الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي ضِمْنِهِ وَالْإِرْثُ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ النَّحْرِ، وَأَمَّا مَا فِي الْمَبْسُوطِ مَنْ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْيِ تُقْبَلُ فِي الشُّرُوطِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ لَمْ تَدْخُلْ الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْت حُرٌّ فَشَهِدَا أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا قُبِلَتْ وَيُقْضَى بِعِتْقِهِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ الشُّرُوطِ فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهَا قَامَتْ بِأَمْرٍ ثَابِتٍ مُعَايَنٍ، وَهُوَ كَوْنُهُ خَارِجًا فَيَثْبُتُ النَّفْيُ ضِمْنًا وَتَعَقَّبَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْعَبْدَ كَمَا لَا حَقَّ لَهُ فِي التَّضْحِيَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ هِيَ شَرْطُ الْعِتْقِ فَلَمْ تَصِحَّ الشَّهَادَةُ بِهَا كَذَلِكَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الشَّرْطَ بَلْ عَدَمُ الدُّخُولِ كَعَدَمِ الْحَجِّ فِي مَسْأَلَتِنَا فَلَمَّا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مِمَّا هُوَ وَجُودِيٌّ مُتَضَمِّنٌ لِلْمُدَّعَى بِهِ مِنْ النَّفْيِ الْمَجْعُولِ شَرْطًا قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَّعًى بِهِ لِتَضَمُّنِهِ الْمُدَّعَى بِهِ كَذَلِكَ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَةِ التَّضْحِيَةِ الْمُتَضَمَّنَةِ لِنَفْيِ الْمُدَّعَى بِهِ فَقَوْلُ مُحَمَّدٍ رحمه الله أَوْجَهٌ. اهـ.
فَإِنْ قُلْتُ: إنَّ عَدَمَ الدُّخُولِ هُوَ الْخُرُوجُ لِأَنَّهُ لَا وَاسِطَةَ فَلَهُ حَقُّ الْخُرُوجِ قُلْتُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ الْخُرُوجُ؛ لِأَنَّهُ الِانْفِصَالُ مِنْ الدَّاخِلِ إلَى الْخَارِجِ فَإِنْ كَانَ خَارِجًا وَقْتَ الْيَمِينِ وَاسْتَمَرَّ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ، وَلَمْ يَخْرُجْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ، وَهُوَ خَارِجُهَا لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَدْخُلَ ثُمَّ يَخْرُجَ كَمَا قَدَّمْنَا فَلَيْسَ عَدَمُ الدُّخُولِ هُوَ الْخُرُوجُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْيِ الْمَقْصُودِ لَا تُقْبَلُ سَوَاءٌ كَانَ نَفْيًا صُورَةً أَوْ مَعْنًى سَوَاءٌ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ أَوْ لَا وَسَيَأْتِي تَفَارِيعُهُ فِي الشَّهَادَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ (وَحَنِثَ فِي لَا يَصُومُ بِصَوْمِ سَاعَةٍ بِنِيَّةٍ، وَفَّى صَوْمًا أَوْ يَوْمًا بِيَوْمٍ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ فِي الْأَوَّلِ بِإِمْسَاكٍ سَاعَةً إذْ الصَّوْمُ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ عَلَى قَصْدِ التَّقَرُّبِ، وَأَمَّا إذَا حَلَفَ لَا يَصُومُ صَوْمًا أَوْ لَا يَصُومُ يَوْمًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِإِمْسَاكٍ سَاعَةً؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الصَّوْمُ التَّامُّ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا وَذَلِكَ بِإِنْهَائِهِ إلَى آخَرِ الْيَوْمِ وَالْيَوْمُ صَرِيحٌ فِي تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ بِهِ، وَلَا يُقَالُ الْمَصْدَرُ مَذْكُورٌ بِذِكْرِ الْفِعْلِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَلِفِهِ لَا يَصُومُ، وَلَا يَصُومُ صَوْمًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ فِي الْأَوَّلِ إلَّا بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الثَّابِتُ فِي ضِمْنِ الْفِعْلِ ضَرُورِيٌّ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي غَيْرِ تَحْقِيقِ الْفِعْلِ بِخِلَافِ الصَّرِيحِ؛ لِأَنَّهُ اخْتِيَارِيٌّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُطْلَقِ فَيُوجِبُ الْكَمَالَ قَيَّدَ بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَصُومُ مِنْ هَذَا الْيَوْمِ، وَكَانَ بَعْدَ أَنْ أَكَلَ أَوْ بَعْدَ الزَّوَالَ صَحَّتْ الْيَمِينُ وَطَلُقَتْ فِي الْحَالِ مَعَ أَنَّهُ مَقْرُونٌ بِذِكْرِ الْيَوْمِ، وَلَا كَمَالَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَعْتَمِدُ التَّصَوُّرَ، وَالصَّوْمُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالْأَكْلُ مُتَصَوَّرٌ كَمَا فِي صُورَةِ النَّاسِي، وَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تُصَلِّ الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ فَحَاضَتْ مِنْ سَاعَتِهَا أَوْ بَعْدَمَا صَلَّتْ رَكْعَةً صَحَّتْ الْيَمِينُ وَطَلُقَتْ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ دَوْرَ الدَّمِ لَا يَمْنَعُ كَمَا فِي الِاسْتِحَاضَةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْفِعْلِ، وَهُوَ الْمَاءُ غَيْرُ قَائِمٍ أَصْلًا فَلَا يُتَصَوَّرُ بِوَجْهٍ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَلَى قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ التَّصَوُّرَ شَرْعًا مُنْتَفٍ، وَكَوْنُهُ مُمْكِنًا فِي صُورَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ صُورَةُ النِّسْيَانِ وَالِاسْتِحَاضَةِ لَا يُفِيدُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَانَ فِي صُورَةِ الْحَلِفِ مُسْتَحِيلًا شَرْعًا لَا يُتَصَوَّرُ الْفِعْلُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ إلَّا عَلَى الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ الشَّرْعِيِّينَ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا يَنْعَقِدَانِ ثُمَّ يَحْنَثُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ التُّمُرْتَاشِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ فَهُوَ عَلَى الْجَائِزِ؛ لِأَنَّهُ لِتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِالْفَاسِدِ إلَّا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ فِي الْمَاضِي وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ حَنَّثَهُ بَعْدَمَا قَالَ ثُمَّ أَفْطَرَ مِنْ يَوْمِهِ لَكِنْ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهَا نَصُّ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. اهـ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الْحِنْثِ فِيمَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تُصَلِّ الْفَجْرَ غَدًا فَأَنْتِ كَذَا فَحَاضَتْ بُكْرَةً وَنَقَلْنَاهُ عَنْ الْمُنْتَقَى فَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِبَحْثِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهَمَّامِ
ــ
[منحة الخالق]
[قَوْلُهُ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ بِالْكُوفَةِ]
قَوْلُهُ: وَتَعَقَّبَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَخْ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ الرَّمْزِ أَقُولُ: الشَّهَادَةُ بِعَدَمِ الدُّخُولِ أُوِّلَتْ بِالْخُرُوجِ الَّذِي هُوَ وَجُودِيٌّ صُورَةً، فِي الْحَقِيقَةِ الْمَقْصُودُ أَنَّ الْخُرُوجَ يُمْكِنُ الْإِحَاطَةُ بِهِ بِلَا رَيْبٍ بِأَنْ يُشَاهِدَ الْعَبْدُ خَارِجَ الدَّارِ فِي جَمِيعِ الْيَوْمِ فَهِيَ نَفْيٌ مَحْصُورٌ بِخِلَافِ التَّضْحِيَةِ بِالْكُوفَةِ لَيْسَتْ ضِدًّا لِلْحَجِّ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَرَامَةً لَهُ، وَهِيَ جَائِزَةٌ كَمَا قَالُوا فِي الْمَشْرِقِيِّ وَالْمَغْرِبِيَّةِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَالصَّوْمُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالْأَكْلُ مُتَصَوَّرٌ كَمَا فِي صُورَةِ النَّاسِي) قَالَ فِي النَّهْرِ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ تَصَوُّرَهُ فِيمَا إذَا حَلَفَ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي النَّاسِي الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ مَمْنُوعٌ. اهـ.
أَيْ فِي النَّاسِي لِلنِّيَّةِ لَكِنْ قَرَّرَ فِي الذَّخِيرَةِ التَّصَوُّرَ فِي غَيْرِ النَّاسِي فَقَالَ قُلْنَا الصَّوْمُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَبَعْدَ الْأَكْلِ مُتَصَوَّرٌ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ شَرَعَ الصَّوْمَ بَعْدَهُمَا لَا يَكُونُ مُسْتَحِيلًا أَلَا تَرَى كَيْفَ شَرَعَهُ بَعْدَ الْأَكْلِ نَاسِيًا، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ مَعَ الْحَيْضِ مُتَصَوَّرٌ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ لَيْسَ إلَّا دُرُورُ الدَّمِ، وَأَنَّهُ لَا يُنَافِي شَرْعِيَّةَ الصَّلَاةِ أَلَا تَرَى أَنَّ فِي حَقِّ الْمُسْتَحَاضَةِ، وَمَنْ بِمَعْنَاهَا الصَّلَاةُ مَشْرُوعَةٌ وَشَرْطُ إقَامَةِ الدَّلِيلِ مَقَامَ الْمَدْلُولِ التَّصَوُّرُ لَا الْوُجُودُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ. اهـ. مُخَلَّصًا.
وَتَمَامُ الْكَلَامِ مَبْسُوطٌ فِيهَا وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ كَمَا فِي صُورَةِ النَّاسِي تَنْظِيرٌ لَا تَمْثِيلٌ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا أَوْرَدَهُ فِي النَّهْرِ كَمَا لَا يَخْفَى وَيَحْصُلُ الْجَوَابُ بِذَلِكَ عَنْ إشْكَالِ ابْنِ الْهُمَامِ أَيْضًا
وَالْمُرَادُ بِالْبُكْرَةِ، وَقْتُ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ كَمَا لَا يَخْفَى فَحِينَئِذٍ لَا يَحْنَثُ فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ لَكِنْ جَزَمَ فِي الْمُحِيطِ بِالْحِنْثِ فِيهِمَا، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ بَعْدَمَا ذَكَرَ الْحِنْثَ قِيلَ هَذَا الْجَوَابُ يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلَا يَسْتَقِيمُ أَصْلُهُ مَسْأَلَةُ الْكُوزِ، وَقِيلَ لَا بَلْ هَذَا الْجَوَابُ مُسْتَقِيمٌ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ وَذَكَرَ أَبُو الْفَضْلِ فِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلًا فَقَالَ إنْ كَانَتْ أَطَالَتْ الصَّلَاةَ بِحَيْثُ لَوْلَا إطَالَتُهَا إيَّاهَا أَمْكَنَهَا أَدَاؤُهَا حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا هَذِهِ الْإِطَالَةُ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا أَنَّ الصَّحِيحَ مَا قُلْنَا إنَّهُ يَحْنَثُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تَعْتَمِدُ الصِّحَّةَ لَكِنَّهَا تَعْتَمِدُ الْإِمْكَانَ وَالتَّصَوُّرَ، وَأَنَّهُ ثَابِتٌ هَاهُنَا. اهـ.
وَفِيهِ أَيْضًا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَصُمْ شَهْرًا فَعَبْدِي حُرٌّ لَا يَنْصَرِفُ إلَى شَهْرٍ يَلِيه بَلْ يَنْصَرِفُ إلَى شَهْرٍ فِي عُمُرِهِ بِخِلَافِ إنْ لَمْ أُسَاكِنْك شَهْرًا، وَإِنْ لَمْ آتِ الْبَصْرَةَ شَهْرًا يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَلِيهِ، وَلَا يَحْنَثُ حَتَّى يَتْرُكَهُ شَهْرًا مِنْ حِينِ حَلَفَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّفْيَ مُعْتَبَرٌ بِالْإِثْبَاتِ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ تُعْرَفُ بِأَضْدَادِهَا، وَفِي الْإِثْبَاتِ لَوْ قَالَ إنْ صُمْتُ شَهْرًا فَعَبْدِي حُرٌّ تَعَلَّقَ الْحِنْثُ بِصَوْمِ شَهْرٍ، وَلَا يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَلِيه فَكَذَلِكَ فِي النَّفْيِ تَعَلَّقَ الْحِنْثُ بِتَرْكِ الصَّوْمِ فِي شَهْرٍ، وَلَا يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَلِيه فَذَكَرَ الْوَقْتَ فِيهِ لِتَقْدِيرِ الصَّوْمِ بِهِ بِخِلَافِ الْمُسَاكَنَةِ وَالضَّرْبِ وَالْإِتْيَانِ وَنَحْوِهِ مَا ذُكِرَ الْوَقْتُ لِتَقْدِيرِ الْفِعْلِ بِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِتَقْدِيرِ الْيَمِينِ فَتَقَيَّدَتْ بِالشَّهْرِ الَّذِي يَلِيهِ. وَلَوْ قَالَ إنْ تَرَكْت الصَّوْمَ شَهْرًا يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَلِيه، وَإِنْ صَامَ يَوْمًا قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ قَالَ إنْ تَرَكْت صَوْمَ شَهْرٍ أَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَصُمْ شَهْرًا أَوْ قَالَ إنْ صُمْتُ شَهْرًا انْصَرَفَ إلَى جَمِيعِ الْعُمْرِ وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَفِي حِيَلِ الْوَلْوَالِجيَّةِ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنْ لَا يَصُومَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يُسَافِرَ، وَلَا يَصُومَ.
(قَوْلُهُ: وَفِي لَا يُصَلِّي بِرَكْعَةٍ وَفِي صَلَاةٍ بِشَفْعٍ) أَيْ لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي حَنِثَ إذَا صَلَّى رَكْعَةً، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً لَا يَحْنَثُ إلَّا بِصَلَاةِ شَفْعٍ، وَالْقِيَاسُ فِي الْأَوَّلِ أَنْ يَحْنَثَ بِالِافْتِتَاحِ اعْتِبَارًا بِالشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الصَّلَاةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَرْكَانِ الْمُخْتَلِفَةِ فَمَا لَمْ يَأْتِ بِجَمِيعِهَا لَا تُسَمَّى صَلَاةً بِخِلَافِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْإِمْسَاكُ وَيَتَكَرَّرُ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَالْمُرَادُ بِهَا الصَّلَاةُ الْمُعْتَبَرَةُ شَرْعًا، وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ لِلنَّهْيِ عَنْ الْبُتَيْرَاءِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ فِي الْأُولَى بِأَنَّهُ إذَا سَجَدَ ثُمَّ قَطَعَ حَنِثَ وَيَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ حَلَفَ لَا يُصَلِّي يَقَعُ عَلَى الْجَائِزَةِ فَلَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدَةِ إلَّا إذَا كَانَ الْيَمِينُ فِي الْمَاضِي إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْفَاسِدَةِ أَنْ تَكُونَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَيَكُونَ مَا فِي الذَّخِيرَةِ بَيَانًا لَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَصَلَّى صَلَاةً فَاسِدَةً بِأَنْ صَلَّى بِغَيْرِ طَهَارَةٍ مَثَلًا لَا يَحْنَثُ اسْتِحْسَانًا.
وَلَوْ نَوَى الْفَاسِدَةَ يَصْدُقُ دِيَانَةً، وَقَضَاءً، وَمَعَ هَذَا يَحْنَثُ بِالصَّحِيحَةِ أَيْضًا إلَى آخِرِهِ فَظَهَرَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَاسِدَةِ بِهِيَ الَّتِي لَا يُوصَفُ مِنْهَا شَيْءٌ بِوَصْفِ الصِّحَّةِ فِي وَقْتٍ بِأَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الشُّرُوعِ غَيْرَ صَحِيحٍ، وَأَوْرَدَ أَنَّ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ الْقَعْدَةَ، وَلَيْسَتْ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَحْنَثَ بِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَعْدَةَ مَوْجُودَةٌ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ السَّجْدَةِ، وَهَذَا أَوَّلًا مَبْنِيٌّ عَلَى تَوَقُّفِ الْحِنْثِ عَلَى الرَّفْعِ مِنْهَا، وَفِيهِ خِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ تَفَرَّعَ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي ذَلِكَ وَالْأَوْجَهُ أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ لِتَمَامِ حَقِيقَةِ السُّجُودِ بِوَضْعِ بَعْضِ الْوَجْهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَلَوْ سَلَّمَ فَلَيْسَتْ تِلْكَ الْقَعْدَةُ هِيَ الرُّكْنُ، وَالْأَرْكَانُ الْحَقِيقِيَّةُ هِيَ الْخَمْسَةُ وَالْقَعْدَةُ رُكْنٌ زَائِدٌ عَلَى مَا تَحَرَّرَ، وَإِنَّمَا وَجَبَ لِلْخَتْمِ فَلَا تُعْتَبَرُ رُكْنًا فِي حَقِّ الْحِنْثِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْأَرْكَانَ الْأَصْلِيَّةَ ثَلَاثَةٌ الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ فَرُكْنٌ زَائِدٌ، وَالتَّحْرِيمَةُ شَرْطٌ، وَلِذَا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَقَامَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ، وَلَمْ يَقْرَأْ فَقَدْ قِيلَ لَا يَحْنَثُ وَقَدْ قِيلَ يَحْنَثُ، وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْبُتَيْرَاءِ مَانِعٌ لِصِحَّةِ الرَّكْعَةِ لَوْ فَعَلَتْ وَالْبُتَيْرَاءُ تَصْغِيرٌ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَإِنْ صَامَ يَوْمًا قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ لَمْ يَحْنَثْ) ؛ لِأَنَّهُ بِصَوْمِهِ الْيَوْمَ لَمْ يَتْرُكْ الصَّوْمَ شَهْرًا فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْحِنْثِ، وَهُوَ تَرْكُهُ الصَّوْمَ شَهْرًا.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْفَاسِدَةِ أَنْ تَكُونَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ إلَخْ) قَالَ تِلْمِيذُهُ فِي الْمِنَحِ أَقُولُ: لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا بَلْ الْجَوَابُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الصَّوْمِ مِنْ أَنَّ قَوْلَ التُّمُرْتَاشِيِّ لَا يُعَارِضُ مَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ) أَيْ عَلَى رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ السَّجْدَةِ، وَقَوْلُهُ لِتَمَامِ إلَخْ عِلَّةٌ لِلْأَوْجَهِيَّةِ
الْبَتْرَاءُ تَأْنِيثُ الْأَبْتَرِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَقْطُوعُ الذَّنَبِ ثُمَّ صَارَ يُقَالُ لِلنَّاقِصِ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ إلَى فَرْعٍ مَذْكُورٍ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ صَلَّيْت رَكْعَةً فَأَنْت حُرٌّ فَصَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ تَكَلَّمَ لَا يَعْتِقُ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ عَتَقَ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ الْأُولَى مَا صَلَّى رَكْعَةً؛ لِأَنَّهَا بُتَيْرَاءُ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً فَهَلْ يَتَوَقَّفُ حِنْثُهُ عَلَى قُعُودِهِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ إنْ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مُجَرَّدِ الْفِعْلِ، وَهُوَ إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً لَا يَحْنَثُ قَبْلَ الْقَعْدَةِ، وَإِنْ عَقَدَهَا عَلَى الْفَرْضِ، وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْمُثْنَى فَكَذَلِكَ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَقْعُدَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ يَحْنَثُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَتَشَهَّدَ بَعْدَ الْأَرْبَعِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِيهَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي خَلْفَ فُلَانٍ فَأَمَّهُ فُلَانٌ، وَقَامَ الْحَالِفُ عَنْ يَمِينِهِ حَنِثَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ.
وَإِنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ حَلِفُهُ لَمْ يَدِينَ فِي الْقَضَاءِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ قَالَ لَا أُصَلِّي مَعَك فَصَلَّيَا خَلْفَ إمَامٍ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا غَيْرُهُمَا، وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا فَشَرَعَ فِي الصَّلَاةِ وَنَوَى أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا فَجَاءَ قَوْمٌ وَاقْتَدُوا بِهِ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ أَمَّهُمْ، وَقَصْدُهُ أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا أَمْرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا نَوَى ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ دِيَانَةً وَإِنْ أَشْهَدَ الْحَالِفُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ يُصَلِّي صَلَاةَ نَفْسِهِ، وَلَا يَؤُمُّ أَحَدًا لَا يَحْنَثُ قَضَاءً وَدِيَانَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ صَلَّى هَذَا الْحَالِفُ بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ أَمَّ النَّاسَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ يَمِينَهُ انْصَرَفَتْ إلَى الصَّلَاةِ الْمُطْلَقَةِ، وَلَوْ أَمَّهُمْ فِي النَّافِلَةِ حَنِثَ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِمَامَةُ فِي النَّوَافِلِ مَنْهِيًّا عَنْهَا، وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّهُ إذَا نَوَى أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا فَصَلَّى خَلْفَهُ رَجُلَانِ جَازَتْ صَلَاتُهُمَا، وَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ أَنْ يَقْصِدَ الْإِمَامَةَ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ خَلْفَ فُلَانٍ أَوْ قَالَ مَعَ فُلَانٍ فَكَبَّرَ مَعَهُ ثُمَّ أَحْدَثَ فَذَهَبَ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ عَادَ بَعْدَمَا خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ الصَّلَاةِ فَأَتَمَّ بِصَلَاتِهِ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ أَنَّهُ كَبَّرَ مَعَ فُلَانٍ وَنَامَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى حَتَّى فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ ثُمَّ انْتَبَهَ فَاتَّبَعَهُ وَصَلَّى تَمَامَ صَلَاتِهِ مَعَهُ حَنِثَ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الْجُمُعَةَ مَعَ فُلَانٍ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ فَقَدَّمَ الْحَالِفَ فَصَلَّى بِهِمْ الْجُمُعَةَ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ بِصَلَاةِ فُلَانٍ فَدَخَلَ مَعَهُ فِي الظُّهْرِ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَمَا صَلَّى ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فَتَقَدَّمَ الْحَالِفُ فَصَلَّى الْحَالِفُ مَا بَقِيَ وَسَلَّمَ فَقَدْ صَلَّى الظُّهْرَ بِصَلَاةِ فُلَانٍ، وَهُوَ حَانِثٌ، وَكَذَا لَوْ أَدْرَكَ مَعَهُ مِنْهَا رَكْعَةً وَصَلَّى مَا بَقِيَ فَقَدْ صَلَّى بِصَلَاتِهِ فَيَكُونُ حَانِثًا، وَلَوْ حَلَفَ لَيُصَلِّيَنَّ هَذَا الْيَوْمَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِالْجَمَاعَةِ وَيُجَامِعُ امْرَأَتَهُ، وَلَا يَغْتَسِلُ سُئِلَ الْإِمَامُ ابْنُ الْفَضْلِ عَنْ هَذَا فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ الْفَجْرَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِالْجَمَاعَةِ ثُمَّ يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ إنْ عَقَدَ إلَى قَوْلِهِ لَا يَحْنَثُ قَبْلَ الْقَعْدَةِ) مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مُجَرَّدِ الْفِعْلِ، وَهُوَ إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً يَحْنَثُ قَبْلَ الْقَعْدَةِ لِمَا ذَكَرْته. اهـ.
وَهَكَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي النَّهْرِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْعُقْدَةَ رُكْنٌ زَائِدٌ وَجَبَتْ لِلْخَتْمِ فَلَا تُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْحِنْثِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لِمَا ذَكَرْته فَهَذَا اسْتِظْهَارٌ مِنْهُ لِخِلَافِ مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ لَا سَقَطَتْ مِنْ عِبَارَةِ النَّهْرِ، وَقَدْ رَاجَعْت عِبَارَةَ الظَّهِيرِيَّةِ فَرَأَيْتهَا مُوَافِقَةً لِمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَتَشَهَّدَ بَعْدَ الْأَرْبَعِ، وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي الْفَجْرَ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَتَشَهَّدَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي الْمَغْرِبَ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَتَشَهَّدَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَقَدَهَا عَلَى الْفَرْضِ إلَخْ) تَوَقَّفَ فِي حَوَاشِي مِسْكِينٍ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بَعْدَهُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ إلَخْ ثُمَّ قَالَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ عَقَدَهَا إلَخْ أَيْ نَوَى بِحَلِفِهِ لَا يُصَلِّي صَلَاةَ خُصُوصِ الْفَرْضِ أَوْ صَرَّحَ بِهِ فِي يَمِينِهِ بِأَنْ قَالَ لَا أُصَلِّي صَلَاةً مَفْرُوضَةً فَلِهَذَا يَحْنَثُ إذَا صَلَّى مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ، وَلَوْ قَبْلَ الْقُعُودِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ فَوَضَحَ الْفَرْقُ. اهـ. وَيَحْتَاجُ إلَى التَّأَمُّلِ فِي وَجْهِهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَشْهَدَ الْحَالِفُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ مَا فِي الْجُمُعَةِ لَا يُعْتَبَرُ الْإِشْهَادُ وَتُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ فَإِذَا لَمْ يَنْوِ إمَامَةَ أَحَدٍ بَلْ نَوَى فِيهَا الصَّلَاةَ لِنَفْسِهِ جَازَتْ الْجُمُعَةُ لَهُ، وَلَهُمْ فِي الِاسْتِحْسَانِ وَحَنِثَ قَضَاءً لَا دِيَانَةً صَرَّحَ بِهِ الْبَزَّازِيِّ. اهـ.
أَيْ حَنِثَ قَضَاءً أَشْهَدَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ، وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ، وَلَوْ أَشْهَدَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ أَنْ يُصَلِّيَ لِنَفْسِهِ لَمْ يَحْنَثْ دِيَانَةً، وَلَا قَضَاءً (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمَّ النَّاسِي فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ لَا يَحْنَثُ إلَخْ) هَذَا النَّقْلُ مَعَ التَّعْلِيلِ يَدْفَعُ مَا بَحَثَهُ فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ وَيَنْبَغِي إذَا أَمَّهُمْ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَنْ يَكُونَ كَالْأَوَّلِ إنْ أَشْهَدَ صُدِّقَ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَفِي الدِّيَانَةِ (قَوْلُهُ: فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ الْفَجْرَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِالْجَمَاعَةِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْيَوْمِ بَقِيَّةَ النَّهَارِ إلَى الْغُرُوبِ فَكَيْفَ يَبَرُّ بِثَلَاثِ صَلَوَاتٍ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ مَا يَشْمَلُ اللَّيْلَةَ بِقَرِينَةِ الْخَمْسِ صَلَوَاتٍ فَمَا الْحَاجَةُ إلَى مُجَامَعَتِهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ بِالْجَمَاعَةِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْأَلْغَازِ فَتَأَمَّلْ. اهـ.
قُلْتُ: وَلَعَلَّ
يَغْتَسِلُ كَمَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْجَمَاعَةِ وَلَا يَحْنَثُ، وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ، وَقَالَ وَاَللَّهِ مَا أَخَّرْت صَلَاةً عَنْ، وَقْتِهَا، وَقَدْ كَانَ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ خَرَجَ، وَقْتُهَا فَصَلَّاهَا فَقَدْ قِيلَ يَحْنَثُ، وَقَدْ قِيلَ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي بِأَهْلِ هَذَا الْمَسْجِدِ مَا دَامَ فُلَانٌ يُصَلِّي فِيهِ فَمَرِضَ فُلَانٌ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يُصَلِّ أَوْ كَانَ فُلَانٌ صَحِيحًا فَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ فَصَلَّى الْحَالِفُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهِ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَزِيدَ فِيهِ فَصَلَّى فِي مَوْضِعِ الزِّيَادَةِ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ بَنَى فُلَانٌ فَزِيدَ فِيهِ فَصَلَّى فِي مَوْضِعِ الزِّيَادَةِ يَحْنَثُ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ تَرَكْتِ الصَّلَاةَ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَخَّرَتْ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا ثُمَّ قَضَتْهَا هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَقَعُ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الشَّيْخُ الْإِمَامُ سَيْفُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحِيمِ الْكَرْمِينِيُّ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْقَاضِي الْإِمَامُ رُكْنُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَالْأَظْهَرُ.
رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تُصْبِحِي غَدًا، وَلَمْ تُصَلِّي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَصْبَحَتْ وَشَرَعَتْ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَفْتَى شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَأَفْتَى رُكْنُ الْإِسْلَامِ السُّغْدِيُّ رحمه الله هُنَا بِالْوُقُوعِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَإِلَّا بَيَّنَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ قَالَ وَاَللَّهِ مَا صَلَّيْت الْيَوْمَ يَعْنِي بِجَمَاعَةٍ قَالَ يَصْدُقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ مَا صَلَّيْت الْيَوْمَ ظُهْرًا يَعْنِي ظُهْرَ أَمْسِ يَصْدُقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ مَا صَلَّيْت الظُّهْرَ يَعْنِي بِجَمَاعَةٍ قَالَ مُحَمَّدٌ لَمْ يَصْدُقْ عِنْدِي فِي هَذَا، وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ مَا صَلَّيْت ظُهْرًا يَعْنِي ظُهْرَ مُقِيمٍ يَصْدُقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ صَلَّيْت فَأَنْت حُرٌّ فَقَالَ صَلَّيْت، وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ يُمْكِنُ لِغَيْرِهِ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ بِلَا حَرَجٍ. اهـ.
وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْيَمِينَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَنَحْنُ نَذْكُرُ بَعْضَ مَسَائِلِهَا تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَحُجُّ فَهُوَ عَلَى الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ كَمَا فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ قَالَ الْإِمَامُ الصَّفَّارُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فَسَدَ الْحَجُّ أَمْ لَا إذَا وَاقَعَ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ كَذَا ذَكَرَهُ فِي مَنَاسِكِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَحُجُّ أَوْ لَا يَحُجُّ حَجَّةً لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَةَ رَوَاهُ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَرَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَطُوفَ أَكْثَرَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَعْتَمِرُ أَوْ لَا يَعْتَمِرُ عُمْرَةً لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ وَيَطُوفَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ رَوَاهُ بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَإِذَا حَلَفَ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ الرُّعَافِ فَرَعَفَ ثُمَّ بَالَ أَوْ بَالَ ثُمَّ رَعَفَ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَالْوُضُوءُ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَيَحْنَثُ.
وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَغْتَسِلَ مِنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ مِنْ جَنَابَةٍ فَأَصَابَهَا ثُمَّ أَصَابَ أُخْرَى أَوْ أَصَابَ امْرَأَةً أُخْرَى ثُمَّ أَصَابَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا وَاغْتَسَلَ فَهَذَا اغْتِسَالٌ مِنْهُمَا وَيَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إذَا حَلَفَتْ أَنْ لَا تَغْتَسِلَ مِنْ جِنَايَةٍ أَوْ مِنْ حَيْضٍ فَأَصَابَهَا زَوْجُهَا وَحَاضَتْ وَاغْتَسَلَتْ فَهُوَ اغْتِسَالٌ مِنْهُمَا وَتَحْنَثُ فِي يَمِينِهَا وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنْ قَالَ إنْ اغْتَسَلْت مِنْ زَيْنَبَ فَهِيَ طَالِقٌ، وَإِنْ اغْتَسَلْت مِنْ عَمْرَةَ فَهِيَ طَالِقٌ فَجَامَعَ زَيْنَبَ ثُمَّ جَامَعَ عَمْرَةَ وَاغْتَسَلَ فَهَذَا الِاغْتِسَالُ مِنْهُمَا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ إذَا أَجْنَبَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ حَاضَتْ ثُمَّ اغْتَسَلَتْ كَانَ الِاغْتِسَالُ مِنْ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إذَا رَعَفَ ثُمَّ بَالَ فَالْوُضُوءُ يَكُونُ مِنْ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيِّ فَالْحَاصِلُ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيِّ إذَا اجْتَمَعَ الْحَدَثَانِ فَالْوُضُوءُ بَعْدَهُمَا يَكُونُ مِنْ الْأَوَّلِ إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ بِأَنْ بَالَ ثُمَّ بَالَ أَوْ رَعَفَ ثُمَّ رَعَفَ فَالْوُضُوءُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ فَالْوُضُوءُ يَكُونُ مِنْهُمَا، وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ عَبْدُ الْكَرِيمِ كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ الْحَدَثَيْنِ إذَا اسْتَوَيَا فِي الْغِلَظِ وَالْخِفَّةِ، وَمَتَى كَانَ أَحَدُهُمَا أَغْلَظُ
ــ
[منحة الخالق]
وَجْهَهُ أَنَّ يَمِينَهُ بِظَاهِرِهَا مَعْقُودَةٌ عَلَى بَقِيَّةِ النَّهَارِ وَبِذِكْرِهِ الْخَمْسَ صَلَوَاتٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ مَا يَشْمَلُ اللَّيْلَةَ فَإِذَا جَامَعَ فِي النَّهَارِ وَاغْتَسَلَ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ حِنْثِهِ يَقِينًا بِخِلَافِ مَا إذَا جَامَعَ لَيْلًا وَاغْتَسَلَ فَإِنَّهُ قَدْ وُجِدَ شَرْطُ الْحِنْثِ يَقِينًا عَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ؛ لِأَنَّهُ فِي النَّهَارِ لَمْ يُجَامِعْ، وَفِي اللَّيْلِ اغْتَسَلَ، وَقَدْ حَلَفَ أَنَّهُ يُجَامِعُ وَلَا يَغْتَسِلُ، وَلِذَا عَبَّرَ بِقَوْلِهِ يَنْبَغِي؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْ، وَلَعَلَّ فَائِدَةَ التَّقْيِيدِ بِالْجَمَاعَةِ لِيُفِيدَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَوَاتِ هُوَ الْمَكْتُوبَاتُ الْخَمْسُ تَأَمَّلْ
فَالْوُضُوءُ مِنْ أَغْلَظِهِمَا، وَقَدْ وَجَدْنَا الرِّوَايَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْوُضُوءَ يَكُونُ مِنْهُمَا فَرَجَعْنَا إلَى قَوْلِهِ وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي تَأْسِيسِ النَّظَائِرِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَجْنَبَتْ ثُمَّ حَاضَتْ فَاغْتَسَلَتْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَكُونُ الْغُسْلُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَكُونُ مِنْهُمَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: إنْ لَبَسْت مِنْ غَزْلِك فَهُوَ هَدْيٌ فَمَلَكَ قُطْنًا فَغَزَلَتْهُ فَلَبَسَ فَهُوَ هَدْيٌ) أَيْ إنْ لَبَسْت ثَوْبًا مِنْ مَغْزُولِك، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُهْدِي حَتَّى تَغْزِلَهُ مِنْ قُطْنٍ مَلَكَهُ يَوْمَ حَلَفَ، وَمَعْنَى الْهَدْيِ التَّصَدُّقُ بِهِ بِمَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يُهْدَى إلَيْهَا لَهُمَا أَنَّ النَّذْرَ إنَّمَا يَصِحُّ فِي الْمِلْكِ أَوْ مُضَافًا إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ، وَلَمْ يُوجَدُ؛ لِأَنَّ اللُّبْسَ وَغَزْلَ الْمَرْأَةِ لَيْسَا مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ وَلَهُ أَنَّ غَزْلَ الْمَرْأَةِ عَادَةً يَكُونُ مِنْ قُطْنِ الزَّوْجِ وَالْمُعْتَادُ هُوَ الْمُرَادُ وَذَلِكَ سَبَبٌ لِمِلْكِهِ، وَلِهَذَا يَحْنَثُ إذَا غَزَلَتْ مِنْ قُطْنٍ مَمْلُوكٍ لَهُ وَقْتَ النَّذْرِ؛ لِأَنَّ الْقُطْنَ لَمْ يَصِرْ مَذْكُورًا وَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقُطْنُ مَمْلُوكًا لَهُ وَقْتَ الْحَلِفِ فَغَزَلَتْهُ فَلَبِسَهُ فَإِنَّهُ هَدْيٌ بِالْأَوْلَى، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْوَاجِبُ فِي دِيَارِنَا أَنْ يُفْتَى بِقَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَغْزِلُ إلَّا مِنْ كَتَّانِ نَفْسِهَا أَوْ قُطْنِهَا فَلَيْسَ الْغَزْلُ سَبَبًا لِمِلْكِهِ لِلْمَغْزُولِ عَادَةً فَلَا يَسْتَقِيمُ جَوَابُ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ.
وَفِي الْمُحِيطِ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ وَنَوَى الْغَزْلَ بِعَيْنِهِ لَا يَحْنَثُ إذَا لَبِسَهُ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ لُبْسُ الْغَزْلِ قَبْلَ النَّسْجِ غَيْرَ مُمْكِنٍ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ وَنَوَى شُرْبَ جَمِيعِ الْمِيَاهِ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى لَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ يُحْمَلُ عَلَى الْمَنْسُوجِ عُرْفًا؛ لِأَنَّهُ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مَا لَا يُتَصَوَّرُ لُبْسُهُ عُرْفًا فَيَنْصَرِفُ إلَى مَا يُصْنَعُ مِنْهُ مَجَازًا عُرْفًا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ فَلَبِسَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا وَغَزْلِ أُخْرَى لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْمَلْبُوسِ لَيْسَ مِنْ غَزْلِهَا وَبَعْضَ الثَّوْبِ لَا يُسَمَّى ثَوْبًا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبَ فُلَانٍ فَلَبِسَ ثَوْبًا بَيْنَ فُلَانٍ وَبَيْنَ آخَرَ لَمْ يَحْنَثْ فَكَذَا هُنَا حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ فَلَبِسَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا وَغَزْلِ غَيْرِهَا حَنِثَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ خَيْطٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْغَزْلَ لَيْسَ بِاسْمٍ لِشَيْءٍ مُقَدَّرٍ فَالْبَعْضُ مِنْهُ يُسَمَّى غَزْلًا وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلٍ فَلَبِسَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلٍ، وَقُطْنٍ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْيَمِينِ يَحْنَثُ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا.
وَفِي الْمُنْتَقَى حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ، وَلَمْ يَقُلْ ثَوْبًا فَلَبِسَ ثَوْبًا زِرُّهُ وَعُرَاهُ مِنْ غَزْلُهَا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الزِّرَّ وَالْعِرَاءَ قَبْلَ الشَّدِّ لَا يَصِيرُ مَلْبُوسًا بِلُبْسِ الْقَمِيصِ وَبَعْدَ الشَّدِّ لَا يَحْنَثُ، وَإِنْ صَارَ لَابِسًا؛ لِأَنَّ هَذَا يُسَمَّى شَدًّا وَلَا يُسَمَّى لُبْسًا عُرْفًا، وَفِي اللَّبِنَةِ وَالَزِيقِ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى لَابِسًا لَهُمَا عَرَفَا بِلُبْسِ الثَّوْبِ، وَلَوْ لَبِسَ تِكَّةً مِنْ غَزْلِهَا لَا يَحْنَثُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَحْنَثُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى لَابِسًا فِي التِّكَّةِ عُرْفًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَبِسَ تِكَّةً مِنْ حَرِيرٍ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ مَقْصُودًا سَوَاءٌ صَارَ لَابِسًا أَوْ لَمْ يَصِرْ، وَقَدْ وُجِدَ، وَهَذَا الْمُحَرَّمُ بِالْيَمِينِ اللُّبْسُ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَلَمْ يُكْرَهْ الزِّرُّ وَالْعُرَى مِنْ حَرِيرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ لَابِسًا، وَلَا مُسْتَعْمِلًا وَكَذَا اللَّبِنَةُ وَالَزِيقُ لَا يُكْرَهُ مِنْ الْحَرِيرِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ لَهُ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا فَصَارَ كَالْإِعْلَامِ، وَلَوْ أَخَذَ الْحَالِفُ خِرْقَةً مِنْ غَزْلِهَا قَدْرَ شِبْرَيْنِ وَوَضَعَهَا عَلَى عَوْرَتِهِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى لَابِسًا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا رَقَعَ فِي ثَوْبِهِ شِبْرًا حَنِثَ، وَلَوْ لَبِسَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَلَمَّا بَلَغَ الذَّيْلُ إلَى السُّرَّةِ، وَلَمْ يُدْخِلْ كُمَّيْهِ وَرِجْلَاهُ بَعْدُ تَحْتَ اللِّحَافِ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَبِسَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ نَسْجِ فُلَانٍ فَنَسَجَهُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَقَدْ وَجَدْنَا الرِّوَايَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَفَائِدَةُ هَذَا الِاخْتِلَافِ إنَّمَا تَظْهَرُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فَإِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَتَوَضَّأَ مِنْ الرُّعَافِ فَرَعَفَ ثُمَّ بَالَ فَتَوَضَّأَ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ بَالَ أَوَّلًا ثُمَّ رَعَفَ وَتَوَضَّأَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَعَلَى ظَاهِرِ الْجَوَابِ يَحْنَثُ، وَكَذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلٍ فَلَبِسَ ثَوْبًا إلَخْ) هَكَذَا فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ النُّسَخِ، وَلَعَلَّهُ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ فَسَقَطَ لَفْظُ فُلَانَةَ أَوْ نَحْوِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَبِسَ تِكَّةً مِنْ حَرِيرٍ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ اتِّفَاقًا) قَالَ فِي الْمِنَحِ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ حِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ نَظَرٌ لِمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ نَقْلًا عَنْ التَّتِمَّةِ قَالَ لَا بَأْسَ بِتِكَّةِ الْحَرِيرِ لِلرَّجُلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ذَكَرَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي أَيْمَانِ الْوَاقِعَاتِ أَنَّهُ يُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ. اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ رَمْزٌ لِشَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَقَالَ تُكْرَهُ التِّكَّةُ الْمَعْمُولَةُ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَا الْقَلَنْسُوَةُ، وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَ الْعِمَامَةِ وَالْكِيسِ الَّذِي يُعَلَّقُ. اهـ.
وَفِي شَرْحِهِ لِلْقُدُورِيِّ لَا تُكْرَهُ التِّكَّةُ مِنْ الْحَرِيرِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ تُكْرَهُ وَاخْتُلِفَ فِي عَصْبِهِ الْجِرَاحَةَ بِالْحَرِيرِ. اهـ.
إذَا عَلِمْت هَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْجَوَابَ عَمَّا تَقَدَّمَ مِنْ الْإِشْكَالِ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْقُنْيَةِ أَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ فَلَا. اهـ
غِلْمَانُهُ فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ لَمْ يَعْمَلْ بِيَدَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ كَانَ عَمِلَ حَنِثَ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ النَّسْجِ مَا يَفْعَلُهُ بِيَدِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ مَا أَمْكَنَ، وَإِلَّا يُحْمَلْ عَلَى الْمَجَازِ، وَهُوَ الْأَمْرُ بِهِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ كِسَاءً مِنْ غَزْلِهَا حَنِثَ؛ لِأَنَّ هَذَا ثَوْبٌ مِنْ غَزْلِهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ الصُّوفِ. اهـ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ فَلَبِسَ ثَوْبًا خِيطَ مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ لَبِسَ قَلَنْسُوَةً أَوْ شَبَكَةً مِنْ غَزْلِ فُلَانَةَ يَحْنَثُ. اهـ.
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَمَعْنَى مِنْ غَزْلِ الْهَدْيِ هُنَا مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ بِمَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يُهْدَى إلَيْهَا فَإِنْ كَانَ نَذَرَ هَدْيَ شَاةٍ أَوْ بَدَنَةٍ فَإِنَّمَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْعُهْدَةِ ذَبْحُهُ فِي الْحَرَمِ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ هُنَاكَ فَلَا يُجْزِئُهُ إهْدَاءُ قِيمَتِهِ، وَقِيلَ فِي إهْدَاءِ قِيمَةِ الشَّاةِ رِوَايَتَانِ فَلَوْ سُرِقَ بَعْدَ الذَّبْحِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَإِنْ نَذَرَ ثَوْبًا جَازَ التَّصَدُّقُ فِي مَكَّةَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ، وَلَوْ نَذَرَ إهْدَاءَ مَا لَمْ يَنْقُلْ كَإِهْدَاءِ دَارِ وَنَحْوِهَا فَهُوَ نَذْرٌ بِقِيمَتِهَا. اهـ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ إلَّا بِالتَّصَدُّقِ بِمَكَّةَ مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا لَوْ الْتَزَمَ التَّصَدُّقُ عَلَى فُقَرَاءِ مَكَّةَ بِمَكَّةَ أَلْغَيْنَا تَعْيِينَهُ الدِّرْهَمَ وَالْمَكَانِ وَالْفَقِيرِ فَعَلَى هَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْتِزَامٍ بِصِيغَةِ الْهَدْيِ وَبَيْنَهُ بِصِيغَةِ النَّذْرِ.
قَوْلُهُ (لُبْسُ خَاتَمِ ذَهَبٍ أَوْ عِقْدِ لُؤْلُؤٍ لُبْسُ حُلِيٍّ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ خَاتَمَ ذَهَبٍ أَوْ عِقْدَ لُؤْلُؤٍ حَنِثَ أَمَّا الذَّهَبُ فَلِأَنَّهُ حُلِيٌّ، وَلِهَذَا لَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ لِلرِّجَالِ، وَأَمَّا عِقْدُ اللُّؤْلُؤِ فَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْمُرَصَّعَ وَغَيْرَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا، وَقَالَ الْإِمَامُ لَا يَحْنَثُ بِغَيْرِ الْمُرَصَّعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَحَلَّى بِهِ عُرْفًا إلَّا مُرَصَّعًا، وَمَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ لَهُمَا أَنَّ اللُّؤْلُؤَ حُلِيٌّ حَقِيقَةً حَتَّى سُمِّيَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} [فاطر: 12] ، وَقِيلَ هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ وَيُفْتَى بِقَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ التَّحَلِّيَ بِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ مُعْتَادٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَلِهَذَا اخْتَارَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَأَطْلَقَ الْخَاتِمَ مِنْ الذَّهَبِ فَشَمِلَ مَا لَهُ فَصٌّ، وَمَا لَا فَصَّ لَهُ اتِّفَاقًا وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ قَوْلُهُ (لَا خَاتِمَ فِضَّةٍ) أَيْ لَيْسَ بِحُلِيٍّ عُرْفًا وَلَا شَرْعًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ أُبِيحَ لِلرِّجَالِ مَعَ مَنْعِهِمْ مِنْ التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُمْ لِقَصْدِ التَّخَتُّمِ لَا لِقَصْدِ الزِّينَةِ فَلَمْ يَكُنْ حُلِيًّا كَامِلًا فِي حَقِّهِمْ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّينَةُ لَازِمَ وُجُودِهِ لَكِنَّهَا لَمْ تُقْصَدْ بِهِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ مَصُوغًا عَلَى هَيْئَةِ خَاتَمِ النِّسَاءِ أَوْ لَا، وَقَيَّدَهُ فِي النِّهَايَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَصُوغًا؛ لِأَنَّ مَا صِيغَ عَلَى هَيْئَةِ خَاتَمِ النِّسَاءِ بِأَنْ كَانَ ذَا فَصٍّ يَحْنَثُ بِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَأَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَرَجَّحَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي خَاتَمِ الْفِضَّةِ نَفْيُ كَوْنِهِ حُلِيًّا، وَإِنْ كَانَ زِينَةً. اهـ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ لَا بَأْسَ لِلرِّجَالِ بِلُبْسِ اللُّؤْلُؤِ الْخَالِصِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَذَكَرَ الْقَلَانِسِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ أَنَّهُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ لَيْسَ بِحُلِيٍّ قَبْلَ الصِّيَاغَةِ حَتَّى لَوْ عَلَّقَتْ فِي عُنُقِهَا تِبْرَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا تَحْنَثُ وَعِنْدَهُمَا. اهـ.
وَقَيَّدَ بِخَاتَمِ الْفِضَّةِ؛ لِأَنَّ الْخَلْخَالَ وَالدُّمْلُجَ وَالسِّوَارَ حُلِيٌّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا لِلتَّزَيُّنِ فَكَانَ كَامِلًا فِي مَعْنَى الْحُلِيِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِعِقْدِ اللُّؤْلُؤِ إلَى أَنَّ عِقْدَ الزَّبَرْجَدِ أَوْ الزُّمُرُّدِ كَذَلِكَ فَأَبُو حَنِيفَةَ شَرَطَ التَّرْصِيعَ، وَهُمَا أَطْلَقَا كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَالْحُلِيُّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ جَمَعَ حَلْيٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ كَثَدْيٍ وَثُدِيٍّ، وَقَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ سِلَاحًا، وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَقَلَّدَ سَيْفًا أَوْ تُرْسًا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْبَسْ السِّلَاحَ، وَلَوْ لَبِسَ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ أَوْ غَيْرِهِ يَحْنَثُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي سِلَاحًا فَاشْتَرَى سِكِّينًا أَوْ حَدِيدًا لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ بَائِعَهُ لَا يُسَمَّى بَائِعَ السِّلَاحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا أَوْ لَا يَشْتَرِي فَيَمِينُهُ عَلَى كُلِّ مَلْبُوسٍ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى مِسْحًا أَوْ بِسَاطًا أَوْ طَنْفَسَةً، وَلَبِسَهَا لَا يَحْنَثُ وَالْمَسْحُ الْحِلْسُ، وَهُوَ الْبِسَاطُ الْمَنْسُوجُ مِنْ شَعْرِ الْمِعْزَى وَالطَّنْفَسَةُ الْبِسَاطُ الْمَحْشُوُّ، وَلَوْ اشْتَرَى فَرْوًا أَوْ لَبِسَ فَرْوًا يَحْنَثُ وَلَوْ اشْتَرَى قَلَنْسُوَةً أَوْ لَبِسَهَا لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا صَغِيرًا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ لَمْ يَعْمَلْ بِيَدَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ كَانَ يَعْمَلُ حَنِثَ) كَذَا فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ النُّسَخِ، وَهِيَ مَقْلُوبَةٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ يَعْمَلُ بِيَدِهِ لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَلْبَسَ مِنْ عَمَلِهِ، وَإِنْ كَانَ فُلَانٌ لَا يَعْمَلُ بِيَدِهِ يَحْنَثُ، وَكَذَلِكَ عَلَى هَذَا الْأَعْمَالُ كُلُّهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا بَأْسَ لِلرِّجَالِ بِلُبْسِ اللُّؤْلُؤِ الْخَالِصِ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَجَزَمَ الْحَدَّادِيُّ فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ بِحُرْمَةِ اللُّؤْلُؤِ لِلرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُلِيِّ النِّسَاءِ لَكِنَّهُ بِقَوْلِهِمَا أَلْيَقُ.
يَحْنَثُ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ قَالُوا أَرَادَ بِهِ أَنْ يَكُونَ إزَارًا أَوْ سَرَاوِيلَ بَلْ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى مِنْدِيلًا يَمْتَخِطُ بِهِ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ حَلَفَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ لَا تَلْبَسَ ثَوْبًا فَتَقَنَّعَتْ بِقِنَاعٍ لَمْ تَحْنَثُ إذَا لَمْ يَبْلُغْ مِقْدَارَ الْإِزَارِ، وَإِنْ بَلَغَ حَنِثَتْ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا فَلَبِسَ لِفَافَةً لَا يَحْنَثُ، وَعَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الْخِمَارِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ إذَا كَانَتْ اللِّفَافَةُ تَبْلُغُ مِقْدَارَ الْإِزَارِ، وَإِنْ اعْتَمَّ بِعِمَامَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ تَكُونَ عِمَامَةً لَوْ لَفَّهَا كَانَتْ إزَارًا أَوْ رِدَاءً فَحِينَئِذٍ يَحْنَثُ، وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إنَّ اسْمَ الثَّوْبِ لَا يَنْتَظِمُ الْعِمَامَةَ وَالْقَلَنْسُوَةَ وَالْخُفَّ وَذَكَرَ خواهر زاده أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ فِي عَمَائِمِ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهَا صَغِيرَةٌ لَا يَجِيءُ مِنْهَا الثَّوْبُ الْكَامِلُ فَأَمَّا فِي عَمَائِمِنَا فَالْجَوَابُ بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجِيءُ مِنْهَا الْمِئْزَرُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ قَمِيصًا فَاتَّزَرَ بِقَمِيصٍ أَوْ ارْتَدَى بِقَمِيصٍ لَا يَحْنَثُ.
وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى لُبْسِ ثَوْبٍ لَا بِعَيْنِهِ لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ اللُّبْسُ الْمُعْتَادُ، وَإِذَا حَلَفَ عَلَى لُبْسِ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ فَعَلَى أَيِّ وَصْفِ لَبِسَهُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا فَوَضَعَهُ عَلَى عَاتِقِهِ يُرِيدُ حَمْلَهُ أَوْ عَرْضَهُ عَلَى الْبَيْعِ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ قَبَاءً أَوْ هَذَا الْقَبَاءَ فَوَضَعَهُ عَلَى كَتِفَيْهِ، وَلَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالُوا لَا يَحْنَثُ اسْتِدْلَالًا بِمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْمَنَاسِكِ أَنَّ الْمُحْرِمَ إذَا فَعَلَ هَكَذَا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْقَبَاءَ قَدْ يُلْبَسُ هَكَذَا، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَحْنَثُ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ قَبَاءً أَوْ هَذَا الْقَبَاءَ فَوَضَعَهُ عَلَى اللِّحَافِ حَالَةَ النَّوْمِ لَا يَحْنَثُ هَكَذَا حَكَى ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ فَتْوَى عَمِّهِ شَمْسِ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيّ اهـ.
قَوْلُهُ (لَا يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ فَجَلَسَ عَلَى بِسَاطٍ أَوْ حَصِيرٍ أَوْ لَا يَنَامُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ فَجَعَلَ فَوْقَهُ فِرَاشًا آخَرَ فَنَامَ عَلَيْهِ أَوْ لَا يَجْلِسُ عَلَى سَرِيرٍ فَجَعَلَ فَوْقَهُ سَرِيرًا آخَرَ لَا يَحْنَثُ) بَيَانٌ لِثَلَاثِ مَسَائِلَ الْأُولَى حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ فَجَلَسَ عَلَى بِسَاطٍ أَوْ حَصِيرٍ الْمَقْصُودُ أَنَّهُ جَلَسَ عَلَى حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ لَيْسَ بِتَابِعٍ لِلْحَالِفِ فَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى جَالِسًا عَلَى الْأَرْضِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْحَائِلُ ثِيَابَهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ فَلَا يَصِيرُ حَائِلًا، وَلَوْ خَلَعَ ثَوْبَهُ فَبَسَطَهُ وَجَلَسَ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ لِارْتِفَاعِ التَّبَعِيَّةِ الثَّانِيَةُ حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ فَجَعَلَ فَوْقَهُ فِرَاشًا آخَرَ فَنَامَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ، وَالشَّيْءُ لَا يَكُونُ تَبَعًا لِمِثْلِهِ فَتَنْقَطِعُ النِّسْبَةُ إلَى الْأَسْفَلِ قَيَّدَ بِكَوْنِ الْفِرَاشِ مُشَارًا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَكَّرَهُ فَحَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ حَنِثَ بِوَضْعِ الْفِرَاشِ عَلَى الْفِرَاشِ؛ لِأَنَّهُ نَامَ عَلَى فِرَاشٍ نَكِرَةٍ الثَّالِثَةُ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى سَرِيرٍ فَجَعَلَ فَوْقَهُ سَرِيرًا آخَرَ لَا يَحْنَثُ هَكَذَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ السَّرِيرُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى هَذَا السَّرِيرِ فَجَعَلَ فَوْقَهُ سَرِيرًا آخَرَ فَجَلَسَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ السَّرِيرُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ نَكِرَةً يَحْنَثُ بِالْجُلُوسِ عَلَى السَّرِيرِ الْأَعْلَى؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمُنَكَّرَ يَتَنَاوَلُهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ، وَقَيَّدَ بِالسَّرِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى أَلْوَاحِ هَذَا السَّرِيرِ أَوْ أَلْوَاحِ هَذِهِ السَّفِينَةِ فَفَرَشَ عَلَى ذَلِكَ فِرَاشًا لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنَمْ عَلَى الْأَلْوَاحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ قَوْلُهُ (وَلَوْ جُعِلَ عَلَى الْفِرَاشِ قِرَامٌ أَوْ عَلَى السَّرِيرِ بِسَاطٌ أَوْ حَصِيرٌ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ الْقِرَامَ تَبَعٌ لِلْفِرَاشِ؛ لِأَنَّهُ سَاتِرٌ رَقِيقٌ يُجْعَلُ فَوْقَهُ كَالَّتِي فِي عُرْفِنَا الْمُلَاءَةُ أَيْ الْمُلَاءَةُ الْمَجْعُولَةُ فَوْقَ الطَّرَّاحَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ نَامَ عَلَى نَفْسِ الْفِرَاشِ، وَذَكَرَ الشُّمُنِّيُّ أَنَّ الْقِرَامَ بِكَسْرِ الْقَافِ سِتْرٌ فِيهِ رَقْمٌ وَنَقْشٌ، وَفِي الثَّانِيَةِ يُعَدُّ جَالِسًا عَلَى السَّرِيرِ؛ لِأَنَّ الْجُلُوسَ عَلَيْهِ فِي الْعَادَةِ هُوَ الْجُلُوسُ عَلَى مَا يُفْرَشُ عَلَيْهِ.
قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي هَذَا الدُّكَّانِ، وَهَذَا السَّطْحِ إذَا حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَبَسَطَ عَلَيْهِ وَجَلَسَ حَنِثَ، وَلَوْ بَنَى دُكَّانًا فَوْقَ الدُّكَّانِ أَوْ سَطْحًا عَلَى السَّطْحِ انْقَطَعَتْ النِّسْبَةُ عَنْ الْأَسْفَلِ فَلَا يَحْنَثُ بِالْجُلُوسِ عَلَى الْأَعْلَى، وَلِذَا كُرِهَتْ الصَّلَاةُ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .