَّقُ فِي صَرْفِ اللَّفْظِ عَمَّنْ يَكُونُ فِي مِلْكِهِ لِلْحَالِ وَسَوَاءٌ أَطْلَقَ أَوْ عَلَّقَ بِشَرْطٍ قَدَّمَ الشَّرْطَ أَوْ أَخَّرَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ
(قَوْلُهُ: وَالْمَمْلُوكُ لَا يَتَنَاوَلُ الْحَمْلَ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ الْمَمْلُوكَ الْمُطْلَقَ، وَالْجَنِينُ مَمْلُوكٌ تَبَعًا لِلْأُمِّ لَا مَقْصُودًا؛ وَلِأَنَّهُ عُضْوٌ مِنْ وَجْهٍ وَاسْمُ الْمَمْلُوكِ يَتَنَاوَلُ الْأَنْفُسِ دُونَ الْأَعْضَاءِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ مُنْفَرِدًا وَلَا يُجْزِئُ عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ فَلَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَلَهُ حَمْلٌ أُوصِيَ لَهُ بِهِ دُونَ أُمِّهِ أَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي ذَكَرٍ فَهُوَ حُرٌّ وَلَهُ جَارِيَةٌ حَامِلٌ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت مَمْلُوكَيْنِ فَهُمَا حُرَّانِ فَاشْتَرَى جَارِيَةً حَامِلًا فَإِنَّ الْحَمْلَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ لَا يَعْتِقُ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَا تَعْتِقُ الْأُمُّ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا لِتَقْيِيدِهِ بِالذُّكُورَةِ وَلَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ شِرَاءُ مَمْلُوكَيْنِ وَالْحَمْلُ لَا يُسَمَّى مَمْلُوكًا عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِلْحَامِلِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي غَيْرَك حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ الْحَمْلُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالصُّوَرِ الْأَرْبَعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَلَهُ جَارِيَةٌ حَامِلَةٌ فَإِنَّ الْحَامِلَ تَدْخُلُ فَيَعْتِقُ الْحَمْلُ تَبَعًا لَهَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَفْظَ مَمْلُوكٍ إمَّا لِذَاتٍ مُتَّصِفَةٍ بِالْمَمْلُوكَةِ وَقَيْدُ التَّذْكِيرِ لَيْسَ جُزْءَ الْمَفْهُومِ، وَإِذَا كَانَ التَّأْنِيثُ جُزْءَ مَفْهُومِ مَمْلُوكَةٍ فَيَكُونُ مَمْلُوكٌ أَعَمَّ مِنْ مَمْلُوكَةٍ فَالثَّابِتُ فِيهِ عَدَمُ الدَّلَالَةِ عَلَى التَّأْنِيثِ لَا الدَّلَالَةُ عَلَى عَدَمِ التَّأْنِيثِ، وَإِمَّا أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ اسْتَمَرَّ فِيهِ عَلَى الْأَعَمِّيَّةِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ كَذَلِكَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَيَّدَ بِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْحَمْلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْعَبِيدَ، وَلَوْ مَرْهُونِينَ أَوْ مَأْذُونِينَ أَوْ مَأْجُورِينَ وَالْإِمَاءَ وَإِنْ كُنَّ حَوَامِلَ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادَهُمَا وَالْمُدَبَّرَ وَالْمُدَبَّرَةَ، وَلَوْ نَوَى الذُّكُورَ فَقَطْ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً مَعَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى أَنَّ جَمْعَ الذُّكُورِ يَعُمُّ النِّسَاءَ حَقِيقَةً وَضْعًا، وَفِي الذَّخِيرَةِ قَالَ مَمَالِيكِي كُلُّهُمْ أَحْرَارٌ وَنَوَى الرِّجَالَ دُونَ النِّسَاءِ لَمْ يَذْكُرْهُ وَقَالُوا لَا يُصَدَّقُ دِيَانَةً بِخِلَافِ قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي، وَنَوَى التَّخْصِيصَ يُصَدَّقُ دِيَانَةً اهـ.
فَإِنْ قُلْتُ: مَا الْفَرْقُ وَفِي الْوَجْهَيْنِ نِيَّةُ تَخْصِيصِ الْعَالِمِ فَالْجَوَابُ أَنَّ كُلَّهُمْ تَأْكِيدٌ لِلْعَامِّ قَبْلَهُ وَهُوَ مَمَالِيكِي؛ لِأَنَّهُ جَمْعٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ وَهُوَ يَرْفَعُ احْتِمَالَ الْمَجَازِ غَالِبًا وَالتَّخْصِيصُ يُوجِبُ الْمَجَازَ فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي فَإِنَّ الثَّابِتَ بِهِ أَصْلُ الْعُمُومِ فَقَطْ فَقُبِلَ التَّخْصِيصُ وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ لَمْ أَنْوِ الْمُدَبَّرِينَ قِيلَ لَمْ يُدَنْ قَضَاءً وَدِيَانَةً، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ دِيَانَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَخْصِيصُ الْعَامِّ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ فَإِنَّ الْخُصُوصَ لَا يَمْتَازُ عَنْ الْعَامِّ إلَّا بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ التَّخْصِيصُ فِي حَقِّ الْوَصْفِ مَا أَمْكَنَ تَخْصِيصُ عَامٍّ أَبَدًا. اهـ.
وَأَشَارَ بِعَدَمِ تَنَاوُلِهِ لِلْحَمْلِ إلَى أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ مَا لَمْ يَكُنْ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَلَهُ جَارِيَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَرِدُ عَلَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ أَنَّ الْحَمْلَ إنَّمَا عَتَقَ تَبَعًا لَا بِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ.
مَمْلُوكًا عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَا يَتَنَاوَلُ الْمُكَاتَبَ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ مِنْ وَجْهٍ إذْ هُوَ حُرٌّ يَدًا وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ لَفْظِ الْعَبْدِ أَيْضًا وَلَا يَتَنَاوَلُ الْمُشْتَرَكَ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَلَا عَبِيدَ عَبْدِهِ التَّاجِرِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ عَتَقُوا نَوَاهُمْ أَوْ لَا عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَتَقُوا إذَا نَوَاهُمْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَعْتِقُوا وَإِنْ نَوَاهُمْ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالنِّهَايَةِ وَغَيْرِهِمَا وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْمُجْتَبَى مِنْ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ وَالْمَأْذُونُ فِي التِّجَارَةِ سَبْقُ قَلَمٍ، وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ الْمُشْتَرَكَ إلَّا إذَا مَلَكَ النِّصْفَ الْآخَرَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ فَيَقُولُهُ إنْ مَلَكْت مَمْلُوكًا فَهُوَ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ الشَّرْطُ وَهُوَ مَمْلُوكٌ كَامِلٌ فَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ، ثُمَّ اشْتَرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ لَمْ يَعْتِقْ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ فِي مِلْكِهِ مَمْلُوكٌ كَامِلٌ بِخِلَافِ إنْ مَلَكْت هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ فَمَلَكَ نِصْفَهُ، ثُمَّ بَاعَهُ، ثُمَّ مَلَكَ النِّصْفَ الثَّانِيَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ النِّصْفُ الَّذِي فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ حَالَةَ تَعْيِينِ الْمَمْلُوكِ يُرَادُ بِهِ الْمِلْكُ فِيهِ مُطْلَقًا لَا مُجْتَمِعًا اهـ.
(قَوْلُهُ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي أَوْ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ أَوْ بَعْدَ مَوْتَى يَتَنَاوَلُ مَنْ مَلَكَهُ مُنْذُ حَلَفَ فَقَطْ) لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي لِلْحَالِ، وَكَذَا كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِعَ لِلْحَالِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فَمَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْيَمِينِ يَصِيرُ حُرًّا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَعْدَ غَدٍ وَفِي قَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتَى يَصِيرُ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْيَمِينِ مُدَبَّرًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَا يَعْتِقُ مَنْ اشْتَرَاهُ بَعْدَ الْيَمِينِ فِي التَّقَيُّدِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتَى قَيَّدَ بِكَوْنِ الظَّرْفِ ظَرْفًا لِلْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَهُ ظَرْفًا لِلْمِلْكِ كَمَا إذَا قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ غَدًا فَهُوَ حُرٌّ وَلَا نِيَّةَ لَهُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ يَعْتِقُ كُلُّ مَنْ مَلَكَهُ فِي غَدٍ وَمَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ قَبْلَهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَعْتِقُ إلَّا مَنْ اسْتَفَادَ مِلْكَهُ فِي غَدٍ وَلَا يَعْتِقُ مَنْ جَاءَ غَدٌ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ رَأْسَ شَهْرِ كَذَا فَهُوَ حُرٌّ وَرَأْسُ الشَّهْرِ اللَّيْلَةُ الَّتِي يُهِلُّ فِيهَا الْهِلَالُ وَمِنْ الْغَدِ إلَى اللَّيْلِ لِلْعُرْفِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَنْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَهُوَ حُرٌّ قَالَ لَيْسَ هَذَا عَلَى مَا فِي مِلْكِهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ، فَأَمَّا إذَا قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ إذَا جَاءَ غَدٌ فَهُوَ حُرٌّ فَهَذَا عَلَى مَا فِي مِلْكِهِ فِي قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَجِيءَ الْغَدِ شَرْطًا لِثُبُوتِ الْعِتْقِ لَا غَيْرُ فَيَعْتِقُ مَنْ فِي مِلْكِهِ، وَلَكِنْ عِنْدَ مَجِيءِ الْغَدِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
(قَوْلُهُ: وَبِمَوْتِهِ عَتَقَ مَنْ مَلَكَهُ بَعْدَهُ مِنْ ثُلُثِهِ أَيْضًا) أَيْ بِمَوْتِ الْمَوْلَى يَعْتِقُ مَنْ مَلَكَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي أَوْ أَمْلِكُهُ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ كَمَا يَعْتِقُ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ لِلْحَالِ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْيَمِينِ مُدَبَّرٌ مُطْلَقٌ وَمَنْ مَلَكَهُ بَعْدَهَا، فَلَيْسَ بِمُدَبَّرٍ مُطْلَقٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ فَيَعْتِقَانِ بِمَوْتِ الْمَوْلَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَعْتِقُ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ وَلَا يَعْتِقُ مَا اسْتَفَادَهُ بَعْدَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ حَقِيقَةٌ لِلْحَالِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَلَا يَعْتِقُ بِهِ مَا سَيَمْلِكُهُ، وَلِهَذَا صَارَ هُوَ مُدَبَّرًا دُونَ الْآخَرِ وَلَهُمَا أَنَّ هَذَا إيجَابُ عِتْقٍ وَإِيصَاءٌ حَتَّى اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ وَفِي الْوَصَايَا تُعْتَبَرُ الْحَالَةُ الْمُنْتَظَرَةُ وَالْحَالَةُ الرَّاهِنَةُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ مَا يَسْتَفِيدُهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَفِي الْوَصِيَّةِ لِأَوْلَادِ فُلَانٍ مَنْ يُولَدُ لَهُ بَعْدَهَا وَالْإِيجَابُ إنَّمَا يَصِحُّ مُضَافًا إلَى الْمِلْكِ أَوْ إلَى سَبَبِهِ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ إيجَابُ الْعِتْقِ يَتَنَاوَلُ الْعَبْدَ الْمَمْلُوكَ اعْتِبَارًا لِلْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ فَيَصِيرُ مُدَبَّرًا حَتَّى لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ إيصَاءٌ يَتَنَاوَلُ الَّذِي يَشْتَرِيهِ اعْتِبَارًا لِلْحَالَةِ الْمُتَرَبِّصَةِ وَهِيَ حَالَةُ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْمَوْتِ حَالَةُ التَّمْلِيكِ اسْتِقْبَالٌ مَحْضٌ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ اللَّفْظِ.
وَعِنْدَ الْمَوْتِ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ بِخِلَافِ قَوْلِهِ بَعْدَ غَدٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ وَاحِدٌ وَهُوَ إيجَابُ الْعِتْقِ وَلَيْسَ فِيهِ إيصَاءٌ وَالْحَالَةُ مَحْضُ اسْتِقْبَالٍ فَافْتَرَقَا وَلَا يُقَالُ إنَّكُمْ جَمَعْتُمْ بَيْنَ الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ نَعَمْ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْمُجْتَبَى إلَخْ) أَقُولُ: الَّذِي رَأَيْته فِي الْمُجْتَبَى وَلَا يَدْخُلُ الْعَبْدُ الْمُشْتَرَكُ وَالْعَبْدُ الْمَوْهُوبُ وَالْمَأْذُونُ فِي التِّجَارَةِ يَعْتِقُ اهـ.
فَقَوْلُهُ وَالْعَبْدُ الْمَوْهُوبُ بِالْوَاوِ وَالْبَاءِ آخِرَهُ مِنْ الْهِبَةِ لَا الْمَرْهُونُ مِنْ الرَّهْنِ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا هُنَا، وَقَوْلُهُ وَالْمَأْذُونُ فِي التِّجَارَةِ يَعْتِقُ مُوَافِقٌ لِمَا هُنَا أَيْضًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ نُسْخَةَ الْمُجْتَبَى الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا الْمُؤَلِّفُ مُحَرَّفَةٌ.