الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ
قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِيَةُ وَلَهَا وَلَدٌ مِنْهُ
ثَبَتَ اللِّعَانُ وَلَا يَلْزَمُ نَفْيُ الْوَلَدِ فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حَدَّهُ الْقَاضِي اهـ.
وَلِذَا قُيِّدَ النَّفْيُ بِقَذْفِ الْوَلَدِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا قَذَفَهَا بِالزِّنَا وَلَهَا مِنْهُ وَلَدٌ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي نَسَبُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ وَإِنْ قَطَعَ الْقَاضِي نَسَبَهُ عَنْ أَبِيهِ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَى أَحَدٍ لِنَسَبِهِ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَلَدُ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ قَطْعَ النَّسَبِ لَا يَظْهَرُ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ، وَفِي قَوْلِهِ نَفَى نَسَبَهُ أَيْ: الْقَاضِي وَأَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمَا لَا يَكْفِي لِنَفْيِ نَسَبِ الْوَلَدِ فَلِذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ قَطَعْتُ نَسَبَ هَذَا الْوَلَدِ عَنْهُ بَعْدَ مَا قَالَ فَرَّقْتُ بَيْنَكُمَا وَفِي الْمَبْسُوطِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ التَّفْرِيقِ نَفْيُ النَّسَبِ كَمَا بَعْدَ الْمَوْتِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِاللِّعَانِ وَلَا يَنْتَفِي نَسَبُهُ عَنْهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَفِي الْمَجْمَعِ، وَلَوْ مَاتَتْ بِنْتُهُ الْمَنْفِيَّةُ عَنْ وَلَدٍ فَادَّعَاهُ فَنَسَبُهُ غَيْرُ ثَابِتٍ مِنْهُ أَيْ: عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا يَثْبُتُ قُيِّدَ بِمَوْتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَيَّةً ثَبَتَ نَسَبُهَا بِدَعْوَةِ وَلَدِهَا اتِّفَاقًا وَقُيِّدَ بِالْبِنْتِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الْمَنْفِيَّ لَوْ كَانَ ذَكَرًا فَمَاتَ وَتَرَكَ وَلَدًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الْمُدَّعِي وَوَرِثَ الْأَبُ مِنْهُ اتِّفَاقًا لِحَاجَةِ الْوَلَدِ الثَّانِي إلَى ثُبُوتِ النَّسَبِ فَبَقَاؤُهُ كَبَقَاءِ الْأَوَّلِ وَقُيِّدَ بِدَعْوَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْبِنْتَ الْمَنْفِيَّةَ حَيَّةً ثَبَتَ نَسَبُهَا اتِّفَاقًا وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِهِ.
[اللِّعَانُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ فِي الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ وَمَنْ لَا يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ]
وَفِي الذَّخِيرَةِ لَا يُشْرَعُ اللِّعَانُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ فِي الْمَجْبُوبِ وَالْخَصِيِّ وَمَنْ لَا يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حُدَّ) لِإِقْرَارِهِ بِوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا اعْتَرَفَ بِهِ وَمَا إذَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَكْذَبَ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ كَالثَّابِتِ بِإِقْرَارِهِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَشَمِلَ الْإِكْذَابَ صَرِيحًا وَضِمْنًا وَلِهَذَا لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ عَنْ مَالٍ فَادَّعَى الْمُلَاعِنُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيُحَدُّ فَإِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ وَلَدًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الْأَبِ وَوَرِثَهُ الْأَبُ لِاحْتِيَاجِ الْحَيِّ إلَى النَّسَبِ، وَلَوْ تَرَكَ بِنْتًا وَلَهَا ابْنٌ فَأَكْذَبَ الْمُلَاعِنُ نَفْسَهُ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.
وَظَاهِرُ مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْإِكْذَابَ بَعْدَ اللِّعَانِ وَوُجُوبَ الْحَدِّ عَلَيْهِ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ قَذْفِهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِمُوجِبِهِ وَهُوَ اللِّعَانُ بَلْ بِاعْتِبَارِ الْقَذْفِ الثَّانِي الَّذِي تَضَمَّنَهُ كَلِمَاتُ اللِّعَانِ كَشُهُودِ الزِّنَا إذَا رَجَعُوا فَإِنَّهُمْ يُحَدُّونَ بِاعْتِبَارِ مَا تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمْ مِنْ الْقَذْفِ أَمَّا إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ قَبْلَ اللِّعَانِ يُنْظَرُ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ الْإِكْذَابِ حُدَّ أَيْضًا وَإِنْ أَبَانَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ أَثَرُهُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ لَا يَتَأَتَّى بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لِحُصُولِهِ بِالْإِبَانَةِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ بِدُونِ حُكْمِهِ وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ قَذْفَهُ وَقَعَ مُوجِبًا لِلِّعَانِ فَلَا يَنْقَلِبُ مُوجِبًا لِلْحَدِّ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ يَا زَانِيَةُ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ، وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ حُدَّ أَطْلَقَ فِي الْإِكْذَابِ فَشَمِلَ مَا إذَا أَنْكَرَ الْوَلَدَ بَعْدَ مَا ادَّعَاهُ؛ وَلِذَا قَالَ أَيْضًا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ ادَّعَاهُ وَهُوَ يُنْكِرُ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَيُحَدُّ اهـ.
وَفِي جَامِعِ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ قَذَفَهَا بِنَفْيِ الْوَلَدِ وَلَاعَنَ فَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ فَادَّعَاهُ صَحَّ وَيُحَدُّ فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ الثَّانِي فَنَفَاهُ لَاعَنَ وَيَنْتَفِي إنْ عَلَّقَ بَعْدَ إكْذَابِهِ وَقَبْلَهُ لَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُلَاعِنَ لِاسْتِنَادِهِ نَظِيرُهُ زَنَيْتِ وَأَنْتِ صَبِيَّةٌ بِخِلَافِ وَأَنْتِ ذِمِّيَّةٌ أَوْ رَقِيقٌ أَوْ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَعُمْرُهَا عِشْرُونَ سَنَةً وَإِنْ تَرَدَّدَ يُقْطَعُ اسْتِحْسَانًا وَقِيَاسًا لَا نَظِيرُهُ أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ أَوْ أُعْتِقَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ فَنَفَاهُ اهـ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ إذَا نَفَاهُ الْمَوْلَى وَقُلْنَا بِصِحَّتِهِ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ وَلَدِ الْمَنْكُوحَةِ إذَا نُفِيَ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ بَعْدَ إعْتَاقِ الْوَلَدِ وَلَا يَضَعُ أَحَدُهُمَا زَكَاتَهُ فِيهِ وَتَحْرُمُ الْمُنَاكَحَةُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَرِثُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالْقَرَابَةِ لَكِنَّ الْمَوْلَى يَرِثُ مِنْهُ بِالْوَلَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ أَقْرَبُ مِنْهُ وَتَجِبُ نَفَقَةٌ عَلَى الْمَوْلَى بَعْدَ إعْتَاقِهِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ كَذَا فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ مِنْ الشَّهَادَاتِ.
(قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا) أَيْ: الْمُلَاعِنُ بَعْدَ التَّفْرِيقِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا حُدَّ أَوْ لَمْ يُحَدَّ فَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ الْحِلَّ بِالْحَدِّ اتِّفَاقِيٌّ، وَكَذَا إذَا أَكْذَبَتْ نَفْسَهَا فَصَدَّقَتْهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفُرْقَةَ بِاللِّعَانِ
ــ
[منحة الخالق]
[قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِيَةُ وَلَهَا وَلَدٌ مِنْهُ]
(قَوْلُهُ: وَفِي الذَّخِيرَةِ لَا يُشْرَعُ اللِّعَانُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ فِي الْخَصِيِّ وَالْمَجْبُوبِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ كَذَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الذَّخِيرَةِ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَجْبُوبَ يَنْزِلُ بِالسَّحْقِ وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهِ عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ اهـ.
أَيْ: فَمَا هُنَا عَلَى خِلَافِ الْمُخْتَارِ أَوْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يَنْزِلُ وَسَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْعِدَّةِ عَنْ كَافِي الْحَاكِمِ وَالْخَصِيِّ كَالصَّحِيحِ فِي الْوَلَدِ وَالْعِدَّةِ، وَكَذَا الْمَجْبُوبُ إذَا كَانَ يُنْزِلُ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَلَدُ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ فِي الْوَلَدِ وَالْعِدَّةِ اهـ. وَيَأْتِي قَرِيبًا فِي أَوَّلِ بَابِ الْعِنِّينِ مَا يُؤَيِّدُهُ
يَزُولُ بِهَا مِلْكُ النِّكَاحِ وَتُوجِبُ حُرْمَةَ الِاجْتِمَاعِ وَالتَّزَوُّجِ مَا دَامَا عَلَى حَالِ اللِّعَانِ فَإِنْ أَكْذَبَ أَحَدُهُمَا نَفْسَهُ جَازَ التَّنَاكُحُ وَالِاجْتِمَاعُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالثَّالِثُ وَقَالَ الثَّانِي إنَّهَا تُوجِبُ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً كَحُرْمَةِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ لِقَوْلِهِ عليه السلام «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» وَيَقْتَضِي قَوْلُهُ أَنَّ الْفُرْقَةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَهُمَا أَنَّ عُوَيْمِرًا طَلَّقَ الْمُلَاعَنَةَ ثَلَاثًا فَصَارَ سُنَّةَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ كَمَا فِي الْعِنِّينِ فَكَانَتْ الْفُرْقَةُ طَلَاقًا، وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَلَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِحَقِيقَتِهِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمُتَفَاعِلِ الْمُتَشَاغِلُ بِالْفِعْلِ وَلَمَّا فَرَغَا مِنْهُ زَالَتْ الْحَقِيقَةُ فَانْصَرَفَ الْمُرَادُ إلَى الْحُكْمِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ بَاقِيًا وَبَعْدَ الْإِكْذَابِ لَمْ يَبْقَ حُكْمُهُ لِبُطْلَانِهِ فَلَمْ يَبْقَ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا فَجَازَ اجْتِمَاعُهُمَا.
وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى فِي قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا} [الكهف: 20] أَيْ: مَا دَامُوا فِي مِلَّتِهِمْ أَلَا تَرَى إذَا لَمْ يَفْعَلُوا أَفْلَحُوا كَذَا هَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَقَدْ بَحَثَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تُمْكِنْ الْحَقِيقَةُ وَصِيرَ إلَى الْمَجَازِ كَانَ لَهُ مَجَازَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ إرَادَةِ مَنْ بَيْنَهُمَا تَلَاعُنٌ قَائِمٌ حُكْمًا، وَالثَّانِي: مَنْ وُجِدَ بَيْنَهُمَا تَلَاعُنٌ فِي الْخَارِجِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَجْتَمِعَانِ بَعْدَ الْإِكْذَابِ بَيْنَهُمَا؛ إذْ ارْتِفَاعُ حُكْمِهِ لَا يُوجِبُ ارْتِفَاعَ كَوْنِهِ قَدْ تَحَقَّقَ لَهُ وُجُودٌ فِي الْخَارِجِ وَلَكِنْ بَقِيَ النَّظَرُ فِي أَيِّ الِاحْتِمَالَيْنِ أَرْجَحُ وَأَظُنُّ أَنَّ الثَّانِيَ أَسْرَعُ إلَى الْفَهْمِ اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا قَذَفَ غَيْرَهَا فَحُدَّ أَوْ زَنَتْ فَحُدَّتْ) يَعْنِي لَهُ أَنْ يَنْكِحَهَا أَيْضًا إذَا خَرَجَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ أَهْلِيَّةِ اللِّعَانِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا خَرِسَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَأَرَادَ بِالزِّنَا الْوَطْءَ الْحَرَامَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زِنًا شَرْعِيًّا كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ لِزَوَالِ عِفَّتِهَا، وَلَوْ قَالَ: وَكَذَا إنْ قَذَفَ أَحَدُهُمَا فَحُدَّ لَكَانَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَلَوْ أَسْقَطَ فَحُدَّ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ زِنَاهَا حَلَّتْ لَهُ سَوَاءٌ حُدَّتْ بِأَنْ وَقَعَ اللِّعَانُ قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ زَنَتْ فَجُلِدَتْ أَوْ لَمْ تُحَدَّ لِزَوَالِ الْعِفَّةِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِهَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ كَانَ حَدُّهَا الرَّجْمَ وَهُوَ إهْلَاكٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْقَوْلُ بِحِلِّهَا بَعْدَهُ وَاسْتَغْنَى بِهَا عَنْ تَغْيِيرِ الرِّوَايَةِ بِأَنَّهَا زَنَّتْ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ: نَسَبَتْ غَيْرَهَا لِلزِّنَا لِمُخَالَفَتِهِ لِلرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهَا بِتَخْفِيفِ النُّونِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ زَوَالَ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ بِطُرُوِّ الْفِسْقِ مَثَلًا لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ مَا حَكَمَ بِهِ الْقَاضِي عَنْهَا فِي حَالِ قِيَامِ الْعَدَالَةِ فَلَا يُوجِبُ بُطْلَانَ ذَلِكَ اللِّعَانَ السَّابِقَ الْوَاقِعَ فِي حَالِ الْأَهْلِيَّةِ لِيَبْطُلَ أَثَرُهُ مِنْ الْحُرْمَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا لِعَانَ بِقَذْفِ الْأَخْرَسِ) لِفَقْدِ الرُّكْنِ مِنْهُ وَهُوَ التَّلَفُّظُ بِالشَّهَادَاتِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ أَحْلِفُ مَكَانَ أَشْهَدُ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ قَالَ وَلَا لِعَانَ إذَا كَانَا أَخْرَسَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَكَانَ أَوْلَى لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَتْ خَرْسَاءَ وَلِاحْتِمَالِ تَصْدِيقِهَا لَوْ كَانَتْ نَاطِقَةً وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالْكِتَابَةِ كَمَا لَا يَثْبُتُ بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ لِلشُّبْهَةِ وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ خَرِسَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ اللِّعَانِ وَقَبْلَ التَّفْرِيقِ فَلَا تَفْرِيقَ وَلَا حَدَّ كَمَا لَوْ ارْتَدَّ أَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَنْفِي الْحَمْلَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَيَقَّنُ بِقِيَامِهِ عِنْدَ الْقَذْفِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ انْتِفَاخٌ، وَلَوْ تَيَقَّنَّا بِقِيَامِهِ وَقْتَهُ بِأَنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ كُنْتِ حَامِلًا فَحَمْلُكِ لَيْسَ مِنِّي وَالْقَذْفُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا يَجْرِي اللِّعَانُ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِلتَّيَقُّنِ بِقِيَامِهِ وَجَوَابُهُ مَا مَرَّ وَأَمَّا الْإِرْثُ وَالْوَصِيَّةُ فَيَتَوَقَّفَانِ عَلَى الْوِلَادَةِ فَيَثْبُتَانِ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ، وَأَمَّا عِتْقُهُ فَكَذَلِكَ لِقَبُولِهِ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ، وَأَمَّا رَدُّ الْمَبِيعَةِ بِعَيْبِ الْحَمْلِ فَلِأَنَّ الْحَمْلَ ظَاهِرٌ وَاحْتِمَالُ الرِّيحِ شُبْهَةٌ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ لَا يَمْتَنِعُ بِالشُّبْهَةِ، وَكَذَا النَّسَبُ يَثْبُتُ مَعَ الشُّبْهَةِ، وَأَمَّا وُجُوبُ النَّفَقَةِ لِلْمُطَلَّقَةِ إذَا ادَّعَتْ حَمْلًا فَلِقَبُولِ قَوْلِهَا فِي أَمْرِ عِدَّتِهَا وَالْحَقُّ أَنَّ قَوْلَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ أَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَبْلَهَا لَا يُرَادُ بِهِ كُلُّ الْأَحْكَامِ وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ بَعْضُهَا كَمَا فِي الْعِنَايَةِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْقَوْلُ بِحِلِّهَا بَعْدَهُ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْغُنَيْمِيَّ ظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ وَجَبَ رَجْمُهَا لَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ مَعَ أَنَّهُ مُتَصَوَّرٌ بِأَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْمَوْتِ بِالرَّجْمِ وَيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْإِرْثُ وَنَحْوُهُ فَلْيُحَرَّرْ بِالنَّقْلِ اهـ.
1 -
كَذَا فِي حَوَاشِي مِسْكِينٍ لِأَبِي السُّعُودِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ زَنَتْ فَحُدَّتْ مَعْنَاهُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا زَنَتْ فَحُدَّتْ أَيْ: بَعْدَ الْحَدِّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْحَدَّ لَوْ كَانَ الرَّجْمُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِمَوْتِهَا كَمَا أَفَادَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ إهْلَاكٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْقَوْلُ بِحِلِّهَا بَعْدَهُ.