الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَخَلْت فَلَيْسَ بِمُولٍ لِأَنَّ لَهُ مَدْفَعًا بِالتَّرْكِ أَوْ بِحَمْلِ الْغَيْرِ بِخِلَافِ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُ حُرٌّ، أَوْ أَخَّرَ الْجَزَاءَ كَانَ مُولِيًا لِلْإِعْرَاضِ اهـ.
وَمِنْ بَابِ الْفَيْءِ فِي الْيَمِينِ قَالَ إنْ قَرِبْتُك فَعَبْدَايَ حُرَّانِ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ اشْتَرَاهُ، وَبَاعَ الْآخَرَ أَوْ قَدَّمَ بَيْعَهُ فَهُوَ مُولٍ مِنْ وَقْتِ شِرَائِهِ، وَفِي فَأَحَدُهُمَا حُرٌّ مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ. اهـ.
وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدَ الْمُعَيَّنَ سَقَطَ الْإِيلَاءُ لِأَنَّهُ صَارَ بِحَالٍ يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ، وَلَوْ مَلَكَهُ بِسَبَبِ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ عَادَ الْإِيلَاءُ مِنْ وَقْتِ الْمِلْكِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا قَبْلَ تَجَدُّدِ الْمِلْكِ لَمْ يَعُدْ لِسُقُوطِ الْإِيلَاءِ، وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ الْبَيْعِ سَقَطَ الْإِيلَاءُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْوَطْءِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ مَوْتُ الْمَرْأَةِ الْمُعَلَّقِ طَلَاقُهَا أَوْ إبَانَتُهَا ثُمَّ تَزَوُّجُهَا، وَفِي الْجَامِعِ لِلصَّدْرِ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ أَقْرَبَك بِشَهْرٍ أَوْ قَبْلَ أَنْ أَقْرَبَك بِشَهْرٍ إذَا قَرِبْتُك لَا يَصِيرُ مُولِيًا قَبْلَ الشَّهْرِ، وَبَعْدَهُ يَصِيرُ إلَّا إذَا قَرِبَهَا فِيهِ، وَالثَّانِي تَأْكِيدٌ بِخِلَافِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك إنْ قَرِبْتُك لِلتَّعْلِيقِ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَقْرَبَك يَتَنَجَّزُ، وَقِيلَ لَا، وَيَصِيرُ مُولِيًا. اهـ. وَفِي الْخَانِيَّةِ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ قَرِبْتُك فَعَبْدِي هَذَا حُرٌّ فَمَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَخَاصَمَتْهُ إلَى الْقَاضِي، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ أَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِحُرِّيَّتِهِ، وَيَبْطُلُ الْإِيلَاءُ، وَتُرَدُّ الْمَرْأَةُ إلَى زَوْجِهَا لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا اهـ.
وَأَمَّا صِحَّةُ الْإِيلَاءِ مِنْ الْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَقٌّ فِي الْوَطْءِ فَبِاعْتِبَارِ أَنَّ وَطْأَهَا مُبَاحٌ فَإِنْ كَانَتْ تَعْتَدُّ بِالْإِقْرَاءِ فَلِاحْتِمَالِ امْتِدَادِ عِدَّتِهَا حَتَّى تَمْضِيَ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ فَتَبِينُ، وَإِنْ كَانَتْ بِالْأَشْهُرِ فَلِاحْتِمَالِ أَنْ يُرَاجِعَهَا قَبْلَ مُضِيِّهَا فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى مَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ مُضِيِّهَا سَقَطَ الْإِيلَاءُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ الْمُبَانَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ لَا) أَيْ لَا يَصِحُّ الْإِيلَاءُ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ، وَهُوَ الزَّوْجَةُ، وَلَوْ وَطِئَهَا كَفَّرَ لِانْعِقَادِهَا فِي حَقِّ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْحِنْثِ لِأَنَّ انْعِقَادَ الْيَمِينِ يَعْتَمِدُ التَّصَوُّرَ حِسًّا لَا شَرْعًا أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَنْعَقِدُ عَلَى مَا هُوَ مَعْصِيَةٌ، وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً إنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِيلَاءِ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ طَلَقَتْ أُخْرَى بِالْإِيلَاءِ، وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَمَّتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالْإِيلَاءِ رَجُلٌ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا إنْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَانَ الْإِيلَاءُ عَلَى حَالِهِ حَتَّى لَوْ تَمَّتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِيلَاءِ يَقَعُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَةٌ أُخْرَى بِحُكْمِ الْإِيلَاءِ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَمَا طَلَّقَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَانَ مُولِيًا تُعْتَبَرُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ مِنْ وَقْتِ التَّزَوُّجِ اهـ.
[وَمُدَّةُ إيلَاءِ الْأَمَةِ]
(قَوْلُهُ وَمُدَّةُ إيلَاءِ الْأَمَةِ شَهْرَانِ) لِأَنَّ الرِّقَّ مُنَصِّفٌ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ مِنْ أَمَتِهِ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْمَحَلِّيَّةُ، وَهِيَ بِالزَّوْجِيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَلَوْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا بَعْدَ الْإِيلَاءِ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا ثُمَّ أُعْتِقَتْ فِي الْمُدَّةِ انْتَقَلَتْ الْمُدَّةُ إلَى مُدَّةِ إيلَاءِ الْحَرَائِرِ ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ تَحْتَهُ حُرَّةٌ، وَأَمَةٌ حَلَفَ لَا يَقْرَبُ إحْدَاهُمَا، وَمَضَى شَهْرَانِ بَانَتْ الْأَمَةُ لِسَبْقِ مُدَّتِهَا فَلَوْ عَتَقَتْ قَبْلَهَا كَمُلَتْ مُدَّتُهَا، وَكَذَا لَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ عَتَقَتْ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ فَلَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ أُخْرَى بَانَتْ الْحُرَّةُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا، وَتَتَعَيَّنُ لَهُ الْأَمَةُ كَالْحِنْثِ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُ حُرٌّ) أَيْ حَيْثُ يَصِيرُ مُولِيًا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْقُرْبَانُ إلَّا بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ، وَلَا يُمْكِنُهُ دَفْعُ ذَلِكَ بِالتَّرْكِ إذْ الْمِلْكُ قَدْ يَحْصُلُ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ بِالْمِيرَاثِ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَدِّهِ، وَلَوْ أَخَّرَ الْجَزَاءَ بِأَنْ قَالَ إنْ قَرِبْتُك كُلَّمَا دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ كَانَ مُولِيًا بَعْدَ الدُّخُولِ لِاعْتِرَاضِ الشَّكِّ عَلَى الشَّرْطِ، وَفِي مِثْلِهِ تَقَدَّمَ الشَّرْطُ الْمُؤَخَّرُ مَعَ الْجَزَاءِ عَلَى الشَّرْطِ الْمُقَدَّمِ فِي الذِّكْرِ فَصَارَ تَقْدِيرُهُ كُلَّمَا دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ قَرِبْتُك فَيَكُونُ انْعِقَادُ الْإِيلَاءِ مُعَلَّقًا بِالدُّخُولِ فَيَكُونُ الدُّخُولُ قَابِلًا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قَرِبْتُك فَيَكُونُ مُولِيًا كَذَا فِي شَرْحِ الْفَارِسِيِّ (قَوْلُهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ، وَبَاعَ الْآخَرَ أَوْ قَدَّمَ بَيْعَهُ) لَمْ أَجِدْ قَوْلَهُ أَوْ قَدَّمَ بَيْعَهُ فِي تَلْخِيصِ الْخَلَّاطِيِّ وَلَا فِي شَرْحِهِ، وَلَعَلَّهَا عِبَارَةُ تَلْخِيصِ الشَّهِيدِ قَالَ الْفَارِسِيُّ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ قَرِبْتُك فَعَبْدَايَ حُرَّانِ صَارَ مُولِيًا فَلَوْ بَاعَ أَحَدَهُمَا بَطَلَ الْإِيلَاءُ فِي حَقِّهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا، وَبَاعَهُ بَطَلَ الْإِيلَاءُ كَذَلِكَ هُنَا، وَبَقِيَ الْإِيلَاءُ فِي حَقِّ الَّذِي لَمْ يَبِعْ لِبَقَائِهِ مَحَلًّا لِلْعِتْقِ فَلَوْ اشْتَرَى الَّذِي بَاعَهُ ثُمَّ بَاعَ الْآخَرَ بَطَلَتْ الْمُدَّةُ الْأُولَى، وَانْعَقَدَتْ الْمُدَّةُ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَوْلَى مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الْقُرْبَانُ إلَّا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ يَلْزَمُهُ مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ إلَى آخِرِهَا، وَإِذَا كَانَ إيجَادُ الْمَانِعِ شَرْطًا لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ لِفَقْدِ الشَّرْطِ قَبْلَهُ إذْ قَبْلَ الْبَيْعِ يَلْزَمُهُ بِالْقُرْبَانِ عِتْقُهُمَا، وَبَعْدَهُ عَتَقَ أَحَدَهُمَا، وَهُوَ الْبَاقِي، وَبَعْدَ الشِّرَاءِ عَتَقَ الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا يَتَّحِدُ الْمَانِعُ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ، وَفِيمَا إذَا قَالَ فَأَحَدُ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ حُرٌّ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا صَارَ مُولِيًا مِنْ حِينِ حَلَفَ لِأَنَّ الْمَانِعَ، وَهُوَ عِتْقُ أَحَدِهِمَا لَمْ يَتَبَدَّلْ لِوُجُودِهِ مِنْ أَوَّلِ الْمُدَّةِ إلَى آخِرِهَا اهـ. مُلَخَّصًا
[الْإِيلَاء مِنْ الْمُبَانَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ]
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ) فَإِنَّهَا إذَا طَلَقَتْ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ أُعْتِقَتْ لَا تَنْقَلِبُ عِدَّتُهَا عِدَّةَ الْحَرَائِرِ، وَفِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ تَنْقَلِبُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ
الْبَيْنُونَةِ عَادَ إيلَاؤُهَا، وَكَذَا هُمَا لَكِنْ إنْ رَتَّبَ بَانَتْ الْأُولَى عِنْدَ تَمَامِ مُدَّتِهَا مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ، وَالثَّانِيَةُ بِمُدَّةٍ ثَانِيَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانَتْ قَبْلَهَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ، وَأَمَتِهِ، وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُ إحْدَاكُمَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا، وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ الْأَمَةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، وَمَنْ وَطِئَهَا كَفَّرَ، وَيُمْكِنُهُ تَرْكُهُ كَالْأَجْنَبِيَّةِ بِخِلَافِ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا لِعُمُومِهِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ لَا أَقْرَبُ إحْدَاكُمَا، أَوْ وَاحِدَةً مِنْكُمَا لِعُمُومِهِ اسْتِحْسَانًا قَالَ إنْ قَرِبْت إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَبَانَتْ إحْدَاهُمَا بِالْإِيلَاءِ أَوْ بِغَيْرِهِ بَطَلَ إيلَاءُ الْأُخْرَى بِخِلَافِ فَالْأُخْرَى طَالِقٌ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَلَوْ قَالَ فَإِحْدَاكُمَا أَوْ فَوَاحِدَةٌ أَوْ فَهِيَ لَا لِتَعَيُّنِهَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً فَهِيَ حُرَّةٌ صَحَّ فِيمَنْ فِي مِلْكِهِ دُونَ مَنْ يَمْلِكُهَا خِلَافًا لِزُفَرَ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَزَ الْمَوْلَى عَنْ وَطْئِهَا بِمَرَضِهِ أَوْ مَرَضِهَا أَوْ بِالرَّتَقِ أَوْ بِالصِّغَرِ أَوْ بُعْدِ مَسَافَةٍ فَفَيْؤُهُ أَنْ يَقُولَ فِئْت إلَيْهَا) لِأَنَّهُ أَذَاهَا بِذِكْرِ الْمَنْعِ فَيَكُونُ إرْضَاؤُهَا بِالْوَعْدِ بِاللِّسَانِ أَرَادَ بِبُعْدِ الْمَسَافَةِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَطْعِهَا فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ فَإِنْ قَدَرَ لَا يَصِحُّ فَيْؤُهُ بِاللِّسَانِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَقَيَّدَ بِالْقَوْلِ لِأَنَّ الْمَرِيضَ لَوْ فَاءَ بِقَلْبِهِ لَا بِلِسَانِهِ لَا يُعْتَبَرُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ خُصُوصَ لَفْظِ فِئْت إلَيْهَا بَلْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ رَجَعْتُك أَوْ رَاجَعْتُك أَوْ ارْتَجَعْتُك أَوْ أَبْطَلْت الْإِيلَاءَ أَوْ رَجَعْت عَمَّا قُلْتُ: وَنَحْوُهُ، وَدَخَلَ تَحْتَ الْعَجْزِ أَنْ تَكُونَ مُمْتَنِعَةً مِنْهُ أَوْ كَانَتْ فِي مَكَان لَا يَعْرِفُهُ، وَهِيَ نَاشِزَةٌ أَوْ حَالَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا لِشَهَادَةِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لِلتَّزْكِيَةِ أَوْ كَانَتْ مَحْبُوسَةً أَوْ مَحْبُوسًا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُجَامَعَتِهَا فِي السِّجْنِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَفَيْؤُهُ الْجِمَاعُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَقَيَّدَ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَجْزِ الْحَقِيقِيِّ احْتِرَازًا عَنْ الْعَجْزِ الْحُكْمِيِّ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا وَقْتَ الْإِيلَاءِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَعِنْدَنَا لَا يَكُونُ فَيْؤُهُ إلَّا بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ الْمُتَسَبِّبُ بِاخْتِيَارِهِ بِطَرِيقٍ مَحْظُورٍ فِيمَا لَزِمَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ تَخْفِيفًا، وَأَرَادَ بِكَوْنِ الْفَيْءِ بِاللِّسَانِ مُعْتَبَرًا مُبْطِلًا لِلْإِيلَاءِ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ أَمَّا فِي حَقِّ بَقَاءِ الْيَمِينِ بِاعْتِبَارِ الْحِنْثِ فَلَا حَتَّى لَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْفَيْءِ بِاللِّسَانِ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ لِتَحَقُّقِ الْحِنْثِ، وَفِي الْبَدَائِعِ، وَمِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْفَيْءِ بِالْقَوْلِ قِيَامُ مِلْكِ النِّكَاحِ وَقْتَ الْفَيْءِ بِالْقَوْلِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي حَالِ مَا يَفِيءُ إلَيْهَا زَوْجَتُهُ غَيْرُ بَائِنَةٍ مِنْهُ فَإِنْ كَانَتْ بَائِنَةً مِنْهُ فَفَاءَ بِلِسَانِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَيْئًا، وَيَبْقَى الْإِيلَاءُ لِأَنَّ الْفَيْءَ بِالْقَوْلِ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا يُرْفَعُ الْإِيلَاءُ فِي حَقِّ حُكْمِ الطَّلَاقِ بِحُصُولِ إيفَاءِ حَقِّهَا بِهِ، وَلَا حَقَّ لَهَا حَالَةَ الْبَيْنُونَةِ بِخِلَافِ الْفَيْءِ بِالْجِمَاعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَ ثُبُوتِ الْبَيْنُونَةِ حَتَّى لَا يَبْقَى الْإِيلَاءُ بَلْ يَبْطُلُ لِأَنَّهُ حَنِثَ بِالْوَطْءِ فَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ، وَبَطَلَتْ، وَلَمْ يُوجَدْ الْحِنْثُ هَاهُنَا فَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ فَلَا يَرْتَفِعُ الْإِيلَاءُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَدَرَ فِي الْمُدَّةِ فَفَيْؤُهُ الْوَطْءُ) لِكَوْنِهِ خَلَفًا عَنْهُ، فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ بَطَلَ كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا رَأَى الْمَاءَ فِي صَلَاتِهِ قَيَّدَ بِكَوْنِهِ فِي الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَهَا لَا يَبْطُلُ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا كَانَ قَادِرًا وَقْتَ الْإِيلَاءِ ثُمَّ عَجَزَ بِشَرْطِ أَنْ يَمْضِيَ زَمَانٌ يَقْدِرُ عَلَى وَطْئِهَا بَعْدَ الْإِيلَاءِ، وَمَا إذَا كَانَ عَاجِزًا وَقْتَهُ ثُمَّ قَدَرَ فِي الْمُدَّةِ، وَأَمَّا لَوْ آلَى إيلَاءً مُؤَبَّدًا، وَهُوَ مَرِيضٌ فَبَانَتْ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ ثُمَّ صَحَّ، وَتَزَوَّجَهَا، وَهُوَ مَرِيضٌ فَفَاءَ بِلِسَانِهِ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَصَحَّحُوا قَوْلَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلصَّدْرِ الْجِمَاعُ أَصْلٌ، وَاللِّسَانُ خَلَفُهُ آلَى فِي مَرَضِهِ، وَفَاءً بِلِسَانِهِ بَطَلَ إيلَاؤُهُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ فَإِنْ صَحَّ قَبْلَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً فَهِيَ حُرَّةٌ إلَخْ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّهَا تَحْرِيفٌ، وَالْأَصْلُ إنْ تَسَرَّيْت
(قَوْلُهُ أَوْ مَحْبُوسًا) هَذَا عَلَى مَا فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ لِلْقُدُورِيِّ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَصَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ قُلْت، وَعِبَارَةُ الْبَدَائِعِ بَعْدَ نَقْلِ مَا فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ لَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ، وَهِيَ مَحْبُوسَةٌ أَوْ هُوَ مَحْبُوسٌ أَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَّا أَنَّ الْعَدُوَّ أَوْ السُّلْطَانَ مَنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّ فَيْأَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْفِعْلِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَفِّقَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْحَبْسِ بِأَنْ يَحْمِلَ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنْ يَقْدِرَ أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ يَصِلَ إلَى صَاحِبِهِ فِي السِّجْنِ، وَالْوَجْهُ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْعَدُوِّ أَوْ السُّلْطَانِ نَادِرٌ، وَعَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ فَكَانَ مُلْحَقًا بِالْعَدَمِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ انْتَهَتْ، فَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُجَامَعَتِهَا هُوَ تَوْفِيقُ الْبَدَائِعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَوَفَّقَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ بِوَجْهٍ آخَرَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فِي الْفَتْحِ وَالْحَبْسُ بِحَقٍّ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْفَيْءِ بِاللِّسَانِ، وَبِظُلْمٍ يُعْتَبَرُ.
(قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا كَانَ قَادِرًا إلَخْ) أَيْ فِي أَنَّ فَيْأَهُ الْوَطْءُ، وَقَوْلُهُ وَمَا إذَا كَانَ عَاجِزًا وَقْتَهُ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا إذَا كَانَ قَادِرًا فَفِي الصُّورَتَيْنِ لَا يَكُونُ فَيْؤُهُ بِاللِّسَانِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ شُرُوطَ صِحَّةِ الْفَيْءِ بِاللِّسَانِ ثَلَاثَةٌ الْعَجْزُ عِنْدَ الْوَطْءِ، وَدَوَامُهُ مِنْ وَقْتِ الْإِيلَاءِ إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُلْتَقَى وَقِيَامُ النِّكَاحِ وَقْتَ الْفَيْءِ بِاللِّسَانِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَدَائِعِ
تَمَامِ الْمُدَّةِ تَبْطُلُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْأَصْلِ كَالْمُتَيَمِّمِ، وَلَوْ لَمْ يَفِئْ حَتَّى بَانَتْ فَصَحَّ ثُمَّ مَرِضَ فَتَزَوَّجَهَا فَفَيْؤُهُ بِالْجِمَاعِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ لِأَنَّهُ حَرَامٌ كَالْخَلْوَةِ لَكِنَّهُ بِتَقْصِيرِهِ كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ آلَى أَوْ آلَى، وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ بَانَتْ ثُمَّ مَرِضَ، وَتَزَوَّجَهَا بِخِلَافِ إنْ تَزَوَّجْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك آلَى فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أَعَادَهُ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَصَحَّ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ فَكَمَا مَرَّ اهـ.
(قَوْلُهُ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ إيلَاءٌ إنْ نَوَى التَّحْرِيمَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي تَحْرِيمِ الْحَلَالِ إنَّمَا هُوَ الْيَمِينُ عِنْدَنَا عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي الْأَيْمَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا فَرْقَ فِي الْأَحْكَامِ كُلِّهَا بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ كَلِمَةَ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ مَا ذَكَرَهُ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ عَنْ الْعُيُونِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ، وَلَمْ يَقُلْ مِنِّي فَهُوَ بَاطِلٌ سَهْوٌ مِنْهُ حَيْثُ نَقَلَهُ عَنْ الْعُيُونِ، وَفِي الْعُيُونِ ذَكَرَ ذَلِكَ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ لَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا فَقَالَتْ لِلزَّوْجِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ أَنْت مِنِّي بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ وَقَعَ، وَلَوْ قَالَتْ أَنْتَ بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ، وَلَمْ تَقُلْ مِنِّي فَهُوَ بَاطِلٌ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْعُيُونِ، وَلَوْ قَالَ بِغَيْرِ تَاءِ التَّأْنِيثِ فَظَنَّ صَاحِبُ الْأَكْمَلِ أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ مُبْتَدَأَةٌ، وَظَنَّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ قَالَ رضي الله عنه وَعِنْدَ هَذَا ازْدَادَ سَهْوُ شَيْخِنَا نَجْمِ الدِّينِ الْبُخَارِيِّ فَزَادَ فِيهَا لَفْظَةَ لَهَا فَقَالَ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَالْمَسْأَلَةُ مَعَ تَاءِ التَّأْنِيثِ مَذْكُورَةٌ فِي الْوَاقِعَاتِ الْكُبْرَى الْمُرَتَّبَةِ، وَغَيْرِ الْمُرَتَّبَةِ فِي مَسَائِلِ الْعُيُونِ فَعُرِفَ بِهِ سَهْوُهُمَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ قَيَّدَ بِالزَّوْجِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُك صَارَ يَمِينًا حَتَّى لَوْ جَامَعَهَا طَائِعَةً أَوْ مُكْرَهَةً تَحْنَثُ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَأُدْخِلَ فِيهَا مُكْرَهًا لَا يَحْنَثُ، وَمَعْنَاهُ أَدْخُلُ مَحْمُولًا، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الدُّخُولِ فَدَخَلَ مُكْرَهًا حَنِثَ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَحَرَّمْتُك عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ أَوْ أَنْتِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيَّ أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ أَوْ أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ أَوْ مُحَرَّمٌ أَوْ حَرَّمْت نَفْسِي عَلَيْك بِمَنْزِلَةِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
وَقَوْلُهُ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْحِمَارِ أَوْ الْخِنْزِيرِ أَوْ مَا كَانَ مُحَرَّمَ الْعَيْنِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ وَظِهَارٌ إنْ نَوَاهُ) أَيْ الظِّهَارَ، وَهَذَا عِنْدَهُمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ بِظِهَارٍ لِانْعِدَامِ التَّشْبِيهِ بِالْمُحَرَّمَةِ، وَهُوَ رُكْنٌ فِيهِ، وَلَهُمَا أَنَّهُ أَطْلَقَ الْحُرْمَةَ، وَفِي الظِّهَارِ نَوْعُ حُرْمَةٍ، وَالْمُطْلَقُ يَحْتَمِلُ الْمُقَيَّدَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ تَبَعًا لِلْقُدُورِيِّ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ، وَلَيْسَ الْخِلَافُ مَذْكُورًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَلَا الطَّحَاوِيِّ (قَوْلُهُ وَكَذَبَ إنْ نَوَى الْكَذِبَ) لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ إذْ حَقِيقَتُهُ وَصْفُهَا بِالْحُرْمَةِ، وَهِيَ مَوْصُوفَةٌ بِالْحِلِّ فَكَانَ كَذِبًا، وَأَوْرَدَ لَوْ كَانَ حَقِيقَةَ كَلَامِهِ لَانْصَرَفَ إلَيْهِ بِلَا نِيَّةٍ لَكِنَّكُمْ تَقُولُونَ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ يَنْصَرِفُ إلَى الْيَمِينِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ حَقِيقَةٌ أَوْلَى فَلَا تُنَالُ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَالْيَمِينِ الْحَقِيقَةُ الثَّانِيَةُ بِوَاسِطَةِ الِاشْتِهَارِ، وَقِيلَ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ بَلْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لِكَوْنِهِ يَمِينًا ظَاهِرًا لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينٌ بِالنَّصِّ فَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً فِي نِيَّتِهِ خِلَافَ الظَّاهِرِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَالْفَتْوَى كَمَا سَنَذْكُرُهُ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْحَلْوَانِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَلَكِنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْعُرْفِ الْحَادِثِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَمَلَ وَالْفَتْوَى إنَّمَا هُوَ فِي انْصِرَافِهِ إلَى الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَا فِي كَوْنِهِ يَمِينًا، وَفِي الْمِصْبَاحِ الْكَذِبُ بِفَتْحِ الْكَافِ، وَكَسْرِ الذَّالِ، وَبِكَسْرِ الْكَافِ وَسُكُونِ الذَّالِ هُوَ الْإِخْبَارُ عَنْ الشَّيْءِ بِخِلَافِ مَا هُوَ سَوَاءٌ فِيهِ الْعَمْدُ، وَالْخَطَأُ، وَلَا، وَاسِطَةَ بَيْنَ الصِّدْقِ، وَالْكَذِبِ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَالْإِثْمُ يَتْبَعُ الْعَمْدَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبَائِنَةٌ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ) سَوَاءٌ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ (قَوْلُهُ وَثَلَاثٌ إنْ نَوَاهُ) أَيْ الثَّلَاثَ لِأَنَّ الْحَرَامَ مِنْ الْكِنَايَاتِ، وَهَذَا حُكْمُهَا، وَقَدَّمْنَا أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي الْحَالَةِ الْمُطْلَقَةِ أَيْ الْخَالِيَةِ عَنْ الْغَضَبِ، وَالْمُذَاكَرَةِ، وَأَمَّا مَعَ أَحَدِهِمَا فَلَيْسَتْ شَرْطًا لِلْوُقُوعِ قَضَاءً، وَشَمِلَ قَوْلُهُ وَبَائِنَةٌ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ مَا إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَمِينٌ، وَلِذَا قَالُوا يُكْرَهُ حَلِفُهُ بِالطَّلَاقِ فَالْيَمِينُ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ مُوجِبِهَا الْكَفَّارَةَ أَوْ الطَّلَاقَ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى نَوْعٌ خَاصٌّ مِنْ هَذِهِ الْيَمِينِ، وَهُوَ انْصِرَافُهُ إلَى الطَّلَاقِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ كَوْنَهُ يَمِينًا هُوَ عُرْفٌ أَصْلِيٌّ، وَكَوْنُهُ طَلَاقًا عُرْفٌ حَادِثٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ كَلَامَ كُلِّ عَاقِدٍ وَحَالِفٍ وَنَحْوِهِ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ، وَحَيْثُ كَانَ فِيهِ عُرْفٌ تَكُونُ حَقِيقَتُهُ غَيْرَ مُرَادَةٍ فَإِرَادَةُ الْكَذِبِ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يُصَدَّقُ بِهَا قَضَاءً فَالصَّوَابُ حَمْلُهُ عَلَى الْعُرْفِ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْعُرْفُ الْحَادِثُ إرَادَةَ الطَّلَاقِ بِهِ، وَكَانَ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ دُونَ الْعُرْفِ الْأَصْلِيِّ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى أَيْ الْعُرْفُ الْحَادِثُ احْتِرَازًا عَنْ الْعُرْفِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ إرَادَةُ الْإِيلَاءِ فَافْهَمْ
ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ نَاوِيًا ثِنْتَيْنِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ تَمَّ بِهِ الثَّلَاثُ لَمْ يَقَعْ بِالْحَرَامِ إلَّا وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ سَبْقُ قَلَمٍ، وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى الثَّلَاثَ بِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَيَقَعُ ثِنْتَانِ تَكْمِلَةٌ لِلثَّلَاثِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَقَدَّمْنَاهُ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَلْفَ مَرَّةٍ يَقَعُ وَاحِدَةٌ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ يَنْظُرُ الْمُفْتِي إلَى سُؤَالِ السَّائِلِ إنْ قَالَ قُلْت كَذَا هَلْ يَقَعُ يَقُولُ نَعَمْ إنْ نَوَيْت، وَإِنْ قَالَ كَمْ يَقَعُ يَقُولُ وَاحِدَةٌ، وَلَا يَتَعَرَّضُ لِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ لِأَنَّ كَمْ عِبَارَةٌ عَنْ عَدَدِ الْوَاقِعِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَصْلَ الْوَاقِعِ، وَهَذَا حَسَنٌ اهـ.
ثُمَّ قَالَ فِيهَا قَالَ لَهَا مَرَّتَيْنِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ، وَنَوَى بِالْأَوَّلِ الطَّلَاقَ، وَبِالثَّانِي الْيَمِينَ فَعَلَى مَا نَوَى قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ، وَنَوَى الثَّلَاثَ فِي إحْدَاهُمَا، وَالْوَاحِدَةَ فِي الْأُخْرَى صَحَّتْ نِيَّتُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَلَوْ قَالَ نَوَيْت الطَّلَاقَ فِي إحْدَاهُمَا، وَالْيَمِينَ فِي الْأُخْرَى عِنْدَ الثَّانِي يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِمَا، وَعِنْدَهُمَا كَمَا نَوَى قَالَ لِثَلَاثٍ أَنْتُنَّ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَنَوَى الثَّلَاثَ فِي الْوَاحِدَةِ، وَالْيَمِينَ فِي الثَّانِيَةِ، وَالْكَذِبَ فِي الثَّالِثَةِ طَلَقَتْ ثَلَاثًا، وَقِيلَ هَذَا عَلَى قَوْلِ الثَّانِي، وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَا نَوَى. اهـ. .
(قَوْلُهُ وَفِي الْفَتَاوَى إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ، وَالْحَرَامُ عِنْدَهُ طَلَاقٌ، وَلَكِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا وَقَعَ الطَّلَاقُ) يَعْنِي قَضَاءً لِمَا ظَهَرَ مِنْ الْعُرْفِ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ تَزَوَّجْتُك فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَتَزَوَّجَهَا تَطْلُقُ، وَلِهَذَا لَا يَحْلِفُ بِهِ إلَّا الرِّجَالُ قَيَّدْنَا بِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ دِيَانَةً بِلَا نِيَّةٍ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ لَا نَقُولُ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لَكِنْ يُجْعَلُ نَاوِيًا عُرْفًا فَإِنْ قُلْت إذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِلَا نِيَّةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالصَّرِيحِ فَيَكُونُ الْوَاقِعُ رَجْعِيًّا قُلْت الْمُتَعَارَفُ بِهِ إيقَاعُ الْبَائِنِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَيَقَعُ الْبَائِنُ لَكَانَ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ أَنْتِ مَعِي فِي الْحَرَامِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَكَذَا قَوْلُهُ حَلَالُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَفِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَقَعُ الطَّلَاقُ بِلَفْظِ الْحَرَامِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ إنْ حَنِثَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَالنَّسَفِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ زَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ فِي الْفَتَاوَى يَقَعُ عَلَى كُلِّ تَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ الصَّرِيحِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ فِيمَا إذَا قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ، وَلَهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَأَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى وَاحِدَةٍ، وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالذَّخِيرَةِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَعِنْدِي أَنَّ الْأَشْبَهَ مَا فِي الْفَتَاوَى لِأَنَّ قَوْلَهُ حَلَالُ اللَّهِ أَوْ حَلَالُ الْمُسْلِمِينَ يَعُمُّ كُلَّ زَوْجَةٍ فَإِذَا كَانَ فِيهِ عُرْفٌ فِي الطَّلَاقِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ هُنَّ طَوَالِقُ لِأَنَّ حَلَالَ اللَّهِ يَشْمَلُهُنَّ عَلَى سَبِيلِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ سَبْقُ قَلَمٍ) أَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ قَوْلَهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْ بِنِيَّتِهِ، وَإِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ وَاحِدَةً بَائِنَةٌ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ غَيْرِهِ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ.
(قَوْلُهُ قَيَّدْنَا بِالْقَضَاءِ إلَخْ) أَقُولُ: حَيْثُ الْتَحَقَ فِي الْعُرْفِ بِالصَّرِيحِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى نِيَّةٍ بَلْ يَحْتَاجُ إلَى عَدَمِ نِيَّةِ الطَّلَاقِ مِمَّا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ كَمَا لَوْ نَوَى بِأَنْتِ طَالِقٌ عَنْ وَثَاقٍ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَوَّلَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ قُلْت الْمُتَعَارَفُ بِهِ إيقَاعُ الْبَائِنِ) أَقُولُ: كَانَ هَذَا مُتَعَارَفَ زَمَانِهِمْ أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَعَامَّةُ مَنْ يَحْلِفُ بِهِ الْعَوَامُّ، وَهُمْ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الْبَائِنِ وَالرَّجْعِيِّ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَقْصِدُوا بِهِ الْبَائِنَ فَحَيْثُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الصَّرِيحِ بِسَبَبِ غَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِي الطَّلَاقِ، وَقُلْنَا بِوُقُوعِهِ بِلَا نِيَّةٍ لِلْعُرْفِ يَنْبَغِي وُقُوعُ الرَّجْعِيِّ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ، وَإِنْ صَارَ فِي الْعُرْفِ صَرِيحًا لَكِنَّ لَفْظَهُ لَا يَحْتَمِلُ وُقُوعَ الرَّجْعِيِّ لِأَنَّ كَوْنَهَا حَرَامًا عَلَيْهِ يَقْتَضِي عَدَمَ حِلِّ قُرْبَانِهَا، وَالرَّجْعِيُّ لَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ كَمَا مَرَّ، وَلَا يُجْعَلُ إيلَاءً لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ مَعَ قِيَامِ الْعَقْدِ، وَالْعُرْفُ إرَادَةُ الْحُرْمَةِ بِالطَّلَاقِ، وَلَا يُنَافِي وُقُوعَ الْبَائِنِ بِهِ مَعَ كَوْنِهِ صَرِيحًا لِأَنَّ الصَّرِيحَ قَدْ يَقَعُ بِهِ الْبَائِنُ كَتَطْلِيقَةٍ شَدِيدَةٍ كَمَا أَنَّ بَعْضَ الْكِنَايَاتِ يَقَعُ بِهَا الرَّجْعِيُّ كَاعْتَدِّي وَاسْتَبْرِئِي رَحِمَك، وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعِنْدِي أَنَّ الْأَشْبَهَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ.
وَأَقُولُ: هَذَا لَا يَتِمُّ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ مُخَاطِبًا لِوَاحِدَةٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ، وَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَالْأَشْبَهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَعْنِي فِي التَّحْرِيمِ لَا بِقَيْدِ أَنْتِ كَمَا لَا يَخْفَى بَلْ فِي هَذَا يَجِبُ أَنْ لَا يَقَعَ إلَّا عَلَى الْمُخَاطَبَةِ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ مِنْ بَحْثِ الصَّرِيحِ والشرنبلالية وَفِي الْعَزْمِيَّةِ عَلَى الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ وَلَعَلَّ مُرَادَ الزَّيْلَعِيِّ بِكَوْنِ الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا هُوَ أَنْ يَكُونَ الْحَرَامُ عِنْدَهُ طَلَاقًا، وَأَمَّا كَوْنُ الْمَسْأَلَةِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ عَلَى أَنْ يُقَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ مَا يَقْتَضِيهِ صِحَّةُ الْمَسَاقِ هُوَ أَنْ تَكُونَ الْعِبَارَةُ هَاهُنَا امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامٌ إذْ لَا مَسَاغَ لَأَنْ يُقَالَ لِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَلَا تَتَأَتَّى صِحَّةُ الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ إلَّا عَلَى مَا قَرَّرْنَا اهـ.
لَكِنْ فِي قَوْلِهِ أَنْ تَكُونَ الْعِبَارَةُ هَاهُنَا امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامٌ
الِاسْتِغْرَاقِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ، وَحَيْثُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِهَذَا اللَّفْظِ وَقَعَ بَائِنًا اهـ.
وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي الْفَتَاوَى، وَفِي بَعْضِهَا، وَفِي الْفَتْوَى، وَالْأُولَى لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ مَعَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَمَشَايِخُنَا أَفْتَوْا فِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَالْحَلَالُ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَوْ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَوْ حَلَالُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ حَرَامٌ أَنَّ الْكُلَّ بَائِنٌ بِلَا نِيَّةٍ، وَإِذَا حَلَفَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَلَى فِعْلٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَفَعَلَ، وَلَيْسَتْ لَهُ امْرَأَةٌ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَإِذَا كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ وَقْتَ الْحَلِفِ، وَمَاتَتْ قَبْلَ الشَّرْطِ أَوْ بَانَتْ لَا إلَى عِدَّةٍ ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ الْمُتَزَوِّجَةُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّ حَلِفَهُ صَارَ حَلِفًا بِاَللَّهِ تَعَالَى وَقْتَ الْوُجُودِ فَلَا يَنْقَلِبُ طَلَاقًا خَالَعَهَا ثُمَّ قَالَ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ شَرِبَ إلَى سَنَةٍ، وَشَرِبَ لَا يَقَعُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ، وَالْإِضَافَةِ إلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا إنْ تَزَوَّجْتُك فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَتَزَوَّجَهَا تَطْلُقُ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ لِوُقُوعِهِ عَلَى الْقَائِمَةِ لَا عَلَى الْمُتَزَوِّجَةِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي نِكَاحِهِ وَقْتَ وُجُودِ الشَّرْطِ امْرَأَةٌ لَا يَقَعُ عَلَى فُلَانَةَ أَيْضًا، وَتَمَامُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
وَفِي قَوْلِهِ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ، وَلَهُ امْرَأَتَانِ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ طَلَقَتَا، وَإِنْ نَوَى إحْدَاهُمَا دُيِّنَ لَا فِي الْقَضَاءِ، وَفَتْوَى الْإِمَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ عَلَى أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ، وَعَلَيْهِ الْبَيَانُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ حَلَفَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا، وَكَانَ فَعَلَهُ، وَلَهُ امْرَأَتَانِ، وَأَكْثَرُ بِنَّ، وَإِنْ لَيْسَتْ لَهُ امْرَأَةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَى الطَّلَاقِ فَلَا يُرَادُ بِهِ شَيْءٌ آخَرُ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْيَمِينِ فَهُوَ غَمُوسٌ، وَفِي فَوَائِدِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ قَالَ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ إنْ فَعَلَ كَذَا، وَفَعَلَهُ، وَحَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ إنْ فَعَلَ كَذَا، وَفَعَلَهُ، وَلَهُ امْرَأَتَانِ فَأَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ هَذَيْنِ الطَّلَاقَيْنِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَشَارَ فِي الزِّيَادَاتِ إلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَفِي الذَّخِيرَةِ إنْ فَعَلَ كَذَا فَحَلَالُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ ثُمَّ حَلَفَ كَذَلِكَ عَلَى فِعْلٍ آخَرَ، وَحَنِثَ فِي الْأَوَّلِ، وَوَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى امْرَأَتِهِ ثُمَّ حَنِثَ فِي الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ قِيلَ لَا يَقَعُ، وَالْأَشْبَهُ الْوُقُوعُ لِالْتِحَاقِ الْبَائِنِ بِالْبَائِنِ إذَا كَانَ مُعَلَّقًا قَالَتْ أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ لَا أَدْرِي أَحَلَالٌ أَمْ حَرَامٌ لَا يَقَعُ شَيْءٌ قَالَ بَيْنَ يَدَيْ أَصْحَابِهِ مَنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ عَلَيْهِ حَرَامًا فَلْيَفْعَلْ هَذَا الْأَمْرَ فَفَعَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قَالَ فِي الْمُحِيطِ هَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ، وَقِيلَ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْحُرْمَةِ قَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ إنْ فَعَلَ كَذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وَقَعَ الثَّلَاثُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ
ــ
[منحة الخالق]
نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ إبْدَالُهُ بِحَلَالِ اللَّهِ أَوْ حَلَالِ الْمُسْلِمِينَ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا عَنْ الْفَتَاوَى مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ امْرَأَتِي طَالِقٌ، وَلَهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى وَاحِدَةٍ، وَلَمْ يَحْكُوا فِي هَذَا خِلَافًا بَلْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ بِخِلَافِ الصَّرِيحِ أَنَّهَا اتِّفَاقِيَّةٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ رَادًّا عَلَى الدُّرَرِ فِي ذِكْرِهِ التَّصْحِيحَ فِي الصَّرِيحِ أَيْضًا، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ فِيمَا يَظْهَرُ بَيْنَ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَبَيْنَ امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامٌ فِي كَوْنِهِ لَا يَشْمَلُ غَيْرَ وَاحِدَةٍ فِيمَا لَوْ كَانَتْ لَهُ أَكْثَرُ إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ بِخِلَافِهِ فَيُتَّبَعُ فَجَعْلُ الْعَزْمِيَّةِ مَحَلَّ الْخِلَافِ امْرَأَتِي حَرَامٌ فِي كَوْنِهِ يَقَعُ عَلَى الْكُلِّ أَوْ عَلَى وَاحِدَةٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَخْرَجَ مِنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا مَرَّ وَامْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامٌ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ وَانْظُرْ فِي تَعْلِيلِ الْفَتْحِ يَتَقَوَّى عِنْدَك مَا قُلْنَا.
(قَوْلُهُ وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ) أَقُولُ: يُؤَيِّدُ النُّسْخَةَ الثَّانِيَةَ مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ مَتْنًا فِي الْأَيْمَانِ كُلُّ حِلٍّ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَهُوَ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ تَبِينُ امْرَأَتُهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ قَالَ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ فِي شَرْحِهِ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى النَّوَازِلِ أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ اهـ.
يَعْنِي: إنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ لِانْصِرَافِهِ عِنْدَ عَدَمِ الزَّوْجَةِ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ اهـ. كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَاكَ.
وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إيلَاءٌ إنْ نَوَى التَّحْرِيمَ إلَى آخِرِهِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ خَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَ بِلَفْظٍ غَيْرِ عَامٍّ أَمَّا اللَّفْظُ الْعَامُّ مِثْلُ كُلِّ حِلٍّ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَهُوَ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ أَوْ عَلَى الْبَيْنُونَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ وَقْتَ الْحَلِفِ إلَى قَوْلِهِ فَلَا يَنْقَلِبُ طَلَاقًا) أَقُولُ: هَكَذَا عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ كَمَا رَأَيْته فِي نُسْخَتِي، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ سَقْطًا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْأَيْمَانِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَنَصُّهُ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَقْتَ الْيَمِينِ فَمَاتَتْ قَبْلَ الشَّرْطِ أَوْ بَانَتْ لَا إلَى عِدَّةٍ ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ يَمِينَهُ انْصَرَفَ إلَى الطَّلَاقِ وَقْتَ وُجُودِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ وَقْتَ الْيَمِينِ ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ تَبِينُ الْمُتَزَوِّجَةُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَبِينُ، وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّ يَمِينَهُ جُعِلَ يَمِينًا بِاَللَّهِ تَعَالَى وَقْتَ وُجُودِهَا فَلَا يَكُونُ طَلَاقًا بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ